بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
المعرفية (المعرفة- الذكاء)- تكامل الشخصية(التصميم- الحرص) -العملية (العمل- الملكية)- الجسمانية (النشاط والصحة- سلامة الجسم). أما مجموعة القيم الأخلاقية فلم تكن إلى جانبها أية قيمة. انتهت الدراسات الثلاث السابقة إلى نتائج تكاد تكون متقاربة، يهمّني منها الذاتية أو الفردية في طرح القيم على الأطفال، والافتقار إلى منظومة قيم يستند الأدباء إليها في أثناء إبداعهم النصوص الأدبية الموجّهة للطفل العربي، فالأدباء، كما تدل الإشارة الموجزة إلى الدراسات الثلاث، اهتموا بمجموعة القيم المعرفية الثقافية أكثر من اهتمامهم بمجموعتي القيم الأخلاقية والجسمانية. كما أنهم انصرفوا، ضمن مجموعات القيم، إلى قيم دون أخرى. فكان هناك تركيزٌ واضح على قيم المعرفة وقواعد السلوك ووحدة الجماعة والتحصيل والنجاح وحرية الوطن، وإهمالٌ لقيم التسامح والتواضع والطاعة والدين ووحدة الأقطار المجزّأة... وليس هناك تعليل لذلك كله غير انطلاق الأديب من ذاته وخبرته وثقافته. فهو يطرح القيم التي يرتضيها ويراها أساسية في التربية القيميّة للطفل العربي، من غير أن يُعير مايطرحه زميله الأديب أي اهتمام. فالقيمة المعرفية التي نعثر عليها في نص أو نصين لأحد الأدباء تبقى إيجابية مقبولة، ولكنّ اهتمام الأدباء كلهم بهذه القيمة المعرفية شيء سلبي مرفوض. وقد أكّدت الدراسات الثلاث هذا الاهتمام المرفوض، لأنه يعني أن الأدباء يعتقدون بأن الطفل العربي صفحة بيضاء يجب أن تُملأ بالمعارف. وهذا الموقف الأدبي من الطفل هو نفسه موقف المدرسة منه. فهي ترى واجبها مقصوراً على تنمية معارف الطفل، لأن المعارف لبوس المتعلِّم ووسيلته في الحياة. وإذا كان الطفل يقبل موقف المدرسة ويُسوِّغه، فإنه ينفر من النص الأدبي الذي يتقمّص الموقف نفسه. ويترسَّخ نفوره إذا تقمّص النص الأدبي موقف المدرسة وأسلوبها معاً. والمراد هنا لجوء النص الأدبي إلى أسلوب الوعظ والإرشاد في طرح القيم. ذلك أن الطفل يُقبل على النص الأدبي طواعيةً، آملاً في العثور على المتعة والتشويق، فإنْ رأى هذا النص يُكرِّر موقف المعلّم وأسلوبه انصرف عنه إلى غيره. إن خبرة الأديب الفردية وشعوره بالمسؤولية الأدبية دفعاه إلى طرح القيم الإيجابية، ولكنهما لم يكونا كافيين لاجتماع الأدباء على طرح قيمٍ يُكملِ بعضها بعضاً، وليس فيها تكرار لما تطرحه المؤسسات الأخرى المعنية بثقافة الطفل العربي وتربيته. ومن ثمّ كان هناك تركيز على قيم وإهمال لقيم أخرى. وزاد من الأثر السلبي للتركيز والإهمال خضوع خبرات الأدباء الفردية لمؤثِّرات التجزئة والإعلام. فالتجزئة السياسية التي تعاني منها الأمة العربية، خلقت أنظمةَ حكمٍ متباينة في عقائدها السياسية وفي القيم التي تُجسِّد هذه العقائد. واللافت للنظر أن يتأثّر الأديب بالقيم التي يُحبِّذها نظام الحكم في دولته، فيعكسها في النصوص التي يكتبها للطفل، ويهمل قيماً أخرى لا تُقرُّها السياسة في دولته ولا تُشجّعه على طرحها، أو لا تسمح له بنشرها في كتب الأطفال ومجلاتهم التي تُصدرها وتُشرف عليها وتحرص على أن تعكس القيم المفضَّلة لديها. ويمكن الاطمئنان إلى أن التجزئة السياسية العربية لا تُشجِّع على إبداع أدب الأطفال ذي محتوى قيميّ واحد موحِّد، بل تُشجِّع على طرح قيم متباينة غير متكاملة. وتكمن المشكلة في أن الأدباء العرب لم يكتفوا بالتأثر بالتجزئة السياسية وحدها، بل راحوا يتأثرون بتوابعها، أقصد هنا الطبيعة الآنية للإعلام العربي. ففي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وبعده في زمن المقاومة الوطنية في جنوبي لبنان، ثم في الانتفاضة الفلسطينية، كان الإعلام العربي يُعلي من قيم المقاومة والدفاع عن الوطن والشهادة في سبيله، وقد برزت القيم نفسها في نصوص أدب الأطفال التي واكبت هذه الأحداث، وكأنّ أدباء الطفل تشبَّثوا بإيقاع الإعلام العربي وحماسته، وراحوا يجسِّدون مايرغب فيه. وهذا ما دفعني إلى الشك في أن يكون أدب الأطفال تابعاً للإعلام وليس مستقلاً عنه أو رائداً له. وعزّز هذا الشك خلوّ أدب الأطفال من القيم نفسها بعد تلاشي الاهتمام الإعلامي بهذه الأحداث، كلها أو بعضها. مهما يكن الأمر فإن أدب الأطفال العرب يعاني من ظاهرتي التركيز والإهمال، التركيز على قيم أو مجموعات قيم، وإهمال قيم ومجموعات أخرى. وسواء أكنا نعزو هاتين الظاهرتين إلى انطلاق الأدباء من خبراتهم الفردية ورؤاهم الذاتية المتباينة أم نعزوهما إلى تماهي أدب الأطفال بالبيئة التي يُنْتَج فيها وأخلاصه للقيم التي يدعو إليها نظام الحكم في دولته، فإن