بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الملك الناصر: صلاح الدين يوسف بن أيوب - فإنه كان بيده ملك حلب وأعمالها ملك ذلك بعد وفاة والده الملك العزيز - كما تقدم - في سنة أربع وثلاثين وستمائة. ثم استولى على حمص، في سنة ست وأربعين وستمائة: انتزعها من الملك الأشرف موسى، بن الملك المنصور إبراهيم، بن شيركوه، وعوضه عنها تل باشر - وقد تقدم أيضاً. ثم استولى على دمشق. ذكر استيلاء الملك الناصر على دمشق وفي سنة ثمان وأربعين وستمائة - بعد مقتل الملك المعظم تورانشاه - تجهز الملك الناصر من حلب بعساكره، فوصل إلى قارا في مستهل شهر ربيع الآخر. وسبب ذلك أن الأمراء القيمرية، الذين بدمشق، كاتبوه وباطنوه على أخذها. فإن الأمير جمال الدين موسى بن يغمور - نائب السلطنة بها - اتفق هو والأمراء الصالحية النجمية، الذين كانوا بدمشق، وتظافروا، واجتمعت كلمتهم. فتغيرت بواطن الأمراء القيمرية، فكاتبوه، فسار إلى دمشق. ولما اتصل خبر مقدمه بالأمير جمال الدين بن يغمورن أحضر الملك السعيد بن الملك العزيز عثمان، من قلعة عزتا إلى دمشق - وكان قد اعتقله بها - كما تقدم، وأنزله في دار فرخشاه. وتقدم الملك الناصر بعساكره، ونزل القصر. ثم انتقلوا إلى داريا، في يوم السبت سابع الشهر. وزحفوا على المدينة يوم الأحد ثامنه، وجاؤوا إلى باب الصغير - وكان مسلماً إلى الأمير صارم الدين القيمري، وإلى باب الجابية وكان مسلماً إلى الأمير ناصر الدين القيمري. فلما انتهى العسكر الناصري إلى البابين، كسرت أقفالها من داخل المدينة، وفتح البابان، ودخل العسكر الناصري منهما. ونهبت دار الأمير جمال الدين، بن يغمورن وسيف الدين المشد. ونهب عسكر دمشق، وأخذت خيولهم من إسطبلاتهم. ودخل الأمير جمال الدين بن يغمور القلعة، وبها الملك المجاهد إبراهيم. ثم نودي بالأمان. ونزل الملك الناصر في دهليز ضرب له بالميدان الأخضر. ونزل الأمير شمس الدين لؤلؤ - أتابكه - في الجوسق العادلي. ثم انتقل الملك الناصر بعد ذلك إلى القلعة، واستولى على ما بها من الخزائن والذخائر. واعتقل الأمير جمال الدين بن يغمور، ثم أفرج عنه وأحسن إليه. واعتقل الأمراء الصالحية، وأرسلهم إلى الحصون، وأقطع أصحابه أخبازهم. وكان الملك الناصر داود - بن الملك المعظم - قد نزل بالعقيبة، فجاءه الملك السعيد بن الملك العزيز عثمان، فبات عنده ليلة. ثم هرب إلى قلعة الصبيبة - وكان بها أحد خدامه، وقد كاتبه - فوصل إليها وفتح له الباب، فدخلها واستقر بها. وتسلم الملك الناصر داود بعلبك من الحمدي، وتسلم بصرى وصرخد. ثم قبض عليه الملك الناصر يوسف بعد ذلك - في ثاني شعبان من السنة. وذلك أن السلطان كان قد مرض ونزل بالمزة، ونزل الناصر داود بالقصر بالقابون، فأرسل إليه الأمير ناصر الدين القيمري ونظام الدين بن المولى، فأحضراه إلى المزة، وضربت له خيمة واعتقل بها. واختلف في سبب القبض عليه: فنقل أنه كان قد طلب من السلطان دستوراً إلى بغداد، فأذن له وأعطاه أربعين ألف درهم، فأنفقها في الجند وعزم على قصد الديار المصرية. وقيل: إن الملك الصالح إسماعيل جاءه كتاب من الديار المصرية، فأوقف الأتابك شمس الدين لؤلؤ عليه. وأخبر القاصد أنه أحضر إلى الناصر داود كتاباً، فسئل عن ذلك، فأنكره. فنقم عليه السلطان بسبب ذلك. وقيل: بل أشار عليهم الملك الصالح إسماعيل بالقبض عليه، وقال أنتم ما تعرفونه، نحن نعرفه. وأنتم على قصد الديار المصرية، والمصلحة أن لا نتركه خلفنا، ولا نستصحبه. فقبض عليه، واعتقل بالمزة أياماً. ثم نقل في قلعة حمص، واعتقل بها. وأسكن أهله ووالدته وأولاده في خانقاه الصوفية، التي بناها شبل الدولة كافور الحسامي. ثم نقل إلى البويضا - وهي قرية قبلي دمشق، كانت تكون لعمه الملك المعز مجير الدين يعقوب بن العادل. وتوفي بها، كما تقدم. ذكر توجه رسول السلطان الملك الناصر يوسف إلى الديوان العزيز ببغداد، وما جهزه صحبته من الهدايا والتقادم، وما أورده الرسول في الديوان العزيز من كلامه ولما استولى الملك الناصر على دمشق، جهز