وجهة النظر فی روایات الأصوات العربیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
إلا أنني لا أتفق معه لأكثر من سبب: أولاً لأنه لا توجد دوافع قوية للاستبدال وثانياً لأن (الرؤية) تشير إلى نظرة أحادية في مقابل الدلالة المتشعبة لـ (وجهة النظر)، وثالثاً لأن (سعيد يقطين) قد ربط المصطلح بالراوي فقط، والراوي أحد وسائل الروائي في السرد، بينما يتمدد مصطلح (وجهة النظر) لأبعد من تحديد مكان الراوي، لأنه يعتمد على البعد الفكري بالإضافة إلى البعد المعنوي ومكان الراوي نفسه. أما مصطلح (التحفيز- وهو بالألمانية- Motivation فهو يقترب من الإنشاء Compostion ومن ثم فهو يتسع ليشتمل على الإنشاء البنيوي والسردي مع البنى الداخلية، وهو ينطوي على منهج سردي يعنى بـ (التدرج/ سرعة السير/ حسن التقسيم) وكلما زاد التحفيز بتوهم الواقع كلما زادت وظيفته الجمالية. ويلاحظ الباحث أن مصطلح (التحفيز) يتشابه في الغاية الفنية مع (وجهة النظر) وكلاهما يتطلع إلى تجديد ملامح السرد الروائي، لكن لكل مصطلح وسائله ورؤاه في التطوير فالتحفيز يرى وسائله في (التدرج/ حسن التقسيم..) بينما يرى (وجهة النظر) غايته في إخفاء سلطة المؤلف أو الراوي من الرواية ليساعد على انطلاق فن الرواية نحو التطور والتطوير الفني… وفيما يخص مصطلح (جينيت) وهو (التبئير) نشعر بعدم وجود دوافع قوية لإحلاله محل (وجهة النظر) لأن الفارق التجريدي والحسي البصري غير قائم بشكل تام بينهما ولأن (وجهة النظر) مصطلح لا يدل فقط على بعد حسي وإنما يدل على غاية فكرية وبعد فكري تجريدي. أما دعم مصطلح التبئير بمستويات ثلاثة فهذا ليس جديداً، بل إن إمكانات وسائل إخفاء الكاتب/ الروائي في الرواية لهو أفضل فنية من الإشارة إلى أشياء معروفة سلفاً نحو (التبئير الداخلي أو الخارجي). هذا بالإضافة إلى النقدات التي قدمتها (ميك بال) إلى مصطلح (التبئير) في بدايته فقالت بأن (جينيت) لم يقدم مع مصطلحه تعريفاً كاملاً حتى ظنت أن وجهة النظر ليست مرادفة له، بالإضافة إلى أن قوله بالتبئير الصفري والتبئير الداخلي يتفق تماماً مع ما جاء في مصطلح (حصر المجال) لجورج بلان*، فضلاً عن الصلة القوية بين (التبئير) و بين (الترهين السردي) فالمبئر هو الشخص الذي يروي (الراوي) أو يتكلم (المؤلف) وبينما المبأر هو الحكي. وتلاحظ إذن أن المقصود بالتبئير وتفريعاته قد سُبق إليه (فالتبئير هو الإخبار السردي والمبأر هو الحكي والمبئر هو الكاتب/ الراوي.. فأين الجديد وأين الإضافة لهذا المصطلح الذي شاع وانتشر؟. ومن خلال العرض السابق يتضح لنا عدم وجود دوافع قوية وعدم وجود فروق جوهرية تستدعي إبدال مصطلح (وجهة النظر) بأي مصطلح آخر علماً بأن المصطلحات الأخرى قد جاءت مع جوهر التجديد.. إلا أن واضعي البدائل الإصلاحية لم يقدروا الدلالة الثنائية لمصطلح (وجهة النظر) بحدوده الفنية والفكرية. وأسجل أيضاً أن أكثر المنظرين والباحثين عن بديل اصطلاحي للتخفف من وجهة النظر قد انطلقوا من حدود وجهة النظر ومنهم (ستانزل) و (أوسبنسكي) و (لنتفلت)، وقال (بول ريكو): "إن العلاقة وطيدة بين وجهة النظر والتبئير.. وطيدة بالصوت السردي" أما (أوسبنسكي وستانزل 1975 ولنتفلت 1981 فإنهم جميعاً انطلقوا " من وجهة النظر كمقولة مركزية تستوعب مختلف المقولات والمستويات أو المكونات، وانطلاقاً من مركزيتها تم تقديم النموذج السردي الذي لا تمثل فيه "وجهة النظر".