فرجه الشريف هو محمد بن الحسن العسكري بن
علي الهادي المولود سنة 255 هـ . وقد غيّبه
الله تعالى لحكمة يعرفها ، وهو الذي
ادّخره الله تعالى لنجاة البشرية ، وبشّر
به الأنبياء والكتب الإلهية من قبل ،
بينما يذهب الآخرون إلى أن المهدي الذي
بشر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم
لم يولد بعد ، أو ولد في عهد قريب .
والأدلة التي نستدل بها على إثبات عقيدة
الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام المهدي
المنتظر عجل الله فرجه الشريف على طائفتين
، الطائفة الأولى : هي الروايات العامة
التي لا تخص الإمام عجل الله فرجه إلاّ
أنها تنطبق بصورة قهرية على عقيدة
الأمامية في المهدي عجل الله فرجه الشريف
، ولا نعرف توجيها ولا تفسيرا لها إذا
أسقطنا من حسابنا عقيدة الإمامية في هذا
الموضوع ، وهذه الروايات صحيحة بالتأكيد
وبعضها بالغ حد التواتر في المصادر
الإمامية من ناحية رجال السند في مختلف
طبقاته ولا مجال للمناقشة فيها من حيث
الإسناد . والإيمان بصحة هذه الأحاديث
يؤدي إلى الإثبات العلمي والقطعي لعقيدة
الإمامية في تشخيص وتعيين الإمام المنتظر
عجل الله فرجه ، وذلك بسبب تطابقها اولا مع
ما هو المعروف عند الإمامية - كما سوف نرى
ذلك إن شاء الله - ولانتفاء حالة أخرى تصلح
أن تكون مصداقا وتفسيرا لهذه الأحاديث
ثانيا .
ونتيجة هاتين النقطتين ( المطابقة
والانحصار) ، هي التطبيق القهري والحتمي
لهذه الأحاديث على عقيدة الأمامية في
تشخيص الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
.
1 _ حديث الثقلين :
وأول حديث نعتمده في هذا المجال حديثالثقلين ، الذي صحّ واستفاضت وتواترت
روايته عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلّم ، واجمع على تصحيحه المحدثون من كل
الفرق الإسلامية ، وليس من علماء المسلمين
ممّن يحترم علمه يشك في صحة هذا الحديث
وصدوره عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلّم .
ويكفي أن يكون من رواة هذا الحديث مسلم في
الصحيح ، والترمذي والدارمي في السنن ،
واحمد بن حنبل في مواضع عديدة وكثيرة من
المسند ، والنسائي في الخصائص ، والحاكم
في المستدرك ، وأبو داود وابن ماجة في
السنن ، وغيرهم مما لا يمكن إحصاؤهم في هذا
المقال …وطرقه في كتب الأمامية اكثر من
أن يحصى في هذه الوجيزة .
ولفظ الحديث ، كما في اغلب هذه المصادر :
( أيها الناس إنما أنا بشر أوشك أن ادعى
فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ، وهما
كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وانهما لن
يفترقا حتى يردا على الحوض ، فلا تسبقوهم
فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فانهم اعلم منكم ) .
والحديث صريح في :1 _ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يترك
من بعده خليفتين هما القرآن وأهل بيته
لهداية الأمة .2 _ وانهما باقيان لن يفترقا عن بعض إلى يوم
القيامة .3 _ والتمسك بهما معاً يعصم الأمّة من
الضلال .وإذا ضممنا النقطة الأولى ( إني تارك فيكم
الثقلين ) إلى النقطة الثانية ( وانهما لن
يفترقا حتى يردا على الحوض) ،استنتجنا
أصلا هاماً وهو وجود حجّة وإمام من أهل
البيت عليهم السلام في كل زمان لا يفترق عن
كتاب الله قط .
يقول ابن حجر في ( الصواعق) : ( وفي أحاديث
الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم
انقطاع متأهّل منهم للتمسك إلى يوم
القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ،
ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض ، كما
يأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق في كل خلف
من أمتّي عدول من أهل بيتي ) (1) .
ولا شك في دلالة الحديث على بقاء حجة من
أهل البيت إماماً للناس…
وليس لهذا الحديث تفسير أو تطبيق غير ما
يعتقده الأمامية من وجود الإمام المهدي
عجل الله فرجه الشريف وحياته وبقاؤه
وعصمته وإمامته على المسلمين .
وإذا أسقطنا هذا الأمر عن الاعتبار ، لم
نجد تطبيقا وتفسيرا له قط في هذه القرون من
حياة المسلمين . فليس في المسلمين اليوم ،
ولا قبل اليوم من يدّعي أنه أعلم الناس ،
وان على الناس أن يتّبعوه ولا يتقدّموه ،
وأن يتعلّموا منه ولا يعلّموه ، كما في نص
الحديث الشريف الذي لا يختلف فيه من يعبأ
بقوله ورأيه من علماء المسلمين .
وإذا قيل فما نفع إمام غائب عن الناس
للناس ؟
نقول إنّ الله تعالى لم يطلعنا من أسرار
غيبه إلّا على القليل ، وما أخفى الله علمه
عنّا كثير، وما عرّفنا منه قليل . وقد
أخبرنا الصادق الأمين صلى الله عليه وآله
وسلّم ببقاء حجة من أهل بيته في الناس على