لعنة المدینة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لعنة المدینة - نسخه متنی

سلیمان الأزرعی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الناس لم تأت في سياق حركة التطور الطبيعي
لذلك التكوين الاجتماعي، ولقوى الإنتاج
المتحركة فيه، بمقدار ما كان ميداناً
وتجلياً واستجابة للحضور الصارم للغة
السوق الدولي.
وإزاء تلك التحولات التي تمت في حياة
أبناء الجيل الواحد، تفقدت النماذج
الاجتماعية الأصلية ثوابتها، فوجدتها
تهتز بفعل التحولات الصاعقة في البناء
الاجتماعي، وراح بعضها يقدم التنازل تلو
الآخر لصالح التواصل مع المستجدات
القاهرة للحياة الجديدة، إلى أن فقدوا
وحدتهم النفسية، وفقد النموذج استقلاليته
كوحدة بشرية، وأصبح جزءاً من الحياة
العامة. فيما تمسكت بعض النماذج
الاجتماعية بثوابتها وقيمها الأصلية
والموروثة وظلت خارج الواقع...
إن تطور أدوات الإنتاج في المجتمع الواحد
تؤدي إلى تغيرات ضرورية لازمة لعلاقات
الإنتاج في ذلك المجتمع.
ومن المعروف أن تلك التطورات لا تجيء بشكل
خاطف عادة، لأن حركة البنية الاجتماعية لا
تعرف المفاجآت، بل تأتي في سياق الحركة
البطيئة للتحولات النوعية في أي مجتمع
يعيش قوانينه الموضوعية الداخلية.. ويصدق
مثل هذا الأمر على المجتمعات الغربية التي
ترجمت في مسيرتها صورة التطورات المنطقية
التاريخية لحركة المجتمع وتطور العلم
فيه، وفعل العوامل الداخلية في تلك
الحركة، بمعزل عن التأثير الخارجي الذي
ترافقه المزيد من الإرباكات بالنسبة
للمجتمع التابع الأضعف، بحسب نظرية
(المركز والأطراف).
ولقد عبّر مبدعو العالم عن تبرمهم
بالتطور السريع- اللاأخلاقي تحديداً-
لتكنولوجيا العصر العدوانية، حتى في
مواطن التطور الطبيعي لأدوات الإنتاج. ذلك
التطور الذي انعكس على علاقات الإنتاج
وحياة الناس، وأحدث الانقلابات النوعية
في إيقاعهم اليومي. مما عزز في أرواح
المبدعين منهم الشعور بالاغتراب في
أوطانهم وبين ظهرانيهم، بسبب إحساسهم
بخطر ذلك التطور الذي تمعن به الرأسمالية
ولا تسأل إلا عن الربح السريع... ومن هنا
ولد الاغتراب الغربي... ومن هنا جاء هتاف
ماياكوفسكي:
(ما لم نلجم هذه التكنولوجيا بكابح
أخلاقي، فلسوف تلحق الأذى بالجنس البشري
كافة. وسيكون من الصعب أكثر، لجم العلم
بمثل هذا الكابح الأخلاقي. فالعلم نفسه
عليه إدراك مدى الخيار الأخلاقي الذي
يقرره في كل موقف).
وفي القصة الأردنية، كما في الرواية،
يترجم الأبطال والشخوص، عبر حركاتهم
وتعاملاتهم مع بعضهم بعضاً، وعبر ردودهم
واستجاباتهم وانفعالاتهم مع الزمان
والمكان والأحداث- أحاسيسهم بالغربة عن
محيطهم، ومحاولاتهم غير المعلنة للخروج
من أسر معطيات الزمان أو المكان، أو
الزمان والمكان معاً، وتجاهل التطورات
القسرية التي تجري من حولهم وتخرّب عليهم
حياتهم...
في الأعمال الدرامية الأردنية الجديدة
وبخاصة ما يستند منها إلى مرجعية الطفولة،
تقف المدينة كتحد غير منظور لطهر القرية،
وكهاجس دائم يستهدف محو البنى الروحية
لإنسان القرية وتهديمها. وتظل القرية
كمكان للعمل الإبداعي، تقدم للمبدع مادته
الهجائية للمدينة (المكان).
ويفهم الناقد الخلفية السيكولوجية التي
تختبئ وراء ذلك الموقف المعادي للمدينة،
بسبب سرعة التطور المدني، الذي نقل الأردن
من تشكيلة الفروسية (البداوة) إلى تشكيلة
المؤسسة الاجتماعية ذات الطابع المدني،
وفي زمن قياسي في الجيل الواحد تقريباً.
كما يدرك الناقد من خلال متابعته للعمل
الإبداعي، أن المسألة تكمن أولاً في إحساس
المبدع "بالمكان"، وسيكولوجيا استقباله
لمفرداته، بقطع النظر عن اعتبارات التقدم
والتخلف في هذه التشكيلة أو تلك.. فالصحراء
الصامتة بمقدورها أن تقدم للمبدع الذي
يفتح قنوات استقباله الإبداعية الإنسانية
ما لا تستطيع العواصم الصناعية العملاقة
التي تعج بالضجيج والأصوات والبشر
والوقائع المادية أن تقدمه.
وها نحن نتوقف في معرض التطبيق عند واحدة
من تلك التجارب الأردنية التي تمثل تلك
الحالة بأبعادها النظرية التي أوضحنا..
وسترصد هذه الدراسة فيما سترصد، النتائج
الفنية- في الإبداع نفسه- الناجمة عن موقف
المبدع من المدينة "كمكان".
لعل أبرز ما يلفت انتباه الناقد لدى
مطالعته لمجموعة القاص والروائي الأردني
"هاشم غرايبه" "قلب المدينة"، تلك المراوحة
الواضحة بين المدينة والريف، وذلك
التناوب شبه المدروس بين قصة مدينية وأخرى
ريفية، فيما يشكل في النهاية منظومة
هجائية للمدينة، كتعبير لوعي جديد لهذا
التكوين الاجتماعي، وردَّةٍ رومانسية
مختلفة باتجاه الريف، موطن الطهر،

/ 44