مدارک الاحکام فی شرح شرایع الاسلام جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدارک الاحکام فی شرح شرایع الاسلام - جلد 6

السید محمد بن علی الموسوی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مدارك الأحكام
السيد محمد العاملي ج 6
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 1 ]
مدارك الاحكام في شرح شرائع الاسلام
تأليف الفقيه المحقق السيد محمد بن علي
الموسوي العاملي المتوفى سنة 1009 ه‍ الجزء
السادس تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام
لاحياء التراث
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 2 ]
الكتاب: مدارك الاءحكام في شرح شرائع
الاسلام - ج 4 المؤلف: السيد محمد بن علي
الموسوي العاملي. تحقيق: مؤسسة آل البيت
(عليهم السلام) لاحياء التراث - مشهد
المقدسة الطبعة: الاولى - شعبان 1410 ه‍.
المطبعة: مهر - قم الكمية: 3000 نسخة السعر: 2000
ريال
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 3 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 4 ]
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة آل
البيت عليهم السلام - لاحياء التراث مؤسسة
آل البيت - عليهم السلام - لاحياء التراث قم
- صفائية - ممتاز - پلاك 737 - ص. ب 996 / 37185 - هاتف
23456
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 5 ]
[ كتاب الصوم والنظر في اركانه واقسامه
ولواحقه. واركانه اربعة: الاول: الصوم: وهو
الكف عن المفطرات مع النية. ] كتاب الصوم
قوله: (الصوم هو الكف عن المفطرات مع
النية). الصوم في اللغة هو الامساك (1)، قال
ابن دريد: كل شئ سكنت حركته فقد صام صوما.
وقال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو
سير فهو صائم (2). وقال في القاموس: صام صوما
وصياما واصطام، أمسك عن الطعام والشراب
والكلام والنكاح (3). وقد استعمله الشارع في
معنى أخص من المعنى اللغوي وصار حقيقة عند
الفقهاء. واختلفت عبارتهم في تعريفه،
فعرفه المصنف بأنه الكف عن المفطرات مع
النية. فالكف بمنزلة الجنس، وقوله: عن
المفطرات،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع الصحاح 5: 1970. (2) حكاه عنه في الصحاح
5: 1970. (3) القاموس المحيط 4: 143.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 6 ]
[... ] كالفصل، يخرج به الكف عن غيرها، ومع
النية، فصل آخر يخرج به الكف عن المفطرات
بدون النية، فإنه لا يسمى صوما شرعيا. ونقض
في طرده بالكف عن المفطرات مع النية وقتا
ما، وفي عكسه بمتناول المفطر سهوا، فإنه
صائم مع عدم الكف. ويمكن الجواب عن الاول
بأن المراد بالنية: الشرعية، وهي لا تتعلق
بغير الزمان المخصوص. وعن الثاني بأن
التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف،
وبإضمار قيد يحترز به عنه. وأورد عليه أيضا
أن المفطر عبارة عن مفسد الصوم فيكون
تعريفه به دوريا، وأن الكف أمر عدمي فلا
يمكن التكليف به. والجواب عن الاول: أن
المراد بالمفطر ما صدق عليه ذلك من مفسدات
الصوم، فيصير التعريف في قوة: الكف عن
الاكل والشرب. وعن الثاني بمنع كون الكف
أمرا عدميا بل هو أمر وجودي، وهو بعث النفس
على ترك ما تعلق به الكف. لكن يتوجه على هذا
التعريف ما هو أشكل من ذلك،. وهو أن الكف إن
كان أمرا زائدا على النية وترك المفطرات
فليس بواجب، وإن كان هو النية لم يكن
التعريف صحيحا، إذ الصوم غير النية، ويكون
اعتبار النية معه تكرار، أو يلزم منه على
التقدير الاول بطلان صوم الذاهل، لعدم
تحقق الكف في حال ذهوله، وهو معلوم
البطلان. فالاولى أن يراد بالكف هنا نفس
الترك، بل الاصح أن ذلك متعلق النهي، لانه
المتبادر منه، ولتحقق الامتثال به وإن لم
يتحقق معه بعث النفس عليه، وهو مقدور
للمكلف باعتبار استمراره، إذ له أن يفعل
الفعل فينقطع استمرار العدم وأن لا يفعله
فيستمر، فلا مانع من التكليف به كما حقق في
محله. وعرفه العلامة في القواعد بأنه توطين
النفس على الامتناع عن
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 7 ]
[... ] المفطرات مع النية (1). وهو قريب من
تعريف المصنف رحمه الله، لان التوطين أمر
وجودي كالكف، فيرد عليه ما ورد على تعريف
المصنف. وعرفه الشهيد في الدروس بأنه
توطين النفس لله تعالى على ترك الثمانية،
الاكل، والشرب - إلى آخره - من طلوع الفجر
الثاني إلى الغروب من المكلف أو المميز
المسلم الخالي عن السفر والموانع التي
عددها (2). واستحسن الشارح هذا التعريف (3).
وهو غير جيد، لان التوطين المذكور عبارة
عن النية، وهي خلاف الصوم. ولو جعل الجار
في قوله: من طلوع الفجر، متعلقا بتوطين
النفس فسد من وجه آخر، وهو لزوم وجوب
استحضار النية في جميع أجزاء الصوم وبطلان

صوم الذاهل عن التوطين المذكور والنائم،
وهو معلوم البطلان. لكن الامر في هذه
التعاريف هين كما بيناه مرارا. وهنا فوائد:
الاولى: الصوم من أفضل الطاعات وأشرف
العبادات ولو لم يكن فيه إلا الارتقاء من
حضيض حظوظ النفس البهيمية إلى ذروة التشبه
بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا ومنقبة،
والاخبار الواردة بذلك أكثر من أن تحصى،
فروى شيخنا المتقدم محمد بن يعقوب الكليني
رضي الله عنه في الحسن، عن زرارة، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: (بني الاسلام على
خمسة أشياء، على الصلاة والزكاة والحج
والصوم والولاية، وقال رسول الله صلى الله
عليه وآله الصوم جنة من النار) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) القواعد 1: 63. (2) الدروس: 70. (3) المسالك 1: 69.
(4) الكافي 4: 62 / 1، الوسائل 1: 7 ابواب
العبادات ب 1 ح 2 وج 7: 289 ابواب الصوم
المندوب ب 1 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 8 ]
[... ] وعن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (قال رسول الله صلى عليه
وآله: الصائم في عبادة وإن كان على فراشه
ما لم يغتب مسلما) (1). وعن مسعدة، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (نوم الصائم عبادة،
ونفسه تسبيح) (2). وعن ابن أبي عمير، عن بعض
أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(أوحى الله إلى موسى عليه السلام: ما يمنعك
من مناجاتي، فقال: يا رب أجلك عن المناجاة
لخلوق فم الصائم، فأوحى الله إليه: يا موسى
لخلوق فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك) (3).
وروي ابن بابويه رضي الله عنه في كتابه من
لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه السلام
أنه قال: (من صام لله عزوجل يوما في شدة
الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك
يمسحون وجهه ويبشرونه بالجنة حتى إذا أفطر
قال الله جل جلاله: ما أطيب ريحك وروحك، يا
ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له) (4). وعنه
عليه السلام قال: (نوم الصائم عبادة، وصمته
تسبيح، وعمله متقبل، ودعاؤه مستجاب) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 64 / 9، الفقيه 2: 44 / 197، التهذيب 4:
190 / 538 بتفاوت يسير، الوسائل 7: 291 ابواب
الصوم المندوب ب 1 ح 12. (2) الكافي 4: 64 / 12،
التهذيب 4: 190 / 540، المحاسن: 72 / 148، قرب
الاسناد: 46 رواه مرسلا، الوسائل 7: 290 ابواب
الصوم المندوب ب 1 ح 4. (3) الكافي 4: 64 / 13،
الفقيه 2: 45 / 203، الوسائل 7: 290 ابواب الصوم
المندوب ب 1 ح 5. (4) الفقيه 2: 45 / 205، الوسائل 7:
299 ابواب الصوم المندوب ب 3 ح 1. (5) الفقيه 2: 46
/ 207، الوسائل 7: 292 ابواب الصوم المندوب ب 1 ح
17، واوردها في الكافي 4: 64 / 12.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 9 ]
[... ] وعنه عليه السلام في قول الله عزوجل:
(واستعينوا بالصبر والصلاة) (1) قال: (يعني
بالصبر الصوم) وقال: (إذا نزلت بالرجل
النازلة والشدة فليصم فإن الله عزوجل
يقول: (واستعينوا بالصبر والصلاة) (2). وأعظم
الصيام أجرا صوم شهر رمضان، فروي عن أمير
المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: (قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام شهر
رمضان إيمانا واحتسابا وكف سمعه وبصره
ولسانه عن الناس قبل الله صومه وغفر له ما
تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطاه ثواب
الصابرين) (3). وروى ابن بابويه في الصحيح،
عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام: (إن
النبي صلى الله عليه وآله لما انصرف من
عرفات وسار إلى منى دخل المسجد فاجتمع
الناس يسألونه عن ليلة القدر، فقام صلى
الله عليه وآله خطيبا فقال بعد الثناء على
الله عزوجل: أما بعد فإنكم سألتموني عن
ليلة القدر ولم أطوها عنكم لاني لم أكن بها
عالما، اعلموا أيها الناس إنه من ورد عليه
شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام
وردا من ليله وواظب على صلاته وهجر إلى
جمعته وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر
وفاز بجائزة الرب عزوجل) وقال أبو عبد الله
عليه السلام: (فاز والله بجوائز ليست
كجوائز العباد) (4). الثانية: روى ابن بابويه
رضي الله عنه في كتابه من لا يحضره الفقيه،
عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال: (قال الله
تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 45. (2) الفقيه 2: 45 / 201، الوسائل 7:
298 ابواب الصوم المندوب ب 2 ح 1، واوردها في
الكافي 4: 63 / 7. (3) المقنعة: 49، الوسائل 7: 118
ابواب اآداب الصائم ب 11 ح 7. (4) الفقيه 2: 60 /
257، الوسائل 7: 219 ابواب احكام شهر رمضان ب 18
ح 1. (5) الفقيه 2: 44 / 198، الوسائل 7: 292 ابواب
الصوم المندوب ب 1 ح 16.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 10 ]
[... ] وروى الكليني نحو ذلك عن أبي الصباح
الكناني عن الصادق عليه السلام قال: (إن
الله تبارك وتعالى يقول: الصوم لي وأنا
أجزي عليه) (1). وروى الجمهور عن النبي صلى
الله عليه وآله أنه قال: (قال الله تبارك
وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه

لي وأنا أجزى به) (2). وأورد هنا سؤال مشهور،
وهو أن كل الاعمال الصالحة لله فما وجه
تخصيص الصوم بأنه له تبارك وتعالى دون
غيره؟ وأجيب بوجوه: الاول: إنه اختص بترك
الشهوات والملاذ في الفرج والبطن، وذلك
أمر عظيم يوجب التشريف. وعورض بالجهاد فإن
فيه ترك الحياة فضلا عن الشهوات، وبالحج
إذ فيه الاحرام ومحظوراته كثيرة. الثاني:
إن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بوساطة
ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع، ولذلك قال
عليه السلام: (لا تدخل الحكمة جوفا " ملئ
طعاما) (3) وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول
المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال
النفس الانسانية. ورد بأن سائر العبادات
إذا واظب عليها المكلف أورثت ذلك خصوصا
الصلاة، قال الله عزوجل: (والذين جاهدوا
فينا لنهدينهم سبلنا) (4) وقال تعالى: (اتقوا
الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 63 / 6، الوسائل 7: 290 ابواب الصوم
المندول ب 1 ح 7. (2) صحيح البخاري 3: 34، صحيح
مسلم 2: 806 / 161. (3) غوالي اللالي 1: 425 / 111. (4)
العنكبوت: 69.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 11 ]
[... ] ويجعل لكم نورا تمشون به) (1). الثالث:
إن الصوم أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه
فلذلك شرف، بخلاف الصلاة والحج والجهاد
وغيرها من الاعمال، وعورض بأن الايمان
والاخلاص وأفعال القلب خفية مع أن الحديث
متناول لها، ويمكن دفعه بتخصيص الاعمال
بأفعال الجوارح لانها المتبادر من اللفظ.
وقال بعض المحققين: هب أن كل واحد من هذه
الاجوبة مدخول بما ذكر فلم لا يكون
مجموعها هو الفارق؟ فإن هذه الامور
المذكورة لا تجتمع في غير الصوم. الثالثة:
في علة فرض الصيام، روى ابن بابويه - رضي
الله عنه - في كتاب من لا يحضره الفقيه في
الصحيح، عن هشام بن الحكم: أنه سأل أبا عبد
الله عليه السلام عن علة الصيام فقال:
(إنما فرض الله تعالى الصيام ليستوي به
الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد
مس الجوع فيرحم الفقير، لان الغني كلما
أراد شيئا قدر عليه، فأراد الله عزوجل أن
يسوي بين خلقه، وأن يذيق الغني مس الجوع
والالم ليرق على الضعيف ويرحم الجائع) (2).
وعن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام
أنه قال: (جاء نفر من اليهود إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن
مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: لاي شي
فرض الله عزوجل الصوم على أمتك بالنهار
ثلاثين يوما، وفرض على الامم أكثر من ذلك؟
فقال النبي صلى الله عليه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الحديد: 28. (2) الفقيه 2: 43 / 192، الوسائل 7: 2
ابواب وجوب الصيام ونيته ب 1 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 12 ]
[... ] وآله: إن آدم عليه السلام لما أكل من
الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله
على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش،
والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل
عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله ذلك
على أمته (1) ثم تلا هذه الاية: (كتب عليكم
الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون أياما معدودات) (2) قال اليهودي: صدقت
يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي
صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر
رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى
له سبع خصال: أولها يذوب الحرام من جسده،
والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل،
والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه،
والرابعة يهون عليه سكرات الموت،
والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم
القيامة، والسادسة يعطيه الله براءة من
النار، والسابعة يطعمه الله من طيبات
الجنة. قال: صدقت يا محمد) (3). والرابعة: في
آداب الصائم، روى الكليني في الحسن، عن
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام،
قال: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك
وجلدك) وعدد أشياءا غير هذا وقال: (لا يكون
يوم صومك كيوم فطرك) (4). وعن جراح المدائني،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إن
الصيام ليس من الطعام والشراب وحده) ثم
قال: (قالت مريم: إني نذرت للرحمن صوما أي
صمتا، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا
أبصاركم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا) قال:
(وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة
تسب جاريتها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى
الله عليه وآله بطعام فقال
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كذا، وفي المصدر: امتي. (2) البقرة: 183. (3)
الفقيه 2: 43 / 195، علل الشرائع: 378 / 1، مجالس
الصدوق: 162 / 1، الخصال: 346 / 14، الوسائل 7: 172
ابواب احكام شهر رمضان ب 1 ح 4. (4) الكافي 4: 87
/ 1، الوسائل 7: 116 ابواب آداب الصائم ب 11 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 13 ]
[... ] لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال: كيف
تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، إن الصوم

ليس من الطعام والشراب) قال، وقال أبو عبد
الله عليه السلام: (إذ صمت فليصم سمعك
وبصرك من الحرام والقبيح، ودع المراء وأذى
الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل
يوم صومك كيوم فطرك) (1). وعن جابر، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: (قال رسول الله صلى
الله عليه وآله لجابر بن عبد الله: يا جابر
هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وردا من
ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من
ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يارسول
الله ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: يا جابر وما أشد هذه
الشروط!) (2). وعن مسعدة بن صدقة، عن آبائه
عليهم السلام، قال: (قال النبي صلى الله
عليه وآله: ما من عبد صالح صائم يشتم فيقول:
إني صائم سلام عليك لا اشتمك كما تشتمني
إلا قال الرب تبارك وتعالى: استجار عبدي
بالصوم من شر عبدي [ و ] (3) قد أجرته من
النار) (4). وفي الحسن عن حماد بن عثمان
وغيره، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد في شهر رمضان
بليل ولا نهار) فقال له إسماعيل: يا ابتاه
فإنه فينا؟ قال: (وإن كان فينا) (5). وعن أبي
يزيد، عن حصيص، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (قال أمير المؤمنين صلوات
الله عليه: عليكم في شهر رمضان بكثرة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 87 / 3، الوسائل 7: 116 ابواب آداب
الصائم ب 11 ح 3. (2) الكافي 4: 87 / 2، الوسائل 7:
116 ابواب اداب الصائم ب 11 ح 2. (3) اثبتناه من
(ض) و (ح). (4) الكافي 4: 8 / 5، الوسائل 7: 120 ابواب
آداب الصائم ب 12 ح 2. (5) الكافي 4: 88 / 6،
الوسائل 7: 121 ابواب آداب الصائم ب 13 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 14 ]
[... ] الاستغفار والدعاء: فأما الدعاء
فيدفع به عنكم البلاء، وأما الاستغفار
فيمحا (1) ذنوبكم) (2). الخامسة: صوم شهر رمضان
واجب بالكتاب والسنة والاجماع، قال الله
عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم
الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون أياما معدودات - إلى قوله - فمن شهد
منكم الشهر فليصمه) (3). واختلف في الايام
المعدودات، فقيل إنها غير شهر رمضان وكانت
ثلاثة أيام من كل شهر (4). وقيل: هي مع صوم
عاشوراء (5). ثم اختلفوا أيضا، فقيل: كان
تطوعا (6)، وقيل: بل كان واجب (7)، واتفقوا
على أنه نسخ بصوم رمضان، وذهب الاكثر إلى
أن المراد بها صوم شهر رمضان، أجمل الله
تعالى أولا ذكر الصيام، ثم بينه بعض
البيان بقوله: (أياما معدودات) ثم كمل
البيان بقوله: (شهر رمضان) فالاية منسوخة.
وقيل أول ما فرض صوم شهر رمضان لم يكن
واجبا مخيرا بينه وبين الفدية وكان الصوم
أفضل (8)، وذلك قوله تعالى: (وعلى الذين
يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا "
فهو خير له وأن تصوموا خير لكم) (9) ثم نسخ
بقوله: (فمن فشهد منكم الشهر فليصمه). وقيل،
إن معناه: وعلى الذين كانوا يطيقونه ثم
صاروا بحيث لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كذا، وفي الكافي: فيمحى، وفي الوسائل:
فتمحى به، وهو الانسب. (2) الكافي 4: 88 / 7،
الوسائل 7: 223 ابواب احكام شهر رمضان ب 18 ح 11.
(3) البقرة: 185 183. (4، 5، 6، 8) نقل هذه الاقوال
بتمامها في التفسير الكبير 5: 78، وروح
المعاني 2: 57. (9) البقرة: 184.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 15 ]
[... ] يطيقونه (1) (2) وعلى هذا فلا نسخ. وأما
السنة فمتواترة. واما الاجماع فمن
المسلمين كافة. واختلف في رمضان، فقيل: إنه
اسم من أسماء الله تعالى (3). وعلى هذا فمعني
شهر رمضان: شهر الله، وقد ورد ذلك في عدة
أخبار، منها ما رواه الكليني في الصحيح،
عن هشام بن سالم، عن سعد، عن أبي جعفر عليه
السلام، قال: كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا
رمضان فقال: (لا تقولوا هذا رمضان، ولا ذهب
رمضان، ولا جاء رمضان، فإن رمضان اسم من
أسماء الله عزوجل لا يجئ ولا يذهب، وإنما
يجئ ويذهب الزائل، ولكن قولوا: شهر رمضان
فإن الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله
عز ذكره، وهو الشهر الذى أنزل فيه القرآن
جعله مثلا وعيدا) (4). وعن غياث بن إبراهيم،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (قال
أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا تقولوا
رمضان، ولكن قولوا شهر رمضان، فإنكم لا
تدرون ما رمضان) (5). وقيل: إن رمضان علم
للشهر، كرجب وشعبان، ومنع الصرف للعلمية
والالف والنون (6). واختلف في اشتقاقه، فعن
الخليل - رحمه الله - إنه من الرمض بتسكين
الميم -: وهو مطر يأتي في الخريف يطهر وجه
الارض من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه في التفسير الكبير 5: 78، وروح
المعاني 2: 57. (2) في صلى الله عليه وآله، (م)،
(ح) زيادة: وهو المروي في اخبار اهل البيت
عليهم السلام. (3) نقله عن مجاهد في التفسير
الكبير 5: 91. (4) الكافي 4: 69 / 2، الوسائل 7: 232
ابواب احكام شهر رمضان ب 19 ح 2. (5) الكافي 4: 69

/ 1، الوسائل 7: 231 ابواب احكام شهر رمضان ب 19
ح 1. (6) المصباح المنير: 238.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 16 ]
[ فهى اماركن فيه واما شرط في صحته، وهى
بالشرط اشبه. ] الغبار، سمي الشهر بذلك
لانه يطهر الارض عن أوضار الاوزار (1). وقيل
من الرمض، يعني شدة الحر من وقع الشمس (2).
وقال الزمخشري في الكشاف: الرمضان مصدر
رمض إذا احترق من الرمضاء، سمي بذلك إما
لارتماضهم فيه من حر الجوع، كما سموه
ناتقا، لانه كان ينتقهم، أي يزعجهم بشدته
عليهم، أو لان الذنوب ترمض فيه، أي تحترق
(3). وقيل إنما سمي بذلك لان الجاهلية كانوا
يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم
في شوال قبل دخول الاشهر الحرم (4). وقيل
إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة
القديمة سموها بالازمنة التي وقعت فيها،
فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسميت بذلك
(5). قوله: (فهي إما ركن فيه وإما شرط في
صحته، وهي بالشرط أشبه). المراد بالركن:
الجزء الاقوى الذي منه الماهية، وبالشرط:
الامر الخارج الذي يلزم من عدم المشروط.
ولا ريب بالشرط أشبه كما ذكره المصنف رحمه
الله، لان المتبادر من معنى الصوم في الغة
والشرع أنه الامساك مطلقا "، أو الامساك
المخصوص، فتكون النية خارجة عن حقيقته،
ولان النية تتعلق بالصوم فلا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه عنه في التفسير الكبير 5: 91 ولم
يذكره في كتاب العين بل قال: الرمضان: شهر
الصوم راجع العين 7: 39. (2) حكاه في التفسير
الكبير 5: 91. (3) الكشاف 1: 227 226. (4) حكاه عن ابن
السكيت في الجامع لاحكام القرآن 2: 291. (5)
قال به الفيروز آبادي في القاموس المحيط 2:
345، والقرطبي في الجامع لاحكام القرآن 2: 291.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 17 ]
[ ويكفى في رمضان ان ينوى انه يصوم متقربا
الى الله. ] تكون جزءا منه، وإلا لزم تعلق
الشئ بنفسه. والامر في ذلك هين لان القدر
المطلوب وهو اعتبار النية في الصوم بحيث
يبطل بالاخلال بها عمدا وسهوا ثابت على كل
من التقديرين، ولو أطلق على النية اسم
الركن بهذا الاعتبار صح وإن كانت خارجة عن
المنوي كما فعله العلامة وجماعة في نية
الصلاة، فإنهم أطلقوا عليها اسم الركن مع
اعترافها بخروجها عن الماهية (1). قوله:
(ويكفي في رمضان أنه يصوم متقربا إلى الله).
لا ريب في الاكتفاء بذلك لما بيناه مرارا "
من أن المعتبر من النية قصد الفعل طاعة لله
عزوجل، وإن ما عدا ذلك من القيود لا دليل
على اعتباره. واستدلال عليه في المعتبر
أيضا بقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر
فليصمه) قال: فإذا حصل مع نية التقرب فقد
حصل الامتثال، وكان ما زاد منفيا (2). قال
الشهيد في البيان: ولو أضاف التعيين إلى
القربة والوجوب في شهر رمضان فقد زاد
خيرا، والاقرب استحبابه، أما التعرض
لرمضان هذه السنة فلا يحتسب ولا يضر، ولو
تعرض لرمضان سنة معينة في غيرها فإن كان
غلطا لغا وإن تعمد فالوجه البطلان (3).
ويمكن المناقشة في البطلان مع العمد لحصول
الامساك مع نية التقرب فيحصل الامتثال
ويلغو الزائد، مع أن هذه النية لا معنى لها
فإنها إنما تقع على سبيل التصور لا التصديق
كما لا يخفى. فرع: المتوخي لشهر رمضان
كالمحبوس الذي لا يعلم الاهلة هل يشترط في
صومه التعيين؟ فيه أوجه، ثالثها أنه إن
وجب التحري وتحصيل
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التحرير 1: 37. (2) المعتبر 2: 644. (3) البيان:
224.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 18 ]
[ وهل يكفى ذلك في النذر المعين؟ قيل: نعم،
وقيل: لا، وهو الاشبه. ] الامارة التي يغلب
معها الظن الشهر لم يجب التعيين، وإلا وجب.
ولا بأس به. قوله: (وهل يكفي ذلك في النذر
المعين؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الاشبه).
القول بالاكتفاء بذلك منقول عن السيد
المرتضى رضي الله عنه (1)، وابن إدريس (2)،
وقواه في المنتهى (3). وهو المعتمد، لانه
زمان تعين بالنذر للصوم فكان كشهر رمضان،
واختلافهما بأصالة التعيين وعرضيته لا
يقتضي اختلافهما في هذا الحكم. والقول
بافتقاره إلى التعيين للشيخ (4) وجماعة،
واستقر به في المختلف (5)، واستدل عليه بأنه
زمان لم يعينه الشارع في الاصل للصوم
فافتقر إلى التعيين كالنذر المطلق، وبأن
الاصل وجوب التعيين، إذ الافعال إنما تقع
على الوجوه المقصودة، ترك ذلك في شهر
رمضان لانه زمان لا يقع فيه غيره، فيبقى
الباقي على أصالته، وضعف الليلين ظاهر.
أما الاول فلانه مصادرة على المطلوب،
وإلحاقه بالنذر المطلق قياس مع الفارق.
وأما الثاني فلمنع أصالة الوجوب، ولان
الوجه الذي لاجله ترك العمل بالاصل الذي
ذكره في صوم شهر رمضان آت في النذر المعين،
فإنه إن أريد

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) رسائل المرتضى 1: 441. (2) السرائر: 83. (3)
المنتهى 2: 557. (4) الخلاف 1: 375، والمبسوط 1: 277،
والجمل والعقود (الرسائل العشر): 211. (5)
المختلف: 211.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 19 ]
[ ولا بد فيما عداهما من نية التعيين، وهو
القصد إلى الصوم المخصوص. ] بعدم وقوع غيره
فيه استحالته عقلا " كان منفيا فيهما، وإن
أريد امتناعه شرعا كان ثابتا كذلك. وذكر
الشارح - قدس سره - أن من قال بوجوب التعيين
هنا يلزمه اعتبار الوجوب لاتحادهما في
المأخذ (1). وهو غير جيد، لعدم التلازم
بينهما كما اعترف به هو - رحمه الله - في
مواضع من كتبه (2). وهل يلحق بالنذر المعين
المنذور المطلق إذا نذر تعيينه؟ قيل: لا،
لان غيره من الازمنة صالح لوقوعه فيه،
وإنما أفاد النذر فوريته خاصة، فكان
كالواجب المطلق (3). وقيل: نعم، وقيل: نعم،
لانه زمان تعين بالنذر وامتنع وقوع غير
ذلك المعين فيه فصار كالمتعين ابتداءا في
انصراف المطلق إليه (4). وربما بني الوجهان
على تفسير المعين، فإن فسر بأنه الفعل
الذي إذا فات عن محله صار قضاءا لم يكن
معينا، وإن فسر بأنه الفعل الذي لا يجوز
تأخيره عن ذلك الزمان الذي تعلق به كان
معينا. وهو مبنى ضعيف لعدم دوران الحكم مع
هذا اللفظ ليرجع إلى تفسيره. والاصح
مساواته للمعين ابتداءا، لان هذا القدر من
التعيين كاف في انصراف المطلق إليه. وكذا
الوجهان فيما لو تضيق القضاء بتضيق شهر
رمضان، بل يمكن السحابهما في قضاء شهر
رمضان إذا لم يكن في ذمة المكلف صوم واجب
سواه، وقلنا بامتناع المندوب ممن في ذمته
واجب. قوله: (ولابد فيما عداهما من نية
التعيين، وهو القصد إلى
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 69. (2) الروضة 2: 108. (3) قال به
العلامة في المنتهى 2: 557.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 20 ]
[ فلو اقتصر على نية القربة وذهل عن تعيينه
لم يصح. ولابد من حضورها عند اول جزء من
الصوم أو تبييتها مستمرا على حكمها. ولو
نسيها ليلا جددها نهارا ما بينه وبين
الزوال. ولو زالت الشمس ] الصوم المخصوص،
فلو اقتصر على نية القربة وذهل عن تعيينه
لم يصح. المراد أنه لابد فيما عدا صوم شهر
رمضان والنذر المعين - إن ألحقناه به - من
نية التعيين، وهو القصد إلى الصوم المخصوص
كالقضاء والنذر والكفارة والنافلة، لانه
زمان لا يتعين فيه صوم مخصوص فلا يتعين إلا
بالنية. قال في المعتبر: وعلى ذلك فتوى
الاصحاب (1). واستثنى الشهيد في البيان
الندب المتعين كأيام البيض فألحقه بالصوم
المعين في عدم افتقاره إلى التعيين (2).
ونقل عنه في بعض تحقيقاته أنه ألحق
المندوب مطلقا بالمتعين لتعينه شرعا في
جميع الايام إلا ما استثني. واستحسنه جدي -
قدس سره - في الروضة (3). ولا بأس به خصوصا مع
براءة ذمة المكلف من الصوم الواجب. واعلم
أن الشيخ - رحمه الله - في المبسوط اكتفى
بنية التعيين عن القربة، لانها لا تنفك
عنها (4). قال المصنف في المعتبر: وفيه ضعف،
لانهما أمران متغايران يجوز قصد أحدهما مع
الغفول عن الاخر (5). قوله: (ولا بد من حضورها
عند أول جزء من الصوم أو تبييتها مستمرا
على حكمها. ولو نسيها ليلا جددها نهارا ما
بينه وبين زوال
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 644. (2) البيان: 223. (3) الروضة 2:
108. (4) المبسوط 1: 278. (5) المعتبر 2: 645.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 21 ]
[ فات محلها، واجبا كان الصوم أو ندبا.
وقيل: يمتد وقتها إلى الغروب لصوم
النافلة، والاول اشهر. ] الشمس، فلو زالت
الشمس فات محلها، واجبا كان الصوم أو
ندبا، وقيل: يمتد وقتها إلى الغروب لصوم
النافلة، والاول أشهر) المراد بحضور النية
عند أول جزء من الصوم وقوعها في آ خر جزء من
الليل، وتبييتها وقوعها قبل ذلك في أثناء
الليل. وإنما وجب ذلك لان الاخلال بكلا
الامرين عمدا يقتضي مضي جزء من الصوم بغير
نية فيفسد لانتفاء شرطه والصوم لا يتبعض.
ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل أنه حتم تبييت
النية. وربما كان لتعذر المقارنة، فإن
الطلوع لا يعلم إلا بعد الوقوع فتقع النية
بعده (1). وعن ظاهر ابن الجنيد جواز تجديد
النية في القرض وغيره بعد الزوال مع الذكر
والنسيان (2). والظاهر أن مراده بالفرض غير
المعين. وعن المرتضى - رضي الله عنه - أنه
أطلق أن وقت النية في الصيام الواجب من قبل
طلوع الفجر إلى قبل زوال الشمس (3). والظاهر
أن مراده ما يتناول وقت الاختيار
والاضطرار، وإن كان مراده الاطلاق فلا ريب
في ضعفه. وأما جواز تجديد النية إلى الزوال
مع النسيان بمعنى أن وقتها يمتد إليه لكن
تجب المبادرة بها بعد الذكر على الفور

فظاهر المصنف في المعتبر والعلامة في
التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق بين
الاصحاب (4). واستدلوا عليه بما روي أن ليلة
الشك أصبح الناس فجاء أعرابي إلى النبي
صلى الله عليه وآله فشهد برؤية الهلال،
فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا
ينادي: من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1، 2) حكاه عنه في المختلف: 212. (3) نقله عنه
في المختلف: 212. (4) المعتبر 2: 645، والتذكرة 1:
256، والمنتهى 2: 558.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 22 ]
[... ] لم يأكل فليصم، ومن أكل فليمسك (1). قال
في المنتهى: وإذا جاز مع العذر وهو الجهل
بالهلال جاز مع النسيان (2). ويمكن أن يستدل
عليه بفحوى ما دل على انعقار الصوم من
المريض والمسافر إذا زال عذرهما قبل
الزوال، وأصالة عدم اعتبار تبييت النية مع
النسيان. ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل أنه
ساوى بين الناسي والعامد في بطلان الصوم
مع الاخلال بالنية من الليل (3). وهو نادر.
ولم يذكر المصنف هنا حكم الواجب الذي ليس
بمعين كالقضاء والنذر المطلق صريحا، وقد
قطع الاصحاب بأن وقت النية فيه يستمر من
الليل إلى الزوال إذا لم يفعل المنافي
نهارا. وتدل عليه روايات كثيرة، منها ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن
الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام: في
الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار
في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان وإن
لم يكن نوى ذلك من الليل، قال: (نعم ليصمه
وليعتمد به إذا لم يكن أحدث شيئا) (4). وفي
الصحيح عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه
السلام، قال: (قال علي عليه: إذا لم يفرض
الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن
يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو
بالخيار إن شاء صام
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) لم نعثر في مصادر العامة والخاصة على
هذه الرواية، ولكنها موجودة في المعتبر 2:
646. (2) المنتهى 2: 558. (3) حكاه عنه في المختلف:
212. (4) التهذيب 4: 186 / 522، الوسائل 7: 4 ابواب
وجوب الصوم ونيته ب 2 ح 2، والرواية في
التهذيب غير مسندة إلى الامام وبتفاوت،
ولكنها مسندة ومطابقة في الكافي 4: 122 / 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 23 ]
[... ] وإن شاء أفطر) (1). وفي الحسن عن الحلبي،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت: إن
رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار قال: (نعم)
(2). وفي الصحيح عن هشام بن سالم، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (كان أمير المؤمنين
عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول: عندكم شئ
وإلا صمت، فإن كان عندهم شئ أتوه به وإلا
صام) (3). قال المصنف في المعتبر (4): وإنما
قدرناه بنصف النهار، لان الصوم الواجب يجب
أن يأتي به من أول النهار أو بنية تقوم مقام
الاتيان به من أوله، وقد روي أن من صام قبل
الزوال حسب له يومه، روى ذلك هشام بن سالم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت له:
الرجل يصبح لا ينوي الصوم فإذا تعالى
النهار حدث له رأي في الصوم فقال: (إن هو
نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه،
وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي
نوى فيه) (5)، وأيد ذلك ما رواه عمار
الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان يريد أن
يقضيها متى ينوي الصيام؟ قال: (هو بالخيار
إلى زوال الشمس، فإذا زالت فإن كان قد نوى
الصوم فليصم، وإن كان نوى الافطار فليفطر)
سئل: فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي
الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: (لا) (6). وقال
ابن الجنيد: ويستحب للصائم فرضا وغير فرض
أن يبيت الصيام
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 187 / 525، الوسائل 7: 5 ابواب وجوب
الصوم ونيته ب 2 ح 5. (2) الكافي 4: 121 / 1،
الوسائل 7: 4 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 2 ح 1.
(3) التهذيب 4: 188 / 531، الوسائل 7: 6 ابواب وجوب
الصوم ونيته ب 2 ح 7. (4) المعتبر 2: 647. (5)
التهذيب 4: 188 / 528، الوسائل 7: 6 ابواب وجوب
الصوم ونيته ب 2 ح 8. (6) التهذيب 4: 280 / 847،
الاستبصار 2: 121 / 394، الوسائل 7: 6 ابواب وجوب
الصوم ونيته ب 2 ح 10
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 24 ]
[... ] من الليل لما يريده به، وجائز أن
يبتدئ بالنية وقد بقى بعض النهار ويحتسب
به من واجب إذا لم يكن إحدث ما ينقض
الصيام، ولو جعله تطوعا كان أحوط (1).
وإطلاق كلامه يقتضي جواز تجديد النية بعد
الزوال أيضا، وله شواهد من الاخبار كصحيحة
عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا الحسن
موسى عليه السلام عن الرجل يصبح ولم يطعم
ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من
شهر رمضان، أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب
عامة النهار؟ قال: (نعم له أن يصومه ويعتد
به من شهر رمضان) (2). ومرسلة أحمد بن محمد بن
أبى نصر، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه

السلام قال، قلت له: الرجل يكون عليه
القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى
العصر، أيجوز له أن يجعله قضاء من شهر
رمضان؟ قال: (نعم) (3). وأجاب العلامة في
المختلف عن الرواية الاولى باحتمال أن
يكون قد نوى قبل الزوال، ويصدق عليه أنه
ذهب عامة النهار على سبيل المجاز. وعن
الرواية الثانية بالطعن في السند
بالارسال، وباحتمال أن يكون قد نوى صوما
مطلقا مع نسيان القضاء فجاز صرفه إليه (4).
ويمكن المناقشة في الاول بأن المتبادر من
ذهاب عامة النهار ذهاب أكثره، وهو لا
يتحقق بما قبل الزوال. وفي الثاني بأنه ليس
في شئ من الروايات دلالة على الاحتمال الذي
ذكره فلا يمكن المصير إليه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه عنه في المختلف: 212. (2) التهذيب 4: 187 /
526 و 188 / 530، الوسائل 7: 5 ابواب وجوب الصوم
ونيته ب 2 ح 6. (3) التهذيب 4: 188 / 529 و 315 / 956،
الاستبصار 2: 118 / 385، الوسائل 7: 6 ابواب وجوب
الصوم ونيته ب 2 ح 9. (4) المختلف: 212.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 25 ]
[... ] وكيف كان فالمذهب ما عليه أكثر
الاصحاب. وقد ظهر من ذلك وجه امتداد وقت
النية في صوم النافلة إلى الزوال كما هو
مذهب الاكثر، والقول بامتداده إلى الغروب
للشيخ في المبسوط (1) والمرتضى (2) وجماعة.
وقال الشيخ رحمه الله: وتحقيق ذلك أن يبقى
بعد النية من الزمان ما يمكن صومه، لا ان
يكون انتهاء النية مع انتهاء النهار. ويدل
عليه قوله عليه السلام في صحيحة هشام بن
سالم المتقدمة: (وإن نواه بعد الزوال حسب
له من الوقت الذي نوى فيه) (3). ورواية أبي
بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، قال:
(هو بالخيار ما بينه وبين العصر، وإن مكث
حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن نوى
ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء الله) (4).
وينبغي التنبيه لامور: الاول: إطلاق النص
وكلام الاصحاب يقتضي الاكتفاء بوقوع
النية في أي وقت كان من الليل، وقال بعض
العامة: إنما تصح النية في النصف الثاني
دون الاول (5). ولاريب في بطلانه. ونقل عن
ابن الجنيد أنه جوز تقديم النية وقد بقي
بعض النهار وإن كان الصوم واجبا (6). وهو
ضعيف.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 278. (2) الانتصار: 60. (3) في ص 23. (4)
الكافي 4: 122 / 2، الفقيه 2: 55 / 242، المقنع: 63،
الوسائل 7: 7 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 3 ح 1.
(5) منهم الفيروز آبادي في المهذب 1: 180،
والبكري في حاشية اعانة الطالبين 2: 222. (6)
حكاه عنه في المختلف: 212.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 26 ]
[... ] الثاني: لا تبطل النية بفعل ما ينافي
الصوم بعدها قبل طلوع الفجر سواء في ذلك
الجماع وغيره. وجزم الشهيد في البيان بعدم
بطلانها بالتناول ثم قال: وفي الجماع وما
يبطل الغسل تردد، من أنه مؤثر في صيرورة
المكلف غير قابل للصوم فيزيل حكم النية،
ومن حصول شرط الصحة وزوال المانع بالغسل
(1). ولا يخفى ضعف الوجه الاول من وجهي
التردد فإنه مجرد دعوى خالية من الدليل.
الثالث: لو أخل بالنية ليلا في المعين عمدا
فسد صومه، لفوات الشرط ووجب القضاء، وهل
تجب الكفارة؟ قيل: نعم، وحكاه في البيان عن
بعض مشايخه، نظرا إلى أن فوات الشرط والركن
أشد من فوات متعلق الامساك (2). وقيل: لا، وبه
قطع في المنتهى، لاصالة البراءة السالمة
من المعارض (3). وهو قوي. الرابع: لو نوى
الليل صوما غير معين ثم نوى الافطار ولم
يفطر كان له تجديد النية بعد ذلك بناءا على
أن ذلك مفسد للصوم، كما لو أصبح بنية
الافطار ثم جدد النية بعد ذلك. ويحتمل
العدم، لفساد الصوم بذلك كما هو المفروض.
ولاريب في ضعفه. الخامس: لو جدد النية في
أثناء النهار فهل يحكم له بالصوم الشرعي
المثاب عليه من وقت النية أو من ابتداء
النهار أو يفرق بين ما إذا وقعت النية بعد
الزوال أو قبله؟ أوجه، أجودها الاخير،
لقوله عليه السلام في صحيحة هشام بن سالم
المتقدمة: (إن هو نوى الصوم قبل أن تزول
الشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال
حسب له من الوقت الذي نوى فيه) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البيان: 227. (2) البيان: 225. (3) المنتهى 2: 558.
(4) في ص 23.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 27 ]
[ وقيل: يختص رمضان بجواز تقديم نيته عليه،
ولو سها عند دخوله فصام كانت النية الاولى
كافية. ] قوله: (وقيل يختص رمضان بجواز
تقديم نيته عليه، ولو سها عند دخوله فصام
كانت النية الاولى كافية). القائل بذلك
الشيخ في الخلاف والنهاية والمبسوط (1)،
ونقله في الخلاف عن الاصحاب، وصرح بجواز
تقديمها بيوم وأيام. قال المصنف في
المعتبر بعد أن عزى ذلك إلى الشيخ، وذكر

أنه لم يذكر مستندا: ولعل ذلك لكون
المقارنة غير مشروطة، وكما جاز أن يتقدم
من أول ليلة الصوم وإن يعقبها النوم
والاكل والشرب والجماع جاز أن يتقدم على
تلك الليلة بالزمان المقارب، كاليومين
والثلاثة، لكن هذه الحجة ضعيفة، لان
تقديمه في أول ليلة الصوم مستفاد من قوله
عليه السلام: (من لم يبيت نية الصوم من
الليل فلا صيام له) (2) ولان إيقاعها قبل
الفجر بحيث يكون طلوعه عند إكمال النية
عسر فينتفي، وليس كذلك التقدم بالايام،
ولان الليلة متصلة باليوم اتصال أجزاء
النهار بخلاف الايام (3)، وهو جيد. والاصح
عدم الاكتفاء بالعزم المتقدم، لان من شرط
النية المقارنة للمنوي، خرج من ذلك تقديم
نية الصوم من الليل بالنص والاجماع فيبقى
الباقي. واعلم أن الشيخ - رحمه الله - صرح في
النهاية والمبسوط بأن العزم السابق إنما
يجزي مع السهو عن تجديد النية عند دخول
الشهر (4). بل قال
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخلاف 1: 376، والنهاية: 151، والمبسوط 1:
276. (2) سنن البيهقي 4: 213 بتفاوت يسير. (3)
المعتبر 2: 649. وفيه: آخر، بدل: اجزاء. (4)
النهاية: 151، والمبسوط 1: 276.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 28 ]
[ وكذا قيل: تجزى نية واحدة لصيام الشهر
كله. ] الشهيد في البيان: ولو ذكر عند دخول
الشهر لم يجز العزم السابق قولا واحدا (1).
وهذا التفصيل من مضعفات هذا القول، فإن
المقارنة إن لم تكن معتبرة وجب الاكتفاء
بالعزم السابق مطلقا، وأن كانت معتبرة لم
يكن معتدا به كذلك، فالتفصيل لا وجه له.
قوله: (وكذا قيل: تجزي نية واحدة لصيام
الشهر كله). القائل بذلك الشيخ (2)،
والمرتضى (3)، وأبو الصلاح (4)، وسلار (5)،
وابن إدريس (6)، وغيرهم، قال المرتضى - رضي
الله عنه - في المسائل الرسية: تغني النية
الواحدة في ابتداء شهر رمضان عن تجديدها
في كل ليلة، وهو المذهب الصحيح الذي عليه
إجماع الامامية، ولا خلاف بينهم فيه، ولا
رووا خلافه. ثم اعترض نفسه بأنه كيف تجزي
النية في جميع الشهر وهي متقدمة في أول
ليلة منه. وأجاب بأنها تؤثر في الشهر كله
كما تؤثر في اليوم كله وإن وقعت في
ابتدائه، ولو اشترط في تروك الافعال في
زمان الصوم مقارنة النسة لها لوجب تجديد
النية في كل حال من زمان كل يوم من شهر
رمضان، لانه في هذه الاحوال كلها تارك لما
يوجب كونه مفطرا "، وقد علمنا أن استمرار
النية طول النهار غير واجب، وأن النية قبل
طلوع الفجر كافية مؤثرة في كون تروكه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البيان: 227. (2) النهاية: 151، والمبسوط 1:
276، والاقتصاد: 287. (3) الانتصار: 61. (4) الكافي
في الفقه: 181. (5) المراسم: 96. (6) السرائر: 84.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 29 ]
[... ] المستمرة طول النهار صوما، فكذا نقول
في النية الواحدة إذا فرضنا أنها لجميع
شهر رمضان أنها مؤثرة شرعا في صيام جميع
أيامه وإن تقدمت (1). انتهى كلامه رحمه الله.
ورده المصنف في المعتبر بأنه قياس محض فلا
يتمشى على أصولنا، قال: لكن علم الهدى إدعى
على ذلك الاجماع، وكذلك الشيخ أبو جعفر،
والاولى تجديد النية لكل يوم في ليلته،
لانا لا نعلم ما ادعياه من الاجماع (2). ولا
ريب في أولوية ذلك، لان كل يوم عبادة
منفردة عن الاخرى لا يفسد بفساد ما قبله
ولا بما بعده، فيفتقر إلى نية متصلة به
حقيقة أو حكما كغيره من العبادات. تنبيهات:
الاول: قال في المنتهى: لو قلنا بالاكتفاء
بالنية الواحدة فإن الاولى تجديدها بلا
خلاف (3). واستشكله الشارح - قدس سره - من حيث
إن القائل بالاكتفاء بالنية الواحدة
للشهر يجعله عبادة واحدة، ومن شأن العبادة
الواحدة أن لا يجوز النية على أجزائها (4).
وهو مدفوع بانتفاء ما يدل على امتناع
تفريق النية على أجزاء العبادة، خصوصا مع
انفصال بعضها من بعض كموضع النزاع. الثاني:
قال في المنتهى أيضا: لو فاتته النية من أول
الشهر لعذر وغيره هل يكتفى بالنية في ثاني
ليلة أو ثالث ليلة للباقي من الشهر؟ فيه
تردد، أما إن قلنا بعدم الاكتفاء في الاول
قلنا به ها هنا، وإن قلنا بالاكتفاء هناك
فالاولى الاكتفاء هنا، لان النية الواحدة
قد كانت مجزية عن الجميع فعن البعض
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) رسائل المرتضى: 355. (2) المعتبر 2: 649. (3)
المنتهى 2: 560. (4) المسالك 1: 70.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 30 ]
[ ولا يقع في رمضان صوم غيره. ] أولى (1). وهو
جيد. واستوجه الشهيد في البيان عدم
الاكتفاء بذلك، لان شهر رمضان إما عبادة
واحدة أو ثلاثون عبادة، فلا يجوز أن يجعل
قسما آخرا (2). وضعفه ظاهر، إذا المفروض
كونه عبادة واحدة فلا وجه لتفريق النية،
لكن العبادة الواحدة لا يمتنع الاتيان

ببعضها لفوات البعض الاخر، ومتى وجب
الاتيان به تعين اعتبار النية فيه على هذا
الوجه. الثالث: قال في المنتهى أيضا: لو
دنذر شهرا معينا أو أياما معينة متتابعة
لم يكتف فيها بالنية الواحدة، أما عندنا
فلعدم النص، وأما عندهم فللفرق بين صوم لا
يقع فيه غيره وبين صوم يجوز أن يقع فيه
سواه (3). هذا كلامه رحمه الله، وكان مراده
جواز الوقوع لولا النذر، إذ لا ريب في
امتناعه بعده. وأما تعليله أولا بعدم النص
فهو مشترك بين صوم شهر رمضان وغيره. وكيف
كان فالاجود عدم الاكتفاء بالنية (4) هنا،
بل قال في الدروس إنه إجماع (5). قوله: (ولا
يقع في رمضان صوم غيره). المراد إنه لا يقع
في شهر رمضان صوم غير الصوم الواجب فيه
بالاصالة، وعلى هذا فلو أراد المسافر صومه
ندبا - إن سوغنا له الصوم المندوب - أو واجبا
بالنذر المقيد بالحضر والسفر لم يكن له
ذلك، ولا ريب في ذلك، لان العبادة وظيفة
متلقاة من الشارع فيتوقف على النقل، ولم
يثبت التعبد في شهر رمضان بصوم سوى الصوم
الواجب فيه بالاصالة، فيكون فعله بدعة
محرمة. ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحسن بن
بسام الجمال، عن رجل قال:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 560. (2) البيان: 227. (3) المنتهى 2:
560. (4) في (م) زيادة: الواحدة. (5) الدروس: 70.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 31 ]
[ ولو نوى غيره واجبا كان أو ندبا اجزأ عن
رمضان دون ما نواه. ] كنت مع أبي عبد الله
عليه السلام فيما بين مكة والمدينة في
شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان
فأفطر، فقلت له: جعلت فداك أمس كان من
شعبان وأنت صائم، واليوم من شهر رمضان
وأنت مفطر؟! فقال: (إن ذلك تطوع ولنا أن
نفعل ما شئنا، وهذا فرض وليس لنا أن نفعل
إلا ما أمرنا) (1). ونقل عن الشيخ في المبسوط
أنه جوز التطوع بالصوم من المسافر في شهر
رمضان (2). وهو ضعيف جدا، أما أولا فلما
ذكرناه من انتفاء التوقيف. وأما ثانيا
فلان الرواية التي اعتمد عليها في جواز
صيام النافلة في السفر متضمنة لعدم وقوعه
في شهر رمضان كما عرفت، فتبقى الاخبار
المانعة من وقوع الصيام في السفر (3) سليمة
عن المعارض. قوله: (ولو نوى غيره واجبا كان
أو ندبا أجزأ عن رمضان دون ما نواه). المراد
أن الحاضر إذا نوى في شهر رمضان غيره من
الصيام وقع عن رمضان دون ما نواه. وإطلاق
العبارة يقتضي عدم الفرق في ذلك بين
الجاهل بالشهر والعالم به، وبهذا التعميم
قطع في المعتبر (4). أما الوقوع عن رمضان مع
الجهالة بالشهر فالظاهر أنه موضع وفاق كما
اعترف به الاصحاب في صيام يوم الشك بنية
الندب، وسيجئ الكلام فيه. وأما مع العلم
فهو اختيار الشيخ (5) والمرتضى (6) والمصنف
هنا ظاهرا،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 236 / 693، الاستبصار 2: 103 / 335،
الوسائل 7 / 145 ابواب من يصح منه الصوم ب 12 ح
5. (2) المبسوط 1: 277. (3) الوسائل 7: 123 ابواب من
يصح منه الصوم ب 1. (4) المعتبر 2: 645. (5)
المبسوط 1: 276. (6) جمل العلم والعمل: 89.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 32 ]
[ ولا يجوز ان يردد نيته بين الواجب
والندب، بل لابد من قصد احدهما تعيينا. ]
وفي المعتبر صريحا، واستدل عليه بأن النية
المشترطة حاصلة، وهي نية القربة، وما زاد
لغو لا عبرة به، فكان الصوم حاصلا بشرطه
فيجزي عنه. ويشكل بأن من هذا شأنه لم ينو
المطلق لينصرف إلى رمضان، وإنما نوى صوما
معينا، فما نواه لم يقع، وغيره ليس بمنوي
فيفسد لانتفاء شرطه. ومن ثم ذهب ابن إدريس
إلى عدم الاجزاء مع العلم (2). ورجحه في
المختلف، للتنافي بين نية صوم رمضان ونية
غيره، ولانه منهي عن نية غيره والنهي
مفسد، ولان مطابقة النية للمنوي واجبة (3).
وهو جيد. ولا يتوجه مثل ذلك مع الجهل
لخروجه بالاجماع وحديث رفع الخطأ
والروايات المتضمنة لاجزاء صيام يوم الشك
بنية الندب عن صيام شهر رمضان (4)، وفي
بعضها تلويح بأن العلة في ذلك العذر
فيتعدى إلى غيره كما سيجئ بيانه إن شاء
الله. قوله: (ولا يجوز أن يردد نيته بين
الوجوب والندب، بل لابد من قصد أحدهما
تعيينا "). لا يخفى أن الحكم بوجوب قصد
أحدهما تعيينا مناف لما سبق من أنه يكفي في
رمضان أن ينوي أنه يصوم متقربا إلى الله،
فإنه يدل بظاهره على عدم اعتبار ملاحظة
نية الوجه، ولعل المراد أنه مع التعرض
للوجه يتعين قصد أحدهما. واحتمل الشارح
قدس سره كون المراد بالقربة ما يتناول
الطاعة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 645. (2) السرائر: 84. (3) المختلف:
214. (4) الوسائل 7: 12 ابواب وجوب الصوم ونيته ب
5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 33 ]

[ ولو نوى وجوب آخر يوم من شعبان مع الشك لم
يجزعن احدهما. ] بالفعل والوجه الذي يقع
عليه إما الوجوب أو الندب (1). وهو بعيد. ثم
إن عدم إجزاء الترديد بين الوجوب والندب
ظاهر على اعتبار الوجه لما بينهما من
التنافي، أما على الاكتفاء بالقربة
فمشكل، لان هذه الضميمة غير منافية للتقرب
فلا تكون مبطلة. ولو قلنا بصحة العبادة وإن
اشتملت على الوجه الذي لا يكون مطابقا
للواقع - كما ذكره المصنف في بعض رسائله -
كان الحكم بالصحة هنا أولى. قوله: (ولو نوى
الوجوب آخر يوم من شعبان مع الشك لم يجز عن
أحدهما). المراد أنه لو نوى الوجوب المعهود
وهو وجوب شهر رمضان - كان الصوم فاسدا، ولا
يجزئ عن رمضان لو ظهر إنه منه، ولا يحكم
بكونه مندوبا لو لم يظهر أنه كذلك، وإلى
هذا القول ذهب المعظم كالشيخ في النهاية
وكتابي الاخبار (2)، والمرتضى (3)، وابني
بابويه (4)، وأبي الصلاح (5)، وسلار (6)، وابن
البراج (7)، وابن إدريس (8)، وابن حمزة (9).
وقال ابن أبي عقيل (10) وابن الجنيد (11) أنه
يجزئه. واختاره الشيخ في الخلاف (12).
والمعتمد الاول.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 69. (2) النهاية: 151، والتهذيب 4:
182، والاستبصار 2: 79، 80. (3) رسائل الشريف
المرتضى (المجموعة الثانية): 354. (4) الصدوق
في الفقيه 2: 79، وحكاه عنهما في المختلف: 214.
(5) الكافي في الفقه: 181. (6) المراسم: 96. (7)
المهذب 1: 189، وجواهر الفقه: 478، وشرح الجمل:
198. (8) السرائر: 87. (9) الوسيلة (الجوامع
الفقهية): 683. (10، 11) حكاه عنهما في المختلف:
214. (12) الخلاف 1: 383..
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 34 ]
[... ] لنا أن إيقاع المكلف الصوم في الزمان
المحكوم بكونه من شعبان على أنه من شهر
رمضان يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه
فيكون حراما لا محالة، كالصلاة بغير
طهارة، فلا يتحقق به الامتثال. ويدل عليه
روايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: في
الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان
فقال عليه السلام: (عليه قضاؤه وإن كان
كذلك) (1). وعن سماعة، عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال: (إنما يصام يوم الشك من
شعبان، ولا تصومه من شهر رمضان) (2). وعن
محمد بن شهاب الزهري، قال: سمعت علي بن
الحسين عليهما السلام يقول: (يوم الشك
أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا أن نصومه على
أنه من شعبان، ونهينا أن نصومه على أنه من
شهر رمضان) (3). احتج الشيخ في الخلاف بإجماع
الفرقة وأخبارهم على أن من صام يوم الشك
أجزأه عن شهر رمضان ولم يفرقوا (4) - وهو
احتجاج ضعيف، لان الفرق في النص وكلام
الاصحاب متحقق كما بيناه. ولا يخفى أن نية
الوجوب مع الشك إنما تتصور من الجاهل الذي
يعتقد الوجوب لشبهته، أما العالم
بانتفائه شرعا فلا يتصور منه ملاحظة
الوجوب إلا على سبيل التصور وهو غير
النية، فإنها إنما تتحقق مع الاعتقاد كما
هو واضح.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 182 / 507، الاستبصار 2: 78 / 239،
الوسائل 7: 15 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 6 ح 1.
(2) التهذيب 4: 182 / 508، الاستبصار 2: 79 / 240،
الوسائل 7: 13 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 5 ح 4.
(3) التهذيب 4: 164 / 463، الاسبتصار 2: 80 / 243،
الوسائل 7: 16 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 6 ح 4:
بتفاوت يسير. (4) الخلاف 1: 383.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 35 ]
[ ولو نواه مندوبا اجزأ عن رمضان إذا انكشف
انه منه. ] قوله: (ولو نواه مندوبا أجزأ عن
رمضان إذا انكشف أنه منه). هذا الحكم مجمع
عليه بين الاصحاب، بل ظاهر المصمف في
المعتبر (1) والعلامة في جملة من كتبه (2) أنه
لا خلاف فيه بين المسلمين. واستدل عليه في
المعتبر بأن نية القربة كافية في الزمان
المتعين للصوم، وهي متحققة. ويدل عليه
روايات منها رواه الكليني في الصحيح، عن
سعيد الاعرج قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: إني صمت اليوم الذي يشك فيه وكان
من شهر رمضان أفأقضيه؟ فقال: (لا هو يوم
وفقت له) (3). وفي الحسن عن معاوية بن وهب
قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام: الرجل
يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان
فيكون كذلك فقال: (هو شئ وفق له) (4). وفي
الموثق عن سماعة قال: سألته عليه السلام عن
اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان، لا يدري
أهو من شعبان أو من شهر رمضان فصامه فكان
من شهر رمضان فقال: (هو يوم وفق له ولا قضاء
عليه) (5). وفي رواية أخرى لسماعة عن الصادق
عليه السلام، قال: (إنما يصام يوم الشك من
شعبان ولا يصومه من شهر رمضان، لانه قد نهي
أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك،
وإنما ينوي من الليلة أن يصوم من شعبان،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 651. (2) التذكرة 1: 257، والمنتهى
2: 561، والقواعد 1: 63. (3) الكافي 4: 82 / 4،

الوسائل 7: 12 ابواب وجوب الصوم ونيته ب 5 ح 2.
(4) الكافي 4: 82 / 3، الوسائل 7: 13 وجوب الصوم
ونيته ب 5 ح 5. (5) الكافي 4: 81 / 2، التهذيب 4: 181 /
503، الاستبصار 2: 78 / 235، الوسائل 7: 13 ابواب
وجوب الصوم ونيته ب 5 ح 6.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 36 ]
[... ] فإن كان من شهر رمضان أجزأه عنه بتفضل
الله عزوجل) (1). وعن محمد بن حكيم، قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام عن اليوم الذى يشك
فيه، فإن الناس يزعمون أنه من صامه بمنزلة
من أفطر في شهر رمضان فقال: (كذبوا، إن كان
من شهر رمضان فهو يوم وفق له، وإن كان من
غيره فهو بمنزلة ما مضى من الايام (2).
وبالجملة فهذا الحكم لا إشكال فيه، لانه
موضع نص ووفاق. وألحق الشهيدان بذلك كل
واجب معين فعل بنية الندب مع عدم علمه (3).
ولا باس به. قال الشهيد في الدروس بعد أن
حكم بتأدى رمضان بنية النفل مع عدم علمه:
ويتأدي رمضان وكل معين بنية الفرض، وغيره
بطريق أولى (4). وما ذكره - رحمه الله - غير
بعيد وإن أمكن المناقشة في الاولوية كما
بيناه مرارا. ويحتمل إجزاؤه عما نواه،
لانه كان مامورا بإيقاعه على ذلك الوجه
والامتثال يقتضى الاجزاء. واعلم أن المصنف
- رحمه الله - صرح في المعتبر بأن من صام يوم
الشك ندبا يجب عليه تجديد نية الوجوب أذا
بان أنه من رمضان في أثناء النهار (5). وهو
إنما يتم إذا اعتبرنا ذلك في صوم رمضان.
نعم لا باس باعتبار التعيين هنا وإن لم
يفتقر إليه صوم رمضان، لتعلق النية بغيره
فلا ينصرف إليه بغير نية.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 82 / 6، التهذيب 4: 182 / 508،
الاستبصار 2: 79 / 240، الوسائل 7: 13 أبواب وجوب
الصوم ونيته ب 5 ح 4. (2) الكافي 4: 83 / 8،
التهذيب 4: 181 / 502، الاستبصار 2: 77 / 234،
المقنعة: 48، الوسائل 7: 13 ابواب وجوب الصوم
ونيته ب 5 ح 7. (3) الشهيد الاول في الدروس: 70،
والشهيد الثاني في الروضة 2: 139. (4) الدروس:
70. (5) المعتبر 2: 651.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 37 ]
[ ولو صام على انه ان كان من رمضان كان
واجبا والا كان مندوبا، قيل: يجزى، وقيل:
لا يجزي وعليه الاعادة، وهو الاشبه. ] قوله:
(ولو صام على أنه كان من شهر رمضان كان
واجبا وإلا كان مندوبا "، قيل: يجزي، وقيل:
لا يجزي وعليه الاعادة، وهو الاشبه).
القولان للشيخ رحمه الله، أولهما في
المبسوط والخلاف (1)، والثاني في باقي
كتبه، واختاره ابن إدريس والمصنف وأكثر
المتأخرين، وهو المعتمد. لنا: أن صوم يوم
الشك إنما يقع على وجه الندب، ففعله على
خلاف ذلك يكون تشريعا، فلا يتحقق به
الامتثال. احتج القائلون بالاجزاء بأنه
نوى الواقع فوجب أن يجزيه. وبأنه نوى
العبادة على وجهها فوجب أن يخرج من
العهدة، أما المقدمة الاولى فلان الصوم إن
كان من شهر رمضان كان واجبا وإن كان من
شعبان كان نفلا، وأما الثانية فظاهرة.
وبأن نية القربة كافية وقد نوى القربة.
والجواب عن الاول والثانى بالمنع من كون
النية مطابقة للواقع وكون العبادة واقعة
على وجهها، فإن الوجه المعتبر هنا هو
الندب خاصة وإن فرض كون ذلك اليوم في
الواقع من شهر رمضان، فإن الوجوب إنما
يتحقق إذا ثبت دخول الشهر لا بدونه،
والوجوب في نفس الامر لا معنى له. وعن
الثالث بأنه لا يلزم من الاكتفاء في صوم
شهر رمضان بنية القربة الصحة مع إيقاعه
على خلاف الوجه المأمور به، بل على الوجه
المنهي عنه. وأجاب عنه في المعتبر أيضا بأن
نية التعيين تسقط فيما علم أنه من شهر
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 277، والخلاف 1: 383.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 38 ]
[ ولو أصبح بنية الافطار ثم بان انه من
الشهر جدد النية واجتزأ كان ذلك بعد
الزوال أمسك وعليه القضاء. ] رمضان لا فيما
لم يعلم (1). وهو حسن. ولا يخفى أن موضوع هذه
المسألة أخص من موضوع المسألة السابقة -
أعني قوله: ولا يجوز أن يردد في نيته بين
الواجب والندب - لاختصاص هذه بصوم يوم الشك
وإطلاق تلك، فما ذكره بعض الشراح من اتحاد
المسألتين وأنها مكررة (2)، ليس بجيد. قوله:
(ولو أصبح بنية الافطار ثم بان أنه من
الشهر جدد النية واجتزأ به، فإن كان ذلك
بعد الزوال أمسك وعليه القضاء). أما وجوب
تجديد النية والاجتزاء به إذا بان أنه من
الشهر قبل الزوال ولم يكن أفسد صومه فظاهر
المصنف في المعتبر (3) والعلامة في جملة من
كتبه (4) أنه موضع وفاق بين العلماء. واستدل
عليه في المعتبر بما روي أن ليلة الشك أصبح
الناس فجاء أعرابي فشهد برؤية الهلال فأمر
النبي صلى الله عليه وآله مناديا ينادي: من
لم يأكل فليصم، ومن أكل فليمسك (5)، وبأنه
صوم لم يثبت في الذمة فجاز أن ينويه قبل
الزوال كالنفل (6). ويمكن أن يستدل عليه

بفحوى ما دل على انعقاد الصوم من المريض
والمسافر إذا زال عذرهما قبل الزوال، لان
من هذا شأنه ربما كان أعذر منهما، وتعضده
أصالة عدم اعتبار تقديم النية على هذا
الوجه، وأصالة عدم وجوب قضاء هذا اليوم.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 652. (2) المسالك 1: 70، قال: وربما
قيل باتحادهما. (3) المعتبر 2: 652. (4) التذكرة
1: 256، والمنتهى 2: 561. (5) راجع ص 22. (6) المعتبر
2: 646.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 39 ]
[ فروع ثلاثة: الاول: لو نوى الافطار في يوم
من رمضان ثم جدد قبل الزوال، قيل: لا ينعقد
وعليه القضاء، ولو قيل: بانعقاده كان أشبه.
الثاني: لو عقد نية الصوم ثم نوى الافطار
ولم يفطر ثم جدد النية ] وأما وجوب الامساك
والقضاء إذا كان ذلك بعد الزوال فهو قول
الاكثر. ونقل عن ابن الجنيد أنه ساوى بين
ما قبل الزوال وما بعده في وجوب تجديد
النية والاجتزاء به إذا بقي جزء من النهار
(1). وهو ضعيف. قوله: (الاول، لو نوى الافطار
في يوم من رمضان ثم جدد قبل الزوال قيل: لا
ينعقد وعليه القضاء، ولو قيل بانعقاده كان
أشبه). القول بعدم الانعقاد ووجوب القضاء
هو المعروف من مذهب الاصحاب حتى أن
العلامة - رحمه الله - في المنتهى لم ينقل
فيه خلافا "، لان الاخلال بالنية في جزء من
الصوم يقتضي فساد ذلك الجزء لفوات شرطه
ويلزم منه فساد الكل، لان الصوم لا يتبعض
فيجب قضاؤه (2). وفي وجوب الكفارة بذلك
قولان تقدم الكلام فيهما (3). وذكر الشارح -
قدس سره - أن قول المصنف: ولو قيل بالانعقاد
كان أشبه، إنما يتجه على القول بالاجتزاء
بالنية الواحدة للشهر كله مع تقدمها، أو
على القول بجواز تأخير النية إلى قبل
الزوال اختيارا (4). وهو غير جيد، لان القول
الثاني غير متحقق، واللازم على الاول عدم
اعتبار تجديد النية مطلقا " للاكتفاء
بالنية السابقة. وكيف كان فلا ريب في ضعف
هذا القول. قوله: (الثاني، لو عقد نية الصوم
ثم نوى الافطار ولم يفطر ثم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه عنه في المختلف: 212، 214. (2) المنتهى 2:
562. (3) في ص 26. (4) المسالك 1: 70.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 40 ]
[ كان صحيحا. ] جدد النية كان صحيحا). ما
اختاره المصنف من عدم بطلان الصوم بنية
الافطار هو المشهور بين الاصحاب، ذهب إليه
الشيخ (1) والمرتضى وأتباعهما، واستدلوا
عليه بأن النواقض محصورة وليست هذه النية
من جملتها فمن ادعى كونها ناقضة فعليه
الدليل. وبأن نية الافطار إنما تنافي نية
الصوم لا حكمها الثابت بالانعقاد الذي لا
ينافيه النوم والعزوب إجماعا. وبأن النية
لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم إجماعا
فلا تتحقق المنافاة. ونقل عن أبي الصلاح
أنه جزم بفساد الصوم بذلك وجعله موجبا "
للقضاء والكفارة (2). واستقرب العلامة في
المختلف فساد الصوم بذلك وأنه موجب للقضاء
دون الكفارة، واستدل على انتفاء الكفارة
بالاصل السليم من المعارض. وعلى أنه مفسد
للصوم بأنه عبادة مشروطة بالنية وقد فات
شرطها فتبطل. وبأن الاصل اعتبار النية في
جميع أجزاء العبادة لكن لما كان ذلك مشقا
اعتبر حكمها، وهو أن لا يأتي بنية تخالفها
ولا ينوي قطعها، فإذا نوى القطع زالت
النية حقيقة وحكما فكان الصوم باطلا لفوات
شرطه. وبأنه عمل خلا من النية حقيقة وحكما
فلا يكون معتبرا في نظر الشرع، وإذا فسد
صوم جزء من النهار فسد صوم ذلك اليوم
بأجمعه، لان الصوم لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 278. (2) الكافي في الفقه: 182
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 41 ]
[ الثالث: نية الصبي المميز صحيحة وصومه
شرعي. ] يتبعض (1). وفى الادلة من الجانبين
نظر. والحق أن مرجع الخلاف في هذه المسألة
إلى أن استمرار النية في زمان الصوم هل هو
شرط أم لا؟ وقد قطع الشيخ (2) والمرتضى (3)
والمصنف في المعتبر (4) بعدم اشتراطه كما في
الاحرام. ولا بأس به، لانه الاصل وليس له
معارض يعتد به، فالمسألة محل تردد. واعلم
أن قول المصنف: لو عقد نية الصوم ثم نوى
الافطار ولم يفطر ثم جدد النية كان صحيحا،
يقتضي بظاهره أن تجديد نية الصوم بعد نية
المفطر له مدخل في الصحة، وبذلك صرح
العلامة في المنتهى فقال: قد بينا أنه لو
نوى الافطار بعد انعقاد الصوم لم يفطر
لانه انعقد شرعا فلا يخرج عنه إلا بدليل
شرعي، هذا إذا عاد ونوى الصوم أما لو لم
ينو بعد ذلك الصوم فالوجه وجوب القضاء (5).
هذا كلامه رحمه الله وهو غير جيد، لان
المقتضي للفساد عند القائل به العزم على
فعل المفطر، فإن ثبت ذلك وجب الحكم
بالبطلان مطلقا، وإلا وجب القول بالصحة
كذلك، كما أطلقه في المعتبر. والله أعلم.
قوله: (الثالث، نية الصبي المميز صحيحة

وصومه شرعي). اختلف الاصحاب في أن عبادة
الصبي هل هي شرعية بمعنى أنها مستندة إلى
أمر الشارع فيستحق عليها الثواب أو
تمرينية؟ فذهب الشيخ (6)
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 215. وفيه منتفيا بدل مشقا. (2)
الخلاف 1: 401. (3) رسائل السيد المرتضى 2: 356. (4)
المعتبر 2: 652. (5) المنتهى 2: 569. (6) المبسوط 1:
278.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 42 ]
[... ] وجماعة منهم المصنف (1) إلى الاول،
لاطلاق الامر، ولان الامر بالامر بالشئ
أمر بذلك الشئ، بمعنى أن الظاهر من حال
الامر كونه مريدا لذلك الشئ. واستقرب
العلامة في المختلف أنها تمرينية، لان
التكليف مشروط بالبلوغ، ومع انتفائه
ينتفي المشروط (2). ويمكن المناقشة في
اعتبار هذا الشرط على إطلاقه، فإن العقل
لا يأبى توجه الخطاب إلى الصبي المميز،
والشرع إنما اقتضى توقف التكليف بالواجب
والمحرم على البلوغ لحديث رفع القلم
ونحوه، أما التكليف بالمندوب وما في معناه
فلا مانع عنه عقلا ولا شرعا. وبالجملة
فالخطاب بإطلاقه متناول له، والفهم الذي
هو شرط التكليف حاصل كما هو المقدر، ومن
إدعى اشتراط ما زاد على ذلك طولب بدليله.
ويتفرع على ذلك وصف العبادة الصادرة منه
بالصحة وعدمه، فإن قلنا إنها شرعية جاز
وصفها بالصحة، لانها عبارة عن موافقة
الامر، وإن قلنا إنها تمرينية لم توصف
بصحة ولا بفساد ذكر الشارح - قدس سره - أنه
لا إشكال في صحة صومه، لان الصحة من باب
خطاب الوضع، وهو غير متوقف على التكليف
وإن كان صومه تمرينيا (3). وهو غير جيد، لان
الصحة والبطلان اللذين هما موافقة الامر
ومخالفته لا يحتاج إلى توقيف من الشارع،
بل يعرف بمجرد العقل، ككونه (4) مؤديا
للصلاة وتاركا لها فلا يكون من حكم الشرع
في شئ، بل هو عقلي مجرد كما صرح به ابن
الحاجب وغيره.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الشرائع 1: 188. (2) المختلف: 216. (3) المسالك 1:
70. (4) في (ض): لكونه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 43 ]
[ الثاني: ما يمسك عنه الصائم وفيه مقاصد:
الاول: يجب الامساك عن كل مأكول، معتادا
كان كالخبز والفواكه، أو غيره كالحصى
والبرد، وعن كل مشروب ولو لم يكن معتادا،
كمياه الانوار وعصارة الاشجار، ] قوله:
(الاول، يجب الامساك عن كل مأكول، معتادا
كان كالخبز والفواكه، أو غير معتاد كالحصى
والبرد، وعن كل مشروب ولو لم يكن معتادا،
كمياه الانوار وعصارة الاشجار). أما تحريم
المعتاد من كل مأكول ومشروب فعليه إجماع
العلماء، ويدل عليه قوله تعالى: (وكلوا
واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من
الخيط الاسود من الفجر ثم اتموا الصيام
إلى الليل) (1). وأما غير المعتاد فالمعروف
من مذهب الاصحاب تحريمه أيضا، لان تحريم
الاكل والشرب يتناول المعتاد وغيره، ولان
الصوم إمساك عما يصل إلى الجوف، وتناول
هذه الاشياء ينافي الامساك. ونقل عن السيد
المرتضى أنه قال في بعض كتبه: إن ابتلاع
غير المعتاد كالحصاة ونحوها لا يفسد الصوم
(2). وحكاه في المختلف عن ابن الجنيد أيضا (3)،
واستدل لهما بأن تحريم الاكل والشرب إنما
ينصرف إلى المعتاد لانه المتعارف، فيبقى
الباقي على أصل الاباحة. ثم أجاب عنه
بالمنع من تناوله المعتاد خاصة، بل يتناول
المعتاد وغيره. ولا بأس به إذا صدق على
تناوله اسم الاكل والشرب.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 187. (2) جمل العلم والعمل: 90. (3)
المختلف: 216.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 44 ]
[ وعن الجماع في القبل اجماعا، وفى دبر
المرأة على الاظهر، ويفسد صوم المرأة. ]
قوله: (وعن الجماع في القبل إجماعا، وفي
دبر المرأة على الاظهر، ويفسد صوم المرأة)
أما تحريم الجماع على الصائم في القبل
وكونه مفسدا للصوم فموضع وفاق بين
المسلمين، ويدل عليه قوله تعالى: (فالان
باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا
واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من
الخيط الاسود من الفجر) (1) وما رواه الشيخ
في الصحيح، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول: (لا يضر الصائم ما
صنع إذا اجتنب أربع خصال: الطعام،
والشراب، والنساء، والارتماس في الماء) (2).
وأما الوطء في الدبر، فإن كان مع الانزال
فلا خلاف بين العلماء كافة في أنه مفسد
للصوم، وإن كان بدون الانزال فالمعروف من
مذهب الاصحاب أنه كذلك، لاطلاق النهي عن
المباشرة في الاية الكريمة، خرج من ذلك ما
عدا الوطء في القبل والدبر فيبقى الباقي
مندرجا في الاطلاق، ومتى ثبت التحريم كان
مفسدا للصوم بالاجماع المركب. ولا ينافي

ذلك ما رواه الشيخ، عن علي بن الحكم، عن
رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة
لم ينقض صومها وليس عليهما غسل) (3) لانا
نجيب عنه بالطعن في السند بالارسال. وقال
الشيخ في التهذيب: هذا خبر غير معمول عليه
وهو مقطوع الاسناد (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 187. (2) التهذيب 4: 202 / 584 و 318 / 971،
الاستبصار 2: 80 / 244 و 84 / 261، الوسائل 7: 18
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 1 ح 1، وفيها:
ثلاث خصال بدل اربع خصال. (3) التهذيب 4: 319 /
977، الوسائل 1: 481 أبواب الجنابة ب 12 ح 3،
وفيها: عليها بدل عليهما. (4) التهذيب 4: 320.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 45 ]
[ وفى فساد الصوم بوطء الغلام والدابة
تردد وان حرم، وكذا القول في فساد صوم
الموطوء، والاشبه أنه يتبع وجوب الغسل، ]
واعلم أنه (1) لم يتقدم من المصنف - رحمه
الله - ما يدل على فساد صوم الواطئ حتى
يتبعه بفساد صوم المرأة، وإنما تقدم وجوب
الامساك عن الجماع، وهو لا يستلزم كونه
مفسدا للصوم، فكان الاولى ذكر فساد صوم
الواطئ أولا، أو تأخير حكم فساد صوم
المرأة إلى المطلب (2) الثاني. قوله: (وفي
فساد الصوم بوطء الغلام والدابة تردد وإن
حرم، وكذا القول في فساد صوم الموطوء،
والاشبه أنه يتبع وجوب الغسل). اختلف
الاصحاب في هذه المسألة، فقال الشيخ في
المبسوط: إن وطء الغلام والدابة مفسد
للصوم ويجب به القضاء والكفارة (3). وقال في
الخلاف: إذا أدخل ذكره في دبر امرأة أو
غلام كان عليه القضاء والكفارة. وادعى
عليه الاجماع ثم قال: وإذا أتى بهيمة فأمنى
كان عليه القضاء والكفارة، فإن أولج ولم
ينزل فليس لاصحابنا فيه نص، لكن مقتضى
المذهب أن عليه القضاء، لانه لا خلاف فيه،
فأما الكفارة فلا تلزمه، لان الاصل براءة
الذمة (4). قال ابن إدريس: لما وقفت على
كلامه كثر تعجبي منه، والذي دفع به
الكفارة يدفع القضاء مع قوله لا نص
لاصحابنا فيه، وإذا لم يكن فيه نص مع
قولهم: (اسكتوا عما سكت الله عنه) فقد كفله
القضاء بغير دليل، وأي مذهب لنا يقتضي
وجوب القضاء، بل أصول المذهب تقتضي نفيه،
وهي براءة الذمة والخبر المجمع عليه (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض) زيادة: لو. (2) في (ض)، (م)، (ح):
المقصد. (3) المبسوط 1: 270. (4) الخلاف 1: 387. (5)
السرائر: 86.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 46 ]
[ وعن الكذب على الله وعلى رسوله والائمة
عليهم السلام، وهل يفسد الصوم بذلك؟ قيل:
نعم، وقيل: لا، وهو الاشبه، ] وقد يقال إن
مراد الشيخ - رحمه الله - بالنص الذي نفاه
أولا النص الصادر من المعصوم، وانتفاؤه لا
ينافي ثبوت الحكم بدليل آخر، وهو الاجماع
الذي إدعاه. واستقرب المصنف (1) والعلامة في
جملة من كتبه (2) أن فساد الصوم بكل من هذين
الامرين تابع لوجوب الغسل، واستدل عليه في
المختلف بأن الغسل معلول للجنابة وهي علة
للاحكام المذكورة، فإذا حصل المعلول دل
على وجود العلة، فيلزم وجود المعلول
الاخر. وهو جيد لو ثبت أن الجنابة علة في
فساد الصوم وليس في الاخبار ما يدل على ذلك
صريحا، لكن يلوح من بعضها ذلك. والمسألة
محل إشكال، وإن كان المصير إلى ما ذكره
المصنف لا يخلو من قرب. قوله: (وعن الكذب
على الله وعلى رسوله وعلى الائمة عليهم
السلام، وهل يفسد الصوم بذلك؟ قيل: نعم،
وقيل: لا، وهو الاشبه). اختلف الاصحاب في
فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله
صلى الله عليه وآله وعلى الائمة عليهم
السلام، بعد اتفاقهم على أن غيره من أنواع
الكذب لا يفسد الصوم وإن كان محرما، فقال
الشيخان (3) والسيد المرتضى في الانتصار (4):
إنه مفسد للصوم، ويجب به القضاء والكفارة.
وقال السيد المرتضى في الجمل (5) وابن إدريس
(6): لا يفسد. وهو المعتمد.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 654. (2) المختلف: 216. (3) المفيد في
المقنعة: 54، والشيخ في النهاية: 153، والخلاف
1: 401، والجمل والعقود (الرسائل العشر): 212،
والمبسوط 1: 270. (4) الانتصار: 62. (5) جمل العلم
والعمل: 90. (6) السرائر: 85.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 47 ]
[... ] لنا: التمسك بمقتضى الاصل والحصر
المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة
(1). احتج الاولون بإجماع الفرقة وما رواه
الشيخ، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير،
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم) قال قلت
له هلكنا قال: (ليس حيث تذهب، إنما ذلك
الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه
وآله وعلى الائمة عليهم السلام) (2). وعن
سماعة، قال: سألته عن رجل كذب في شهر رمضان
فقال: (قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم يقضي

صومه ووضوءه إذا تعمد) (3). والجواب أما عن
الاجماع فبأنه كما ذكره المصنف في
المعتبر، وأما عن الروايتين فأولا بالطعن
في السند، باشتمال سند الاولى على منصور
بن يونس بزرج، وقال الشيخ: إنه كان واقفيا
(4). وروى الكشي حديثا معتبر الاسناد متضمنا
لانه جحد النص على الرضا عليه السلام
لاموال كانت في يده (5). وبأن راويها وهو أبو
بصير مشترك بين الثقة والضعيف. وبضعف
الرواية الثانية بالاضمار وباشتمال سندها
على عدة من الواقفية. وثانيا بأن الروايتين
متضمنتان لما أجمع العلماء على خلافه، وهو
نقض الوضوء بذلك، وهذا مما يضعف الخبر.
وقال الشيخ في التهذيب: إن المراد بنقض
الوضوء نقض كمال الوضوء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 44. (2) التهذيب 4: 203 / 585، الوسائل 7: 20
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 2. (3) التهذيب
4: 203 / 586، الوسائل 7: 20 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 2 ح 3. (4) رجال الطوسي: 360 / 21. (5) رجال
الكشي 2: 768 / 893.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 48 ]
[ وعن الارتماس، وقيل: لا يحرم بل يكره،
والاول أظهر، وهل يفسد بفعله؟ الاشبه لا، ]
وثوابه ووجهه الذي يستحق به الثواب (1). وهو
تأويل بعيد. قوله: (وعن الارتماس، وقيل: لا
يحرم بل يكره، والاول أشبه). اختلف الاصحاب
في حكم الارتماس في الصوم، فذهب الاكثر
ومنهم الشيخان في المقنعة والنهاية
والمبسوط إلى أنه مفسد للصوم (2). وبه قطع
المرتضى - رضي الله عنه - في الانتصار وادعى
عليه إجماع الفرقة (3). وقال ابن إدريس: إنه
مكروه (4). وحكاه في المعتبر عن المرتضى
أيضا في مسائل الخلاف (5). وقال الشيخ في
الاستبصار: إنه محرم ولا يوجب قضاءا ولا
كفارة (6). وهو المعتمد. لنا: ما رواه الشيخ
في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (الصائم يستنقع في الماء
ولا يرمس رأسه) (7). وفي الصحيح عن حريز، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا يرمس
الصائم ولا المحرم رأسه في الماء) (8). وفي
الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه
السلام،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 203. (2) المقنعة: 54، والنهاية:
154، والمبسوط 1: 270. (3) الانتصار: 62. (4)
السرائر: 85، 88. (5) المعتبر 2: 657. (6) الاستبصار
2: 85. (7) التهذيب 4: 203 / 587، الاستبصار 2: 84 / 258،
الوسائل 7: 24 ابواب وما يمسك عنه الصائم ب 3
ح 7. (8) التهذيب 4: 203 / 588، الاستبصار 2: 84 / 259،
الوسائل 7: 24 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح
8.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 49 ]
[... ] قال: (الصائم يستنقع في الماء ويصب على
رأسه ويتبرد بالثوب وينضح المروحة وينضح
البوريا تحته ولا يغمس رأسه في الماء) (1).
وفي الصحيح عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول: (لا يضر الصائم ما
صنع إذا اجتنب أربع خصال: الطعام،
والشراب، والنساء، والارتماس في الماء) (2)
وهذه الروايات مع كثرتها سليمة عن
المعارض، ومقتضاها التحريم لانه حقيقة
النهي. ولا ينافى ذلك ما رواه الشيخ، عن
عبد الله بن سنان، عن أبى عبد الله عليه
السلام، قال (كره للصائم أن يرتمس في
الماء) (3) لانا نجيب عنه أولا بالطعن في
السند باشتماله على عدة من الضعفاء،
وثانيا بأن الكراهة كثيرا ما تستعمل بمعنى
التحريم، بل ربما ظهر من بعض الروايات
كونها حقيقة فيه، فلا يتحقق التنافى.
وإنما قلنا إنه غير مفسد (4)، لان النهى هنا
عن أمر خارج عن العبادة. ويؤيده ما رواه
الشيخ، عن إسحاق بن عمار قال، قلت لابي عبد
الله عليه السلام: رجل صائم ارتمس في الماء
متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: ليس
عليه قضاء ولا يعودن) (5). قال الشيخ في
الاستبصار: ولست أعرف حديثا في إيجاب
القضاء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 106 / 3، التهذيب 4: 204 / 591،
الاستبصار 2: 84 / 260، الوسائل 7: 22 أبواب ما
يمسك عنه الصائم ب 3 ح 2. (2) الفقيه 2: 67 / 276،
التهذيب 4: 202 / 584، الاستبصار 2: 80 / 244،
الوسائل 7: 18 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 1 ح
1. (3) التهذيب 4: 209 / 606، الاستبصار 2: 84 / 262،
الوسائل 7: 24 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح
9. (44) في (م) زيادة: للصوم. (5) التهذيب 4: 209 /
607، الاستبصار 2: 84 / 263، الوسائل 7: 27 أبواب
ما يمسك عنه الصائم ب 6 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 50 ]
[... ] والكفارة، أو إيجاب أحدهما على من
ارتمس في الماء (1). وهو كذلك، نعم ربما كان
في رواية ابن مسلم إشعار بمساواته للاكل
والشرب والنساء لكنها غير صريحة في ذلك.
وقال المصنف في المعتبر: ويمكن أن يكون
الوجه في التحريم الاحتياط في الصوم، فإن
المرتمس في الاغلب لا ينفك أن يصل الماء

إلى جوفه فيحرم وإن لم يجب منه قضاء ولا
كفارة إلا مع اليقين بابتلاعه ما يوجب
المفطر (2). وهو حسن. وهنا مباحث: الاول:
المراد بالارتماس غمس الرأس في الماء دفعة
عرفية وإن كان البدن خارج الماء، كما دلت
عليه الاخبار المتقدمة، ولو غمسه على
التعاقب لم يتعلق به التحريم، لعدم صدق
الارتماس مع احتماله. والمراد بالرأس هنا
ما فوق الرقبة، ولا يبعد تعلق التحريم
بغمس المنافذ كلها دفعة وإن كانت منابت
الشعر خارجة من الماء. الثاني: إطلاق النص
وكلام الاصحاب يقتضى أنه لا فرق في هذا
الحكم بين صوم الفريضة والنافلة، ثم إن
قلنا أنه مفسد جاز فعله في صوم النافلة
كغيره من المفطرات، وإن قلنا بالتحريم
خاصة كما هو الظاهر احتمل التحريم في صوم
النافلة - كالتكفير في الصلاة المندوبة -
والاباحة، إما لقصور الاخبار المانعة عن
إفادة العموم، أو لانه إذا جاز تناول
المفطر جاز فعل ما هو مظنة له بطريق أولى.
الثالث: ذكر الشارح - قدس سره - أن فائدة
التحريم تظهر فيما لو ارتمس في غسل مشروع،
فإنه يقع فاسدا للنهى عن بعض أجزائه
المقتضي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الاستبصار 2: 85. (2) المعتبر 2: 657.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 51 ]
[ وفى إيصال الغبار إلى الحلق خلاف،
والاظهر التحريم وفساد الصوم، ] للفساد في
العبادة (1). وهو جيد إن وقع الغسل في حال
الاخذ في الارتماس أو الاستقرار في الماء،
لاستحالة اجتماع الواجب والحرام في الشئ
الواحد، أما لو وقع في حال الاخذ في رفع
الرأس من الماء فإنه يجب الحكم بصحته، لان
ذلك واجب محض لم يتعلق به نهى أصلا، فينتفى
المقتضى للفساد. الرابع: ذكر الشارح أيضا
أن المرتمس ناسيا يرتفع حدثه لعدم توجه
النهى إليه، وأن الجاهل عامد (2). وما ذكره
في حكم الناسي جيد، لكن الاظهر مساواة
الجاهل له في ذلك، لاشتراكهما في عدم توجه
النهى إليهما وإن أثم الجاهل بتقصيره في
التعلم على بعض الوجوه كما بيناه مرارا.
قوله: (وفى إيصال الغبار إلى الحلق خلاف،
والاظهر التحريم وفساد الصوم). هذا قول
معظم الاصحاب، قال في المنتهى: وعلى قول
السيد المرتضى - رضى الله عنه - ينبغى عدم
الفساد بذلك (3). احتج القائلون (4) بالفساد
بأنه أوصل إلى جوفه ما ينافى الصوم فكان
مفسدا له، وبما رواه الشيخ عن سليمان
المروزى قال، سمعته يقول: (إذا تمضمض
الصائم في شهر رمضان، أو استنشق متعمدا،
أو شم رائحة غليظة، أو كنس بيتا فدخل في
أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين
متتابعين، فإن ذلك له فطر مثل الاكل
والشرب والنكاح) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 71. (2) المسالك 1: 71. (3) المنتهى 2:
565 وقول السيد هو ما تقدم عنه في ص 43 من أن
ابتلاع غير المعتاد كالحصاة ونحوها لا
يفسد الصوم. (4) كالعلامة في المنتهى 2: 565. (5)
التهذيب 4: 214 / 621،، الاستبصار 2: 94 / 305،
الوسائل 7: 48 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22 ح
1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 52 ]
[... ] ويتوجه على الاول المنع من كون مطلق
الايصال مفسدا، بل المفسد الاكل والشرب
وما في معناهما. وعلى الرواية أولا الطعن
في السند باشتماله على عدة من المجاهيل مع
جهالة القائل. وثانيا باشتمالها على ما
أجمع الاصحاب على خلافه من ترتب الكفارة
على مجرد المضمضة والاستنشاق وشم الرائحة
الغليظة. وثالثا بأنها معارضة بما رواه
الشيخ في الموثق، عن عمرو بن سعيد عن الرضا
عليه السلام قال: سألته عن الصائم يدخن
بعود أو بغير ذلك فيدخل (1) الدخنة في حلقه،
قال: (لا بأس) وسألته عن الصائم يدخل الغبار
في حلقه، قال: " لا بأس " (2). ويظهر من المصنف -
رحمه الله - في المعتبر التوقف في هذا
الحكم، حيث قال بعد أن أورد رواية سليمان
المروزى: وهذه الرواية فيها ضعف، لانا لا
نعلم القائل، وليس الغبار كالاكل والشرب،
ولا كابتلاع الحصى والبرد (3). وهو في محله.
واعلم أن المصنف لم يقيد الغبار في هذا
الكتاب بكونه غليظا، وقد صرح الاكثر ومنهم
المصنف في المعتبر باعتباره (4). ولا بأس به
قصرا لما خالف الاصل على موضع الوفاق إن
تم، إلا أن الاعتبار يقتضى عدم الفرق بين
الغليظ وغيره، لان الغبار نوع من
المتناولات، فإن كان مفسدا للصوم أفسد
قليله وكثيره، وإلا لم يفسد كذلك. وألحق
المتأخرون بالغبار الدخان الغليظ الذى
يحصل منه أجزاء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض) و (ح): فتدخل. (2) التهذيب 4: 324 / 1003،
الوسائل 7: 48 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 22 ح
2. (3) المعتبر 2: 655. (4) المعتبر 2: 654.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 53 ]

[ وعن البقاء على الجنابة عامدا حتى يطلع
الفجر من غير ضرورة على الاشهر ] ويتعدى
إلى الحلق، وبخار القدر ونحوهما. وهو بعيد.
قوله: (وعن البقاء على الجنابة عامدا حتى
يطلع الفجر). هذا هو المشهور بين الاصحاب،
بل قيل إنه إجماع (1). وقال ابن بابويه في
كتابه المقنع: سأل حماد بن عثمان أبا عبد
الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان
من أول الليل فأخر الغسل إلى أن يطلع الفجر
فقال له: (قد كان رسول الله صلى الله عليه
وآله يجامع نساءه من أول الليل ويؤخر
الغسل حتى يطلع الفجر) (2) ومن طريقته - رحمه
الله - في ذلك الكتاب نقل متون الاخبار
وإفتاؤه بمضمونها. والمعتمد ما عليه أكثر
الاصحاب. لنا: الاخبار المستفيضة، كصحيحة
معاوية بن عمار قال، قلت لابي عبد الله
عليه السلام: الرجل يجنب من أول الليل ثم
ينام حتى يصبح في شهر رمضان، قال: (ليس عليه
شئ) قلت: فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح، قال:
(فليقض ذلك اليوم عقوبة) (3). وصحيحة ابن أبى
يعفور قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام:
الرجل يجنب في شهر رمضان حتى (4) يستيقظ ثم
ينام حتى يصبح، قال: (يتم يومه ويقضى يوما
آخر، وإن لم يستيقظ حتى أصبح أتم يومه وجاز
له) (5). وصحيحة أحمد بن محمد، عن أبى الحسن
عليه السلام، قال: سألته عن رجل أصاب من
أهله في شهر رمضان، أو أصابته جنابة ثم
ينام حتى
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كما في الانتصار: 63، والمعتبر 2: 655. (2)
المقنع: 60، الوسائل 7: 38 أبواب ما يمسك عنه
الصائم ب 13 ح 3. (3) التهذيب 4: 212 / 615،
الاستبصار 2: 87 / 271، الوسائل 7: 41 أبواب ما
يمسك عنه الصائم ب 15 ح 1. (4) كذا، وفي المصدر:
ثم. (5) الفقيه 2: 75 / 323، التهذيب 4: 211 / 612،
الاستبصار 2: 86 / 269، الوسائل 7: 41 أبواب ما
يمسك عنه الصائم ب 15 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 54 ]
[... ] يصبح متعمدا، قال: (يتم ذلك اليوم
وعليه قضاؤه) (1). وصحيحة محمد بن مسلم، عن
أحدهما عليهما السلام، قال: سألته عن
الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل
أن يغتسل، قال: (يتم صومه ويقضى ذلك اليوم
إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن
انتظر ماءا يسخن له أو يستقى فطلع الفجر
فلا يقضى يومه) (5) والاخبار الواردة بذلك
كثيرة جدا (3). حجة القول الثاني قوله تعالى:
(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) (4)
وقوله: (فالان باشروهن - إلى قوله - حتى
يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود
من الفجر) (5) فإن وجوب تقديم الغسل على طلوع
الفجر يقتضى تحريم الرفث والمباشرة في
الجزء الاخير من الليل، وهو خلاف ما دل
عليه إطلاق الاية. وصحيحة عيص بن القاسم،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل
حتى يطلع الفجر قال يتم صومه ولا قضاء عليه)
(6). وصحيحة حبيب الخثعمي، عن أبى عبد الله
عليه السلام، قال: (كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يصلى صلاة الليل في شهر رمضان ثم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 211 / 614، الاستبصار 2: 86 / 268،
الوسائل 7: 42 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 15 ح
4. (2) الكافي 4: 105 / 2، التهذيب 4: 211 / 613،
الاستبصار 2: 86 / 270، الوسائل 7: 41 أبواب ما
يمسك عنه الصائم ب 15 ح 3. (3) الوسائل 7: 41
أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 15. (4، 5) البقرة:
187. (6) التهذيب 4: 210 / 608، الاستبصار 2: 85 / 264،
الوسائل 7: 39 أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 13 ح
4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 55 ]
[... ] يجنب ثم يوخر الغسل متعمدا حتى يطلع
الفجر) (1). ورواية إسماعيل بن عيسى، قال
سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل
أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى
أصبح، أي شئ عليه؟ قال: (لا يضره هذا ولا
يفطر ولا يبالى، فإن أبى عليه السلام قال،
قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه
وآله أصبح جنبا من جماع من غير احتلام) (2).
والجواب أما عن إطلاق الاية فبأنه مقيد
بما أوردناه من الروايات. وأما عن الرواية
الاولى فبعدم الصراحة في أن التأخير وقع
على وجه العمد. وأما عن الروايتين
الاخيرتين فبالحمل على التقية كما تشعر به
الرواية الاخيرة، حيث أسند النقل فيها إلى
عائشة ولم يسنده إلى آبائه عليهم السلام.
وهنا مباحث: الاول: قال المصنف في المعتبر
بعد أن أورد الروايات المتضمنة لفساد صوم
شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة:
ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره
من الصيام (3). وقال العلامة - رحمه الله - في
المنتهى: هل يختص هذا الحكم برمضان؟ فيه
تردد، ينشأ من تنصيص الاحاديث على رمضان
من غير تعميم ولا قياس يدل عليه، ومن تعميم
الاصحاب وإدراجه في المفطرات مطلقا (4).
وأقول: إنه لا يخفى ضعف الوجه الثاني من
وجهى التردد، فإن تعميم
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) التهذيب 4: 213 / 620، الاستبصار 2: 88 / 276،
الوسائل 7: 44 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح
5. (2) التهذيب 4: 210 / 610، الاستبصار 2: 85 / 266،
الوسائل 7: 39 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 13 ح
6. (3) المعتبر 2: 656. (4) المنتهى 2: 566.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 56 ]
[... ] الاصحاب لا يعارض أصالة البراءة.
والحق أن قضاء رمضان ملحق بأدائه، بل
الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال
الاختيار مطلقا لما رواه الشيخ في الصحيح،
عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يقضى رمضان
فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى آخر
الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع، قال: (لا
يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره) (1). وفى الصحيح
عن عبد الله بن سنان أيضا، قال: كتبت إلى
أبى عبد الله عليه السلام - وكان يقضى شهر
رمضان - وقال: إنى أصبحت بالغسل وأصابتني
جنابة فلم أغتسل حتى طلع الفجر، فأجابه:
(لا تصم هذا اليوم وصم غدا) (2). وينبغى القطع
بعدم توقف الصوم المندوب على الغسل مطلقا،
تمسكا بمقتضى الاصل وما رواه ابن بابويه
في الصحيح، عن عبد الله بن المغيرة، عن
حبيب الخثعمي قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: أخبرني عن التطوع وعن هذه الثلاثة
الايام إذا أجنبت من أول الليل فاعلم إني
أجنبت وأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر، أصوم
أو لا أصوم؟ قال: (صم) (3). ويبقى الاشكال فيما
عدا قضاء رمضان من الصوم الواجب. والمطابق
لمقتضى الاصل عدم اعتبار هذا الشرط،
والواجب المصير إليه إلى أن يثبت المخرج
عنه. الثاني: قال في المتهى: لم أجد
لاصحابنا نصا صريحا في حكم الحيض في ذلك،
يعني أنها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب
عليها
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 277 / 837، الوسائل 7: 46 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 19 ح 1. (2) الكافي 4: 105 / 4،
الوسائل 7: 46 ابواب ماا يمسك عنه الصائم ب 19
ح 2. (3) الفقيه 2: 49 / 212، الوسائل 7: 47 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 20 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 57 ]
[... ] الاغتسال ويبطل الصوم لو أخلت به حتى
يطلع الفجر؟ والاقرب ذلك، لان حدث الحيض
يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة (1).
ويتوجه عليه أن هذا الاستدلال إنما يتم مع
ظهور التعليل في الاصل كما بيناه غير مرة،
نعم يمكن الاستدلال على الوجوب بما رواه
الشيخ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إن طهرت بليل من حيضها ثم
توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها
قضاء ذلك اليوم) (2) لكن الرواية ضعيفة
السند باشتماله على جماعة من الفطحية،
واشتراك أبي بصير بين الثقة والضعيف. ومن
ثم تردد في ذلك المصنف في المعتبر (3). وجزم
العلامة في النهاية بعدم الوجوب (4). ولا
يخلو من قوة. الثالث: أطلق المصنف في كتاب
الطهارة من هذا الكتاب وجمع من الاصحاب
توقف صوم المستحاضة على الاتيان بما
يلزمها من الاغسال، وقيدها المتأخرون
بالاغسال النهارية، وحكموا بعدم توقف صوم
اليوم الماضي على غسل الليلة المستقبلة،
وترددوا في توقف صوم اليوم الاتي على غسل
الليلة الماضية. ويظهر من المصنف في
المعتبر التوقف في ذلك كله حيث قال في
أحكام المستحاضة: ولو صامت الحال هذه روى
أصحابنا أن عليها القضاء (5). ولعله أشار
بالرواية إلى ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
علي بن مهزيار قال، كتبت إليه: امرأة طهرت
من حيضها أو من نفاسها في أول
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 566. (2) التهذيب 1: 393 / 1213،
الوسائل 7: 48 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 21 ح
1. (3) المعتبر 1: 226. (4) نهاية الاحكام 1: 119. (5)
المعتبر 1: 248.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 58 ]
[... ] يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت
وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما
تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين، هل
يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه
السلام: (تقضي صومها ولا تفضي صلاتها، فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر
فاطمة عليها السلام والمؤمنات من نسائه
بذلك) (1) وهذه الرواية ضعيفة بجهالة
المكتوب إليه، واشتمالها على ما أجمع
الاصحاب على خلافه من وجوب قضاء الصوم دون
الصلاة، ومع ذلك فإنما تدل على وجوب
القضاء بترك جميع الاغسال، فإثبات ما زاد
على ذلك يحتاج إلى دليل. الرابع: هل يجب
التيمم على الجنب وذات الدم مع تعذر
الغسل؟ الاصح عدم الوجوب لاختصاص الامر
باغسل فيسقط بتعذره وينتفي التيمم بالاصل.
وقيل: يجب، لعموم (فلم تحدوا ماء فتيمموا)
ولان حدث الجنابة والحيض مانع من الصوم
فيستصحب إلى أن يثبت المزيل وهو الغسل أو
ما يقوم مقامه في الاباحة (2). وضعف
الدليلين ظاهر. ثم إن قلنا بالوجوب فهل نجب

البقاء عليه إلى أن يطلع الفجر؟ قيل: نعم،
لانتفاء فائدة التيمم لو جاز نقضه قبل
الفجر، ولان النوم ناقض للتيمم كنقض
الجنابة للغسل فكما لا يجوز تعمد البقاء
على الجنابة إلى أن يطلع الفجر فكذا لا
يجوز نقض التيمم والعود إلى حكم الجنابة
قبله إلا أن يتحقق الانتباه قبل الفجر
بحيث يتيمم ثانيا (3). وقيل: لا يجب، لان
انتقاض التيمم بالنوم لا يحصل إلا بعد
تحققه وبعده يسقط التكليف لاستحالة تكليف
الغافل (4). ولا يخلو من قوة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 310 / 937، الوسائل 7: 45 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 18 ح 1. (2، 3) قال به الكركي
في جامع المقاصد 1: 4. (4) مجمع الفائدة
والبرهان 5: 48.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 59 ]
[ ولو اجنب فنام غيرنا وللغسل فطلع الفجر
فسد الصوم. ] قوله: (ولو (1) أجنب فنام غير ناو
للغسل وطلع الفجر فسد صومه). الفرق بين هذه
المسألة وبين تعمد البقاء على الجنابة فرق
ما بين العام والخاص، فإن تعمد البقاء عزم
على عدم الغسل، وعدم نية الغسل أعم من
العزم على عدمه لتحققه مع الذهول عن الغسل.
وقد قطع المصنف وغيره بأن من نام حتى أصبح
على هذا الوجه لزمه القضاء. واستدل عليه في
المعتبر بأن مع العزم على ترك الاغتسال
يسقط اعتبار النوم ويعود كالمتعمد للبقاء
على الجنابة (2). وهو غير جيد، لان عدم نية
الغسل أعم من العزم على ترك الاغتسال. نعم
يمكن الاستدلال عليه بإطلاق بعض الروايات
المتضمنة لفساد الصوم مع تعمد النوم
كصحيحة أحمد بن محمد، عن أبي الحسن عليه
السلام، قال: سألته عن رجل أصاب من أهله في
شهر رمضان، أو أصابته جنابة ثم ينام حتى
يصبح متعمدا "، قال: (يتم ذلك اليوم وعليه
قضاؤه) (3). وصحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام أنه قال في رجل احتلم أول
الليل وأصاب من أهله ثم نام متعمدا " في شهر
رمضان حتى أصبح، قال: (يتم صومه ويقضيه إذا
أفطر في شهر رمضان ويستغفر ربه) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض): فلو. (2) المعتبر 2: 672. (3) التهذيب 4:
211 / 614، الاستبصار 2: 86 / 268، الوسائل 7: 42
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 15 ح 4. (4) الكافي
4: 105 / 1، الوسائل 7: 42 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 16 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 60 ]
[ ولو كان نوى الغسل صومه. ولو انتبه ثم نام
ناويا فاصبح نائما فسد صومه وعليه قضائه. ]
ويتوجه عليه أن الظاهر من معنى تعمد النوم
العزم على البقاء على الجنابة فتنتفي
الدلالة على وجوب القضاء في حال الذهول.
وبالجملة فوجوب القضاء في هذه الصورة غير
واضح لكنها نادرة. واعلم أن الشارح - قدس
سره - نص على أن النومة الاولى بعد الجنابة
إنما تصح مع نية الغسل، قال: ولا بد مع ذلك
من احتماله الانتباه، وإلا كان كمتعمد
البقاء، وشرط بعض الاصحاب مع ذلك اعتياد
الانتباه وإلا كان كمتعمد البقاء على
الجنابة، ولا بأس به (1) هذا كلامه رحمه
الله. وهو مشكل جدا، خصوصا على القول بأن
غسل الجنابة إنما يجب لغيره، مع أنه لا
معنى لتحريم النوم لسقوط التكليف معه،
ولعل المراد تعلق الحرمة بالتوجه إليه
والاخذ في مقدماته. وكيف كان فلا ريب في
تحريم العزم على ترك الاغتسال، وأما تعلق
الحرمة بالنوم فغير واضح، خصوصا " مع
اعتياد الانتباه قبل طلوع الفجر. قوله:
(ولو كان نوى الغسل صح صومه، ولو انتبه ثم
نام ناويا " فأصبح نائما " فسد صومه وعليه
قضاؤه). هذا مذهب الاصحاب لا أعلم فيه
مخالفا " وتدل عليه روايات، منها ما رواه
الشيخ في الصحيح، عن معاوية بن عمار قال،
قلت لابي عبد الله عليه السلام: الرجل يجنب
من أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر
رمضان، قال: (ليس عليه شئ) قلت: فإنه استيقظ
ثم نام حتى أصبح، قال: (فليقض ذلك اليوم
عقوبة) (2). قال الشارح قدس سره: وقد تقدم أن
النومة الاولى إنما تصح مع العزم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 71. (2) التهذيب 4: 212 / 615،
الاستبصار 2: 87 / 271، الوسائل 7: 41 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 15 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 61 ]
[ ولو استمنى أو لمس امرأة فامنى فسد صومه.
] على الغسل وإمكان الانتباه أو اعتياده،
فإذا نام بالشرط ثم انتبه ليلا " حرم عليه
النوم ثانيا وإن عزم الغسل واعتاد
الانتباه، لكن لو خالف فنام وأصبح نائما
وجب عليه القضاء خاصة (1). هذا كلامه رحمه
الله. ويمكن المناقشة في تحريم النومة
الثانية، لعدم وضوح مأخذه، وربما استدل
عليه بقوله عليه السلام: (فليقض ذلك اليوم
عقوبة) والعقوبة إنما ثبت على فعل المحرم،
وهو استدلال ضعيف، فإن ترتب هذه العقوبة
على فعل لا يقتضي تحريمه. والاصح إباحة

النومة الثانية، بل والثالثة أيضا وإن
ترتب عليهما القضاء، كما اختاره العلامة
في المنتهى، تمسكا بمقتضى الاصل السليم من
المعارض (2). قوله: (ولو استمنى أو لمس امرأة
فأمنى فسد صومه). المراد بالاستمناء: طلب
الامناء بغير الجماع مع حصوله، لا مطلق
طلبه وإن كان محرما أيضا، إلا أنه لا يترتب
عليه حكم سوى الاثم. وقد أجمع العلماء كافة
على أن الاستمناء مفسد للصوم. وأما
الامناء الواقع عقيب اللمس فقد أطلق
المصنف هنا وفي المعتبر كونه كذلك (3). وهو
مشكل، خصوصا إذا كانت الملموسة محللة ولم
يقصد بذلك الامناء ولا كان من عادته ذلك.
يدل على ذلك فساد الصوم بالاستمناء مضافا
إلى الاجماع ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في
شهر رمضان حتى يمني، قال: (عليه الكفارة
مثل ما على الذي يجامع) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 71. (2) المنتهى 2: 577. (3) المعتبر
2: 670. (4) التهذيب 4: 206 / 597، الاستبصار 2: 81 / 247،
الوسائل 7: 25 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح
1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 62 ]
[ ولو احتلم بعد نية الصوم نهارا لم يفسد
صومه. ] وأما فساده بالامناء عقيب الملامسة
فاستدل عليه بما رواه الشيخ، عن أبي بصير،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق فقال:
(كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم
ستين مسكينا، أو يعتق رقبة) (1). وعن حفص بن
سوقة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه
السلام: في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو
في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل
فقال: (عليه من الكفارة مثل ما على الذي
يجامع في شهر رمضان) (2) وفي الروايتين ضعف
من حيث السند (3). والاصح أن ذلك إنما يفسد
الصوم إذا تعمد الانزال بذلك. قوله: (ولو
احتلم بعد نية الصوم نهارا لم يفسد صومه).
هذا قول علمائنا أجمع، قاله في التذكرة.
وقال في المنتهى: لو احتلم نهارا في رمضان
نائما أو من غير قصد لم يفسد صومه ويجوز له
تأخير الغسل ولا نعلم فيه خلافا (5). وروى
الشيخ في التهذيب، عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن بعض مواليه، قال: سألته عن
احتلام الصائم فقال: (إذا احتلم في شهر
رمضان نهارا فليس له أن ينام حتى يغتسل،
ومن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلى
ساعة حتى يغتسل) (6) وهذه الرواية ضعيفة
بالارسال، ولا بأس بحملها على الكراهة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 320 / 981، الوسائل 7: 26 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 4 ح 5. (2) الكافي 4: 103 / 7،
التهذيب 4: 321 / 983، الوسائل: 25 ابواب ما يمسك
عنه الصائم ب 4 ح 2. (3) لان راوي الاولى مشترك
بين الضعيف والثقة، والثانية بالارسال. (4)
التذكرة 1: 257. (5) المنتهى 2: 567. (6) التهذيب 4:
212 / 618، الوسائل 7: 43 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 16 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 63 ]
[ وكذا لو نظر إلى امرأة فامنى على الاظهر،
أو استمع فامنى. والحقنة بالجامد جائزة،
وبالمائع محرمة، ويفسد بها الصوم على تردد
] قوله: (وكذا لو نظر إلى امرأة فأمنى على
الاظهر، أو استمع فأمنى). أي: وكذا لا يفسد
صومه. وهذا أحد الاقوال في المسألة وقال
الشيخ في المبسوط: من نظر إلى ما لا يحل له
بشهوة فأمنى فعليه القضاء، وإن كان نظره
إلى من يحل فأمنى لم يكن عليه شئ (1). وقال
أبو الصلاح: لو أصغى إلى حديث أو ضم أو قبل
فأمنى فعليه القضاء (2). والاصح أن ذلك غير
مفسد إلا إذا كان من عادته الامناء بذلك
وفعله عامدا قاصدا به إلى حصول الامناء،
وكذا القول في التخيل لو ترتب عليه
الانزال. قوله: (والحقنة بالجامد جائزة،
وبالمائع محرمة، ويفسد بها الصوم على
تردد). اختلف الاصحاب في حكم الحقنة في
الصوم، فقال المفيد إنها تفسد الصوم،
وأطلق (3). وقال علي بن بابويه: ولا يجوز
للصائم أن يحتقن. وقال ابن الجنيد: يستحب
للصائم الامتناع من الحقنة، لانها تصل إلى
الجوف (5). واستقرب العلامة في المختلف أنها
مفطرة مطلقا ويجب بها القضاء خاصة (6). وقال
الشيخ في جملة من كتبه (7) وابن إدريس (8):
تحرم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 272. (2) الكافي في الفقه: 183. (39
المقنعة: 54. (4 و 5) حكاه عنهما في المختلف: 221.
(6) المختلف: 221. (7) الاستبصار 2: 84، والنهاية:
156. (8) السرائر: 88.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 64 ]
[... ] الحقنة بالمائع خاصة ولا يجب بها قضاء
ولا كفارة. واستوجه المصنف في المعتبر
تحريم الحقنة بالمائع والجامد دون
الافساد (1). وهو المعتمد. لنا على التحريم:
ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد

بن أبى نصر، عن أبى الحسن عليه السلام: إنه
سأله عن الرجل يحقن تكون به العلة في شهر
رمضان فقال: (الصائم لا يجوز له أن يحتقن)
(2). ولنا على أنه غير مفسد: أن الصوم عبادة
شرعية انعقدت بمقتضى الشرع فلا يفسد إلا
بموجب شرعى، عملا بالاصل السليم من
المعارض. قال في المعتبر: والنهى عن
الاحتقان لا يقتضى فساد الصوم، لاحتمال أن
يكون حراما، لا لكون الصوم يفسد به، بل
لحكمة شرعية لا يلزمنا إبداؤها كما قلنا
في الارتماس (3). احتج القائلون بجواز
الحقنة بالجامد بما رواه الشيخ، عن أحمد
بن محمد، عن على بن الحسن، عن أبيه، قال:
كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام: ما تقول
في اللطف يستدخله الانسان وهو صائم، فكتب:
(لا بأس بالجامد) (4). والجواب بالطعن في
السند بأن على بن الحسن وأباه فطحيان فلا
يمكن التعويل على روايتهما. نعم يمكن
ترجيح هذا القول بأن المتبادر من الاحتقان
ما كان بالمائع فيجب الحمل عليه، ويبقى
الاحتقان بالجامد على الاباحة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 659، 679. (2) التهذيب 4: 204 / 589،
الاستبصار 2: 83 / 256، الوسائل 7: 27 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 5 ح 4. (3) المعتبر 2: 679. (4)
التهذيب 4: 204 / 590، الاستبصار 2: 83 / 257 وفيهما:
التلطف بدل اللطف، والتلطف هو ادخال الشئ
في الفرج - مجمع البيان 5: 121، الوسائل 7: 26
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 5 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 65 ]
[ مسألتان: الاولى: كل ما ذكرنا انه يفسد
الصيام انما يفسده إذا وقع عمدا، ] احتج
العلامة في المختلف على أن ذلك مفسد للصوم
بأنه قد أوصل إلى جوفه المفطر فأشبه ما لو
ابتلعه، لاشتراكهما في الاغتذاء، وبقوله
عليه السلام: (الصائم لا يجوز له أن يحتقن)
قال: وتعليق الحكم على الوصف يشعر
بالعلية، فيكون بين الصوم والاحتقان الذى
هو نقيض المعلول منافاة، وثبوت أحد
المتنافيين يوجب عدم الاخر، وذلك يوجب عدم
الصوم عند ثبوت الاحتقان فوجب القضاء (1).
وهو احتجاج ضعيف. أما الاول فلانه قياس مع
الفارق، فإن الحقنة لا تصل إلى المعدة،
ولا إلى موضع الاغتذاء، كما ذكره في
المعتبر (2). وأما الثاني فلان نقيض المعلول
إنما هو جواز الاحتقان لا نفس الاحتقان،
واللازم من ذلك انتفاء الصوم عند جواز
الاحتقان لا عند حصوله وإن كان محرما كما
هو واضح. ولا يلحق بالحقنة في التحريم أو
الافساد إيصال الدواء إلى الجوف من جرح
ونحوه، ولا تقطير الدهن ونحوه في الاذن،
للاصل، وما رواه الشيخ في الصحيح، عن حماد
بن عثمان، عن أبى عبد الله عليه السلام،
قال: سألته عن الصائم يشتكى أذنه يصب فيها
الدواء؟ قال: (لا بأس به) (3). وقيل: إن ذلك
مفسد للصوم (4). وهو ضعيف. قوله: (وهنا
مسألتان، الاولى: كل ما ذكرنا أنه يفسد
الصيام
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 221. (2) المعتبر 2: 679. (3) التهذيب 4:
258 / 764، الوسائل 7: 50 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 24 ح 1. (4) قال به ابو الصلاح في
الكافي في الفقه: 183.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 66 ]
[ سواء كان عالما أو جاهلا. ] إنما يفسده
إذا وقع عمدا، سواء كان عالما أو جاهلا على
تردد في الجاهل). المراد بالعمد هنا القصد،
واحترز به عما يحصل من غير قصد كالذباب
الذى يطير إلى الحلق، والغبار الذى يدخل
من غير قصد، ونحو ذلك. ويحتمل أن يكون
المراد به: الذكر لكونه صائما، مقابل
السهو، فإن المراد به نسيان الصيام. وقول
المصنف: سواء كان عالما أو جاهلا، يريد به
العالم بالحكم والجاهل به. أما العامد
العالم فلا ريب في فساد صومه بذلك، وإنما
الخلاف في الجاهل، فذهب الاكثر إلى فساد
صومه كالعالم. وقال ابن إدريس: لو جامع أو
أفطر جاهلا بالتحريم فلا يجب عليه شئ (1).
ونحوه قال الشيخ في موضع من التهذيب (2).
وإطلاق كلامهما يقتضى سقوط القضاء
والكفارة، واحتمله في المنتهى إلحاقا
للجاهل بالناسي (3). وقال المصنف في
المعتبر: والذى يقوى عندي فساد صومه ووجوب
القضاء دون الكفارة (4). وإلى هذا القول ذهب
أكثر المتأخرين. وهو المعتمد. لناعلى
الحكم الاول: إطلاق الامر بالقضاء عند
عروض أحد الاسباب المقتضية لفساد الاداء،
فإنه يتناول العالم والجاهل. ولنا على
سقوط الكفارة: التمسك بمقتضى الاصل وما
رواه الشيخ، عن زرارة وأبى بصير، قالا:
سألنا أبا جعفر عليه السلام عن رجل أتى
أهله في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) السرائر: 88. (2) التهذيب 4: 208. (3) المنتهى 2:
569. (4) المعتبر 2: 662.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 67 ]
[... ] شهر رمضان، أو أتى أهله وهو محرم وهو

لا يرى إلا أن ذلك حلال له، قال: (ليس عليه
شئ) (1). لا يقال: الاصل يرتفع بالروايات
المتضمنة لترتب الكفارة على الافطار (2)،
المتناولة بإطلاقها للعالم والجاهل كما
اعترفتم به في وجوب القضاء، والرواية
قاصرة من حيث السند فلا تنهض حجة في إثبات
هذا الحكم. لانا نقول: لا دلالة في شيى من
الروايات التى وصلت إلينا في هذا الباب
على تعلق الكفارة بالجاهل، إذ الحكم وقع
فيها معلقا على تعمد الافطار، وهو إنما
يتحقق مع العلم بكون ذلك الفعل مفسدا
للصوم، فإن من أتى بالمفطر جاهلا كونه
كذلك لا يصدق عليه أنه تعمد الافطار وإن
صدق عليه أنه متعمد لذلك الفعل، بل رواية
ابن سنان (3) التى هي الاصل في هذا الباب
إنما تضمنت تعلق الكفارة بمن أفطر في شهر
رمضان متعمدا من غير عذر، والجهل بالحكم
من أقوى الاعذار، كما تدل عليه صحيحة عبد
الرحمن بن الحجاج المتضمنة لحكم تزويج
المرأة في عدتها (4) حيث قال فيها قلت: فأى
الجهالتين أعذر، جهالة أن ذلك محرم عليه
أم جهالته أنها في عدة؟ فقال: (إحدى
الجهالتين أهون من الاخرى، الجهالة بأن
الله حرم ذلك عليه، وذلك أنه لا يقدر على
الاحتياط معها) فقلت: فهوفى الاخرى معذور؟
قال: (نعم) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 208 / 603، الوسائل 7: 35 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 9 ح 12. (2) الوسائل 7: 24
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 وص 28 ب 8 وص 35 ب
10. (3) الكافي 4: 101 / 1، الفقيه 2: 72 / 308،
التهذيب 4: 205 / 594، الاستبصار 2: 95 / 310،
الوسائل 7: 28 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح
1. (4) في (ض) و (م) زيادة: ان جاهل الحكم اعذر
من جاهل الاصل. (5) الكافي 5: 427 / 3، التهذيب 7:
306 / 1274، الاستبصار 3: 186 / 676، الوسائل 14: 345
ابواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ب 17 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 68 ]
[ ولو كان سهوا لم يفسد، سواء كان الصوم
واجبا أو ندبا. ] وأما الرواية فهى وإن كانت
لا تبلغ مرتبة الصحيح لكنها معتبرة
الاسناد، إذ ليس في طريقها من قد يتوقف في
شأنه سوى على بن الحسن بن فضال، وقال
النجاشي: إنه كان فقيه أصحابنا بالكوفة،
ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث،
والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا
ولم يعثر له على زلة فيه ولا ما يشينه، وقل
ما يروى عن ضعيف (1). ويمكن أن يستدل على هذا
القول أيضا بقول الصادق عليه السلام في
صحيحة عبد الصمد بن بشير الواردة فيمن لبس
قميصا في حال الاحرام: (أي رجل ركب أمرا
بجهالة فلا شئ عليه) (2) وغير ذلك من
العمومات المتضمنة لعذر الجاهل. قوله: (ولو
كان سهوا لم يفسد، سواء كان الصوم واجبا أو
ندبا). المراد بالسهو هنا نسيان الصيام،
قال في المنتهى: ولا خلاف بين علمائنا في
أن الناسي لا يفسد صومه ولا يجب عليه قضاء
ولا كفارة بفعل المفطر ناسيا (3). ويدل عليه
روايات، منها ما رواه الكليني في الصحيح،
عن الحلبي، عن أبى عبد الله عليه السلام:
إنه سئل عن رجل نسى فأكل أو شرب ثم ذكر،
قال: (لا يفطر، إنما هو شئ رزقه الله عزوجل
فليتم صومه). وما رواه الشيخ في الصحيح، عن
محمد بن قيس، عن أبى جعفر عليه السلام،
قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
من صام فنسى
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) رجال النجاشي: 257 / 676. (2) التهذيب 5: 72 / 239،
الوسائل 9: 125 ابواب تروك الاحرام ب 45 ح 3. (3)
المنتهى 2: 577. (4) الكافي 4: 101 / 1، الوسائل 7: 33
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 9 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 69 ]
[ وكذا لو اكره على الافطار أو وجر في حلقه.
] فأكل وشرب فلا يفطر من أجل أنه نسى، فإنما
هو رزق رزقه الله فليتم صومه) (1). وما رواه
ابن بابويه في الموثق، عن عمار بن موسى:
إنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
نسى وهو صائم فجامع أهله، قال: (يغتسل ولا
شئ عليه) (2). وإطلاق النص وكلام الاصحاب
يقتضى عدم الفرق في الصوم بين الواجب
والمندوب، ولا في الواجب بين المعين
وغيره. وهو كذلك. قوله: (وكذا لو أكره على
الافطار أو وجر في حلقه). المراد بالاكراه
على الافطار: التوعد على تركه بما يكون
مضرا به في نفسه أو من يجرى مجراه بحسب
حاله مع قدرة المتوعد على فعل ما توعد به
وشهادة القرائن بأنه يفعله به لو لم يفعل،
وبوجور المفطر في حلقه: وضعه فيه بغير
اختياره. ولا خلاف في أن من وجر في حلقه
المفطر لا يفطر به، وفى معناه من بلغ به
الاكراه حدا رفع قصده. وإنما الخلاف فيمن
لم يبلغ إكراهه ذلك، كمن خوف حتى أكل
باختياره، فذهب الاكثر إلى أنه لا يفطر
بذلك، للاصل، وقوله عليه السلام: (رفع عن
أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)
(3)، ولان المكره لا خيرة له فلا يتوجه إليه
النهى فيكون تناوله سائغا كالناسي. قال في
المعتبر: لا يقال، المكره دفع عن نفسه

الضرر بتناوله فيلزمه القضاء كالمريض،
لانا نقول، مقتضى الدليل سقوط القضاء في
الموضعين،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 268 / 809، الوسائل 7: 34 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 9 ح 9. (2) الفقيه ص: 74 / 319،
الوسائل 7: 33 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 9 ح
2. (3) سنن ابن ماجة 1: 659 / 2045.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 70 ]
[... ] ترك العمل بالمقتضي في المرض عملا
بالدليل فيعمل بالمقتضى فيما عداه (1). وقال
الشيخ في المبسوط: يفسد صومه، لانه مع
التوعد يختار الفعل فيصدق عليه أنه فعل
المفطر اختيارا فوجب عليه القضاء (2). وهو
احتجاج ضعيف (إذ ليس لمضطر اختيار) (3). نعم
يمكن الاستدلال على هذا القول بعموم ما دل
على كون الاتيان بتلك الامور الخصوصة
مفسدا للصيام. لكن في إثبات العموم على وجه
يتناول المكره نظر. وفى معنى الاكراه
الافطار في يوم يجب صومه للتقية، أو
التناول قبل الغروب لاجل ذلك. ويكفى في
الجواز ظن الضرر بالترك. وربما ظهر من
عبارة الدروس أن ذلك إنما يسوغ عند خوف
التلف (4). ويدفعه إطلاق الاخبار المسوغة
للتقية مع الضرر، كقوله عليه السلام في
حسنة زرارة: (التقية في كل ضرورة، وصاحبها
أعلم بها حين تنزل به) (5) وفى حسنة الفضلاء:
(التقية في كل شئ مضطر إليه ابن آدم فقد
أحله الله) (6). قال الشارح قدس سره: وحيث ساغ
الافطار للاكراه والتقية يجب الاقتصار على
ما تندفع به الحاجة، فلو زاد عليه كفر،
ومثله ما لو تأدت
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 662. (2) المبسوط 1: 273. (3) بدل ما
بين القوسين في (ض)، (م)، (ح): لانا نمنع كون
الفعل الصادر عن الاختيار على هذا الوجه
مفسد للصوم بل ذلك محل النزاع فكيف يجعل
دليلا. (4) الدروس: 72. (5) الكافي 2: 219 / 13،
الوسائل 11: 468 ابواب الامر والنهي ب 25 ح 1. (6)
الكافي 2: 220 / 18، المحاسن: 259 / 308، الوسائل 11:
468 ابواب الامر والنهي ب 25 ح 2، وفيها وفي
جميع النسخ: يضطر بدل مضطر.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 71 ]
[ الثانية: لا بأس بمص الخاتم، ومضغ الطعام
للصبى، وزق الطائر، وذوق المرق، ] بالاكل
فشرب معه أو بالعكس (1). ولاريب في وجوب
الاقتصار على ما تتأدى به الضرورة. نعم
يمكن المناقشة في وجوب الكفارة بالزائد
بناءا على ما ذهب إليه الشارح من كون
التناول على وجه الاكراه مفسدا للصوم (2)،
لان الكفارة تختص بما يحصل به الفطر ويفسد
به الصوم، وما حصل به الفطر هنا كان مباحا
فلا تتعلق به الكفارة وما زاد عليه لم
يستند إليه الفساد فلا تتعلق به الكفارة
وإن كان محرما. وسيجئ تمام الكلام في ذلك
إن شاء الله تعالى (3). قوله: (الثانية، لا
بأس بمص الخاتم، ومضغ الطعام للصبى، وزق
الطائر، وذوق المرق). يدل على ذلك مضافا
إلى الاصل وقوله عليه السلام: (لا يضر
الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال: الطعام
والشراب والنساء والارتماس) روايات منها
ما رواه الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام: إنه سئل عن
المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرق
تنظر إليه فقال: (لا بأس) قال: وسئل عن
المرأة يكون لها الصبي وهي صائمة فتمضغ
الخبز وتطعمه، قال: (لا بأس، والطير إن كان
لها). وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان، عن
أبي عبد الله عليه السلام:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 71. (2) المسالك 1: 71. (3) في ص 81. (4)
الفقيه 2: 67 / 276، التهذيب 4: 318 / 971،
الاستبصار 2: 80 / 244، الوسائل 7: 18 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 1 ح 1. (5) التهذيب 4: 12 / 942،
الاستبصار 2: 95 / 308، الوسائل 7: 74 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 37 ح 1 وص 76 ب 38 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 72 ]
[... ] في الرجل يعطش في شهر رمضان، قال: (لا
بأس بأن يمص الخاتم) (1). وفي الصحيح عن حماد
بن عثمان، قال: سأل عبد الله بن أبي يعفور
أبا عبد الله عليه السلام وأنا أسمع عن
الرجل يصب الدواء في أذنه، قال: (نعم ويذوق
المرق ويزق الفرخ) (2). قال الشيخ في
التهذيب: ولا ينافي هذه الاخبار ما رواه
الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن
سعيد الاعرج، قال سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن الصائم يذوق الشئ ولا يبلعه
فقال: (لا)، لان هذه الرواية محمولة على من
لا يكون به حاجة إلى ذلك، والرخصة إنما
وردت في ذلك لصاحبة الصبي، أو الطباخ الذي
يخاف فساد طعامه، أو من عنده طائر إن لم
يزقه هلك، فأما من هو مستغن عن جميع ذلك
فلا يجوز له أن يذوق الطعام (3). ولا يخفى ما
في هذا الجمع من البعد، والاجود حمل النهي
على الكراهة، إذ لا دلالة في الاخبار
المتقدمة على ما اعتبره من التقييد. ولو
مضغ الصائم شيئا فسبق منه شئ إلى الحلق

بغير اختياره فالاصح أن صومه لا يفسد
بذلك، للاذن فيه وعدم تعمد الازدراد. وقال
في المنتهى: لو أدخل في فمه شيئا " وابتعله
سهوا، فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه،
وإلا وجب القضاء (4). وفي وجوب القضاء على
هذا التقدير نظر.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 115 / 1، التهذيب 4: 324 / 1001،
الوسائل 7: 77 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 40 ح
1. (2) التهذيب 4: 311 / 941، الاستبصار 2: 95 / 307،
الوسائل 7: 75 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 37 ح
3. (3) التهذيب 4: 312 / 943، والرواية في الوسائل
7: 74 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 37 ح 2. (4)
المنتهى 2: 568.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 73 ]
[ والاستنقاع في الماء للرجال. ويستحب
السواك للصلاة بالرطب واليابس ] قوله:
(والاستنقاع في الماء للرجال). المراد أنه
ليس بمكروه. ويدل على ذلك مضافا إلى الاصل
ما رواه الشيخ في الصحيح، عن ابن أبي عمير،
عن الحسن بن راشد قال، قلت لابي عبد الله
عليه السلام: الحائض تقضي الصلاة؟ قال: (لا)
قلت: تقضي الصوم؟ قال: (نعم) قلت: من أين جاء
هذا؟ قال: (أول من قاس إبليس) قلت: فالصائم
يستنقع في الماء؟ قال: (نعم) قلت: فيبل ثوبا
على جسده؟ قال: (لا) قلت: من أين جاء هذا؟
قال: (من ذاك) (1). وعن حنان بن سدير، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن
الصائم يستنقع في الماء، قال: (لا بأس،
ولكن لا يغمس رأسه، والمرأة لا تستنقع في
الماء لانها تحمله بقبلها) (2). قوله:
(ويستحب السواك للصائم بالياس والرطب). هذا
هو المشهور بين الاصحاب، بل قال في
المنتهى: إنه قو علمائنا أجمع، إلا ابن أبي
عقيل، فإنه كرهه بالرطب (3). ويدل على
الاستحباب مضافا إلى العمومات ما رواه
الشيخ في الصحيح، عن ابن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (يستاك الصائم أي
ساعة من النهار أحب) (4). وفي الصحيح عن
الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 267 / 807، الاستبصار 2: 93 / 301،
الوسائل 7: 23 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح
5. (2) الكافي 4: 106 / 5، الفقيه 2: 71 / 32، التهذيب
4: 263 / 789، علل الشرائع: 388 / 1، الوسائل 7: 23
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح 6. (3) المنتهى
2: 568. (4) التهذيب 4: 261 / 780، الوسائل 7: 57 ابواب
ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 74 ]
[ المقصد الثاني: فيما يترتب على ذلك، وفيه
مسائل: الاولى: تجب مع القضاء الكفارة
بسبعة اشياء: الاكل والشرب ] أيستاك الصائم
بالماء والعود الرطب يجد طعمه؟ فقال: (لا
بأس به) (1). احتج ابن أبي عقيل (2) بما رواه
الكليني في الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: سألته عن الصائم
يستاك، قال: (لا بأس به، وقال: لا يستاك
بسواك رطب) (3). وفي الحسن عن عبد الله بن
سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه
كره للصائم أن يستاك بسواك رطب، وقال: (لا
يضر أن يبل سواكه بالماء ثم ينفضه حتى لا
يبقى فيه شئ) (4). وفي الموثق عن عمار بن
موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الصائم ينزع ضرسه، قال: (لا، ولا يدمي فاه،
ولا يستاك بعود رطب) (5). ولا بأس بالمصير
إلى ما تضمنته هذه الروايات، لان رواية
ابن سنان مطلقة، ورواية الحلبي غير صريحة
في انتفاء كراهة السواك بالرطب، لان نفي
البأس لا ينافي الكراهة. وقال الشيخ في
التهذيب: إن الكراهة في هذه الاخبار إنما
توجهت إلى من لا يضبط نفسه فيبصق ما يحصل
في فيه من رطوبة العود، فأما من يتمكن من
حفظ نفسه فلا بأس باستعماله على كل حال (6).
قوله: (الاولى، تجب مع القضاء الكفارة
بسبعة أشياء: الاكل
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 262 / 782، الاستبصار 2: 91 / 291،
الوسائل 7: 58 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح
3. (2) حكاه عنه في المختلف: 223. (3) الكافي 4: 112 /
2، الوسائل 7: 59 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
28 ح 10. (4) الكافي 4: 112 / 3، الوسائل 7: 59 ابواب
ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 11. (5) الكافي 4: 112 /
4، الوسائل 7: 59 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
28 ح 12. (6) التهذيب 4: 263.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 75 ]
[ المعتاد وغيره.. والجماع حتى تغيب الحشفة
في قبل المرأة أو دبرها.. وتعمد البقاء على
الجنابة حتى يطلع الفجر.. ] والشرب،
المعتاد وغيره). أما وجوب القضاء والكفارة
بأكل المعتاد وشربه فموضع وفاق بين
المسلمين، وإنما الخلاف في غير المعتاد،
فذهب الاكثر إلى أنه كذلك. وقيل: إنه لا
يفسد الصوم (1). وقيل: إنه موجب للقضاء خاصة
(2). والاصح وجوب القضاء والكفارة بمطلق
الاكل والشرب للمعتاد وغيره، أما ما لا
يصدق عليه ذلك فالاصح أنه غير موجب

للكفارة، بل لا يبعد كونه غير مفسد للصوم
كما بيناه فيما سبق (3). قوله: (والجماع حتى
تغيب الحشفة في قبل المرأة ودبرها). لا
خلاف بين علماء الاسلام في وجوب القضاء
والكفارة بالوطئ في القبل، وإنما الخلاف
في الدبر، والاصح مساواته للقبل، لتناول
الجماع لكل منهما، وهو مناط الوجوب. ولم
يذكر المصنف فيما يوجب القضاء والكفارة
وطئ الغلام والدابة، لان الظاهر من كلامه
فيما سبق أنه غير مفسد للصوم، حيث جعل
الفساد تابعا " لوجوب الغسل، ورجح في باب
الغسل عدم وجوبه. قوله: (وتعمد البقاء على
الجنابة حتى يطلع الفجر). هذا هو المشهور
بين الاصحاب. والمستند فيه ما رواه الشيخ،
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام:
في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك
الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: (يعتق رقبة: أو
يصوم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) قال به المرتضى في الجمل: 90. (2) نقله
المرتضى عن قوم في جمل العلم والعمل: 90. (3)
في ص 43.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 76 ]
[ وكذا لو نام غيرنا وللغسل حتى يطلع
الفجر. ] شهرين متتابعين، أو يطعم ستين
مسكينا) قال، وقال: (إنه خليق أن لا أراه
يدركه أبدا) (1). وعن سليمان بن جعفر
المروزي، عن الفقيه، قال: (إذا أجنب الرجل
في شهر رمضان بليل فعليه صوم شهرين
متتابعين مع صوم ذلك اليوم، ولا يدرك فضل
يومه) (2). وعن إبراهيم بن عبد الحميد، عن
بعض مواليه، قال: سألته عن احتلام الصائم
قال، فقال: (إذا احتلم نهارا في شهر رمضان
فليس له أن ينام حتى يغتسل، وإن احتلم ليلا
في شهر رمضان فليس له أن ينام إلى ساعة حتى
يغتسل، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى
يصبح فعليه عتق رقبة، أو إطعام ستين
مسكينا وقضاء ذلك اليوم ويتم صيامه ولن
يدركه أبدا) (3). وهذه الروايات كلها ضعيفة
السند (4) فيشكل التعويل عليها في إثبات حكم
مخالف للاصل. ومن هنا يظهر رجحان ما ذهب
إليه ابن أبي عقيل (5) والمرتضى - رضى الله
عنه (6) - من أن الواجب بذلك القضاء دون
الكفارة. أما الحائض والمستحاضة والنفساء
فينبغي القطع بعدم ترتب الكفارة عليهن مع
الاخلال بالغسل، تمسكا بمقتضى الاصل
السليم من المعارض. قوله: (وكذا لو نام غير
ناو للغسل).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 212 / 616، الاستبصار 2: 87 / 272،
الوسائل 7: 43 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح
2. (2) التهذيب 4: 212 / 617، الاستبصار 2: 87 / 273،
الوسائل 7: 43 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح
3. وفيها: ولا يغتسل حتى يصبح فعليه. ولعله
اسقطه لوضوحه. (3) التهذيب 4: 212 / 618،
الاستبصار 2: 87 / 274، الوسائل 7: 43 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 16 ح 4. (4) الاولى باشتراك
راويها بين الضعيف والثقة، والثانية
بجهالة راويها، والثالثة بالارسال. (5)
حكاه عنه في المختلف: 220. (6) الانتصار: 63،
وجمل العلم والعمل: 91.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 77 ]
[ والاستمناء. وايصال الغبار الى الحلق. ]
أي: يجب عليه القضاء والكفارة. واستدل عليه
في المعتبر بأنه مع العزم على ترك الاغتسال
يسقط اعتبار النوم ويعود كالمتعمد للبقاء
على الجنابة (1). ويشكل بأنه لا يلزم من
انتفاء نية الغسل تحقق العزم على ترك
الاغتسال، لجواز الذهول عن كل منهما،
وينبغي القطع بسقوط الكفارة على هذا
التقدير. قوله: (والاستمناء). المراد به طلب
الامناء بغير الجماع مع حصوله، ولا خلاف في
أن ذلك موجب للقضاء والكفارة، وتدل عليه
روايات، منها ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في
شهر رمضان حتى يمني، قال: (عليه من الكفارة
مثل ما على الذي يجامع) (2). قوله: (وإيصال
الغبار إلى الحلق). ما اختاره المصنف من
وجوب القضاء والكفارة بذلك أحد الاقوال في
المسألة، لرواية سليمان بن جعفر المروزي
قال، سمعته يقول: (إذا تمضمض الصائم في
رمضان، أو استنشق متعمدا، أو شم رائحة
غليظة، أو كنس بيتا فدخل أنفه وحلقه غبار
فعليه القضاء صوم شهرين متتابعين، فإن ذلك
فطر له مثل الاكل والشرب والنكاح) (3) وهذه
الرواية ضعيفة السند بجهالة الراوي
والقائل، متروكة الظاهر من حيث اقتضائها
ترتب الكفارة على مجرد المضمضة
والاستنشاق وشم الرائحة الغليظة ولا قائل
به.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 672. (2) التهذيب 4: 206 / 597،
الاستبصار 2: 81 / 247، الوسائل 7: 25 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 4 ح 1. (3) التهذيب 4: 214 / 621،
الاستبصار 2: 94 / 305، الوسائل 7: 48 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 22 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]

[ 78 ]
[ الثانية: لا تجب الكفارة الا في صوم
رمضان: وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين،
وفى صوم الاعتكاف إذا وجب. ] وحكى الشيخ في
المبسوط عن بعض أصحابنا قولا بأن ذلك لا
يوجب الكفارة، وإنما يوجب القضاء خاصة (1).
واختاره ابن إدريس، قال: لان الاصل براءة
الذمة من الكفارة، وبين أصحابنا في ذلك
خلاف، والقضاء مجمع عليه (2). وهو جيد لو
انعقد الاجماع على الوجوب لكنه غير ثابت،
وقد تقدم الكلام في ذلك. قوله: (الثانية، لا
تتجب الكفارة إلا في صوم شهر رمضان، وقضائه
بعد الزوال، والنذر المعين، وفي صوم
الاعتكاف إذا وجب). أما وجوب الكفارة في
صوم شهر رمضان والنذر المعين وما في معناه
وصوم الاعتكاف الواجب فلا خلاف فيه بين
الاصحاب، وإنما الخلاف في وجوبها في قضاء
رمضان، فذهب الاكثر إلى الوجوب. وقال ابن
أبي عقيل: من جامع أو أكل أو شرب في قضاء
شهر رمضان أو صوم كفارة أو نذر فقد أثم
وعليه القضاء ولا كفارة عليه، وأطلق (3).
احتج الموجبون بما رواه الشيخ، عن بريد
العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام: في رجل
أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان، قال:
(إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه
إلا يوما مكان يوم، وإن كان أتى أهله بعد
الزوال فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين)
(4). وفي الصحيح عن هشام بن سالم قال، قلت
لابي عبد الله
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 271. (2) السرائر: 85. (3) حكاه عنه
في المختلف: 228. (4) التهذيب 4: 278 / 844،
الاستبصار 2: 120 / 391، الوسائل 7: 253 ابواب
احكام شهر رمضان ب 29 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 79 ]
[... ] عليه السلام: رجل وقع على أهله وهو
يقتضي شهر رمضان فقال: (إن كان وقع عليها
قبل صلاة العصر فلا شئ عليه يصوم يوما
بدله، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم
وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه صام
ثلاثة أيام كفارة لذلك) (1). ويمكن المناقشة
في الرواية الاولى من حيث السند باشتماله
على الحارث بن محمد، وهو مجهول. وفي
الرواية الثانية من حيث المتن باقتضائها
تعلق الكفارة بالمواقعة بعد العصر
وسقوطها قبل ذلك، وهو خلاف المدعى. وقال
الشيخ في الاستبصار: إنه لا تنافى بين
الخبرين، لانه إذا كان وقت الصلاتين عند
زوال الشمس إلا أن الظهر قبل العصر على ما
بيناه فيما تقدم جاز أن يعبر عما قبل
الزوال بأنه قبل العصر لقرب ما بين
الوقتين، ويعبر عما بعد الزوال بأنه بعد
العصر لمثل ذلك (2). وهو حمل بعيد. ولو جمع
بين الروايتين بحمل ما تضمن الكفارة قبل
صلاة العصر على الاستحباب أمكن. والمسألة
محل إشكال. احتج ابن أبى عقيل (3) بأصالة
البراءة، وما رواه عمار الساباطي، عن أبى
عبد الله عليه السلام: عن الرجل يكون عليه
أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها متى
يريد أن ينوي الصيام قال: (هو بالخيار إلى
أن تزول الشمس، فإذا زالت الشمس فإن كان
نوي الصوم فليصم وإن كان نوي الافطار
فليفطر) سئل: فإن كان نوى الصوم يستقيم أن
ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: (لا)
سئل: فإن نوي الصوم ثم أفطر بعد
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 279 / 845، الاستبصار 2: 120 / 39 2،
الوسائل 7: 254 ابواب احكام شهر رمضان ب 29 ح 2.
(2) الاستبصار 2: 121. (3) حكاه عنه في المختلف:
247.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 80 ]
[ وما عداه لا تجب فيه الكفارة، مثل صوم
الكفارات، والنذر غير المعين، والمندوب،
وان فسد الصوم. تفريع: من اكل ناسيا فظن
فساد صومه فافطر عامدا فسد صومه ] ما زالت
الشمس قال: (قد أساء وليس عليه شئ إلا قضاء
ذلك اليوم الذى أراد أن يقضيه (1). وهذه
الرواية ضعيفة السند باشتماله على جماعة
من الفطحية. وأجاب عنها الشيخ في
الاستبصار بأن الوجه في قوله عليه السلام
(ليس عليه شئ) أن نحمله على أنه ليس عليه شئ
من العقاب، لان من أفطر في هذا اليوم لا
يستحق العقاب وإن أفطر بعد الزوال وإن
لزمته الكفارة حسب ما قدمناه (2). وفى هذا
الجواب اعتراف بجواز الافطار بعد الزوال
فيبعد مجامعته لوجوب الكفارة. قوله: (وما
عداه لا تجب فيه الكفارة، مثل صوم
الكفارات، والنذر غير المعين، والمندوب،
ولو فسد الصوم). هذا موضع وفاق بين
الاصحاب، بل قال في المنتهى: إنه قول
العلماء كافة (3). وقد نص العلامة (4) وغيره (5)
على جواز الافطار في هذا النوع قبل الزوال
وبعده. وربما قيل بتحريم قطع كل واجب،
لعموم النهى عن إبطال العمل (6). وهو ضعيف.
قوله: (تفريع، من أكل ناسيا فظن فساد صومه
فأفطر عامدا فسد
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 280 / 847، الاستبصار 2: 121 / 394،

الوسائل 7: 6 ابواب وجوب الصوم ب 2 ج 10، واورد
بقية الحديث في ص 254 ابواب احكام شهر رمضان
ب 29 ح 4. (2) الاستبصار 2: 122. (3) المنتهى 2: 576. (4)
المنتهى 2: 620، والتذكرة 1: 280. (5) كالشهيد
الثاني في الروضة 2: 119. (6) قال به ابنا قدامة
في المغني والشرح الكبير 3: 94، 115.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 81 ]
[ وعليه القضاء. وفى وجوب الكفارة تررد،
والاشبه الوجوب ولو وجر في حلقه أو اكره
اكراها يرتفع معه الاختيار لم يفسد صومه.
ولو خوف فافطر وجب القضاء على تردد ولا
كفارة. الثالثة: الكفارة في رمضان: عتق
رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام
ستين مسكينا، مخيرا في ذلك. وقيل: بل هي على
الترتيب. وقيل: يجب بالافطار بالمحرم ثلاث
كفارات وبالمحلل كفارة، والاول اكثر. ]
صومه وعليه القضاء، وفى وجوب الكفارة
تردد، والاشبه الوجوب). هذا من جملة أفراد
جاهل الحكم، لان المراد به من لا يعلم حكم
ما فعله من المفطر، سواء جهل حكم نوعه كما
لو جهل هنا تحريم الاكل مطلقا، أو شخصه بأن
علم ذلك ولكن جهل تحريم التناول الخاص
كالمسألة المفروضة، فإنه جهل تحريم تناول
من أفطر ناسيا وإن علم تحريم أصل الاكل،
وقد تقدم الكلام في حكم جاهل الحكم وأن
الاظهر وجوب القضاء عليه دون الكفارة (1).
قوله: (ولو وجر في حلقه أو أكره إكراها
يرتفع معه الاختيار لم يفسد صومه، ولو خوف
فأفطر وجب القضاء على تردد ولا كفارة). قد
تقدم الكلام في هذه المسأله أيضا وأن
القول بسقوط القضاء في الموضعين لا يخلو
من قوة، أما الكفارة فمنتفية في الموضعين
قطعا (2). قوله: (الثالثة، الكفارة في رمضان:
عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو
إطعام ستين مسكينا، مخيرة في ذلك، وقيل: بل
هي على الترتيب، وقيل: تجب بالافطار
بالمحرم ثلاث كفارات وبالمحلل كفارة،
والاول أكثر).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 66. (2) في ص 69.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 82 ]
[... ] القول بالتخيير بين الانواع الثلاثة
للشيخ - رحمه الله - في جملة من كتبه (1)،
والمرتضى في أحد قو ليه (2)، وأبى الصلاح (3)،
وسلار (11)، وابن إدريس (5)، وغيرهم (6). والقول
بأنها مرتبة، العتق ثم الصيام لابن أبى
عقيل (7)، وحكاه المصنف في المعتبر عن
المرتضى في أحد قوليه (8). والقول بالتفصيل
ووجوب الثلاث بالافطار المحرم كالزنا
وأكل مال الغير، والواحدة على سبيل
التخيير بالافطار بالمحلل لابن بابويه (4) -
رحمه الله - فيمن لا يحضره الفقيه (9)،
والشيخ في كتابي الاخبار (10). والمعتمد
الاول. لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
عبد الله بن سنان، عن أبى عبد الله عليه
السلام: في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا
يوما واحدا من غير عذر، قال: (يعتق نسمة، أو
يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين
مسكينا، فإن لم يقدر تصدق بما يطيق) (11) وهى
نص في المطلوب. وفي الصحيح عن عبد الرحمن
بن أبى عبد الله، عن أبى عبد الله
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النهاية: 154، والمبسوط 1: 271، والجمل
والعقود (الرسائل العشر): 212. (2) الانتصار: 69.
(3) الكافي في الفقه: 183. (4) المراسم: 187. (5)
السرائر: 94. (6) كابن زهرة في الغنية
(الجوامع الفقهية): 571، والعلامة في
التذكرة 1: 259، والشهيد الثاني في الروضة 2:
120. (7) حكاه عنه في المختلف: 225. (8) المعتبر 2:
672. (9) الفقيه 2: 72. (10) التهذيب 4: 205، 208،
والاستبصار 2: 96، 97. (11) التهذيب 4: 205 / 594،
الاستبصار 2: 95 / 310، الوسائل 7: 28 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 83 ]
[... ] عليه السلام، قال: سألته عن رجل أفطر
يوما من شهر رمضان متعمدا قال: (عليه خمسة
عشر صاعا، لكل مسكين مد) (6) دلت الرواية على
الاجتزاء بالصدقة مطلقا، ولو كانت متأخرة
عن العتق والصيام لوجب ذكره في مقام
البيان. احتج القائلون بأنها مرتبة (2) بما
رواه ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه، عن
عبد المؤمن بن الهيثم الانصاري، عن أبى
جعفر عليه السلام: (إن رجلا أتى النبي صلى
الله عليه وآله فقال هلكت وأهلكت، فقال
وما أهلكك؟ قال: أتيت امرأتي في شهر رمضان
(1) وأنا صائم، فقال النبي صلى الله عليه
وآله: اعتق رقبة، قال: لا أجد، فقال: صم
شهرين متتابعين، قال: لا أطيق، فقال: تصدق
على ستين مسكينا، فقال: لا أجد، فأتى النبي
صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل فيه خمسة
عشر صاعا من تمر فقال النبي صلى الله عليه
وآله: خذها فتصدق بها، فقال: والذي بعثك
بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه
منا، فقال: خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة
لك (3). والجواب أولا بالطعن في السند
بجهالة الراوي فلا يعارض الاخبار
السليمة، وثانيا بأن أمر النبي صلى الله

عليه وآله بالشئ بعد الشئ ليس صريحا في
الترتيب، ولو كان كذلك لوجب تنزيله على
الاستحباب، فنكون جامعين بين العمل
بالروايتين، وليس كذلك لو أوجبنا
الترتيب، بل يلزم منه سقوط خبر التخيير.
احتج المفصلون بما رواه أبو جعفر محمد بن
على بن الحسين بن بابويه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 207 / 599، الاستبصار 2: 96 / 312،
الوسائل 7: 31 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح
10. (2) كابن ابي عقيل، حكاه عنه في المختلف:
225، والمحقق في المعتبر 2: 672. (3) الفقيه 2: 72 /
309، الوسائل 7: 30 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
8 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 84 ]
[... ] رضى الله عنه، عن عبد الواحد بن محمد
بن عبدوس النيشابوري، عن علي بن محمد بن
قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام
بن صالح الهروي قال، قلت للرضا عليه
السلام: يابن رسول الله قد روي عن آبائك
عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو
أفطر فيه ثلاث كفارات، وروي عنهم أيضا
كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال:
(بهما جميعا، فمتى جامع الرجل حراما أو
أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث
كفارات: عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين،
وإطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، وإن
كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه
كفارة واحدة) (1). وحكم العلامة في التحرير
بصحة هذه الرواية (2). وقال في المختلف: إن
عبد الواحد بن عبدوس النيشابوري لا يحضرني
الان حاله، فإن كان ثقة فالرواية صحيحة
يتعين العمل بها (3). وأقول إن عبد الواحد بن
عبدوس وإن لم يوثق صريحا لكنه من مشايخ
الصدوق المعتبرى الذين أخذ عنهم الحديث،
فلا يبعد الاعتماد على روايته، لكن في
طريق هذه الرواية علي بن محمد بن قتيبة،
وهو غير موثق بل ولا ممدوح مدحا يعتد به.
وعبد السلام بن صالح الهروي، وفيه كلام.
فيشكل التعويل عليها في إثبات حكم مخالف
للأصل، لكن قال الصدوق فيمن لا يحضره
الفقيه: إنه وجد ذلك في روايات أبى الحسين
الأسدي فيما ورد عليه من الشيخ أبى جعفر
محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه (4).
والظاهر اتصال ذلك بصاحب الامر عليه
السلام، فيترجح المصير إلى ذلك.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 3: 238 / 1128، الوسائل 7: 35 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 10 ح 1، وأوردها في
التهذيب 4: 209 / 605، والاستبصار 2: 97 / 316. (2)
التحرير 2: 110. (3) المختلف: 226. (4) الفقيه 2: 74.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 85 ]
[ الرابعة: إذا افطر زمانا نذر صومه على
التعيين كان عليه القضاء وكفارة كبرى
مخيرة، وقيل: كفارة يمين، والاول اظهر. ]
وقال في المعتبر بعد أن أورد رواية عبد
السلام الهروي: إن هذه الرواية لم يظهر
العمل بها بين الاصحاب ظهورا يوجب العمل
بها، وربما حملناها على الاستحباب ليكون
آكد في الزجر (1). قوله: (الرابعة، إذا أفطر
زمانا نذر صومه على التعيين كان عليه
القضاء وكفارة كبري مخيرة، وقيل: كفارة
اليمين، والاول أظهر). أما وجوب القضاء
فمقطوع به في كلام الاصحاب. ويدل عليه ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن مهزيار:
أنه كتب إلى أبى الحسن عليه السلام: يا
سيدي، رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة
دائما ما بقى، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر
أو أضحى أو يوم جمعة أو أيام التشريق أو
سفرا أو مرضا، هل عليه صوم ذلك اليوم أو
قضاؤه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: (قد
وضع الله الصيام في هذه الايام كلها،
ويصوم يوما بدل يوم إن شاء الله) (2) ويمكن
المناقشة في هذه الرواية من حيث المتن
باشتمالها على ما أجمع الاصحاب على خلافه
من تحريم صوم يوم الجمعة فتضعف بذلك عن أن
تكون حجة. وأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه
بين الاصحاب، وإنما الخلاف في قدرها، فذهب
الاكثر إلى أنها كفارة كبري مخيرة، وذهب
ابن بابويه (3) والمصنف في النافع (4) إلى
أنها كفارة يمين، وهى عتق رقبة أو إطعام
عشرة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 668. (2) التهذيب 8: 305 / 1135،
الاستبصار 2: 101 / 328، الوسائل 7: 139 ابواب من
يصح منه الصوم ب 10 ح 2. (3) الفقيه 3: 232. (4)
المختصر النافع: 208.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 86 ]
مساكين أو كسوتهم، ومع العجز فصيام ثلاثة
أيام (1). وهو المعتمد. لنا: التمسك بمقتضى
اللاصل وما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن
الحلبي، عن أبى عبد الله عليه السلام، قال:
سألته عن الرجل يجعل عليه نذرا ولا يسميه،
قال: (إن سميت فهوما سميت، وإن لم تسم شيئا
فليس بشئ، فإن قلت لله على فكفارة يمين) (2).
ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن
مهزيار، قال: كتب بندار مولى إدريس: يا سيدي

إنى نذرت أن أصوم كل سبت، وإن لم أصمه ما
يلزمنى من الكفارة؟ فكتب وقرأته: (لا تتركه
إلا من علة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض
إلا أن تكون نويت ذلك، وإن كنت أفطرت فيه
من غير علة فتصدق بعدد كل يوم لسبعة
مساكين) (3). وبمضمون هذه الرواية عبر
الصدوق في المقنع إلا أنه قال بدل سبعة،
عشرة (4)، فيكون بعض أفراد كفارة اليمين،
ومن شأنه - رحمه الله - في ذلك الكتاب نقل
متون الاخبار وإفتاؤه بمضمونها، ولعل لفظ
السبعة وقع في التهذيب سهوا. احتج
القائلون بأنها كبري مخيرة بما رواه الشيخ
عن عبد الملك بن عمرو، عن أبى عبد الله عليه
السلام، قال: (من جعل لله عليه أن لا يركب
محرما فركبه - قال ولا أعلمه إلا قال -
فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين، أو ليطعم
ستين مسكينا) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختصر النافع: 208. (2) الفقيه 3: 230 / 1087،
الوسائل 16: 222 ابواب النذر والعهد ب 2 ح 5. (3)
التهذيب 4: 286 / 867 وج 8: 305 / 1134، الاستبصار 2: 102
/ 331 و 125 / 408، الوسائل 7: 277 ابواب بقية الصوم
الواجب ب 7 ح 4. (4) المقنع: 137. (5) التهذيب 8: 314 /
1165، الاستبصار 4: 54 / 188، الوسائل 15: 575 ابواب
الكفارات ب 23 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 87 ]
[ الخامسة: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى
الائمة عليهم السلام ] وعن القاسم بن
الفضيل: كتبت إليه يا سيدي: رجل نذر أن يصوم
يوما لله تعالى فوقع في ذلك اليوم على أهله
ما عليه من الكفارة؟ فأجابه: (يصوم يوما
بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة) (1). وعن علي بن
مهزيار، قال: كتبت إليه يا سيدي رجل نذر أن
يصوم يوما بعينه فوقع في ذلك اليوم على
أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه: (يصوم
يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة) (2).
والجواب أولا بالطعن في السند بأن راوي
الاولى غير موثق، بل ولا ممدوح مدحا يعتد
به، وبأن راوي الثانية وهو القاسم بن
الفضيل مجهول، وبأن الثالثة مضمرة وفي
طريقها محمد بن جعفر الرزاز (3) وهو غير
موثق أيضا، وما هذا شأنه لا يمكن التعلق به
في إثبات حكم مخالف للاصل. وثانيا بأن
الروايتين الاخيرتين إنما تضمنتا الامر
بتحرير الرقبة وهو غير متعين إجماعا، فكما
يحتمل التخيير بينه وبين نوعي الكبرى كذا
يحتمل التخيير بينه وبين إطعام العشرة
مساكين أو كسوتهم كما تضمنته صحيحة
الحلبي. وأما الرواية الاولى فيمكن حملها
على الاستحباب، جمعا بين الادلة. قوله:
(الخامسة، الكذب على الله وعلى رسوله وعلى
الائمة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 286 / 865، الاستبصار 2: 125 / 406،
الوسائل 7: 277 ابواب بقية الصوم الواجب ب 7 ح
3. (2) التهذيب 4: 286 / 866، الاستبصار 2: 125 / 407،
الوسائل 7: 277 ابواب بقية الصوم الواجب ب 7 ح
1، واوردها في الكافي 7: 456 / 12. (3) في الاصل
وباقي النسخ: علي بن محمد بن جعفر الرزاز.
وما اثبتناه كما في المصادر هو الصحيح،
لعدم وجود راو بذلك العنوان راجع معجم
رجال الحديث 12: 132 وج 15: 364.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 88 ]
[ حرام على الصائم وغيره، وان تأكد في
الصائم، لكن لا يجب به قضاء ولا كفارة على
الاشبه. السادسة: الارتماس حرام على
الاظهر، ولا تجب به كفارة ولا قضاء، وقيل:
يجبان به، والاول اشبه. ] حرام على الصائم
وغيره، وإن تأكد على الصائم، لكن لا يجب به
قضاء ولا كفارة على الاشبه). قد تقدم أن
الأصح أن ذلك غير مفسد للصوم (1). والقول
بأنه موجب للقضاء والكفارة للشيخ (2)
وجماعة، استنادا إلى رواية ضعيفة مشتملة
على ما أجمع الاصحاب على بطلانه، ومع ذلك
فلا تدل على لزوم الكفارة صريحا، لانه قال
فيها: (الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم) (3)
والافطار يستلزم وجوب القضاء، أما لزوم
الكفارة فلا. لا يقال: إنه قد ثبت وجوب
الكفارة على من أفطر متعمدا، وهذا الكذب
مفطر كما هو المقدر، فيترتب عليه الكفارة.
لانا نقول: المتبادر من معنى الافطار:
إفساد الصوم بالاكل والشرب فيكون حقيقة
فيه، واللفظ إنما يحمل على حقيقته لا على
مجازه. وبالجملة فهذه الرواية ضعيفة جدا
فلا يمكن التعلق بها في إثبات حكم مخالف
للاصل. قوله: (السادسة، الارتماس حرام على
الاظهر، ولا تجب به كفارة ولا قضاء، وقيل:
يجبان به، والاول أشبه). الاصح ما اختاره
المصنف - رحمه الله - من تحريم الارتماس
وأنه لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 46. (2) النهاية: 154، والمبسوط 1: 270،
والخلاف 1: 401، والاقتصاد: 287. (3) الكافي 4: 89 /
10، التهذيب 4: 203 / 585، الوسائل 7: 20 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 2 ح 2، وفيها: بتفاوت
يسير.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 89 ]

[ السابعة: لا باس بالحقنة بالجامد على
الاصح، ويحرم بالمائع، ويجب به القضاء على
الاظهر. الثامنة: من اجنب ونام ناويا
للغسل، ثم انتبه ثم نام كذلك، ثم انتبه
ونام ثالثة ناويا حتى طلع الفجر، لزمته
الكفارة على قول مشهور، وفيه تردد. ] يجب به
قضاء ولا كفارة، وقد تقدم الكلام في ذلك (1).
قوله: (السابعة، لا بأس بالحقنة بالجامد
على الاصح، ويحرم بالمائع، ويجب به القضاء
على الاظهر). الاصح تحريم الاحتقان مطلقا "،
وأنه لا يوجب قضاءا " ولا كفارة، وقد تقدم
الكلام في ذلك أيضا (2). قوله: (الثامنة، من
أجنب ونام ناويا " للغسل، ثم انتبه ثم نام
كذلك، ثم انتبه ونام ثالثة ناويا " حتى طلع
الفجر، لزمته الكفارة على قول مشهور، وفيه
تردد). القول للشيخين (3) وأتباعهما (4)،
واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: في رجل
أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل
متعمدا " حتى أصبح، قال: (يعتق رقبة، أو
يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا
") قال، وقال: (إنه خليق أن لا أراه يدركه
أبدا) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 48. (2) في ص 63. (3) المفيد في المقنعة:
55، والشيخ في النهاية: 154، والخلاف 1: 401. (4)
كابن البراج في المهذب 1: 192، وابن حمزة في
الوسيلة (الجوامع الفقهية): 683. (5) التهذيب 4:
212 / 616، الاستبصار 2: 87 / 272، الوسائل 7: 43
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 90 ]
وعن سليمان بن جعفر المروزي، عن الفقيه،
قال: (إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل
فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك
اليوم، ولا يدرك فضل يومه) (1). وعن إبراهيم
بن عبد الحميد، عن بعض مواليه، قال: سألته
عن احتلام الصائم، قال، فقال: (إذا احتلم
نهارا " في شهر رمضان فلا ينام حتى يغتسل،
ومن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه
عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا " وقضاء ذلك
اليوم ويتم صيامه، ولن يدركه أبدا) (2) وليس
في هذه الروايات مع اشتراكها في ضعف السند
دلالة على هذا التفصيل بوجه. أما الاولى
فلانها إنما تضمنت تعلق الكفارة بمن تعمد
ترك الاغتسال لا بمن تكرر نومه على هذا
الوجه. وأما الثانية فلانها مطلقة وليس
حملها على حالة تكرار النوم بأولى من
حملها على حالة التعمد. وأما الرواية
الثالثة فلاقتضائها ترتب الكفارة على من
أصبح في النومة الاولى ولا قائل به، مع
أنها ضعيفة جدا بجهالة السائل والمسؤول،
ويمكن حملها على من نام مع العزم على ترك
الاغتسال فإنه كتعمد البقاء على الجنابة.
والاصح ما اختاره المصنف في المعتبر،
والعلامة في المنتهى (3) من سقوط الكفارة مع
تكرار النوم ناويا للغسل، تمسكا بأصالة
البراءة، وأن النوم سائغ ولا قصد له في ترك
الغسل فلا عقوبة، إذ الكفارة إنما تترتب
على
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 212 / 617، الاستبصار 2: 87 / 273،
الوسائل 7: 43 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 16 ح
3، وفيها: ولا يغتسل حتى يصبح فعليه. ولعله
اسقطه لوضوحه. (2) التهذيب 4: 212 / 618،
الاستبصار 2: 87 / 274، الوسائل 7: 43 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 16 ح 4. (3) المعتبر 2: 674،
والمنتهى 2: 577.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 91 ]
[ التاسعة: يجب القضاء في الصوم الواجب
المتعين بتسعة: فعل المفطر قبل مراعاة
الفجر مع القدرة. ] التفريط والاثم، وليس
أحدهما ثابتا. قوله: (التاسعة، يجب القضاء
في الصوم الواجب المعين بتسعة). قال المصنف
- رحمه الله - في المعتبر: إنما اشترطنا
الوجوب والتعيين لان ما ليس بمتعين وإن
فسد صومه فليس الاتيان ببدله قضاء، لان
القضاء اسم لفعل مثل المقتضي بعد خروج
وقته، وإلا فكل صوم صادفه أحد ما نذكره
فإنه يفسد، فإن كان واجبا غير متعين أتى
بالبدل ولا يسمى قضاء، وإن كان متعينا
فالبدل قضاء (1). وهو جيد. وقد ذكر المصنف
وغيره أن من أخر صيام الثلاثة الايام من
الشهر استحب له قضاؤها، وعلى هذا فيستحب
قضاؤها إذا صادفها أحد هذه الامور التسعة،
وقد يجب بالنذر وشبهه لكن الوجوب بالاصالة
إنما يثبت في الواجب المعين كما ذكره
المصنف رحمه الله. قوله: (فعل المفطر قبل
مراعاة الفجر مع القدرة). المراد أن من
استصحب بقاء الليل ففعل المفطر ولم يراع
الفجر مع القدرة على المراعاة فصادف فعله
النهار وجب عليه القضاء دون الكفارة، أما
سقوط الكفارة فللاصل وإباحة الفعل، إذ لا
خلاف في جواز فعل المفطر مع الظن الحاصل من
استصحاب بقاء الليل، بل مع الشك في طلوع
الفجر فينتفي المقتضي للتكفير. وأما وجوب
القضاء فتدل عليه روايات، منها ما رواه
الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن أبى عبد
الله عليه السلام: إنه سئل عن رجل

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 675.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 92 ]
تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين
فقال: (يتم صومه ذلك ثم ليقضيه، وإن تسحر في
غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر) ثم قال: (إن
أبى كان ليلة يصلي وأنا آكل فانصرف فقال:
أما جعفر فقد أكل وشرب بعد الفجر، فأمرني
فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان) (1). وفي
الموثق عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن
رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر
رمضان فقال: (إن كان قام فنظر فلم ير الفجر
فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا
إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر
إلى الفجر فرأى أنه قد طلع فليتم صومه
ويقضي يوما آخر، لانه بدأ بالاكل قبل
النظر فعليه الاعادة) (2). ويستفاد من قول
المصنف: فعل المفطر قبل مراعاة الفجر،
انتفاء القضاء إذا تناول المفطر بعد
المراعاة، أي بعد ظن بقاء الليل المستند
إلى المراعاة، ويدل عليه مضافا إلى الاصل
وموثقة سماعة المتقدمة ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن معاوية بن عمار قال، قلت لابي
عبد الله عليه السلام: آمر الجارية أن تنظر
طلع الفجر أم لا فتقول: لم يطلع، فآكل ثم
أنظر فأجده قد طلع حين نظرت، قال: (تتم يومه
وتقضيه، وأما أنك لو كنت أنت الذي نظرت ما
كان عليك قضاؤه) (3). ويستفاد من اعتبار قيد
القدرة أن من ترك المراعاة مع العجز عنها
فتناول فصادف النهار لا يجب عليه القضاء.
وهو كذلك، للاصل، واختصاص
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 269 / 812، الاستبصار 2: 116 / 379،
الوسائل 83 7 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 45 ح
1، واورد صدر الحديث في ص 81 ب 44 ح 1. (2)
التهذيب 4: 269 / 811، الاستبصار 2: 116 / 378،
الوسائل 7: 82 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 44 ح
3. (3) التهذيب 4: 269 / 813، الوسائل 7: 84 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 46 ح 1. وفيهما: يومك بدل
يومه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 93 ]
[ والافطار اخلادا إلى من اخبر ان الفجر لم
يطلع، مع القدرة على عرفانه ويكون طالعا.
وترك العمل بقول المخبر بطلوعه والافطار
لظنه كذبه. ] الروايات المتضمنة لوجوب
القضاء بالقادر على المراعاة، فيبقى ما
عداه على حكم الاصل. واعلم أن مقتضى رواية
الحلبي أن من تناول المفطر في غير شهر
رمضان بعد طلوع الفجر فسد صومه سواء كان
الصوم واجبا أو مندوبا، وسواء كان التناول
مع المراعاة أو بدونها (1)، وبذلك صرح
العلامة وغيره. وينبغي تقييده بغير الواجب
المعين، أما المعين فالاظهر مساواته لصوم
رمضان في الحكم. قوله: (والافطار إخلادا
إلى من أخبر أن الفجر لم يطلع مع القدرة
على عرفانه ويكون طالعا) المراد أنه لو
أخبره غيره بأن الفجر لم يطلع فأخلد إليه،
أي ركن إليه مع القدرة على المراعاة
وتركها، ثم فعل المفطر وتبين طلوعه وقت
التناول وجب عليه القضاء دون الكفارة،
ومستند الحكمين معلوم مما سبق. وإطلاق
العبارة يقتضي عدم الفرق في المخبر بين
الواحد والمتعدد، واستقرب المحقق الشيخ
علي سقوط القضاء لو كان المخبر عدلين
لانهما حجة شرعية (2). ونفى عنه الشارح
البأس، قال: والخبر لا ينافيه، لانه فرض
فيه كون المخبر واحدا (3). وهو كذلك. قوله:
(وترك العمل بقول المخبر بطلوعه والافطار
لظنه كذبه). الافطار معطوف على قوله: وترك
العمل، والمراد بظن كذبه ظن المفطر أن
المخبر كاذب في إخباره، وقد قطع الاصحاب
بوجوب القضاء على
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 91. (2) جامع المقاصد 1: 153. (3)
المسالك 1: 72.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 94 ]
[ وكذا الافطار تقليدا ان الليل دخل ثم
تبين فساد الخبر. ] من هذا شأنه دون
الكفارة، أما انتفاء التكفير فلما سبق،
وأما وجوب القضاء فلما رواه الشيخ في
الصحيح، عن العيص بن القاسم، قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل خرج في رمضان
وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر
فناداهم، فكف بعضهم، وظن بعض أنه يسخر
فأكل، قال: (يتم صومه ويقضي) (1) ومورد
الرواية إخبار الواحد. ومن ثم استقرب
العلامة في المنتهى (2) والشهيدان (3) وجوب
القضاء والكفارة لو كان المخبر عدلين،
للحكم بقولهما (4) شرعا، فيكون كتعمد
الافطار مع تيقن الطلوع. قوله: (وكذا
الافطار تقليدا أن الليل دخل ثم تبين فساد
الخبر). هذا الاطلاق مشكل، لان المفطر إن
كان ممن لا يسوغ له التقليد فينبغي أن يكون
عليه القضاء والكفارة، وإن كان ممن يسوغ له
ذلك اتجه الحكم بسقوطهما، لاستناد فعله
إلى إذن الشارع على هذا التقدير، إلا أن
يقال إن ذلك لا يقتضي سقوط القضاء كما في

تناول المفطر قبل مراعاة الفجر. وهو جيد لو
ثبت دليل الوجوب هنا كما ثبت هناك. وإطلاق
العبارة يقتضي عدم الفرق في المخبر بين
المتحد والمتعدد، ولا بين العدل والفاسق.
وجزم المحقق الشيخ علي بأنه لو شهد
بالغروب عدلان ثم بان كذبهما فلا شئ على
المفطر، وإن كان ممن لا يجوز له التقليد،
لان شهادتهما حجة شرعية (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 270 / 814، الوسائل 7: 84 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 47 ح 1. (2) المنتهى 2: 578. (3)
الشهيد الاول في الدروس: 72، والشهيد
الثاني في المسالك 1: 72. (4) في (ض): بقبولهما.
(5) جامع المقاصد 1: 153.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 95 ]
[ والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل،
فلو غلب على ظنه لم يفطر. ] ويشكل بانتفاء
ما يدل على جواز التعويل على البينة على
وجه العموم، خصوصا في موضع يجب فيه تحصيل
اليقين. قوله: (والافطار للظلمة الموهمة
دخول الليل، فلو غلب على ظنه لم يفطر).
الكلام في هذه المسألة يتوقف على بيان
مقدمة، وهي أنه لا خلاف بين علمائنا ظاهرا
في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن
للظان طريق إلى العلم، وإنما اختلفوا في
وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن،
فذهب الشيخ في جملة من كتبه (1)، وابن
بابويه فيمن لا يحضره الفقيه (2)، وجمع من
الاصحاب إلى أنه غير واجب. وقال المفيد (3)
وأبو الصلاح (4) بالوجوب. واختاره المصنف في
المعتبر (5). والمعتمد الاول. لنا: التمسك
بمقتضى الاصل والاخبار المستفيضة، كصحيحة
زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال
لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر
الشمس بعد ذلك فقال: (ليس عليه قضاء) (6). وفي
رواية أخرى صحيحة لزرارة قال، قال أبو
جعفر عليه السلام: (وقت المغرب إذا غاب
القرص، فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت
الصلاة ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت
أصبت منه شيئا) (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 270، والاستبصار 2: 116،
والنهاية: 155. (2) الفقيه 2: 75. (3) المقنعة: 57. (4)
الكافي في الفقه: 183. (5) المعتبر 2: 678. (6)
التهذيب 4: 318 / 968، الوسائل 7: 88 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 51 ح 2. (7) الفقيه 2: 75 / 327،
التهذيب 4: 271 / 818، الاستبصار 2: 115 / 376،
الوسائل 7: 87 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 51 ح
1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 96 ]
ورواية أبى الصباح الكناني، قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن
الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم أن
السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، فقال: (قد
تم صومه ولا يقضيه) (1). ورواية زيد الشحام،
عن أبى عبد الله عليه السلام: في رجل صام ثم
ظن أن الليل قد دخل وأن الشمس قد غابت وكان
في السماء سحاب فأفطر، ثم إن السحاب انجلى
فإذا الشمس لم تغب، فقال: (تم صومه ولا
يقضيه) (2). احتج القائلون بالوجوب (3) بأنه
تناول ما ينافى الصوم عمدا فلزمه القضاء،
وتسقط الكفارة، لعدم العلم ولحصول الشبهة.
وما رواه الشيخ، عن محمد بن عيسى، عن يونس،
عن أبى بصير وسماعة، عن أبى عبد الله عليه
السلام: في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم
سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل
فقال: (على الذي أفطر صيام ذلك اليوم، إن
الله عزوجل يقول: * ثم اتموا الصيام إلى
الليل * فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه
قضاؤه، لانه أكل متعمدا) (4). والجواب عن
الاول بالمنع من الملازمة، فإن القضاء فرض
مستأنف فلا يثبت إلا مع قيام الدليل عليه،
فكيف مع قيام الدليل على خلافه. وأما
الرواية فضعيفة السند باشتماله على محمد
بن عيسى عن يونس،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 75 / 326، التهذيب 4: 270 / 816،
الاستبصار 2: 115 / 374، الوسائل 7: 88 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 51 ح 3، وفيها: غيم بدل علة
(2) التهذيب 4: 271 / 817، الاستبصار 2: 115 / 375،
الوسائل 7: 88 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 51 ح
4. (3) كالشيخ في التهذيب 4: 270، والمحقق في
المعتبر 2: 678. (4) التهذيب 4: 270 / 815 وفيه: محمد
بن عيسى عن عبيد عن يونس..، الاستبصار 2: 115 /
377، الوسائل 7: 87 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
50 ح 1 وفيهما: محمد بن عيسى بن عبيد..
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 97 ]
وباشتراك أبي بصير بين الثقة والضعيف،
ونص الشيخ على أن سماعة كان واقفيا (1). ومع
ذلك فيمكن حملها على الاستحباب توفيقا بين
الادلة. وقال الشيخ في الاستبصار: الوجه في
هذه الرواية أنه متى شك في دخول الليل عند
العارض وتساوت ظنونه ولم يكن لاحدهما مزية
على الاخر لم يجز له أن يفطر حتى يتيقن دخول
الليل أو يغلب على ظنه، ومتى أفطر والامر
على ما وصفناه وجب عليه القضاء حسب ما
تضمنه هذا الخبر، فأما من غلب على ظنه دخول

الليل فأفطر ثم يتبين بعد ذلك أنه لم يكن قد
دخل فليكف عن الطعام وليس عليه قضاء حسب ما
تضمنته الاخبار الاولة (2). إذا تقرر ذلك
فنقول يمكن أن يريد المصنف بالوهم في قوله:
والافطار للظلمة الموهمة، معناه المتعارف
وهو الطرف المرجوح المقابل للظن، وإيجاب
القضاء على هذا التقدير واضح، لكن الحكم
بعدم وجوب الكفارة مشكل على إطلاقه، بل
ينبغي القطع بالوجوب لو انكشف فساد الوهم
وبقاء النهار، كما أن الظاهر سقوطها وسقوط
القضاء أيضا لو تبين دخول الليل وقت
الافطار، وإنما الاشكال مع استمرار
الاشتباه فيمكن القول بالوجوب لاصالة
بقاء النهار، وعدمه للشك في الموجب، وهو
الافطار في نهار رمضان، وهو خيرة المنتهى
(3)، وعلى هذه الصورة يمكن حمل (العبارة) (4).
ويمكن أن يكون المراد بالوهم في عبارة
المصنف: الظن، فإنه أحد معانيه، لكن يشكل
الحكم بوجوب القضاء معه وسقوطه مع غلبة
الظن، لانتفاء ما يدل على هذا التفصيل من
النص، ولان مراتب الظن غير منضبطة، إذ ما
من ظن إلا وفوقه ما هو أقوى منه ودونه
أدنى، لاختلاف الامارات
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) رجال الطوسي: 351 / 4. (2) الاستبصار 2: 116. (3)
المنتهى 2: 579. (4) في (ض)، (م)، (ح): عبارة
المصنف.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 98 ]
[ وتعمد القئ، ولوذرعه لم يفطر. ] الموجبة
له، فالوقوف على أول جزء من مراتبه لا يكاد
يتحقق، بل ولا على ما فوقه. وفرق الشهيد في
بعض تحقيقاته على هذا المحل بين الوهم
والظن، بأن المراد من الوهم ترجيح أحد
الطرفين لا لامارة شرعية، ومن الظن
الترجيح لامارة شرعية. وهو مع غرابته غير
مستقيم، لان الظن المجوز للافطار لا يفرق
فيه بين الاسباب المثيرة (1) له، بل مورد
النصوص سقوط القضاء مع حصول الظن الذي
سماه الشهيد وهما. وكيف كان فالامر في
العبارة هين إذا كان الحكم واضح المأخذ.
قوله: (وتعمد القئ، ولو ذرعه لم يفطر).
اختلف الاصحاب في حكم تعمد القئ للصائم
بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه - أي سبقه بغير
اختياره - لم يفطر، فذهب الشيخ وأكثر
الاصحاب إلى أنه موجب للقضاء خاصة (2). وقال
ابن إدريس: إنه محرم ولا يجب به قضاء ولا
كفارة (3). وحكى السيد المرتضى عن بعض
علمائنا قولا بأنه موجب للقضاء والكفارة،
وعن بعضهم أنه ينقض الصوم ولا يبطله، قال:
وهو الاشبه (4). والمعتمد الاول. لنا: على
انتفاء الكفارة التمسك بمقتضى الاصل،
وعلى وجوب القضاء ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن الحلبي، عن أبى عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا تقيا الصائم فعليه قضاء
ذلك اليوم، وإن ذرعه من غير أن يتقيا فليتم
صومه) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض): المميزة. (2) النهاية: 155، والمبسوط
1: 272. (3) السرائر: 88. (4) جمل العلم والعمل: 90. (5)
التهذيب 4: 264 / 790، الوسائل 7: 61 ابواب ما يمسك
عنه الصائم ب 29 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 99 ]
[ والحقنة بالمائع. ] وفي الصحيح عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إذا تقيأ الصائم فقد أفطر، وإن ذرعه من غير
أن يتقيأ فليتم صومه) (1). وربما أمكن
الاستدلال بهذه الرواية على وجوب الكفارة
أيضا "، لاقتضائها كون القئ مفطرا "، ومن
تعمد الافطار لزمته الكفارة كما دلت عليه
الاخبار الكثيرة. ويتوجه عليه ما سبق من أن
المتبادر من الافطار إفساد الصوم بالاكل
والشرب فيجب الحمل عليه خاصة، لان اللفظ
إنما يحمل على حقيقته. احتج ابن إدريس
والمرتضى بأصالة البراءة من وجوب القضاء،
وبأن الصوم إمساك عما يصل إلى الجوف لا عما
ينفصل عنها (2). ويدل عليه ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (ثلاثة لا يفطرن
الصائم: القئ والاحتلام والحجامة) (3).
والجواب عن الاول بأن الاصل يرتفع بما
ذكرناه من الادلة. وعن الثاني بأنه اجتهاد
في مقابلة النص فلا يكون مسموعا ". وعن
الرواية بالحمل على غير العامد، جمعا " بين
الادلة. قوله: (والحقنة بالمائع). قد تقدم
الكلام في ذلك، وأن الاظهر أنها لا توجب
قضاء ولا كفارة وإن كانت محرمة (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 108 / 2، التهذيب 4: 264 / 791،
الوسائل 7: 60 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 29 ح
1. (2) السرائر: 88. (3) التهذيب 4: 260 / 775،
الاستبصار 2: 90 / 288، الوسائل 7: 56 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 26 ح 11. (4) راجع ص 63.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 100 ]
[ ودخول الماء الحلق للتبرد دون التمضمض
به للطهارة. ] قوله: (ودخول الماء للحلق
للتبرد، دون المضمضة به للطهارة). المراد
أن من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا "، فإن

كان متبردا " فعليه القضاء، وإن كان
للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه. قال في
المنتهى: وهذا مذهب علمائنا (1)، واستدل
عليه بما رواه الشيخ عن سماعة، قال: وسألته
عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل
حلقه، قال: (عليه القضاء، وإن كان في وضوء
فلا بأس) (2). وعن يونس قال: الصائم في شهر
رمضان يستاك متى شاء (3)، وإن تمضمض في غير
وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة
(4). وفي الروايتين ضعف من حيث السند (5)، مع
أن الشيخ - رحمه الله - روى في الصحيح، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه
فقال: (إن كان وضوءه لصلاة فريضة فليس عليه
شئ، وإن كان وضوءه لصلاة نافلة فعليه
القضاء) (6) دلت الرواية على وجوب القضاء
إذا دخل الماء للحلق من وضوء النافلة.
ويستفاد منه وجوب القضاء إذا دخل من مضمضة
التبرد أو العبث بطريق أولى. أما الكفارة
فلا تثبت إلا مع تعمد الازدراد قطعا ".
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 579. (2) التهذيب 4: 322 / 991،
الوسائل 7: 50 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 23 ح
4 (3) في المصدر وهامش (م) زيادة: وان تمضمض في
وقت فريضة فدخل الماء حلقه فلا شئ عليه وقد
تم صومه. (4) التهذيب 4: 205 / 593، الاستبصار 2: 94 /
304، الوسائل 7: 49 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
23 ح 3. (5) اما الاولى فلان راويها واقفي،
والثانية فلان في طريقها سهل بن زياد وهو
ضعيف، وهذا من كلام الراوي نفسه. (6)
التهذيب 4: 324 / 999، الوسائل 7: 49 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 23 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 101 ]
[ ومعاودة الجنب النوم ثانيا حتى يطلع
الفجرنا ويا للغسل. ] وفي معنى دخول الماء
من الوضوء الواجب دخوله من المضمضة
للتداوي، أو لازالة النجاسة. ولا يلحق لا
مضمضة الاستنشاق في هذا الحكم قطعا "، فلا
يجب بما يسبق منه قضاء ولا كفارة، بل لو
قيل بأن تعمد إدخال الماء من الانف غير
مفسد للصوم لم يكن بعيدا. واعلم أن المعروف
من مذهب الاصحاب جواز المضمضة للصائم في
الوضوء وغيره، بل قال في المنتهى: ولو
تمضمض لم يفطر بلا خلاف بين العلماء كافة
سواء كان في الطهارة أو غيرها (1). وربما ظهر
من كلام الشيخ في الاستبصار عدم جواز
المضمضة للتبرد، فإنه روى عن زيد الشحام،
عن أبي عبد الله عليه السلام: في صائم
يتمضمض، قال: (لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث
مرات) (2) ثم قال، قال محمد بن الحسن: هذا
الخبر مختص بالمضمضة إذا كانت لاجل
الصلاة، فأما للتبرد فإنه لا يجوز على
حال، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب،
عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن
الريان بن الصلت، عن يونس، قال: الصائم في
شهر رمضان يستاك متى شاء، وإن تمضمض في وقت
فريضة فدخل الماء حلقه فلا شئ عليه،
والافضل للصائم أن لا يتمضمض (3). وهذه
الرواية لا تدل على ما ذكره، مع أنها ضعيفة
جدا " باشتمال سندها على سهل بن زياد،
وبأنها موقوفة على يونس، وليس قوله حجة.
قوله: (ومعاودة الجنب النوم ثانيا " حتى
يطلع الفجر ناويا " للغسل).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 579. (2) الاستبصار 2: 94 / 303،
الوسائل 7: 64 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 31 ح
1. (3) الاستبصار 2: 94، والرواية في: الكافي 4:
107 / 4، التهذيب 4: 205 / 593، الوسائل 7: 49 ابواب
ما يمسك عنه الصائم ب 23 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 102 ]
[. من نظرالى من يحرم عليه نظرها بشهوة
فامنى قيل: عليه القضاء، وقيل: لا يجب، وهو
الاشبه. وكذا لو كانت محللة لم يجب. فروع: {
الاول }: لو تمضمض متداويا أو طرح في فيه
خرزا أو غيره لغرض صحيح فسبق إلى حلقه لم
يفسد صومه. ولو فعل ذلك عبثا، قيل: عليه
القضاء، وقيل: لا، وهو الاشبه. ] تدل على
ذلك روايات، منها ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن معاوية بن عمار قال، قلت لابي
عبد الله عليه السلام: الرجل يجنب من أول
الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان، قال:
(ليس عليه شئ) قلت: فإنه استيقظ ثم نام حتى
أصبح، قال: (فليقض ذلك اليوم عقوبة) (1). وقول
المصنف رحمه الله: ثانيا "، الظاهر أنه حال
من المعاودة، وهو إنما يصح إذا كانت
جنابته من احتلام، فلو قال: ونوم الجنب
ثانيا " حتى يطلع الفجر، لكان أخصر وأظهر.
قوله: (ومن نظر إلى من يحرم عليه نظرها
بشهوة فأمنى، قيل: عليه القضاء، وقيل: لا
يجب، وهو الاشبه. وكذا لو كانت محللة لم
يجب). الاصح عدم الوجوب إلا إذا كان معتادا
" للامناء عقيب النظر وقصد ذلك فيجب القضاء
والكفارة، سواء كانت محرمة أو محللة. قوله:
(فروع، لو تمضمض متداويا " أو طرح في فمه
خرزا " أو غيره لغرض صحيح فسبق إلى حلقه لم
يفسد صومه. ولو فعل ذلك عبثا "، قيل: عليه
القضاء، وقيل: لا، وهو الاشبه).
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) التهذيب 4: 212، الاستبصار 2: 87 / 271،
الوسائل 7: 41 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 15 ح
1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 103 ]
[ الثاني: ما يخرج من بقايا الغذاء من بين
اسنانه يحرم ابتلاعه للصائم، فان ابتلعه
عمد اوجب عليه القضاء، والاشبه القضاء
والكفارة. ] إما أنه لا يفسد صومه إذا كان
وضع المفطر في الفم لغرض صحيح فلا ريب فيه،
للاذن في الفعل، وعدم تعمد الازدراد. وإنما
الكلام مع انتفاء الغرض، فقيل: إنه كالاول،
لعين ما سبق (1)، وقيل: يجب القضاء، لفحوى ما
دل على وجوبه في مضمضة التبرد ووضوء
النافلة (2). وإنما جزم المصنف بوجوب القضاء
في دخول الماء للتبرد ورجح سقوطه في طرح
الخرز ونحوه لغير غرض مع أن العابث أولى
بالمؤاخذة لاختصاص الاول بالنص ومنع
أولوية الحكم في غير الماء كما لا يخفى.
قوله: (الثاني، ما يخرج من بقايا الغذاء من
بين أسنانه يحرم ابتلاعه للصائم، فإن
ابتلعه عمدا " وجب عليه القضاء، والاشبه
القضاء والكفارة). القول بوجوب القضاء
للشيخ في الخلاف والمبسوط ولم يتعرض لوجوب
الكفارة (3)، وإنما كان الاشبه وجوب القضاء
والكفارة، لانه تناول المفطر عامدا "
فساوى ما لو ازدرده من خارج. ويمكن
المناقشة في فساد الصوم بذلك، لعدم تسميته
أكلا "، ولما رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد
الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله عليه
السلام عن الرجل الصائم يقلس (4) فيخرج منه
الشئ أيفطره ذلك؟
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) قال به الاردبيلي في مجمع الفائدة 5: 117.
(2) قال به الشهيد الثاني في المسالك 1: 73. (3)
الخلاف 1: 381، والمبسوط 1: 272. (4) القلس: ما خرج
من الحلق مل ء الفم أو دونهه وليس بقئ،
يقال: قلس الرجل يقلس قلسا وهو خروج القلس
من حلقه العين 5: 78.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 104 ]
[ وفى السهو لا شئ عليه. الثالث: لا يفسد
الصوم ما يصل إلى الجوف بفير الحلق عدا
الحقنة بالمائع وقيل: صب الدواء في
الاحليل حتى يصل إلى الجوف يفسده، وفيه
تردد. ] قال: (لا) قلت: فإن ازدرده بعد أن صار
على لسانه؟ قال: (لا يفطره ذلك) (1). قوله:
(وفي السهو لا شئ عليه). إطلاق العبارة
يقتضي عدم الفرق في ذلك بين من قصر في
التخليل وغيره، وقيل إن المقصر في التخليل
لو ابتلع شيئا " من الباقي ناسيا " يجب عليه
القضاء لتفريطه وتعرضه للافطار. ومال إليه
الشارح قدس سره (2)، وهو ضعيف. قوله: (وقيل صب
الدواء في الاحليل حتى يصل إلى الجوف
يفسده، وفيه تردد). القول للشيخ في المبسوط
(3)، وجماعة منهم العلامة في المختلف (4)،
واستدل عليه بأنه قد أوصل إلى جوفه مفطرا "
بأحد المسلكين، فإن المثانة تنفذ إلى
الجوف فكان موجبا " للافطار كما في الحقنة.
وقال الشيخ في الخلاف: التقطير في الذكر لا
يفطر (5). واختاره المصنف في المعتبر، واحتج
بأن المثانة ليست موضعا " للاغتذاء، قال:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 265 6 4 / 796، الوسائل 7: 62 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 29 ح 9. (2) المسالك 1: 73. (3)
المبسوط 1: 273. (4) المختلف: 221. (4) الخلاف 1: 397.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 105 ]
[ الرابع: لا يفسد الصوم بابتلاع النخامة
والبصاق، ولو كان عمدا ما لم ينفصل عن
الفم، وما ينزل من الفضلات من راسه إذا
استرسل وتعدى الحلق من غير قصد لم يفسد
الصوم، ولو تعمد ابتلاعه افسد. ] وقولهم
للمثانة منفذا " إلى الجوف، قلنا: لا نسلم،
بل ربما كان ما يرد إليها من الماء على
سبيل الترشح، ولا يبطل الصوم بالامر
المحتمل (1). ولا ريب في قوة هذا القول. قوله:
(الرابع، لا يفسد الصوم بابتلاع النخامة
والبصاق ولو كان عمدا " ما لم ينفصل عن
الفم، وما ينزل من الفضلات من رأسه إذا
استرسل وتعدى الحلق من غير قصد لم يفسد
الصوم، لو تعمد ابتلاعه أفسد). مقتضى
العبارة أن النخامة مختصة بما يخرج من
الصدر لعطف ما ينزل من الرأس عليها بالواو
والمؤذن بالمغايرة. وأطلق جماعة من
الاصحاب عليها اسم النخامة، وهو المطابق
للعرف. وقد اختلف كلام الاصحاب في حكمهما،
فجوز المصنف في هذا الكتاب ابتلاع الاولى
ما لم تنفصل عن الفم، ومنع من ازدراد
الثانية وإن لم تصل إلى الفم. وحكم
الشهيدان بالتسوية بينهما في جواز
الازدراد ما لم تصلا إلى فضاء الفم،
والمنع إذا صارتا فيه (2). وجزم المصنف في
المعتبر، والعلامة في التذكرة والمنتهى
بجواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس
وابتلاعهما ما لم تنفصلا عن الفم (3). وهو
المعتمد. لنا: إن ذلك لا يسمى أكلا " ولا
شربا " فكان سائغا "، تمسكا " بمقتضى
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 661. (2) الشهيد الاول في الدروس:

74، والشهيد الثاني في المسالك 1: 73. (3)
المعتبر 2: 653، والتذكرة 1: 256، والمنتهى 2: 563.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 106 ]
الاصل السالم من المعارض. ولنا أيضا ": أن
النخامة مساوية للريق في عدم الوصول من
خارج فوجب مساواتها له في الحكم. واستدل
عليه في المعتبر أيضا " بأن ذلك لا ينفك منه
الصائم إلا نادرا " فوجب العفو عنه لعموم
البلوى به (1). ويؤيده ما رواه الكليني عن
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن
المغيرة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (لا بأس بأن يزدرد
الصائم نخامته) (2) وقد روى هذه الرواية
الشيخ في التهذيب، عن أيوب بن نوح، عن
صفوان، عن سعد بن أبي خلف، قال: حدثني غياث
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا بأس
بأن يزدرد الصائم نخامته) (3) وليس في هذا
السند من يتوقف في شأنه سوى غياث بن
أبراهيم، فإن النجاشي وثقه (4)، لكن قال
العلامة: إنه بتري (5). ولا يبعد أن يكون
الاصل فيه كلام الكشي نقلا " عن حمدويه، عن
بعض أشياخه، وذلك البعض مجهول فلا تعويل
على قوله. ثم إن قلنا إن ذلك مفسد للصوم
فالاصح أنه غير موجب للكفارة، لانه الاصل
ولا مخرج عنه. وربما قيل بوجوب كفارة الجمع
بذلك، بناءا " على تحريم ازدراد ذلك على غير
الصائم (6). وهو مدفوع بالاصل وما رواه
الشيخ، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول: (من تنخع في
المسجد
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 653. (2) الكافي 4: 115 / 1، الوسائل
7: 77 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 39 ح 1. (3)
التهذيب 4: 323 / 995. () رجال النجاشي: 305 / 833. (5)
خلاصة العلامة: 245. (6) قال به الشهيد الثاني
في المسالك 1: 73.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 107 ]
[ الخامس: ماله طعم كالعلك، قيل: يفسد
الصوم، وقيل: لا يفسده، وهو الاشبه. ] ثم
ردها في جوفه لم تمر بداء في جوفه إلا
أبرأته) (1). قوله: (الخامس، ما له طعم كالعلك
قيل: يفسد الصوم، وقيل: لا يفسده، وهو
الاشبه). المراد أن ما له طعم إذا تغير
الريق بطعمه ولم ينفصل منه أجزاء فابتلع
الصائم الريق المتغير بطعمه ففي فساد
الصوم به قولان: إحدهما: الافساد، واستدل
له في المختلف بأن وجود الطعم في الريق
دليل على تخلل شئ من أجزاء ذي الطعم فيه،
لاستحالة انتقال الاعراض، فكان ابتلاعه
مفطرا (2). وهو استدلال ضعيف، لاحتمال
الانفعال بالمجاورة كما ينفعل الماء
والهواء بذلك. قال في المنتهى: وقد قيل إن
من لطخ باطن قدميه بالحنظل وجد طعمه ولا
يفطره إجماعا (3). ويمكن أن يستدل على هذا
القول أيضا " بما رواه الكليني في الحسن،
عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال، قلت: الصائم يمضغ العلك؟ قال: (لا) (4)
ويشكل بأن قصى ما تدل عليه الرواية
التحريم، أما الافساد فلا، والاجود حمل
النهي على الكراهة كما اختاره الشيخ في
المبسوط (5) وابن إدريس (6) وجماعة لما رواه
الكليني في الصحيح، عن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 3: 256 / 714، الاستبصار 442 6 1 / 1706،
الوسائل 3: 500 ابواب احكام المساجد ب 20 ح 1. (2)
المختلف: 222. (3) المنتهى 2: 568. (4) الكافي 4: 114 /
1، الوسائل 7: 74 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب
36 ح 2. (5) المبسوط 1: 273. (6) السرائر: 88.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 108 ]
[ السادس: إذ طلع الفجر وفى فيه طعام لفظه،
ولو ابتلعه فسد صومه وعليه القضاء
الكفارة. السابع: المنفرد برؤية الهلال
شهر رمضان إذا فطر عليه القضاء والكفارة. ]
محمد بن مسلم قال، قال أبو جعفر عليه
السلام: (يا محمد إياك أن تمضغ علكا " فإني
مضغت اليوم علكا " وأنا صائم فوجدت في نفسي
منه شيئا) (1). وما رواه الشيخ عن أبي بصير،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته
عن الصائم يمضغ العلك؟ فقال: (نعم إن شاء
الله) (2). قوله: (السادس، إذا طلع الفجر وفي
فيه طعام لفظه، ولو ابتلعه فسد صومه وعليه
مع القضاء الكفارة). هذا الحكم موضع وفاق
بين العلماء، ووجهه معلوم مما سبق. قوله:
(السابع، المنفرد برؤية هلال شهر رمضان
إذا أفطر عليه القضاء والكفارة). أجمع
الاصحاب على أن من انفرد برؤية هلال شهر
رمضان يجب عليه الصيام عدلا " أو غير عدل،
شهد عند الحاكم إو لم يشهد، قبلت شهادته أو
ردت. وقال بعض العامة: لا يصوم إلا في جماعة
الناس (3). ولا ريب في بطلانه. ويترتب على
وجوب الصيام لزوم القضاء والكفارة مع
الافطار. وقال أبو حنيفة لا تجب الكفارة مع
أنه حكم بوجوب الصوم، لان الكفارة عقوبة
فلا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 114 / 2، الوسائل 7: 73 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 36 ح 1. (2) التهذيب 4: 324 /

1002، الوسائل 7: 74 ابواب ما يمسك عنه الصائم
ب 36 ح 3. (3) حكاه في المغني 3: 96.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 109 ]
[ المسألة العاشرة: يجوز الجماع حتى يبقى
لطلوع الفجر مقدار ايقاعه والغسل. ولو
تيقن ضيق الوقت فواقع فسد صومه وعليه
الكفارة. ولو فعل ذلك ظانا سعته، فان كان
مع المراعاة لم يكن عليه شئ، وان اهمل
فعليه القضاء. ] تجب بفعل مختلف فيه، ولانه
لا يجب على الجميع فأشبه زمان القضاء (1).
وبطلانهما ظاهر. قوله: (المسألة العاشرة،
يجوز الجماع حتى يبقى لطلوع الفجر مقدار
إيقاعه والغسل، ولو تيقن ضيق الوقت فواقع
فسد صومه وعليه الكفارة). لا ريب في تحريم
الجماع مع تيقن ضيق الوقت عن زمانه وزمان
الغسل وفي فساد الصوم بذلك، وإنما الكلام
في وجوب الكفارة، وقد تقدم الكلام فيه،
ولا يخفى إن ذلك مفيد بما إذا كان المكلف
ذاكرا " للصوم، وإلا فلا شئ عليه. قوله: (ولو
فعل ذلك ظانا " سعته، فإن كان مع المراعاة
لم يكن عليه شئ، وإن أهمل فعليه القضاء).
أما إنه لا شئ عليه مع المراعاة فلا ريب
فيه، لانه الاصل. وأما وجوب القضاء مع
الاهمال فربما كان لعدم تحقق الامساك في
مجموع النهار فلا يتحقق به الامتثال.
ويتوجه عليه ما بيناه مرارا " من أن فساد
الاداء لا يستلزم وجوب القضاء. ويمكن أن
يستدل عليه أيضا " بما دل على وجوب الفضاء
بالاكل قبل المراعاة من باب التنبيه، إلا
أن ذلك يتوقف على ثبوت التعليل.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه في المغني 3: 96.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 110 ]
[ الحادية عشرة: تتكرر الكفارة بتكرر
الموجب إذا كان في يومين من صوم تتعلق به
الكفارة. وان كان في يوم واحد، قيل: تتكرر
مطلقا، وقيل: ان تخلله التكفير، وقيل: لا
تتكرر، وهو الاشبه، سواء كان من جنس واحدا
ومختلفا. ] قوله: (الحادية عشرة، تتكرر
الكفارة بتكرر الموجب إذا كان في يومين من
صوم تتعلق به الكفارة، وإن كان في يوم واحد
قيل: تتكرر مطلقا "، وقيل: إن تخلله
التكفير، وقيل: لا تتكرر، وهو الاشبه،
سواء كان من جنس واحد أو مختلفا "). أجمع
الاصحاب على تكرر الكفارة بتكرر الموجب
إذا كان في يومين أو أزيد سواء كفر عن
الاول إو لم يكفر، حكاه في المنتهى (1).
وإنما الخلاف في تكررها بتكرر الموجب في
اليوم الواحد، فقال الشيخ في المبسوط: ليس
لاصحابنا فيه نص، والذي يقتضيه مذهبنا أنه
لا تتكرر الكفارة (2). واختاره ابن حمزة (3)،
وجماعة منهم المصنف في كتبه الثلاثة (4).
وقال المرتضى رضي الله عنه: تتكرر بتكرر
الوطء (5). وقال ابن الجنيد: إن كفر عن الاول
كفر ثانيا "، وإلا كفر كفارة واحدة عنهما
(6). وقال العلامة في المختلف: الاقرب عندي
إن تغاير جنس المفطر تعددت الكفارة، سواء
اتحد الزمان أو لا، كفر عن الاول أو لا،
وإن اتحد جنس المفطر في يوم واحد فإن كفر
عن الاول تعددت الكفارة، وإلا فلا (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 580. (2) المبسوط 1: 274. (3) الوسيلة
(الجوامع الفقهية): 684. (4) المعتبر 2: 680،
والشرائع 1: 194، والمختصر النافع: 67. (5 و 6)
حكاه عنهما في المعتبر 2: 680، والمختلف: 227.
(7) المختلف: 227.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 111 ]
ورجح المحقق الشيخ علي في حواشي الكتاب
تكرر الكفارة بتكرر السبب مطلقا (1). قال
الشارح قدس سره: وهو الاصح إن لم يكن قد سبق
الاجماع على خلافه. ثم قال: والاكل والشرب
مختلفان ويتعددان بتعدد الازدراد (2). وهو
بعيد جدا ". والاصح ما اختاره المصنف من عدم
التكرر مطلقا ". لنا: أن المقتضي لوجوب
الكفارة تعمد الافطار في نهار رمضان، وهو
إنما يحصل بفعل ما يحصل به الفطر ويفسد به
الصوم، فلا يثبت فيما عداه، عملا " بمقتضى
الاصل السليم من المعارض. ولا ينافي ذلك
تعليق الحكم على الاستمناء والجماع في
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (3)، لان ذلك
إنما ورد بصيغة الفعل المثبت وهو لا يفيد
العموم، مع أن المتبادر في هذا المقام من
ذلك تعلق السؤال بالاستمناء والجماع الذي
يحصل به الفطر ويفسد به الصوم الصحيح كما
هو واضح. ويؤيده إطلاق قوله عليه السلام في
صحيحة ابن سنان وقد سأله عن رجل أفطر في شهر
رمضان: (يعتق رقبة، أو يصوم شهرين
متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا ") (4) من غير
استفصال عن تكرر الموجب وعدمه، مع أن
الاغلب تكرره مع الافطار، خصوصا " على ما
ذكره الشارح من تعدده بتعدد الازدراد (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكتاب غير موجود، وهو موجود في جامع
المقاصد 1: 153. (2) المسالك 1: 73. (3) الكافي 4: 102 /
4، التهذيب 4: 206 / 597، الاستبصار 2: 81 / 247،
الوسائل 7: 25 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح
1. (4) الكافي 4: 101 / 1، الفقيه 1: 72 / 308، التهذيب

4: 205 / 594، الاستبصار 2: 95 / 310، الوسائل 7: 28
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1. (5) المسالك
1: 73.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 112 ]
احتج القائلون بالتكرر مطلقا " بأن الاصل
اختلاف المسببات عند اختلاف الاسباب إلا
ما وقع النص فيه على التداخل، وهو منفي
هنا. والجواب أولا " إنا قد بينا أن السبب
ما يحصل به الفطر ويفسد به الصوم، وهو إنما
يصدق على الاول خاصة. وثانيا " إن هذه
الاسباب من قبيل المعرفات فلا بعد في
الجتماعها على مسبب واحد كما اعترف به
الاصحاب في تداخل الاغسال والغسلات
المعتبرة في التطهير. احتج العلامة في
المختلف على التكرر مع تغاير الجنس بأن
الكفارة تترتب على كل واحد من المفطرات
فمع الاجتماع لا يسقط وإلا لزم خروج
الماهية عن مقتضاها حالة انضمامها إلى
غيرها فلا تكون تلك الماهية هذا خلف. قال:
ويؤيده ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد
الله، عن الصادق عليه السلام: في رجل أفطر
يوما " من شهر رمضان متعمدا "، قال: (عليه
خمسة عشر صاعا ") (1) وفي الصحيح عن عبد
الرحمن بن الحجاج، عن الصادق عليه السلام:
في الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى
يمني، قال: (عليه من الكفارة مثل ما على
الذي يجامع) (2). إذا عرفت هذا فنقول: لو أفطر
إنسان بأكل أو شرب أو جماع وجب عليه
الكفارة بالحديث الاول، ولو عاد فعبث
بأهله حتى أمنى وجب عليه الكفارة للحديث
الثاني، فإنه دال على إطلاق هذا الفعل،
ولان إيجاب الكفارة يتعلق على الجماع
مطلقا " وهو صادق على المتأخر عن الافطار
صدقه في المتقدم وماهيته واحدة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 207 / 599، الاستبصار 2: 96 / 312،
الوسائل 7: 31 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح
10. (2) المتقدم في ص 77.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 113 ]
فيهما فيثبت الحكم المعلق على مطلق
الماهية. قال: وأما مع اتحاد الجنس فإن كفر
عن الاول تعددت الكفارة أيضا "، لان الثاني
جماع وقع في زمان يجب الامساك عنه فيترتب
عليه وجوب الكفارة، لانها معلقة على مطلق
الجماع، والثاني مساو للاول في الماهية،
وإذا كان موجبا " للكفارة فإما أن تكون
الكفارة الواجبة هي التي وجبت أولا " فيلزم
تحصيل الحاصل وهو محال، وإن كانت غيرها ثبت
المطلوب، ويؤيده ما روي عن الرضا عليه
السلام: (إن الكفارة تكرر بتكرر الوطء) (1)،
لا يقال: هذا أعم من أن يقع عقيب أداء
الكفارة وعدمه، لانا نقول: المطلق لا عموم
له، وإلا لم يبق فرق بينه وبين العام. وأما
إذا لم يكفر عن الاول فلان الحكم معلق على
الافطار وهو أعم من المتحد والمتعدد،
والاصل براءة الذمة (2). هذا كلامه رحمه
الله. وجوابه معلوم مما قررناه، فإن
الكفارة إنما تترتب على ما حصل به الفطر لا
على مطلق الاكل والشرب والجماع ونحوها، مع
أن ما ذكره آخرا " من أن المطلق لا عموم له
مناف لما ذكره أولا " من أن إيجاب الكفارة
معلق على الجماع مطلقا "، وهو صادق في
المتأخر عن الافطار صدقه في المتقدم
وماهيته واحدة فيهما، فيثبت الحكم المعلق
على مطلق الماهية، إذ مقتضى ذلك كون
المطلق كالعام. وقوله في آخر كلامه: إن
الحكم معلق على الافطار وهو أعم من المتحد
والمتعدد، غير جيد، فإن الافطار الذي هو
إفساد الصوم إنما يستند إلى السبب الاول
خاصة، مع أن ما استدل له على التكرر مع
تخلل التكفير يمكن إجراؤه في هذه الصورة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 227، وعنه في الوسائل 7: 37 ابواب
ما يمسك عنه الصائم ب 11 ح 3. (2) المختلف: 227.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 114 ]
[ فرع: من فعل ما تجب به الكفارة ثم سقط فرض
الصوم بسفر أو حيض وشبهه، قيل: تسقط
الكفارة، وقيل: لا، وهو الاشبه. ] وبالجملة
فكلامه - رحمه الله - في هذه المسألة لا
يخلو من تدافع، والله أعلم. قوله: (فرع، من
فعل ما تجب به الكفارة ثم سقط فرض الصوم
بسفر أو حيض وشبهه قيل: تسقط الكفارة،
وقيل: لا، وهو الاشبه). القول بعدم السقوط
للشيخ - رحمه الله - في الخلاف وأكثر
الاصحاب، وادعى عليه في الخلاف إجماع
الفرقة (1). واستدل عليه بأنه أفسد صوما
واجبا من رمضان فاستقرت عليه الكفارة كما
لو لم يطرأ العذر، وبأنه أوجد المقتضي وهو
الهتك والافساد بالسبب الموجب للكفارة
فيثبت الاثر، والمعارض وهو العذر المسقط
لفرض الصوم لا يصلح للمانعية عملا بالاصل.
والقول بالسقوط حكاه المصنف وغيره،
واختاره العلامة في جملة من كتبه، واستدل
عليه بأن هذا اليوم غير واجب صومه عليه في
علم الله تعالى، وقد انكشف لنا ذلك بتجدد
العذر فلا تجب فيه الكفارة كما لو انكشف
أنه من شوال بالبينة (2). وذكر العلامة ومن

تأخر عنه (3) أن مبنى المسألة على قاعدة
أصولية، وهي أن المكلف إذا علم فوات شرط
الفعل هل يجوز أن يكلف به أم يمتنع؟ فعلى
الاول تجب الكفارة، وعلى الثاني تسقط.
وعندي في هذا البناء نظر، إذ لا منافاة بين
الحكم بامتناع التكليف
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخلاف 1: 400. (2) التذكرة 1: 263، والمختلف:
227، والقواعد 1: 65. (3) كفخر المحققين في
ايضاح الفوائد 1: 230، والشهيد الثاني في
المسالك 1: 74.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 115 ]
بالفعل مع علم الامر بانتفاء الشرط كما هو
الظاهر، وبين الحكم بثبوت الكفارة هنا
لتحقق الافطار في صوم واجب بحسب الظاهر
كما هو واضح. والمسألة محل تردد وإن كان
القول بعدم السقوط لا يخلو من قوة. نعم لو
انكشف بعد الافطار كون ذلك اليوم من غير
شهر رمضان، كما لو ثبت بالبينة أنه من شوال
سقطت الكفارة قطعا، لان الكفارة إنما
تتعلق بمن أفطر في نهار شهر رمضان،
والمفروض كونه من شوال. ويظهر من كلام
العلامة في مطولاته الثلاثة (1) والشارح -
قدس سره (2) - أن سقوط الكفارة في هذه الصورة
لا خلاف فيه، فإنهما استدلا على سقوط
الكفارة مع سقوط الفرض بسقوطهما إذا انكشف
كون ذلك اليوم من شوال بالبينة، ومقتضى ذلك
كون ال سقوط هنا مسلما عند الجميع. واعلم أن
الظاهر أن موضع الخلاف ما إذا لم يكن
المسقط من فعل المكلف، بحيث يقصد به إسقاط
الكفارة، فإنها لا تسقط، وإلا لزم إسقاط
الكفارة عن كل مفطر باختياره والاقدام على
المحرمات. ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني
في الحسن، عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا،
قال أبو عبد الله عليه السلام: (أيما رجل
كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه)
قلت له: فإن وهبه قبل حله بشهر أو يومين؟
قال: (ليس عليه شئ أبدا) وقال زرارة عنه إنه
قال: (هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان
يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في
سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي
وجبت عليه) وقال: (إنه حين رأى الهلال
الثاني عشر وجبت عليه الزكاة، ولكنه لو
وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيى
بمنزلة من خرج ثم أفطر) (3).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 264، والمنتهى 2: 584، والمختلف:
227. (2) المسالك 1: 74. (3) الكافي 3: 525 / 4،
الوسائل 6: 111 ابواب زكاة الذهب والفضة ب 12 ح
2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 116 ]
[ الثانية عشر: من افطر في شهر رمضان عالما
عامدا عزر مرة، فان عاد كذلك عزر ثانيا،
فان عاد قتل. ] قوله: (الثانية عشرة، من أفطر
في شهر رمضان عامدا عالما عزر مرة، فإن عاد
كذلك عزر ثانيا، فإن عاد قتل). من أفطر في
شهر رمضان فإما أن يكون معتقدا للعصيان أو
يكون مستحلا، فإن كان معتقدا للعصيان عزر،
فإن عاد عزر، فإن عاد قتل في الثالثة عند
أكثر الاصحاب، لرواية سماعة، قال: سألته
عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث
مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات، قال:
(فليقتل في الثالثة) (1). وقيل إنما يقتل في
الرابعة (2)، لما رواه الشيخ مرسلا عنهم
عليهم السلام: (إن أصحاب الكبائر يقتلون في
الرابعة) (3). والروايتان ضعيفتا السند (4)،
لكن لا بأس بالمصير إلى هذا القول اقتصارا
في التهجم على الدماء على موضع اليقين،
قال في التذكرة: وإنما يقتل في الثالثة أو
الرابعة على الخلاف لو رفع في كل مرة إلى
الامام وعزر، أما لو لم يرفع فإنه يجب عليه
التعزير خاصة، وإن زاد على الاربع (5). وهو
حسن. وإن كان مستحلا للافطار فهو مرتد إن
كان ممن عرف قواعد الاسلام وكان إفطاره
بما علم تحريمه من دين الاسلام ضرورة
كالاكل والشرب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 103 / 6، الفقيه 2: 73 / 315، التهذيب
4: 207 / 598، الوسائل 7: 179 ابواب احكام شهر
رمضان ب 2 ح 2. (2) قال به الشهيد الثاني في
المسالك 1: 74. (3) المبسوط 1: 129 (4) اما الاولى
فلان راويها واقفي، واما الثانية
فبالارسال راجع رجال الطوسي: 351. (5) التذكرة
1: 265.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 117 ]
[ الثالثة عشر: من وطئ زوجته في شهر رمضان
وهما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان،
ولا كفارة عليها. ] والجماع، ولو استحل غير
ذلك لم يكفر، خلافا للحلبي (1). ولو ادعى
الشبهة الممكنة قبل منه، وروى الشيخ
الصحيح، عن بريد العجلي، قال: سئل أبو جعفر
عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر
في شهر رمضان ثلاثة أيام، قال: (يسئل هل
عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال
لا فإن على الامام أن يقتله، وإن قال نعم
فإن على الامام أن ينهكه ضربا) (2). قوله:
(الثالثة عشرة، من وطئ زوجته في شهر رمضان

وهما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان،
ولا كفارة عليها). الاصل في هذه المسألة ما
رواه الكليني رضي الله عنه، عن علي بن محمد
بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن
عبد الله بن حماد، عن المفضل بن عمر، عن
أبى عبد الله عليه السلام: في رجل أتى
امرأته وهو صائم وهي صائمة، فقال: (إن
استكرهها فعليه كفارتان، وإن كانت مطاوعة
فعليه كفارة وعليها كفارة، وإن كان أكرهها
فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد، وإن كانت
طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة
وعشرين سوطا) (3). قال المصنف في المعتبر:
وإبراهيم بن إسحاق هذا ضعيف متهم، والمفضل
بن عمر ضعيف جدا كما ذكره النجاشي، وقال
ابن بابويه: لم يرو هذه غير المفضل، فإذن
الرواية في غاية الضعف، لكن علماؤنا ادعوا
على ذلك إجماع الامامية، ومع ظهور القول
بها ونسبة الفتوى إلى الائمة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي في الفقه: 183. (2) التهذيب 4: 215 / 624،
الوسائل 7: 178 ابواب احكام شهر رمضان ب 2 ح 1.
(3) الكافي 4: 103 / 9، الوسائل 7: 37 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 12 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 118 ]
عليهم السلام يجب العمل بها. ونسبة الفتوى
إلى الائمة عليهم السلام باشتهارها بين
ناقلي مذهبهم كما يعلم أقوال أرباب
المذاهب بنقل أتباع مذاهبهم وإن أسندت في
الاصل إلى الضعفاء والمجاهيل (1). هذا كلامه
رحمه الله وهو جيد لو علم استناد الفتوى
بذلك إلى الائمة عليهم السلام كما علم بعض
أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم، لكنه
غير معلوم، وإنما يتفق حصول هذا العلم في
آحاد المسائل كما يعلم بالوجدان. ونقل عن
ظاهر ابن أبى عقيل أنه أوجب على الزوج مع
الاكراه كفارة واحدة كما في حال المطاوعة
(2). وهو غير بعيد، خصوصا على ما ذهب إليه
الاكثر من عدم فساد صوم المرأة بذلك،
فينتفي المقتضي للتكفير. ولم يذكر المصنف
تضاعف التعزير على الزوج بالاكراه، وكان
الاولى ذكره كما فعل في المعتبر، لوروده
مع تعدد التكفير في الرواية (3). وقد يجتمع
في الوطء الواحد الاكراه والمطاوعة،
ابتداءا واستدامة، فيلزمه حكمه ويلزمها
حكمها. ولا فرق في الزوجة بين الدائم
والمستمتع بها. وألحق الشيخ بالمكرهة
النائمة (4 (4)، قال في المعتبر: ونحن نساعده
على المكرهة وقوفا عندما ادعاه من إجماع
الامامية، أما النائمة فلا، لان في
الاكراه نوعا من تهجم ليس موجودا في
النائمة، ولان ذلك ثبت على خلاف الاصل،
فلا يلزم من ثبوت الحكم هناك لوجود
الدلالة ثبوته هنا مع عدمها (5). تفريع: لو
وطأ المجنون زوجته وهي صائمة، فإن طاوعته
لزمتها
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 681. (2) حكاه عنه في المختلف: 223.
(3) المعتبر 2: 681. (4) الخلاف 1: 384. (5) المعتبر 2:
682.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 119 ]
[ فان طاوعته فسد صومها، وعلى كل واحد
منهما كفارة عن نفسه، ويعزر بخمسة وعشرين
سوطا. وكذا لو كان الاكراه لأجنبية، وقيل:
لا يتحمل هنا، وهو الاشبه. الرابعة عشرة:
كل من وجب عليه شهران متتابعان فعجز صام ]
الكفارة، وإن أكرهها سقطت الكفارة عنهما.
أما عنه فلعدم التكليف. وأما عنها
فللاكراه. ولو أكره المسافر زوجته قيل:
وجبت الكفارة عليه عنها لا عنه (1). واحتمل
العلامة في القواعد السقوط مطلقا، لكونه
مباحا له غير مفطر لها (2). وربما لاح من هذا
التعليل إباحة الاكراه على هذا الوجه،
وكأن وجهه انتفاء المقتضي للتحريم، وهو
فساد الصوم، إذ المفروض أن صومها لا يفسد
بذلك، والاصح التحريم، لاصالة عدم جواز
إجبار المسلم على غير الحق الواجب عليه.
قوله: (وكذا لو كان الاكراه لاجنبية، وقيل:
لا يتحمل هنا، وهو الاشبه). الاصح ما
اختاره المصنف، لاختصاص النص الوارد
بالتحمل بالوطء المحلل، فينتفي في غيره.
وقيل: يتحمل، لان الزنا أغلظ حكما من الوطء
المحلل فالذنب فيه أفحش، فيكون أولى
بالمؤاخذة، وإيجاب التكفير نوع من
المؤاخذة (3). وهو تعليل ضعيف، فإن الكفارة
لتكفير الذنب، وقد يغلظ الذنب فلا تؤثر
الكفارة في عقابه تخفيفا ولا سقوطا، كما
في قتل الصيد عمدا، فإنه لا كفارة فيه مع
ثبوت الكفارة في الخطأ. قوله: (الرابعة
عشرة، كل من وجب عليه شهران متتابعان فعجز
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) قال به العلامة في القواعد 1: 66. (2)
القواعد 1: 66. (3) كما في المختلف: 223.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 120 ]
[ ثمانية عشر يوما، ] صام ثمانية عشر يوما).
إطلاق وجوب الشهرين يشمل ما لو وجبا بسبب
كفارة أو نذر وما في معناه، وما لو وجبا في
الكفارة تعيينا أو تخييرا، وهو مشكل على

إطلاقه. والمستند في ذلك ما رواه الشيخ، عن
أبى بصير وسماعة بن مهران، قالا: سألنا أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه
صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام،
ولم يقدر على العتق، ولم يقدر على الصدقة،
قال: (فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة
مساكين ثلاثة أيام) (1) ومقتضاها الانتقال
إلى الثمانية عشر بعد العجز عن الخصال
الثلاثة في الكفارة، لكنها ضعيفة السند
باشتماله على إسماعيل بن مرار، وهو مجهول،
وعبد الجبار بن المبارك وقد ذكره العلامة
في الخلاصة ولم يورد فيه مدحا ولا قدحا (2)،
فلا يسوغ التعلق بها. والاصح الانتقال بعد
العجز عن الخصال الثلاثة في الكفارة
المخيرة إلى التصدق بالممكن، كما اختاره
ابن الجنيد (3) والصدوق في المقنع (4)، لما
رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن
سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام: في رجل
أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من
غير عذر، قال: (يعتق نسمة، أو يصوم شهرين
متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، فإن لم
يقدر تصدق بما يطيق) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 207 / 601، الاستبصار 2: 97 / 314،
الوسائل 7: 279 ابواب بقية الصوم الواجب ب 9 ح
1. (2) رجال العلامة: 130. (3) حكاه عنه في
المختلف: 226. (4) المقنع: 61. (5) التهذيب 4: 205 /
594، الاستبصار 2: 95 / 310، الوسائل 7: 28 ابواب
ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1، واوردها في
الكافي 4: 101 / 1، والفقيه 2: 72 / 308.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 121 ]
[ ولو عجز عن الصوم اصلا استغفر الله فهو
كفارته. ] وجمع الشهيد في الدروس بين
الروايتين بالتخيير بين الامرين (1)، وبه
قطع الشارح قدس سره (2)، وهو جيد لو تكافأ
السندان، لكن الامر بخلاف ذلك. وجعل
العلامة في المنتهى التصدق بالممكن بعد
العجز عن صوم الثمانية عشر (3). وهو بعيد
جدا. وهل يشترط في صوم الثمانية عشر
التتابع؟ قيل: لا، لاطلاق الخبر (4). وقيل:
نعم، لانه بدل من صوم يعتبر فيه التتابع
فاعتبر فيه ذلك (5). والملازمة ممنوعة. ولو
تجددت القدرة بعد فعل البدل لم يجب
الاتيان بالمبدل، لتوجه الخطاب بفعل
البدل فيحصل الامتثال بفعله. ولو حصل
العجز بعد صوم شهر احتمل وجوب تسعة، لان
الثمانية عشر بدل عن الشهرين فيكون نصفها
بدلا عن الشهر، والسقوط لصدق صيام
الثمانية عشر، ووجوب ثمانية عشر بعد
العجز، لان الانتقال إلى البدل إنما يكون
بعد العجز عن المبدل، وما صامه أولا إنما
يكون محسوبا من المبدل فلا يجزي عن البدل،
وهذا الاحتمال لا يخلو من قوة. قوله (ولو
عجز عن الصوم أصلا استغفر الله فهو
كفارته). المراد أن من عجز عن صوم الثمانية
عشر ينتقل فرضه إلى الاستغفار ويكون كفارة
له. وربما لاح من قوله: ولو عجز عن الصوم
أصلا، أنه يجب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 74. (2) المسالك 1: 74. (3) المنتهى 2:
575. (4) كما في المسالك 1: 74. (5) قال به المفيد
في المقنعة: 55، والشهيد الاول في الدروس: 74.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 122 ]
[ الخامسة عشرة: لو تبرع متبرع بالتكفير
عمن وجبت عليه الكفارة جاز، لكن يراعى في
الصوم الوفاة. ] الاتيان بالممكن من الصوم
بعد العجز عن صوم الثمانية عشر. وهذا الحكم
أعنى الانتقال مع العجز عن الصوم إلى
الاستغفار مقطوع به في كلام الاصحاب، بل
ظاهرهم أنه موضع وفاق. وتدل عليه روايات،
منها ما رواه الشيخ، عن أبى بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: (كل من عجز عن
الكفارة التي تجب عليه [ من ] (1) صوم أو عتق
أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك
مما يجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار
له كفارة ماخلا يمين الظهار) (2). وعن زرارة،
عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن شئ
من كفارة اليمين - إلى أن قال - قلت: فإنه
عجز عن ذلك، قال: (فليستغفر الله عزوجل ولا
يعود) (3) وفي الروايتين ضعف من حيث السند
(4)، وسيجئ تمام الكلام في ذلك في باب
الكفارات إن شاء الله تعالى. قوله: (ولو
تبرع متبرع بالتكفير عمن وجبت عليه
الكفارة جاز، لكن يراعى في الصوم الوفاة).
الاصح عدم جواز التبرع بالتكفير عن الحي
مطلقا، لان الامر بالتكفير إنما توجه إلى
فاعل الخطيئة فلا يحصل الامتثال بفعل
غيره، وقال الشيخ في المبسوط: لو تبرع
بالتكفير عن الحي أجزأ (5). وإطلاق كلامه
يقتضي عدم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) ما بين المعقوفين اثبتناه من المصدر. (2)
التهذيب 8: 16 / 50، الاستبصار 4: 56 / 195،
الوسائل 15: 554 ابواب الكفارات ب 6 ح 1. (3)
التهذيب 8: 298 / 1104، الاستبصار 4: 52 / 180 وفيه:
عن ابي عبد الله عليه السلام، الوسائل 15: 562
ابواب الكفارات ب 12 ح 6. (4) اما الاولى
فلاشتراك راويها بين الثقة والضعيف، واما

الثانية فلان في طريقها ابن فضال وابن
بكير وهما فطحيان. (5) المبسوط 1: 276.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 123 ]
الفرق في ذلك بين الصوم وغيره، واختاره في
المختلف، واستدل عليه بأنه دين قضي عن
المديون فوجب أن تبرأ ذمته كما لو كان
لاجنبي، بل هنا أولى، لان حق الله تعالى
مبني على التخفيف (1). وهو قياس محض،
والاولوية المدعاة ممنوعة، فإن التكفير
نوع من العبادة، ومن شأن العبادة أن لا
تقبل النيابة. وبالجملة فإسقاط الواجب
بفعل من لم يتعلق به الوجوب يحتاج إلى
دليل. أما الميت فالظاهر جواز التبرع عنه
بالتكفير مطلقا، لاطلاق الروايات
المتضمنة لانتفاعه بما يلحقه من الطاعات،
كرواية حماد بن عثمان قال، قال أبو عبد
الله عليه السلام: (إن الصلاة والصوم
والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح ينفع
الميت، حتى أن الميت ليكون في ضيق فيوسع
عليه، ويقال: هذا بعمل ابنك فلان، وبعمل
أخيك فلان، أخوه في الدين) (2). ورواية عمر
بن يزيد قال، قال أبو عبد الله عليه
السلام: (من عمل من المؤمنين عن ميت عملا
صالحا أضعف الله أجره وينعم الميت بذلك) (3).
ورواية محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (يقضى عن الميت الحج والصوم
والعتق وفعاله الحسن) (4) وغير ذلك من
الاخبار الكثيرة (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 227. (2) الذكرى: 74، الوسائل 5: 368
ابواب قضاء الصلاة ب 12 ح 15. ونقله عن كتاب
غياث سلطان الورى ايضا. (3) الذكرى: 75،
الوسائل 5: 369 ابواب قضاء الصلاة ب 12 ح 25.
ونقله عن كتاب غياث سلطان الورى ايضا. (4)
الذكرى: 74، الوسائل 5: 369 ابواب قضاء الصلاة
ب 12 ح 23. ونقله عن كتاب غياث سلطان الورى
ايضا. (5) الوسائل 5: 365 ابواب قضاء الصلاة ب
12.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 124 ]
المقصد الثالث: فيما يكره للصائم وهو تسعة
اشياء: النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ] قوله:
(المقصد الثالث، فيما يكره للصائم، وهو
تسعة أشياء: النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة).
إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين من يحرك
اللمس ونحوه شهوته وغيره، والاصح اختصاص
الكراهة بالاول، كما اختاره المصنف في
المعتبر، والعلامة في التذكرة (1)، وجماعة،
للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام: إنه
سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا، أيفسد ذلك
صومه أو ينقضه؟ فقال: (إن ذلك يكره للرجل
الشاب مخافة أن يسبقه المني) (2). وصحيحة
زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه
السلام: إنه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل
في شهر رمضان؟ فقال: (إني أخاف عليه
فليتنزه عن ذلك، إلا أن يثق أن لا يسبقه
منيه) (3). وصحيحة منصور بن حازم قال، قلت
لابي عبد الله عليه السلام: ما تقول في
الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ فقال: (أما
الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس، وأما
الشاب الشبق فلا، إنه لا يؤمن، والقبلة
إحدى الشهوتين) قلت: فما ترى في مثلي تكون
له الجارية فيلاعبها؟ فقال: (إنك لشبق يا
أبا حازم، كيف طعمك؟ قلت: إن شبعت أضرني،
وإن جعت
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 663، والتذكرة 1: 264. (2) الكافي 4:
104 / 1، الوسائل 7: 68 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 33 ح 1. (3) التهذيب 4: 271 / 821،
الاستبصار 2: 82 / 251، الوسائل 7: 70 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 33 ح 13.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 125 ]
[ والاكتحال بما فيه صبر أو مسك ] أضعفني،
قال: (كذلك أنا فكيف أنت والنساء؟ قلت: لا
شئ، قال (ولكني يا أبا حازم ما أشاء شيئا "
أن يكون ذلك مني إلا فعلت) (1). قوله
(والاكتحال بما فيه صبر أو مسك). يدل على
ذلك روايات، منها ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن محمد، عن أحدهما عليهما
السلام: إنه سئل عن المرأة تكتحل وهي صائمة
فقال: (إذا لم يكن كحلا " تجد له طعما " في
حلقها فلا بأس) (2). ومقتضى الرواية كراهة
الاكتحال بكل ما له طعم يصل إلى الحلق، وبه
قطع العلامة في التذكرة والمنتهى (3)، وهو
كذلك. بل لا يبعد الاكتحال مطلقا "، لما
رواه الكليني في الصحيح، عن سعد بن سعد
الاشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،
قال سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان،
هل يذر عينيه بالنهار وهو صائم؟ قال:
(يذرها إذا أفطر، ولا يذرها وهو صائم) (4).
وما رواه الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام: إنه سئل عن
الرجل يكتحل وهو صائم فقال: (لا، إني أتخوف
أن يدخل رأسه) (5). ويستفاد من هذا التعليل
كون النهي للكراهة لا للتحريم. ويدل على
جواز الاكتحال صريحا " ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه

السلام: في الصائم يكتحل فقال:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 104 / 3، الوسائل 7: 68 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 33 ح 3. (3) التهذيب 4: 259 / 771،
الاستبصار 2: 90 / 284، الوسائل 7: 52 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 25 ح 5. (3) التذكرة 1: 265،
والمنتهى 2: 582. (4) الكافي 4: 111 / 2، الوسائل 7:
52 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح 3. (5)
التهذيب 4: 259 / 769، الاستبصار 2: 89 / 282،
الوسائل 7: 53 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح
9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 126 ]
[ واخراج الدم المضعف ] (لا بأس به، ليس
بطعام ولا شراب) (1). وفي الصحيح عن عبد
الحميد بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (لا بأس بالكحل للصائم)
(2). وعن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الكحل للصائم
فقال: (لا بأس به، إنه ليس بطعام يؤكل) (3).
وعن الحسين بن أبي غندر قال، قلت لابي عبد
الله عليه السلام: اكتحل بكحل فيه مسك وأنا
صائم؟ قال: (لا بأس به) (4). قوله: (وإخراج الدم
المضعف). إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في
ذلك بين أن يكون إخراجه بفصد أو حجامة أو
غيرهما، وبهذا التعميم صرح في المعتبر (5)،
ونحوه قال في، المنتهى، وقال: إن ذلك ليس
محظورا " عند علمائنا أجمع (6). والمستند في
ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح، عن سعيد
الاعرج، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن الصائم تحتجم فقال: (لا بأس إلا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 258 / 765، الاستبصار 89 2 / 278،
الوسائل 7: 51 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح
1. (2) التهذيب 4: 259 / 767، الاستبصار 2: 89 / 280،
الوسائل 7: 53 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح
7. (3) التهذيب 4: 258 / 766، الاستبصار 2: 89 / 279،
الوسائل 7: 52 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح
6. (4) التهذيب 4: 260 / 772، الاستبصار 2: 90 / 285،
الوسائل 7: 53 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 25 ح
11. (5) المعتبر 2: 664. (6) المنتهى 2: 582.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 127 ]
[ ودخول الحمام كذلك ] أن يتخوف على نفسه
الضعف) (1). وفي الصحيح عن الحلبي، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن
الصائم أيحتجم؟ فقال: (إني اتخوف عليه، أما
يتخوف على نفسه؟!) قلت: ماذا يتخوف عليه؟
قال: (الغشيان أو تثور به مرة) قلت: أرأيت إن
قوي على ذلك ولم يخش شيئا "؟ قال: (نعم إن شاء
الله) (2). وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا بأس
بأن يحتجم الصائم إلا في رمضان، فإني أكره
أن يغرر بنفسه إلا أن لا يخاف على نفسه،
وإنا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا
ليلا) (3) وهذه الروايات كما ترى مختصة
بالحجامة، إلا أن مقتضى التعليل تعدية
الحكم إلى غيرها مما شاركها في المعنى.
قوله: (ودخول الحمام كذلك). أي يكره مع خوف
الضعف، لما لا يؤمن معه من الضرر أو التعرض
للافطار. ويدل عليه أيضا " ما رواه الكليني
في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر
عليه السلام: إنه سئل عن الرجل يدخل الحمام
وهو صائم فقال: (لا بأس ما لم يخش ضعفا) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 260 / 774، الاستبصار 2: 90 / 287،
الوسائل 7: 56 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 26 ح
10. (2) الكافي 4: 109 / 1، الفقيه 2: 68 / 287، التهذيب
4: 261 / 777، الاستبصار 2: 91 / 290، الوسائل 7: 54
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 26 ح 1. (3)
التهذيب 4: 260 / 776، الاستبصار 2: 91 / 289،
الوسائل 7: 56 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 26 ح
12. (4) الكافي 4: 109 / 3، الوسائل 7: 57 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 27 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 128 ]
[ السعوط بما لا يتعدى الحلق، ] قوله:
(والسعوط بما لا يتعدى الحلق). ما اختاره
المصنف - رحمه الله - من كراهة التسعط بما
لا يتعدى الحلق أشهر الاقوال في المسألة
وأوضحها، لفحوى ما دل على كراهة الاكتحال
بما له طعم يصل إلى الحلق، وما رواه الشيخ،
عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر به محمد، عن
أبيه عليهما السلام، قال: (لا بأس بالكحل
للصائم، وكره السعوط للصائم) (1). وعن ليث
المرادي، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن الصائم يصب في أذنه الدهن، قال:
(لا بأس إلا السعوط فإنه يكره) (2). وقال ابن
بابويه في من لا يحضره الفقيه: ولا يجوز
للصائم أن يتسعط (3). والروايتان قاصرتان عن
إفادة ذلك. ونقل عن المفيد (4) وسلار (5) أنهما
أوجبا به القضاء والكفارة. واحتج لهما في
المختلف بأنه أوصل إلى الدماغ المفطر فكان
عليه القضاء والكفارة، لان الدماغ جوف (6).
وهو احتجاج ضعيف، لانا نمنع كون مطلق
الايصال إلى مطلق الجوف مفسدا "، بل المفسد
الايصال إلى المعدة بما يسمى أكلا " وشربا ".
وقال الشيخ في التهذيب: وأما السعوط فليس
في شئ من الاخبار أنه يلزم المتسعط
الكفارة، وإنما وردت مورد الكراهة (7).

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 214 / 622، الوسائل 7: 28 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 7 ح 3. (2) الكافي 4: 110 / 4،
التهذيب 4: 204 / 592، الوسائل 7: 50 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 24 ح 3 وفيه: يحتجم ويصب..
(3) الفقيه 2: 69. (4) المقنعة: 54. (5) المراسم: 98.
(6) المختلف: 221. (7) التهذيب 4: 214..
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 129 ]
[ وشم الرياحين، ويتأكد في النرجس ] وربما
ظهر من قول المصنف: والسعوط بما لا يتعدى
الحلق، المنع من السعوط بالمتعدي، وبه قطع
الشيخ (1) وجماعة، ونص العلامة (2) ومن تأخر
عنه (3) على أن تعمده يوجب القضاء والكفارة.
واحتج عليه في المختلف بأنه أوصل إلى جوفه
المفطر متعمدا " فكان عليه القضاء
والكفارة كما لو وصل إلى حلقه بفمه (4).
ويمكن المناقشة فيه بانتفاء ما يدل على
كون مطلق الايصال مفسد كما بيناه مرارا ".
قوله: (وشم الرياحين، ويتأكد في النرجس).
أما كراهة شم الرياحين للصائم - والمراد
بها كل نبت طيب الريح كما نص عليه أهل
اللغة (5) - فقال في المنتهى إنه قول علمائنا
أجمع (6)، ويدل عليه ما رواه الشيخ، عن الحسن
بن راشد قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: الصائم يشم الريحان قال: (لا) (7).
وعن الحسن الصيقل، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سألته عن الصائم يلبس الثوب
المبلول فقال: (لا، ولا يشم الريحان) (8).
وأما تأكد الكراهة في النرجس فيدل عليه ما
رواه الكليني رضي الله عنه، عن محمد بن
الفيض، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
ينهى عن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 272 (2) المختلف: 221. (3) كالشهيد
الاول في الدروس: 73. (4) المختلف: 221. (5)
كالفيروز آبادي في القاموس المحيط 1: 232،
وابن الاثير في النهاية 2: 288. (6) المنتهى 2:
583. (7) التهذيب 4: 267 / 807، الاستبصار 2: 93 / 301،
الوسائل 7: 65 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
7. (8) التهذيب 4: 267 / 806، الاستبصار 2: 93 / 300،
الوسائل 7: 66 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
13.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 130 ]
النرجس للصائم فقلت: جعلت فداك لم ذاك؟
فقال: (لانه ريحان الاعاجم) (1). قال الكليني
رضي الله عنه: وأخبرني بعض أصحابنا أن
الاعاجم كانت تشمه إذا صامت وقال: إنه يمسك
الجوع (2). وعلل المفيد في المقنعة كراهة
النرجس بوجه آخر، وهو أن ملوك العجم كان
لهم يوم معين يصومونه ويكثرون فيه شم
النرجس، فنهوا عليهم السلام عن ذلك خلافا "
لهم (3). وألحق العلامة في المنتهى (4)
بالنرجس المسك، لشدة رائحته، ولما رواه
الشيخ، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه عليهما
السلام، قال: (إن عليا عليه السلام كره
المسك أن يتطيب به الصائم) (5). واعلم أن هذه
الروايات كلها قاصرة من حيث السند،
وبإزائها أخبار كثيرة معتبرة الاسناد،
دالة بظاهرها على انتفاء الكراهة، كصحيحة
محمد بن مسلم قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: الصائم يشم الريحان والطيب، قال:
(لا بأس) (6). وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج،
قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم
يشم الريحان أم لا ترى له ذلك؟ فقال:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 112 / 2، الوسائل 7: 65 ابواب ما
يمسك عه الصائم ب 32 ح 4. (2) الكافي 4: 112 / 2،
الوسائل 7: 65 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
5 (3) المقنعة: 56. (4) المنتهى 2: 583. (5) التهذيب 4:
266 / 801، الوسائل 7: 65 ابواب ما يمسك عنه
الصائم ب 32 ح 6. (6) الكافي 4: 113 / 4، التهذيب 4:
266 / 800، الاستبصار 2: 92 / 296، الوسائل 7: 64
ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 131 ]
[ الاحتقان بالجامد. وبل الثوب على الجسد. ]
(لا بأس) (1). ورواية سعد بن سعد، قال: كتب رجل
إلى أبي الحسن عليه السلام: هل يشم الصائم
الريحان يتلذذ به؟ فقال عليه السلام: (لا
بأس به) (2). ولا يكره للصائم شم الطيب قطعا،
بل روى الكليني عن الحسن بن راشد أنه قال:
كان أبو عبد الله عليه السلام إذا صام تطيب
بالطيب ويقول: (الطيب تحفة الصائم) (3). وروى
ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام:
إنه سئل عن المحرم يشم الريحان؟ قال: (لا)
قيل: فالصائم؟ قال (لا) قيل: يشم الصائم
الغالية والدخنة؟ قال: (نعم) قيل: كيف حل له
أن يشم الطيب ولا يشم الريحان؟ قال: (لان
الطيب سنة والريحان بدعة للصائم) (4). قوله:
(وبل الثوب على الجسد). يدل على ذلك روايات،
منها ما رواه الشيخ، عن الحسن بن راشد قال،
قلت لابي عبد الله عليه السلام الحائض
تقضي الصلاة؟ قال: (لا) قلت: تقضي الصوم؟
قال: (نعم) قلت: من أين جاء هذا؟ قال: (أول من
قاس إبليس) قلت: فالصائم يستنقع في الماء؟
قال: (نعم) قلت: فيبل ثوبا على جسده؟ قال:
(لا) قلت: من أين جاء هذا؟ قال: (من ذاك) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) التهذيب 4: 266 / 802، الاستبصار 2: 93 / 297،
الوسائل 7: 65 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
8. (2) التهذيب 4: 266 / 803، الاستبصار 2: 93 / 298،
الوسائل 7: 66 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
10. (3) الكافي 4: 113 / 3، الوسائل 7: 64 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 32 ح 3. (4) الفقيه 2: 71 / 302،
الوسائل 7: 66 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
14. (5) التهذيب 4: 267 / 807، الاستبصار 2: 93 / 301،
الوسائل 7: 23 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح
5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 132 ]
[ وجلوس المرأة في الماء. ] وعن الحسن
الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول فقال:
(لا) (1). وعن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول: (لا تلزق ثوبك
وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره) (2). قال في
المنتهى (3): وهذا النهي نهي تنزيه لا نهي
تحريم، عملا بالاصل المقتضي للاباحة،
وبما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن
مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(الصائم يستنقع في الماء، ويصب على رأسه،
ويتبرد بالثوب، وينضح المروحة، وينضح
البوريا تحته، ولا يغمس رأسه في الماء) (4).
وهذه الرواية غير صريحة في إباحة بل الثوب
على الجسد، لكن الروايات المتضمنة للنهي
كلها ضعيفة السند، فغاية ما يمكن إثباته
بها الكراهة. قوله: (وجلوس المرأة في
الماء). لما رواه الشيخ، عن حنان بن سدير،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته
عن الصائم يستنقع في الماء، قال: (لا بأس،
ولكن لا يغمس رأسه، والمرأة لا تستنقع في
الماء لانها تحمله بقبلها) (5). قال في
المعتبر: وحنان المذكور واقفي، لكن روايته
حسنة مشهورة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 267 / 806، الاستبصار 2: 993 / 300،
الوسائل 7: 66 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 32 ح
13. (29 الكافي 4: 106 / 4، الوسائل 7: 23 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 3 ح 3. (3) المنتهى 2: 584. (4)
التهذيب 4: 262 / 785، الاستبصار 2: 91 / 292،
الوسائل 7: 22 ابواب ما يمسك عنه الصائم ب 3 ح
22. (5) التهذيب 4: 263 / 789، الوسائل 7: 23 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 3 ح 6.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 133 ]
فتحمل على الكراهة كما اختاره الشيخان (1)
(2). وقال أبو الصلاح: إذا جلست المرأة في
الماء إلى وسطها لزمها القضاء (3). ونقل عن
ابن البراج أنه أوجب الكفارة أيضا بذلك (4).
وهما ضعيفان. وألحق الشهيد في اللمعة
بالمرأة الخنثى والخصي الممسوح،
لمساواتهما لها في العلة (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 667. (2) المفيد في المقنعة: 56،
والشيخ في المبسوط 1: 274. (3) الكافي في الفقه:
183. (4) المهذب 1: 192. (5) اللمعة: 60.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 134 ]
[ الركن الثالث الزمان الذى يصح فيه الصوم
وهو النهار دون الليل، ولو نذر الصيام
ليلا لم ينعقد. وكذا لو ضمه إلى النهار. ]
قوله: (الركن الثالث، الزمان الذي يصح فيه
الصوم، وهو النهار دون الليل، ولو نذر
الصيام ليلا لم ينعقد). أما اختصاص الصوم
بالنهار دون الليل فقال في المنتهى: إنه لا
خلاف فيه بين المسلمين (1)، والادلة عليه من
الكتاب والسنة كثيرة. وأما إنه لا ينعقد
نذر صوم الليل فواضح بعد ثبوت اختصاص
الصوم بالنهار، لان الليل إذا لم يكن محلا
للصوم فلا يكون الامساك فيه عبادة مطلوبة
للشارع فلا ينعقد نذره. وكما لا ينعقد نذر
صوم الليل منفردا كذا لا ينعقد منضما إلى
النهار، لانه لا يصح صومه بانفراده فلا
يصح منضما إلى غيره، قال في التذكرة: ولا
ينعقد نذر صوم النهار حينئذ، لان المجموع
لا ينعقد نذره، لانه معصية، فلا ينعقد نذر
بعضه (2). وهو حسن.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 587. (2) التذكرة 1: 268.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 135 ]
[ ولا يصح الصوم العيدين، ولو نذر صومهما
لم ينعقد. ولو نذر يوما معينا فاتفق احد
العيدين لم يصح صومه. وهل يجب قضاؤه؟ قيل:
نعم، وقيل: لا، وهو الاشبه. ] قوله: (ولا يصح
صوم العيدين، ولو نذر صومهما لم ينعقد).
أما تحريم صوم العيدين وعدم صحة صومهما
فقال المصنف في المعتبر إنه اتفاق فقهاء
الاسلام (1). وأما أنه لا ينعقد نذره فهو قول
علمائنا وأكثر العامة (2)، لانه معصية فلا
يكون نذره سائغا. وقال بعضهم: ينعقد نذره
وعليه قضاؤه ولو صامه أجزأ عن النذر ويسقط
القضاء (3). ولا ريب في بطلانه. قوله: (ولو
نذر يوما معينا فاتفق أحد العيدين لم يصح
صومه، وهل يجب قضاؤه؟ قيل: نعم، وقيل: لا،
وهو الاشبه). القولان للشيخ رحمه الله،
أولهما في النهاية وموضع من المبسوط (4)،
وتبعه ابن حمزة (5)، ونقل عن الصدوق أيضا (6).

والثاني في موضع آخر من المبسوط (7)،
واختاره ابن البراج (8)، وأبو الصلاح (9)،
وابن إدريس (10).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 712. (2) منهم المزني في مختصره:
298، وابن حجر في فتح الباري 4: 194. (3) نقله عن
ابي حنيفة في بدائع الصنائع 2: 80. (4)
النهاية: 163، والمبسوط 2: 281. (5) الوسيلة
(الجوامع الفقهية): 684. (6) المقنع: 137. (7)
المبسوط 2: 282. (8) المهذب 1: 198. (9) الكافي في
الفقه: 185. (10) السرائر: 90.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 136 ]
وربما استند الشيخ في وجوب القضاء إلى ما
رواه في التهذيب، عن محمد بن الحسن
الصفار، عن القاسم بن أبي القاسم الصيقل:
إنه كتب إليه: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما
من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم
عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو
مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه أو
كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه قد وضع الله
عنك الصيام في هذه الايام كلها، وتصوم
يوما بدل يوم إن شاء الله) (1). وعن محمد بن
يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد
الجبار، عن علي بن مهزيار، قال: وكتب إليه -
يعني أبا الحسن عليه السلام -: يا سيدي رجل
نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي
فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو
يوم جمعة أو أيام التشريق أو سفرا أو مرضا،
هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه أو كيف يصنع
يا سيدي؟ فكتب إليه: (قد وضع الله الصيام في
هذه الايام كلها، ويصوم يوما بدل يوم إن
شاء الله) (2). ويمكن المناقشة في الرواية
الاولى من حيث السند بجهالة الكاتب
والمكتوب إليه. وفي الثانية من حيث المتن
باقتضائها ما أجمع الاصحاب على خلافه من
مساواة يوم الجمعة ليومي العيدين في تحريم
الصوم. وأجاب عنهما فخر المحققين بالحمل
على الاستحباب، لان القضاء لو كان واجبا
لم يعلقه بالمشية بلفظ إن، لان إن يختص
بالمحتمل لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 234 / 686، الوسائل 7: 383 ابواب
الصوم المحرم والمكروه ب 1 ح 6. (2) الكافي 7:
456 / 12، التهذيب 8: 305 / 1135، الوسائل 16: 233
ابواب النذر والعهد ب 10 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 137 ]
[ وكذا البحث في ايام التشريق لمن كان
بمنى. ] المتحقق (1). وهو ضعيف إذ من المعلوم
أن هذا التعليق للتبرك لا للشك، مع أن
المندوب مساو للواجب في مشية الله تعالى
له. والمسألة محل تردد، ولا ريب أن القضاء
أولى وأحوط. قوله: (وكذا البحث في أيام
التشريق لمن كان بمنى). المراد بأيام
التشريق: اليوم الحادي عشر والثاني عشر
والثالث عشر من ذي الحجة، سميت بذلك لان
لحوم الاضاحي تشرق فيها أي تقدد، أو لان
الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، ذكرهما في
القاموس (2). وقد نقل المصنف في المعتبر
وغيره إجماع علمائنا على تحريم صومها لمن
كان بمنى (3)، فيكون حكمها حكم يومي العيدين
في الاحكام المتقدمة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
ايضاح الفوائد 4: 58. (2) القاموس المحيط 3: 258.
(3) المعتبر 2: 713.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 138 ]
[ الركن الرابع من يصح منه الصوم وهو
العاقل المسلم، فلا يصح صوم الكافر وان
وجب عليه، ولا المجنون. ] قوله: (الرابع، من
يصح منه: وهو العاقل المسلم، فلا يصح صوم
الكافر وإن وجب عليه، ولا المجنون). أما
إنه لا يصح صوم الكافر بأنواعه فلا ريب
فيه، بل الاصح اعتبار الايمان أيضا، لما
بيناه فيما سبق من بطلان عبادة المخالف
وإن فرض استجماعها لشرائط الصحة عندنا عدا
الولاية. وأما إنه لا يصح صوم المجنون،
فلان التكليف يسقط مع زوال العقل وجوبا
وندبا فلا يكون صومه مأمورا به، فتنتفي
الصحة، لانها عبارة عن موافقة الامر. وقد
نص العلامة (1) وغيره (2) على أن الجنون إذا
عرض في أثناء النهار لحظة واحدة أبطل صوم
ذلك اليوم. ونقل عن ظاهر الشيخ في الخلاف
أنه ساوى بينه وبين الاغماء في الصحة مع
سبق النية. (3) ولا يخلو من قرب.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 266. (2) كالشهيد الاول في
الدروس: 71. (3) الخلاف 1: 392.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 139 ]
[ ولا المغمى عليه، وقيل: اذ سبقت من
المغمى عليه النية كان بحكم الصائم،
والاول اشبه. ] قوله: (ولا المغمى عليه،
وقيل: إذا سبقت من المغمى عليه النية كان
بحكم الصائم، والاول أشبه). اختلف الاصحاب
في صوم المغمى عليه، فذهب الاكثر إلى أنه
يفسد بحصول الاغماء في جزء من أجزاء
النهار كالجنون. وقال المفيد في المقنعة:
فإن استهل عليه الشهر وهو يعقل فنوى صيامه

وعزم عليه ثم أغمي عليه وقد صام شيئا منه
أو لم يصم ثم أفاق بعد ذلك فلا قضاء عليه،
لانه في حكم الصائم، بالنية والعزيمة على
أداء الفرض (1). ونحوه قال الشيخ في الخلاف
(2). وجزم المصنف (3) والعلامة (4) بالاول،
واحتج عليه في المنتهى بأنه بزوال عقله
يسقط التكليف عنه وجوبا وندبا فلا يصح منه
الصوم مع سقوطه، وبأن كلما أفسد الصوم إذا
وجد في جميعه أفسده إذا وجد في بعضه
كالجنون والحيض. وبأن سقوط القضاء يستلزم
سقوط الاداء في الصوم، والاول ثابت على ما
يأتي فيتحقق الثاني.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المقنعة: 56. (2) الخلاف 1: 391. (3) المعتبر 2:
696. (4) التذكرة 1: 267، والمنتهى 2: 585.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 140 ]
[ ويصح صوم الصبى المميز، والنائم إذا
سبقت منه النية، ولو استمر الى الليل. ]
ويتوجه على الاول المنع من الملازمة، فإن
النائم غير مكلف قطعا، مع أن صومه لا يفسد
بذلك إجماعا. وعلى الثاني المنع من كون
الاغماء في جميع النهار مفسدا للصوم مع
سبق النية، بل ذلك محل النزاع فكيف يجعل
دليلا؟ وعلى الثالث إن سقوط القضاء يجامع
صحة الاداء وفساده، كما أن وجوبه يجامع
وجوب الاداء وعدمه، لانه فرض مستأنف
فيتوقف على الدليل وينتفي بانتفائه، فلا
يكون في سقوط القضاء دلالة على سقوط
الاداء. والحق أن الصوم إن كان عبارة عن
مجرد الامساك عن الامور المخصوصة مع النية
كما هو المستفاد من العمومات وجب الحكم
بصحة صوم المغمى عليه إذا سبقت منه النية
كما اختاره الشيخان. وإن اعتبر مع ذلك
وقوعه بجميع أجزائه على وجه الوجوب أو
الندب بحيث يكون كل جزء من أجزائه موصوفا
بذلك اتجه القول بفساد ذلك الجزء الواقع
في حال الاغماء، لانه لا يوصف بوجوب ولا
ندب، ويلزم من فساده فساد الكل، لان الصوم
لا يتبعض، إلا أن ذلك منفي بالاصل، ومنقوض
بالنائم، فإنه غير مكلف قطعا، مع أن صومه
لا يفسد بذلك إجماعا. قوله: (ويصح صوم الصبي
المميز، والنائم إذا سبقت منه النية، ولو
استمر إلى الليل). أما صحة صوم الصبي
المميز بمعنى استحقاق الثواب به ودخوله في
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 141 ]
قسم الصائمين فقد تقدم الكلام فيه (1)، وأن
ذلك إنما يتم على القول بأن عبادته شرعية،
وأن ما ذكره الشارح من أن الصحة لا تستلزم
كون صومه شرعيا، لانها من باب خطاب الوضع،
وهو لا يتوقف على التكليف (2)، غير جيد. وأما
صحة صوم النائم إذا سبقت منه النية وإن
استمر نومه في مجموع النهار فعليه اتفاق
العلماء، لتحقق الصوم الذي هو عبارة عن
الامساك عن تعمد فعل المفطر مع النية. ويدل
على أن النوم غير مناف للصوم مضافا إلى
إلاجماع القطعي روايات كثيرة، منها قول
النبي صلى الله عليه وآله: (الصائم في
عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب
مسلما) (3) وقول الصادق عليه السلام: (نوم
الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل،
ودعاؤه مستجاب) (4) وقول الكاظم عليه
السلام: (قيلوا فإن الله تبارك وتعالى يطعم
الصائم ويسقيه في منامه) (5) إلى غير ذلك من
الاخبار الكثيرة. وقال ابن إدريس: النائم
غير مكلف بالصوم وليس صومه شرعيا (6).
ومراده أن الامساك في حال النوم لا يوصف
بوجوب ولا ندب فلا يوصف بالصحة، لكنه بحكم
الصحيح في استحقاق الثواب عليه، للاجماع
القطعي على أن النوم لا يبطل الصوم.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 41. (2) المسالك 1: 70. (3) الكافي 4: 64 /
9، الفقيه 2: 44 / 197، التهذيب 4: 190 / 538،
المقنعة: 49، الوسائل 7: 98 ابواب آداب الصائم
ب 2 ح 3. (4) الكافي 4: 64 / 12 اورد صدر الحديث،
الفقيه 2: 46 / 207، التهذيب 4: 190 / 540 اورد صدر
الحديث، الوسائل 7: 292 ابواب الصوم المندوب
ب 1 ح 17. (5) الكافي 4: 65 / 14، الفقيه 2: 46 / 206،
الوسائل 7: 98 ابواب آداب الصائم ب 2 ح 1. (6)
السرائر: 82.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 142 ]
وغلطه العلامة في المختلف في ذلك قائلا:
إنه بحكم الصائم وإنه لا يسقط عنه التكليف
بنومه لزوال عذره سريعا (1). وذكر الشارح -
قدس سره - نحو ذلك ثم قال: إن التكليف
النائم والغافل وغيرهما ممن يفقد شروط
التكليف قد ينظر فيه من حيث الابتداء به،
بمعنى توجه الخطاب إلى المكلف بالفعل
وأمره بإيقاعه على الوجه المأمور به بعد
الخطاب، وقد ينظر فيه من حيث الاستدامة
بمعنى أنه لو شرع في الفعل قبل النوم
والغفلة وغيرهما ثم عرض له ذلك في
الاثناء، والقسم الاول لا إشكال في امتناع
التكليف به عند المانع من تكليف ما لا يطاق
من غير فرق بين أنواع الغفلة، وهذا هو
المعنى الذي أطلق الاكثر من الاصوليين
وغيرهم امتناعه، كما يرشد إلى ذلك دليلهم
عليه وإن أطلقوا الكلام فيه، لانهم احتجوا

عليه بأن الاتيان بالفعل المعين لغرض
امتثال الامر يقتضي العلم به المستلزم
للعلم بتوجه الامر نحوه، فإن هذا الدليل
غير قائم في أثناء العبادة في كثير من
الموارد إجماعا، إذ لا تتوقف صحتها على
توجه الذهن إليها فضلا عن إيقاعها على
الوجه المطلوب كما سنبينه، وأما الثاني
فالعارض قد يكون مخرجا عن أهلية الخطاب
والتهيؤ له أصلا كالجنون والاغماء على أصح
القولين، وهذا يمنع استدامة التكليف كما
يمنع ابتداؤه، وقد لا يخرج عن ذلك كالنوم
والسهو والنسيان مع بقاء التعقل، وهذه
المعاني وإن منعت من ابتداء التكليف
بالفعل لكن لا تمنع استدامته إذا وقع على
وجهه (2)، هذا كلامه رحمه الله وهو غير جيد،
فإن كلام الاصوليين مطلق في امتناع تكليف
الغافل، وكذا الدليل الذي عولت عليه
الامامية في امتناع ذلك من كونه قبيحا
عقلا لجريانه مجرى تكليف البهائم
والجمادات صريح في سقوط التكاليف كلها
عنه، وكذا حديث رفع القلم.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 228. (2) المسالك 1: 75.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 143 ]
[ ولو لم يعقد صومه بالنية مع وجوبه ثم طلع
الفجر عليه نائما واستمر حتى زالت الشمس
فعليه القضاء. ولا يصح صوم الحايض ولا
النفياء، سواء حصل العذر قبل الغروب أو
انقطع بعد الفجر. ] وبالجملة فالمستفاد من
الادلة العقلية والنقلية عدم تكليف
الغافل بوجه. وأنا لا فرق بين المجنون
والمغمى عليه والنائم في ذلك، لاشتراك
الجميع في تحقق الغفلة المقتضية لقبح
التكليف معها سواء في ذلك الابتداء
والاستدامة، على أن اللازم من كون النائم
مكلفا بالاستدامة كونه آثما بالاخلال بها
وهو باطل ضرورة. وكيف كان فلا ضرورة إلى ما
ارتكبه الشارح - قدس سره - من التكلف في هذا
المقام بعد ثبوت عدم منافاة النوم للصوم
بالنص والاجماع (1). قوله: (ولو لم ينعقد
صومه بالنية مع وجوبه ثم طلع الفجر عليه
نائما واستمر حتى زالت الشمس فعليه
القضاء). لا ريب في وجوب القضاء، لفساد
الاداء بفوات النية التي هي شرط فيه، ولا
تجب الكفارة بذلك، بل الاصح عدم وجوب
الكفارة بتعمد الترك أيضا، وإن أثم بذلك
ووجب القضاء كما بيناه فيما سبق. قوله: (ولا
يصح صوم الحائض والنفساء، سواء حصل العذر
قبل الغروب أو انقطع بعد الفجر). هذا موضع
وفاق بين العلماء، قاله في المعتبر (2)،
وتدل عليه روايات، منها ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن عيص بن القاسم البجلي، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن امرأة
طمثت في شهر رمضان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 74. (2) المعتبر 2: 683.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 144 ]
[ ويصح من المستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها
من الاغسال أو الغسل. ] قبل أن تغيب الشمس
قال: (تفطر حين تطمث) (1). وفي الحسن عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع
النهار أو كان العشاء حاضت، أتفطر؟ قال:
(نعم، وإن كان قبل المغرب فلتفطر) وسألته
عن امرأة رأت الطهر أول النهار في شهر
رمضان فتغتسل ولم تطعم كيف تصنع في ذلك
اليوم؟ قال: (تفطر ذلك اليوم، فإنما
إفطارها من الدم) (2). وما رواه ابن بابويه
عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه
السلام: في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع
النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر؟ قال:
(نعم، وإن كان قبل المغرب فلتفطر) وعن
امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر
رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك
اليوم؟ قال: (إنما فطرها من الدم) (3). وفي
الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج: إنه سأل
أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد
العصر، أتتم ذلك اليوم أم تفطر؟ فقال:
(تفطر ثم تقضي ذلك اليوم) (4). قوله: (ويصح من
المستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها من
الاغسال أو الغسل). لاريب في صحة صومها مع
إتيانها بما يجب عليها من الاغسال في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 1: 393 / 1215، الاستبصار 1: 145 / 498،
الوسائل 7: 163 ابواب من يصح منه الصوم ب 25 ح 2.
(2) الكافي 4: 135 / 2، التهذيب 4: 311 / 939، الوسائل
7: 162 ابواب من يصح منه الصوم ب 25 ح 1. (3)
الفقيه 2: 94 / 418، الوسائل 7: 162 ابواب من يصح
منه الصوم ب 25 ح. (4) الكافي 4: 135 / 4، الفقيه 2:
94 / 421، الوسائل 7: 164 ابواب من يصح منه الصوم
ب 26 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 145 ]
[ ولا يصح الصوم الواجب من مسافر يلزمه
التقصير، الا ثلاثة ايام في بدل الهدى،
والثمانية عشر يوما في بدل البدنة لمن
افاض من عرفات قبل الغروب عامدا، والنذر
المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور. ]

الكثيرة، أو الغسل الواحد لصلاة الصبح في
المتوسطة، وإنما الكلام في بطلان صومها
إذا أخلت بذلك، وقد تقدم الكلام فيه مفصلا
(1). قوله: (ولا يصح الصوم الواجب من مسافر
يلزمه التقصير، إلا ثلاثة أيام في بدل
الهدي، والثمانية عشر في بدل البدنة لمن
أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا "، والنذر
المشروط سفرا " وحضرا "، على قول مشهور). ما
اختاره المصنف - رحمه الله - من عدم صحة
الصوم الواجب من المسافر الذي يلزمه
التقصير إلا في بدل الهدي والبدنة والنذر
المقيد بالسفر والحضر مذهب أكثر الاصحاب.
وحكى المصنف في المعتبر عن المفيد قولا "
بجواز صوم ما عدا شهر رمضان من الواجبات في
السفر (2). وكأنه في غير المقنعة، فأن مذهبه
فيها موافق للمشهور (3). والمعتمد الاول.
لنا: الاخبار المستفيضة كصحيحة صفوان بن
يحيى، عن أبي الحسن عليه السلام: إنه سئل
عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم فقال:
(ليس من البر الصيام في السفر) (4) والعبرة
بعموم الجواب لا بخصوص السؤال. وصحيحة
عمار بن مروان، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال، سمعته
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ج 2 ص 38. (2) المعتبر 2: 685. (3) المقنعة:
55. (4) التهذيب 4: 217 / 632، الوسائل 7: 125 ابواب
من يصح منه الصوم ب 1 ح 10.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 146 ]
يقول: (من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا
" سفره إلى صيد، أو في معصية الله، أو رسولا
" لمن يعصي الله عزوجل، أو طلب عدو وشحناء
وسعاية، أو ضرر على قوم مسلمين) (1). ورواية
أبان بن تغلب، عن أبي جعفر عليه السلام،
قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا
وقصروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا
أساؤا استغفروا) (2). وموثقة محمد بن مسلم،
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال فيمن
ظاهر في شعبان ولم يجد ما يعتق: (ينتظر حتى
يصوم رمضان ثم يصوم شهرين متتابعين، وإن
ظاهر وهو مسافر أفطر حتى يقدم) (3). وموثقة
زرارة قال، قلت لابي جعفر عليه السلام: إن
أمي كانت جعلت عليها نذرا " إن رد الله
عليها بعض ولدها من شئ كانت تخافه عليه أن
تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت،
فخرجت معنا مسافرة إلى مكة فأشكل علينا
لمكان النذر، أتصوم أم تفطر؟ فقال: (لا)
تصوم وضع الله عزوجل عنها حقه وتصوم هي ما
جعلت على نفسها: " قلت: فما ترى إذا هي رجعت
إلى المنزل أتقضيه؟ قال " لا " قلت: أفتترك
ذلك؟ قال: " لا "، إني أخاف أن ترى في الذي
نذرت فيه ما تكره) (4). وموثقة كرام قال، قلت
لابي عبد الله عليه السلام: إني جعلت على
نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم فقال: (صم ولا
تصم في السفر، ولا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 129 / 3، التهذيب 4: 219 / 640،
الوسائل 5: 509 ابواب صلاة المسافر ب 8 ح 3 (2)
الكافي 4: 127 / 4، الفقيه 2: 91 / 408، الوسائل 7: 124
ابواب من يصح منه الصوم ب 1 ح 6. (3) التهذيب 4:
232 / 681، الوسائل 7: 138 ابواب من يصح منه الصوم
ب 9 ح 1. (4) الكافي 4: 143 / 10، التهذيب 4: 234 / 687،
الاستبصار 2: 101 / 329، الوسائل 7: 139 ابواب من
يصح منه الصوم ب 10 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 147 ]
العيدين، ولا أيام التشريق، ولا اليوم
الذي يشك فيه من شهر رمضان) (1). وموثقة عمار
الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن الرجل يقول: لله علي أن أصوم
شهرا " أو أكثر من ذلك أو أقل فيعرض له أمر
لابد أن يسافر، يصوم وهو مسافر؟ قال: (إذا
سافر فليفطر، لانه لا يحل له الصوم في
السفر، فريضة كان أو غيره، والصوم في
السفر معصية) (2). ورواية عقبة بن خالد، عن
أبي عبد الله عليه السلام: في رجل مرض في
شهر رمضان فلما برأ أراد الحج فكيف يصنع
بقضاء الصوم؟ فقال: (إذا رجع فليقضه) (3).
ورواية سماعة، قال: سألته عن الصيام في
السفر، قال: (لا صيام في السفر، قد صام أناس
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
فسماهم العصاة، فلا صيام في السفر إلا
الثلاثة الايام التي قال عزوجل في الحج) (4).
ورواية محمد بن حكيم، قال: سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول: (لو أن رجلا " مات
صائما " في السفر ما صليت عليه) (5). وهذه
الاخبار مع كثرتها سليمة من المعارض
موافقة لفتوى الاصحاب فيتعين العمل بها.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 141 / 1، التهذيب 4: 233 / 683،
الاستبصار 2: 100 / 325، الوسائل 7: 141 ابواب من
يصح منه الصوم ب 1 ح 9. (2) التهذيب 4: 328 / 1022،
الوسائل 7: 141 ابواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 8.
(3) الكافي 4: 121 / 6، الفقيه 2: 95 / 425، التهذيب 4:
276 / 834، الاستبصار 2: 120 / 388، الوسائل 7: 137
ابواب من يصح منه الصوم ب 8 ح 2. (4) التهذيب 4:
230 / 677، الوسائل 7: 142 ابواب من يصح منه الصوم
ب 11 ح 1. (5) الكافي 4: 128 / 7، الفقيه 2: 91 / 405،
التهذيب 4: 217 / 629، الوسائل 7: 125 ابواب من يصح

منه الصوم ب 1 ح 9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 148 ]
وقد استثنى الاصحاب من المنع من صوم
الواجب سفرا " مواضع: أحدها: صوم ثلاثة أيام
في بدل الهدي، لاطلاق قوله عزوجل: (فمن لم
يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج) (1) وخصوص
صحيحة رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله عليه
السلام الواردة في صوم هذا الايام حيث قال
فيها، قلت: يصوم وهو مسافر؟ قال: (نعم، أليس
هو يوم عرفة مسافرا "؟ إنا أهل بيت نقول ذلك
لقول الله عزوجل: (فصيام ثلاثة أيام في
الحج) (2). وثانيها: صوم ثمانية عشر يوما "
لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا "
عالما " وعجز عن الفداء وهو بدنة، لما رواه
الكليني في الصحيح، عن ضريس، عن أبي جعفر
عليه السلام، قال: سألته عن رجل أفاض من
عرفات من قبل أن تغيب الشمس، قال: (عليه
بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام
ثمانية عشر يوما " بمكة، أو في الطريق، أو
في أهله) (3). وثالثها: من نذر يوما " معينا "
وشرط في نذره أن يصومه سفرا " أو حضرا "، ذهب
إليه الشيخان (4) وأتباعهما (5)، واستدل عليه
في التهذيب بما رواه عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام، قال:
سألته عن الرجل يجعل لله عليه صوم يوم
مسمى، قال: (يصومه أبدا " في السفر والحضر)
(6) فإنه حمل هذه الرواية على من نذر يوما "
وشرط على نفسه أن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 196. (2) الكافي 4: 506 / 1، التهذيب 5: 38
/ 114، الوسائل 10: 155 ابواب الذبح ب 46 ح 1. (3)
الكافي 4: 467 / 4، الوسائل 10: 30 ابواب احرام
الحج ب 23 ح 3. (4) المفيد في المقنعة: 5 5،
والشيخ في النهاية: 163. (5) منهم ابن البراج
في المهذب 1: 194، وابن حمزة في الوسيلة
(الجوامع الفقهية): 685، وابن زهرة في الغنية
(الجوامع الفقهية): 572. (6) التهذيب 4: 235 / 688،
الوسائل 7: 141 ابواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 149 ]
يصومه في السفر والحضر. واستدل على هذا
التأويل بما رواه عن محمد بن الحسن
الصفار، عن أحمد بن محمد وعبد الله بن
محمد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه
بندار مولى إدريس: يا سيدي نذرت أن أصوم كل
يوم سبت، وإن أنا لم أصمه ما يلزمني من
الكفارة؟ فكتب قرأته: (لا تتركه إلا من
علة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلا أن
تكون نويت ذلك، وإن كنت أفطرت من غير علة
فتصدق بقدر كل يوم لسبعة مساكين، نسأل
الله التوفيق لما يحب ويرضى) (1). قال:
المصنف في المعتبر: ولمكان ضعف هذه
الرواية جعلناه قولا " مشهورا (2). وكأن وجه
ضعفها الاضمار واشتمالها على ما لم يقل به
أحد من وجوب الصوم في المرض إذا نوى ذلك،
وإلا فهي صحيحة السند ولا تضر جهالة
الكاتب، لان مقتضى الرواية إخبار علي بن
مهزيار بقراءة المكتوب. والمسألة محل
إشكال، والاحتياط يقتضي عدم التعرض
لايقاع هذا النذر. ونقل عن المرتضى - رضي
الله عنه - أنه استثنى من المنع من صوم
الواجب سفرا " مطلق الصوم المنذور إذا علق
بوقت معين فحضر وهو مسافر (3). وتدل على ما
ذكره رواية إبراهيم بن عبد الحميد
المتقدمة، لكنها ضعيفة جدا (4)، ومعارضة
بغيرها مما هو أجود منها سندا " وأوضح
دلالة، والله أعلم.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 235 / 689، الاستبصار 2: 102 / 331،
الوسائل 7: 139 ابواب من يصح منه الصوم ب 10 ح 1.
(2) المعتبر 2: 684. (3) جمل العلم والعمل: 92 قال:
والصوم الواجب مع السفر صوم ثلاثة ايام
لدم المتعة من جملة العشرة وصوم النذر إذا
علق بسفر وحضر. (4) لوقوع محمد بن ابي الصباح
الكناني وعلي بن الحسن بن فضال في طريقها
والاول مجهول والثاني فطحي.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 150 ]
[ وهل يصوم مندوبا؟ قيل لا، وقيل: نعم،
وقيل: يكره، وهو الاشبه. ] قوله: (وهل نصوم
مندوبا "؟ قيل: لا، وقيل: نعم، وقيل: يكره،
وهو الاشبه). اختلف الاصحاب في صيام التطوع
في السفر، فقال المفيد رحمه الله: لا يجوز
ذلك إلا ثلاثة أيام للحاجة عند قبر النبي
صلى الله عليه وآله، أو في مشهد من مشاهد
الائمة عليهم السلام (1). وقال الشيخ في
النهاية: ويكره صيام النوافل في السفر على
كل حال، وقد وردت رواية في جواز ذلك فمن
عمل بها لم يكن مأثوما "، إلا أن الاحوط ما
قدمناه (2). وقال ابن بابويه في من لا يحضره
الفقيه: فأما صوم التطوع في السفر فقد قال
الصادق عليه السلام: (ليس من البر الصوم في
السفر) (3). وقال في المقنع: لا يصوم في السفر
تطوعا " ولا فرضا "، واستثنينا من التطوع
صوم ثلاثة أيام للحاجة في مسجد النبي صلى
الله عليه وآله، وصوم الاعتكاف في المساجد
الاربعة (4). وقال سلار: لا يصوم المسافر
تطوعا " ولا فرضا " إلا ثلاثة أيام بدل
المتعة، وصوم يوم النذر إذا علقه بوقت حضر

في السفر، وصوم الثلاثة الايام للحاجة (5).
والاصح المنع من التطوع مطلقا " إلا ثلاثة
أيام للحاجة عند قبر النبي صلى الله عليه
وآله خاصة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المقنعة: 55. (2) النهاية: 162. (3) الفقيه 2: 92 /
411، الوسائل 7: 126 ابواب من يصح منه الصوم ب 1
ح 11. (4) المقنع: 63. (5) المراسم: 97 وفيه: لدم
بدل كلمة بدل.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 151 ]
لنا: الاخبار المستفيضة، كقول أبي الحسن
عليه السلام في صحيحة صفوان بن يحيى: (ليس
من البر الصيام في السفر) (1) وقول أبي عبد
الله عليه السلام في صحيحة عمار بن مروان:
(من سافر قصر وأفطر) (2) وهما متناولتان
بإطلاقهما لصوم الفريضة والنافلة. وصحيحة
زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال،
(لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم
في السفر في شهر رمضان ولا غيره) (3). وصحيحة
أحمد بن محمد، قال: سألت أبا الحسن عليه
السلام عن الصيام بمكة والمدينة ونحن سفر
(4) قال: (فريضة؟) فقلت: لا، ولكنه تطوع كما
يتطوع بالصلاة فقال: (تقول اليوم وغدا "؟)
قلت: نعم فقال: (لا تصم) (5). قال الشيخ في
التهذيب بعد أن أورد هذه الروايات: ولو
خلينا وظاهر هذه الاخبار لقلنا إن صوم
التطوع في السفر محظور كما أن صوم الفريضة
محظور، غير أنه قد ورد فيه من الرخصة ما
نقلنا عن الحظر إلى الكراهة (6). ثم أورد في
ذلك روايتين، روى إحداهما بطريق فيه عدة
من الضعفاء والمجاهيل عن إسماعيل بن سهل،
عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة
في أيام بقين
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 217 / 632، الوسائل 7: 125 ابواب من
يصح منه الصوم ب 1 ح 10. (2) الفقيه 2: 92 / 409،
التهذيب 4: 219 / 640، الوسائل 5: 509 ابواب صلاة
المسافر ب 8 ح 3. (3) التهذيب 4: 235 / 691،
الاستبصار 2: 102 / 333، الوسائل 7: 143 ابواب من
يصح منه الصوم ب 11 ح 4. (4) في (ح) والمصدر: في
سفر، وقال في القاموس 2: 50 وقوم سفر، ضد
الحضر. (5) التهذيب 4: 235 / 690، الاستبصار 2: 102 /
332، الوسائل 7: 144 ابواب من يصح منه الصوم ب 12
ح 2. (6) التهذيب 4: 236.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 152 ]
من شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان
وهو في السفر فأفطر، فقيل له أتصوم شعبان
وتفطر شهر رمضان؟! فقال: (نعم، شعبان إلي إن
شئت صمته وإن شئت لا، وشهر رمضان عزم من
الله عزوجل على الافطار) (1). والثانية
رواها بطريق ضعيف جدا " عن الحسن بن بسام
الجمال، عن رجل قال: كنت مع أبي عبد الله
عليه السلام فيما بين مكة والمدينة في
شعبان وهو صائم، ثم رأينا هلال شهر رمضان
فأفطر، فقلت له: جعلت فداك أمس كان من
شعبان وأنت صائم، واليوم من شهر رمضان
وأنت مفطر؟! فقال: (إن ذلك تطوع ولنا أن
نفعل ما شئنا، وهذا فرض وليس لنا أن نفعل
إلا ما أمرنا) (2). ولا يخفى أن الخروج عن
مقتضى الاخبار الصحيحة المستفيضة بهاتين
الروايتين الضعيفتين غير جيد. ويدل على
استثناء صوم الثلاثة الايام للحاجة
بالمدينة ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إن كان لك مقام بالمدينة
ثلاثة أيام صمت أول يوم الاربعاء، وتصلي
ليلة الاربعاء عند أسطوانة أبي لبابة، وهي
أسطوانة التوبة التي كان ربط فيها نفسه حتى
نزل عذره من السماء، وتقعد عندها يوم
الاربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها
مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله
ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي
الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله
عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها
ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة، وإن استطعت
أن لا تتكلم بشئ في هذه الايام إلا ما لابد
لك منه، ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة، ولا
تنام في ليل ولا نهار فافعل، فإن ذلك مما
يعد فيه الفضل، ثم احمد الله في يوم الجمعة
واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه
وآله
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 236 / 692، الوسائل 7: 144 ابواب من
يصح منه الصوم ب 12 ح 4. (2) التهذيب 4: 236 / 693،
الوسائل 7: 145 ابواب من يصح منه الصوم ب 12 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 153 ]
[ ويصح كل ذلك ممن له حكم المقيم. ولا يصح
من الجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة
حتى يطلع الفجر. ولو استيقظ جنبا لم ينعقد
صومه قضاء عن رمضان، ] وسل حاجتك، وليكن
فيما تقول: اللهم ما كانت لي إليك من حاجة
شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع،
سألتكها أو لم أسألكها، فإنى أتوجه إليك
بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله
في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها، فإنك أحرى
أن تقضى حاجتك إن شاء الله) (1). قوله: (ويصح

ممن له حكم المقيم). يندرج في ذلك: كثير
السفر، والعاصي به، ومن نوى إقامة عشرة في
غير بلده، أو مضى عليه ثلاثون يوما مترددا
في الاقامة. ولا ريب في صحة الصوم من
الجميع كما يجب عليهم إتمام الصلاة، وفي
صحيحة معاوية بن وهب عن الصادق عليه
السلام: (هما - يعني التقصير والافطار -
واحد، إذا قصرت أفطرت، وإذا أفطرت قصرت) (2)
وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا في كتاب
الصلاة. قوله: (ولا يصح من الجنب إذا ترك
الغسل عامدا مع القدرة حتى يطلع الفجر،
ولو استيقظ جنبا لم ينعقد صومه قضاءا عن
شهر رمضان). قد تقدم الكلام في حكم الصوم مع
تعمد البقاء على الجنابة (3). وأما إن من
استيقظ جنبا لم ينعقد صومه قضاءا عن شهر
رمضان فيدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح،
عن عبد الله بن سنان، قال: كتب أبي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 232 / 682، الوسائل 7: 143 ابواب من
يصح منه الصوم ب 12 ح 1. (2) الفقيه 1: 280 / 1270،
الوسائل 7: 130 ابواب من يصح منه الصوم ب 4 ح 1.
(3) راجع ص 53.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 154 ]
[ وقيل: ولا ندبا. ] إلى أبي عبد الله عليه
السلام وكان يقضي شهر رمضان، وقال: إني
أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم أغتسل
حتى طلع الفجر، فأجابه: (لا تصم هذا اليوم
وصم غدا) (1). وإطلاق النص وكلام الاصحاب
يقتضي عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في
النومة الاولى أو الثانية، ولا في القضاء
بين الموسع والمضيق. واحتمل الشارح - قدس
سره - جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم
الجنابة حتى أصبح (2). ويحتمل مساواته لصوم
رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الاولى
خاصة. قال الشارح قدس سره: وفي حكم القضاء
النذر المطلق والكفارة قبل التلبس بها،
ولو كان في الاثناء حيث يشترط التتابع، أو
في أثناء صوم يشترط تتابعه فوجهان،
أجودهما عدم صحة الصوم ولا يقطع التتابع
لعدم التقصير (3). ويمكن المناقشة في إلحاق
النذر المطلق وصوم الكفارة بالقضاء لعدم
وضوح مستنده، وكذا في عدم انقطاع التتابع
مع فساد الصوم، لان عدم التقصير إنما
يقتضي انتفاء الاثم، لا تحقق الامتثال مع
عدم الاتيان بالمأمور به على وجهه. قوله:
(وقيل ولا ندبا). نسبته إلى القول ساكتا
عليه يشعر بتوقفه فيه، ويظهر من كلامه في
المعتبر التوقف فيما عدا صوم رمضان،
لاختصاص النص به (4)، كما بيناه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) لم نعثر عليها في كتب الشيخ، وهي موجودة
في الكافي 4: 105 / 4، الوسائل 7: 46. ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 19 ح 2. (2) المسالك 1: 75. (3)
المسالك 1: 75. (4) المعتبر 2: 656.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 155 ]
فيما سبق (1). قال الشارح قدس سره: ووجه عدم
الجواز أنه غير معين، فلم يصح صومه كقضاء
رمضان، وأن الجنب غير قابل للصوم في تلك
الحال والصوم لا يتبعض، ومستند الجواز
رواية عبد الله بن بكير، عن الصادق عليه
السلام: في الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح،
أيصوم ذلك اليوم تطوعا؟ فقال: (أليس هو
بالخيار ما بينه وبين نصف النهار) (2) وفي
رواية كليب إطلاق الصحة إذا اغتسل (3)،
وحملها الشهيد - رحمه الله - على المعين أو
الندب، وهو يشعر بتجويزه ذلك، ويؤيده أيضا
جواز تجديد الندب للعازم على الافطار
خصوصا بعد الزوال وهو أيضا مناف للصوم،
وعدم قابلية الصوم للجنب إنما يمنع منه
حال الجنابة أما بعد الغسل فلا، ويمنع عدم
تبعض الصوم مطلقا، كيف وقد تقدم النص
الصحيح بأن الناوي بعد الزوال إنما له من
الصوم ما بعد النية، وهذه الادلة وإن ضعف
بعضها إلا أنها لا تقصر عن أدلة جواز صوم
النافلة سفرا، وقد عمل بها المصنف
والجماعة تساهلا بأدلة السنن وخبر من بلغه
شئ من أعمال الخير يشملهما (4). انتهى كلامه
رحمه الله. ولا يخفى أن ما استدل به أولا
على عدم الجواز قياس محض مع الفارق،
والدليل الثاني مجرد دعوى عارية من
الدليل. وأما أدلة الجواز فكلها ضعيفة،
وكان الاولى الاستدلال بأصالة الجواز
فإنها سليمة من المعارض، لاختصاص
الروايات المتضمنة لاعتبار الغسل في
الصوم بأداء رمضان وقضائه كما بيناه فيما
سبق (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 55. (2) الكافي 4: 105 / 3، الوسائل 7: 47
ابوا ب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 2. (3) لم نعثر
عليها. (4) المسالك 1: 75، 76. (5) في ص 56.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 156 ]
[ فان كان في رمضان فصومه صحيح، وكذا في
النذر المعين. ويصح من المريض ما لم
يستضربه. ] ويدل على الجواز أيضا ما رواه
ابن بابويه في الصحيح، عن عبد الله بن
المغيرة، عن حبيب الخثعمي قال، قلت لابي
عبد الله عليه السلام: أخبرني عن التطوع

وعن هذه الثلاثة الايام إذا أجنبت من أول
الليل فأعلم أني أجنبت فأنام متعمدا حتى
ينفجر الفجر، أصوم أو لا أصوم؟ قال: (صم) (1)
وهذه الرواية مع صحة سندها صريحة في
المطلوب، ولم يستدل بها أحد من الاصحاب
فيما أعلم. قوله: (ويصح من المريض ما لم
يستضر به). يتحقق الضرر المجوز للافطار
بخوف زيادة المرض بسبب الصوم، أو بطء
برئه، أو بحصول مشقة لا يتحمل مثلها عادة،
أو بحدوث مرض آخر، والمرجع في ذلك كله إلى
الظن، سواء استند إلى أمارة أو تجربة أو
قول عارف وإن كان فاسقا. ويدل على وجوب
الافطار في جميع هذه الصور قوله تعالى:
(ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من
أيام أخر) (2) وما رواه ابن بابويه في الصحيح
عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر) (3)
وقال عليه السلام: (كلما أضر به الصوم
فالافطار له واجب) (4). وفي الصحيح عن بكر بن
محمد الازدي، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سأله أبي وأنا أسمع عن حد
المرض الذي يترك الانسان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 49 / 212، الوسائل 7: 47 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 20 ح 1. (2) البقرة: 185. (3)
الفقيه 2: 84 / 373، الوسائل 7: 155 ابواب من يصح
منه الصوم ب 19 ح 1. (4) الفقيه 2: 84 / 374،
الوسائل 7: 156 ابواب من يصح منه الصوم ب 20 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 157 ]
فيه الصوم، قال: (إذا لم يستطع أن يتسحر) (1).
وفي الموثق عن ابن بكير، عن زرارة، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام: ما حد
المرض الذي يفطر فيه الرجل ويدع الصلاة من
قيام؟ فقال: (بل الانسان على نفسه بصيرة،
هو أعلم بما يطيقه) (2). وفي الصحيح عن جميل
بن دراج، عن الوليد بن صبيح - وهو ثقة - قال:
حممت بالمدينة يوما من شهر رمضان فبعث إلى
أبو عبد الله عليه السلام بقصعة فيها خل
وزيت وقال: (افطر وصل وأنت قاعد) (3). ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ في الحسن، عن ابن
أذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد الله عليه
السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر
صاحبه، والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة؟
فقال: (بل الانسان على نفسه بصيرة) وقال:
(ذلك إليه هو أعلم بنفسه) والمراد بقوله
ويدع صاحبه الصلاة أنه يدع الصلاة من قيام
كما تضمنته رواية زرارة المتقدمة. تفريع:
قال في المنتهى: الصحيح الذي يخشى المرض
بالصيام هل يباح له الفطر؟ فيه تردد، ينشأ
من وجوب الصوم بالعموم وسلامته من معارضة
المرض، ومن كون المريض إنما أبيح له الفطر
لاجل التضرر به وهو حاصل هنا، لان الخوف من
تجدد المرض في معنى الخوف من زيادته
وتطاوله (5). انتهى كلامه رحمه الله.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 118 / 6، الفقيه 2: 83 / 371، الوسائل
7: 156 ابواب من يصح منه الصوم ب 2 ح 1. (2)
الفقيه 2: 83 / 369، الوسائل 7: 157 ابواب من يصح
منه الصوم ب 20 ح 5. (3) الكافي 4: 118 / 1، الفقيه
2: 83 / 370، الوسائل 7: 155 ابواب من يصح منه
الصوم ب 18 ح 2 (4) التهذيب 4: 256 / 758، الاستبصار
2: 114 / 371، الوسائل 7: 157 ابواب من يصح منه
الصوم ب 20 ح 5. (5) المنتهى 2: 596.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 158 ]
[ مسألتان: الاولى: البلوغ الذى تجب معه
العبادات: الاحتلام، أو، الانبات، ] ويمكن
ترجيح الوجه الثاني بعموم قوله تعالى: (ما
جعل عليكم في الدين من حرج) (1) وقوله عزوجل:
(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
(2) وقوله عليه السلام في صحيحة حريز
المتقدمة: (كلما أضر به الصوم فالافطار له
واجب) (3). قوله: (مسألتان، الاولى: البلوغ
الذي تجب معه العبادات: الاحتلام). هذا
مذهب علماء الاسلام كافة، قاله في التذكرة
(4)، والمراد بالاحتلام هنا خروج المني من
ذكر الرجل أو قبل المرأة، سواء كان بجماع
أو غيره، في نوم أو يقظة. ولو ظن الصبي أنه
يمني بالجماع لم يجب التعرض له. ولو وجد
على ثوبه المختص به منيا حكم ببلوغه إذا
علم إنتفاءه عن غيره، واكتفى الشهيد في
الدروس في تحقق بلوغه بإمكان كونه منه (5).
ولو اشترك الثوب بين صبيين لم يحكم ببلوغ
أحدهما، وقال الشهيد في الدروس: إن الاولى
تعبدهما (6). ولا ريب في الاولوية. قوله: (أو
الانبات). المراد به إنبات الشعر الخشن على
العانة، قال في التذكرة: ونبات
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الحج: 78. (2) البقرة: 185. (3) في ص 156. (4)
التذكرة 2: 74. (5، 6) الدروس: 71.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 159 ]
[ أو بلوغ خمس عشرة سنة في الرجال على
الاظهر، وتسع في النساء. ] هذا الشعر دليل
على البلوغ في حق المسلمين والكفار عند
علمائنا أجمع، وألحق بالانبات اخضرار
الشارب، لقضاء العادة بتأخره عن البلوغ
(1)، وقواه جدي - قدس سره - في الروضة (2) وهو
مشكل، لعدم العلم باطراد العادة بذلك.

قوله: (أو بلوغ خمس عشرة سنة في الرجال على
الاظهر). ذكر الشارح وغيره أن المراد ببلوغ
الخمس عشرة إكمالها، فلا يكفي الطعن فيها
(3). ولا خلاف في تحقق البلوغ بذلك، وإنما
الخلاف في الاكتفاء بما دونه، فقيل
بالاكتفاء ببلوغ أربع عشرة سنة (4)، وقيل
بالاكتفاء باتمام ثلاث عشرة سنة والدخول
في الرابعة عشرة. ويدل عليه ما رواه الشيخ
وابن بابويه في الصحيح، عن عبد الله بن
سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة ودخل
في الاربع عشرة وجب عليه ما وجب على
المحتلمين، احتلم أولم يحتلم، وكتب عليه
السيئات، وكتب له الحسنات، وجاز له كل شئ
إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها) (5) وسيجئ تمام
الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى. قوله:
(وتسع في النساء). هذا هو المشهور بين
الاصحاب وبه روايات متعددة لكنها ضعيفة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 2: 73. (2) الروضة 2: 145. (3) المسالك 1:
76. (4) حكاه عن ابن الجنيد في المختلف: 423. (5)
الفقيه 4: 164 / 571، التهذيب 9: 183 / 739، الوسائل
13: 431 ابواب الوصايا في الاحكام ب 44 ح 11.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 160 ]
[ الثانية: يمرن الصبى والصبية على الصوم
قبل البلوغ، ويشدد عليهما لسبع مع الطاقة.
] السند، واعتبر الشيخ في المبسوط (1)، وابن
حمزة بلوغ العشر (2). ولاريب أن الاول أحوط
في التكليف بالعبادة. قوله: (الثانية، يمرن
الصبي والصبية على الصوم قبل البلوغ،
ويشدد عليهما لسبع مع الطاقة). التمرين
تفعيل من المرانة، وهي العادة، يقال: مرن
على الشئ مرونا ومرانة، تعوده واستمر عليه
ومرنه تمرينا، والمراد به هنا حمل الولي
للصبي والصبية على الصيام ليعتاده فلا يجد
له مشقة بعد البلوغ. ويفهم من قول المصنف
رحمه الله: ويشدد عليهما لسبع، أنهما
يؤمران به قبل السبع من غير تشديد مع
الطاقة. وقال المفيد في المقنعة: يؤخذ
الصبي بالصيام إذا بلغ الحلم، أو قدر على
صيام ثلاثة أيام متتابعات قبل أن يبلغ
الحلم (3). وقال الشيخ في النهاية: ويستحب أن
يؤخذ الصبيان بالصيام إذا أطاقوه وبلغوا
تسع سنين وإن لم يكن ذلك واجبا عليهم (4).
ولم يتعرض لما قبل التسع، وظاهره أنهم لا
يؤمرون قبل ذلك، ونحوه قال ابن بابويه في
من لا يحضره الفقيه (5). وهو المعتمد. لنا: ما
رواه الكليني والشيخ في الحسن، عن الحلبي،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إنا
نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع
سنين
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 266. (2) الوسيلة (الجوامع
الفقهية): 682. (3) المقنعة: 58. (4) النهاية: 149. (5)
الفقيه 2: 76.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 161 ]
بما أطاقوا من صيام اليوم وإن كان إلى نصف
النهار أو أكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم
العطش والغرث أفطروا حتى يتعودوا الصوم
ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء
تسع سنين بما أطاقوا من صيام، فإذا غلبهم
العطش أفطروا) (1). وما رواه ابن بابويه
مرسلا، عن الصادق عليه السلام أنه قال:
(الصبي يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على
قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده
صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع
والعطش أفطر) (2). ولا ينافي ذلك ما رواه
الكليني في الصحيح، عن معاوية بن وهب، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام في كم يؤخذ
الصبي بالصيام؟ فقال: (ما بينه وبين خمس
عشرة سنة وأربع عشرة سنة، فإن هو صام قبل
ذلك فدعه، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك
فتركته) (3) لان أخذ الصبي بالصوم بين
الاربع عشرة والخمس عشرة لا ينافي استحباب
أمره قبل ذلك. وذكر الشارح - قدس سره - أن
مقتضى هذه الرواية عدم تحديد مبدأ وقت
التمرين (4). وهو غير جيد، إذ لو كان كذلك لم
يبق لقوله: (فإن هو صام قبل ذلك فدعه) معنى،
وكذا قوله: (ولقد صام ابني فلان قبل ذلك
فتركته). ولم نقف لما ذكره المصنف من
استحباب أمره قبل السبع والتشديد عليه
للسبع على مستند. أما ما ذهب إليه المفيد -
رحمه الله - فربما كان مستنده ما رواه
الكليني
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 124 / 1، التهذيب 4: 282 / 853،
الاستبصار 2: 123 / 400، الوسائل 7: 167 ابواب من
يصح منه الصوم ب 29 ح 3. (2) الفقيه 2: 76 / 329،
الوسائل 7: 169 ابواب من يصح منه الصوم ب 29 ح
11. (3) الكافي 4: 125 / 2، الوسائل 7: 167 ابواب من
يصح منه الصوم ب 29 ص 1. (4) المسالك 1: 76
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 162 ]
رضي الله عنه، عن السكوني، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (إذا أطاق الغلام
صوم ثلاثة أيام متتابعة فقد وجب عليه صيام
شهر رمضان) (1) وهي ضعيفة السند (2)، ولو صح
سندها لامكن الجمع بينها وبين رواية

الحلبي المتقدمة بالحكم باستحباب التمرين
بعد بلوغ التسع أو القدرة على صيام الثلاثة
الايام. واعلم أن ما وقفت عليه من الروايات
في هذه المسألة مختص بصوم الصبي، وقد قطع
الاصحاب باستحباب تمرين الصبية قبل
البلوغ والتشديد عليها للسبع، ولا ريب في
استحباب التمرين، إلا أن تعيين مبدأه
يتوقف على ورود النقل.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 125 / 4، الوسائل 7: 168 ابواب من
يصح منه الصوم 29 ح 5. (2) لان راويها عامي
راجع عدة الاصول: 380.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 163 ]
[ النظر الثاني في اقسامه وهى اربعة: واجب،
وندب، ومكروه، ومحظور. الاول: والواجب ستة:
صوم شهر رمضان، والكفارات، ودم المتعة،
والنذر وما في معناه، والاعتكاف على وجه،
وقضاء الواجب. القول في شهر رمضان والكلام
في: علامته، وشروطه، واحكامه. ] قوله:
(النظر الثاني، في أقسامه، وهي أربعة:
واجب، وندب، ومكروه، ومحظور). لا يخفى أن
المنقسم إلى الاقسام الاربعة مطلق الصوم
المتناول للصحيح والفاسد، لان الصحيح لا
يكون إلا راجحا، إما واجبا أو مندوبا،
والمكروه في هذا الباب لا يخرج عنهما كما
بيناه مرارا (1). قوله: (والواجب ستة: صوم شهر
رمضان، والكفارات، ودم المتعة، والنذر وما
في معناه، والاعتكاف على وجه، وقضاء
الواجب).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ج 1 ص 117.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 164 ]
[ اما الاول: فيعلم الشهر برؤية الهلال.
فمن رآه وجب عليه الصوم ولو انفرد، وكذا لو
شهد فردت شهادته. وكذا يفطر لو انفرد بهلال
شوال. ] هذا الحصر استقرائي مستفاد من تتبع
الادلة الشرعية، وقد أجمع الاصحاب على
وجوب هذه الانواع الستة خاصة. والمراد
بالوجه الذي يتحقق فيه وجوب الاعتكاف: ما
لو اعتكف يومين ندبا فإنه يجب الثالث.
ويمكن تناوله للمنذور وشبهه. قوله: (أما
الاول، فيعلم الشهر برؤية الهلال، فمن رآه
وجب عليه الصوم ولو انفرد، وكذا لو شهد
فردت شهادته، وكذا يفطر لو انفرد بهلال
شوال). هذا قول علمائنا وأكثر العامة، وقال
بعضهم: لا يصوم المنفرد برؤية الهلال، ولا
يفطر إلا في جماعة الناس (1). ولاريب في
بطلانه. ويدل على الوجوب مضافا إلى
الاجماع قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر
فليصمه) (2). وما رواه الشيخ في الصحيح، عن
أبي الصباح والحلبي جميعا، عن أبي عبد
الله عليه السلام أنه سئل عن الاهلة فقال:
(هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم،
وإذا رأيته فافطر) (3). وفي الصحيح عن المفضل
وعن زيد الشحام جميعا، عن أبي عبد الله
عليه السلام أنه سئل عن الاهلة فقال: (هي
أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه في بدائع الصنائع 2: 81. (2) البقرة: 185.
(3) التهذيب 4: 156 / 434، الاستبصار 2: 63 / 204،
الوسائل 7: 183 ابواب احكام شهر رمضان ب 3 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 165 ]
[ ومن لم يره لا يجب عليه الصوم، الا ان
يمضى من شعبان ثلاثون يوما، أو يرى رؤية
شائعة. ] فصم، وإذا رأيته فافطر) (1). ويدل
عليه صريحا ما رواه الشيخ وابن بابويه في
الصحيح، عن علي بن جعفر: إنه سأل أخاه موسى
عليه السلام عن الرجل يرى الهلال في شهر
رمضان وحده لا يبصره غيره، أله أن يصوم؟
قال: (إذا لم يشك فيه فليصم، وإلا فليصم مع
الناس) (2). قوله: (ومن لم يره لا يجب عليه
الصوم، إلا أن يمضي من شعبان ثلاثون يوما،
أو يرى رؤية شائعة). أما وجوب الصوم مع مضي
ثلاثين يوما من شعبان فمجمع عليه بين
المسلمين، بل الظاهر أنه من ضروريات
الدين. وأما الوجوب إذا رئي رؤية شائعة
فقال المصنف في المعتبر والعلامة في
المنتهى: إنه لا خلاف فيه بين العلماء (3).
واستدل عليه في المنتهى بأنه نوع تواتر
يفيد العلم، ونحوه قال في التذكرة ثم قال:
ولو لم يحصل العلم بل حصل ظن غالب بالرؤية
فالاقوى التعويل عليه، كالشاهدين فإن
الظن الحاصل بشهادتهما حاصل مع الشياع (4).
ونحوه ذكر الشارح (5) وغيره (6)، واحتمل في
موضع من الشرح اعتبار زيادة الظن على ما
يحصل بقول العدلين
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 155 4 / 430، الاستبصار 2: 62 / 200،
الوسائل 7: 182 ابواب احكام شهر رمضان ب 3 ح 3.
(2) الفقيه 2: 77 / 341، التهذيب 4: 317 / 964،
الوسائل 7: 188 ابواب احكام شهر رمضان ب 4 ح 1.
(3) المعتبر 2: 686، والمنتهى 2: 590. (4) التذكرة 1:
271. (5) المسالك 1: 76. (6) كالاردبيلي في مجمع
الفائدة 5: 287.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 166 ]
[ فان لم يتفق ذلك وشهد شاهدان، قيل: لا

تقبل: وقيل: تقبل مع العلة، وقيل: تقبل
مطلقا، وهو الاظهر، سواء كانا من البلد أو
خارجه. ] لتتحقق الاولوية المعتبرة في
مفهوم الموافقة (1). ويشكل بأن ذلك يتوقف
على كون الحكم بقبول شهادة العدلين معللا
بإفادتهما الظن ليتعدى إلى ما يحصل به ذلك
وتتحقق الاولوية المذكورة، وليس في النص
ما يدل على هذا التعليل، وإنما هو مستنبط
فلا عبرة به، مع أن اللازم من اعتباره
الاكتفاء بالظن الحاصل من القرائن إذا
ساوى الظن الحاصل من شهادة العدلين، أو
كان أقوى، وهو باطل إجماعا. والاصح اعتبار
العلم كما اختاره العلامة في المنتهى (2)،
وصرح به المصنف - رحمه الله - في كتاب
الشهادات من هذا الكتاب (3) ، لانتفاء ما
يدل على اعتبار الشياع بدون ذلك. وعلى هذا
فينبغي القطع بجريانه في جميع الموارد
وحيث كان المعتبر ما أفاد العلم فلا ينحصر
المخبرون في عدد، ولا يفرق في ذلك بين خبر
المسلم والكافر، والصغير والكبير،
والانثى والذكر كما قرر في حكم التواتر.
قوله: (وإن لم يتفق ذلك وشهد شاهدان قيل: لا
تقبل، وقيل: تقبل مع العلة، وقيل: تقبل
مطلقا، وهو الاظهر، سواء كان من البلد أو
خارجه). اختلف الاصحاب في هذه المسألة،
فذهب المفيد (4) والمرتضى
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 2: 410. (2) المنتهى 2: 590. (3) الشرائع:
132. (4) المقنعة: 48. (5) جمل العلم والعمل: 89.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 167 ]
وابن إدريس (1) والمصنف وأكثر الاصحاب إلى
أنه يثبت بشاهدين عدلين ذكرين، من خارج
البلد وداخله، صحوا وغيما. وقال الشيخ في
المبسوط والخلاف: لا يقبل مع الصحو إلا
خمسون نفسا أو شاهدان من خارج البلد (2).
وقال في النهاية: لا يقبل مع الصحو إلا
خمسون رجلا من خارج البلد، ومع العلة
يعتبر الخمسون من البلد، ويكفي الاثنان من
غيره (3). والمعتمد الاول. لنا: الاخبار
المستفيضة كصحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام: (إن عليا عليه السلام كان
يقول: لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة
رجلين عدلين) (4). وصحيحة منصور بن حازم، عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (صم
لرؤية الهلال وافطر لرؤيته، فإن شهد عندك
شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه) (5).
وصحيحة زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه سئل عن الاهلة فقال: (هي أهلة
الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته
فافطر) فقلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة
وعشرين يوما " أقضي ذلك اليوم؟ فقال: (لا،
إلا أن تشهد لك بينة عدول، فإن شهدوا أنهم
رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم) (6).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) السرائر: 86. (2) المبسوط 1: 267، والخلاف 1:
379. (3) النهاية: 150. (4) الكافي 4: 76 / 2، الفقيه 2:
77 / 338، الوسائل 7: 207 ابواب احكام شهر رمضان ب
11 ح 1. (5) التهذيب 4: 157 / 436، الاستبصار 2: 63 / 205،
الوسائل 7: 208 ابواب احكام شهر رمضان ب 11 ح 4.
(6) التهذيب 4: 155 / 430، الاستبصار 2: 62 / 200،
الوسائل 7: 190 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 168 ]
وصحيحة عبيدالله بن علي الحلبي، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: (علي عليه
السلام: لا تقبل شهادة النساء في رؤية
الهلال إلا شهادة رجلين عدلين) (1) وفي معنى
هذه الروايات روايات كثيرة (2). احتج الشيخ -
رحمه الله - بما رواه عن أبي أيوب إبراهيم
بن عثمان الخزاز، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال، قلت له: كم يجزي في رؤية
الهلال؟ فقال: (إن شهر رمضان فريضة من
فرائض الله فلا تؤده بالتظني، وليس رؤية
الهلال أن تقوم عدة فيقول واحد: قد رأيته،
ويقول الاخرون: لم نره، إذا رآه واحد رآه
مائة، وإذا رآه مائة رآه ألف، ولا يجوز في
رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل
من شهادة خمسين وإذا كانت في السماء علة
قبلت شهادة رجلين يدخلان يدخلان ويخرجان
من مصر) (3). وعن حبيب الجماعي قال، قال أبو
عبد الله عليه السلام: (لا تجوز الشهادة في
رؤية الهلال دون خمسين رجلا " عدد قسامة،
وإنما تجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج
المصر وكان بالمصر علة فأخبرا أنهما رأياه
وأخبرا عن قوم صاموا للرؤية) (4). وأجاب
المصنف في المعتبر عن هاتين الروايتين بأن
اشتراط الخمسين لم يوجد في حكم سوى قسامة
الدم، ثم لا يفيد اليقين بل قوة الظن، وهي
تحصل بشهادة العدلين، ثم قال: وبالجملة
فإنه مخالف لما عليه عمل المسلمين كافة
فكان ساقطا (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 77 / 340، التهذيب 4: 180 / 498،
الوسائل 7: 208 ابواب احكام شهر رمضان ب 11 ح 7.
(2) الوسائل 7: 207 ابواب احكام شهر رمضان ب 11.
(3) التهذيب 4: 160 / 451، الوسائل 7: 290 ابواب
احكام شهر رمضان ب 11 ح 10. (4) التهذيب 4: 159 /
448، الاستبصار 2: 74 / 227، الوسائل 7: 210 ابواب
احكام شهر رمضان ب 11 ح 13، وفيها وفي (ض)، (م)،

(ح): القسامة بدل قسامة. (5) المعتبر 2: 688.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 169 ]
وأجاب عنهما في المنتهى بالمنع من صحة
السند (1)، وكأن وجهه جهالة حبيب الجماعي
راوي الثانية، وأن في طريق الاولى العباس
بن موسى، وهو غير معلوم الحال، وإن كان
الظاهر أنه الوراق الثقة الذي هو من أصحاب
يونس، بقرينة روايته هنا عنه، وفي يونس
كلام. وأجاب عنهما في الختلف بالحمل على
عدم عدالة الشهود، وحصول التهمة في
إخبارهم (2). وهو غير بعيد. وكيف كان
فالمعتمد ما دلت عليه الاخبار الصحيحة
المستفيضة من الاكتفاء بالشاهدين العدلين
مطلقا (3). وينبغي التنبيه لامور: الاول: صرح
العلامة (4) وغيره بأنه لا يعتبر في ثبوت
الهلال بالشاهدين في الصوم والفطر حكم
الحاكم، فلو رآه اثنان ولم يشهدا عند
الحاكم وجب على من سمع شهادتهما وعرف
عدالتهما الصوم أو الفطر (5). وهو كذلك،
لقول الصادق عليه السلام في صحيحة منصور
بن حازم: (فإن شهد عندك شاهدان مرضيان
بأنهما رأياه فاقضه) (6) وفي صحيحة الحلبي
وقد قال له: أرأيت إن كان الشهر تسعة
وعشرين يوما " أقضي ذلك اليوم؟ قال: (لا إلا
أن تشهد بذلك بينة عدول، فإن شهدوا أنهم
رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم) (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 589. (2) المختلف: 235. (3) الوسائل 7:
207 ابواب احكام شهر رمضان ب 11. (4) المنتهى 2:
590، والتحرير 1: 82. (5) كالشهيد الثاني في
المسالك 1: 76. (6) التهذيب 4: 157 / 436، الاستبصار
2: 63 / 205، المقنعة: 48، الوسائل 7: 208 ابواب
احكام شهر رمضان ب 11 ح 4. (7) التهذيب 4: 156 / 434،
الاستبصار 2: 63 / 204، الوسائل 7: 191 ابواب
احكام شهر رمضان ب 5 ح 9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 170 ]
الثاني: لو اختلف الشاهدان في صفة الهلال
بالاستقامة والانحراف بطلت شهادتهما، ولا
كذلك لو اختلفا في زمان الرؤية مع اتحاد
الليلة، ولو شهد أحدهما برؤية شعبان
الاثنين وشهد الآخر برؤية رمضان الاربعاء
احتمل القبول، لاتفاقهما في المعنى،
وعدمه، لان كل واحد يخالف الآخر في شهادته
ولم تثبت إحداهما. الثالث: لا يكفي قول
الشاهد اليوم الصوم أو الفطر، بل يجب على
السامع الاستفصال، لاختلاف الاقوال في
المسألة، فيجوز استناد الشاهد إلى سبب لا
يوافق مذهب السامع. نعم لو علمت الموافقة
أجزأ الاطلاق كما في الجرح والتعديل.
الرابع: هل يثبت الهلال بالشهادة على
الشهادة؟ قيل: لا، وبه قطع في التذكرة،
وأسنده إلى علمائنا، واستدل عليه بأصالة
البراءة، واختصاص ورود القبول بالاموال
وبحقوق الادميين (1). وقيل: نعم، وبه جزم
الشارح من غير نقل خلاف، أخذا " بالعموم
وانتفاء ما يصلح للتخصيص، والتفاتا " إلى
أن حق لازم الاداء، فتجوز الشهادة عليه
كسائر الحقوق. ولا بأس به. ولو استند
الشاهدان إلى الشياع المفيد للعلم وجب
القبول قطعا ". الخامس: لا يخفى أن شهادة
الخمسين حيث تعتبر إنما هو مع عدم حصول
الشياع بدونها، أما معه فلا ريب في
الاجتزاء بالاقل. السادس: هل يكفي قول
الحاكم الشرعي وحده في ثبوت الهلال؟ فيه
وجهان، أحدهما: نعم، وهو خيرة الدروس،
لعموم ما دل على أن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 270. (2) المسالك 2: 415. (3) الدروس:
77.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 171 ]
[ وإذا رئي في البلاد المتقاربة كالكوفة
وبغداد وجب الصوم على ساكنيها أجمع، دون
المتباعدة كالعراق وخراسان، بل يلزم حيث
رئي. ] للحاكم أن يحكم بعلمه، ولانه لو قامت
عنده البينة فحكم بذلك وجب الرجوع إلى حكمه
كغيره من الاحكام والعلم إقوى من البينة،
ولان المرجع في الاكتفاء بشهادة العدلين
وما تتحقق به العدامة إلى قوله فيكون
مقبولا " في جميع الموارد. ويحتمل العدم،
لاطلاق قوله عليه السلام: (لا أجيز في رؤية
الهلال إلا شهادة رجلين عدلين) (1). قوله:
(وإذا رئي في البلاد المتقاربة كالكوفة
وبغداد وجب الصوم على ساكنها أجمع، فون
المتباعدة كالعراق وخراسان، بل يلزم حيث
رئي). المراد أنه إذا رؤي الهلال في إحدى
البلاد المتقاربة - وهي التي لم تختلف
مطالعها - ولم ير في الباقي وجب الصوم على
جميع من في تلك البلاد، بخلاف المتباعدة،
وهي ما علم اختلاف مطالعها فإن الصوم يلزم
من رأى دون من لم ير. وحكى العلامة في
التذكرة قولا " عن بعض علمائنا بأن حكم
البلاد كلها واحد، فمتى رئي الهلال في بلد
وحكم بأنه أول الشهر كان ذلك الحكم ماضيا "
في جميع أقطار الارض، سواء تباعدت البلاد
أو تقاربت، اختلفت مطالعها إو لا (2). وإلى
هذا القول ذهب العلامة في المنتهى في أول
كلامه، فإنه قال: إذا رأى الهلال أهل بلد

وجب الصوم على جميع الناس، سواء تباعدت
البلاد أو تقاربت، واستدل عليه بأنه يوم
من شهر رمضان في بعض البلاد بالرؤية، وفي
الباقي بالشهادة، فيجب صومه، وبأن البينة
العادلة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 76، 2، الفقيه 2: 77 / 338، الوسائل 7:
207 ابواب احكام شهر رمضان ب 11 ح / 1 (2) التذكرة
1: 269.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 172 ]
شهدت بالهلال فيجب الصوم كما لو تقاربت
البلاد، وبأنه شهد برؤيته من يقبل قوله
فيجب القضاء لو فات للاخبار الكثيرة
الدالة عليه، كقول الصادق عليه السلام في
صحيحة منصور: (فإن شهد عندك شاهدان مرضيان
بأنهما رأياه فاقضه) (1). وفي صحيحة هشام بن
الحكم: فيمن صام تسعة وعشرين يوما ": (إن
كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا
ثلاثين على رؤية قضى يوما ") (2) علق عليه
السلام قضاء اليوم على الشهادة على أهل
مصر، وهو نكرة شائعة تتناول الجميع على
البدل، فلا يخص ببعض الامصار إلا بدليل. ثم
قال في آخر كلامه: ولو قالوا إن البلاد
المتباعدة تختلف عروضها فجاز أن يرى
الهلال في بعضها دون بعض لكرية الارض،
قلنا: إن المعمور منها قدر يسير وهو الربع،
ولا اعتداد به عند السماء، وبالجملة إن علم
طلوعه في بعض الاصقاع وعدم طلوعه في بعضها
المتباعد عنه لكرية الارض لم يتساو
حكماهما، أو بدون ذلك فالتساوي هو الحق.
هذا كلامه رحمه الله وهو جيد. ولا ينافي
ذلك الروايات المتضمنة لوجوب القضاء لو
فات وقامت البينة بالرؤية، لانها غير
صريحة في التعميم على وجه يتناول البلاد
المختلفة المطالع. قال المحقق الشيخ فخر
الدين في شرح القواعد: ومبنى هذه المسألة
على أن الارض هل هي كرية أو مسطحة، والاقرب
الاول، لان الكواكب تطلع في المساكن
الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية،
وكذا في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المتقدمة في ص 169. (2) التهذيب 4: 158 / 443،
الوسائل 7: 192 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 13.
(3) المنتهى 2: 592 وفيه وفي (ح): لكروية بدل
لكرية ومعناهما واحد.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 173 ]
الغروب، وكل (1) بلد غربي بعد عن الشرقي
بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي ساعة
واحدة، وإنما عرفنا ذلك بارصاد الكسوفات
القمرية، حيث ابتدأت في ساعات إقل من
ساعات بلدنا في المساكن الغربية، وأكثر من
ساعات بلدنا في المساكن الشرقية، فعرفنا
أن غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل
غروبها في بلدنا، وغروبها في المساكن
الغربية بعد غروبها في بلدنا، ولو كانت
الارض مسطحة لكان الطلوع والغروب في جميع
المواضع في وقت واحد، ولان السائر على خط
من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي
يزداد عليه ارتفاع (2) الشمالي وانخفاض
الجنوبي وبالعكس (3). انتهى. ويتفرع على
اختلاف الحكم مع التباعد أن المكلف بالصوم
لو رأى الهلال في بلد وسافر إلى آخر يخالفه
في حكمه انتقل حكمه إليه، فلو رأى الهلال
في بلد الجمعة مثلا " ثم سافر إلى بلد بعيدة
شرقية قد رئي فيها ليلة السبت، أو بالعكس،
صام في الاول إحدى وثلاثين، ويفطر في
الثاني على ثمانية وعشرين. ولو أصبح معيدا
" ثم انتقل ليومه ووصل قبل الزوال أمسك
بالنية وأجزأه، ولو وصل بعد الزوال أمسك
مع القضاء. ولو أصبح صائما " للرؤية ثم
انتقل احتمل جواز الافطار لانتقال الحكم،
وعدمه لتحقق الرؤية، وسبق التكليف بالصوم.
قال في الدروس: ولو روعي الاحتياط في هذه
الفروض كان أولى (4). ولا ريب في ذلك، لان
المسألة قوية الاشكال.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في المصدر: فكل. (2) في المصدر زيادة:
القطب. (3) ايضاح الفوائد 1: 252. (4) الدروس: 76.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 174 ]
[ ولا يثبت بشهادة الواحد على الاصح. ]
قوله: (ولا يثبت بشهادة الواحد على الاصح).
خالف في ذلك سلار رحمه الله، فاجتزأ في
هلال شهر رمضان بشهادة الواحد (1). واستدل
له في المختلف بمارواه الشيخ، عن محمد بن
قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قال
أمير المؤمنين عليه السلام: إذا رأيتم
الهلال فافطروا، أو شهد عليه عدل من
المسلمين، وإن لم تروا الهلال إلا من وسط
النهار أو آخره فاتموا الصيام إلى الليل،
وإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا) (2).
وأجاب عنها بالطعن في السند باشتراك محمد
بن قيس بين جماعة منهم الضعيف (3). وهو غير
جيد، لان الظاهر كون الراوي هنا البجلي
الكوفي الثقة صاحب كتاب القضايا المعروف،
الذي يرويه عنه عاصم بن حميد ويوسف بن
عقيل، بقرينة كون الراوي عنه في هذه
الرواية يوسف بن عقيل (4). وأجاب عنها في

التذكرة بالقول بالموجب وعدم الدلالة على
المطلوب، لان لفظة العدل يصح إطلاقها على
الواحد فما زاد، لانه مصدر يصدق على
القليل والكثير، تقول رجل عدل ورجلان عدل
ورجال عدل (5). وأقول: إن الشيخ - رحمه الله -
قد روى هذه الرواية في الاستبصار بطريقين
أحدهما كما نقله في المختلف، والثاني
هكذا: (إذا رأيتم الهلال فافطروا أو تشهد
عليه بينة عدل من المسلمين) (6) ورواها في
التهذيب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المراسم: 96. (2) التهذيب 4: 158 / 440،
الاستبصار 2: 73 / 222، الوسائل 7: 191 ابواب
احكام شهر رمضان ب 5 ح 11. (3) المختلف: 234. (4)
راجع رجال النجاشي: 323 / 881. (5) التذكرة 1: 270.
(6) الاستبصار 2: 64 / 207 وفيه عدول بدل عدل.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 175 ]
[ ولا بشهادة النساء. ولا اعتبار بالجدول. ]
بطريقين، أحدهما كالاول، وصورة الثاني:
(إذا رأيتم الهلال فافطروا وأشهدوا عليه
عدولا " من المسلمين) (1) واضطراب متن الخبر
على هذا الوجه مما يضعف الاحتجاج به،
خصوصا " مع مصادمته للاخبار المستفيضة
المتضمنة لعدم الاكتفاء بما دون العدلين
(2)، ومع ذلك فمورد الرواية هلال شوال وهو
خلاف المدعى. وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا
القول. قوله: (ولا بشهادة النساء). أي: ولا
يثبت هلال شهر رمضان بشهادة النساء
منفردات ولا منضمات إلى الرجال، وهذا
الحكم إجماعي منصوص في عدة روايات، منها
ما رواه الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام: (إن عليا عليه
السلام كان يقول: لا أجيز في رؤية الهلال
إلا شهادة رجلين عدلين) (3). وما رواه ابن
بابويه مرسلا " عن أمير المؤمنين عليه
السلام أنه قال: (لا تقبل شهادة النساء في
رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين) (4). ولو
حصل بإخبار النساء الشياع المفيد للعلم
وجب التعويل عليه قطعا "، لكنه ليس من باب
الشهادة. قوله: (ولا اعتبار بالجدول). هو
حساب مخصوص مأخوذ من [ سير ] القمر واجتماعه
بالشمس، ولا ريب في عدم اعتباره، لاستفاضة
الروايات بأن الطريق إلى ثبوت دخول الشهر
أحد أمرين، إما رؤية الهلال، أو مضي
ثلاثين يوما " من الشهر المتقدم (5)،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 177 / 491. (2) الوسائل 7: 207 ابواب
احكام شهر رمضان ب 11. (3) التهذيب 4: 180 / 499،
الوسائل 7: 208 ابواب احكام شهر رمضان ب 11 ح 8.
(4) الفقيه 2: 77 / 340، الوسائل 7: 207 ابواب احكام
شهر رمضان ب 11 ح 3. (5) الوسائل 7: 182 ابواب
احكام شهر رمضان ب 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 176 ]
[ ولا بالعدد. ] ولو كان الرجوع إلى المنجم
حجة لارشدوا إليه، وأيضا " فإن أكثر أحكام
التنجيم مبني على قواعد ظنية مستفادة
الحدس الذي يخطئ أكثر مما يصيب، وأيضا فإن
أهل التقويم لا يثبتون أول الشهر بمعنى
جواز الرؤية، بل بمعنى تأخر القمر عن
محاذاة الشمس ليرتبوا عليه مطالبه من
حركات الكواكب وغيرها، ويعترفون بأنه قد
لا تمكن رؤيته، والشارع إنما علق الاحكام
على رؤية الهلال لا على التأخر المذكور.
وحكى الشيخ في الخلاف عن شاذ منا العمل
بالجدول. ونقله في المنتهى عن بعض
الجمهور، تمسكا " بقوله تعالى (وبالنجم هم
يهتدون) (2) وبأن الكواكب والمنازل يرجع
إليها في القبلة والاوقات، وهي أمور
شرعية، فكذا هنا (3). والجواب [ عن الاول ] (4)
أن الاهتداء بالنجم يتحقق بمعرفة الطرق
ومسالك البلدان وتعريف الاوقات. وعن
الثاني بأن الذي يرجع إليه في الوقت
والقبلة مشاهدة النجم، لا ظنون أهل
التنجيم الكاذبة في أكثر الاوقات. قال في
التذكرة (5): وقد شدد النبي صلى الله عليه
وآله في النهي عن سماع كلام المنجم حتى قال
صلى الله عليه وآله: (من صدق كاهنا " أو
منجما " فهو كافر بما أنزل على محمد) (6).
قوله: (ولا بالعدد).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخلاف 1: 378. (2) النحل: 16. (3) المنتهى 2: 590.
(4) اثبتناه من (ح). (5) التذكرة 1: 271. (6) غوالي
اللآلي 3: 140 / 30، الوسائل 7: 215 ابواب احكام
شهر رمضان ب 15 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 177 ]
المراد بالعدد هنا: عد شعبان ناقصا " أبدا
"، وشهر رمضان تاما " أبدا "، وقد صرح بذلك
المصنف في المعتبر فقال: ولا بالعدد، فإن
قوما " من الحشوية يزعمون أن شهور السنة
قسمان: ثلاثون يوما "، وتسعة وعشرون يوما "،
فرمضان لا ينقص أبدا "، وشعبان لا يتم أبدا
"، محتجين بأخبار منسوبة إلى أهل البيت
عليهم السلام، يصادمها عمل المسلمين في
الاقطار بالرؤية، وروايات صريحة لا يتطرق
إليها الاحتمال فلا ضرورة إلى ذكرها (1).
هذا كلامه رحمه الله. وأشار بالروايات
الصريحة إلى ما رواه الشيخ في الصحيح، عن

حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال في شهر رمضان: (هو شهر من
الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان)
(2). وفي الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: (وإذا كانت علة
فاتم شعبان ثلاثين) (3). وفي الصحيح عن عبيد
الله الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال، قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين
يوما "، أقضي ذلك اليوم؟ فقال: (لا، إلا أن
تشهد لك بينة عدول، فإن شهدوا أنهم رأوا
الهلال قبل ذلك اليوم فاقض ذلك اليوم) (4)
إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة (5). والقول
باعتبار العدد منقول عن شيخنا المفيد في
بعض كتبه، وإليه ذهب ابن بابويه فيمن لا
يحضره الفقيه (6)، فإنه روى عن محمد بن
سنان،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 688. (2) التهذيب 4: 160 / 452،
الوسائل 7: 190 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 3.
(3) التهذيب 4: 156 / 433، الاستبصار: 2: 63 / 203،
الوسائل 7: 190 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 5.
(4) التهذيب 4: 455 161، الوسائل 7: 193 ابواب
احكام شهر رمضان ب 5 ح 17. (5) الوسائل 7: 189
ابواب احكام شهر رمضان ب 5. (6) الفقيه 2: 111.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 178 ]
[ ولا بغيبوبة الهلال بعد الشفق. ] عن حذيفة
بن منصور، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
قال: (شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا ")
(1). وعن حذيفة بن منصور أيضا " بطريق فيه
محمد بن سنان، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (شهر رمضان ثلاثون
يوما " لا ينقص والله أبدا) (2). ثم قال - بعد
أن أورد هاتين الروايتين وما في معناهما -:
قال مصنف هذا الكتاب من خالف هذه الاخبار،
وذهب إلى الاخبار الموافقة للعامة في ضدها
اتقي كما تتقى العامة، ولا يكلم إلا
بالتقية كائنا من كان، إلا أن يكون
مسترشدا " فيرشد ويبين له، فإن البدعة إذا "
تماث وتبطل بترك ذكرها، ولا قوة إلا بالله.
وأقول إن ما أورده - رحمه الله - في هذا
الباب من الروايات كلها ضعيفة السند، وقد
ضعفها الشيخ في كتابي الاخبار، وتأولها
بوجوه من التأويل وعارضها بأخبار كثيرة
صريحة في خلاف ما تضمنته (3)، وقد أوردنا من
ذلك ما فيه كفاية. قوله: (ولا بغيبوبة
الهلال بعد الشفق). خالف في ذلك ابن بابويه
رحمه الله، فقال في المقنع: واعلم أن
الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة، وإن
غاب بعد الشفق فهو لليلتين، وإن رئي فيه ظل
الرأس فهو لثلاث ليالي (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 110 / 470، الوسائل 7: 195 ابواب
احكام شهر رمضان ب 5 ح 26. (2) الفقيه 2: 110 / 471،
الوسائل 7: 195 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 27.
(3) التهذيب 4: 169. (4) المقنع: 58.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 179 ]
[ ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال.
وربما كان مستنده ما رواه فيمن لا يحضره
الفقيه عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن
الحر، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا
غاب بعد الشفق فهو لليلتين)) (1). وعن محمد بن
مرازم، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا تطوق الهلال فهو
لليلتين، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث
ليالي) (2). والرواية الاولى ضعيفة بجهالة
الراوي، والثانية وإن كانت معتبرة
الاسناد إلا أنها لا تنهض حجة في معارضة
الاصل والاطلاقات المعلومة. قوله: (ولا
برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال). هذا قول
معظم الاصحاب، ونقل عن المرتضى - رضي الله
عنه - أنه قال في بعض مسائله: إذا رئي
الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية (3).
وقال العلامة في المختلف: إن الاقرب
اعتبار ذلك في الصوم دون الفطر (4).
والمعتمد الاول، تمسكا " بمقتضى الاصل،
وقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن قيس
المتقدمة: (فإن لم تروا الهلال إلا من وسط
النهار أو آخره فاتموا الصيام إلى الليل)
(5). ويؤيده ما رواه الشيخ عن جراح المدائني
قال، قال أبو عبد الله عليه السلام: (من رأى
هلال شوال نهارا في رمضان فليتم صيامه) (6).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 78 / 343، الوسائل 7: 204 ابواب
احكام شهر رمضان ب 9 ح 3. (2) الفقيه 2: 78 / 342،
الوسائل 7: 203 ابواب احكام شهر رمضان ب 9 ح 2.
(3) المسائل الناصرية (الجوامع الفقهية): 207.
(4) المختلف: 235. (5) الفقيه 2: 77 / 337، التهذيب 4:
158 / 440، الاستبصار 2: 64 / 207، الوسائل 7: 201
ابواب احكام شهر رمضان ب 8 ح 1. (6) التهذيب 4:
178 / 492، الاستبصار 2: 73 / 223، الوسائل 7: 201
ابواب احكام شهر رمضان ب 8 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 180 ]
" وعن محمد بن عيسى، قال: كتبت إليه عليه
السلام: جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر
رمضان فيرى من الغد الهلال قبل الزوال،
وربما رأيناه بعد الزوال، فترى أن نفطر

قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ وكيف تأمر في
ذلك؟ فكتب عليه السلام: (تتم إلى الليل،
فإنه إذا كان تاما " رئي قبل الزوال) (1). حجة
القول الثاني قوله عليه السلام: (إذا رأيت
الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر) (2) فإن ذلك
شامل لما قبل الزوال، وقد تقدم أن وقت
النية يستمر للمعذور إلى الزوال، فيجب
الصوم لرؤية الهلال وبقاء الوقت. وما رواه
الشيخ في الحسن، عن حماد بن عثمان، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: (إذا رأوا
الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية،
وإذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة
المستقبلة) (3). وفي الموثق عن عبيد بن
زرارة، وعبد الله بن بكير قال، قال أبو عبد
الله عليه السلام: (إذا رئي الهلال قبل
الزوال فذلك اليوم من شوال، وإذا رئي بعد
الزوال فهو من شهر رمضان) (4). وبهذه
الروايات استدل العلامة في المختلف على
اعتبار ذلك في الصوم ثم قال: لا يقال،
الاحاديث التي ذكرتموها تقتضي المساواة
في الصوم والفطر، لانا نقول: الفرق إنما هو
الاحتياط للصوم، وهو إنما يتم بما فصلناه
نحن، إذا عرفت هذا فنقول: لو رئي في أول
الشهر قبل الزوال ولم ير ليلة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 177 / 490، الاستبصار 2: 73 / 221،
الوسائل 7: 201 ابواب احكام شهر رمضان ب 8 ح 4
(2) المقنعة: 48، الوسائل 7: 182 ابواب احكام
شهر رمضان ب 3 ح 1. (3) التهذيب 4: 176 / 488،
الاستبصار 2: 73 / 225، الوسائل 7: 202 ابواب
احكام شهر رمضان ب 8 ح 6. (4) التهذيب 4: 176 / 489،
الاستبصار 22: 74 / 226، الوسائل 7: 202 ابواب
احكام شهر رمضان ب 8 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 181 ]
[ ولا بتطوقه ] إحدى وثلاثين هلال شوال وجب
صومه إن كان هذا الفرض ممكنا "، أو حصلت
علة، لان الاحتياط للصوم متعين فلا يجوز
الاقدام على الافطار بناء على مثل هذه
الروايات (1). هذا كلامه رحمه الله، وفيه
اعتراف بعدم اعتبار ذلك مطلقا، وأن الصوم
إنما هو لمجرد الاحتياط. والمسألة قوية
الاشكال، فإن الروايتين المتضمنتين
لاعتبار ذلك معتبرتا الاسناد، بل الاولى
لا تقصر عن مرتبة الصحيح، لان دخولها في
مرتبة الحسن بإبراهيم بن هاشم. ومن ثم تردد
في ذلك المصنف في النافع (2) والمعتبر (3)،
وهو في محله. قوله: (ولا بتطوقه). هذا مذهب
الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا. نعم روى الشيخ
في الصحيح، عن محمد بن مرازم، عن أبيه، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا تطوق
الهلال فهو لليلتين، وإذا رأيت ظل رأسك
فيه فهو لثلاث ليالي) (4). وقال في كتابي
الاخبار بعد أن أوردها وأورد رواية
إسماعيل بن الحر: إن الوجه في هذين الخبرين
وما يجري مجراهما مما هو في معناهما أن ذلك
إنما يكون إمارة على اعتبار دخول الشهر
إذا كان في السماء علة من غيم وما يجري
مجراها، فجاز حينئذ اعتباره في الليلة
المستقبلة بتطوق الهلال وغيبوبته قبل
الشفق أو بعد الشفق، فأما مع زوال العلة
وكون السماء مصحية فلا تعتبر هذه الاشياء
(5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 235. (2) المختصر النافع: 69. (3)
المعتبر 2: 689. (4) التهذيب 4: 178 / 495،
الاستبصار 2: 75 / 229، الوسائل 7: 203 ابواب
احكام شهر رمضان ب 9 ح 2. (5) التهذيب 4: 178،
والاستبصار 2: 75.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 182 ]
[ ولا بعد خمسة ايام من اول الهلال في
الماضية. ] وهذا التفصيل مشكل، لان التطوق
ونحوه إن كان مقتضيا " للحكم بكون الهلال
لليلتين وجب إطراده، وإلا فلا. الاصح عدم
اعتبار ذلك مطلقا "، لان هذه الرواية لا
تنهض حجة في معارضة الاصل والاطلاقات
المتضمنة لانحصار الطريق في الرؤية أو مضي
الثلاثين. قوله: (ولا بعد خمسة أيام من أول
الهلال في الماضية). أي: ولا اعتبار بعد
خمسة أيام من أول شهر رمضان من السنة
الماضية، بمعنى أنه لا يتعين صيام يوم
الخامس من ذلك الشهر، وقد ورد باعتبار
الخامس رواية رواها الشيخ عن عمران
الزعفراني قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: إن السماء تطبق علينا بالعراق
اليومين والثلاثة، فأي يوم نصوم؟ قال:
(انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية،
وصم يوم الخامس) (1). وروى أيضا عن عمران
الزعفراني قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام: إنما نمكث في الشتاء اليوم
واليومين لا نرى شمسا " ولا نجما "، فأي يوم
نصوم؟ قال: (أنظر إلى اليوم الذي صمت من
السنة الماضية وعد خمسة أيام وصم اليوم
الخامس) (2). ونزلهما في التهذيب على أن
السماء إذا كانت مغيمة فعلى الانسان أن
يصوم يوم الخامس احتياطا "، فإن اتفق أنه
يكون في شهر رمضان فقد أجزأ عنه، وإن كان
من شعبان كتب له من النوافل. قال: وليس في
الخبر أنه

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 179 / 496، الاستبصار 2: 76 / 230،
الوسائل 7: 205 ابواب احكام شهر رمضان ب 10 ح 3.
(2) التهذيب 4: 179 / 497، الاستبصار 2: 76 / 231،
الوسائل 7: 205 ابواب احكام شهر رمضان ب 10
هامش 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 183 ]
[ ويستحب صوم الثلاثين من شعبان بنية
الندب، فان انكشف من الشهر أجزأ. ] يصوم يوم
الخامس على أنه من شهر رمضان، وإذا لم يكن
هذا في ظاهره واحتمل ما قلناه سقطت
المعارضة به، ولم يناف ما ذكرناه من العمل
على الاهلة (1). ونحوه قال في الاستبصار،
وقال إن راوي هاتين الروايتين عمران
الزعفراني وهو مجهول، وأسناد (2) الحديثين
قوم ضعفاء لا يعمل بما يختصون بروايته (3).
وذكر جمع من الاصحاب أن اعتبار الخامس
إنما يتم في غير السنة الكبيسة، أما فيها
فإنه يكون يوم السادس، وهو مروي في بعض
الاخبار أيضا (4). والكل ضعيف. قوله: (ويستحب
صوم يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب،
فإن انكشف من الشهر أجزأ). أما استحباب صوم
يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب فهو قول
معظم الاصحاب، ويدل عليه مضافا " إلى ما دل
على رجحان مطلق الصوم روايات، منها ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن سعيد الاعرج
قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني
صمت اليوم الذي يشك فيه وكان من شهر رمضان،
أفأقضيه؟ قال: (لا، هو يوم وفقت له) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 182. (2) في المصدر: وفي اسناد. (3)
الاستبصار 2: 77 776. (4) الكافي 4: 81 / 3، الوسائل
7: 205 ابواب احكام شهر رمضان ب 10 ح 2. (5)
التهذيب 4: 182 / 506، الاستبصار 2: 78 / 238،
الوسائل 7: 12 ابواب وجوب الصوم ب 5 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 184 ]
وعن بشير النبال، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سألته عن صام يوم الشك فقال:
(صمه، فإن يك من شعبان كان تطوعا "، وإن يك
من شهر رمضان فيوم وفقت له) (1). ولا ينافي
ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح، عن قتيبة
الاعشى قال، قال أبو عبد الله عليه السلام:
(نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن صوم
ستة أيام: العيدين، وأيام التشريق، واليوم
الذي يشك فيه من شهر رمضان) (2). وعن عبد
الكريم بن عمرو قال، قلت لابي عبد الله
عليه السلام: إني جعلت على نفسي أن أصوم
حتى يقوم القائم فقال: (لاتصم في السفر،
ولا العيدين، ولا أيام التشريق، ولا اليوم
الذي يشك فيه) (3). لانا نجيب عنهما بالحمل
على صومه بنية أنه من شهر رمضان ليرتفع
التنافي بين الاخبار، ويدل على هذا
التأويل ما رواه الشيخ، عن محمد بن شهاب
الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليه
السلام يقول: (يوم الشك أمرنا بصيامه
ونهينا عنه، أمرنا أن يصومه الانسان على
أنه من شعبان، ونهينها عن أن يصومه على أنه
من شهر رمضان) (4). وحكى المصنف في المعتبر عن
المفيد - رحمه الله - أنه قال: إنما يستحب
صومه مع الشك في الهلال، لا مع الصحو
وارتفاع الموانع، ويكره
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 181 / 504، الاستبصار 2: 78 / 236،
الوسائل 7: 12 ابواب وجوب الصوم ب 5 ح 3. (2)
التهذيب 4: 183 / 509، الاستبصار 2: 79 / 241،
الوسائل 7: 16 ابواب وجوب الصوم ب 6 ح 2. (3)
التهذيب 4: 183 / 510، الاستبصار 2: 79 / 242،
الوسائل 7: 16 ابواب وجوب الصوم ب 6 ح 3. (4)
التهذيب 4: 183 / 511، الاستبصار 2: 80 / 243،
الوسائل 7: 16 ابواب وجوب الصوم ب 6 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 185 ]
[ ولو صامه بنية رمضان لامارة، قيل: يجزيه،
وقيل: لا، وهو الاشبه. وان افطر فاهل شوال
ليلة التاسع والعشرين من هلال رمضان قضاه
وكذا لو قامت بينة برؤيته ليلة الثلاثين
من شعبان. ] لا مع ذلك إلا لمن كان صائما "
قبله (1). ولم نقف له في هذا التفصيل على
مستند. وأما الاجزاء إذا وقع صومه على وجه
الندب ثم انكشف كونه من شهر رمضان فهو موضع
نص ووفاق، وقد تقدم الكلام فيه مستوفى (2).
قوله: (ولو صامه بنية رمضان لامارة قيل:
يجزيه، وقيل: لا، وهو الاشبه). الاصح ما
اختاره المصنف - رحمه الله - من عدم
الاجزاء، لان صوم يوم الشك بنية رمضان غير
مشروع فلا يقع على وجه الطاعة. وقد تقدم
الكلام في ذلك أيضا (3). قوله: (وإن أفطر فأهل
شوال ليلة التاسع والعشرين من هلال رمضان
قضاه، وكذا لو قامت بينة برؤيته ليلة
الثلاثين من شعبان). لا خلاف في وجوب قضائه
في هاتين الصورتين، ويدل عليه في الصورة
الاولى ما رواه الشيخ في الصحيح، عن حماد
بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن رجل نسي
حماد بن عيسى اسمه، قال: صام علي عليه
السلام بالكوفة ثمانية وعشرين يوما " شهر
رمضان فرأوا الهلال، فأمر مناديا " ينادي:
اقضوا يوما "، فإن الشهر تسعة وعشرون يوما
(4).

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 650. (2) في ص 35. (3) في ص 33. (4)
التهذيب 4: 158 / 444، الوسائل 7: 214 ابواب احكام
شهر رمضان ب 14 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 186 ]
[ وكل شهرتشتبه رؤيته يعدمما قبله ثلاثين.
ولو غمت شهور السنة عدكل شهر منها ثلاثين،
وقيل: ينقص منها لقضاء العادة بالنقيصة،
وقيل: يعمل في ذلك برواية الخمسة، والاول
اشبه. ] وعلى الوجوب في الثانية روايات،
منها ما رواه الشيخ في الصحيح، عن هشام بن
الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام: إنه
قال فيمن صام تسعة وعشرين يوما ": (إن كان له
بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين
على رؤية قضى يوما ") (1). قوله: (وكل شهر
تشتبه رؤيته يعد ما قبله ثلاثين). يدل على
ذلك مضافا " إلى امتناع الحكم بدخول الشهر
بمجرد الاحتمال روايات، منها قول أبي جعفر
عليه السلام في صحيحة محمد بن قيس: (إن أمير
المؤمنين عليه السلام كان يقول: وإن غم
عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا) (2) وقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم:
(وإذا كانت علة فاتم شعبان ثلاثين) (3). قوله:
(ولو غمت شهور السنة عد كل شهر منها ثلاثين،
وقيل: ينقص منها لقضاء العادة بالنقيصة،
وقيل: يعمل في ذلك برواية الخمسة، والاول
أشبه).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 158 / 443، الوسائل 7: 192 ابواب
احكام شهر رمضان ب 5 ح 13. (2) الفقيه 2: 77 / 337،
التهذيب 4: 158 / 440، الاستبصار 2: 64 / 207،
الوسائل 7: 201 ابواب احكام شهر رمضان ب 8 ح 1.
(3) التهذيب 4: 156 / 433، الاستبصار 2: 63 / 203،
الوسائل 7: 190 ابواب احكام شهر رمضان ب 5 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 187 ]
[ ومن كان بحيث لا يعلم الشهر كالاسير
والمحبوس صام شهرا تغليبا، فان استمر
الاشتباه فهو برئ. وان اتفق في شهر رمضان
أو بعده أجزأ، وان كان قبله قضاه. ] القول
بعد الثلاثين في كل شهر للشيخ في المبسوط
وجماعة، وهو مشكل، لما ذكره المصنف من
قضاء العادة بالنقيصة، والقول باحتساب
بعضها ناقصة مجهول القائل، مع جهالة قدر
النقص أيضا ". والقول بالعمل في ذلك برواية
الخمسة للشيخ في المبسوط أيضا "، واختاره
العلامة في جملة من كتبه (3)، وذكر في
المختلف أنه إنما اعتمد في ذلك على العادة
لا على الرواية (4). وهو مشكل أيضا "، لعدم
إطراد العادة بالنقيصة على هذا الوجه.
وموضع الخلاف ما إذا غمت شهور السنة كلها
أو أكثرها، أما الشهران والثلاثة فينبغي
القطع بعدها ثلاثين، لما ذكرناه من امتناع
الحكم بدخول الشهر بمجرد الاحتمال (5).
والله تعالى أعلم. قوله: (ومن كان بحيث لا
يعلم الشهر كالاسير والمحبوس صام شهرا
تغليبا، فإن استمر الاشتباه فهو برئ، وإن
اتفق في شهر رمضان أو بعده أجزأه، وإن كان
قبله قضاه). أراد بالتغليب تحري شهر يغلب
على ظنه أنه شهر رمضان، فيجب عليه صومه،
ويجزيه مع استمرار الاشتباه أو ظهور
الموافقة أو التأخر، وإن ظهر التقدم لم
يجزيه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1، 2) المبسوط 1: 268. (3) التذكرة 1: 271،
والمنتهى 2: 593، والتحرير 1: 82. (4) المختلف: 236.
(5) راجع ص 186.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 188 ]
وهذه الاحكام كلها إجماعية على ما نقله
العلامة في التذكرة والمنتهى (1)، والاصل
في ذلك ما رواه الشيخ، عن أبان بن عثمان،
عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال، قلت له: رجل أسرته
الروم ولم يصم شهر رمضان، ولم يدر أي شهر
هو، قال: (يصوم شهرا " يتوخاه ويحسب، فإن
كان الشهر الذي صامه قبل رمضان لم يجزه،
وإن كان بعد رمضان أجزأه) (2). وفي طريق هذه
الرواية عبيس بن هشام وهو مجهول، لكن
الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه رواها بطريق
صحيح، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن
أبي العلاء والظاهر أنه تحريف وأن الصواب
عبد الرحمن بن أبي عبد الله فتكون الرواية
صحيحة، ومقتضاها وجوب التوخي، وهو
التحري، وصيام الشهر الذي يظن كونه شهر
رمضان، والاجتزاء به لو ظهر كونه بعد شهر
رمضان دون ما إذا ظهر التقدم. والظاهر أن
المراد بالبعدية والقبلية بالنسبة إلى
شهر رمضان تلك السنة، فشهر شعبان من سنة
إحدى وتسعين مثلا " متأخر عن شهر رمضان
الذي هو من سنة تسعين، كما أن شهر شوال من
سنة تسعين متقدم على شهر رمضان من سنة إحدى
وتسعين. ومع ظهور التأخر تعتبر المطابقة
بين ما صامه وبين شهر رمضان،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 272، والمنتهى 2: 593. (2) التهذيب
4: 310 / 935 وفيه: ويحتسب به بدل ويحسب،
الوسائل 7: 200 ابواب احكام شهر رمضان ب 7 ح 1.
(3) الفقيه 2: 78 / 346.

[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 189 ]
فلو اتفق صوم شهر شوال وجب قضاء يوم إن
كانا تامين أو ناقصين، ولو كان شوال ناقصا
" ورمضان تاما " وجب قضاء يومين، ولو انعكس
الفرض لم يجب عليه شئ. وذكر الشارح (1) وغيره
أن الشهر المظنون يتعلق به حكم شهر رمضان
من وجوب الكفارة بإفطار يوم منه ووجوب
متابعته وإكماله ثلاثين لو لم ير الهلال،
وأحكام العيد بعده من الصلاة والفطرة (2).
وللمناقشة في ذلك مجال، لاصالة البراءة من
جميع ذلك، واختصاص النص بالصوم. ولو لم
يغلب على ظن الاسير شهرا " فقد قطع الاصحاب
بأنه يتخير في كل سنة شهرا " ويصومه، وقال
بعض العامة: لا يلزمه الصوم، لانه لم يعلم
دخول شهر رمضان ولا ظنه (3). وهو محتمل. وعلى
القول بالوجوب فتجب المطابقة بين ما صامه
وبين شهر رمضان كما سبق. ولو صام الاسير
تطوعا " فوافق شهر رمضان فالاقرب أنه يجزيه
كما اختاره في المنتهى (4)، لظاهر قوله عليه
السلام في صيام يوم الشك بنية الندب: (هو
يوم وفقت له) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 77. (2) كالعلامة في المنتهى 2:
594. (39 كابن حزم في المحلى 6: 262. (4) المنتهى 2:
594. (5) الكافي 4: 82 / 4، التهذيب 4: 182 / 506،
الاستبصار 2: 78 / 238، الوسائل 7: 12 ابواب وجوب
الصوم ب 5 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 190 ]
[ ووقت الامساك طلوع الفجر الثاني. ووقت
الافطار غروب الشمس، وحده ذهات الحمرة من
المشرق. ويستحب تأخير الافطار حتى يصلى
المغرب، الا ان تنازعه نفسه، أو يكون من
يتوقعه للافطار. ] قوله: (ووقت الامساك طلوع
الفجر الثاني). هذا قول علما الاسلام كافة،
ويدل عليه قوله تعال: (كلوا واشربوا حتى
يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود
من الفجر) ويستثنى من ذلك الجماع، فيجب
الامساك عنه قبل طلوع الفجر إذا لم يتسع
الزمان له وللاغتسال، لبطلان الصوم بتعمد
البقاء على الجنابة. قوله، (ووقت الافطار
غروب الشمس، وحده ذهاب الحمرة من الشرق).
هذا أحد القولين في المسألة، وقال الشيخ
في الاستبصار (2)، وابن بابويه في كتاب علل
الشرائع والاحكام (3): إن وقته استتار
القرص. ولا يخلو من قوة، وقد تقدم الكلام
في ذلك. قوله: (ويستحب تأخير الافطار حتى
يصلي المغرب، إلا أن تنازعه نفسه، أو يكون
من يتوقعه للافطار). أما استحباب تأخير
الافطار حتى يصلي المغرب إذا لم يكن هناك
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 187. (2) الاستبصار 1: 270. (3) علل
الشرائع: 350.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 191 ]
من يتوقعه للافطار وإلا استحب تقديم
الافطار فتدل عليه روايات، منها ما رواه
ابن بابويه في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي
عبد الله عليه السلام: إنه سئل عن الافطار،
قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: (أن كان معه قوم
يخاف أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم،
وأن كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر) (1). وفي
الصحيح عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر
عليه السلام: أنه قال: (الغسل في شهر رمضان
عند وجوب الشمس قبيله، ثم يصلي ويفطر) (2).
وما رواه الشيخ في الموثق، عن زراوة
وفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام: (في رمضان
تصلي ثم تفطر، إلا أن تكون مع قوم ينتظرون
الافطار، فإن كنت معهم فلا تخالف عليهم
وافطر ثم صل، وإلا فابدأ بالصلاة) قلت: ولم
ذاك؟ قال: (لانه قد حضرك فرضان: الافطار
والصلاة، فابدأ بأفضلهما، وأفضلهما
الصلاة) ثم قال: (تصلي وأنت صائم فتكتب
صلاتك تلك وتختم بالصوم أحب إلي) (3). وربما
ظهر من العبارة استحباب تأخير الافطار إذا
نازعته نفسه في تقديم الصلاة، ولم أقف على
رواية تدل عليه، وربما كان وجهه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 81 / 360، الوسائل 7: 107 ابواب اداب
الصائم ب 7 ح 1. (2) الفقيه 2: 100 / 448، الوسائل 2:
952 ابواب الاغسال المسنونة ب 13 ح 2. ووجوب
الشمس: غروبها الصحاح 1: 232. (3) التهذيب 4: 198 /
570، الوسائل 7: 108 ابواب آداب الصائم ب 7 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 192 ]
[ الثاني: في الشروط، وهى قسمان: الاول: ما
باعتباره يجب الصوم، وهو سبعة: البلوغ،
وكمال العقل: لا يجب على الصبى، ولا على
المجنون، الا ان يكملا قبل طلوع الفجر،
ولو كملا بعد طلوعه لم يجب على الاظهر. ]
استلزام تقديم الصلاة على هذا الوجه فوات
الخشوع والاقبال المطلوب في العبادة،
وعندي أن الاولى تقديم الصلاة في هذه
الصورة، لاطلاق النصوص المتقدمة، ومخالفة
النفس في الميل إلى خلافه، فإن الخير عادة.
قوله: (الاول، ما باعتباره يجب الصوم، وهو
سبعة: البلوغ، وكمال العقل: فلا يجب على
الصبي، ولا على المجنون إلا أن يكملا قبل
طلوع الفجر، ولو كملا بعد طلوعه لم يجب على

الاظهر). أما وجوب الصوم عليهما إذا كملا
قبل طلوع الفجر فلا ريب فيه، لتوجه الخطاب
إليهما بذلك كغيرهما من المكلفين. وأما
أنه لا يجب عليهما إذا كملا بعد طلوع الفجر
فهو قول أكثر الاصحاب، واستدل عليه في
المعتبر بأن الصبي والمجنون ليسا من أهل
الخطاب، وإذا لم يصح خطابه في أول النهار
لم يصح خطابه في باقيه، لان صوم بعض اليوم
لا يصح (1). وتؤيده الروايات المتضمنة لسقوط
الصوم عن الكافر والحائض إذا زالت
أعذارهما في أثناء النهار (2).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 693. (2) الوسائل 7: 162 ابواب من
يصح منه الصوم ب 25 وص 238 ابواب احكام شهر
رمضان ب 22.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 193 ]
[ وكذا المغمى عليه، وقيل: ان نوى الصوم
قبل الاغماء والا كان عليه القضاء، والاول
اشبه. ] وحكى المصنف في المعتبر عن الشيخ
قولا " بأن الصبي والكافر إذا زال عذرهما
قبل الزوال ولم يتناولا يجددان نية الصوم
ولا يجب عليهما القضاء ثم قال: وهو قوي،
لان الصوم ممكن في حقهما ووقت النية باق،
لا يقال: لم يكن الصبي مخاطبا "، لانا نقول:
لكنه صار الان مخاطبا "، ولو قيل: لا يجب
صوم بعض اليوم، قلنا: متى؟ إذا تمكن من نية
تسري إلى أوله (1)، وكذا البحث في المغمى
عليه (2). انتهى كلامه رحمه الله وقوته
ظاهرة. قوله: (وكذا المغمى عليه، وقيل: إن
نوى الصوم قبل الاغماء وإلا كان عليه
القضاء، والاول أشبه). لا ريب في سقوط
الصوم عن المغمى عليه، لخروجه بذلك عن
أهلية التكليف، وإنما الخلاف في صحة صومه
مع سبق النية، وقد تقدم الكلام في ذلك (3).
واختلف الاصحاب في وجوب القضاء على المغمى
عليه بعد الافاقة، فقال الشيخ في الخلاف (4)
والمفيد (5) والمرتضى (6): لا يقضي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في الاصل: آخره. وصححناها كما في باقي
النسخ والمصدر. (2) المعتبر 2: 711. (3) راجع ص 139.
(4) الخلاف 1: 391. (5) المقنعة: 56. (6) جمل العلم
والعمل: 93.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 194 ]
إن سبقت منه النية، ويقضي إن لم ينو. وقال
في النهاية والمبسوط: لا قضاء عليه مطلقا
(1). وبه قطع ابن إدريس (2) وعامة المتأخرين،
وهو المعتمد، للاخبار الكثيرة الدالة
عليه كصحيحة أيوب بن نوح، قال: كتبت إلى
أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن
المغمى عليه يوما " أو أكثر هل يقضي ما فاته
من الصلاة أم لا؟ فكتب: لا يقضي الصوم ولا
يقضي الصلاة) (3). وصحيحة علي بن مهزيار،
قال: سألته عن المغمى عليه يوما " أو أكثر،
هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب: (لا
يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة) (4). ولم نقف
للقائلين بالوجوب على حجة يعتد بها. واحتج
له في المختلف بأنه مريض فيلزمه القضاء،
تمسكا " بعموم الاية وبأخبار وردت بقضاء
الصلاة، وقال: إنه لا قائل بالفرق (5).
والجواب عن الاول المنع من تسمية المغمى
عليه مريضا "، سلمنا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النهاية: 165، والمبسوط 1: 285. (2) السرائر:
94. (3) الفقيه 1: 237 / 1041، التهذيب 4: 243 / 711،
الاستبصار 1: 458 / 1775، الوسائل 7: 161 ابواب من
يصح منه الصوم ب 24 ح 1. (4) الفقيه 1: 237 / 1042
بتفاوت يسير، الوسائل 7: 162 ابواب من يصح
منه الصوم ب 24 ح 6. (5) المختلف: 228.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 195 ]
[ والصحة من المرض: فان برء قبل الزوال ولم
يتناول وجب الصوم وان كان تناول أو كان
برؤه بعد الزوال امسك استحبابا ولزمه
القضاء. ] ذلك لكن لا نسلم وجوب القضاء على
كل مريض، والسند ما تلوناه من الاخبار. وعن
الروايات المتضمنة لقضاء الصلاة بأنها
محمولة على الاستحباب، توفيقا " بينها
وبين ما تضمن سقوط القضاء صريحا " فيسقط
الاحتجاج بها، ثم لو كانت للوجوب لم يلزم
منه وجوب قضاء الصوم ما لم ينعقد الاجماع
على التسوية بينهما، وعدم العلم بالقائل
لا يقتضي العلم بالعدم كما بيناه مرارا ".
ولا يخفى أن نقل المصنف القول بوجوب
القضاء مع عدم سبق النية في هذه المسألة
وقع في غير محله، وإنما محله القسم
الثاني، وهو ما باعتباره يجب القضاء،
وأيضا " فإن جعل القول المحكي مقابلا "
للمختار لا يخلو من شئ، إذا الظاهر أنه لا
خلاف في سقوط وجوب الاداء عن المغمى عليه،
وإن قيل بأن صومه لا يفسد بذلك مع سبق
النية كما في النائم. قوله: (ولصحة من
المرض، فأن برأ قبل الزوال ولم يتناول وجب
الصوم، وأن كان تناول أو كان برؤه بعد
الزوال أمسك استحبابا "). هذا قول علمائنا
أجمع، أما وجوب الصوم إذا حصل البرء قبل
الزوال فاستدل عليه المصنف في المعتبر
والعلامة في التذكرة والمنتهى بأنه قبل
الزوال يتمكن من أداء الواجب على وجه تؤثر

النية في ابتدائه
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 196 ]
[ والاقامة أو حكمها: فلا يجب على المسافر،
ولايصج منه، بل يلزمه القضاء. ] فوجب (1)،
ويدل عليه فحوى ما دل على ثبوت ذلك في
المسافر، فإن المريض أعذر منه. وأما أنه لا
يجب إذا حصل البر بعد التناول أو بعد
الزوال فظاهر، لفساد الصوم بالتناول، أو
فوات وقت النية التي هي شرط صحة الصوم.
وأما استحباب الامساك في هاتين الصورتين
فعلله في المنتهى بما فيه من التشبه
بالصائمين، وأمنه من تهمة من يراه (2). ويدل
عليه أيضا " مع التناول قبل البرء قول علي
بن الحسين عليهما السلام في رواية الزهري:
(وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي
بقية يومه أمر بالامساك عن الطعام بقية
يومه تأديبا " وليس بفرض) (3). قوله:
(والاقامة أو حكمها، فلا يجب على المسافر
ولا يصح منه، بل يلزمه القضاء). هذا قول
علمائنا أجمع، ويدل عليه قوله تعالى: (فمن
شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا " أو
على سفر فعدة من أيام أخر) (4) والتفصيل يقطع
الشركة، فكما يلزم الحاضر الصوم فرضا "
مضيقا " يلزم المسافر القضاء كذلك، وإذا
لزم القضاء مطلقا " سقط الصوم، والاخبار
الواردة بذلك كثيرة جدا (5)، وقد أوردنا
طرفا " منها فيما
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 694، والتذكرة 1: 274، والمنتهى 2:
600. (2) المنتهى 2: 600. (3) الكافي 4: 83 / 1 بتفاوت
يسير، الفقيه 2: 46 / 208، التهذيب 4: 294 / 895،
الوسائل 7: 136 ابواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 3.
(4) البقرة: 185. (5) الوسائل 7: 123 ابواب من يصح
منه الصوم ب 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 197 ]
[ ولو صام لم يجزئه مع العلم، ويجزيه مع
الجهل. ] سبق (1). قوله: (ولو صام لم يجزيه مع
العلم ويجزيه مع الجهل). المراد أن من صام
شهر رمضان أو غيره في السفر مع العلم بوجوب
التقصير لم يجزيه، ويجزيه مع الجهل بذلك،
والمستند في ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح،
عن ابن أبي شعبة قال، قلت لابي عبد الله
عليه السلام: رجل صام في السفر فقال: (إن
كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله
نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن بلغه
فلا شئ عليه) (2). وفي الصحيح عن عبد الرحمن
بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سألته عن رجل صام شهر رمضان
في السفر فقال: (إن كان لم يبلغه أن رسول
الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فليس
عليه القضاء، وقد أجزأ عنه الصوم) (3). وفي
الحسن عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال، قلت له: رجل صام في السفر فقال:
(إن كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه
وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن
بلغه فلا شئ عليه) (4). ولو علم المسافر
بالحكم في أثناء النهار وجب عليه الافطار
والقضاء قطعا ".
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 145. (29 التهذيب 4: 221 / 644، الوسائل 7:
127 ابواب من يصح منه الصوم ب 2 ح 3. (3) التهذيب
4: 221 / 646، الوسائل 7: 127 ابواب من يصح منه
الصوم ب 2 ح 2. (4) الكافي 4: 128 / 1، الفقيه 2: 93 /
417، التهذيب 4: 220 / 643، الوسائل 7: 127 ابواب من
يصح منه الصوم ب 2 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 198 ]
[ ولو حضر بلده أو بلدا يعزم فيه الاقامة
عشرة كان حكمه حكم المريض في الوجوب وعدمه.
] وهل يلحق بجاهل الحكم ناسيه؟ قيل: نعم،
لاشتراكهما في العذر (1). وقيل: لا (2). وهو
الاصح، قصرا " لما خالف الاصل على مورد
النص. ولو صام المريض وجب عليه الاعادة مع
العلم والجهل، لانه أتى بخلاف ما هو فرضه،
وإلحاقه بالمسافر قياس لا نقول به. قوله:
(ولو حضر بلده أو بلدا " يعزم فيه الاقامة
كان حكمه حكم المريض في الوجوب وعدمه).
بمعنى أن نية الاقامة إن حصلت قبل الزوال
ولم يتناول وجب الصوم وأجزأه، وإلا أمسك
استحبابا " ولزمه القضاء. أما الوجوب إذا
قدم قبل الزوال ولم يكن قد تناول فيدل عليه
مضافا " إلى ما سبق ما رواه الشيخ، عن أحمد
بن محمد، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام
عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان ولم يطعم
شيئا " قبل الزوال قال: (يصوم) (3). وعن أبي
بصير، قال: سألته عن الرجل يقدم من سفر في
شهر رمضان فقال: (إن قدم قبل زوال الشمس
فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كما في المسالك 1: 77. (29 كما في اللمعة: 49.
(3) التهذيب 4: 255 / 755، الوسائل 7: 135 ابواب من
يصح منه الصوم ب 6 ح 4. (4) التهذيب 4: 255 / 754،
الوسائل 7: 136 ابواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 6.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 199 ]
[ وفى حكم الاقامة كثرة السفر، كالمكارى
والملاح وشبههما، ] ولو عرف المسافر أنه
يصل إلى موضع إقامته قبل الزوال كان مخيرا

" في الامساك والافطار، والافضل الامساك
ليدرك صوم يومه، ويدل عليه ما رواه الشيخ
في الصحيح، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا
جعفر عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر في
شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع
النهار فقال: (إذا طلع الفجر وهو خارج لم
يدخل أهله فهو بالخيار، إن شاء صام وإن شاء
أفطر) (1). وفي الحسن عن رفاعة بن موسى، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يقبل في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه
سيدخل ضحوة أو ارتفاع النهار، قال: (إذا
طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار،
إن شاء صام وإن شاء أفطر) (2). وربما ظهر من
إطلاق الروايتين تخيير المسافر بعد
الدخول إيضاء إذا طلع الفجر عليه وهو خارج
البلد. وأظهر منهما في الدلالة على ذلك ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا سافر
الرجل في شهر رمضان، فخرج بعد نصف النهار
فعليه صيام ذلك اليوم، ويعتد به من شهر
رمضان، فإذا دخل أرضا " قبل طلوع الفجر وهو
يريد الاقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم،
وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه، وإن
شاء صام) (3) والمسألة محل إشكال. وكيف كان
فالمعتمد ما عليه الاصحاب. قوله: (وفي حكم
الاقامة كثرة السفر، كالمكاري والملاح
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 256 / 757، الوسائل 7: 135 ابواب من
يصح منه الصوم ب 6 ح 3. (2) الكافي 4: 132 / 5،
الفقيه 2: 93 / 414، التهذيب 4: 255 / 756،
الاستبصار 2: 98 / 318 ذيل الحديث، الوسائل 7: 135
ابواب من يصح منه الصوم ب 6 ح 2. (3) الكافي 4: 131
/ 4، الفقيه 2: 92 / 413، التهذيب 4: 229 / 672،
الاستبصار 2: 99 / 322، الوسائل 7: 134 ابواب من
يصح منه الصوم ب 6 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 200 ]
[ ما لم يحصل لهم الاقامة عشرة ايام.
والخلو من الحيض والنفاس: فلا يجب عليهما،
ولا يصح منهما، وعليهما القضاء. الثاني: ما
باعتباره يجب القضاء، وهو ثلاثة شروط:
البلوغ، وكمال العقل، والاسلام. فلا يجب
على الصبى القضاء، الا اليوم الذى بلغ فيه
قبل طلوع فجره، وكذا المجنون، والكافر وان
] وشبههما، ما لم يحصل لهم الاقامة عشرة).
المراد بشبههما: من كان السفر عمله
كالتاجر والجمال، وبإقامة العشرة:
الاقامة القاطعة لكثرة السفر، وقد تقدم
الكلام في ذلك مستوفى في كتاب الصلاة.
قوله: (والخلو من الحيض والنفاس، فلا يجب
عليهما، ولا يصح منهما، وعليهما القضاء).
هذه الاحكام كلها إجماعية، والنصوص بها
مستفيضة (1)، وحكى العلامة في المنتهى عن
شاذ من العامة قولا " بوجوب الصوم على
الحائض والنفساء وإن وجب عليهما الافطار،
لوجوب القضاء عليهما، قال: وهو خطأ لان
وجوب الصوم مع وجوب الافطار مما يتنافيان،
ووجوب القضاء بأمر جديد لا بالامر السابق
(2). قوله: (الثاني، ما باعتباره يجب القضاء،
وهو ثلاثة شروط: البلوغ، وكمال العقل،
والاسلام، فلا يجب على الصبي القضاء إلا
اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره، وكذا
المجنون، والكافر وإن وجب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الوسائل 7: 162 ابواب من يصح من الصوم ب 25.
(2) المنتهى 2: 600.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 201 ]
[ وجب عليه، لكن لا يجب القضاء الا ما ادرك
فجره مسلما. ] عليه، لكن لا يجب القضاء إلا
ما أدرك فجره مسلما "). لا خلاف في سقوط
القضاء عن الصبي والمجنون والكافر، بعد
البلوغ والاقامة والاسلام، ويدل عليه
مضافا " إلى الاصل قوله عليه السلام: (رفع
القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن
النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق)
(1) وقوله عليه السلام: (الاسلام يجب ما
قبله) (2). ويدل على سقوط القضاء عن الكافر
أيضا " ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام: إنه
سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان، ما
عليه من صيامه؟ قال: ((ليس عليه إلا ما أسلم
فيه) (3). وفي الصحيح عن عيص بن القاسم، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم
أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام، هل
عليهم أن يقضوا ما مضى منه؟ أو يومهم الذي
أسلموا فيه؟ قال: (ليس عليهم قضاء، ولا
يومهم الذي أسلموا فيه، إلا أن يكونوا
أسلموا قبل طلوع الفجر) (4). والمراد
بالكافر: الاصلي، أما غيره كالمرتد ومن
انتحل الاسلام
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخصال: 93 / 40، غوالي اللئالي 1: 209 / 48،
الوسائل 1: 34 ابواب مقدمة العبادات ب 4 ح 11.
(2) غوالي اللئالي 2: 224 / 38، مسند احمد 4: 199،
204، 205. (3) التهذيب 4: 245 / 727، الاستبصار 2: 107 /
348، الوسائل 7: 239 ابواب احكام شهر رمضان ب 22
ح 2. (4) الكافي 4: 125 / 3، الفقيه 2: 80 / 357،
التهذيب 4: 245 / 728، الاستبصار 2: 107 / 349،
الوسائل 7: 238 ابواب احكام شهر رمضان ب 22 ح 1.

[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 202 ]
من الفرق المحكوم بكفرها، كالخوارج
والغلاة عليهم القضاء قطعا ". ولو استبصر
المخالف وجب عليه قضاء ما فاته من
العبادات دون ما أتى به، سوى الزكاة، أما
قضاء الفائت فلعموم الروايات المتضمنة
لذلك المتناولة للمخالف وغيره، وأما أنه
لا يجب عليه قضاء ما أتى به صحيحا عنده سوى
الزكاة فيدل عليه روايات، منها ما رواه
الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم وبريد
والفضيل وزرارة، عنهما عليهما السلام: في
الرجل يكون في بعض هذه الاهواء كالحرورية
والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب
ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه، أيعيد كل
صلاة صلاها أو زكاة أو حج أو ليس عليه
إعادة شئ؟ قال: (ليس عليه إعادة شئ من ذلك
غير الزكاة، فإنه لابد أن يؤديها، لانه
وضع الزكاة في غير موضعها، وإنما موضعها
أهل الولاية) (1). واعلم أن سقوط القضاء عن
المخالف بعد استبصاره إنما هو تفضل من
الله سبحانه، كما تفضل على الكافر الاصلي
يسقوط القضاء، لا لصحة عبادته، فإن الحق
أنه لا ينتفع بشئ من أعماله إذا مات على
خلافه، وإن فرض استجماعها لشرائط الصحة
عدا الايمان، للاخبار المستفيضة الدالة
على ذلك، كصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر
عليه السلام، وهي طويلة قال في آخرها:
(وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة
لا إمام له من الله ظاهر عادل أصبح ضالا "
تائها "، وإن مات على هذه الحال مات ميتة
كفر ونفاق، وأعلم يا محمد أن أئمة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 54 / 143، الوسائل 6: 148 ابواب
المستحقين للزكاة ب 3 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 203 ]
[ ولو أسلم في اثناء اليوم امسك استحبابا.
ويصوم ما يستقبله وجوبا، وقيل: يصوم إذا
اسلم قبل الزوال، وان ترك قضى، والاول
اشبه. ] الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين
الله، قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي
يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم
عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو
الضلال البعيد) (1). وصحيحة أبي حمزة
الثمالي قال، قال لنا علي بن الحسين صلوات
الله عليه: (أي البقاع أفضل؟ " قلت الله
ورسوله وابن رسوله اعلم، قال: " إن افضل
البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا
" عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين
عاما " يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك
المكان ثم لقى الله بغير ولايتنا لم ينتفع
بذلك شيئا) (2) وغير ذلك من الاخبار الكثيرة.
قوله: (ولو أسلم في أثناء النهار أمسك
استحبابا "، ويصوم ما يستقبله، وقيل: يصوم
إذا أسلم قبل الزوال، وإن ترك قضى، والاول
أشبه). ما اختاره المصنف قول معظم الاصحاب،
واستدلوا عليه بقوله عليه السلام في صحيحة
العيص المتقدمة: (ليس عليهم قضاء، ولا
يومهم الدي أسلموا فيه، إلا أن يكونوا
أسلموا قبل طلوع الفجر) (3). والقول بوجوب
الاداء إذا أسلم قبل الزوال ومع الاخلال
به فالقضاء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 1: 183 / 8، الوسائل 1: 90 ابواب مقدمة
العبادات ب 29 ح 1. (2) الفقيه 2: 159 / 686، عقاب
الاعمال: 244 / 2، مجالس الطوسي: 131، الوسائل 1:
93 ابواب مقدمة العبادات ب 29 ح 12. (3) الكافي 4:
125 / 3، الفقيه 2: 80 / 357، التهذيب 4: 245 / 728،
الاستبصار 2: 107 / 349، الوسائل 7: 238 ابواب
احكام شهر رمضان ب 22 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 204 ]
[ الثالث: ما يلحقه من الاحكام من فاته شهر
رمضان، أو شئ منه، لصغر أو جنون أو كفر
اصلى فلا قضاء عليه. وكذا ان فاته لاغماء،
وقيل: يقضى ما لم ينو قبل اغمائه، والاول
اظهر. ويجب القضاء على المرتد، سواء كان عن
فطرة أو عن كفر. ] للشيخ في المبسوط (1)،
وقواه في المعتبر، لاطلاق الامر بالصوم،
وبقاء وقت النية على وجه يسري حكمها إلى
أول النهار، كالمريض والمسافر (2). وهو جيد
لولا ورود الرواية بعدم الوجوب. قوله:
(الثالث، ما يلحقه من الاحكام: من فاته شهر
رمضان أو شئ منه لصغر أو جنون أو كفر أصلي
فلا قضاة عليه، وكذا إذا فاته لاغماء،
وقيل: يقضي ما لم ينو قبل إغمائه، والاول
أظهر). قد تقدم الكلام في ذلك وأن الاصح
سقوط القضاء عن الجميع (3). قوله: (ويجب
القضاء على المرتد، سواء كان عن فطرة أو عن
كفر). إنما رجت القضاء على المرتد بنوعيه
لعموم الادلة الدالة على وجوب قضاء ما فات
من الصيام المتناولة للمرتد وغيره،
السلمية من المعارض. وقد يحصل التوقف في
وجوب القضاء على المرتد عن فطرة إن قلنا
بعدم قبول توبته باطنا "، لامتناع ذلك منه،
فيستحيل التكليف به، بل قبول على ذلك سقوط
التكاليف كلها عنه، وهو مشكل جدا "،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 286. (2) المعتبر 2: 711. (3) راجع ص

201.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 205 ]
[ والحائض، والنفساء، ] والاصح قبول توبته
باطنا " كما سيجئ بيانه. قال في المعتبر:
ولو عقد الصوم مسلما " ثم ارتد ثم عاد لم
يفسد صومه وقال الشافعي: يفسد في أحد
قوليه، لقوله تعالى: (ولقد أوحى إليك وإلى
الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك) (1)
وقلنا: شرط الاحباط أن يموت على الشرك (2).
هذا كلامه رحمه الله، وما ذكره من عدم
بطلان الصوم بالارتداد مذهب الشيخ (3) وابن
إدريس (4) وجماعة. وقطع العلامة في جملة من
كتبه (5)، والشهيد في الدروس بأن ذلك مفسد
للصوم (6)، لان الاسلام شرط وقد فات فيفوت
مشروطه، ويلزم من فساد الجزء فساد الكل،
لان الصوم عبادة واحدة لا تقبل التجزئ،
ولا يخلو من قوة. قوله: (والحائض والنفساء).
هذا موضع وفاق بين العلماء، ويدل عليه
روايات، منها ما رواه الشيخ في الحسن، عن
زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
(الحائض ليس عليها أن تقضي الصلاة، وعليها
أن تقضي صوم شهر رمضان) (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الزمر: 65. (2) المعتبر 2: 697. (3) المبسوط 1: 266.
(4) السرائر: 82. (5) المنتهى 2: 580، والمختلف: 229.
(6) الدروس: 71. (7) التهذيب 1: 160 / 459، الوسائل 2:
589 ابواب الحيصض ب 41 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 206 ]
[ وكل تارك له بعد وجوبه عليه إذا لم يقم
مقامه غيره. ] وفي الحسن عن الحسن بن راشد
قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام:
الحائض تقضي الصلاة؟ قال: (لا) قلت: تقضي
الصوم؟ قال: (نعم) قلت: من أين جاء هذا؟ قال:
(إن أول من قاس إبليس) (1). قوله: (وكل تارك له
بعد وجوبه عليه إذا لم يقم مقامه غيره).
أراد بذلك إخراج نحو الشيخ والشيخة وذي
العطاش ومن استمر به المرض إلى رمضان آخر،
فإن الفدية تقوم مقام القضاء. ولا يخفى أنه
يخرج من هذه الكلية النائم والساهي،
فإنهما غير مخاطبين بالاداء إذا حصل
عذرهما في مجموع النهار مع وجوب القضاء
عليهما قطعا "، فلو قال: وكل تارك له بعد
بلوغه وعقله، لكان أشمل. ويدل على وجوب
القضاء على الجميع مضافا " إلى ما سبق في
تضاعيف هذا الكتاب ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا كان على الرجل شئ من صوم
شهر رمضان فليقضه في أي الشهور شاء) (2). وفي
الصحيح عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال: (من أفطر شيئا " من رمضان في
عذر فإن قضاه متتابعا " فهو أفضل، وإن قضاه
متفرقا " فحسن) (3).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 3: 104 / 2، التهذيب 4: 267 / 807،
الاستبصار 2: 93 / 301، الوسائل 2: 589 ابواب
الحيض ب 41 ح 3. (2) التهذيب 4: 274 / 828،
الاستبصار 2: 117 / 380، الوسائل 7: 249 ابواب
احكام شهر رمضان ب 26 ح 5. (3) الكافي 4: 120 / 3،
التهذيب 4: 274 / 829، الاستبصار 2: 117 / 381،
الوسائل 7: 249 ابواب احكام شهر رمضان ب 26 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 207 ]
[ وتستحب الموالاة في القضاء احتياطا
للبرائة، وقيل: بل يستحب التفريق للفرق،
وقيل: يتابع في ستة ويفرق الباقي للرواية،
والاول اشبه. ] قوله: (وتستحب الموالاة في
القضاء احتياطا " لبراءة، وقيل: بل يستحب
التفريق للفرق، وقيل: يتابع في ستة ويفرق
الباقي للرواية، والاول أحوط). ما اختاره
المصنف - رحمه الله - من استحباب الموالاة
في القضاء قول أكثر الاصحاب، ويدل عليه
مضافا " إلى ما أشار إليه المصنف من
الاحتياط للبراءة العمومات المتضمنة
لرجحان المسابقة إلى الخيرات، وما رواه
الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (إذا كان على الرجل
شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي الشهور
شاء، أياما " متتابعة، فإن لم يستطيع
فليقضه كيف شاء وليحص الايام، فإن فرق
فحسن، وإن تابع فحسن) قال، قلت: أرأيت إن
بقي عليه شئ من رمضان، أيقضيه في ذي الحجة؟
قال: (نعم) (1). وفي الصحيح عن ابن سنان، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (من أفطر
شيئا " من شهر رمضان في عذر فإن قضاه
متتابعا " فهو أفضل، وإن فضاه متفرقا "
فحسن) (2) وهما نص في المطلوب. والقول
باستحباب التفريق حكاه ابن إدريس في
سرائره عن بعض الاصحاب (3)، وربما ظهر من
كلام المفيد في المقنعة الميل إليه، فإنه
قال بعد أن حكم بالتخيير بين التتابع
والتفريق: وقد روي عن الصادق عليه السلام
إذا كان عليه يومان فصل بينهما بيوم، وكذا
إن كان عليه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1، 2) المتقدمتان في ص 206. (3) السرائر: 93.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 208 ]
خمسة أيام وما زاد، فإن كان عليه عشرة أو

أكثر تابع بين الثمانية إن شاء ثم فرق
الباقي، والوجه في ذلك أنه إن تابع بين
الصيام في القضاء لم يكن فرق بين الشهر في
صومه وبين القضاء، فأوجبت السنة الفصل بين
الايام ليقع الفرق بين الامرين (1). انتهى
كلامه رحمه الله. وما ذكره من ورود السنة
بالفصل بين الايام ليقع الفرق بين الاداء
والقضاء لم نقف عليه في شئ من الاصول، وهو
أعلم بما قال. والقول بالتتابع في السنة
والتفريق في البواقي حكاه ابن إدريس أيضا "
عن بعض الاصحاب (2)، وذكر المصنف أنه مروي
(3)، ولعله أشار بذلك إلى ما رواه الشيخ، عن
عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يكون
عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها؟ قال:
(إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما "،
وإن كان عليه خمسة أيام فليفطر بينها
أياما "، وليس له أن يصوم أكثر من ستة أيام
متوالية، وإن كان عليه ثمانية أيام أو
عشرة أفطر بينها يوما) (4) وهذه الرواية
ضعيفة السند باشتماله على جماعة من
الفطحية فلا تصلح لمعارضة الاخبار
السلمية المطابقة لظاهر القرآن. وهنا
مباحث: الاول: المعروف من مذهب الاصحاب أن
وجوب قضاء الصوم على التراخي لا على الفور.
وربما ظهر من عبارة أبي الصلاح وجوبه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المقنعة: 57. (2) السرائر: 93. (3) الشرائع 1:
203. (4) التهذيب 4: 275 / 831، الاستبصار 2: 118 / 383،
الوسائل 7: 249 ابواب احكام شهر رمضان ب 26 ح 6.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 209 ]
على الفور فإنه قال: يلزم من يتعين عليه
القضاء لشئ من شهر رمضان أن يبادر به في
إول إحوال الامكان (1). ويدفعه صريحا "
صحيحتا الحلبي وابن سنان المتقدمتان (2)
وما رواه الشيخ في الصحيح، عن حفص بن
البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام،
قال: (كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا
كان عليهن صيام إخرن ذلك إلى شعبان، كراهة
إن يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله،
فإذا كان شعبان صمن، وكان رسول الله صلى
الله عليه وآله يقول: شعبان شهري) (3).
الثاني: ذكر العلامة - رحمه الله - في
التذكرة وغيره أنه لا يجب الترتيب في قضاء
الصوم، فلو قدم آخره جاز (4). وهو كذلك،
تمسكا " بمقتضى الاصل السليم من المعارض.
نعم ذكر الشارح أن الافضل تقديم الاول
فالاول (5). واستشكله الشهيد في الدروس
فقال: وهل يستحب نية الاول فالاول؟ إشكال
(6). وربما كان منشأ الاشكال من تساوي
الايام في التعلق بالذمة مع انتفاء النص
على تقديم بعضها على بعض، ومن سبق الاول في
الذمة فكان أولى بالمبادرة. ولا يخفى ضعف
الوجه الثاني من وجهي الاشكال، إلا أن
الامر في ذلك هين. وكما لا يعتبر الترتب
بين الايام في الواجب المعين، فكذا لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي في الفقه: 184. (2) في ص 206. (3)
التهذيب 4: 316 / 960، الوسائل 7: 360 ابواب الصوم
المندوب ب 28 ح 2. (4) التذكرة 1: 276. (5) المسالك
1: 77. (6) الدروس: 73.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 210 ]
يعتبر بين أفراد الواجب كالقضاء
والكفارة. وقال ابن أبي عقيل: لا يجوز صوم
عن نذر أو كفارة لمن عليه قضاء من شهر
رمضان حتى يقضيه (1). ولم نقف على مأخذه.
الثالث: اختلف الاصحار في جواز التطوع
بالصوم ممن في ذمته واجب، فمنعه الاكثر،
واختاره المرتضى - رضي الله عنه (2) - وجماعة
منهم العلامة في القواعد (3). وربما ظهر من
كلام الكليني اختصاص المنع بما إذا كان
الواجب من قضاء رمضان (4). وهو المعتمد. لنا
على الجواز في غيره التمسك بمقتضى الاصل،
وعلى المنع فيه ما رواه الكليني - رضي الله
عنه - في الحسن، عن الحلبي، قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر
رمضان طائفة، أيتطوع؟ قال: (لا حتى يقضي ما
عليه من شهر رمضان) (5). وعن أبي الصباح
الكناني، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام،
أيتطوع؟ قال: (لا حتى يقضي ما عليه من شهر
رمضان) (6). والظاهر أن المنع من التطوع مع
اشتغال الذمة بالصوم الواجب عند من قال به
إنما يتحقق حيث يمكن فعله، فلو كان بحيث لا
يمكن كصوم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه عنه في المختلف: 247. (2) رسائل الشريف
المرتضى 2: 366. (3) القواعد 1: 68. (4) الكافي 4: 123.
(5) الكافي 4: 123 / 2، الوسائل 7: 253 ابواب احكام
شهر رمضان ب 28 ح 5. (6) الكافي 4: 123 / 1، الوسائل
7: 253 ابواب احكام شهر رمضان ب 28 ح 6.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 211 ]
[ وفى هذا الباب مسائل: الاولى: من فاته شهر
رمضان أو بعضه لمرض، فان مات في مرضه لم يقض
عنه وجوبا، واستحب. ] شعبان ندبا لمن عليه
كفارة كبيرة جاز صومه، كما نبه عليه في
الدروس (1). قوله: (الاولى، من فاته شهر

رمضان أو بعضه لمرض، فإن مات في مرضه لم
يقض عنه وجوبا "، واستحب). أما أن من هذا
شأنه لا يجب القضاء عنه فقال العلامة في
المنتهى: إنه قول العلماء كافة (2). ويدل
عليه روايات كثيرة، منها ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما
عليهما السلام، قال: سألته عن رجل أدركه
رمضان وهو مريض فتوفى قبل أن يبرأ، قال:
ليس عليه شئ، ولكن يقضى عن الذي يبرأ ثم
يموت قبل أن يقضي) (3). وعن منصور بن حازم،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
المريض في شهر رمضان فلا يصح حتى يموت،
قال: (لا يقضى عنه) والحائض تموت في شهر
رمضان، قال: (لا يقضى عنها) (4). وفي الموثق
عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو
مريض لا يقدر على
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 75. (2) المنتهى 2: 603. (3) التهذيب 4:
248 / 738، الاستبصار 2: 110 / 359، الوسائل 7: 240
ابواب احكام شهر رمضان ب 23 ح 2. (4) التهذيب 4:
247 / 734، الاستبصار 2: 108 / 353، الوسائل 7: 242
ابواب احكام شهر رمضان ب 23 ح 9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 212 ]
الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوال
فقال: (لا صيام عليه ولا قضاء عنه) قلت:
فامرأة نفساء دخل شهر رمضان ولم تقدر على
الصوم فماتت في شهر رمضان أو في شوال؟
فقال: (لا يقضى عنها) (1). وما رواه ابن
بابويه في الصحيح، عن أبي مريم الانصاري،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال (إذا صام
الرجل شيئا " من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا "
حتى مات فليس عليه قضاء، وإن صح ثم مات وكان
له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد، فإن لم
يكون له مال صام عنه وليه)) (2). وأما استحباب
القضاء عنه فأسنده في المنتهى إلى
الاصحاب، واستحسنه، واستدل عليه بأنه
طاعد فعلت عن الميت فوصل إليه ثوابها (3).
وهو استدلال ضعيف، إذ ليس الكلام في جواز
التطوع بالصوم وإهداء ثوابه إلى الميت، بل
في قضاء الفائت عنه، والحكم بشرعيته يتوقف
على الدليل، لان الوظائف الشرعية إنما
تستفاد من النقل، ولم يرد التعبد بذلك، بل
مقتضى الاخبار المتقدمة عدم مشروعية
القضاء. وأوضح من ذلك دلالة ما رواه
الكليني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: سألته عن امرأة مرضت في
شهر رمضان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 247 / 733، الاستبصار 2: 108 / 352،
الوسائل 7: 242 ابواب احكام شهر رمضان ب 23 ح 10.
(2) الفقيه 2: 98 / 439 وفيه: وان صح ثم مرض ثم
مات.، الوسائل 7: 241 ابواب احكام شهر رمضان ب
23 ح 7. (3) المنتهى 2: 603.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 213 ]
[ وان استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط
قضائه على الاظهر، وكفر عن كل يوم من
السالف بمدمن طعام. ] وماتت في شوال
فأوصتني أن أقضي عنها، قال: (هل برئت من
مرضها؟) قلت: لا، ماتت فيه، قال: (لاتقض
عنها، فإن الله لم يجعله عليها) قلت: فإني
اشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك، قال:
(فكيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها، فإن
اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم) (1). قوله: (وإن
استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط قضاؤه
على الاظهر، وكفر عن كل يوم من السالف بمد
من طعام). ما اختاره المصنف - رحمه الله - من
سقوط القضاء ووجوب التكفير مع استمرار
المرض إلى رمضان الثاني قول أكثر الاصحاب،
وعليه دلت الاخبار الكثيرة كصحيحة زرارة،
عن أبي جعفر عليه السلام: في الرجل يمرض
فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا
يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر، قال: (يتصدق
عن الاول ويصوم الثاني، وإن كان صح فيما
بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر
صامهما جميعا " وتصدق عن الاول) (2). وحسنة
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام، قال: سألتهما عن رجل مرض
فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر فقالا: (إن
كان قد برأ ثم توانى قبل أن يدركه رمضان
الاخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد
من طعام على مسكين
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 137 / 8، الوسائل 7: 242 ابواب احكام
شهر رمضان ب 23 ح 12. (3) الكافي 4: 119 / 2، الفقيه
2: 95 / 429، التهذيب 4: 250 / 744، الاستبصار 2: 111 /
362، الوسائل 7: 245 ابواب احكام شهر رمضان ب 25
ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 214 ]
وعليه صيامه، وإن كان لم يزل مريضا " حتى
أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه وتصدق عن
الاول لكل يوم مدا " على مسكين، وليس عليه
قضاء) (1) ونحوه روى أبو الصباح الكناني عن
أبي عبد الله عليه السلام (2)، وعلي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام (3). قال في
المعتبر: ومع ظهور هذه الاخبار واشتهارها
وسلامتها من المعارض يجب العمل بها (4).

وحكى المصنف في المعتبر والعلامة في
المنتهى عن أبي جعفر بن بابويه أنه أوجب في
هذه الصورة القضاء دون الصدقة (5). وحكاه في
المختلف عن غيره من الاصحاب أيضا "، واستدل
له بعموم الاية الشريفة (6). وقواه في
المنتهى محتجا " بأن الاحاديث التي استدل
بها على سقوط القضاء المروية من طريق
الاحاد لا تعارض الاية. وهو مخالف لما قرره
في الاصول من أن عموم الكتاب يخص بخبر
الواحد، ثم قال رحمه الله: وقولهم أن وقت
القضاء بين الرمضانين ممنوع، ووجوب
القضاء فيه لا يستلزم تعينه له، ولهذا لو
فرط وجب قضاؤه بعد الرمضان الثاني (7). وهو
جيد لولا ورود الاخبار المستفيضة بسقوط
القضاء.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 119 / 1، التهذيب 4: 250 / 743،
الاستبصار 2: 110 / 361، الوسائل 7: 244 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 1. (2) الكافي 4: 120 / 3،
التهذيب 4: 251 / 745، الاستبصار 2: 111 / 363،
الوسائل 7: 245 ابواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 3.
بتفاوت بين المصادر. (3) قرب الاسناد: 103،
الوسائل 7: 247 ابواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 9.
(4) المعتبر 2: 700. (5) المعتبر 2: 699، والمنتهى 2:
603. (6) المختلف: 240. (7) المنتهى 2: 603. (8) الوسائل
7: 244 ابواب احكام شهر رمضان ب 25.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 215 ]
وحكى الشهيد في الدروس عن ابن الجنيد أنه
احتاط بالجمع بين القضاء والصدقة، قال:
وهو مروي (1). ولعله أشار بذلك إلى ما رواه
الشيخ، عن سماعة، قال: سألته عن رجل أدركه
رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال:
(يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي عليه
بمد من طعام، وليصم هذا الذي أدرك، فإذا
أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه، فإني كنت
مريضا " فمر علي ثلاث رمضانات لم أصح فيهن
ثم أدركت رمضانا " فتصدقت بدل كل يوم مما
مضى بمد من طعام، ثم عافاني الله وصمتهن)
(2). والجواب أولا " بالطعن في السند، وثانيا
" بالحمل على الاستحباب توفيقا " بين
الادلة، ويدل عليه صريحا " ما رواه الشيخ
في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: (من أفطر شيئا "
من رمضان في عذر ثم أدركه رمضان آخر وهو
مريض فليتصدق بمد لكل يوم، وأما أنا فإني
صمت وتصدقت) (3). واعلم أن العلامة رحمه الله
- في التحرير قال بعد أن قوى ما ذهب إليه ابن
بابويه من وجوب القضاء دون التكفير، ونقل
عن الشيخين القول بوجوب التكفير دون
القضاء: وعلى قول الشيخين لو صام ولم يكفر
فالوجه الاجزاء (4). ومقتضى ذلك كون الثابت
عندهما التخيير بين
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 77. (2) التهذيب 4: 251 / 747،
الاستبصار 2: 112 / 366، الوسائل 7: 245 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 5. (3) التهذيب 4: 252 / 748،
الاستبصار 2: 112 / 367، الوسائل 7: 245 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 4. (4) التحرير 1: 83.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 216 ]
القضاء والتكفير لا تعين التكفير، وهو
خلاف ما صرحوا به ودلت عليه أدلتهم. وهنا
مباحث: الاول: اختلف القائلون بوجوب
الصدقة فيما يجب التصدق به، فذهب الاكثر
إلى أنه مد لكل يوم، وهو الاصح، لروايتي
ابن سنان وابن مسلم المتقدمتين (1). وقال
الشيخ في النهاية: يتصدق عن كل يوم بمدين
من طعام، فإن لم يمكنه فبمد (2). واستدل له
في المختلف بأن نصف الصاع بدل عن اليوم في
كفارة جزاء الصيد، فيكون كذلك هنا، بل هذا
آكد، فإن صوم شهر رمضان آكد من غيره، وإذا
كان نصف الصاع بدلا " عن الاول امتنع في
الحكمة أن يكون المد الذي هو ربع الصاع
بدلا " عن الاكد، ثم رده بأنه اجتهاد في
مقابلة النص فلا يكون مسموعا (3)، وهو كذلك.
الثاني: هل يتعدى هذا الحكم - أعني سقوط
القضاء ولزوم الكفارة - إلى من فاته الصوم
بغير المرض ثم حصل له المرض المستمر أم لا؟
قيل: نعم، وهو ظاهر اختيار الشيخ في الخلاف
(4)، وربما كان مستنده قوله عليه السلام في
صحيحة ابن سنان المتقدمة: (من أفطر شيئا "
من رمضان في عذر ثم أدركه رمضان آخر وهو
مريض فليتصدق بمد لكل يوم) (5) فإن العذر
يتناول المرض وغيره.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 213. (2) النهاية: 158. (3) المختلف: 240. (4)
الخلاف 1: 395. (4) الخلاف 1: 395. (5) التهذيب 4: 252 /
748، الاستبصار 2: 112 / 367، الوسائل 7: 245 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 217 ]
وقيل: لا، وبه قطع العلامة في المختلف،
تمسكا " بعموم ما دل على وجوب القضاء
السالم من معارضة النصوص المسقطة،
لاختصاصها بالمرض. وأجاب عن رواية ابن
سنان بأنها لا تنهض حجة في معارضة عموم
(الاية الدال) (1) على وجوب القضاء، لان قوله
عليه السلام: ((من أفطر شيئا " من رمضان في
عذر) وإن كان مطلقا " إلا أن قوله عليه

السلام: (ثم أدركه رمضان آخر وهو مرض) يشعر
بأن هذا هو العذر (2). وما ذكره رحمه الله لا
يخلو من وجه، وإن كان القول بالتسوية أوجه.
الثالث: لو كان الفوات بالمرض والمانع من
القضاء غيره كالسفر الضروري فهل يتعدى
إليه هذا الحكم أم لا؟ الاصح العدم،
لاختصاص النقل بما إذا كان المانع من
القضاء استمرار المرض، وأولى بوجوب
القضاء ما لو كان الفوات بغير المرض.
الرابع: لا تتكرر الفدية بتكرر السنين،
لاصالة البراءة السالمة من المعارض، وهو
خيرة المنتهى بعد التردد (3). وجزم في
التذكرة بالتكرر (4)، وهو ضعيف. الخامس: لا
فرق بين فوات رمضان واحد أو أكثر، كما نص
عليه الشيخ (5) وغيره (6)، قال في الدروس: وقد
يظهر من ابن بابويه - رحمه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ح): الادلة الدالة. (2) المختلف: 241. (3)
المنتهى 2: 603. (4) التذكرة 1: 275. (5) الخلاف 1:
396، والمبسوط 1: 286. (6) كالعلامة في التحرير 1:
83.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 218 ]
[ وان برأ بينهما واخره عازما على القضاء
قضاه ولا كفارة. وان تركه تهاونا قضاه وكفر
عن كل يوم من السالف بمدمن طعام. ] الله - أن
الرمضان الثاني يقضى بعد الثالث وإن استمر
المرض، ولا وجه له (1). السادس: ذكر الشهيد في
الدروس (2) ومن تأخر عنه (3) أن مستحق هذه
الصدقة مستحق الزكاة لحاجته. والاجود
اختصاصها بالمساكين، كما تضمنته رواية
ابن مسلم (4)، وقد بينا فيما سبق أن المسكين
أسوأ حالا " من الفقير، وأن ما ذكره الشارح
وغيره من دخول أحدهما تحت الاخر حيث ذكر
منفردا " غير واضح. قوله: (وإن برأ بينهما
وأخره عازما " على القضاء قضاه ولا كفارة،
وإن تركه تهاونا " قضاه وكفر عن كل يوم من
السالف بمد من طعام). يلوح من العبارة أن
المراد بالمتهاون غير العازم على القضاء
فيكون غير المتهاون العازم على القضاء وإن
أخره لغير عذر، والعرف يأباه، والاخبار لا
تساعد عليه. والاصح ما أطلقه الصدوقان (5)
واختاره المصنف في المعتبر (6) والشهيدان (7)
من وجوب القضاء والفدية على من برأ من مرضه
وأخر القضاء توانيا " من غير عذر حتى دخل
رمضان الثاني،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1، 2) الدروس: 77. (3) كالشهيد الثاني في
المسالك 1: 78. (4) الكافي 4: 119 / 1، التهذيب 4: 250
/ 743، الاستبصار 2: 110 / 361، الوسائل 7: 244 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 1. (5) الصدوق في
المقنع: 64، وحكاه عن والد الصدوق في
المختلف: 240. (6) المعتبر 2: 698. (7) الشهيد
الاول في الدروس: 77، والشهيد الثاني في
المسالك 1: 78، والروضة 2: 122.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 219 ]
سواء عزم على القضاء أم لا، لقوله عليه
السلام في صحيحة زرارة المتقدمة: (وإن كان
صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر
رمضان آخر صامهما جميعا " وتصدق عن الاول)
(1). وفي رواية أبي الصباح الكناني: (إن كان
صح فيما بين ذلك ثم لم يقضه حتى أدركه
رمضان قابل فإن عليه أن يصوم وأن يطعم لكل
يوم مسكينا ") (2). وفي حسنة محمد بن مسلم: (إن
كان برأ ثم توانى قبل أن يدركه الرمضان
الاخر صام الذي أدركه وتصدق عن الاول، عن
كل يوم بمد من طعام على مسكين، وعليه
قضاؤه) (3). وبهذه الرواية استدل العلامة في
المختلف على القول بالفرق بين العازم على
القضاء وغيره (4)، وهي لا تدل على ذلك بوجه،
بل مقتضى جعل دوام المرض فيها قسيما "
للتواني أن المراد بالمتواني التارك
للقضاء مع القدرة عليه كما دل عليه إطلاق
صحيحة زرارة وغيرها. ونقل عن ابن إدريس أنه
خالف في هذا الحكم فأوجب القضاء دون
الكفارة وإن توانى (5)، وهو جيد على مذهبه،
فإن وجوب التكفير إنما ورد من طريق
الآحاد، وهو غير حجة عنده. وبالغ المصنف في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 213. (2) الكافي 4: 120 / 3، التهذيب 4: 251 /
745، الاستبصار 2: 111 / 363، الوسائل 7: 245 ابواب
احكام شهر رمضان ب 25 ح 3. (3) الكافي 4: 119 / 1،
التهذيب 4: 250 / 743، الاستبصار 2: 110 / 361،
الوسائل 7: 244 ابواب احكام شهر رمضان ب 25 ح 1.
(4) المختلف: 240. (5) السرائر: 90.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 220 ]
[ الثانية: يجب على الولى ان يقضى ما فات
الميت من صيام واجب، رمضان كان أو غيره،
سواء فات لمرض أو غيره. ] المعتبر في إنكاره
فقال: ولا عبرة بخلاف بعض المتأخرين في
إيجاب الكفارة هنا، فإنه ارتكب ما لم يذهب
إليه أحد من فقهاء الامامية فيما علمت. ثم
نقل ما أوردناه من الروايات عن زرارة
ومحمد بن مسلم وأبي الصباح الكناني، وقال:
إن هؤلاء فضلاء السلف من الامامية، وليس
لروايتهم معارض إلا ما يحتمل رده إلى ما
ذكرناه، فالراد لذلك متكلف ما لا ضرورة
إليه (1). واعلم أن ما وصل إلينا من الروايات

في هذا الباب مختص بما إذا كان الفوات
بالمرض، وبمضمونها أفتى أكثر الاصحاب،
لكن العلامة في المختلف فصل في ذلك وحكم
بتعدي الحكم المذكور إلى غير المرض إذا
كان تأخير القضاء توانيا "، والاكتفاء
بالقضاء إذا كان التأخير بغير توان،
واستدل على الثاني بعموم ما دل على وجوب
القضاء السالم من المعارض، وعلى الاول بأن
الكفارة وجبت في أعظم الاعذار وهو المرض،
ففي الادون أولى، قال: وليس ذلك من باب
القياس في شئ كما توهمه بعضهم، بل هو من
دلالة التنبيه (2). واستجود الشارح - قدس سره
- ذلك (3)، وهو غير بعيد وإن أمكن المناقشة في
هذا الاستدلال بعدم ثبوت تعليل الاصل كما
بيناه مرارا ". قوله: (الثانية، يجب على
الولي أن يقضي ما فات الميت من صيام واجب،
رمضان كان أو غيره، سواء فات بمرض أو غيره).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 699. (2) المختلف: 241. (3) المسالك 1:
78.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 221 ]
يندرج في غير المرض السفر وغيره من
الاعذار وتعمد الترك، والاصل في وجوب
القضاء ما رواه الكليني - رضي الله عنه - في
الصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد
الله عليه السلام: في الرجل يموت وعليه
صلاة أو صيام، قال: (يقضي عنه أولى الناس
بميراثه) قلت: فإن كان أولى الناس به
امرأة؟ قال: (لا، إلا الرجال) (1). وعن حماد
بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سألته عن الرجل يموت وعليه من
شهر رمضان، من يقضي عنه؟ قال: (أولى الناس
به) قلت: وإن كان أولى الناس به امرأة؟ قال:
(لا، إلا الرجال) (2). وما رواه ابن بابويه في
الصحيح، عن محمد بن الحسن الصفار: إنه كتب
إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام
في رجل مات وعليه قضاء [ عشرة أيام ] من شهر
رمضان، وله وليان، هل يجوز لهما أن يقضيا
عنه جميعا " خمسة أيام أحد الوليين، وخمسة
أيام الاخر، فوقع عليه السلام: (يقضي عنه
أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء الله
تعالى) (3). قال الصدوق - رحمه الله - فيمن لا
يحضره الفقيه: قال مصنف هذا الكتاب: وهذا
التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن
الحسن الصفار بخطه عليه السلام.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 123 / 1، الوسائل 7: 241 ابواب احكام
شهر رمضان ب 23 ح 5. (2) الكافي 4: 124 / 4، الوسائل
7: 241 ابواب احكام شهر رمضان ب 23 ح 6. (3)
الفقيه 2: 98 / 441، الوسائل 7: 240 ابواب احكام
شهر رمضان ب 23 ح 3. وما بين المعقوفين من (م)،
(ح) والمصادر.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 222 ]
[ ولا يقضى الولى الا ما تمكن الميت من
قضائه واهمله، الا ما يفوت بالسفر، فانه
يقضى ولو مات مسافرا على رواية. ] وإطلاق
هذه الروايات وما في معناها يقتضي عدم
الفرق بين أن يكون الفوات لعذر أو غيره (1).
وحكى الشهيد في الذكرى عن المصنف - رحمه
الله - أنه قال في مسائله البغدادية
المنسوبة إلى سؤال جمال الدين بن حاتم
المشغري رحمه الله: الذي ظهر لي أن الولد
يلزمه قضاء ما فات الميت من صيام وصلاة
لعذر كالمرض والسفر والحيض، لا ما تركه
عمدا " مع قدرته عليه، ثم قال الشهيد رحمه
الله: وقد كان شيخنا عميد الدين - قدس الله
لطيفه - ينصر هذا القول، ولا بأس به فإن
الروايات تحمل على الغالب من الترك، وهو
إنما يكون على هذا الوجه (2). وهو اعتبار
حسن. قوله: (ولا يقضي الولي إلا ما تمكن
الميت من قضائه، إلا ما يفوت بالسفر، فإنه
يقضي ولو مات مسافرا " على رواية). هذا
التفصيل ورد في عدة روايات، منها ما رواه
الكليني في الصحيح، عن أبي حمزة، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: سألته عن امرأة
مرضت في شهر رمضان، أو طمثت، أو سافرت
فماتت قبل خروج شهر رمضان، هل يقضى عنها؟
قال: (أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر
فنعم) (3). وما رواه الشيخ في الموثق، عن
محمد وهو ابن مسلم، عن أبي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 99. (2) الذكرى: 138. (3) الكافي 4: 137 /
9، الوسائل 7: 241 ابواب احكام شهر رمضان ب 23 ح
4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 223 ]
عبد الله عليه السلام: في امرأة مرضت في
شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن
يخرج رمضان، هل يقضى عنها؟ قال: (أما الطمث
والمرض فلا، وأما السفر فنعم) (1). وعن منصور
بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت، قال:
(يقضى عنه، وإن امرأة حاضت في رمضان فماتت
لم يقض عنها، والمريض في رمضان لم يصح حتى
مات لا يقضى عنه) (2). وعلى هذه الرواية
اقتصر الشارح - قدس سره - ثم قوى اعتبار
التمكن من القضاء في المسافر ولو بالاقامة
في أثناء السفر كغيره، وأجاب عن الرواية

بضعف السند وإمكان حملها على الاستحباب،
أو على الوجوب لكون السفر معصية (3). وهو غير
جيد، فإنا قد بينا أن هذا المعنى مستفاد من
عدة روايات، وفيها ما هو صحيح السند، ولا
معارض له، فيتعين العمل بها. ويستفاد من
إطلاق الامر بالقضاء عدم الفرق بين من ترك
ما يمكن التصدق به عما عليه من الصيام
وغيره، ونقل عن المرتضى - رضي الله عنه -
أنه اعتبر في وجوب القضاء على الولي أن لا
يخلف الميت ما يتصدق به عنه عن كل يوم بمد
(4). ويدل على ما ذكره صريحا " ما رواه ابن
بابويه في الصحيح، عن أبان بن عثمان، عن
أبي مريم الانصاري، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا صام الرجل شيئا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 249 / 741، الوسائل 7: 243 ابواب
احكام شهر رمضان ب 23 ح 16. (2) التهذيب 4: 249 /
740، الوسائل 7: 243 ابواب احكام شهر رمضان ب 23
ح 15. (3) المسالك 1: 78. (4) الانتصار: 70.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 224 ]
[ والولى هو اكبر اولاده الذكور، ولو كان
الاكبر انثى لم يجب عليها القضاء. ] من شهر
رمضان ثم لم يزل مريضا " حتى مات فليس عليه
قضاء، وإن صح ثم مات وكان له مال تصدق عنه،
مكان كل يوم بمد، فإن لم يكن له مال صام عنه
وليه) (1) وقد روى هذه الرواية كذلك الكليني -
رضي الله عنه - بطريق فيه ضعف (2)، ورواها
الشيخ في التهذيب بطريق صحيح، إلا أن
متنها مغاير لما في الكتابين، فإنه قال
فيها: (وإن صح ثم مرض حتى يموت وكان له مال
تصدق عنه، فإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه)
(3) وبمضمون هذه الرواية أفتى ابن أبي عقيل،
وادعى فيه تواتر الاخبار (4). والمسألة قوية
الاشكال لاختلاف متن الرواية وإن كان
الظاهر ترجيح ما في الكافي ومن لا يحضره
الفقيه كما يعلمه من يقف على حقيقة هذه
الكتب. قال في المعتبر: وأنكر بعض
المتأخرين الصدقة عن الميت، ورغم أنه لم
يذهب إلى القول بها محقق، وليس ما قاله
صوابا " مع وجود الرواية الصريحة
المشتهرة، وفتوى الفضلاء من الاصحاب،
ودعوى علم الهدى الاجماع على ما ذكره، فلا
أقل من أن يكون قولا " ظاهرا " بينهم، فدعوى
المتأخر أن محققا " لم يذهب إليه تهجم (5).
قوله: (والولي هو أكبر أولاده الذكور، ولو
كان الاكبر أنثى لم يجب عليها القضاء)
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 98 / 439، الوسائل 7: 241 ابواب
احكام شهر رمضان ب 23 ح 7. (2) الكافي 4: 123 / 3. (3)
التهذيب 4: 248 / 735. (4) حكاه عنه في المختلف: 241.
(5) المعتبر 2: 702.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 225 ]
ذكر الشارح (1) وغيره (2) أن المراد بالولد
الاكبر من ليس هناك أكبر منه، فلو لم يخلف
الميت إلا ولدا " واحدا " تعلق به الوجوب.
والقول باختصاص الوجوب بالولد الذكر
الاكبر للشيخ (3) وجماعة، واستدل عليه في
المعتبر بأصالة براءة ذمة الوارث إلا ما
حصل الاتفاق عليه، وهو ما ذهب إليه الشيخ
من اختصاص القضاء بالولد الذكر الاكبر (4).
وقال المفيد رحمه الله: لو لم يكن له ولد من
الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من أهله
وأولاهم به وإن لم يكن إلا من النساء (5).
قال في الدروس بعد أن حكى ذلك عن المفيد:
وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار (6).
وهو غير جيد فإن صحيحة حفص بن البختري
ومرسلة حماد بن عثمان المتقدمتين (7)
صريحتان في اختصاص الوجوب بالرجال، نعم
مقتضاهما عدم اختصاص الوجوب بالولد
الاكبر، بل تعلقه بالاولى بالميراث من
الذكور مطلقا ". وبمضمونهما أفتى ابن
الجنيد (8)، وابنا بابويه (9)، وجماعة، ولا
بأس به. وهل يشترط في تعلق الوجوب بالولي
بلوغه حين موت مورثه، أم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 78. (2) كالعلامة في المنتهى 2:
604. (3) النهاية: 157، والمبسوط 1: 286. (4) المعتبر
2: 702. (5) حكاه عنه في المختلف: 242. (6) الدروس: 77.
(7) في ص 221. (8) حكاه عنه في المختلف: 242. (9)
الصدوق في المقنع: 63، وحكاه عن والد الصدوق
في المختلف: 242.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 226 ]
[ ولو كان له وليان أو اولياء متساوون في
السن تساووا في القضاء، وفيه تردد. ] يراعى
الوجوب ببلوغه فيتعلق به حينئذ لو كان غير
مكلف؟ قولان. قوله: (ولو كان له وليان أو
أولياء متساوون في السن تساووا في القضاء،
وفيه تردد). هذا قول الشيخ (1) وجماعة، ويدل
عليه عموم الامر بالقضاء عن الميت، وقوله
عليه السلام في صحيحة حفص بن البختري:
(يقضي عنه أولى الناس بميراثه) (2) فإن ذلك
كما يتناول المتحد يتناول المتعدد، وإذا
وجب القضاء عليهما تساويا " فيه، لامتناع
الترجيح من غير مرجح، وقال ابن البراج
يقرع بينهما (3). وقال ابن إدريس: لا قضاء،
لان التكليف بذلك يتعلق بالولد الاكبر
وليس هنا ولد أكبر (4). وهو غير جيد، فإن

اختصاص الوجوب بالاكبر إنما هو مع وجوده
لا مطلقا ". وأجاب عنه في المختلف بأن كل
واحد من المتساويين في السن يصدق عليه أنه
أكبر (5). وهو غير واضح. والاصح وجوب
التوزيع، ولو انكسر منه يوم فكفرض
الكفاية، بمعنى أن الجميع مخاطبون بفعله
ويسقط الخطاب بفعل البعض، والظاهر عدم
تحقق السقوط إلا بتمام فعله، فلو صامه
الوليان كان فعلهما موصوفا " بالوجوب كما
في صلاة المأموم على الميت بعد تلبس
الامام. ولو كان اليوم من قضاء رمضان
وأفطرا فيه بعد الزوال احتمل وجوب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 286. (2) المتقدمة في ص 221. (3)
المهذب 1: 196. (4) السرائر: 91. (5) المختلف: 243.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 227 ]
[ ولو تبرع بالقضاء بعض سقط، ] الكفارة
عليهما، إذ يصدق على صوم كل منهما أنه قضاء
عن رمضان فيتعلق به حكمه، واتحاد الاصل لا
ينافي التعدد باعتبار المقدمة. واحتمل
الشهيد في الدروس وجوب كفارة واحدة عليهما
بالسوية، أو كونها فرض كفاية كأصل الصوم،
ثم استقرب سقوط الكفارة عنهما (1). واستوجهه
الشارح قدس سره (2)، وهو غير بعيد، لانتفاء
ما يدل على وجوب الكفارة في القضاء على وجه
يتناول ذلك. قال في الدروس: ولو أفطر أحدهما
فلا شئ عليه إذا ظن بقاء الاخر، وإلا أثم لا
غير (3). ومقتضى كلامه جواز الافطار بعد
الزوال مع ظن بقاء الاخر ويمكن المناقشة
فيه بأن صوم كل منهما يصدق عليه أنه صوم
واجب من قضاء رمضان فلا يجوز الافطار فيه
بعد الزوال، اللهم إلا أن يناقش في العموم
المتناول لذلك كما في الكفارة. قوله: (ولو
تبرع بالقضاء بعض سقط). الظاهر أن المراد
أنه لو تبرع بعض الاولياء المتساوين في
السن بقضاء الصيام عن البعض الاخر سقط
الفرض بفعل ذلك المتبرع. ويمكن أن يكون
المراد منه ما يعم تبرع الاجنبي عن الولي
أيضا ". قال الشارح قدس سره: ووجه السقوط
حصول المقتضي وهو براءة ذمة الميت من
الصوم (4). ويتوجه عليه أن الوجوب تعلق
بالولي وسقوطه بفعل غيره يحتاج
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 77. (2) المسالك 1: 78. (3) الدروس: 77. (4)
المسالك 1: 78.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 228 ]
[ وهل يقضى عن المرأة ما فاتها؟ فيه تردد.
الثالثة: إذا لم يكن له ولى أو كان الاكبر
انثى سقط القضاء، وقيل: يتصدق عنه عن كل
يوم بمد من تركته. ] إلى دليل. ومن ثم ذهب
ابن إدريس (1) والعلامة في المنتهى (2) إلى
عدم الاجتزاء بفعل المتبرع وإن وقع بإذن
من تعلق به الوجوب، لاصالة عدم سقوط الفرض
عن المكلف بفعل غيره. وقوته ظاهره. قوله:
(وهل يقضى عن المرأة ما فاتها؟ فيه تردد).
الاصح وجوب القضاء عن المرأة كالرجل، لان
الغالب اشتراكهما في الاحكام، ويدل عليه
صريحا " ما رواه الكليني في الصحيح، عن أبي
حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته
عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو
سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان، هل يقضى
عنها؟ فقال: (أما الطمث والمرض فلا، وأما
السفر فنعم) (3) ونحوه روى الشيخ في الموثق،
عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه
السلام (4). وقال ابن إدريس: لا قضاء عن
المرأة، لان الاجماع إنما انعقد على وجوب
القضاء عن الرجل خاصة، وإلحاق المرأة به
يحتاج إلى دليل (5). وجواب معلوم مما قررناه.
قوله: (الثالثة، إذا لم يكن له ولي أو كان
الاكبر أنثى سقط القضاء، وقيل: يتصدق عنه
عن كل يوم بمد من تركته).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) السرائر: 93. (2) المنتهى 2: 604. (3) الكافي 4:
137 / 9، الوسائل 7: 241 ابواب احكام شهر رمضان ب
23 ح 4. (4) التهذيب 4: 249 / 741، الوسائل 7: 243 ابواب
احكام شهر رمضان ب 23 ح 16 (5) السرائر: 91.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 229 ]
[ ولو كان عليه شهران متتابعان صام الولى
شهرا، وتصدق من مال الميت عن شهر. ] أما
سقوط القضاء مع انتفاء الولي فظاهر، لفوات
متعلقه، وأما سقوطه إذا كان الاكبر أنثى
فإنما يستقيم إذا لم يكن له (1) إلا إناث، أو
لم يكن له غيرها، أما إذا كان له ذكر دون
الانثى في السن تعلق به الوجوب مع بلوغه،
وإلا فعند بلوغه كما سبق. والقول بوجوب
التصدق عنه عن كل يوم بمد من تركته للشيخ (2)
وجماعة، واستدل عليه برواية أبي مريم (3)،
ومقتضاها على ما في الكافي ومن لا يحضره
الفقيه: عدم وجوب الصوم على الولي إلا إذا
لم يخلف الميت ما يتصدق به عنه، وعلى ما في
التهذيب وجوب التصدق على الولي أيضا "، وقد
تقدم الكلام في ذلك (4). قوله: (ولو كان عليه
شهران متتابعان صام الولي شهرا " وتصدق من
مال الميت عن شهر). إطلاق العبارة يقتضي
عدم الفرق في الشهرين بين كونهما واجبين
عينا " أو تخييرا "، والمستند في ذلك ما
رواه الشيخ، عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا

عليه السلام، قال، سمعته يقول: (إذا مات
الرجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علة
فعليه أن يتصدق عن الشهر الاول ويقضي
الثاني) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض) زيادة: وارث. (2) المبسوط 1: 286. (3)
المتقدمة في ص 223. (4) راجع ص 223. (5) التهذيب 4:
249 / 742، الوسائل 7: 244 ابواب احكام شهر رمضان
ب 24 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 230 ]
[ الرابعة: القاضى لشهر رمضان لا يحرم عليه
الافطار قبل الزوال، لعذر وغيره. ويحرم
بعده، ] قال في المنتهى: وفي طريق هذه
الرواية سهل بن زياد، وهو ضعيف، غير أن
العمل بمضمونها حسن، لما فيه من التخفيف
عن الولي (1). وهو مشكل، لان ذلك لا يصلح
معارضا " لاطلاق ما دل على وجوب القضاء.
وأوجب ابن إدريس قضاء الشهرين إلا أن
يكونا من كفارة مخيرة فيتخير بينه وبين
العتق أو الاطعام من مال الميت (2). واختاره
العلامة في المختلف (3) وجماعة، وهو متجه.
قوله: (الرابعة، القاضي لشهر رمضان لا يحرم
عليه الافطار قبل الزوال لعذر وغيره،
ويحرم بعده). أما تحريم الافطار بعد الزوال
فهو مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا ".
وأما الجواز قبله فمذهب الاكثر، بل لم
ينقل المصنف في المعتبر والعلامة في
المنتهى فيه خلافا (4). وحكى في المختلف عن
أبي الصلاح أن كلامه يشعر بتحريمه (5). وقال
ابن أبي عقيل: من أصبح صائما " لقضاء كان
عليه من رمضان وقد نوى الصوم من الليل
فأراد أن يفطر في بعض النهار لم يكن له ذلك
(6).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 605. (2) السرائر: 91. (3) المختلف:
244. (4) المعتبر 2: 704، والمنتهى 2: 605. (5)
المختلف: 247. (6) حكاه عنه في المختلف: 247.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 231 ]
ومقتضى ذلك المنع من الافطار قبل الزوال
وبعده إذا كان قد نوى ذلك من الليل،
والمعتمد الاول. لنا: ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (من أصبح وهو يريد
الصيام ثم بداله أن يفطر فله أن يفطر ما
بينه وبين نصف النهار، ثم يقضي ذلك اليوم)
(1). وروى الشيخ أيضا " بطريق آخر - وصفه
العلامة في المختلف بالصحة (2)، وهو غير
بعيد (3) - عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (صوم النافلة لك أن
تفطر ما بينك وبين الليل متى شئت، وصوم
قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس،
فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر) (4). وفي
الصحيح عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله
عليه السلام: إنه قال في الذي يقضي شهر
رمضان: (إنه بالخيار إلى زوال الشمس، وإن
كان تطوعا " فإنه بالخيار إلى الليل) (5). وفي
الموثق عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله
عليه السلام،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 187 / 524، الوسائل 7: 10 ابواب
وجوب الصوم ب 4 ح 7. (2) المختلف: 247. (3) في
الطريق عبيد بن الحسين، وهو غير مذكور في
كتب الرجال، وانما الموجود فيها عبيد بن
الحسن، وهو ثقة، ولعله هو (منه رحمه الله).
(4) التهذيب 4: 278 / 841، الاستبصار 2: 120 / 389،
الوسائل 7: 10 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 9. (5)
التهذيب 4: 280 / 849، الاستبصار 2: 122 / 396،
الوسائل 7: 9 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 232 ]
قال: (الذي يقضي رمضان هو بالخيار في
الافطار ما بينه وبين أن تزول الشمس، وفي
التطوع ما بينه وبين أن تغيب الشمس) (1). وعن
أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها
زوجها على الافطار فقال: (لا ينبغي أن
يكرهها بعد الزوال) (2) والاخبار الواردة
بذلك كثيرة. وربما استند المانعون إلى ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن
الحجاج، قال: سألته عن الرجل يقضي رمضان،
أله أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا
بداله؟ قال: (إذا كان نوى ذلك من الليل وكان
من قضاء رمضان فلا يفطر وليتم صومه) (3). وعن
زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
رجل يقضي من رمضان فأتي النساء، قال: (عليه
من الكفارة مثل ما على الذي أصاب في رمضان،
لان ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان) (4).
والجواب عن الرواية الاولى بالحمل على
الكراهة، جمعا " بين الادلة، وعن الرواية
الثانية أولا " بالطعن في السند باشتماله
على علي بن الحسن بن فضال وهو فطحي، وثانيا
" بالحمل على ما بعد الزوال كما يدل عليه
قول أبي جعفر عليه السلام في رواية بريد
العجلي في رجل
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 280 / 848، الاستبصار 2: 122 / 395،
الوسائل 7: 10 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 10. (2)
الكافي 4: 122 / 6، الفقيه 2: 96 / 432، التهذيب 4: 278

/ 842، الاستبصار 2: 120 / 390، الوسائل 7: 8 ابواب
وجوب الصوم ب 4 ح 2. (3) التهذيب 4: 186 / 522،
الوسائل 7: 9 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 6. (4)
التهذيب 4: 279 / 846، الاستبصار 2: 121 / 393،
الوسائل 7: 254 ابواب احكام شهر رمضان ب 29 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 233 ]
[ وتجب معه الكفارة، وهى اطعام عشرة
مساكين، لكل مسكين مدمن طعام. فان لم يمكنه
صام ثلاثة ايام. ] أتى أهله في يوم يقضيه من
شهر رمضان: (إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا
شئ عليه إلا يوما " مكان يوم، وإن كان أتى
أهله بعد الزوال فعليه أن يتصدق على عشرة
مساكين) (1). هذا كله مع اتساع وقت القضاء،
أما مع تضيقه فيحرم الافطار فيه قبل
الزوال أيضا "، لكن لا تجب به الكفارة. ولا
يلحق بقضاء رمضان غيره من الواجبات
الموسعة كالنذر المطلق وصوم الكفارة، بل
يجوز الافطار فيه قبل الزوال وبعده، عملا
بمقتضى الاصل السليم من المعارض، وحكى
الشارح عن أبي الصلاح أنه أوجب المضي في كل
صوم واجب شرع فيه، وحرم قطعه مطلقا (2). ولا
ريب أنه أحوط. قوله: (وتجب معه الكفارة، وهي
إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من طعام،
فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام). اختلف
الاصحاب في كفارة قضاء رمضان فذهب الاكثر
إلى أنها إطعام عشرة مساكين، لكن مسكين
مد، ومع العجز فصيام ثلاثة أيام، ومستنده
قول أبي جعفر عليه السلام في رواية بريد
العجلي: (وإن كان أتى أهله بعد الزوال
فعليه أن يتصدق على عشرة مساكين). وصحيحة
هشام بن سالم قال، قلت لابي عبد الله عليه
السلام:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 122 / 5، الفقيه 2: 96 / 430، التهذيب
4: 278 / 844، الاستبصار 2: 120 / 391، المقنع: 63،
الوسائل 7: 8 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 1. (2)
المسالك 1: 79.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 234 ]
رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان فقال:
(إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شئ
عليه يصوم يوما " بدل يوم، وإن فعل بعد
العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين،
فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك)
(1). ويمكن المناقشة في الرواية الاولى من
حيث السند باشتماله على الحارث بن محمد،
وهو مجهول، وفي الرواية الثانية من حيث
المتن بأنها مخالفة لما عليه الاصحاب من
ترتب الكفارة على فعل المفطر بعد الزوال.
وقال ابن البراج: كفارة قضاء رمضان كفارة
يمين (2). وقال أبو الصلاح: إنها صيام ثلاثة
أيام أو إطعام عشرة مساكين (3). ولم نقف
لهذين القولين على مستند. وقال ابنا
بابويه: إنها كفارة رمضان (4). وربما كان
مستندهما ما رواه الشيخ في الموثق، عن
زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
رجل صام قضاءا " من شهر رمضان فأتى الكفارة
مثل ما على الذي أصحاب في رمضان، لان ذلك
اليوم عند الله من أيام رمضان) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 279 / 845، الاستبصار 2: 120 / 392،
الوسائل 7: 254 ابواب احكام شهر رمضان ب 29 ح 2.
(2) المهذب 1: 203. (3) الكافي في الفقه: 184. (4)
الصدوق في المقنع: 63، ونقله عن والد الصدوق
في المختلف: 246. (5) التهذيب 4: 279 / 846،
الاستبصار 2: 121 / 393، الوسائل 7: 254 ابواب
احكام شهر رمضان ب 29 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 235 ]
[ الخامسة: إذا نسى غسل الجنابة ومر عليه
ايام أو الشهر كله، قيل: يقضى الصلاة
والصوم، وقيل: يقضى الصلاة حسب، وهو
الاشبه. ] وأجاب عنها الشيخ في كتابي
الاخبار بالحمل على من أفطر تهاونا (1). قال
في المعتبر وليس حسنا "، والاقرب أن تحمل
على الاستحباب جمعا " بين الروايات (2). وهو
كذلك. قوله: (الخامسة، إذا نسي غسل الجنابة
ومر عليه أيام أو الشهر كله، قيل: يقضي
الصلاة والصوم، وقيل: يقضي الصلاة حسب،
وهو الاشبه). أما وجوب قضاء الصلاة فلا ريب
فيه لمكان الحدث، وهو إجماع، وإنما الخلاف
في قضاء الصوم، فذهب الاكثر إلى وجوبه،
ويدل عليه صريحا " ما رواه الشيخ في
الصحيح، عن الحلبي، قال: سئل أبو عبد الله
عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي
أن يغتسل حتى خرج رمضان، قال: (عليه أن يقضي
الصلاة والصيام) (3). وما رواه ابن بابويه في
الصحيح، عن علي بن رئاب، عن إبراهيم بن
ميمون، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسى
أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر
رمضان فقال: (يقضي الصلاة والصيام) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 279، والاستبصار 2: 121. (2)
المعتبر 2: 705. (3) التهذيب 4: 322 / 990، الوسائل 7:
171 ابواب من يصح منه الصوم ب 30 ح 3. (4) الفقيه
2: 74 / 320، الوسائل 7: 170 ابواب من يصح منه
الصوم ب 30 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]

