بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
المحكم فيه رأي الفرد وميوله النفسانية على المجتمع، ولا على نهج المشروطة أو الجمهورية المؤسسة على القوانين البشرية التي تفرض تحكيم آراء جماعة من البشر على المجتمع، بل حكومة تستوحي وتستمد في جميع مجالاتها من القانون الإلهي، وليس لأحد من الولاة الاستبداد برأيه، بل جميع ما يجري في الحكومة وشؤونها ولوازمها لابد وأن يكون على طبق القانون الإلهي حتى الطاعة لولاة الأمر. نعم للوالي أن يعمل في الموضوعات على طبق الصلاح للمسلمين أو لأهل حوزته، وليس ذلك استبداداً بالرأي، بل هو على طبق الصلاح، فرأيه تبع للصلاح كعمله. وجوب إقامة الحكومة الإسلامية إن الأحكام الإلهية سواء الأحكام المربوطة بالماليات أو السياسيات أو الحقوق لم تنسخ، بل تبقى إلى يوم القيامة، ونفس بقاء تلك الأحكام يقضي بضرورة حكومة وولاية تضمن حفظ سيادة القانون الإلهي وتتكفل لإجرائه، ولا يمكن إجراء أحكام الله إلاّ بها، لئلا يلزم الهرج والمرج، مع أن حفظ النظام من الواجبات الأكيدة، واختلال أمور المسلمين من الأمور المبغوضة، ولا يقوم ذا ولا يسدّ عن هذا بوالٍ وحكومة. مضافاً إلى أن حفظ ثغور المسلمين عن التهاجم وبلادهم عن غلبة المعتدين واجب عقلاً وشرعاً، ولا يمكن ذلك إلاّ بتشكيل الحكومة، وكل ذلك من أوضح ما يحتاج إليه المسلمون، ولا يعقل ترك ذلك من الحكيم الصانع، فما هو دليل الإمامة بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة ولي الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف سيما مع هذه السنين المتمادية، ولعلها تطول والعياذ بالله إلى آلاف من السنين، والعلم عنده تعالى. فهل يعقل من حكمة الباري الحكيم إهمال الملة الإسلامية وعدم تعيين تكليف لهم ؟ أو رضي الحكيم بالهرج والمرج واختلال النظام ؟ ولم يأت بشرع قاطع للعذر لئلا تكون للناس عليه حجة. وما ذكرناه وإن كان من واضحات العقل، فإن لزوم الحكومة لبسط العدالة والتعليم والتربية وحفظ النظم ورفع الظلم وسدّ الثغور والمنع عن تجاوز الأجانب من أوضح أحكام العقول من غير فرق بين عصر وعصر أو مصر ومصر. وجوب الحكومة في الروايات ومع ذلك فقد دلّ عليه الدليل الشرعي أيضاً، ففي الوافي عقد باباً في أنه ليس شيء مما يحتاج إليه الناس إلاّ وقد جاء في كتاب أو سنة، وفيه روايات:منهاـ رواية مرازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا أنزل في القرآن إلاّ وقد أنزل الله تعالى فيه(1)، وقريب منها غيرها، ونظيرها تقريباً في خطبة حجة الوداع(2). وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث:إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال:الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بيّنت للأمة جميع ما يحتاج إليه(3). وأية حاجة كالحاجة إلى تعيين من يدبّر أمر الأمة ويحفظ نظام بلاد المسلمين طيلة الزمان ومدى الدهر في عصر الغيبة مع بقاء أحكام الإسلام التي لا يمكن بسطها إلاّ بيد والي المسلمين وسائس الأمة والعباد. وفي رواية العلل بسند جيد عن الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث قال:فإن قال:فلِمَ جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم ؟ قيل:لعلل كثيرة:منها أن الخلق لما وقفوا على حدٍّ محدود وأمروا أن لا يتعدّوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم فيه أميناً يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم، لأنه إن لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّماً يمنعهم من الفساد، ويقيم فيهم الحدود والأحكام. ومنها أنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقيّم ورئيس لما لابدّ لهم من أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم انه لابدّ لهم منه، ولا قوام لهم إلاّ به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون به فيئهم، ويقيم لهم جمعتهم وجماعتهم، ويمنع ظالمهم من مظلومهم. ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماماً قيّماً أميناً حافظاً مستودعاً لدُرِست الملة وذهب الدين، وغُيِّرت السنة والأحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه الملحدون، وشبهوا ذلك على المسلمين، لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّماً حافظاً لما جاء به