بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب - ولا سيما اليهود - من ساكني المهجر ومجاوري الدعوة وأن يكونوا أول كافر به مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وأن يؤلبوا عليه الأميين مع أنهم كانوا يستفتحون عليهم بخروجه وأن يكونوا أعظم الساعين لإطفاء نوره مع أنه مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل ، وأشد المعاندين لوعده مع أنه مجدد لملة إبراهيم ، وأنزل الله الكتاب المبين والذكر الحكيم مفصلا لما جبل عليه اليهود من عتوٍّ وجحود وكفر وعناد وخسة ولؤم ودناءة ونكوص وما استوجبوا من مقت وغضب وذلة ومسكنة وفرقة وصغار، فلا تجد في كتاب الله أمة طال الحديث عنها وتنوع قصصها مرة بعد مرة كهذه الأمة ؛ فضح الله خبايا نفوسها وخبيث طباعها وعداوتها للعالمين أجمعين ، وحقدها على أهل الخير والحق في كل زمان ومكان حتى الملائكة المطهرين ! فباؤوا بغضب على غضب ولعنوا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم كما لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام. واقتضت حكمته تعالى أن ينال كل من والاهم نصيبه مما كتب عليهم وضرب ، سواء انتسب إلى هذه الأمة كمنافقي الأمس وملاحدة العصر أو كان من غيرها كبريطانية التي كانت لا تغيب الشمس عن ملكها فصارت عصابات إيرلندا تقض مضجعها وترغم أنفها والمستقبل قادم بمثل ذلك لوريثتها أمريكا بإذن الله . ولكن اليهود هم أشبه شئ من البشر بالشيطان الرجيم فكما أنه مستحق للعنة وموعود بشر عاقبة فإنه مسلط على طائفة من الخلق وممهَّد له الاستحواذ عليهم وممكن له التزيين لهم . وبين يدينا في هذه الصفحات عرض واقعي وبحث استقرائي ودليل إحصائي عن هذه الطائفة المنتسبة للمسيح الذين هم صهاينة أكثر من الصهاينة ويهود أشد من اليهود ومع ذلك فهم قادة النظام الدولي الجديد - ولو كان ظاهرا - وسادة العالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة كما يسمونها . فهم يلبسون جلود النصارى على قلوب اليهود ويجهدون لإطفاء نور الله وإخلاف وعد الله ورفع ما خفض الله وخفض ما رفع الله وإعزاز من أذل الله وإذلال من أعز الله ، وينصرون التلمود على القرآن ويعاونون قتلة الأنبياء على ورثة الرسالات ، وباختصار يسعون لإقامة مملكة المسيح الدجال ووأد مملكة المسيح ابن مريم عليه السلام . وسار في ركابهم من المنتسبين إلى الإسلام زعامات عميلة وقيادات ذليلة انسلخت من دينها وكفرت بوعد ربها وكذبت خبر رسولها صلى الله عليه وسلم واستحوذ عليها حب الدنيا وحطامها فتجدهم أحرص الناس على كرسي ولو تحت أقدام اليهود . هذه الزعامات ربطت مصيرها بعجلة الكفر وخانت أمتها في أعز ما تملك وحضرت مؤتمر مدريد وما أدراك ما مدريد ؟ لقد اختار أهل الكتاب أن يسجلوا تاريخ نصر اليهود واستعادتهم لمملكة التلمود حيث استعاد النصارى فردوسهم المفقود وفي البقعة التي انطلقوا منها لاكتشاف العالم الجديد، الذي تزعم المؤتمر المنكود . ولئن كان هذا المؤتمر المتآمر هو سبب المحاضرة المباشر فإنني لم أخض في تفصيلات الأحداث وتحليلات الوقائع فيه أو فيما تلاه بل لم أجهد نفسي للبحث في ذلك لسبب واحد هو أن الإسلام قد غاب - بل غيب - عن المؤتمر وإنما حضره اليهود والنصارى وأولياؤهم الذين لو فتحوا القدس بل لو فتحوا روما لما كانوا إلا مرتدين ملحدين فكيف وهم يتكففون السلام ويقبلون الأقدام ويدفعون الجزيات الجسام . وما مدريد إلا زيادة في الكفر وإيغال في الردة . وإنما القصد الأول لمن وفقه الله لحمل ميراث النبوة وتجديد الدين أن يعيد الناس إلى حقائق الإيمان وأصول الدين مستمدة من منبعها الصافي ومعينها الزلال ، ثم يأتي الحديث عن مكر الأعداء ومؤامرة الدخلاء تبعًا لا قصدا ووسيلة لا غاية. وقد وفق الله تعالى هذه الصحوة الممتدة المباركة لبدء الطريق من أوله والبناء من أساسه والإقبال على تصحيح العقيدة وتقويم المسار وربط كل قضية مهما صغرت بأصل الدين والإيمان وحقيقة العبودية فبان لها سبيل الولاء والبراء وظهر لها كيد المنافقين وأهل الكتاب في الأصل والجملة وأصبح لزامًا على من تصدر لتذكيرها بأيام اللّه وتبصيرها بدين الله أن يبينوا لها من المعالم ما هو كثر تفصيلا وأبين قيلاً وذلك بالتوعية العامة للقاعدة العريضة من الأمة مع مخاطبة الفئة المثقفة بما يلائمها من عميق الفكر ودقيق البحث . فالتوعية العامة التي تتخذ شكل العرض الواضح والحقائق المبسطة والربط الجلي بين مقتضيات العقيدة وأحداث الواقع من أجل الواجبات على من بصره اللّه بذلك من قادة