[ 236 ]
قال ابن بابويه رحمه الله: وفي خبر آخر أن
من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى
خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي
صلاته وصومه، إلا أن يكون قد اغتسل
للجمعة، فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك
اليوم، ولا يقضي ما بعد ذلك (1). وقال ابن
إدريس: لا يجب قضاء الصوم، لان الاصل براءة
الذمة، ولان الصوم ليس من شرطه الطهارة في
الرجل إلا إذا تركها الانسان متعمدا " من
غير اضطرار، وهذا لم يتعمد تركها (2). وهو
جيد على أصوله، ووافقه المصنف هنا وفي
النافع (3). وقال في المعتبر بعد أن أورد
رواية الحلبي: وربما خطر التسليم لما
تضمنت من قضاء الصلاة، لان الطهارة شرط لا
تصح الصلاة مع تركها عمدا " وسهوا "، أما
الصوم فلا يفسده إلا ما يتعمد، لا ما يقع
نسيانا "، ويمكن أن يقال فتوى الاصحاب على
أن المجنب إذا نام مع القدرة على الغسل ثم
انتبه ثم نام وجب عليه القضاء، سواء ذكر
الاحتلام بعد ذكره الاول أو نسيه، وإذا
كان التفريط السابق مؤ ثرا " في إيجاب
القضاء فقد حصل ها هنا تكرار النوم مع ذكر
الجنابة أول مرة، فيكون القضاء لازما " كما
كان هناك لازما "، خصوصا " وقد وردت الرواية
الصحيحة الصريحة المشهورة بذلك، فإن قيل:
إنما وجب عليه القضاء في تكرار النوم مع
نية الاغتسال فيكون ذاكرا " للغسل ومفرطا "
فيه في كل نومة، قلنا: الذي ذكر نية الغسل
بعض المصنفين ولا عبرة بقولة مع ورود
النصوص مطلقة، ولو قيل: إنما يلزم ذلك إذا
تكرر النوم في الليلة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 74 / 321، الوسائل 7: 170 ابواب من
يصح منه الصوم ب 30 ح 22 (2) السرائر: 93. (3)
المختصر النافع: 70.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 237 ]
[ السادسة: إذا اصبح يوم الثلاثين من شهر
رمضان صائما، وثبتت الرؤية في الماضية
افطر وصلى العيد. وان كان بعد الزوال فقد
فاتت الصلاة. ] الواحدة، قلنا: كما عمل بتلك
الاخبار في الليلة الواحدة وإن كان لم
يتعمد البقاء على الجنابة جاز أن يعمل
بهذا الخبر في تكرر النوم في الليالي
المتعددة، ولا استبعاد في هذا إلا أن
يستبعد ذلك، ولا يقال فتلزم الكفارة، لانا
نقول: إنا بينا أن إيجاب الكفارة مع تكرر
النوم لم يثبت، واقتصرنا على القضاء لا
غير في الموضعين (1). انتهى كلامه رحمه الله.
وأقول إنه لا حاجة إلى ما ذكره المصنف من
التكلف بعد ثبوت الحكم بالنصوص المعتبرة
المطابقة لفتوى الاصحاب، لكن ينبغي تقييد
ذلك بما إذا عرض النسيان في الليلة الاولى
وانتبه قبل طلوع الفجر على وجه يمكنه
الاغتسال لو كان ذاكرا "، أو أصبح في
النومة الثانية، أما إذا حصل بعد طلوع
الفجر من اليوم الاول وكان قد أصبح في
النومة الاولى فينبغي القطع بسقوط قضاء
ذلك اليوم، للاخبار الصحيحة المستفيضة
المتضمنة لان الجنب إذا أصبح في النومة
الاولى فلا قضاء عليه (2)، أما ما عدا اليوم
الاول فلا ريب في وجوب قضائه عملا بالنص
الصحيح السالم من المعارض. قوله: (إذا أصبح
يوم الثلاثين من شهر رمضان صائما " وثبتت
الرؤية في الماضية أفطر وصلى العيد، وإن
كان بعد الزوال فقد فاتت الصلاة).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 705. (2) الوسائل 7: 38 ابواب ما
يمسك عنه الصائم ب 13.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 238 ]
أما وجوب الافطار والصلاة إذا ثبتت
الرؤية قبل زوال الشمس فظاهر، لاطلاق المر
وبقاء الوقت، وأما فوات الصلاة إذا لم تثبت
الرؤية إلا بعد الزوال فلانتهاء وقت
الاداء بزوال الشمس، وتوقف القضاء على أمر
مستأنف. وقال ابن الجنيد: إن تحققت الرؤية
بعد الزوال أفطروا وغدوا إلى العيد (1). وهو
ظاهر اختيار الكلينيي رضي الله عنه، وله
شواهد من الاخبار (2)، وقد تقدم الكلام في
هذه المسألة مستوفى في كتاب الصلاة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) حكاه عنه في المختلف: 114. (2) الكافي 4: 169 /
1، 2، الوسائل 7: 199 ابواب احكام شهر رمضان ب 6
ح 1، 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 239 ]
القول في صوم الكفارات وهو اثنا عشر،
وينقسم على اربعة اقسام: الاول: ما يجب فيه
الصوم مع غيره، وهو كفارة القتل العمد،
فان خصالها الثلاث تجب جميعا. ] قوله:
(القول في صوم الكفارات، وهي اثنا عشر).
الكفارة اسم للتكفير، وأصلها الستر،
لانها تستر الذنب، ومنه الكافر، لانه يستر
الحق. ويقال لليل كافر، لانه يستر من يفعل
فيه شيئا ". وعرفها بعضهم في الشرع: بأنها
طاعد مخصوصة مسقطة للذنب أو مخففة غالبا ".
وقيد بالاغلبية لتدخل كفارة قتل الخطأ
فإنه لا يعد ذنبا "، والامر في هذه

التعاريف هين. قوله: (وينقسم أربعة أقسام،
الاول: ما يجب الصوم فيه مع غيره، وهي
كفارة قتل العمد، فإن خصالها الثلاث تجب
جميعا "). المستند في ذلك بعد الاجماع
الاخبار المستفيضة كصحيحة ابن سنان وبكير
(1) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سئل،
المؤمن يقتل المؤمن متعمدا "، أله توبة؟
فقال: (إن كان قتله لايمانه فلا توبة له،
وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا
فإن توبته أن يقاد منه، وإن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كذا في الاصل وباقي النسخ والتهذيب،
وفي باقي المصادر و (ح): ابن بكير، وهو
الصحيح راجع معجم رجال الحديث 22: 163.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 240 ]
[ والحق بذلك من افطر على محرم في شهر
رمضان عامدا على رواية. الثاني: ما يجب
الصوم فيه بعد العجز عن غيره، وهو ستة: صوم
كفارة قتل الخطأ، ] لم يكن علم به أحد انطلق
إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل
صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم
الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين،
وأطعم ستين مسكينا ") (1). قوله: (وألحق بذلك
من أفطر على محرم في شهر رمضان عامدا " على
رواية). قد تقدم الكلام في ذلك، وأن العمل
بالرواية لا يخلو من قوة (2). قوله: (الثاني،
ما يجب الصوم فيه بعد العجز عن غيره، وهو
ستة: صوم كفارة قتل الخطأ). هذه الكفارة
منصوصة في القرآن، قال الله عزوجل: (ومن
قتل مؤمنا " خطأ فتحرير رقبة) إلى قوله: (فمن
لم يجد فصيام شهرين متتابعين) (3) وهي صريحة
في الترتيب، وفي معناها أخبار كثيرة، وعلى
ذلك عمل الاصحاب إلا من شذ، ونقل عن ظاهر
المفيد (4) وسلار (5) أن هذه الكفارة مخيرة.
وهو ضعيف.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 7: 276 / 2، الفقيه 24: 69 / 208، التهذيب
10: 163 / 651، الوسائل 19: 19 ابواب القصاص في
النفس ب 9 ح 1. (2) راجع ص 81. (3) النساء: 92. (4)
المقنعة: 57. (5) المراسم: 187.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 241 ]
[ والظهار، والافطار في قضاء شهر رمضان
بعد الزوال، وكفارة اليمين، والافاضة من
عرفات عامدا قبل الغروب، ] قوله: (والظهار).
هذه الكفارة منصوصة في القرآن أيضا "، قال
الله عزوجل: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم
يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) إلى قوله:
(فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل
أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين
مسكينا ") (1) وهي نص في الترتيب. قوله:
(ولافطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال). قد
تقدم الكلام في هذه الكفارة مستوفى (2).
قوله: (والكفارة في اليمين). هذه الكفارة
منصوصة في القرآن أيضا " قال الله عزوجل:
(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن
يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته إطعام
عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو
كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام
ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم)
(3). قوله: (والا فاضة من عرفات عامدا " قبل
الغروب). سيأتي إن شاء الله تعالى أن
الواجب في هذه الكفارة بدنة، ومع العجز
صيام ثمانية عشر يوما "، والمستند في ما
رواه الشيخ في الصحيح، عن ضريس، عن أبي
جعفر عليه السلام، قال: سألته عمن أفاض من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المجادلة: 3، 4. (2) راجع ص 83. (3) المائدة: 89.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 242 ]
[ وفى كفارة جزاء الصيد تردد، وتنزيلها
على الترتيب اظهر. والحق بهذه كفارة شق
الجل ثوبه على زوجته أو ولده، وكفارة خدش
المرأة وجهها ونتفها شعر راسها. ] عرفات
قبل أن تغيب الشمس، قال: (عليه بدنة ينحرها
يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر
يوما ") (1). قوله: (وفي كفارة جزاء الصيد
تردد، وتنزيلها على الترتيب أظهر). المراد
بالصيد هنا: النعامة والبقرة الوحشية
والظبي وما ألحق بها، لا مطلق الصيد، لان
في كفارته ما هو مرتب قطعا ". ومنشأ التردد
في هذه المسألة من دلالة قوله تعالى: (يا
أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم
حرم ومن قتله منكم متعمدا " فجزاء مثل ما
قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) (2)
الاية، على التخيير، لان لفظ (أو) صريح في
ذلك، ومن دلالة الاخبار الكثيرة على
الترتيب، ولا ريب أن اعتبار الترتيب أحوط
وإن كان القول بالتخيير لا يخلو من رجحان،
عملا بظاهر الاية، وتحمل الروايات على
الافضلية. قوله: (وألحق بهذا كفارة شق
الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، وكفارة خدش
المرأة وجهها ونتفها شعر رأسها). هاتان
الكفارتان كفارة يمين، ومستندهما رواية
خالد بن سدير، عن الصادق عليه السلام، قال:
(وإذا شق زوج على امرأته، أو والد على ولده
فكفارة كفارة حنث يمين، ولا صلاة لهما حتى
يكفرا أو يتوبا
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) التهذيب 5: 186 / 620، الوسائل 10: 30 ابواب
احرام الحج ب 23 ح 3. (2) المائدة: 95. وتكملتها:
هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو
عدل ذلك صياما ليذوق وبال امره عفى الله
عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله
عزيز ذو انتقام.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 243 ]
[ الثالث: ما يكون الصوم مخيرا فيه بينه
وبين غيره، وهو خمسة: صوم كفارة من افطر في
يوم من شهر رمضان عامدا، وكفارة خلف النذر
والعهد، والاعتكاف الواجب، وكفارة حلق
الراس، ] من ذلك، وإذا خدشت المرأة وجهها
أو جزت شعرها أو نتفته ففي جز الشعر عتق
رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام
ستين مسكينا "، وفي خدش الوجه إذا أدمت،
وفي النتف كفارة حنث يمين) (1) وهي ضعيفة جدا
"، فإن راويها وهو خالد بن سدير غير موثق،
وقال الصدوق: إن كتابه موضوع (2). ومن ثم جعل
المصنف هاتين الكفارتين إلحاقا ". وقال ابن
إدريس: إنهما مستحبتان (3). ولا بأس به،
اقتصارا " فيما خالف الاصل على وضع الوفاق.
والمراد: خدش المرأة وجهها ونتفها شعرها
في المصاب لا في مطلق الاحوال. وينبغي
تقييد الخدش بكونه مدميا " كما تضمنته
الرواية، وإنما أجمل المصنف الكلام في ذلك
اعتمادا " على ما سيجئ من التفصيل في باب
الكفارات في باب الكفارات، وإنما الغرض
هنا مجرد ذكر الصوم. قوله: (الثالث، ما يكون
الصوم مخيرا " فيه بينه وبين غيره، وهو
خمسة: كفارة من أفطر يوما " في شهر رمضان
عامدا "، وكفارة خلف النذر والعهد،
والاعتكاف الواجب، وكفارة حلق الرأس في
حال الاحرام). قد تقدم الكلام في كفارة
رمضان وكفارة النذر. وأما كفارة العهد
فالمشهور بين الاصحاب أنها مخيرة، وقيل
إنها
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 8: 325 / 1207، الوسائل 15: 583 ابواب
الكفارات ب 31 ح 1. (2) حكاه عنه في الفهرست: 66 /
259. (3) السرائر: 362.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 244 ]
[ والحق بهذا كفارة جز المرأة راسها في
المصاب. ] مرتبة (1)، وقيل: إنها كفارة يمين
(2)، وهو غير بعيد، خصوصا " على ما اخترناه
من أن كفارة النذر كفارة يمين. وأما كفارة
الاعتكاف الواجب فذهب الاكثر إلى أنها
مخيرة، تعويلا " على رواية سماعة، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن معتكف
واقع أهله، قال: (عليه ما على الذي إفطر
يوما " من شهر رمضان متعمدا ": عتق رقبة، أو
صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين
مسكينا ") (3). وقال ابن بابويه: إنها مرتبة،
لما رواه في الصحيح، عن زرارة، قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع،
قال: (إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر) (4)
وهو جيد لصحة مستنده. وأما كفارة حلق الرأس
في حال الاحرام فهي منصوصة في القرآن بقوله
تعالى: (ولا تلحقوا رؤسكم حتى يباغ الهدي
محله فمن كان منكم مريضا " أو به أذى " من
رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) ولفظ
(أو) صريح في التخيير. قوله: (وألحق بهذا
كفارة جز المرأة رأسها في المصاب). أي:
وألحق بهذا التقسيم، وهو ما يكون الصوم
مخيرا " فيه بينه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) قال به المفيد في المقنعة: 88. (2) قال به
العلامة في التحرير 2: 108. (3) التهذيب 4: 292 /
888، الاستبصار 2: 130 / 425، الوسائل 7: 407 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 6 ح 5. (4) الفقيه 2: 122 / 532 2،
ورواها في التهذيب 4: 291 / 887، والاستبصار 2:
130 / 424، والوسائل 7: 406 ابواب كتاب الاعتكاف
ب 6 ح 1. (5) البقرة: 196.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 245 ]
[ الرابع: ما يجب مرتبا على غيره مخيرا
بينه وبين غيره، وهو كفارة الواطئ امته
المحرمة باذنه. وكل الصوم يلزم فيه
التتابع الا أربعة: صوم النذر المجرد عن
التتابع وما في معناه من يمين أو عهد، وصوم
القضاء، وصوم جزاء الصيد، والسبعة في بدل
الهدى. ] وبين غيره، كفارة جز المرأة شعر
رأسها في المصاب، فإنها عتق رقبة، أو صيام
شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا "
عند أكثر الاصحاب، لرواية خالد بن سدير
المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام (1)،
وقد عرفت أنها ضعيفة السند. وقال ابن إدريس
إنها مرتبة، وأسنده إلى ما رواه بعض
الاصحاب (2). وهو مستند واه، والاصح أنها
تأثم ولا كفارة، استضعافا " للرواية،
وتمسكا " بالاصل. قوله: (الرابع، ما يجب على
غيره مخيرا " بينه وبين غيره: وهو كفارة
الواطئ أمته المحرمة بإذنه). سيأتي إن شاء
الله أن هذه الكفارة بدنة أو بقرة أو شاة،
فإن عجز عن الاولين فشاة أو صيام ثلاثة
أيام، فالصيام فيها مترتب على غيره وهو
البدنة والبقرة، مخير بينه وبين غيره وهو
الشاة، وإنما أجمل المصنف الكلام في هذه
المسائل لان غرضه هنا استيفاء أقسام

الصوم، وسيجئ تمام الكلام فيها في أبوابها
إن شاء الله. قوله: (وكل الصوم يلزم فيه
التتابع إلا أربعة: صوم النذر المجرد عن
التتابع وما في معناه من يمين أو عهد، وصوم
القضاء، وصوم جزاء الصيد، والسبعة في بدل
الهدي).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 243. (2) السرائر: 362.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 246 ]
يندرج في هذه الكلية صوم رمضان،
والاعتكاف، وكفارة رمضان وقضائه، وكفارة
خلف النذر وما في معناه، وكفارة الظهار
والقتل، وكفارة حلق الرأس في حال الاحرام،
وصوم الثلاثة الايام في بدل الهدي، وصوم
الثمانية عشر في بدل الدنة وبدل الشهرين
عند العجز عنهما. ويمكن المناقشة في وجوب
المتابعة في صيام كفارة قضاء رمضان، وحلق
الرأس، وصوم الثمانية عشر في الموضعين،
لاطلاق الامر بالصوم في جميع هذه الموارد،
فيحصل الامتثال مع التتابع وبدونه. وأما
استثناء صوم النذر المجرد عن التتابع وما
في معناه من العهد واليمين، وصوم القضاء،
ويندرج فيه قضاء رمضان والنذر المعين،
وصوم جزاء الصيد مطلقا "، والسبعة في بدل
الهدي فهو قول أكثر الاصحاب، تمسكا "
بإطلاق الامر. وحكى الشهيد في الدروس عن
ظاهر كلام الشاميين وجوب المتابعة في
النذر المطلق، وعن المفيد والمرتضى وسلار
أنهم أوجبوا المتابعة في صيام الستين يوما
" في بدل النعامة، وعن أبي الصلاح وابن أبي
عقيل أنهما أوجبا المتابعة في صيام السبعة
بدل الهدي، واستقرب وجوب المتابعة في قضاء
النذر المعين المشروط فيه المتابعة (1).
والاصح عدم وجوب المتابعة في جميع ذلك،
عملا " بالاطلاق وسيجئ الكلام في كفارات
الاحرام والصوم الواجب في بدل البدنة في
كتاب الحج مفصلا " إن شاء الله.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 79.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 247 ]
[ وكل ما يشترط فيه التتابع إذا افطر في
اثنائه لعذر بنى عند زواله. ] قوله: (وكل ما
يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه
لعذر يبني عند زواله). إطلاق العبارة يقتضي
عدم الفرق في ذلك بين صوم الشهرين
والثمانية عشر والثلاثة، وجزم جماعة منهم
العلامة في القواعد، والشهيد في الدروس
(1)، والشارح - قدس سره (2) - بوجوب الاستئناف
مع الاخلال بالمتابعة في كل ثلاثة يجب
تتابعها، سواء كان لعذر أو لا، إلا ثلاثة
الهدي لمن صام يومين وكان الثالث العيد،
فإنه يبني على اليومين الاولين بعد انقضاء
أيام التشريق. وهو جيد، بل الاجود اختصاص
البناء مع الاخلال بالتتابع للعذر بصيام
الشهرين المتتابعين والاستئناف في غيره،
أما الاستئناف فيما عدا صيام الشهرين فلان
الاخلال بالمتابعة يقتضي عدم الاتيان
بالمأمور به على وجهه، فيبقى المكلف تحت
العهدة إلى أن يتحقق الامتثال. وأما
البناء في صيام الشهرين فيدل عليه ما رواه
الشيخ في الصحيح، عن رفاعة، قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل عليه صيام
شهرين متتابعين فصام شهرا " ومرض، قال:
(يبني عليه، الله حبسه) قلت: امرأة كان
عليها صيام شهرين متتابعين فصامت وأفطرت
أيام حيضها، قال: (تقضيها) قلت: فإنها قضتها
ثم يئست من المحيض، قال: (لا تعيدها،
أجزأها) (3) وفي الصحيح عن محمد بن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) القواعد 1: 69، والدروس: 79. (2) المسالك 1: 79.
(3) التهذيب 4: 284 / 859، الاستبصار 2: 124 / 402،
الوسائل 7: 274 ابواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح
10.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 248 ]
مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام نحو ذلك (1).
وعن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن رجل كان عليه صيام
شهرين متتابعين فصام خمسة عشر يوما " ثم
مرض، فإذا برأ أيبني على صومه أم يعيد صومه
كله؟ فقال: (يبني على ما كان صام) ثم قال:
(هذا مما غلب الله عليه، وليس على ما غلب
الله عزوجل عليه شئ) (2). ويستفاد من التعليل
المستفاد من قوله عليه السلام: (الله حبسه)
وقوله: (هذا مما غلب الله عليه) عدم الفرق
بين أن يكون العذر مرضا " أو سفرا " ضروريا "
أو حيضا " أو إغماءا " أو غير ذلك. لا يقال:
قد روى الشيخ في الصحيح، عن جميل ومحمد بن
حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الرجل يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار
فيصوم شهرا " ثم يمرض، قال: (يستقبل، فإن
زاد على الشهر الاخر يوما " أو يومين بنى
على ما بقي) (3). وعن أبي بصير، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (إن كان على الرجل
صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في
الشهر الاول فإن عليه أن يعيد الصيام، وإن
صام الشهر الاول وصام من الشهر الثاني
شيئا "

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 284 / 860، الاستبصار 124 6 2 / 403،
الوسائل 7: 274 ابواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح
11. (2) التهذيب 4: 284 / 858، الاستبصار 2: 124 / 401،
الوسائل 7: 274 ابواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح
12. (3) التهذيب 4: 284 / 861، الاستبصار 2: 124 / 404،
الوسائل 7: 272 ابواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح
3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 249 ]
[ وان افطر لغير عذر استانف، إلا ثلاثة
مواضع: من وجب عليه صوم شهرين متتابعين
فصام شهرا ومن الثاني ولو يوما بنى، ولو
كان قبل ذلك استانف. ] فإنما عليه أن يقضي)
(1). لانا نجيب عنهما بالحمل على الاستحباب
جمعا " بين الادلة، وتأولهما الشيخ في
الاستبصار أيضا " بالحمل على المرض الذي لا
يكون مانعا " من الصوم (2)، وهو بعيد. ومتى
جاز البناء للعذر فالاصح وجوب المبادرة
إلى الصوم بعد زواله، لانه بتعمد الافطار
بعده يصير مخلا " بالتتابع اختيارا "، وقطع
الشهيد في الدروس بعدم الوجوب (3)، وهو
ضعيف. ولو نسي النية في بعض أيام الشهر حتى
فات محلها فسد صوم ذلك اليوم، وهل ينقطع
التتابع بذلك؟ قيل: نعم، لان فساد الصوم
يقتضي عدم تحقق التتابع، وقيل: لا، لحديث
رفع، وظاهر التعليل المستفاد من قوله عليه
السلام: (الله حبسه) وقوله عليه السلام:
(وليس على ما غلب اللله عزوجل عليه شئ)، وبه
قطع الشارح قدس سره (5)، ولا يخلو من قوة.
قوله: (وإن أفطر لغير عذر استأنف، إلا في
ثلاثة مواضع، الاول: من وجب عليه صوم شهرين
متتابعين فصام شهرا " ومن الثاني يوما ").
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 285 / 862، الاستبصار 2: 125 / 405،
الوسائل 7: 272 ابواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح
6. (2) الاستبصار 2: 125. (3) الدروس: 73. (4)
المتقدمتان في ص 247. (5) المسالك 2: 97.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 250 ]
أما وجوب الاستئناف إذا أفطر في أثناء
الشهر الاول أو بعد إكماله قبل أن يصوم من
الشهر الثاني شيئا لغير عذر فقال في
المنتهى: إنه قول علماء الاسلام، لانه لم
يأت بالمأمور به، إذ هو صوم شهرين
متتابعين ولم يفعله فلا يخرج عن العهدة (1).
وأما وجوب البناء إذا كان قد صام من الشهر
الثاني يوما " فصاعدا " فقال العلامة في
التذكرة والمنتهى وولده في الشرح: إنه قول
علمائنا أجمع (2). ويدل عليه ما رواه الشيخ
في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (صيام كفارة اليمين في
الظهار شهران متتابعان، والتتابع أن يصوم
شهرا " ويصوم من الاخر أياما أو شيئا منه،
فإن عرض له شئ يفطر منه أفطر ثم قضى ما بقي
عليه، وإن صام شهرا " ثم عرض له شئ فأفطر
قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع،
فليعد الصوم كله) (3). وفي الصحيح عن منصور
بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام: إنه
قال في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر
رمضان، قال: (يصوم شهر رمضان ويستأنف
الصوم، فإن صام في الظهار فزاد في النصف
يوما " قضى بقيته) (4). وعن سماعة بن مهران،
قال: سألته عن الرجل يكون عليه صيام شهرين
متتابعين، أيفرق بين الايام؟ فقال: (إذا
صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر
فلا بأس، وإن كان أقل من شهر أو شهرا "
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 621. (2) التذكرة 1: 282، والمنتهى
2: 621، وايضاح الفوائد 4: 100. (3) التهذيب 4: 283 /
856، الوسائل 7: 273 ابواب بقية الصوم الواجب ب
3 ح 9. (4) التهذيب 4: 283 / 857، الوسائل 7: 275 ابواب
بقية الصوم الواجب ب 4 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 251 ]
فعليه أن يعيد الصيام) (1). واختلف الاصحاب
في جواز التفريق اختيارا " بعد الاتيان بما
يتحيقق به التتابع، فذهب الاكثر إلى
الجواز، للاصل، وظاهر قوله عليه السلام في
صحيحة الحلبي المتقدمة: (والتتابع أن يصوم
شهرا " ويصوم من الاخر أياما " أو شيئا " منه)
وفي صحيحة منصور بن حازم: (فإن صام في
الظهار فزاد في النصف يوما " قضى بقيته).
وقال المفيد رحمه الله: لو تعمد الافطار
بعد أن صام من الشهر الثاني شيئا " فقد أخطأ
وإن جاز له الاتمام (2). واختاره ابن إدريس
محتجا " بأن التتابع أن يصوم الشهرين (3).
قال في المنتهى: ونحن نمنع ذلك لما ثبت في
حديث الحلبي الصحيح عن الصادق عليه
السلام: (إن حد التتابع أن يصوم شهرا "
ويصوم من الاخر أياما " أو شيئا " منه)
وحينئذ لا يتوجه الخطاب إلى المكلف، وقول
الصادق عليه السلام أولى بالاتباع من قول
ابن إدريس. ثم قال رحمه الله: إن التفريق
وإن كان جائزا " على ما بيناه فالاولى
تركه، وأن يتابع الشهرين معا، خلاصا " من
الخلاف، ولما فيه من المسارعة إلى فعل
الطاعات والمغفرة من الله تعالى (4). ولا
ريب في الاولوية وإن كان الظاهر ما اختاره
الاكثر من جواز التفريق، لتحقق

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 282 / 855، الوسائل 7: 272 ابواب
بقية الصوم الواجب ب 3 ح 5. (2) المقنعة: 57. (3)
السرائر: 94. (4) المنتهى 2: 621.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 252 ]
[ ومن وجب عليه صوم شهر متتابع بنذر فصام
خمسة عشر يوما ثم افطر لم يبطل صومه وبنى
عليه، ولو كان قبل ذلك استانف. وفى صوم
ثلاثة ايام عن الهدى، ان صام يوم التروية
وعرفة ثم افطر يوم النحر جاز ان يبنى بعد
انقضاء ايام التشريق. ولو كان اقل من ذلك ]
التتابع الشرعي بصيام اليوم مع الشهر،
وإلا لم يجز البناء، وهو باطل إجماعا ".
قوله: (ومن وجب عليه صوم شهر متتابع بنذر
فصام خمسة عشر يوما " ثم أفطر لم يبطل صومه
وبنى عليه، ولو كان قبل ذلك استأنف).
المستند في هذا التفصيل ما رواه الشيخ، عن
موسى بن بكر، عن أبي عبد الله عليه السلام:
في رجل جعل عليه صوم شهر فصام منه خمسة عشر
يوما " ثم عرض له أمر فقال: (إن كان صام خمسة
عشر يوما " فله أن يقضي ما بقي، وإن كان أقل
من خمسة عشر يوما " لم يجز حتى يصوم شهرا "
تاما ") (1). وعن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قال في رجل جعل على نفسه
صوم شهر فصام خمسة عشر يوما " ثم عرض له أمر
فقال: (جاز له أن يقضي ما بقي عليه، وإن كان
أقل من خمسة عشر يوما " لم يجز له حتى يصوم
شهرا " تاما ") (2) وضعف الروايتين من حيث
السند يمنع من العمل بهما. قوله: (وفي صوم
الثلاثة الايام عن الهدي لمن صام يوم
التروية وعرفة ثم أفطر يوم النحر جاز أن
يبني بعد انقضاء أيام التشريق، ولو كان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 285 / 863، الوسائل 7: 276 ابواب
بقية الصوم الواجب ب 5 ح 1. (2) التهذيب 4: 285 /
864، الوسائل 7: 276 ابواب بقية الصوم الواجب ب
5 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 253 ]
[ استانف. وكذا لو فصل بين اليومين والثالث
بافطار غير العيد استانف ايضا. والحق به من
وجب عليه شهر في كفارة قتل الخطأ أو الظهار
لكونه مملوكا، وفيه تردد. ] أقل من ذلك
استأنف، وكذا لو فصل بين اليومين والثالث
بإفطار غير العيد استأنف أيضا "). أما وجوب
التتابع في صيام هذه الثلاثة الايام في
غير هذه الصورة - وهي ما إذا كان الثالث
العيد - فموضع نص ووفاق، وإنما الكلام في
استثناء هذه الصورة، فإن الروايات
الواردة بذلك ضعيفة الاسناد، وفي مقابلها
أخبار أخر صحيحة السند دالة على خلاف ما
تضمنته، وسيجئ تحقيق ذلك في كتاب الحج إن
شاء الله. قوله: (وألحق به من وجب عليه شهر
في كفارة قتل الخطأ أو الظهار لكونه
مملوكا "، وفيه تردد). الضمير المجرور في
(به) يعود إلى ما ذكره سابقا "، وهو من وجب
عليه صوم شهر متتابع بالنذر. والملحق هو
الشيخ في المبسوط والجمل (1). ومنشأ التردد
من اختصاص النص الوارد بذلك بالنذر وما في
معناه، حيث وقع السؤال فيه عن رجل جعل عليه
صوم شهر، ومن المشاركة في المعنى. ولا يخفى
ضعف الوجه الثاني من وجهي التردد، فإنه
قياس محض. وحاول العلامة في المختلف إدراج
الجميع في النص فقال: إن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 280، والجمل والعقود (الرسائل
العشر): 217.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 254 ]
[ وكل من وجب عليه صوم متتابع لا يجوز ان
يبتدئ زمانا لا يسلم فيه. فمن وجب عليه
شهران متتابعان لا يصوم شعبان الا ان يصوم
قبله ولو يوما، ولا شوالا مع يوم من ذى
القعدة ويقتصر، وكذا الحكم في ذى الحجة مع
يوم من آخر. ] الجعل يتحقق في الظهار وقتل
الخطأ باعتبار فعل السبب (1). وهو بعيد جدا ".
قوله: (وكل من وجب عليه صوم متتابع لا يجوز
أن يبتدئ زمانا " لا يسلم فيه، فمن وجب عليه
شهران متتابعا " لا يصوم شعبان إلا أن يصوم
قبله ولو يوما "، ولا شوالا " مع يوم من ذي
القعدة ويقتصر، وكذا الحكم في ذي الحجة مع
يوم من آخر). يستفاد من قول المصنف رحمه
الله: لا يصوم شعبان إلا أن يصوم قبله ولو
يوما ". أن البدأة بالصوم في أثناء الشهر لا
توجب كونه ثلاثين متصلة، وإلا لم يتم الحكم
إلا بتقدير كون شعبان تاما " ليسلم له أحد
وثلاثون يوما ". ولا يخفى أن قول المصنف:
ولا شوالا " إلا مع يوم من ذي القعدة
ويقتصر. غير جيد، لانه لا يتفرع على الحكم
المتقدم. ويدل على هذا الحكم، أعني عدم
جواز الابتداء بزمان لا يسلم فيه الصوم
المتتابع مضافا " إلى ما سبق ما رواه الشيخ
في الصحيح، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد
الله عليه السلام: إنه قال في رجل صام في
ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان، قال: (يصوم
شهر رمضان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 248.
[IMAGE: 0x01 graphic]

[ 255 ]
[ وقيل: القاتل في اشهر الحرم يصوم شهرين
منها ولو دخل فيهما العيد وايام التشريق،
والاول اشبه. ] ويستأنف الصوم، فإن صام في
الظهار فزاد في النصف يوما " قضى بقيته) (1).
قوله: (وقيل، القاتل في أشهر الحرم يصوم
شهرين منها وإن دخل فيهما العيد وأيام
التشريق، والاول أظهر). القول للشيخ - رحمه
الله - في التهذيب (2)، واستدل عليه بما رواه
عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
سألته عن رجل قتل رجلا " خطأ في الشهر
الحرام، قال: (تغلظ عليه العقوبة، وعليه
عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر
الحرم) قلت: فإنه يدخل في هذا شئ، قال: (وما
هو؟) قلت: يوم العيد وأيام التشريق، قال:
(يصوم فإنه حق لزمه) (3). قال المصنف في
المعتبر: والرواية المذكورة مخالفة لعموم
الاحاديث المجمع عليها ومخصصة لها، ولا
يقوى الخبر الشاذ على تخصيص العموم
المعلوم، على أنه ليس بصريح في صوم العيد.
والامر المطلق بالصوم في الاشهر الحرم ليس
بصريح في صوم عيدها (4). وهو حسن، مع أن في
طريق هذه الرواية سهل بن زياد وهو ضعيف.
نعم روى الكليني بعد هذه الرواية رواية
أخرى عن زرارة في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 283 / 857، الوسائل 7: 275 ابواب
بقية الصوم الواجب ب 4 ح 1. (2) التهذيب 4: 297. (3)
التهذيب 4: 297 / 896، الوسائل 7: 278 ابواب بقية
الصوم الواجب ب 8 ح 1. (4) المعتبر 2: 713.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 256 ]
الحسن قال، قلت لابي جعفر عليه السلام:
رجل قتل رجلا " في الحرم، قال: (عليه دية
وثلث، ويصوم شهرين متتابعين من أشهر
الحرم، ويعتق رقبة، ويطعم ستين مسكينا ")
قال، قلت: يدخل في هذا شئ، قال: (وما يدخل)
قلت: العيدان وأيام التشريق، قال: (يصوم،
فإنه حق لزمه) (1) وهذه الرواية وإن كانت
معتبرة الاسناد إلا أن الخروج بها عن
مقتضى الاخبار الصحيحة المتضمنة لتحريم
صوم هذه الايام مشكل (2). وكيف كان فالمعتمد
التحريم مطلقا ".
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 140 / 9، الوسائل 7: 278 ابواب بقية
الصوم الواجب ب 8 ح 2 (2) الوسائل 7: 382 ابواب
الصوم المحرم والمكروه ب 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 257 ]
[ الصوم المستحب والندب من الصوم: قد لا
يختص وقتا: كصيام ايام السنة، فانه جنة من
النار. ] قوله: (والندب من الصوم قد لا يختص
وقتا "، كصيام أيام السنة، فإنه جنة من
النار). هذا لفظ الحديث النبوي، والجنة:
السترة، قاله الجوهري (1). والمراد أنه موجب
للعفو عن الذنوب الموجبة للنار زيادة على
غيره من العبادات. وإلا فكل واجب يقي من
العذاب المستحق بتركه، ويرجى بفعله تكفير
الصغائر الموجبة له، كما يستفاد من قوله
عزوجل: (إن الحسنات يذهبن السيئات) (2). ولا
يخفى أنه يجب أن يستثنى من أيام السنة ما
وجب صومه منها وما حرم. أما المكروه
بالمعنى المتعارف عند أهل الشرع فلا يخرج
عن الواجب والندب، والعبادة لا توصف
بالاباحة، لان الصحيح منها لا يكون إلا
راجحا ": إما واجبة أو مندوبة.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الصحاح 5: 2094. (2) هود: 114.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 258 ]
[ وقد يختص وقتا: والمؤكد منه اربعة عشر
قسما: صوم ثلاثة ايام من كل شهر، اول خميس
منه، وآخر خميس، واول اربعاء في العشر
الثاني. ] قوله: (وقد يختص وقتا "، والمؤكد
منه أربعة عشر قسما ": صوم ثلاثة أيام من كل
شهر، أول خميس منه، وآخر خميس منه، وأول
أربعاء في العشر الثاني). لا ريب في تأكد
استحباب صيام هذه الايام الثلاثة، لكثرة
الحث عليها في السنة المطهرة. فمن ذلك ما
رواه ابن بابويه في الصحيح، عن حماد بن
عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(صام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قيل:
ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل: ما يصوم، ثم صام
صوم داود عليه السلام يوما " ويوما "، ثم
قبض صلى الله عليه وآله على صيام ثلاثة
أيام في الشهر وقال: يعدلن صوم الدهر،
ويذهبن بوحر الصدر) قال حماد: الوحر
الوسوسة، قال حماد، فقلت وأي الايام هي؟
قال: (أول خميس في الشهر، وأول أربعاء بعد
العشر منه، وآخر خميس منه) فقلت: وكيف صارت
هذه الايام التي تصام؟ فقال: (من قبلنا من
الامم، كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل
في هذه الايام المخوفة) (1). وفي الصحيح عن
الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد
بن مروان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه
السلام يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه
وآله يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 49 / 210، الوسائل 7: 303 ابواب
الصوم المندوب ب 7 ح 1.

[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 259 ]
حتى يقال: لا يصوم، ثم صام يوما " وأفطر
يوما "، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل من
ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر: الخميس
في أول الشهر، وأربعاء في وسط الشهر،
وخميس في آخر الشهر، وكان عليه السلام
يقول: ذلك صوم الدهر. وقد كان أبي عليه
السلام يقول: ما من أحد أبغض على الله
عزوجل من رجل يقال له: كان رسول الله صلى
الله عليه وآله يفعل كذا وكذا، فيقول لا
يعذبني الله على أن اجتهد في الصلاة
والصيام، كأنه يرى أن رسول الله صلى الله
عليه وآله ترك شيئا " من الفضل عجزا " عنه)
(1). والظاهر أن المراد بالاربعاء في وسط
الشهر أول أربعاء منه كما تدل عليه
الرواية المفصلة. وفي الموثق عن زرارة
قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام: بما
جرت السنة من الصوم؟ فقال: (ثلاثة أيام من
كل شهر: الخميس في العشر الاول، والاربعاء
في العشر الاوسط، والخميس في العشر الاخر)
قال، قلت: هذا جميع ما جرت به السنة في
الصوم؟ قال: (نعم) (2). وهنا فوائد: الاولى:
روى ابن بابويه في الصحيح، عن عبد الله بن
المغيرة، عن حبيب الخثعمي قال، قلت لابي
عبد الله عليه السلام: أخبرني عن التطوع
وعن هذه الثلاثة الايام إذا أجنبت من أول
الليل فأعلم أني أجنبت فأنام متعمدا " حتى
ينفجر الفجر، أصوم أو لا أصوم؟ قال: (صم) (3).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 48 / 209، الوسائل 7: 305 ابواب
الصوم المندوب ب 7 ح 5. (2) الفقيه 2: 51 / 220،
الوسائل 7: 305 ابواب الصوم المندوب ب 7 ح 6. (3)
الفقيه 2: 49 / 212، الوسائل 7: 47 ابواب ما يمسك
عنه الصائم ب 20 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 260 ]
[ ومن اخرها استحب له القضاء، ] الثانية:
روى ابن بابويه أيضا "، عن الفضيل بن يسار،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا صام
أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن
أحدا "، ولا يجهل، ولا يسرع إلى الحلف
والايمان بالله، وإن جهل عليه أحد
فليحتمل) (1). الثالثة: قال علي بن بابويه -
رضي الله عنه - في رسالته إلى ولده: إذا
أردت سفرا " وأردت أن تقدم من صوم السنة
شيئا " فصم ثلاثة أيام للشهر الذي تريد
الخروج فيه (2). ولم نقف له في ذلك على
مستند، بل قد روى الكليني - رضي الله عنه -
ما ينافيه، فإنه روى عن المرزبان بن عمران
قال، قلت للرضا عليه السلام: أريد السفر
فأصوم لشهري الذي أسافر فيه؟ قال: (لا) قلت:
فإذا قدمت أقضيه؟ قال: (لا، كما لا تصوم
كذلك لا تقضي) (3). قوله: (ومن أخرها استحب له
القضاء). يدل على ذلك ما رواه الكليني، عن
عدة من أصحابه، عن سهل بن زياد، عن الحسن
بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام أنه قال: (ولا يقضي شيئا "
من صوم التطوع إلا الثلاثة الايام التي
كان يصومها من كل شهر) (4). ولو كان الفوات
لمرض أو سفر لم يستحب قضاؤها، لما رواه
الكليني في الصحيح، عن سعد بن سعد
الاشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام،
قال: سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر، هل
فيه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 49 / 211، الوسائل 7: 120 ابواب آداب
الصائم ب 12 ح 1. (2) الفقيه 2: 51. (3) الكافي 4: 130 /
4، الوسائل 7: 159 ابواب من يصح منه الصوم ب 21 ح
4. (4) الكافي 4: 142 / 8، الوسائل 7: 159 ابواب من
يصح منه الصوم ب 21 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 261 ]
[ ويجوز تأخيرها اختيارا من الصيف إلى
الشتاء. ] قضاء على المسافر؟ قال: (لا) (1)
وإذا سقط القضاء عن المسافر سقط عن المريض
بطريق أولى لانه أعذر منه. وروى الكليني
أيضا "، عن عذافر قال، قلت لابي عبد الله
عليه السلام: أصوم هذه الثلاثة الايام في
الشهر، فربما سافرت، وربما أصابتني علة،
فيجب علي قضاؤها؟ قال، فقال لي: (إنما يجب
الفرض، فأما غير الفرض فأنت فيه بالخيار)
قلت: بالخيار في السفر والمرض؟ قال، فقال:
(المرض قد وضعه الله عزوجل عنك، والسفر إن
شئت فاقضه، وإن لم تقضه فلا جناح عليك) (2)
وهذه الرواية ضعيفة السند بجهالة الراوي،
وبأن في طريقها أحمد بن هلال، وقال
العلامة في الخلاصة: إنه غال ورد فيه ذم
كثير من سيدنا أبي محمد العسكري عليه
السلام (3). قوله: (ويجوز تأخيرها اختيارا "
من الصيف إلى الشتاء). المراد إن من أخرها
من الصيف إلى الشتاء وأتى بها فيه يكون
مؤديا " للسنة، وقد ورد بذلك روايات، منها
ما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن الحسن بن
محبوب، عن الحسن بن أبي حمزة قال، قلت لابي
جعفر، أو لابي عبد الله عليهما السلام: إني
قد اشتد علي صيام ثلاثة أيام في كل شهر،
أؤخره في الصيف إلى الشتاء، فإني أجده
أهون علي؟ قال: (نعم فاحفظها) (4). وما رواه
الكليني، عن الحسن بن راشد قال، قلت لابي

عبد الله
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 130 / 3، الوسائل 7: 159 ابواب من
يصح منه الصوم ب 21 ح 3. (2) الكافي 4: 130 / 2،
الوسائل 7: 159 ابواب من يصح منه الصوم ب 21 ح 5.
(3) خلاصة العلامة: 202. (4) الفقيه 2: 51 / 219،
الوسائل 7: 314 ابواب الصوم المندوب ب 9 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 262 ]
[ وان عجز استحب له ان يتصدق عن كل يوم
بدرهم أو مد. وصوم ايام البيض، وهى الثالث
عشر والرابع عشر والخامس عشر. ] عليه
السلام أو لابي الحسن عليه السلام: الرجل
يتعمد الشهر في الايام القصار يصومه لسنة،
قال: (لا بأس) (1). قوله: (وإن عجز استحب له أن
يتصدق عن كل يوم بدرهم أو مد). يدل على ذلك
ما رواه الكليني في الصحيح، عن عيص بن
القاسم، قال: سألته عمن لم يصم الثلاثة
الايام من كل شهر وهو يشتد عليه الصيام، هل
فيه فداء؟ قال: (مد من طعام) (2) وعن عقبة قال،
قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك
إني قد كبرت وضعفت عن الصيام، فكيف أصنع
بهذه الثلاثة الايام في كل شهر؟ فقال: (يا
عقبة تصدق بدرهم عن كل يوم) قال، قلت: درهم
واحد!؟ قال: (لعلها كبرت عندك وأنت تستقل
الدرهم؟) قال، قلت: إن نعم الله عزوجل علي
لسابغة فقال: (يا عقبة لاطعام مسلم خير من
صيام شهر) (3). قوله: (وصوم أيام البيض، وهي
الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر).
استحباب صوم هذه الايام مذهب العلماء
كافة، قاله في المنتهى (4)، ولم أقف فيه على
رواية من طرق الاصحاب سوى ما رواه ابن
بابويه في كتاب علل الشرائع والاحكام
بإسناده إلى ابن مسعود،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 145 / 1، الوسائل 7: 314 ابواب الصوم
المندوب ب 9 ح 2. (2) الكافي 4: 144 / 4، الوسائل 7:
317 ابواب الصوم المندوب ب 11 ح 1. (3) الكافي 4:
144 / 7، الوسائل 7: 318 ابواب الصوم المندوب ب 11
ح 4. (4) المنتهى 2: 609.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 263 ]
قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول:
(إن آدم لما عصى ربه عزوجل ناداه مناد من
لدن العرش: يا آدم اخرج من جواري فإنه لا
يجاورني أحد عصاني، فبكى وبكت الملائكة،
فبعث الله عزوجل جبرئيل فأهبطه إلى الارض
مسودا "، فلما رأته الملائكة ضجت وبكت
وانتحبت وقالت: يا رب خلقا " خلقته، ونفخت
فيه من روحك، وأسجدت له ملائكتك، بذنب
واحد حولت بياضه سوادا "، فنادى مناد من
السماء: صم لربك، فصام فوافق يوم ثلاثة عشر
من الشهر فذهب ثلث السواد، ثم نودي يوم
الرابع عشر أن صم لربك اليوم، فصام فذهب
ثلثا السواد، ثم نودي يوم خمسة عشر
بالصيام، فصام فأصبح وقد ذهب السواد كله،
فسميت أيام البيض للذي رد الله عزوجل فيه
على آدم من بياضه ثم نادى مناد من السماء:
يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلها لك ولولدك
من صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر) (1).
قال الصدوق - رحمه الله - بعد أن أورد هذه
الرواية: قال مصنف هذا الكتاب هذا الخبر
صحيح ولكن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه
محمد صلى الله عليه وآله أمر دينه فقال
عزوجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا) (2) فسن رسول الله صلى الله
عليه وآله مكان أيام البيض خميسا " في أول
الشهر، وأربعاءا " في وسط الشهر، وخميسا "
في آخر الشهر، وذلك صوم السنة، من صامها
كان كمن صام الدهر، لقول الله عزوجل: (من
جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (3) وإنما
ذكرت الحديث لما فيه من ذكر العلة، وليعلم
السبب في ذلك،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) علل الشرائع: 379 / 1، الوسائل 7: 319 ابواب
الصوم المندوب ب 12 ح 1. (2) الحشر: 7. (3)
الانعام: 160.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 264 ]
[ وصوم يوم الغدير. ويوم مولد النبي عليه
السلام. ويوم مبعثه. ] لان الناس أكثرهم
يقولون إن أيام البيض إنما سميت بيضا " لان
لياليها مقمرة من أولها إلى آخرها (1).
انتهى كلامه رحمه الله. ومقتضاه أن صوم هذه
الايام منسوخ بصوم الخميسين والاربعاء،
وربما كان في بعض الروايات المتضمنة
لاستحباب صومها إشعار بذلك. قوله: (وصوم
يوم الغدير). هو الثامن عشر من ذي الحجة،
وقد روى الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله
عليه السلام أن صومه يعدل صوم ستين شهرا (2).
وفي الطريق ضعف. قوله: (ويوم مولد النبي صلى
الله عليه وآله ومبعثه). المشهور بين
الاصحاب أن يوم المولد السابع عشر من ربيع
الاول، وقال الكليني رضي الله عنه: إنه يوم
الثاني عشر منه (3). وهو الذي صححه الجمهور
(4)، ومال إليه جدي - قدس سره - في حواشي
القواعد، وليس في الباب رواية تصلح لاثبات
أحد القولين. ويدل على استحباب صوم يوم
السابع عشر من ربيع الاول والسابع
والعشرين من رجب ما رواه الشيخ بسند مشتمل

على عدة من الضعفاء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) علل الشرائع: 380، الوسائل 7: 318 ابواب
الصوم المندوب ب 12 ح 1. (2) الكافي 4: 148 / 1،
الفقيه 2: 54 / 240، التهذيب 4: 305 / 921، مصباح
المتهجد: 680، الوسائل 7: 323 ابواب الصوم
المندوب ب 14 ح 2، بتفاوت يسير. (3) الكافي 1:
439. (4) منهم ابن هشام في السيرة النبوية 1:
167، وابن كثير في السيرة النبوية 1: 199.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 265 ]
[ ويوم دحو الارض. ] والمجاهيل، عن [ أبي ] (1)
إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي، عن أبي
الحسن الثالث عليه السلام أنه قال له: (يا
أبا إسحاق جئت تسألني عن الايام التي يصام
فيهن، وهي الاربعة: أولهن يوم السابع
والعشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمدا
" صلى الله عليه وآله إلى خلقه رحمة
للعالمين، ويوم مولده صلى الله عليه وآله
وهو يوم السابع عشر من شهر ربيع الاول،
ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه
دحيت الكعبة، ويوم الغدير فيه أقام رسول
الله صلى الله عليه وآله أخاه عليا " عليه
السلام علما " للناس وإماما " من بعده) (2).
قوله: (ويوم دحو الارض). وهو يوم الخامس
والعشرين من ذي القعدة، ومعنى دحو الارض:
بسطها، والمراد هنا بسطها من تحت الكعبة،
وقد ورد باستحباب صوم هذا اليوم روايات
أوضحها سندا " ما رواه ابن بابويه في
الصحيح، عن الحسن بن علي الوشاء، قال: كنت
مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه
السلام ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة
فقال له: (ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة
ولد فيها إبراهيم عليه السلام، وولد فيها
عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها دحيت
الارض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم
كان كمن صام ستين شهرا ") (3) ومقتضى ذلك عد
الشهور قبل الدحو. واستشكله جدي - قدس سره -
في فوائد القواعد بما علم من أنه تعالى خلق
السموات والارض وما بينهما في ستة أيام،
وأن المراد من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) اثبتناه من المصدر. (2) التهذيب 4: 305 / 922،
الوسائل 7: 324 ابواب الصوم المندوب ب 14 ح 3. (3)
الفقيه 2: 54 / 238، الوسائل 7: 331 ابواب الصوم
المندوب ب 16 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 266 ]
[ وصوم عرفة لمن لم يضعفه عن الدعاء وتحقق
الهلال. ] اليوم دوران الشمس في فلكها دورة
واحدة، وهو يقتضي عدم خلق السماوات قبل
ذلك، فلا يتم عد الاشهر في تلك المدة ويمكن
دفعه بأن الكتاب العزيز ناطق بتأخر الدحو
عن خلق السماء والارض والليل والنهار، حيث
قال عزوجل: (ءأنتم أشد خلقا " أم السماء
بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها
وأخرج ضحاها * والارض بعد ذلك دحاها) (1)
وعلى هذا فيمكن تحقق الاهلة وعد الايام
قبل ذلك. قوله: (وصوم يوم عرفة لمن لم يضعفه
عن الدعاء وتحقق الهلال). يريد بذلك أن
استحباب صوم هذا اليوم مشروط بشرطين،
أحدهما: أن لا يضعفه عن الدعاء، أي عما هو
عازم عليه منه في الكمية والكيفية،
ويستفاد من ذلك أن الدعاء في ذلك اليوم
أفضل من الصوم. والثاني: أن يتحقق الهلال،
بمعنى أن يرى في أول الشهر رؤية لا يحصل
فيها التباس واحتمال كونه لليلة الماضية،
حذرا " من صوم العيد وينبغي قراءة (وتحقق)
بفتح القافين، ليكون فعلا " ماضيا "،
والضمير المستكن فيع عائدا " إلى الموصول.
ويدل على استحباب صومه لمن لم يضعفه عن
الدعاء ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد
بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
سألته عن صوم يوم عرفة، قال: (من قوي عليه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النازعات: 27 - 30.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 267 ]
[ وصوم عاشوراء على وجه الحزن. ] فحسن، إن
لم يمنعك من الدعاء - فإنه يوم دعاء ومسألة
- فصمه، وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه)
(1) ومقتضى الرواية كراهة صومه إذا خيف
الضعف. ويدل على كراهة صومه مع الشك في
الهلال ما رواه ابن بابويه فيمن لا يحضره
الفقيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال:
سألته عن صوم يوم عرفة فقلت: جعلت فداك
إنهم يزعمون أنه يعدل صوم سنة، قال: (كان
أبي عليه السلام لا يصومه) قلت: ولم جعلت
فداك؟ قال: يوم عرفة يوم دعاء ومسألة
فاتخوف أن يضعفني عن الدعاء، وأكره أن
أصومه اتخوف أن يكون يوم عرفة يوم الاضحى
وليس بيوم صوم) (2). قوله: (وصوم عاشوراء على
وجه الحزن). اختلفت الروايات في صوم
عاشوراء، فورد في بعضها الامر بصومه وأنه
كفارة سنة (3)، وورد في بعض آخر النهي عنه،
وأن من صامه كان حظه من ذلك اليوم حظ ابن
مرجانة وآل زياد، وهو النار (4). وجمع الشيخ
في الاستبصار بينها بأن من صام يوم
عاشوراء على طريق الحزن بمصاب آل محمد
عليهم السلام والجزع لما حل بعترته فقد

أصاب، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا
من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد
لبركته وسعادته فقد أثم وأخطأ. ونقل هذا
الجمع عن شيخه المفيد رحمه الله (5). وهو
جيد، ومن ذلك يعلم معنى قول
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 299 / 904، الوسائل 7: 343 ابواب
الصوم المندوب ب 23 ح 4. (2) الفقيه 2: 53 / 235،
الوسائل 7: 344 ابواب الصوم المندوب ب 23 ح 6. (3)
الوسائل 7: 337 ابواب الصوم المندوب ب 20. (4)
الوسائل 7: 339 ابواب الصوم المندوب ب 21. (5)
الاستبصار 2: 135.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 268 ]
المصنف رحمه الله: وصوم عاشوراء على وجه
الحزن. وهنا فوائد: الاولى: روى الشيخ في
المصباح، عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام في يوم
عاشوراء فألفيته كاسف اللون، ظاهر الحزن،
ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط،
قلت: يا بن رسول الله ممم بكاؤك؟ لا أبكى
الله عينيك، فقال لي: (أو في غفلة أنت؟ أما
علمت أن الحسين بن علي عليه السلام أصيب في
مثل هذا اليوم؟) فقلت: يا سيدي فما قولك في
صومه؟ فقال: (صمه من غير تبييت، وافطره من
غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملا، وليكن
إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من ماء،
فإنه في ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت
الهيجاء عن [ آل ] (1) رسول الله صلى الله
عليه وآله وانكشفت الملحمة عنهم) (2) وينبغي
العمل بمضمون هذه الرواية لاعتبار سندها،
إلا أن الامساك على هذا الوجه لا يسمى صوما
". وذكر الشارح - قدس سره - أن معنى الصوم على
وجه الحزن الصوم إلى العصر بغير نية الصوم
كما تضمنته الرواية (3). وهو مع بعده في نفسه
مخالف لما نص عليه المصنف في المعتبر (4)
وغيره (5). الثانية: قال في المنتهى يوم
عاشوراء هو العاشر من المحرم، وبه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) اثبتناه من (ح) والمصدر. (2) مصباح
المتهجد: 724، الوسائل 7: 338 ابواب الصوم
المندوب ب 20 ح 7. (3) المسالك 1: 80. (4) المعتبر 2:
709. (5) كابن زهرة في الغنية (الجوامع
الفقهية): 573.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 269 ]
[ ويوم المباهلة. ] قال سعيد بن المسيب
والحسن البصري، وروي عن ابن عباس أنه قال:
التاسع من المحرم، وليس بمعتمد، لما تقدم
في أحاديثنا إنه يوم قتل الحسين عليه
السلام، ويوم قتل الحسين عليه السلام هو
العاشر بلا خلاف (1). الثالثة: اختلف في صوم
عاشوراء، هل كان واجبا " أم لا؟ والمروي في
أخبارنا أنه كان واجبا " قبل نزول صوم شهر
رمضان، وممن روى ذلك زرارة ومحمد بن مسلم،
قال: سألنا أبا جعفر عليه السلام عن صوم
يوم عاشوراء فقال: (كان صومه قبل شهر
رمضان، فلما نزل شهر رمضان ترك) (2). قوله:
(ويوم المباهلة). هو الرابع والعشرون من ذي
الحجة، فيه باهل رسول الله صلى الله عليه
وآله نصارى نجران بأمير المؤمنين وفاطمة
والحسن والحسين عليهم السلام. وقيل: إنه في
هذا اليوم تصدق أمير المؤمنين عليه السلام
بخاتمه في ركوعه ونزل فيه (إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون (2) (3) (4). ولم أقف
في استحباب صوم هذا اليوم على نص بالخصوص،
وعلله في المنتهى بأنه يوم شريف، وقد أظهر
الله فيه نبينا عليه السلام على خصمه،
وحصل فيه من التنبيه على قرب علي عليه
السلام من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 611. (2) الفقيه 2: 51 / 224، الوسائل
7: 339 ابواب الصوم المندوب ب 21 ح 1. (3)
المائدة: 55. (4) قال له العلامة في المنتهى 2:
611، والشهيد الثاني في المسالك 1: 80.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 270 ]
[ وصوم كل خميس. وكل جمعة. واول ذى الحجة. ]
ربه، واختصاصه، وعظم منزلته، وثبوت
ولايته، واستجابة الدعاء به، ما لم يحصل
لغيره، وذلك من أعظم الكرامات الموجبة
لاخبار الله تعالى أن نفسه نفس رسول الله
صلى الله عليه وآله، فيستحب صومه شكرا "
لهذه النعمة الجسيمة (1). قوله: (وكل خميس
وكل جمعة). وذلك لان الصوم فيه طاعة في
نفسه، وهذان اليومان شريفان تضاعف فيهما
الحسنات، فاستحب فعله فيهما، وتشهد له
رواية أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله
عليه وآله كان يصوم الاثنين والخميس، فسئل
عن ذلك فقال: (إن أعمال الناس تعرض يوم
الاثنين والخميس) (2). ورواية ابن سنان، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (رأيته
صائما " يوم الجمعة، فقلت: جعلت فداك إن
الناس يزعمون أنه يوم عيد، فقال: (كلا إنه
يوم خفض ودعة) (3). قوله: (وأول ذي الحجة). يدل
على ذلك ما رواه الكليني، عن عدة من
أصحابه، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن
أبي الحسن الاول عليه السلام أنه قال: (في
أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل

الرحمن، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له
صيام ستين شهرا ") (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 611. (2) سنن ابي داود 2: 325 / 2436. (3)
التهذيب 4: 316 / 959، الوسائل 7: 301 ابواب الصوم
المندوب ب 5 ح 5. (4) الكافي 4: 149 / 2، الوسائل 7:
333 ابواب الصوم المندوب ب 18 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 271 ]
[ وصوم رجب. وصوم شعبان. ] وما رواه ابن
بابويه مرسلا "، عن موسى بن جعفر عليه
السلام، قال: (من صام أول يوم من ذي الحجة
كتب الله له صوم ثمانين شهرا "، فإن صام
التسع كتب الله عزوجل له صوم الدهر) (1).
قوله: (وصوم رجب وصوم شعبان). ويدل على ذلك
روايات، منها ما رواه المفيد مرسلا " عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من صام
رجب كله كتب الله له رضاه، ومن كتب له رضاه
لم يعذبه) (2). وعن أمير المؤمنين عليه
السلام إنه كان يصومه ويقول: (رجب شهري،
وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله)
(3). وما رواه ابن بابويه، عن أبان بن عثمان،
عن كثير النواء، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: إن نوحا " ركب السفينة أول يوم
من رجب وأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم
وقال: (من صامه تباعدت عنه النيران مسيرة
سنة، ومن صام سبعة أيام غلقت عنه أبواب
النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت
له أبواب الجنان الثمانية، ومن صام خمسة
عشر يوما " أعطي مسألته، ومن صام خمسة
وعشرين قيل له استأنف العمل فقد غفر الله
لك، ومن زاد زاده الله عزوجل) (4). وما رواه
الشيخ، عن أبي الصباح الكناني، قال: سمعت
أبا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 52 / 230، الوسائل 7: 334 ابواب
الصوم المندوب ب 18 ح 3. (2) المقنعة: 59،
الوسائل 7: 356 ابواب الصوم المندوب ب 26 ح 15.
(3) المقنعة: 59، مصباح المتهجد: 734، الوسائل
7: 356 ابواب الصوم المندوب ب 26 ح 16. (4) الفقيه
2: 55 / 243، الوسائل 7: 348 ابواب الصوم المندوب
ب 26 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 272 ]
[ ويستحب الامساك تأديبا وان لم يكن صوما
في سبعة مواطن: المسافر إذا قدم اهله أو
بلدا يعزم فيه الاقامة عشرة فما زاد بعد
الزوال أو ] عبد الله عليه السلام يقول:
(صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من
الله) (1). وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن
أبيه عليهما السلام، قال: (قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من صام شعبان كان له
طهارة من كل زلة ووصمة وبادرة) قال أبو
حمزة، قلت لابي جعفر عليه السلام: ما
الوصمة؟ قال: (اليمين في المعصية) فقلت: ما
البادرة؟ قال: (اليمين عند الغضب، والتوبة
منها الندم) (2). قال الشيخ في التهذيب بعد
أن أورد طرفا " من الاخبار المتضمنة
للترغيب في صوم شعبان: فأما الاخبار التي
رويت في النهي عن صوم شعبان، وأنه ما صامه
أحد من الائمة عليهم السلام، فالمراد بها
أنه لم يصمه أحد من الائمة عليهم السلام
على أن صومه يجري مجرى شهر رمضان في الفرض
والوجوب، لان قوما " قالوا إن صومه فريضة،
وكان أبو الخطاب - لعنه الله - وأصحابه
يذهبون إليه، ويقولون إن من أفطر فيه لزمه
من الكفارة ما يلزم من أفطر يوما " من شهر
رمضان، فورد عنهم عليهم السلام الانكار
لذلك، وأنه لم يصمه أحد منهم على هذا الوجه
(3). قوله: (ويستحب الامساك تأديبا " وإن لم
يكن صوما " في سبعة مواطن: المسافر إذا قدم
أهله أو بلدا " يعزم فيه الاقامة عشرة فما
زاد بعد
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 307 / 925، الوسائل 7: 368 ابواب
الصوم المندوب ب 29 ح 1. (2) التهذيب 4: 307 / 928،
الوسائل 7: 362 ابواب الصوم المندوب ب 28 ح 7. (3)
التهذيب 4: 309.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 273 ]
[ قبله وقد افطر، وكذا المريض إذا برئ،
وتمسك الحائض والنفساء إذا طهرتا في اثناء
النهار. والكافر إذا اسلم. والصبى إذا بلغ،
والمجنون إذا افاق. وكذا المغمى عليه. ولا
يجب صوم النافلة بالدخول فيه، وله الافطار
أي وقت شاء. ويكره بعد الزوال. ] الزوال
وقبله وقد أفطر، وكذا المريض إذا برئ،
وتمسك الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء
النهار، والكافر إذا أسلم، والصبي إذا
بلغ، والمجنون إذا أفاق، وكذا المغمى
عليه). هذا القسم هو المسمى بصوم التأديب،
وهو عبارة عن الامساك عن المفطرات في بعض
النهار استحبابا "، تشبها " بالصائمين.
وثبوته في هذه المواطن السبعة موضع وفاق،
وقد تقدم المستند في بعض الصور، ويدل عليه
أيضا " رواية الزهري الطويلة عن زين
العابدين عليه السلام المتضمنة لان الصوم
على أربعين وجها "، حيث قال فيها: (فأما صوم
التأديب فأن يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم
تأديبا " وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلة من

أول النهار ثم قوي بقية يومه أمر بالامساك
عن الطعام بقية يومه تأديبا " وليس بفرض،
وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم
قدم أهله أمر بالامساك بقية يومه وليس
بفرض، وكذلك الحائض إذا طهرت أمسكت بقية
يومها) (1). قوله: (ولا بجب صوم النافلة
بالدخول فيه، وله الافطار في أي وقت شاء،
ويكره بعد الزوال). أما إنه لا يجب بالشروع
فيه فيدل عليه مضافا " إلى الاصل
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 83 / 1، الفقيه 2: 46 / 208، التهذيب 4:
294 / 895، الوسائل 7: 168 ابواب من يصح منه الصوم
ب 29 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 274 ]
والاجماع ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه
السلام: أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان:
(إنه بالخيار إلى زوال الشمس، وإن كان
تطوعا " فإنه إلى الليل بالخيار) (1). وعن عبد
الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (صوم النافلة لك أن تفطر ما
بينك وبين الليل متى شئت، وصوم قضاء
الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا
زالت الشمس فليس لك أن تفطر) (2). وأما كراهة
الافطار فيه بعد الزوال فيدل عليه ما رواه
الشيخ، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله
عليه السلام، عن أبيه عليه السلام: (إن
عليا " عليه السلام قال: الصائم تطوعا "
بالخيار ما بينه وبين نصف النهار، فإن
انتصف النهار فقد وجب الصوم) (3). قال الشيخ
في التهذيب: المراد به أن الاولى إذا كان
بعد الزوال أن يصومه، وقد يطلق على ما
الاولى فعله أنه واجب، وقد بيناه في غير
موضع فيما تقدم، كما تقول: غسل الجمعة
واجب، وصلاة الليل واجبة، ولم ترد به
الفرض الذي يستحق بتركه العقاب، وإنما
المراد به الاولى، فليس ينبغي تركه إلا
لعذر (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 280 / 849، الاستبصار 2: 122 / 396،
الوسائل 7: 9 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 4. (2)
التهذيب 4: 278 / 841، الاستبصار 2: 120 / 389،
الوسائل 7: 10 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 9. (3)
التهذيب 4: 281 / 850، الاستبصار 2: 122 / 397،
الوسائل 7: 11 ابواب وجوب الصوم ب 4 ح 11. (4)
التهذيب 4: 281.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 275 ]
[ والمكروه اربعة: صوم عرفة لمن يضعفه عن
الدعاء ومع الشك في الهلال. وصوم النافلة
في السفر، عدا ثلاثة ايام بالمدينة
للحاجة. ] قوله: (والمكروه أربعة: صوم عرفة
لمن يضعفه عن الدعاء ومع الشك في الهلال).
أما كراهته مع خوف الضعف عن الدعاء فيدل
عليه قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن
مسلم المتقدمة: (وإن خشيت أن تضعف عن ذلك
فلا تصمه) (1) والنهي هنا للكراهة، كما أن
الامر بالصوم مع انتفاء خوف الضعف
للاستحباب. وأما الكراهة مع الشك في
الهلال فيدل عليه قوله عليه السلام في
رواية سدير: (وأكره أن أصومه - يعني يوم
عرفة - اتخوف أن يكون يوم عرفة يوم الاضحى،
وليس بيوم صوم) (2) ومقتضى الرواية تحقق
الكراهة بمجرد حصول الغيم ليلة الثلاثين
من ذي القعدة وإن لم يتحدث الناس بتقدمه،
لكن في السند ضعف (3). قوله: (وصوم النافلة في
السفر، عدا ثلاثة أيام بالمدينة للحاجة).
بل الاصح تحريم صيام النافلة في السفر عدا
هذه الثلاثة الايام كما بيناه فيما سبق (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1، 2) المتقدمتان في ص 266، 267. (3) لان في
طريقها حنان بن سدير، وقال الشيخ انه
واقفي رجال الطوسي: 346. (4) في ص 150.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 276 ]
[ وصوم الضيف نافلة من غير اذن مضيفه،
والاظهر انه لا ينعقد مع النهى. ] قوله:
(وصوم الضيف نافلة من دون إذن مضيفه،
والاظهر أنه لا ينعقد مع النهي). اختلف
الاصحاب في صوم الضيف نافلة من دون إذن
مضيفه، فقال المصنف في هذا الكتاب: إنه
مكروه إلا مع النهي فيفسد. وقال في النافع
والمعتبر: أنه غير صحيح (1). وأطلق العلامة
وجماعة الكراهة (2). وهو المعتمد. لنا: ما
رواه ابن بابويه، عن نشيط بن صالح، عن هشام
بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من فقه
الضيف أن لا يصوم تطوعا " إلا بإذن صاحبه،
ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا "
إلا بإذنه وأمره، ومن صلاح العبد وطاعته
ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا " إلا
بإذن مولاه، ومن بر الولد بأبويه أن لا
يصوم تطوعا " إلا بإذن أبويه وأمرهما، وإلا
كان الضيف جاهلا "، وكانت المرأة عاصية،
وكان العبد فاسقا "، وكان الولد عاقا ") (3).
وعن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها
من أهل دينه حتى يرحل عنهم، ولا ينبغي

للضيف أن يصوم إلا بإذنهم، لئلا يعملوا
شيئا " فيفسد، ولا ينبغي لهم أن يصوموا إلا
بإذن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختصر النافع: 71، والمعتبر 2: 712. (2)
القواعد 1: 68، والتحرير 1: 75. (3) الفقيه 2: 99 /
445، علل الشرائع: 385 / 4، الوسائل 7: 396 ابواب
الصوم المحرم والمكروه ب 10 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 277 ]
[ وكذا يكره صوم الولد من غير اذن والده، ]
الضيف، لئلا يحتشم ويشتهي ويتركه لهم) (1).
والروايتان مع تسليم سندهما لا تدلان على
أزيد من الكراهة، أما الاولى فلان الجهل
يتحقق بفعل المكروه فلا يدل على التحريم،
وأما الثانية فلان لفظ لا ينبغي ظاهر في
الكراهة. ولم نقف للمانعين على حجة يعتد
بها. واستدل عليه في المعتبر (2) بما رواه
الزهري، عن علي بن الحسين عليهما السلام
أنه قال: (وأما صوم الاذن: فالمرأة لا تصوم
تطوعا " إلا بإذن زوجها، والعبد لا يصوم
تطوعا " إلا بإذن مولاه، والضيف لا يصوم
تطوعا " إلا بإذن صاحبه، قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: من نزل على قوم فلا يصوم
تطوعا " إلا بإذنهم) (3) وهذه الرواية ضعيفة
السند جدا (4) فلا تنهض حجة في إثبات
التحريم. قوله: (وكذا يكره صوم الولد من غير
إذن والده). القول بالكراهة مذهب الاكثر،
وقال المصنف في النافع: إنه غير صحيح (5).
وفي الاخبار المتقدمة دلالة عليه، بل
مقتضى رواية
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 99 / 444، علل الشرائع: 384 / 3،
الوسائل 7: 394 ابواب الصوم المحرم والمكروه
ب 9 ح 1. (2) المعتبر 2: 712. (3) الكافي 4: 83 / 1،
الفقيه 2: 46 / 208، التهذيب 4: 294 / 895، الوسائل 7:
268 ابواب بقية الصوم الواجب ب 1 ح 1. (4)
لاشتمال سندها على مجموعة من الضعفاء
كالزهري وسفيان بن عيينة وسليمان بن داود
والقاسم بن محمد الجوهري راجع رجال الكشي
2: 689، ورجال النجاشي: 184، ورجال الطوسي: 101،
358. (5) المختصر النافع: 71.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 278 ]
[ والصوم ندبا لمن دعى إلى طعام. ] هشام بن
الحكم توقفه على إذن الابوين (1)، لكنها
قاصرة من حيث السند عن إثبات ذلك. قوله:
(والصوم ندبا " لمن دعي إلى طعام). إطلاق
العبارة وغيرها يقتضي عدم الفرق في ذلك
بين كون الطعام معمولا " لاجله وعدمه، ولا
في الداعي بين من يشق عليه ترك الاجابة
وغيره، ولا في الدعوة بين أن تقع أول
النهار أو آخره، ولم نقف على رواية تتضمن
النهي عن الصوم والحال هذه، وإنما
المستفاد من الروايات أن الاجابة إلى
الافطار أفضل من الصوم، فمن ذلك ما رواه
الكليني في الصحيح، عن جميل بن دراج قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: (من دخل على
أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه
فيمن عليه، كتب الله له صوم سنة) (2). وعن
صالح بن عقبة، قال: دخلت على جميل بن دراج
وبين يديه خوان عليه غسانية يأكل منها
فقال: ادن فكل، فقلت: إني صائم، فتركني حنى
إذا أكلها فلم يبق منها إلا اليسير عزم علي
إلا أفطرت فقلت له: ألا كان هذا قبل الساعة؟
فقال: (أردت بذلك أدبك، ثم قال: سمعت أبا عبد
الله عليه السلام: (يقول أيما رجل مؤمن دخل
على أخيه وهو صائم فسأله الاكل فلم يخبره
بصيامه ليمن عليه بإفطاره كتب الله جل
ثناؤه له بذلك اليوم صيام سنة) (3). وعن
إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال:
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المتقدمة في 276. (2) الكافي 4: 150 / 3،
الوسائل 7: 109 ابواب آداب الصائم ب 8 ح 4. (3)
الكافي 4: 150 / 4، الوسائل 7: 110 ابواب آداب
الصائم ب 8 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 279 ]
[ والمحظور تسعة: صوم العيدين. وايام
التشريق لمن كان بمنى على الاشهر. ] (إفطارك
لاخيك المؤمن أفضل من صيامك تطوعا ") (1). وعن
علي بن حديد قال، قلت لابي الحسن الماضي
عليه السلام: أدخل على القوم وهم يأكلون
وقد صليت العصر وأنا صائم فيقولون: افطر،
فقال: (افطر فإنه أفضل) (2). قوله: (والمحظور
تسعة: صوم العيدين، وأيام التشريق لمن كان
بمنى على الاشهر). أما تحريم صوم يومي
العيدين فقال المصنف في المعتبر: إن عليه
اتفاق فقهاء الاسلام (3). والنصوص به
مستفيضة (4). وأما تحريم صوم أيام التشريق
فقال في المعتبر: إنه إجماع علمائنا،
واستدل عليه بما رواه الشيخ عن قتيبة
الاعشى، قال، قال أبو عبد الله عليه
السلام: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن صوم ستة أيام: العيدين، وأيام التشريق،
واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان) (5). ثم
قال الشيخ: إنما يحرم على من كان بمنى،
وعليه أكثر الاصحاب، ودل عليه ما رواه
معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله

