بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الإفتاء:بيان حكم شرعي من المجتهد وفق استنباطه الخاص، فالمفتي إنما يحكي حكم الله حسبما وصل إليه تحقيقه عن منابع الحكم؛ فهو في الحقيقة مخبر عن حكم الله في الواقعة، وليس منشئاً لحكم، وإنما هو حاكٍ وناقل ومخبر. فإذا رجع إليه العامي ليستعلم حكم الله في المسألة فأفتاه المجتهد، كان ذلك عبارة عن بيان حكم الله حسب تحقيقه، لا أنه يرى ذلك حسب عقله وفكرته الخاصة، فليس بياناً لنظره، بل بياناً لنظر الشارع وفق تحقيقه الخاص. فمورد الإفتاء هو الأحكام الكلية المترتبة على مواضيعها على نحو القضايا الحقيقية، وإنما على المكلف نفسه تطبيقها على مواردها الجزئية، حسب ابتلاءاته الخاصة، وليس من وظيفة الفقيه تعيين الموضوع، ولا التدخل في أمر التطبيق الخارجي، فإن ذلك من وظيفة العرف وتشخيص المكلف نفسه. ومن ثم قيل:تشخيص الموضوع ليس من وظيفة الفقيه من حيث كونه فقيهاً. أما الحكم في القضاء فهو على خلاف الإفتاء تماماً، لأن القضاء عبارة عن إنشاء الحكم في الموارد الجزئية، ويكون تشخيص الموضوع من وظيفة القاضي، بل من أهم وظائفه، حيث المفروض عليه تشخيص الموضوع أولاً، تشخيصاً كاملاً، ثم إنشاء الحكم عليه؛ وأن لإنشائه الخاص موضوعية، فلا يجوز إجراء الحد أو تنفيذ أمر ما لم يحكم به القاضي عن إنشاء جدّي. فالإفتاء والحكم على هذا يفترفان:أولاً:في أن الإفتاء أخبار لا إنشاء، في حين أن الحكم في القضاء إنشاء لا مجرد أخبار. وثانياً:أن الإفتاء يخص الموارد الكلية، والحكم لخاص بالموارد الجزئية. وثالثاً:تشخيص الموضوع ليس من وظيفة الفقيه، في حين أن ذلك من أهم وظائف القاضي. أما مسألة "الولاية العامة" فهي من جهة تشبه مسألة القضاء، نظراً لاختصاصها بالمواضيع، وأن تشخيص الموضوع فيها في مواردها هو وظيفة الولي الفقيه، لكن تختلف عنها من جهة ارتباطها بالقضايا العامة "المصالح العامة" التي هي فوق شأن القضاء، والتي تكون مسألة القضاء فرعاً عليها. فمثل التصدي لشؤون القصّر والغيّب وتولية الأوقاف وما شاكلها، فإلى إقامة الجمعة والجماعات وإعلام الجهاد والدفاع وعقد الصلح والهدنة وسد الثغور وتشكيل جهاز الحكم في البلاد سياسياً ونظامياً وإدارياً، وحتى في مثل إصدار "الأحكام السلطانية" فيما يكون فصل الخصومات فيه موقوفاً على تحكيم الأحكام الثانوية تمسكاً بحديث "لا ضرر ولا ضرار" وأمثاله؛ كل ذلك يرجع إلى شؤون الولاية العامة، وهي فوق مسألة القضاء. لكن لا يحق لأحد أن يتصدى لشيء من الأمور المذكورة وما ماثلها من الشؤون العامة، إلاّ أن يكون فقيهاً جامعاً لشرائط الإفتاء، عارفاً بمواقع السياسة والشؤون الأممية والأحوال والأوضاع العامة، أو مأذوناً من قبله بإذن خاص أو عام؛ الأمر الذي يربط مسألة "الولاية العامة" بمسألة "الفقاهة" أولاً، ثم بعالم القضاء في مميزاته الخاصة؛ فهي منتشية من مقام الفقاهة، و مسيطرة على شؤون القضاء في آفاق وأبعاد أوسع منها. وقد ذكرنا في مسألة "القضاء":أن تعيين القضاة في الأطراف، إنما هو من شؤون ولاية الفقيه، إذا كانت للحكم الإسلامي تشكلات ونظم سائدة على البلاد. المقدمة السادسة في تقسيم الولاية إلى تكوينية وتشريعية تنقسم الولاية ـ حسب المصطلح ـ إلى تكوينية وتشريعية. وتعني الأولى ولاية التصرف في التكوين إبداعاً أو تبديلاً من حقيقة إلى أخرى، أو من صورة إلى غيرها، بغير أسباب طبيعية متعارفة. والتصرف في التكوين والإبداع من شأنه تعالى "لا مؤثر في الوجود إلاّ الله"، قال تعالى:{هل من خالق غير الله} (30). نعم قد يظهر على أيدي بعض أوليائه المقربين بعض التصرف في التكوين، ويسمي بالإعجاز الخارق، كالذي ظهر على أيدي الأنبياء دليلاً على نبوتهم، وآية على صلتهم بعالم الغيب. وهل يمكن ظهوره على يد غير الأنبياء من عباد الله الصالحين؟ الجواب:نعم. وقضية آصف بن برخيا حجة قاطعة على إمكان الوقوع، {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربّي} (31). ويبدو من كثير من رواياتنا المتظافرة المأثورة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) أن هذا المقام كان ثابتاً للأئمة المعصومين، خلفاء الرسول (صلى الله عليه وآله أجمعين). قال الإمام أبو جعفر الباقر(ع) في قوله تعالى:{قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم