بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الرسول لفسدوا على نحو ما بيّنا، وغُيِّرت الشرائع والسنن والأحكام والإيمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين(4). وفي نهج البلاغة فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك ـ إلى أن قال ـ والإمامة نظاماً للأمة(5). وفي خطبة الصديقة (سلام الله عليها):ففرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك ـ إلى أن قالت ـ والطاعة نظاماً للملة، والإمامة لمّاً للفرقة(6). إلى غير ذلك مما يدل على لزوم بقاء الولاية والرئاسة العامة. مواصفات الحاكم الإسلامي ثم بعد ما وضح ذلك يبقى الكلام في شخص الوالي، ولا اشكال على المذهب الحق أن الأئمة والولاة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) سيد الوصيين أمير المؤمنين وأولاده المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) خلفاً بعد سلف إلى زمان الغيبة، فهم ولاة الأمر ولهم ما للنبي (صلى الله عليه وآله) من الولاية العامة والخلافة الكلية الإلهية. أما في زمان الغيبة فالولاية والحكومة وإن لم تُجعل لشخص خاص، لكن يجب بحسب العقل والنقل أن تبقيا بنحو آخر، لما تقدم من عدم إمكان إهمال ذلك، لأنهما مما تحتاج إليه الجامعة الإسلامية.وقد دلّت الأدلة على عدم إهمال ما تحتاج إليه الناس، كما تقدم بعضها، ودلّت على أن الإمامة لأجل لمّ الفرقة، ونظام الملة، وحفظ الشريعة وغيرها، والعلة متحققة في زمن الغيبة ومطلوبية النظام وحفظ الإسلام معلومة لا ينبغي لذي مسكة إنكارها. فنقول:إن الحكومة الإسلامية لما كانت حكومة قانونية بل حكومة القانون الإلهي فقط ـ لابد في الوالي من صفتين هما أساس الحكومة القانونية، ولا يعقل تحققها إلاّ بهما ـ إحداهما العلم بالقانون، وثانيهما العدالة، ومسألة الكفاية داخلة في العلم بنطاقه الأوسع، ولا شبهة في لزومها للحاكم أيضاً، وإن شئت قلت:هذه شرط ثالث من أسس الشروط. وهذا مع وضوحه ـ فإن الجاهل والظالم والفاسق لا يعقل أن يجعلهما الله تعالى والياً على المسلمين، وحاكماً على مقدراتهم وعلى أموالهم ونفوسهم مع شدة اهتمام الشارع المقدس بذلك، ولا يعقل تحقق إجراء القانون بما هو حقه إلاّ بيد الوالي العالم العادل ـ دلّت عليه الأدلة اللفظية، ففي نهج البلاغة لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة(7). فترى أن ما ذكره (ع) يرجع إلى أمرين:العلم بالأحكام والعدل. وقد ورد في الأخبار اعتبار العلم والعدل للإمام (عليه السلام)، وكان من المسلمات بين المسلمين منذ الصدر الأول لزوم علم الإمام والخليفة بالأحكام، بل لزوم كونه أفضل من غيره، وإنما الخلاف في الموضوع، كما انه لا خلاف بين المسلمين في لزوم الخلافة، وإنما الخلاف في جهات أخر، ولا زال طعن علمائنا على من تصدى للخلافة بأنه جهل حكماً كذائياً. وأما العدل فلا ينبغي الشك من أحد المسلمين في اعتباره، فالعقل والنقل متوافقان في أن الوالي لابد وأن يكون عالماً بالقوانين وعادلاً في الناس وفي إجراء الأحكام. وجوب تشكيل الحكومة الإسلامية على الفقهاء وعليه فيرجع أمر الولاية إلى الفقيه العادل، وهو الذي يصلح لولاية المسلمين، إذ يجب أن يكون الوالي متصفاً بالفقه والعدل، فالقيام بالحكومة وتشكيل أساس الدولة الإسلامية من قبيل الواجب الكفائي على الفقهاء العدول. فإن وفق أحدهم بتشكيل الحكومة يجب علي غيره الاتباع، وإن لم يتيسّر إلاّ باجتماعهم يجب عليهم القيام اجتماعاً، ولو لم يمكن لهم ذلك أصلاً لم يسقط منصبهم وإن كانوا معذورين في تأسيس الحكومة، ومع ذلك كان لكل منهم الولاية على أمور المسلمين من بيت المال إلى إجراء الحدود، بل على نفوس المسلمين إذا اقتضت الحكومة التصرف فيها، فيجب عليهم إجراء الحدود مع الإمكان، وأخذ الصدقات والخراج والأخماس، والصرف في مصالح المسلمين وفقراء السادة وغيرهم وسائر حوائج المسلمين والإسلام، فيكون لهم في الجهات المربوطة بالحكومة كل ما كان لرسول الله والأئمة من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين).