کلمه الرسول الاعظم (صلی الله وعلیه وآله) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کلمه الرسول الاعظم (صلی الله وعلیه وآله) - نسخه متنی

حسن الشیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وأعجب من ذلك: أن يعيش أدب الرسول (صلى
الله عليه وآله) قمّة البلاغة، في مختلف
العصور، التي تطوّرت فيها مقاييس البلاغة
إلى حدّ التناقض، فتحسبه في كلّ يوم وليد
يومه، حتى كأنه البدر، الذي لا يغيره
اختلاف الفصول.
وبهذه الميزة، كان أدب النبيّ (صلى الله
عليه وآله) نواة مدرسة أدبيّة، شاء جميع
الأدباء أن يتخرّجوا عليها، وإن لم
يستطيعوا التخلّص من رواسب أنفسهم،
فانعكست أشعّتها على كلّ أديب بمقدار صفاء
جوهره، واقتبس منها كلٌّ بمقدار قدرته على
الاقتباس. فكأنّه مصدر المقاييس، الذي يضع
لكلّ شيء مقياسه ولا يخضع لمقياس. كالشمس
التي تجري لمستقرٍ لها، فتكتسب منها
الأقمار أنوارها، بقدر طاقتها على
الاكتساب، وتستوحي منها مقاييسها الأرض
والفضاء، دون أن ترضخ هي لمقياس في الأرض
أو الفضاء. وحتى دون أن تنعطف إلى ما
ورائها، لترى ما يدور حولها وما يقدّر لها
من مقاييس وحسبان، وإنّما تدأب في مجراها
الطويل، ونحو هدفها العظيم، بقوّة
واندفاع، وهي تعرف الأمام ولا تعرف
الوراء.
ولعلّ من أبرز مظاهر البلاغة في أدب
النبيّ (صلى الله عليه وآله) موافقة كلامه
لمقتضى الحال، فإنشاؤه تامّ الانسجام بين
ألفاظه ومعانيه وأغراضه، بحيث يشتدّ في
مقارعة المجرمين والمراوغين حتى تشفق منه
على الصواعق والبراكين، ويلين في مواساة
الضعفاء والمنكوبين، حتى تشفق عليه من
هينمات النسيم والعبير.
وقد بلغ الرسول (صلى الله عليه وآله) في
التجرّد لمعالجة الموضوع الذي يعرضه أن
ترفّع عن التكلفات البلاغيّة إلى حدّ
التقشّف، حتى يجري مع هدفه بعفوية عازفة
عن كلّ التزويقات الأدبية، فإذا كان هنالك
سجع موزون، فهو كما يكون من الطير في غنائه
والبحر في هديره، والأسد في زئيره، يأتي
من صنع الطبع الزاخر، الذي لا يعرف
التكلّف والرياء، فيكون سجعاً يردّ النغم
على النغم، ويذيب الوقع في الوقع، على
قرارات لا أوزن منها على السمع، ولا أحب
على الذوق. ومثال ذلك هذا القول الشهيّ
الرقيق:
(الشمس والقمر، يبليان كلّ جديد، ويقربان
كلّ بعيد، ويأتيان بكلّ وعد ووعيد،
فأعدّوا الجهاز، لبعد المجاز).
وتأمّل في هذا الكلام المسجّع، وفكّر في
مقدار ما يشفّ عنه، من سلامة الذوق، وقوة
الطبع:
(... فاطلبوا العلم من مظانّه، واقتبسوه من
أهله، فإن تعلّمه لله حسنة، وطلبه عبادة...
وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله
قربة إلى الله تعالى، لأنّه معالم الحلال
والحرام، ومنار سبل الجنّة، والمؤنس في
الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة،
والمحدّث في الخلوة، والدليل على السرّاء
والضرّاء، والسلاح على الأعداء، والزين
عند الأخلاّء، يرفع الله به أقواماً،
فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم،
ويُهتدى بفعالهم، ويُنتهى إلى رأيهم،
وترغب الملائكة في خلّتهم، وبأجنحتها
تمسحهم، وفي صلاتها تبارك عليهم...).
فلو حاولت إزاحة كلمة عن مكانها، أو
استبدال لفظ مسجوع بآخر غير مسجوع، لبدا
لك كيف أن السجع في هذه الرائعة، ضرورة
فنيّة يقتضيها الطبع، الذي يمزج اللفظ
بالمعنى، حتى لكأنّهما من معدن واحد،
فيبعث النثر شعراً له أوزانه وأنغامه،
وليس له تكلّفة واصطناعه.
وقد تميّزت نظرات الرسول (صلى الله عليه
وآله) الاجتماعية، بملاحظة نادرة غذّت
خياله المبدع، فإذا بها تتعاون مع تجاربه
الكثيرة، لتظهير المجتمع، في لوحات لها من
الحياة أكثر ممّا للأحياء، فتعبّر عن
واقعيّة صادقة، لها آفاق ترى، وأبعاد لا
ترى إلاّ بالتأمّل الكثير.
فاستمع إليه، كيف يصوّر العاقل، ليعطي
صورة ودرساً:
(... إذا أراد أن يتكلّم تدبّر، فإن كان
خيراً تكلّم فغنم، وإن كان شرّاً سكت
فسلم...).
وكيف يفسّر الظواهر الاجتماعية ببعضها،
ليمنح فكرة وخبرة:
(لا فقر أشدّ من الجهل، ولا مال أفضل من
العقل).
وكيف ينبئ عن الغيب المجهول، لينذر
ويحذّر، حتى تبحث العقول المذعورة عن
ملجأ، فيأتي توجيهه إلى القرآن، كما يومئ
النجم للتائهين:
(إذا التبست عليكم الأمور، كقطع الليل
المظلم، فعليكم بالقرآن).
ويتسع أدب الرسول (صلى الله عليه وآله)
للحقوق العامّة، التي أكّد عليها في كلّ
وصيّة صدرت منه إلى أحد، وكلّ عهد عقده
لوالٍ، ويظهر النبيّ (صلى الله عليه وآله)
في كلّ تأكيداته على الحقوق العامة،
جادّاً يتدفّق بصورة حارة، تشفّ عمّا
وراءها من إيمان عميق، بضرورة إقامة مجتمع

/ 125