بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
بالرغم من انقضاء أكثر من عقد من الزمن على انطلاقها عشية مؤتمر مدريد في 30/10/1991. ويشير أيضاً إلى الكم الهائل من التعارضات والتناقضات بين الطرفين المعنيين السوري والإسرائيلي، بين سلام " قوة الحق " وسلام " حق القوة "، تماماً كما يجري الآن فوق الأرض الفلسطينية، حيث اصطدم منطق القوة الإسرائيلي الصهيوني مع إرادة الشعب الفلسطيني في انتفاضته التي دقت أبواب التاريخ المعاصر للبشرية بأسرها، كأكبر حركة فعل ديمقراطي تحرري في الزمن الراهن. إن سوريا التي تربطها بفلسطين حقائق التاريخ، والبعد القومي، تحتضن فوق أراضيها أكثر من نصف مليون لاجىء فلسطيني دخلوا إلى الأراضي السورية عبر بوابة هضبة الجولان منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، تجد نفسها موضوعياً، ووطنياً، وقومياً، وإنسانياً، وأخلاقياً، معنية بشكل مباشر بما يجري ويكتنف كواليس وجنبات المسار الفلسطيني / الإسرائيلي، وبصيغة السلام الشامل، نقيضاً لسلام وتسويات الحلول المجزّأة المنقوصة إلى مادون سقف قرارات الشرعية الدولية، التي فككت وحدة الموقف التفاوضي العربي، وقذفت بالقضايا الرئيسية في مسار الصراع العربي / الصهيوني كقضية اللاجئين الفلسطينيين إلى المجهول. وفي هذه السياق، انطلقت شرارات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية، انتفاضة الأقصى والاستقلال فجر (28/9/2000) بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 على المسار الفلسطيني، وبعد أن غاصت عجلات قطار التسوية المتوقف على أرض المرتفعات السورية المحتلة في أوحال هضبة الجولان اثر وصول مفاوضات شبيردزتاون بين الطرفين السوري والإسرائيلي إلى الجدار المسدود، ولتكسر قواعد اللعبة التفاوضية الإسرائيلية بإضعاف الأطراف العربية وباستفرادها وتفريد الحلول معها طرفاً اثر طرف، وفك ارتباط عملية التسوية بقرارات ومرجعية الشرعية الدولية في إطار الحل الشامل المتوازن(^). وعليه فان انطلاق الانتفاضة أشاع بصيص النور في ظلام الوضع الرسمي العربي المتردي والمتآكل. فأعادت الانتفاضة الحيوية والروح الى الشارع العربي الذي تحرك خلال شهور الانتفاضة الأولى من المغرب حتى البحرين وسلطنة عمان، واستحضرت من جديد البعد القومي لصراعنا مع الاحتلال والغزو الصهيوني في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وأعادت التوازن والربط الجدلي بين الخاص الوطني والعام القومي، فضلاً عن شد وشائج المصير المشترك بعد أن ضاعت قضايانا الوطنية والقومية أمام سلسلة من الهزائم التي تكبدناها بفعل القصور الرسمي والتفكك العربي ـ العربي من جانب، ودرجة الاستقطاب العالية لمعسكر القوى المعادية في مواجهة قوى الصمود العربية من جانب آخر. إن الآفاق المستقبلية على المستوى السياسي للصراع العربي ـ الصهيوني ستبقى مفتوحة على مصراعيها، حيث لا يمكن تأبيد الحقوق الوطنية والقومية العربية في فلسطين والجولان وسائر الأرض العربية المحتلة تحت سقف معادلات القوة القائمة راهناً لصالح دولة الاحتلال، بفعل اختلال ميزان القوى. فالحقوق لا تموت بالتقادم ولا يلغيها تجبر ظالم. وعلى هذا، يجب أن نبني ونؤسس لانطلاقة فاعلة تأخذ بعين الاعتبار بأن الواقع الراهن واختلالاته لا يمكن أن يكون فصل الختام للنضال الوطني التحرري والقومي، ولا يمكن أن تسرق والى الأبد الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، أو أن تنهي الحلم المشروع بالتحرر والوحدة والديمقراطية. وعليه، فإن الاستعداد على المستوى القومي يجب أن ينطلق بالضرورة من ملاحظة ما يجري على خط الصمود العربي الأمامي في فلسطين والعراق، وفي صمود سوريا ولبنان، وتقديم كل الجهود ودفعها نحو تكتيل أوسع الطاقات لدعم هذا الصمود وعناوينه على الأرض مادياً وسياسياً ومعنوياً. وتشكيل مظلة حماية لـه أمام سلسلة لم تتوقف من معارك الإشغال والاسننزاف السياسي والمادي العسكري حتى اللحظة لتدميره بقوة النار والبارود. إن حركة المواطنين السوريين من أبناء الجولان المحتل، وصياحهم في مخاطبة ذويهم عند " تلة الصراخ "، وهي المرتفع الواقع في بلدة عين التينة السورية في المكان المقابل للطرف السوري المحتل من الجولان عند تخوم مدينة القنيطرة " يصم الأذنين " ويحطم صمت وفراغ التسوية المشلولة المخيم على الهضبة السورية، ويشير مجدداً بأن لامكان للسلام دون عودة الأرض المحتلة كاملة حتى خطوط الرابع من حزيران / يونيو لعام 1967، وتفكيك المستعمرات وكل تركة الاحتلال وتجسيداته دون قيد أو شرط عملاً بقرارات الشرعية الدولية.