بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
[ 12 ] وكانت المجالس العامرة في جبل عامل وفى جزين وفى بيته بالذات مدرسة حرة ومجالا واسعا لابداء الرأى، وللمناقشات الفكرية التى ثمرتها تنمية القابليات. ساعدت هذه العوامل مجتمعة على تفوق الشهيد على اقرانه وبشكل ملحوظ. لقد كان الشهيد - رحمه الله - من الرحالين في طلب العلم، فطاف في كثير من البلدان الاسلامية كمكة المكرمة والمدينة المنورة ومصر وبيت المقدس ودمشق وبغداد. وكان في كل مكان يحل فيه ينهل من دروس علمائه، فقد روى - فضلا عن علماء الشيعة - عن جمع من علماء اهل السنة، فقال في اجازته لابن الخازن: انى اروى عن نحو الربعين شيخا من علمائهم بمكة والدينة ودار السلام بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل ابراهيم عليه السلام. وهذا النص دليل واضح على ان الشهيد قد جمع علوم الشيعة والسنة في الحديث والفقه وبقية العلوم الاسلامية، وكان من جراء ذلك تبحره في علوم المذاهب الاسلامية، وتدريسه ومناقشته لكل المذاهب. وبالرغم من قولنا بالتمايز بين معهدي الحلة الفيجاء، والجبل الاشم، فان معالم تأثير الاول على الثاني واضح، لسبقة الزمنى اولا ولقوة ون يمثله ثانيا، ولان الفكر الواحد مهما علمنا على تحقيبه زمينا أو فكريا تتصل حلقاته من جوانب اخرى ثالثا. لذا فان الشهيد الذى كان يعتبر ثمرة طيبة لمدرسة الحلة استطاع ان يؤسس مدرسة فقهية في جبل عامل ها خصائصها الفكرية والبيانية والمنهجية المميزة. فقد كان لهذه المدرسة الفضل الكبير في تنقيح عبارات الفقه واخراجها من الجمود السابق، وذلك بحكم كون مؤسس هذه المدرسة من الشعراء الادباء. [IMAGE: 0x01 graphic] [ 13 ] وكان لها الفضل ايضا في التنسيق الفنى الجيد، والتنطيم الرائع لفصول الفقه مع دقة متناهية في العبارات. وقد أولت هذه المدرسة الفقه الشيعي اهتماما خاصا، فبعد ان كان علماؤنا يبحثون في كتبهم الاراء الشيعية والسنية انصرفوا في هذا الدور إلى بحث اقوال فقهاء الشيعة فقط، والتبحر في فحصها ونقدها وتقويتها. وكان من نتاج ذلك كتب فقهية مهمة معروفة بعمق الفكرة ودقة المطلب وروعة البيان ومن اهمها: الذكرى، واللمعة الدمشقية، والدروس الشرعية، والبيان، وشرح نكت الارشاد (غاية المراد) والقواعد الفقهية وغيرها. وبذلك تمكن الشهيد رحمه الله من وضع اللبنة الاساسية لمدرسته العلمية في جبل عامل وليكون رائد النهضة الفقهية في زمانه. الشهيد الاول وحكومة سربداران ان نشاط الشهيد الاول الواسع لم يقتصر على قريته جزين ولا جبل عامل وانما تعداه إلى دمشق حيث صرف الشهيد جزء كبيرا من عمره الشريف في دمشق. ولسعة الطلاعة على المذاهب الاسلامية كلها فقد اسرع الناس إلى مجلسة للدراسة عنده والاستماع لمواعظه، ففرض لنفسه وجودا كبيرا في مجتمع دمشق بحيث امتد تأثيره إلى الحكام والسلاطين فكان يجتمع بهم ويسدى لهم النصح والتوجيه. واما بيته فكان ناديا علميا يعج بالزوار من كبار العلماء والفضلاء والادباء وملجأ لكل المسلمين - شيعة وسنة -. وكان الشيعة في كل ارجاء المعمورة يتشوقون لزيارة أو يقوم بزيارتهم خصوصا بلاد فارس والرى وخراسان، ولكن لم يكن بوسعة اجابة طلبهم والسفر [IMAGE: 0x01 graphic] [ 14 ] إلى بلادهم. وكانت حكومة سربداران فب خراسان على صلة وثيقة بالشهيد خصوصا في ايام اخر ملوكها على بن مؤيد الذى كانت له مراسلات مع الشهيد ايام كان الشهيد في العراق، واستمرت العلاقة بينهما في جزين ودمشق. وكان الشهيد يروم السفر إلى خراسان ليكون مرجع الشيعة فيها استجابة لالتماس على بن مؤيد، ولكن الظروف السياسية - آنذاك - في دمشق حاصرت الشهيد وحالت بينه وبين هذا السفر. فاكتفى الشهد بارسال كتابه القيم، اللمعة الدمشقية ليكون دستورا للبلاد بناء على طلب من حاكم خراسان، وقد جمع فيه ابواب الفقه مع الاختصار وروعة البيان، وتمكن من تأليفه في سبعة ايام فقط ولم تحت يديه من كتب الفقه غير كتاب المختصر النافع للمحقق الحلى. وهذا يدل على مدى تبحره في هذا الفن واستحضاره لامهات المسائل وفروعها. ولما اكمل الكتاب دفعه إلى الشيخ محمد الاوى وزير على بن المؤيد وطلب منه الاسراع في ايصال الكتاب إلى حاكم خراسان ولشدة حرص الوزير على الكتاب لم يستنسخه الا الاوحدي من طلبة الشهيد. وكانت حياة مؤسس مدرسة جبل عامل غنية بالفضل، زاخرة بالعلم، وتوجت بالشهادة. شهادته: في الوقت الدى كان الشهيد - رحمه الله - يسعى لردم الصدع بين الشيعة والسنة، ظهر فجأة شخص يسمى محمد اليالوشى - ويقال انه من تلامذة الشهيد - [IMAGE: 0x01 graphic]