ن‍ص‌ و ال‍م‍م‍ان‍ع‍ت‌ م‍ق‍اری‍ات‌ ن‍ق‍دی‍ه‌ ف‍ی‌ الادب‌ و الاب‍داع‌ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ن‍ص‌ و ال‍م‍م‍ان‍ع‍ت‌ م‍ق‍اری‍ات‌ ن‍ق‍دی‍ه‌ ف‍ی‌ الادب‌ و الاب‍داع‌ - نسخه متنی

محمد راتب الحلاق

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(القراءة /الكتابة) لا تتخلى عن إرادتها الخاصة، ولا تتنازل عنها تحت أية ظروف وعندها الرغبة الجامحة دائماً للدخول في حوار مع النص، ومع إرادات الآخرين الذين تصدوا من قبل لفرض إرادتهم عليه، وقسره على الانصباب في قنوات رؤيتهم الخاصة. وبذلك تغدو (القراءة/ الكتابة) المقترحة مقوضة لهيمنة من نصبوا أنفسهم أوصياء على النص، مدعين امتلاكهم لمفاتيحه وأسراره، فارضين آراءهم وتأويلاتهم وفهمهم على الآخرين. وستفتح هذه القراءة خروقاً كبيرة في عباءة القداسة التي يحاول أتباع هؤلاء ومقلدوهم ومريدوهم أن يخلعوها على أساتيذهم. ومن الملاحظ أنني استخدم كلمة (نص) بالمفهوم المتداول، باعتباره بنية لغوية مستقلة بذاتها، بغض النظر عن مضمونها أو حجمها. ولم أستخدمها بالمعنى الذي قصده اللغويون والفقهاء العرب عندما قالوا مثلاً:

(لااجتهاد مع النص). مع أن البعد اللغوي ذو أهمية بالغة في المدلوليْن معاً. النص واللغة:

اللغة هي المادة الخام التي تصنع منها النصوص، والمادة الأهم في محاولة التعبير عن شيء ما أراده واضعو النصوص ومنتجوها. ومنتج النص في تعامله مع اللغة، قد يعتبرها مجرد أداة توصيل، غايتها حمل فكرة ما بأمانة، لذلك يكون حرصه شديداً على التحديد والدقة والوضوح، مع إمكانية نجاحه أو إخفاقه في ذلك. وهذا ما نجده في نصوص النحاة، والمناطقة، وعلماء الطبيعة، وعلماء الرياضيات، والمؤرخين، والفقهاء والقانونيين وإلى حد ما الفلاسفة هذا من جهة، ومن جهة ثانية قد يعتبر منتج النص اللغة مادة خاماً لا تقل أهمية عن المضمون الذي تتصدى لحمله، فيعمد إلى تشكيلها جمالياً، ويعتني عناية فائقة بشكل التعبير وأساليبه، بقصد إثارة إعجاب القارئ ودهشته، والسيطرة على وجدانه بالدرجة الأولى وهذا ما نجده في النصوص الأدبية والدينية وإلى حد ما مرة أخرى في النصوص الفلسفية وإذا كنت وضعت النص الفلسفي بينْ بينْ، من هذه الناحية، فلأن الفلسفة والأدب كثيراً ما تداخلا في مساحات كبيرة من الخطاب الذي ينتجانه وكثيراً ما تفلسف الأدباء وكثيراً ما تأدب الفلاسفة (وسيزداد الأمر وضوحاً في مكان آخر من هذا الكتاب). والنصوص من الفئة الأولى، التي تندب نفسها للإعلام والإخبار والتأريخ والبرهان تطمح لتحقيق معادلة تكافؤ الدال والمدلول، بحيث لا يفهم منها إلا معنى واحد بعينه. وبرأي (الجرجاني صاحب كتاب التعريفات) أن هذا النوع من النصوص هو الذي ينطبق عليه حد النص حيث يقول:

"النص، ما لا يحتمل إلا معنى واحداً، وقيل ما لا يحتمل التأويل" ومن هنا قيل:

(لا اجتهاد مع النص) فإن حصل النص على هذه الميزة يكون قد حقق نجاحاً باهراً. وهذا النوع من النصوص فقير "ليس بالمعنى الأخلاقي للكلمة"، لأن النص لا يحوز إلا على معنى وحيد، وهذا سر عظمته وكل قراءة له إنما تهدف إلى امتلاك هذا المعنى الوحيد، والفوز به، والإمساك بناصيته عبر عملية شرح وتفسير، قد تكون سهلة وقد تكون غير ذلك، حسب طبيعة النص ومستوى القارئ. أما النصوص من الفئة الثانية، فإنها تسعى نحو تشكيل اللغة في أشكال تعبيرية باهرة ومدهشة ومفاجئة وغالباً ما يكون ذلك هدفاً بحد ذاته، بل غالباً ما يكون ذلك هو الهاجس الأول الذي يؤرق منتج النص على حساب مجرد الإعلام والإخبار والوصف والبرهان والتأريخ. والنص، في هذه الحالة، نص غني، حمّال أوجه، تحطمت فيه، عن قصد وسابق تصميم، معادلة تكافؤ الدال والمدلول، ليكون متعدد الدلالات، ومالكاً لطاقات كثيرة تتيح له التجلي في معانٍ متعددة، حيث يكتب من جديد مع كل قارئ، ومع كل قراءة وكلما كان النص قادراً على القيام بهذه المهمة، كان نصاً أكثر عظمة؛ وعملية استقراء وتقص جادة تدل على أن أهم ميزات هذا النص ابتعاده عن الجزئيات، وتعاليه عن الخوض في التفاصيل، واعتماده على المجمل من القول، وعلى المبادئ العامة والكليات والتعميمات إلى جانب الحرص على الإيجاز والتكثيف والاقتصاد ومن الخطورة بمكان أن تتورط نصوص من الفئة الأولى في استخدام أساليب نصوص الفئة الثانية مما يؤدي إلى الخلط والتخبط وأزعم، وأرجو أن أكون مخطئاً، أن النصوص العربية، في مجملها، وبغض النظر عن الموضوع الذي تعالجه، تنتمي إلى النوع الثاني وأرجح أن يكون أحد الأسباب التي أدت إلى ذلك هو الطبيعة الخاصة للغة العربية، والطبيعة الخاصة لجهاز التلقي عند القارئ العربي عموماً، وهو جهاز تم توليفه وإعداده لتلقي النصوص الفنية، ذات الأسلوب البياني، أكثر مما أعد لتلقي

/ 43