إعداد
سليمان بن صالح الخراشي
بسم الله الرحمن الرحيم
اقرؤا التاريخ إذ فيه العِبَر ضلَّ
قومٌ ليس يدرون الخَبَر
من قرأ تاريخ الاحتلال الإنجليزي للبلاد
المصرية المسلمة في القرن الماضي وتابع
خطواته، متأملاً ما تبين من سبيل المجرمين
للوصول إلى هذا الأمر الجلل؛ وجد في ذلك
الكثير من العِبَر التي تستحق التدوين،
ويمكن الاستفادة منها لمنع تكرار ما حدث
في دولٍ أخرى -لا قدّر الله-. لأن طرائق مكر
الأعداء -على اختلاف دولهم- متشابهة؛ يبني
اللاحق منهم على خطط السابق، وينسج على
منواله، كما هو واضحٌ جداً الآن في
العراق؛ حيث استفاد الأمريكيون كثيراً من
الملف الإنجليزي القديم للإيقاع من جديد
بهذا البلد المسلم.
وتاريخ الإنجليز مع الدول العربية
والإسلامية - عامة - في هذا العصر مليئ
بالخبث والحقد والمؤامرات المتنوعة في
أماكن شتى من بلاد الإسلام . فمامن مصيبة
تحل بهم إلا وتجد من ورائها كيد الإنجليز
وتدبيرهم ، والشواهد على هذا كثيرة
لاأظنها تخفى على متابع . حتى وصفهم شاعر
العراق الرصافي زمن احتلالهم لبلاده
بقوله في ديوانه ( 3/240-243) :
دع اللوم واسمع ما أقـول فإنـني
كأنهم والنـاس عُث وصــوفة
فكم حرثوا في أرض مستعمراتهـم
وكم أيقظوا والناس في الليل نُـوّم
وهم يأكلون الزبد من منتجاتـها
يقولون إنا عاملون لسعــدكم
إذا مارأيت القوم في فخ مكـرهم
فلا ترجُ في الدنيا وفاء لعهــدهم
فلابد في الأيام للعــهد من نكث
قتلتُطباع " التيمسيين " بالبحث
وهل يستقيمالصوف في عثة العُث
مظالمسودًا كن من أسوأ الحـرث
بها فتنًا كالدجن يهمي على الوعث
ويُلقون للأهــلين منهن للفرث
ولميعملوا غير الكوارث والكرث
رققتلهم تبكي على القوم أو ترثي
فلابد في الأيام للعــهد من نكث
فلابد في الأيام للعــهد من نكث
خطوات ذاك الاحتلال البغيض وما قاله
المؤرخون عنه، وما يستفيده المسلمون
والدول الإسلامية منه - لا سيما بلاد
التوحيد - من عبر ومواعظ؛ كي يغلقوا
الفرجات التي لا زال ينفذ منها شياطين
الإنس.
مبتدئاً ذلك بموجز تسلسلي لما حدث، ثم
بذكر أقوال المؤرخين، ثم أذكر العِبَر
التي يُمكن الاستفادة منها .
سائلاً الله أن ينفع بما كتبت، وأن يهيئ
له آذاناً صاغية، وعقولاً واعية، والله
الموفق.
موجز تاريخي للأحداث :
- كانت مصر كغيرها من بلاد العالم
الإسلامي تحكمها الدولة العثمانية . وكانت
تُحكم بالشريعة الإسلامية ، وترتكز في
أمورها على الإسلام بوجود الأزهر ، وهيئة
كبار العلماء ، مع قصور وانحراف ، قلما
يسلم منه أحد .
- قام الفرنسيون بقيادة نابليون
بونابرت بحملتهم على مصر عام 1798م ، بعد أن
مهدوا لذلك بإرسال الجواسيس الذين يدرسون
وضع البلاد ومدى قابليته للاحتلال .
ولكنهم لم يفلحوا في البقاء فيها سوى 3
سنوات نظرًا لاتحاد أهل البلاد ضدهم،
ووقوفهم صفًا واحدًا تجاه حملتهم -حكامًا
ومحكومين- ؛ رغم تطمينات نابليون الكثيرة
لهم بأنه لا يريد الإسلام بسوء !
- كرر الإنجليز ما قام به إخوانهم
الفرنسيون؛ فأرسلوا حملة عسكرية بقيادة
"فريزر" لاحتلال مصر؛ لكنها باءت بالفشل
-أيضاً-؛ للأسباب نفسها.
- استمر العثمانيون يحكمون مصر من خلال
الولاة الذين يعينونهم واحداً تلو الآخر،
ولكن الشعب المصري لا يرتضيهم لظلمهم
وتعسفهم.- إلى أن تم تعيين (محمد علي باشا) والياً
على مصر بعد أن اختاره الشعب والعلماء
والوجهاء - بإذن مسبق من الدولة العثمانية-
مشترطين عليه أن يحكم بالعدل!
- استغل (محمد علي باشا) الفرصة ولم يفوتها
، فحكم البلاد ، مفتتحًا حكمه بمذبحة شنيعة
لبقايا "المماليك" ، الذين كانوا ينافسونه .
- انشغل (محمد علي باشا) بالأمور العسكرية
التي كان من أهمها: حملته الظالمة على أهل
الدعوة السلفية في الجزيرة العربية،
وحملته على السودان، وغيرها من الحملات
العسكرية.
- هلك محمد علي باشا عام (1849م ).
- تولى الحكم بعده حفيدة: عباس بن
طوسون بن محمد علي ( من عام 1848م إلى 1854م ).
- ثم جاء بعده سعيد بن محمد علي ( من1854 إلى
1864). وفي عهده: تم منح امتياز شق قناة
السويس لصديقه المهندس الفرنسي " دي