بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
"إن التعايش مع الحرب.. أي الحياة على خط النهاية.. كان ولا يزال جزءاً من حياتنا". بعد هذا الاستعراض المكثف جداً لبعض معاني مصطلح الأمن ودلالاته، يأتي السؤال:كيف يجب أن نفهم أمن الممرات المائية العربية؟(11). 1-أولا إنه جزء أساسي من الأمن القومي كمفهوم شامل يتداخل فيه الداخلي والخارجي، القطري والقومي، الإقليمي والدولي، وإن هذا المدرك أمر نسبي وليس مطلقاً، وهو ظاهرة حركية وتطور وليس حاله جامده أو سكونيه.(12). 2-والأمن يتطلب إدراك المخاطر والتحديات التي تواجه هذه الممرات المائية العربية، باعتبار أنها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الشامل والعمل بكل السبل لمواجهة هذه التحديات. 3-ولا بد أن يعني الأمن صيانة الحقوق العربية في الممرات المائية العربية والمقصود بالحق هنا وصف لنموذج من الترتيب المؤسس تضمن فيه المصالح بحمايات قانونية، وتكون الخيارات ممهورة فيه بنتيجة فعلية وتعطى فيه الخبرات والفرص على أسس واضحة:ويجب أن تشمل الحقوق العربية ما يعرف بالحقوق الدولية الوضعية التي تقوم على جملة الاتفاقات النوعية، (معاهدات، تصريحات، بروتوكولات)، تعقدها الدول فيما بينها وتحترمها، والحقوق الدولية العرفية غير المكتوبة والقائمة على جملة الأعراف التي ولدت في مجرى التاريخ وطبقت باتفاق غير رسمي. 4-استناداً إلى الترابط بين الأمن والحفاظ على المصالح وعدم الاضطرار تحت تأثير الإكراه والقوة، للتخلي عنها، لا بد أن يتضمن ذلك زيادة المصالح العربية في الممرات المائية العربية واستثمار منافعها بالشكل الأمثل. 5-القدرة على تنمية هذه الممرات وتحسينها لزيادة مردودها الاقتصادي. المبحث الثاني 3-جغرافية الممرات المائية العربية 3
- البحر الأحمر:
يقع البحر الأحمر عند التقاء قارتي آسيا وافريقيا وهو الامتداد الجنوبي للانهدام الإفريقي الآسيوي الذي حدث قبل خمسين مليون سنة. ويعتبر البحر الأحمر، الذي يتمتع بموقع استراتيجي ممرا مائياً لا يمكن الاستغناء عنه للتجارة بين المحيط الهندي والخليج العربي من جهة والبحر الأحمر مع المتوسط من جهة أخرى، وقد احتفظ البحر الأحمر بأهميته الاستراتيجية حتى اكتشاف رأس الرجاء الصالح عام 1498 وإخفاق محاولات السلطان العثماني قانصوه الغوري لتدمير القواعد الهولندية في الهند الغربية (باكستان حالياً) في معركة ديو البحرية عام 1509. لكن هذا البحر ما لبث أن استعاد أهميته بعد شق قناة السويس عام 1869.(13). يبلغ طول البحر الأحمر من أقصى الشمال حتى باب المندب 2100كم أو 1380 ميلاً وتصل مساحته الاجمالية إلى 438 ألف كم 2أو 178 ألف ميل مربع أما أقصى عمق له فهو 9850 قدماً. وهو أشد ضحالة عند طرفيه(14) ويعتبر البحر الأحمر المنفذ البحري الوحيد للدول التالية:الأردن عبر ميناء العقبة، السودان عبر ميناءي بور سودان وسواكن، ارتيريا عبر ميناءي عصب ومصوع . وهو منفذ بحري مهم لمصر عبر الموانئ- الغردقة، سفاجة، رأس بيناس والقصير، اليمن عبر ميناء الحديدة، السعودية عبر موانئ ينبع وجدة وإسرائيل عبر ميناء إيلات. وليس من المبالغة القول إن البحر الأحمر بحيرة عربية استناداً إلى حقائق الجغرافيا إذ يبلغ طول الساحل المصري، بما في ذلك خليج السويس 900كم والساحل السعودي 1600كم والساحل السوداني 700كم وساحل ارتيريا 900كم وساحل جيبوتي 100كم والساحل اليمني 510كم(15). وتثبت الوقائع التاريخية أن أمن البحر الأحمر كان جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي لأن هذا الممر المائي الاستراتيجي كان محط أطماع كل القوى الاستعمارية بلا استثناء كما سنرى لاحقاً وأن الأمن في هذا الممر المائي لم يكن أبداً مسألة فردية أو قطرية لأنه عندما كان التعامل مع هذه المسألة يتم من خلال هذا المنظور، كان المستعمرون مستفيدين ويحققون أطماعهم. ويضم البحر الأحمر ثلاث ممرات مائية هامة جداً هي قناة السويس، ومضائق تيران وباب المندب. 3
-قناة السويس:
تعتبر أهم ممر مائي في العالم تعتمد عليه التجارة بين جنوب شرقي آسيا ودول الخليج العربي مع دول حوض المتوسط وإلى حد ما الأمريكيتين. وقد زادت أهمية هذا الممر المائي بعد اكتشاف النفط في الخليج العربي لأن قناة السويس تختصر الطريق بين جنوب شرق آسيا والسواحل الأوروبية الغربية بنحو 40-60% بالمقارنة مع الطريق المار عبر رأس الرجاء الصالح. ويوفر أيضاً في الوقت والتكاليف.