أسئلة الحداثة بین الواقع و الشطح نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

أسئلة الحداثة بین الواقع و الشطح - نسخه متنی

میخائیل عید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ميخائيل عيد
أسئلة الحداثة بين الواقع والشطح
- آراء -
هل ثمة وصول؟
كيف؟
حين أتت السبع العجاف على سنابل حقل الروح
أذبل القنوط جسد العبارة.
قلت للأم الطبيعة:
كل ما فيك يكمل نقيضه ويكتمل به. فلماذا لا
نكون نحن البشر على صورتك ومثالك؟
وخيل لي أن الطبيعة ابتسمت بحنان.
...
يبدو لي أن الإنسان منذ أن انفصل، نسبياً،
عن الطبيعة والأشياء الطبيعية، وشعر بذلك
الانفصال، راح يعمل بشتى الوسائل الذهنية
للعودة إلى صدر الأم والتناغم مع حركة
الكون. لقد خلق كوناً صغيراً له متصلاً
بالكون الأعظم بوساطة النواميس الكونية
الشاملة ومتمتعاً باستقلال ذاتي نسبي
نتيجة سيطرته المحدودة على الطبيعة وفهمه
بعض نواميسها وإمساكه بزمام بعض شؤون
الحياة. ولقد جعله هذا الانفصال النسبي
دائم الحنين إلى الجنة الضائعة، الجنة
التي اغترب عنها بصنعه أدوات ووسائل
أبعدته عن الالتحام المباشر بها، فصار
يتصل بها بالأدوات بعد أن كان يحيا فيها
ويتحسسها بحواسه.
لقد ألف جسده الارتعاش لوقع قطرات المطر
طوال آلاف السنين، وها هو الآن يمنع قطرات
المطر من أن تكف في منزله الحديث، وكانت له
مع الليل ونجومه حكايات وأساطير، وكانت له
فيه معارك وأهوال ومخاوف، وكانت له أفراح
وأغنيات، ثم ها هو ذا ينفصل عن أسرار الليل
بالنور الاصطناعي فيتلاشى الخوف القديم
ويشحب لون الحكايات والأساطير وتختفي
الأشباح. لقد انتقل من عالم السحر والتوجس
والتوهم إلى عالم أضاءه عقله فتلاشت منه
الظلال الموحيه وتكشفت له الحقائق.. وكم في
العالم من أشياء وهمها أجمل من حقيقتها،
وخيالها أبهى من صورتها، وظلها ألطف من
كيانها!
حين كانت المرأة عارية صورها الفنانون في
رسوم الكهوف وفي الأساطير مكتسية ولو
بورقة تين أو سواها، وحين اكتست بأفخر
الملابس وصنعت لها بعض الشعوب حزاماً
للعفة صار الشعراء والكتاب والفنانون
يتفننون في تصويرها عارية.. وكذلك كان
شأنهم مع الطبيعة. حين كانت بكراً وعارية
ألبسوها صنوف "الملابس" المصطنعة، وحين
ارتدت ما صنعوه لها وغيروا شكلها زاد
اشتياقهم إليها بريئة عارية من كل لباس أو
بهرج.
ومن غريب أمر الإنسان أنه اخترع شتى ضروب
الأدوات ليكسب شيئاً من الوقت الذي كان
ينفقه على العمل، وحين حصل عليه راح يبتكر
شتى الوسائل لإضاعة ذلك الوقت.. وقد دفعه
الهيام بالتسليه إلى ابتكار تسليات
مدمرة.. لكنه ابتكر إلى جانبها أشياء أخرى
مفيدة ومنها شتى الفنون.
...
تكون رغباتنا جنات في خيالنا لكنها تصير
أرضاً حين نحققها، وإذ نقف على أرض تلك
الرغبات المحققة تولد فينا رغبات جديدة
تصير أرضاً حين نحققها وننطلق من فوقها
لنحقق رغبات غيرها.
من منا لم يقرع باب جنة الأنوثة؟ من منا لم
يزدد عطشاً بعد أن شرب من كوثرها؟
وهذا أنا أسأل مرتبكاً: هل الذين ابتكروا
كلمة "جنة" هم من أولئك الذين حلموا
بالوصول إلى أماكن على الأرض ثم لم يرتووا
بعد وصولهم، وظل الشوق إلى الوصول متقداً
في نفوسهم وظل القلق؟
ها هو زمن الفتور يفترس أعضائي
ذهبت القوة ولم يأتِ الوهن
تلاشت الطمأنينة ولم يولد الخوف
صار الصيف ذكرى ولم يأتِ الشتاء
أفتح باب الذاكرة، يملؤها النسيان
اتكىء على الحلم، يتبدد مثل سحابة
وتبقين في عروقي
أبهى من الذكرى وأشهى من الحلم
تمتلىء نفسي بمشاعر عجيبة
أخاطب كياناً غامضاً أدعوه: أنت.
تصيرين لي الفرح والحنان.
...
أسمع نداءات اشتياق ترسلها امرأة لم تجد
رفيقاً
أهمس للأثير: أسمعك أيتها المرأة! فكيف
الوصول إليك؟
يضبح الأثير مثل غابة في يوم عاصف.
يخيل لي أنني ألتقط نداءات ملايين
الكائنات التائقة.
أفكر: سيكون الوصول مستحيلاً.
وأسأل: هل ستصير هذه النداءات الباحثة عن
صدى نجوماً في سماوات عوالم لم تتكون بعد؟
أم أن كوكب الشعر الدري سيولد منها ذات
يوم؟
ربما..
وأشعر بالطمأنينة.. أهمس: أنت.
وأعلم أن الوصول مستحيل.
...

/ 55