عليه السلام عن صيام أيام التشريق فقال:
(أما بالامصار فلا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 150 / 1، الوسائل 7: 190 ابواب اداب
الصائم ب 8 ح 3. (2) الكافي 4: 151 / 5، الوسائل 7:
110 ابواب آداب الصائم ب 8 ح 7 وفيه: علي بن
حديد عن عبد الله بن جندب. (3) المعتبر 2: 712.
(4) الوسائل 7: 382 ابواب الصوم المحرم
والمكروه ب 1. (5) التهذيب 4: 183 / 509،
الاستبصار 2: 79 / 241، الوسائل 7: 383 ابواب
الصوم المحرم والمكروه ب 1 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 280 ]
بأس به، وأما بمنى فلا) (1) والعمل بهذه
أولى من الاخبار المطلقة، لانها ليست على
حد اليقين، فيؤخذ بما وقع الاتفاق عليه،
وتمسكا " فيما عداه بالاصل (2). هذا كلامه
رحمه الله وهو جيد، لان الرواية المفصلة
صحيحة السند، والمفصل يحكم على المطلق.
وخص العلامة في القواعد التحريم بمن كان
بمنى ناسكا (3). وإطلاق الرواية يدفعه. إذا
عرفت ذلك فاعلم أن قول المصنف: على الاشهر،
يمكن تعلقه بمن كان بمنى، ويكون في مقابل
الاشهر: تحريم صومها مطلقا ". وربما كان في
كلام المعتبر إشعار به، حيث عزى اعتبار
ذلك إلى الشيخ وأكثر الاصحاب. ويمكن أن
يكون إشارة إلى ما ذكره الشيخ - رحمه الله -
من أن القاتل في الاشهر الحرم يجب عليه صوم
شهرين (4) من أشهر الحرم وإن دخل فيهما العيد
وأيام التشريق (5). وربما ظهر ذلك من عبارة
النافع حيث قال بعد أن حكم بتحريم صوم هذه
الايام: وقيل القاتل في أشهر الحرم يصوم
شهرين منها وإن دخل فيهما العيد وأيام
التشريق، لرواية زرارة (6)، والمشهور عموم
المنع (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 297 / 897، الاستبصار 2: 132 / 429،
الوسائل 7: 385 ابواب الصوم المحرم والمكروه
ب 2 ح 1. (2) المعتبر 2: 713. (3) القواعد 1: 68. (4) في
(م) و (ح) زيادة: متتابعين، وهو الموافق
للمصدر. (5) التهذيب 4: 297. (6) الكافي 4: 139 / 8،
التهذيب 4: 297 / 896، الوسائل 7: 278 ابواب بقية
الصوم الواجب ب 8 ح 1. (7) ذكره في المختصر
النافع: 71.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 281 ]
[ وصوم يوم الثلاثين من شعبان بنية الفرض.
وصوم نذر المعصية، ] وذكر الشارح - قدس سره -
أنه يمكن أن يعود إلى ما دل عليه إطلاق
تحريم صوم هذه الايام لمن كان بمنى، فيكون
إشارة إلى خلاف من خص التحريم بالناسك (1).
وروى الشيخ في الصحيح، عن زياد بن أبي
الحلال قال، قال لنا أبو عبد الله عليه
السلام: (لا صيام بعد الاضحى ثلاثة أيام،
ولا بعد الفطر ثلاثة أيام، لانها أيام أكل
وشرب) (2) وأقل مراتب ذلك الكراهة، ومن ذلك
يظهر أن ما ذكره الشيخ (3) وأتباعه (4) من
استحباب صوم ستة أيام بعد الفطر تعويلا "
على رواية ضعيفة وردت بذلك من طريق
الجمهور، غير جيد. قوله: (وصوم يوم
الثلاثين من شعبان بنية الفرض). أي الفرض
المعهود، وهو صوم رمضان، وإنما كان محرما "
لورود النهي عنه، ولان صومه على هذا الوجه
تشريع محرم. قوله: (وصوم نذر المعصية). وهو
أن ينذر الصوم إن تمكن من المعصية
الفلانية، ويقصد الشكر على تيسيرها، لا
الزجر عنها. ولاريب في عدم انعقاد هذا
النذر، وتحريم الصوم على هذا الوجه، لان
الصوم يفتقر إلى القربة، وهذا مما لا يمكن
التقرب به.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 81. (2) التهذيب 4: 330 / 1031،
الوسائل 7: 387 ابواب الصوم المحرم والمكروه
ب 3 ح 1. (3) النهاية: 169. (4) كسلار في المراسم:
95.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 282 ]
[ وصوم الصمت. وصوم الوصال، وهوان ينوى صوم
يوم وليلة إلى السحر، وقيل: هوان يصوم
يومين مع ليلة بينهما. ] قوله: (وصوم الصمت).
وهو أن ينوي الصوم ساكتا "، وقد أجمع
الاصحاب على تحريمه، لانه غير مشروع في
ملة الاسلام فيكون بدعة، ولقول علي بن
الحسين عليهما السلام في رواية الزهري:
(وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام) (1)
وظاهر الاصحاب أن الصوم على هذا الوجه يقع
فاسدا " لمكان (2) النهي، ويحتمل الصحة،
لصدق الامتثال بالامساك عن المفطرات مع
النية، وتوجه النهي إلى الصمت المنوي
ونيته، وهو خارج عن حقيقة العبادة. قوله:
(وصوم الوصال، وهو أن ينوي صوم يوم وليلة
إلى السحر، وقيل: هو أن يصوم يومين مع ليلة
بينهما). أجمع الاصحاب على تحريم صوم
الوصال، لانه تشريع محرم، وللنهي عنه في
رواية الزهري المتقدمة. واختلفت الرواية
عن أبي عبد الله عليه السلام في حقيقته،
فروى الكليني في الصحيح، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (الوصال في
الصيام أن يجعل عشاءه سحوره) (3). وفي الصحيح
عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 46 / 208، التهذيب 4: 294 / 895،
الوسائل 7: 382 ابواب الصوم المحرم والمكروه
ب 1 ح 1. (2) في (م): بإمكان. (3) الكافي 4: 95 / 2،
الوسائل 7: 388 ابواب الصوم المحرم والمكروه
ب 4 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 283 ]
[ وان تصوم المرأة ندبا بغير اذن زوجها أو
مع نهيه لها. ] عليه السلام، قال: (المواصل
في الصيام يصوم يوما " وليلة ويفطر في
السحر) (1) وبمضمون هاتين الروايتين أفتى
الشيخ في النهاية (2) وأكثر الاصحاب. وفي
رواية محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد
الله عليه السلام، أنه قال: (وإنما قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: لا وصال في صيام،
يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير
إفطار) (3) وبمضمونها أفتى الشيخ في
الاقتصاد (4) وابن إدريس (5). قال في المعتبر:
ولعل هذا أولى (6). وكأن وجهه الاقتصار فيما
خالف الاصل على موضع الوفاق، لكن الرواية
بذلك ضعيفة جدا "، فكان المصير إلى الاول
متعينا "، لصحة مستنده. وإنما يحرم تأخير
العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا " من
الصوم، أما لو أخره الصائم بغير نية فإنه
لا يحرم فيما قطع به الاصحاب، والاحتياط
يقتضي اجتناب ذلك، إذ المستفاد من الرواية
تحقق الوصال بجعل العشاء سحورا " مطلقا ".
والكلام في بطلان الصوم هنا كما سبق في صوم
الصمت. قوله: (وأن تصوم المرأة ندبا " بغير
إذن زوجها أو مع نهيه).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 96 / 3، الوسائل 7: 389 ابواب الصوم
المحرم والمكروه ب 4 ح 9. (2) النهاية: 170. (3)
الكافي 4: 92 / 5، التهذيب 4: 307 / 927، الاستبصار
2: 138 / 452، الوسائل 7: 368 ابواب الصوم المندوب
ب 29 ح 3. (4) الاقتصاد: 293. (5) السرائر: 97. (6)
المعتبر 2: 714.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 284 ]
[ وكذا المملوك. وصوم الواجب سفرا، عدا ما
استثنى. النظر الثالث: في اللواحق، وفيه
مسائل: الاولى: المرض الذى يجب معه الافطار
ما يخاف به الزيادة ] هذا موضع وفاق بين
العلماء، قاله في المعتبر (1)، وتدل عليه
روايات، منها ما رواه الشيخ في الصحيح، عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام،
قال: (قال النبي صلى الله عليه وآله: ليس
للمرأة أن تصوم تطوعا " إلا بإذن زوجها) (2).
وإطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضي عدم
الفرق في الزوجة بين الدائم والمستمتع
بها، ولا في الزوج بين الحاضر والغائب،
واشترط الشافعي حضوره، وإطلاق النصوص
يدفعه. قوله: (وكذا المملوك). أي: لا يصح
صومه ندبا " بغير إذن مولاه. وهذا الحكم
إجماعي، منصوص في عدة روايات (3). ولافرق في
ذلك بين أن يكون المولى حاضرا " أو غائبا "،
ولا بين أن يضعف المملوك عن حق مولاه
وعدمه. قوله: (وصوم الواجب سفرا " عدا ما
استثني). المستثنى ثلاثة ": المنذور سفرا "
وحضرا "، والثلاثة في بدل الهدي،
والثمانية عشر في بدل البدنة. قوله:
(الاولى، المرض الذي يجب معه الافطار ما
يخاف به
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 712. (2) لم نعثر عليها في كتب
الشيخ، وهي موجودة في: الكافي 4: 152 / 4،
والوسائل 7: 393 ابواب الصوم المحرم
والمكروه ب 8 ح 1. (3) الوسائل 7: 395 ابواب
الصوم المحرم والمكروه ب 10.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 285 ]
[ بالصوم. ويبنى في ذلك على ما يعلمه من
نفسه أو يظنه لامارة، كقول عارف، ولو صام
مع تحقق الضرر متكلفا قضاه. الثانية:
المسافر إذا اجتمعت فيه شرائط القصر وجب،
ولو صام عالما بوجوبه قضاه، وان كان جاهلا
لم يقض. الثالثة: الشرائط المعتبرة في قصر
الصلاة معتبرة في قصر الصوم، ] الزيادة
بالصوم، ويبني في ذلك على ما يعلمه من نفسه
أو يظنه لامارة، كقول عارف). تتحقق الزيادة
بزيادة المرض، أو زيادة مدته، أو زيادة
مشقته، والمرجع في ذلك كله إلى الظن
المستند إلى أمارة، أو تجربة. أو قول من
يفيد قوله الظن، وإن كان فاسقا " أو كافرا ".
والوجه في ذلك كله إطلاق الاية الشريفة
والاخبار الكثيرة، وقد تقدم الكلام في
ذلك. قوله: (ولو صام مع تحقق الضرر متكلفا "
قضاه). المراد أنه لو صام مع حصول (1) الضرر
ولو ظنا " كان صومه فاسدا " ووجب عليه
قضاؤه، لقوله تعالى: (فعدة من أيام أخر) (2)
ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل. قوله:
(الثانية، المسافر إذا اجتمعت فيه شرائط
القصر وجب، ولو صام عالما " بوجوبه قضاه،
وإن كان جاهلا " لم يقض). هذان الحكمان
إجماعيان منصوصان في عدة روايات، وقد تقدم
الكلام فيهما مستوفى. قوله: (الثالثة،
الشرائط المعتبرة في قصر الصلاة معتبرة في
قصر
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) في (ض): تحقق. (2) البقرة: 184.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 286 ]
[ ويزيد على ذلك تبييت النية، وقيل: لا
يعتبر، بل يكفى خروجه قبل الزوال، وقيل: لا
يعتبر ايضا، بل يجب القصر ولو خرج قبل
الغروب، والاول اشبه. ] الصوم، ويزيد على
ذلك تبييت الينية، وقيل: لا يعتبر، بل يكفي
خروجه قبل الزوال، وقيل: لا يعتبر أيضا "،
بل يجب القصر ولو خرج قبل الغروب، والاول
أشبه). اختلف الاصحاب في هذه المسألة، فذهب
السيد المرتضى رضي الله عنه (1)، وعلي بن
بابويه (2)، والحسن بن أبي عقيل (3)، وابن
إدريس (4) إلى أن شرائط قصر الصلاة والصوم
واحدة، فمن سافر في جزء من أجزاء النهار
أفطر وإن خر قبل الغروب. وقال المفيد رحمه
الله: المسافر إن خرج من منزله قبل الزوال
وجب عليه الافطار والقصر في الصلاة، وإن
خرج بعد الزوال وجب عليه التمام في الصيام
والقصر في الصلاة (5). وهو اختيار ابن
الجنيد (6) وأبي الصلاح، إلا أن أبا الصلاح
أوجب الامساك مع الخروج بعد الزوال
والقضاء (7). وقال الشيخ في النهاية: إذا خرج
الرجل إلى السفر بعد طلوع الفجر أي وقت كان
من النهار وكان قد بيت نيته من الليل للسفر
وجب عليه الافطار، وإن لم يكن قد بيت نيته
من الليل ثم خرج بعد طلوع
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) جمل العلم والعمل: 91. (2، 3) حكاه عنهما في
المختلف: 230. (4) السرائر: 89. (5) حكاه عنه في
السرائر: 89، والمختلف: 230. (6) حكاه عنه في
المختلف: 230. (7) الكافي في الفقه: 182.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 287 ]
الفجر كان عليه إتمام ذلك اليوم، وليس
عليه قضاؤه. ثم قال: ومتى بيت نيته للسفر من
الليل ولم يتفق له الخروج إلا بعد الزوال
كان عليه أن يمسك بقية النهار وعليه
القضاء (1). وهذا يدل على اعتبار تبييت
النية والخروج قبل الزوال في جواز
الافطار. وقال في كتابي الاخبار: إنه إذا
بيت النية وخرج قبل الزوال وجب عليه
الافطار، وإن خرج بعد الزوال استحب له
إتمام الصوم وجاز له الافطار، وإن لم يكن
قد نوى السفر من الليل فلا يجوز له الافطار
على وجه (2). والمعتمد ما اختاره المفيد رحمه
الله. لنا: ما رواه ابن بابويه في الصحيح،
والشيخ في الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبد
الله عليه السلام: إنه سئل عن الرجل يخرج
من بيته يريد السفر وهو صائم قال، فقال: (إن
خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض
ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه)
وهي نص في المطلوب. وفي الصحيح عن العلاء،
عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا سافر الرجل في شهر رمضان
فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم
ويعتد به من شهر رمضان) وهي دالة بمنطوقها
على وجوب الصوم مع السفر بعد الزوال،
وبمفهومها على انتفاء الحكم قبله.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النهاية: 161. (2) التهذيب 4: 229، والاستبصار
2: 100 99. (3) الفقيه 2: 92 / 412، التهذيب 4: 228 / 671،
الاستبصار 2: 99 / 321، الوسائل 7: 131 ابواب من
يصح منه الصوم ب 5 ح 2. (4) الفقيه 2: / 413،
التهذيب 4: 229 / 672، الاستبصار 2: 99 / 322،
الوسائل 7: 131 ابواب من يصح منه الصوم 5 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 288 ]
وما رواه الكليني في الحسن، عن عبيد بن
زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام: في
الرجل يسافر في شهر رمضان، يصوم أو يفطر؟
قال: (إن خرج قبل الزوال فليفطر، وإن خرج
بعد الزوال فليصم) (1). وفي الموثق عن عبيد
بن زرارة أيضا "، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: (إذا خرج الرجل في شهر رمضان
بعد الزوال أتم الصيام، فإذا خرج قبل
الزوال أفطر) (2). احتج القائلون بوجوب
التقصير مطلقا " بعموم قوله تعالى: (فمن كان
منكم مريضا " أو على سفر فعدة من أيام أخر) (3)
وهو يصدق على من خرج قبل الغروب بشئ يسير
فيجب عليه الافطار، وما رواه الشيخ، عن
عبد الاعلى مولى آل سام: في الرجل يريد
السفر في شهر رمضان، قال: (يفطر وإن خرج قبل
أن تغيب الشمس بقليل) (4). والجواب أما عن
الاية الشريفة فبأنها مطلقة وأخبارنا
مفصلة، فكان العمل بها أولى، مع أن بعض
المفسرين ذكر أن في العدول من قوله:
مسافرين، إلى قوله: على سفر، إيماء إلى أن
من سافر في بعض اليوم لم يفطر، لان لفظ على
يدل على الاستعلاء والاستيلاء، فيكون
المراد إن كنتم على سفر يعتد به ويعد سفرا
". وأما الرواية فضعيفة السند جدا " كما
اعترف به الشيخ في
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 131 / 3، الوسائل 7: 132 ابواب من
يصح منه الصوم ب 5 ح 3. (2) الكافي 4: 131 / 2،
الوسائل 7: ابواب من يصح منه الصوم ب 5 ح 4. (3)
البقرة: 184. (4) التهذيب 4: 229 / 674، الاستبصار 2:
99 / 324، الوسائل 7: 134 ابواب من يصح منه الصوم
ب 5 ح 14.

[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 289 ]
التهذيب (1)، ثم حملها على من خرج بعد تبييت
النية، وسيأتي ما فيه. احتج الشيخ - رحمه
الله - على اعتبار تبييت النية بما رواه عن
سليمان بن جعفر المروزي، قال: سألت أبا
الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل ينوي
السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعدما
يصبح، قال: (إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه
صيام ذلك اليوم إلا أن يدلج دلجة (2)) (3). وعن
علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى عليه
السلام: في الرجل يسافر في شهر رمضان،
أيفطر في منزله؟ قال: إذا حدث نفسه في
الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله، وإن
لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر
من يومه أتم صومه) (4). وعن صفوان بن يحيى،
عمن رواه، عن أبي بصير، قال: (إذا خرجت بعد
طلوع الفجر ولم تنو السفر من الليل فاتم
الصوم واعتد به من رمضان) (5). والجواب أن
هذه الروايات كلها ضعيفة السند (6) فلا
تعارض
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 229. قال: فاول ما فيه انه موقوف
غير مسند إلى احد من الائمة عليهم السلام.
ونضيف ان راويها مجهول، وفي طريقها بعض
الفطحية. (2) الدلجة: السير من اخر الليل
الصحاح 1: 315. (3) التهذيب 4: 227 / 667، الاستبصار
2: 98 / 317، الواسئل 7: 132 ابواب من يصح منه
الصوم ب 5 ح 6، وفيها: سليمان بن جعفر
الجعفري. (4) التهذيب 4: 228 / 669، الاستبصار 2: 98
/ 319، الوسائل 7: 133 ابواب من يصح منه الصوم ب 5
ح 10. (5) التهذيب 4: 288 / 670، الاستبصار 2: 98 / 320،
الوسائل 7: 133 ابواب من يصح منه الصوم ب 5 ح 12.
(6) اما الاولى فبجهالة راويها ووقوع علي بن
احمد بن اشيم في طريقها وهو مجهول ايضا.
واما =
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 290 ]
الاخبار الصحيحة، مع إمكان تأويلها بما
يوافق الاخبار المتقدمة. واستدل المصنف في
المعتبر على هذا القول أيضا " بأن من عزم
على السفر من الليل لم ينو الصوم فلا يكون
صومه تاما "، قال: ولو قيل يلزم على ذلك لو
لم يخرج أن يقضيه التزمنا ذلك فإنه صامه من
غير نية، إلا أن يجدد ذلك قبل الزوال (1). وهو
استدلال ضعيف، فإنا نمنع منافاة العزم على
السفر لنية الصوم، كما لا ينافيه احتمال
طروء المسقط من الحيض ونحوه، إذ الذي ينوي
الواجب من الصوم وغيره فإنما ينويه مع
بقائه على شرائط التكليف، وقبل تحقق السفر
الموجب للقصر يجب الصوم قطعا "، إذ من
الممكن عدم السفر، وإن حصل العزم عليه
فتجب نيته على هذا الوجه كما هو واضح.
واعلم أن العلامة - رحمه الله - قال في
المختلف في آخر كلامه: وأعلم أنه ليس بعيدا
" من الصواب تخير المسافر بين القصر
والاتمام إذا خرج بعد الزوال، لرواية
رفاعة بن موسى الصحيحة، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يريد السفر في
شهر رمضان، قال: (إذا أصبح في بلدة ثم خرج
فإن شاء صام وإن شاء أفطر) (2) وإنما قيدنا
ذلك بالخروج بعد الزوال جمعا " بين الاخبار
(3). وأقول: إن هذا الحمل بعيد جدا "، نعم لو
قيل بالتخيير مطلقا " كما هو ظاهر الرواية
لم يكن بعيدا، وبذلك يحصل الجمع بين
الاخبار
[IMAGE: 0x01 graphic]
= الثانية فلان في طريقها علي بن الحسن بن
فضال وهو فطحي. واما الثالثة فبالارسال
واشتراك راويها بين الضعيف والثقة. (1)
المعتبر 2: 716. (2) التهذيب 4: 327 / 1019، الوسائل
7: 132 ابواب من يصح منه الصوم ب 5 ح 7. (3)
المختلف: 232.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 291 ]
[ وكل سفر يجب قصر الصلاة فيه يجب قصر
الصوم، وبالعكس، الا لصيد التجارة على
قول. ] قوله: (وكل سفر يجب قصر الصلاة فيه
يجب قصر الصوم، وبالعكس، إلا لصيد التجارة
على قول). القول للشيخ في النهاية
والمبسوط، فإنه ذهب فيهما إلى أن من سافر
طلبا " للصيد للتجارة يقصر صومه ويتم صلاته
(1). قال في المعتبر: ونحن نطالبه بدلالة
الفرق، ونقول: إن كان مباحا " قصر فيهما،
وإلا أتم فيهما (2). ويدل على التلازم بين
قصر الصوم والصلاة صريحا " قول الصادق عليه
السلام في صحيحة معاوية بن وهب: (هما واحد،
إذا قصرت أفطرت، وإذا أفطرت قصرت) (3). قال
الشارح قدس سره: ويستثنى من الكلية
الثانية السفر في مواضع التخيير الاربعة،
فإن قصر الصلاة فيها غير متعين بخلاف
الصوم، ويمكن تكلف العناء عن الاستثناء
بالتزام كون قصر الصلاة في هذه الاربعة
واجبا " تخييريا " بينه وبين التمام، لان
الواجب وهو الصلاة لا يتأدى إلا بأحدهما،
فيكون كل واحد منهما موصوفا " بالوجوب،
كالجهر والاخفات في بسمالة القراءة
الواجبة الاخفاتية. قال: ولا يجوز أن يحمل
العكس المذكور على الاصطلاحي، وهو العكس
المستوي لتكون القضية فيه جزئية، لان

المعكوس موجبة كلية فلا ينافيه خروج بعض
الافراد، لان الاستثناء الذي بعده يدل على
كلية العكس، لانه استثناء
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النهاية: 122، والمبسوط 1: 136. (2) المعتبر 2:
471. (3) الفقيه 1: 280 / 1270، التهذيب 3: 220 / 551،
الوسائل 7: 130 ابواب من يصح منه الصوم ب 4 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 292 ]
[ الرابع: الذين يلزمهم اتمام الصلاة سفرا
يلزمهم الصوم، وهم الذين سفرهم اكثر من
حضرهم، ما لم يحصل لاحدهم اقامة عشرة ايام
في بلده أو غيره، وقيل: يلزمهم الاتمام
مطلقا عدا المكارى. الخامسة: لا يفطر
المسافر حتى يتوارى عنه جدران بلده أو
يخفى عليه اذان، فلو افطر قبل ذلك كان عليه
مع القضاء الكفارة. ] منه، والاستثناء
إخراج ما لولاه لدخل، فتعين إرادة العكس
اللغوي (1). انتهى كلامه رحمه الله قال وهو
جيد. قوله: (الرابعة، الذين يلزمهم إتمام
الصلاة سفرا " يلزمهم الصوم، وهم الذين
سفرهم أكثر من حضرهم، ما لم يحصل لاحدهم
إقامة عشرة في بلده أو غيره، وقيل: يلزمهم
الاتمام مطلقا " عدا المكاري). هذا القول لم
نظفر بقائله، قال بعض شراح النافع: ولعل
المصنف سمعه من معاصر له في غير كتاب مصنف
(2). والاقرب تساوي الجميع في الحكم، وقد
تقدم الكلام في ذلك في كتاب الصلاة مستوفى.
قوله: (الخامسة، لا يفطر المسافر حتى
تتوارى عنه جدران بلده أو يخفى عليه
أذانه، فلو أفطر قبل ذلك كان عليه مع
القضاء الكفارة). لا إشكال في ثبوت الكفارة
مع العلم بتحريم الافطار قبل الخفاء،
لافساده صوما " واجبا " من شهر رمضان، وإنما
الكلام في سقوطها بعد الخفاء، ووجوب
الافطار، وقد تقدم أن الاقوى عدم السقوط،
خصوصا " إذا كان السفر اختياريا ". ولو كان
جاهلا " بالحكم فالاصح أنه لا شئ عليه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 81. (2) كابن فهد في المهذب
البارع: 488.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 293 ]
[ السادسة: الهم والكبيرة وذو العطاش
يفطرون في رمضان، ويتصدقون عن كل يوم
بمدمن طعام. ثم ان امكن القضاء وجب والا
سقط. وقيل: ان عجز الشيخ والشيخة سقط
التكفير كما يسقط الصوم. وان اطاقا بمشقة
كفرا، والاول اظهر. ] سوى القضاء، وقد تقدم
الكلام في ذلك أيضا ". قوله: (السادسة، الهم
والكبيرة وذو العطاش يفطرون في رمضان
ويتصدقون عن كل يوم يمد من طعام، ثم إن
أمكن القضاء وجب وإلا سقط، وقيل: إن عجز
الشيخ والشيخة سقط التكفير كما يسقط
الصوم، وإن أطاقا بمشقة كفرا، والاول
أظهر). تضمنت هذه العبارة مسألتين،
إحداهما: إن الهم - والمراد به الشيخ
الكبير كما هو مورد النص - والعجوز الكبيرة
إذا عجزا عن الصوم أو أطاقاه بمشقة شديدة
يفطران ويتصدقان عن كل يوم بمد من طعام،
وإلى ذلك ذهب الشيخ (1) وجماعة (2)، لكنه أوجب
في النهاية التصدق بمدين، فإن لم يمكن فبمد
(3). وقال المفيد (4) والمرتضى (5): إن عجزا عن
الصوم سقطت عنهما الكفارة أيضا " كما يسقط
الصيام، وإن أطاقاه بمشقة شديدة وجبت
واختاره العلامة في المختلف (6) والشارح
قدس سره (7). والمعتمد الاول.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الاستبصار 2: 104. (2) منهم الصدوق في
المقنع: 61، والعلامة في المنتهى 2: 618. (3)
النهاية: 159. (4) المقنعة: 56. (5) الانتصار: 67،
وجمل العلم والعمل: 92. (6) المختلف: 245. (7)
المسالك 1: 81.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 294 ]
لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن
مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول: (الشيخ الكبير والذي به العطاش لا
حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق
كل واحد في كل يوم بمد من طعام، ولا قضاء
عليهما، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما) (1).
وفي الصحيح عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي،
قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الشيخ
الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن
الصوم في شهر رمضان، قال: (يتصدق عن كل يوم
بمد من حنطة) (2). وفي الصحيح عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن
رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال:
(يتصدق بما يجزي عنه، طعام مسكين لكل يوم)
(3). ومقتضى هذه الروايات اجزاء التصدق
بالمد. ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ، عن
محمد بن مسلم، قال: سمعت ابا عبد الله عليه
السلام، وذكر الحديث إلا أنه قال: (ويتصدق
كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام) (4)
لانا نجيب عنه بالحمل على الاستحباب كما
ذكره الشيخ في الاستبصار (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 116 / 2، التهذيب 4: 238 / 697،
الاستبصار 2: 104 / 338، الوسائل 7: 149 ابواب من
يصح منه الصوم ب 15 ح 1. (2) الفقيه: 85 / 379،

التهذيب 4: 238 / 696، الاستبصار 2: 103 / 337،
الوسائل 7: 150 ابواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 4.
(3) التهذيب 4: 237 / 694، الاستبصار 2: 103 / 336،
الوسائل 7: 151 ابواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 9.
(4) التهذيب 4: 238 / 698، الاستبصار 2: 104 / 339،
الوسائل 7: 150 ابواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 2.
(5) الاستبصار 2: 104.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 295 ]
وقال الشيخ في التهذيب: إن هذا الخبر ليس
بمضاد للاحاديث التي تضمنت مذا " من طعام
أو إطعام مسكين، لان هذا الحكم يختلف بحسب
اختلاف أحوال المكلفين، فمن أطاق إطعام
مدين يلزمه ذلك، ومن لم يطق إلا إطعام مد
فعليه ذلك، ومن لم يقدر على شئ منه فليس
عليه شئ حسب ما قدمناه (1). وما ذكره - رحمه
الله - نوع من الجمع، إلا أن الاول أقرب.
ولم نقف للمفيد وأتباعه على رواية تدل على
ما ذكروه من التفصيل، وقد اعترف بذلك
الشيخ في التهذيب، فقال بعد أن أورد عبارة
المفيد هذا الذي فصل به بين من يطيق الصيام
بمشقة وبين من لم يطقه أصلا " لم أجد به
حديثا " مفصلا "، والاحاديث كلها على أنه
متى عجزا كفرا عنه، والذي حمله على هذا
التفصيل هو أنه ذهب إلى أن الكفارة فرع على
وجوب الصوم، ومن ضعف عن الصيام ضعفا " لا
يقدر عليه جملة فإنه يسقط عنه وجوبه جملة،
لانه لا يحسن تكليفه بالصيام وحاله هذه،
وقد قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا "
إلا وسعها) (2). قال: وهذا ليس بصحيح، لان
وجوب الكفارة ليس بمبني على وجوب الصوم،
إذ لا يمتنع أن يقول الله تعالى: متى لم
تطيقوا الصوم صارت مصلحتكم في الكفارة،
وسقط وجوب الصوم عنكم، وليس لاحدهما تعلق
بالاخر (3). هذا كلامه رحمه الله وهو جيد،
لكن ما وجه به كلام المفيد لا وجه له، فإن
التكليف بالصيام كما يسقط مع العجز عنه
لاناطة التكليف بالوسع، كذا يسقط مع
المشقة الشديدة لان العسير غير
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 238. (2) البقرة: 286. (3) التهذيب 4:
237.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 296 ]
مراد لله تعالى، وأيضا " فإنه لا خلاف في
جواز الافطار مع المشقة الشديدة، وإنما
الكلام في وجوب التكفير معه كما هو واضح.
واستدل العلامة في المختلف على هذا
التفصيل بقوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه
فدية طعام مسكين) (1) قال: فإنه يدل بمفهومه
على سقوط الفدية عن الذين لا يطيقونه،
وبأصالة البراءة من وجوب التكفير مع
العجز، ومنع دلالة الروايات على الوجوب،
أما رواية ابن مسلم فلاقتضائها نفي الحرج
عليهما عن الافطار، وفي الحرج يفهم منه
ثبوت التكليف، وإنما يتم مع القدرة، وأما
روايتا الحلبي وعبد الملك الهاشمي فلان
موردهما من ضعف عن الصوم، والضعف لا
يستلزم العجز (2). ويتوجه عليه أن الاية
الشريفة غير محمولة على ظاهرها، بل إما
منسوخة كما هو قول بعض المفسرين (3)، أو
محمولة على أن المراد: وعلى الذين كانوا
يطيقونه ثم عجزوا عنه، كما هو مروي في
أخبارنا (4). وأما الروايات فهي بإطلاقها
متناولة للحالين، فإن الضعف عن الصوم
يتحقق بالعحز عنه وبالمشقة اللازمة منه،
وكذا نفي الحرج يتحقق مع الوصفين.
وبالجملة فالاحاديث مطلقة فيجب حملها على
إطلاقها. ومقتضى العبارة وجوب القضاء
عليهما مع التمكن كما في ذي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) البقرة: 184. (2) المختلف: 244. (3) منهم الشيخ
في التبيان 2: 118، والرازي في التفسير
الكبير 5: 86. (4) الوسائل 7: 149 ابواب من يصح
منه الصوم ب 15.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 297 ]
العطاش، وهو مشكل، لاطلاق الرواية
المتضمنة للسقوط. الثانية: إن ذي العطاش -
وهو بالضم داء لا يروى صاحبه - يجوز له
الافطار إذا شق عليه الصوم، ويجب عليه
التكفير عن كل يوم بمد والقضاء مع البرء.
أما جواز الافطار فلان التكليف منوط
بالوسع، فيسقط مع العجز، وكذا مع المشقة
الشديدة، لان العسر غير مراد لله تعالى.
وأما وجوب التكفير فلقوله عليه السلام في
صحيحة ابن مسلم: (ويتصدق كل واحد - يعني
الشيخ الكبير والذي به العطاش - عن كل يوم
بمد من طعام) (1). وأما وجوب القضاء بعد
البرء فاستدل عليه بأنه أفطر للمرض فيجب
عليه القضاء، لقوله تعالى: (فعدة من أيام
أخر) ويشكل بأن مقتضى الرواية سقوط القضاء
مطلقا "، حيث قال فيها: (ولا قضاء عليهما).
وفي المسألة قولان آخران، أحدهما: إن
العطاش إذا كان مرجو الزوال يجب على صاحبه
القضاء بعد البرء ولا كفارة، اختاره
العلامة في جملة من كتبه، لانه مريض فلا
تجب عليه الكفارة مع القضاء كغيره (2).
وثانيهما: إن العطاش إذا كان غير مرجو
الزوال لم تجب الكفارة ولا القضاء لو برأ

على خلاف الغالب، اختاره المحقق الشيخ علي
رحمه
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 238 / 697، الاستبصار 2: 104 / 338،
الوسائل 7: 149 ابواب من يصح منه الصوم ب 15 ح 1.
(2) المنتهى 2: 619، والمختلف: 245.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 298 ]
[ السابعة: الحامل المقرب والمرضع القليلة
اللبن يجوز لهما الافطار في رمضان،
وتقضيان مع الصدقة عن كل يوم بمد من طعام. ]
الله (1)، وقبله سلار من المتقدمين (2)، وهما
مدفوعان بالرواية المتضمنة لوجوب التكفير
مطلقا ". وهل يجب على ذي العطاش الاقتصار من
الشرب على ما تندفع به الضرورة أم يجوز له
التملي من الشراب وغيره؟ قيل بالاول (3)
لرواية عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام:
في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه،
قال: (يشرب بقدر ما يمسك به رمقه، ولا يشرب
حتى يروى) (4). وقيل بالثاني، وهو خيرة
الاكثر، لاطلاق قوله عليه السلام: (الشيخ
الكبير والذي به العطاش يفطران) (5) ولا ريب
أن الاول أحوط. قوله: (السابعة، الحامل
المقرب والمرضع القليلة اللبن يجوز لهما
الافطار في رمضان، وتقضيان مع الصدقة عن
كل يوم بمد من طعام). إطلاق العبارة يقتضي
عدم الفرق في ذلك بين أن تخاف الحامل
والمرضع على أنفسهما وعلى الولد، وبهذا
التعميم صرح المصنف في المعتبر (6)، واستدل
بما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح، عن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) جامع المقاصد 1: 154. (2) المراسم: 97. (3) كما
في جامع المقاصد 1: 154، والمسالك 1: 81. (4)
الكافي 4: 117 / 6، الفقيه 2: 84 / 376، التهذيب 4: 240
/ 702 و 326 / 1011، الوسائل 7: 152 ابواب من يصح منه
الصوم ب 16 ح 1. (5) التهذيب 4: 238 / 697،
الاستبصار 2: 104 / 338، الوسائل 7: 149 ابواب من
يصح منه الصوم ب 15 ح 1. (6) المعتبر 2: 718.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 299 ]
محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول: (الحامل المقرب، والمرضع
القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطار في
شهر رمضان، لانهما لا تطيقان الصوم،
وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم
تفطران فيه بمد من طعام، وعليهما قضاء كل
يوم أفطرا فيه، تقضيانه بعد) (1). ثم نقل عن
الشافعي قولا " بأنهما إذا خافتا على
أنفسهما أفطرتا وقضتا ولا كفارة، ثم قال
رحمه الله: وما ذكره لا وجه له مع وجود
الاحاديث المطلقة (2). وهو كذلك. ومن العجب
أن الشارح - قدس سره - جعل هذا التفصيل هو
المشهور (3)، مع أنا لم نقف على مصرح به سوى
المحقق الشيخ فخر الدين (4) وبعض من تأخر
عنه (5)، لكن عبارة التذكرة والمنتهى توهم
ذلك، فإنه قال في التذكرة في أول كلامه:
الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن إذا
خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء
بلا خلاف بين علماء الاسلام، ولا كفارة
عليهما. لكنه قال في آخر كلامه: إذا عرفت
هذا فالصدقة بما تضمنته الرواية واجبة (6).
وأشار بذلك إلى رواية ابن مسلم المتقدمة،
ونحوه قال في المنتهى (7).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 84 / 378، التهذيب 4: 239 / 701،
الوسائل 7: 153 ابواب من يصح منه الصوم ب 17 ح 1.
(2) المعتبر 2: 719. (3) المسالك 1: 82. (4) ايضاح
الفوائد 1: 235. (5) كالكركي في جامع المقاصد 1:
154. (6) التذكرة 1: 281. (7) المنتهى 2: 619.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 300 ]
[ الثامنة: من نام في رمضان واستمر نومه،
فان كان نوى الصوم فلا قضاء عليه، وان لم
ينو فعليه القضاء، والمجنون والمغمى عليه
لا يجب على احدهما القضاء، سواء عرض ذلك
اياما أو بعض يوم، وسواء سبقت منهما نية أو
لم تسبق، وسواء عولج بما يفطر أو لم يعالج،
على الاشبه. ] وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا
التفصيل، لاطلاق الرواية، بل ربما كان
الظاهر من قوله: (لانهما لا تطيقان الصوم)
تحقق الخوف على النفس. واعلم أن إطلاق النص
وكلام الاصحاب يقتضي عدم الفرق في المرضع
بين الام وغيرها، ولا بين المتبرعة
والمستأجرة، إذا لم يقم غيرها مقامها، أما
لو قام غيرها مقامها بحبث لا يحصل على
الطفل ضرر فالاجود عدم جواز الافطار،
لانتفاء الضرورة المسوغة له. والفدية من
مال المرأة وإن كان لها زوج. والمراد
بالطعام في جميع هذه المسائل: ما هو الواجب
في الكفارات، ومصرفه مصرفها، نعم لا يجب
فيه التعدد. قوله: (الثامنة، من نام في
رمضان واستمر نومه، فإن كان نوى الصوم فلا
قضاء عليه، وإن ينوه فعليه القضاء،
والمجنون والمغمى عليه لا يجب على أحدهما
القضاء، سواء عرض ذلك أياما " أو بعض يوم،
وسواء سبقت منهما نية أو لم تسبق، وسواء
عولج بما يفطر أو لم يعالج، على الاشبه). قد
تقدم الكلام في هذه المسائل مفصلا ". ورد
المصنف بقوله: وسواء سبقت منه النية أو لم
تسبق، على المفيد (1) وأتباعه (2)، حيث

[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المقنعة: 56. (2) كالقاضي بن البراج في
المهذب 1: 196.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 301 ]
[ التاسعة: من يسوغ له الافطار في شهر
رمضان يكره له التملى من الطعام والشراب،
وكذا الجماع، وقيل: يحرم، والاول اشبه. ]
أوجبوا القضاء على المغمى عليه إذا لم
تسبق منه النية. وبقوله: سواء عولج بما
يفطر أو لم يعالج، على الشيخ في المبسوط،
حيث أوجب القضاء على المغمى عليه إذا طرح
في حلقه شئ على وجه المداواة (1)، وهما
ضعيفان. قوله: (التاسعة، من يسوغ له
الافطار يكره له التملي من الطعام
والشراب). يندرج فيمن يسوغ له الافطار:
المريض، والمسافر، والحائض، والشيخ،
والشيخة، وغيرهم. وقد قطع الاصحاب بكراهة
التملي من الطعام والشراب للجميع،
واستدلوا عليه بأن فيه تشبيها "
بالصائمين، وامتناعا " من الملاذ طاعة "
لله تعالى. ويدل على كراهة التملي للمسافر
صريحا " قول الصادق عليه السلام في صحيحة
ابن سنان: (إني إذا سافرت في شهر رمضان ما
آكل إلا القوت، وما أشرب كل الري) (2). قوله:
(وكذا الجماع، وقيل: يحرم، والاول أشبه).
أي: وكذا يكره لمن يسوغ له الافطار في شهر
رمضان الجماع نهارا "، وإلى ذلك ذهب
الاكثر، والقول بالتحريم للشيخ رحمه الله
(3)، والمعتمد الاول.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 266. (2) الكافي 4: 134 / 5، الفقيه 2:
93 / 416 وفيه: كل، بدل الا، التهذيب 4: 240 / 705،
الاستبصار 2: 105 / 342 وفيه كما في الفقيه،
الوسائل 7: 147 ابواب من يصح منه الصوم ب 13 ح 5.
(3) النهاية: 162، والمبسوط 1: 285.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 302 ]
لنا: أن فيه جمعا " بين ما تضمن المنع من
ذلك، كصحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (إذا سافر الرجل في رمضان
فلا يقرب النساء بالنهار في رمضان، فإن ذلك
محرم عليه) (1) وصحيحة ابن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام أنه قال (إن الله عزوجل
رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة
وتخفيفا "، لموضع التعب والنصب ووعث
السفر، ولم يرخص له في مجامعة النساء في
السفر بالنهار في شهر رمضان) (2). وبين ما
تضمن الاذن في ذلك، كصحيحة عمر بن يزيد،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يسافر في شهر رمضان، أله أن يصيب من
النساء؟ قال: (نعم) (3) وصحيحة عبد الملك بن
عتبة الهاشمي، قال: سألت أبا الحسن - يعني
موسى عليه السلام - عن الرجل يجامع أهله في
السفر وهو في شهر رمضان، قال: (لا بأس به) (4).
وأجاب الشيخ في كتابي الاخبار عن هاتين
الروايتين بالحمل على من غلبته الشهوة، أو
على كون الجماع ليلا " لا نهارا (5). وهو بعيد.
واعلم أن المصنف - رحمه الله - لم يذكر في
هذا الكتاب حكم
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 704، الاستبصار 2: 105 / 341، علل
الشرائع: 386 / 1، الوسائل 7: 148 ابواب من يصح
منه الصوم ب 13 ح 8. (2) الكافي 4: 134 / 5، الفقيه
2: 93 / 416، التهذيب 4: 240 / 705، الاستبصار 2: 105 /
342، الوسائل 7: 147 ابواب من يصح من الصوم ب 13
ح 5. (3) الكافي 4: 133 / 1، التهذيب 4: 241 / 708،
الاستبصار 2: 106 / 345، الوسائل 7: 146 ابواب من
يصح منه الصوم ب 13 ح 1. (4) الكافي 4: 134 / 3،
الوسائل 7: 147 ابواب من يصح منه الصوم ب 13 ح 3.
(5) التهذيب 4: 242، والاستبصار 2: 106.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 303 ]
السفر في شهر رمضان صريحا "، وقد اختلف فيه
كلام الاصحاب، فذهب الاكثر إبى جوازه على
كراهية إلى أن يمضي من الشهر ثلاثة وعشرون
يوما " فتزول الكراهة. ونقل عن أبي الصلاح
أنه قال: إذا دخل الشهر على حاضر لم يحل له
السفر مختارا (1). والمعتمد الجواز مطلقا
وإن كانت الاقامة أفضل. لنا على الجواز:
التمسك بمقتضى الاصل وظاهر قوله تعالى:
(فمن كان منكم مريضا " أو على سفر فعدة من
أيام أخر) (2). وقول الصادق عليه السلام في
صحيحة عمار بن مروان: (من سافر قصر وأفطر)
(3). وما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن
العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه
السلام: إنه سئل عن الرجل يعرض له السفر في
شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام فقال:
(لا بأس بأن يسافر ويفطر ولا يصوم) (4) قال
ابن بابويه رحمه الله: وقد روى ذلك أبان بن
عثمان [ عن ] (5) الصادق عليه السلام (6). وروى
أيضا " في الصحيح، عن الوشاء، عن حماد بن
عثمان قال، قلت لابي عبد الله عليه السلام:
رجل من أصحابي جاءني خبره
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي في الفقه: 182. (2) البقرة: 184 (3)
الكافي 4: 129 / 3 وفيه: محمد بن مروان، الفقيه
2: 92 / 409، التهذيب 4: 219 / 640، الوسائل 5: 509
ابواب صلاة المسافر ب 8 ح 3. (4) الفقيه 2: 90 /
400، الوسائل 7: 129 ابواب من يصح منه الصوم ب 3

ح 2. (5) ساقطة من نسخة الاصل. (6) الفقيه 2: 90.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 304 ]
من الاعواض (1)، وذلك في شهر رمضان، أتلقاه
وأفطر؟ قال: (نعم) قلت: أتلقاه وأفطر، أو
أقيم وأصوم؟ قال: (تلقاه وأفطر) (2). وروى
أيضا " مرسلا " عن الصادق عليه السلام: إنه
سئل عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين
أو ثلاثة فقال: (إن كان في شهر رمضان
فليفطر) قيل أيهما أفضل، يصوم أو يشيعه؟
قال: (يشيعه إن الله عزوجل وضع الصوم عنه
إذا شيعه)) (3). ولنا على أن الاقامة أفضل: ما
رواه الكليني في الحسن، وابن بوابويه في
الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان
وهو مقيم لا يريد براحا "، ثم يبدو له بعد ما
يدخل شهر رمضان أن يسافر، فسكت، فسألته غير
مرة، فقال: (يقيم أفضل، إلا أن يكون له حاجة
لابد من الخروج فيها، أو يتخوف على ماله)
(4). وما رواه الشيخ عن أبي بصير، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: قلت له: جعلت فداك
يدخل علي شهر رمضان فأصوم بعضه، فتحضرني
نية في زيارة قبر أبي عبد الله عليه
السلام، فأزوره وأفطر ذاهبا " وجائيا "، أو
أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو
يومين؟ فقال: (أقم حتى تفطر) قلت له: جعلت
فداك فهو أفضل؟ قال: (نعم، أما
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) كذا في نسخة الاصل وباقي النسخ، وفي
المصدر: الاعوص. والاعوص موضع قرب المدينة
راجع معجم البلدان 1: 223. (2) الفقيه 2: 90 / 402،
الوسائل 5: 513 ابواب صلاة المسافر ب 10 ح 2. (3)
الفقيه 2: 90 / 401، الوسائل 5: 513 ابواب صلاة
المسافر ب 10 ح 3. (4) الكافي 4: 126 / 2، الفقيه 2:
89 / 399، الوسائل 7: 128 ابواب من يصح منه الصوم
ب 3 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 305 ]
تقرأ في كتاب الله تعالى: (فمن شهد منكم
الشهر فليصمه) (1). وأما انتفاء الكراهة بعد
مضي ثلاثة وعشرون يوما " من الشهر فاستدل
عليه بما رواه الشيخ، عن علي بن أسباط، عن
رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(إذا دخل شهر رمضان فلله تعالى فيه شرط،
قال الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر
فليصمه) فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن
يخرج إلا في حج أو عمرد، أو مال يخاف تلفه،
أو أخ يخاف هلاكه، وليس له أن يخرج في
اتلاف مال غيره، فإذا مضت ليلة ثلاث
وعشرين فليخرج حيث يشاء) (2) ومقتضى الرواية
انتفاء الكراهة في اليوم الثالث والعشرين
أيضا "، لكنها ضعيفة السند جدا ". ولم نقف
لابي الصلاح على حجة يعتد بها، وربما كان
مستنده ما رواه الشيخ، عن أبي بصير، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخروج
في شهر رمضان، قال: (لا، إلا فيما أخبرك به:
خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل الله، أو مال
تخاف هلاكه، أو أخ تريد وداعه) (3) وهي ضعيفة
السند، قاصرة الدلالة على المنع، ومع ذلك
فحملها على الكراهة متعين، جمعا " بين
الادلة، والله تعالى أعلم.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التهذيب 4: 316 / 961، الوسائل 7: 130 ابواب من
يصح منه الصوم ب 3 ح 7. (2) التهذيب 4: 216 / 626،
الوسائل 7: 129 ابواب من يصح منه الصوم ب 3 ح 6.
(3) التهذيب 4: 327 / 1018، الوسائل 7: 129 ابواب من
يصح منه الصوم ب 3 ح 3، وفيهما: أو اخا تخاف
هلاكه بدل أو اخ تريد وداعه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 307 ]
[ كتاب الاعتكاف والكلام فيه وفى اقسامه
واحكامه. الاعتكاف: هو اللبث المتطاول
للعبادة، ] كتاب الاعتكاف قوله: (والكلام
في أقسامه وأحكامه، الاعتكاف: هو اللبث
المتطاول للعبادة). الاعتكاف لغة:
الاحتباس، قال الجوهري: عكفه أي حبسه
ووقفه، يعكفه ويعكفه عكفا "، ومنه قوله
تعالى (والهدي معكوفا) (1) ومنه الاعتكاف في
المسجد، وهو الاحتباس، وعكف على الشئ يعكف
ويعكف عكوفا، أي أقبل عليه مواظبا "، قال
الله تعالى: (يعكفون على أصنام لهم) (2)
وعكفوا حول الشئ: استداروا (3).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفتح: 25. (2) الاعراف: 138. (3) الصحاح 4: 1406.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 308 ]
ونحوه قال في القاموس (1). وقال ابن الاثير
في نهايته: الاعتكاف والعكوف هو الاقامة
على الشئ بالمكان (2). وهو منقول في الشرع
إلى معنى أخص من ذلك. وعرفه المصنف بأنه
اللبث المتطاول للعبادة، ولا يتوجه عليه
أن ذلك أعم من المعرف، لان ذلك لا يقدح في
التعاريف الللفظية التي هي مراد الفقهاء
كما بيناه مرارا ". وعرفه الشهيد في الدروس
بأنه لبث في مسجد جامع ثلاثة أيام فصاعدا "
صائما " للعبادة (3). وهو أعم من المعرف أيضا
". والاجود في تعريفه أنه لبث في مسجد جامع
مشروط بالصوم ابتداءا ". ويدل على مشروعية
الاعتكاف الكتاب والسنة والاجماع، أما
الكتاب فقوله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم

عاكفون في المساجد) (4) وقوله عزوجل: (أن
طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع
السجود) (5). وأما السنة فمستفيضة جدا "،
منها ما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان
العشر الاخر اعتكف في المسجد، وضربت له
قبة من شعر، وشمر المئزر، وطوى فراشه) وقال
بعضهم: واعتزل
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) القاموس المحيط 3: 183. (2) النهاية لابن
الاثير 3: 284. (3) الدروس: 80. (4) البقرة: 187. (5)
البقرة: 125.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 309 ]
النساء، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
(أما اعتزال النساء فلا) (1). قال ابن بابويه
رحمه الله: قال مصنف هذا الكتاب أما اعتزال
النساء فلا، هو أنه لم يمنعهن من خدمته
والجلوس معه، فأما المجامعة فإنه امتنع
منها كما منع. ومعلوم من معنى قوله: (وطوى
فراشه) ترك المجامعة (2). وما رواه الكليني
في الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قول: (كانت بدر في شهر رمضان فلم
يعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما
أن كان من قابل اعتكف عشرين، عشرا " لعامه
وعشرا " قضاء لما فاته) (3). وعن أبي العباس،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (اعتكف
رسول الله صلى الله عليه وآله في شهر رمضان
في العشر الاول، ثم اعتكف في الثانية في
العشر الوسطى، ثم اعتكف في الثالثة في
العشر الاواخر، ثم لم يزل يعتكف في العشر
الاواخر) (4). ويستفاد من ذلك أن أفضل أوقات
الاعتكاف العشر الاواخر من رمضان. قال ابن
بابويه رحمه الله: وفي رواية السكوني
بإسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: (اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين
وعمرتين) (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الفقيه 2: 120 / 517، الوسائل 7: 397 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 1 ح 1. (2) الفقيه 2: 120. (3) الكافي 4:
175 / 2، الوسائل 7: 397 ابواب كتاب الاعتكاف ب 1
ح 2. (3) الكافي 4: 175 / 3، الوسائل 7: 397 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 1 ح 4. (5) الفقيه 2: 122 / 531،
الوسائل 7: 397 ابواب كتاب الاعتكاف ب 1 ح 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 310 ]
[ ولا يصح الامن مكلف مسلم. وشرائطه ستة:
الاول: النية، وتجب فيه نية القربة، ثم ان
كان منذور انواه واجبا، وان كان مندوبا
نوى الندب. وإذا مضى له يومان وجب الثالث
على الاظهر وجدد نية الوجوب. ] قوله: (ولا
يصح إلا من ملكف مسلم). أما أنه لا يصح من
غير المسلم فلا ريب فيه، بل الظاهر أنه لا
يصح من غير المؤمن كما بيناه مرارا ". وأما
أنه لا يصح من غير المكلف فمبني على أن
عبادة الصبي تمرينية لا شرعية، وقد تقدم
في كلام المصنف أن صومه صحيح شرعي، فيكون
اعتكافه كذلك. قوله: (وشرائطه ستة، الاول:
النية، وتجب فيه نية القربة، ثم إن كان
منذورا " نواه واجبا "، وإن كان مندوبا " نوى
المندوب، فإن مضى يومان وجب الثالث على
الاظهر، وجدد نية الوجوب). الكلام في
اعتبار النية وما يجب اشتمالها عليه كما
تقدم في غيره من العبادات (1)، ثم إن قلنا
بالاكتفاء بالقربة كما هو الظاهر فالامر
واضح، وإن قلنا باعتبار التعرض للوجه، أو
أراد المعتكف التعرض له فإن كان منذورا "
نوى الوجوب، وإن كان مندوبا " وقلنا إن
المندوب لا يجب بالدخول [ فيه ] (2) ولو مضى
اليومان نوى الندب، وإن قلنا إنه يجب
بالشروع أو بمضي اليومين نواه على هذا
الوجه، بمعنى أن يكون
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) اثبتناه من (ض)، (م)، (ح). (2) المسالك 1: 82.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 311 ]
الجزء الاول منه أو اليومان الاولان على
وجه الندب والباقي على وجه الوجوب. ولا
يتوجه عليه ما ذكره الشارح من تقدم النية
على محلها، لان محلها أول الفعل، غاية
الامر أنه يقع على وجهين مختلفين فتجب
نيتهما كذلك. ولو اقتصر على نية اليومين
الاولين ندبا ثم جدد نية الثالث على وجه
الوجوب كما هو ظاهر عبارة المصنف رحمه
الله كان جيدا ". ولا يرد عليه ما ذكره
بعضهم من أن الثلاثة أقل ما تتحقق به هذه
العبادة، وهي متصلة شرعا "، ومن شأن
العبادة المتصلة أن لا تفرق النية على
أجزائها، بل تقع بنية واحدة. لانا نقول إنه
لا دليل على امتناع التفريق، بل قد اعترف
الاصحاب بجوازه في الوضوء ونحوه فليكن هنا
كذلك. وأما ما قيل من أن الاعتكاف لما كان
الاصل فيه الندب، والوجوب لا يتعلق به إلا
بأمر عارض جاز أن ينوى فيه أجمع ما هو
مقتضى الاصل، وهو انلدب، فضعيف جدا "، إذ
لا معنى لايقاع الفعل الواجب على وجه
الندب كما هو واضح. قال جدي - قدس سره - في
فوائده على القواعد: ولو لم يعتبر الوجه
كما هو الوجه استرحنا من هذا الاشكال،

واكتفى بنية ما يشاء من الايام، وكان معنى
وجوب الثالث على القول به ترتب الثواب على
فعله والعقاب على تركه بخلاف غيره. ولا ريب
في قوة هذا الوجه. إذا تقرر ذلك فنقول:
اختلف الاصحاب في وجوب الاعتكاف
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 312 ]
المندوب بالدخول فيه، فقال السيد المرتضى
(1) وابن إدريس (2): لا يجب أصلا "، بل له
الرجوع فيه متى شاء. واختاره العلامة في
جملة من كتبه (3)، وقال المصنف في المعتبر:
إنه الاشبه بالمذهب (4). وقال الشيخ في
المبسوط (5) وأبو الصلاح الحلبي (6): يجب
بالدخول فيه كالحج. وقال ابن الجنيد (7)
وابن البراج (8): لا يجب إلا أن يمضي يومان
فيجب الثالث. وهو ظاهر اختيار الشيخ في
النهاية (9)، واختاره المصنف في هذا الكتاب
(10)، وجمع من المتأخرين، وهو المعتمد. لنا:
ما رواه الكليني رضي الله عنه، عن أحمد بن
محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد
بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
(إذا عتكف يوما " ولم يكن اشترط فله أن يخرج
ويفسخ الاعتكاف، وإن أقام يومين ولم يكن
اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى يمضي
ثلاثة أيام) (11). وعن أحمد بن محمد، عن ابن
محبوب، عن أبي أيوب، عن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسائل الناصرية (الجوامع الفقهية): 207.
(2) السرائر: 97. (3) المنتهى 2: 637، والمختلف: 252،
والقواعد 1: 70. (4) المعتبر 2: 737. (5) المبسوط 1:
289. (6) الكافي في الفقه: 186. (7) حكاه عنه في
المختلف: 251. (8) المهذب 1: 204. (9) النهاية: 171.
(10) الشرائع 1: 215. (11) الكافي 4: 177 / 3، الوسائل
7: 404 ابواب كتاب الاعتكاف ب 4 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 313 ]
أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه
قال: (ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع
بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيام أخر، وإن
شاء خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد
الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة
أخر) (1). ومقتضى هذه الرواية وجوب السادس
أيضا "، ويلزم من ذلك وجوب كل ثالث، إذ لا
قائل بالفصل، وربما كان في الرواية إشعار
بذلك. وأجاب العلامة في المنتهى عن هاتين
الروايتين بأن في طريقهما علي بن فضال
وحاله معلوم. (2) وهو غير جيد، فإن ذلك إنما
وقع في كتابي الشيخ (3)، أما طريق الكليني
فلا ريب في صحته كما نقلناه. واحتج المرتضى
(4) ومن قال بمقالته بأن الاعتكاف عبادة
مندوبة فلا تجب بالشروع كالصلاة
المندوبة، قال: ولا ينتقض بالحج والعمرة،
لخروجهما بدليل. وجوابه أن الدليل كما وجد
في الحج والعمرة، كذا وجد في الاعتكاف،
وهو ما أوردناه من الروايتين الصحيحتي
السند الواضحتي الدلالة (5). أما القائلون
بوجوبه بالدخول فيه فلم نقف لهم على
مستند، قال
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 177 / 4، الوسائل 7: 404 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 4 ح 3. (2) المنتهى 2: 637، 638. (3)
رواية محمد بن مسلم في: التهذيب: 289 / 879،
والاستبصار 2: 129 / 420. (4) المسائل الناصرية
(الجوامع الفقهية): 207. (5) كالعلامة في
المختلف: 252.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 314 ]
[ الثاني: الصوم، فلا يصح الا في زمان يصح
فيه الصوم ممن يصح منه، فان اعتكف في
العيدين لن يصح، وكذا لو اعتكفت الحائض أو
النفساء. ] في المعتبر: ويمكن أن يستدل
الشيخ على وجوبه بالشروع بإطلاق وجوب
الكفارة على المعتكف، وقد روي ذلك من طرق،
ثم قال: والجواب عنه أن هذه مطلقة فلا عموم
لها، ويصدق بالجزء والكل، فيكفي في العمل
بها تحققها في بعض الصور، فلا يكون حجة في
الوجوب (1). وهو جيد، مع أنا لو سلمنا عمومها
لم يلزم من ذلك الوجوب، لاختصاصها بجماع
المعتكف كما ستقف عليه، ولا امتناع في
وجوب الكفارة بذلك في الاعتكاف المستحب.
قوله: (الثاني، الصوم: فلا يصح إلا في زمان
يصح فيه الصوم ممن يصح منه الصوم، فإن
اعتكف في العيدين لم يصح، وكذا لو اعتكفت
الحائض والنفساء). هذا الشرط مجمع عليه بين
الاصحاب، ويدل عليه روايات، منها ما رواه
الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال،
قال أبو عبد الله عليه السلام: (لا اعتكاف
إلا بصوم) (2). وفي الحسن عن الحلبي، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: لا اعتكاف إلا
بصوم في مسجد الجامع) (3). وعن أبي العباس،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا
اعتكاف إلا بصوم) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 737. (2) الكافي 4: 176 / 2، الوسائل
7: 399 ابواب كتاب الاعتكاف ب 2 ح 6. (3) الكافي 4:
176 / 3، الوسائل 7: 400 ابواب كتاب الاعتكاف ب 3
ح 1. (4) الكافي 4: 176 / 1، الوسائل 7: 399 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 2 ح 5.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 315 ]

وقد صرح المصنف في المعتبر (1) وغيره (2)
بأنه لا يعتبر إيقاع الصوم لاجل الاعتكاف،
بل يكفي وقوعه في أي صوم اتفق، واجبا " كان
أو ندبا "، رمضان كان أو غيره، قال في
المعتبر: وعليه فتوى علمائنا. ويدل عليه
تنكير لفظ الصوم الواقع في الروايات
المتقدمة. قال في التذكرة بعد أن ذكر نحو
ذلك: فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلا " وجب
الصوم بالنذر، لان ما لا يتم الواجب إلا به
يكون واجبا (3). وهو مشكل على إطلاقه، لان
المنذور المطلق يصح أيقاعه في صوم شهر
رمضان أو واجب غيره فلا يكون نذر الاعتكاف
مقتضيا " لوجوب الصوم، كما أن من نذر
الصلاة فاتفق كونه متطهرا " في الوقت الذي
تعلق به النذر لم يفتقر إلى طهارة
مستأنفة، نعم لو كان الوقت معينا " ولم يكن
صومه واجبا " اتجه وجوب صومه، لكن لا يتعين
صومه للنذر أيضا "، فلو نذر المعتكف صياما "
وصام تلك الايام عن النذر أجزأ. ثم قال في
التذكرة: وكذا لو نذر اعتكافا " وأطلق
فاعتكف في أيام أراد صومها مستحبا " جاز (4).
وهذا الكلام بظاهره مناف لما ذكره أولا "
من أن نذر الاعتكاف يقتضي وجوب الصوم. وجزم
الشارح - قدس سره - بالمنع من جعل صوم
الاعتكاف المنذور مندوبا "، للتنافي بين
وجوب المضي على الاعتكاف الواجب وجواز قطع
الصوم المندوب (5). وهو جيد إن ثبت وجوب
المضي في مطلق الاعتكاف الواجب وإن كان
مطلقا "، لكنه غير واضح كما ستقف
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 726. (2) كالشيخ في الخلاف 1: 403.
(3، 4) التذكرة 1: 285. (5) المسالك 1: 82.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 316 ]
[ الثالث: لا يصح الاعتكاف الا ثلاثة، فمن
نذر اعتكافا مطلقا، وجب عليه ان ياتي
بثلاثة. ] عليه، أما بدون ذلك فيتجه جواز
أيقاع المنذور المطلق في الصوم المستحب.
أما المعين فلا ريب في امتناع وقوعه كذلك،
لما ذكره الشارح من التنافي بين وجوب
المضي فيه وجواز قطع الصوم. قوله: (الثالث
لا يصح الاعتكاف إلا ثلاثة، فمن نذر
اعتكافا " مطلقا " وجب عليه أن يأتي بثلاثة).
هذا قول علمائنا أجمع، قاله في التذكرة (1)،
وقال في المعتبر: وقد أجمع علمائنا على أنه
لا يجوز أقل من ثلاثة أيام بليلتين، وأطبق
الجمهور على خلاف ذلك (2). ويدل عليه أن
الاعتكاف عبادة متلقاة من الشارع فيتوقف
على النقل، ولم ينقل اعتكاف ما دون
الثلاثة، ويدل على هذا التحديد صريحا " ما
رواه الكليني، عن أبي بصير، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (لا يكون الاعتكاف
أقل من ثلاثة أيام) (3). عن داود بن سرحان
قال: بدأني أبو عبد الله عليه السلام من
غير أن اسأله فقال: (الاعتكاف ثلاثة أيام،
يعني السنة إن شاء الله) (4). وما رواه
الشيخ، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (إذا اعتكف العبد فليصم)
وقال: (لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام)
(5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 287. (2) المعتبر 2: 728. (3) الكافي 4:
177 / 2، الوسائل 7: 404 ابواب كتاب الاعتكاف ب 4
ح 2. (4) الكافي 4: 178 / 5، الوسائل 7: 405 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 4 ح 4. (5) التهذيب 4: 289 / 878،
الاستبصار 2: 129 / 419، الوسائل 7: 399 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 2 ح 9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 317 ]
والظاهر أن المراد من الايام النهار
خاصة، لانه حقيقة اللفظ وإن دخلت الليلتان
الاخيرتان بدليل من خارج، وبه قطع المصنف
في المعتبر، قال: لان دخول الليالي في
الايام لا يستفاد من مجرد اللفظ، بل
بالقرائن، وإلا فاليوم حقيقة ما بين طلوع
الفجر إلى غروب الشمس، والليلة ما عدا
ذلك، واستعمال أحدهما في مسماه منضما " لا
يعلم بمجرد اللفظ (1). وحكى الشارح في
المسألة قولا " بدخول الليالي في الايام،
وأسنده إلى العلامة وجعله أولى، واستدل
عليه باستعماله شرعا " فيهما في بعض
الموارد، وبدخول الليل في اليومين
الاخيرين. وهو استدلال ضعيف، فإن
الاستعمال أعم من الحقيقة، ودخول الليل في
اليومين الاخيرين إنما استفيد من دليل من
خارج كما ستقف عليه، لا لدخولهما في مسمى
اليوم. فعلى الاول مبدأ الثلاثة طلوع
الفجر، فتكون النية مقارنة له أو متقدمة
عليه، وعلى الثاني غروب الشمس. واحتمل بعض
الاصحاب دخول الليلة المستقبلة في مسمى
اليوم (3). وعلى هذا فلا تنتهي الايام
الثلاثة إلا بانتهاء الليلة الرابعة، وهو
بعيد جدا "، بل مقطوع بفساده. إذا تقرر ذلك
فنقول: إن من نذر اعتكافا " مطلقا " انصرف
إلى ثلاثة أيام، لانها أقل ما يمكن جعله
اعتكافا "، ومبدؤها طلوع الفجر أو غروب
الشمس على الخلاف المتقدم. ويعتبر كونها
تامة، فلا يجزي الملفق من الاول والرابع،
لان نصف اليومين لا يصدق عليهما أنه يوم،
[IMAGE: 0x01 graphic]

(1) المعتبر 2: 730. (2) المسالك 1: 82. (3) منهم
الكركي في جامع المقاصد 1: 155، والاردبيلي
في مجمع الفائدة 5: 358.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 318 ]
[ وكذا إذا وجب عليه قضاء يوم من اعتكاف
اعتكف ثلاثة ليصح ذلك اليوم. ] واستقرب
العلامة في المختلف الجواز إن صدق عليه
أنه اعتكف ثلاثة أيام، وإلا فلا (1). وهو
جيد، لكن الظاهر عدم صدق الثلاثة بذلك. ولو
نذر شهرا " معينا " كرمضان دخلت الليلة
الاولى وإن لم نقل بدخولها، ثم لان الشهر
اسم مركب من جميع الزمان المعين الشامل
لليل والنهار، بخلاف اليوم. ولو نذر
اعتكاف العشر الاخير من رمضان ففي دخول
الليلة الاولى الوجهان. ولو نذر اعتكاف
عشرة أيام ولم يعينها لم يجب التتابع ولا
تدخل الليالي، بل ليلتان من كل ثلاث، وذلك
كله واضح. قوله: (وكذا إذا وجب عليه قضاء
يوم من اعتكاف اعتكف ثلاثة ليصح ذلك
اليوم). هذا مما يتفرع على أن أقل زمان
الاعتكاف ثلاثة إيام، ولا يختص هذا الحكم
بالقضاء، بل لو نذر اعتكاف أربعة أيام
فاعتكف ثلاثة، أو نذر اعتكاف يوم ولم
يقيده بعدم الزائد فكذلك. ويتخير بين
تقديم الزائد وتأخيره وتوسيطه، لكن ذكر
جمع من المتأخرين أن الزائد على الواجب
أصالة إن تأخر عن الواجب لم يقع إلا واجبا
"، وإن تقدم چاز أن ينوي به الوجوب من باب
مقدمة الواجب، والندب لعدم تعين الزمان
له. وقد يشكل إذا كان الواجب يوما " واحدا "
فإن اعتكاف اليومين بنية الندب يوجب
الثالث فلا يكون مجزيا " عما في ذمته،
وأيضا " فإن
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 252.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 319 ]
[ ومن ابتدأ اعتكافا مندوبا كان بالخيار
في المضى فيه وفى الرجوع، فان اعتكف يومين
وجب الثالث. وكذا لو اعتكف ثلاثة ثم اعتكف
يومين بعدها وجب السادس. ولو دخل في
الاعتكاف قبل العيد بيوم أو يومين لم يصح.
ولو نذر اعتكاف ثلاثة من دون لياليها، قيل:
يصح، وقيل: لا، ] لاعتكاف يتضمن الصوم، وهو
لا يقع مندوبا " ممن في ذمته واجب. ويمكن
الجواب عن الاول بأن غاية ما يستفاد من
الادلة الشرعية أن من اعتكف يومين يتعين
عليه اعتكاف الثالث، وهو لا ينافي وجوبه
من جهة أخرى. وعن الثاني بأن الممتنع إنما
هو وقوع النافلة ممن في ذمته قضاء رمضان،
لا مطلق الواجب كما بيناه فيما سبق. قوله:
(ومن ابتدأ اعتكافا " مندوبا " كان بالخيار
في المضي فيه وفي الرجوع، فإن اعتكف يومين
وجب الثالث، وكذا لو اعتكف ثلاثة ثم اعتكف
يومين بعدها وجب السادس). قد تقدم الكلام
في ذلك (1) وأن الاصح وجوب كل ثالث، لدلالة
خبر أبي عبيدة على وجوب السادس صريحا "
وعدم القائل بالفصل. قوله: (ولو دخل في
الاعتكاف قبل العيد بيوم أو يومين لم يصح).
الوجه في ذلك معلوم مما سبق، فإن أقل مدة
الاعتكاف ثلاثة أيام، وهو مشروط بالصوم
فتعتبر صلاحية الزمان له. قوله: (ولو نذر
اعتكاف ثلاثة من دون لياليها قيل: يصح،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 312.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 320 ]
[ لانه بخروجه عن قيد الاعتكاف يبطل
اعتكاف ذلك اليوم. ولا يجب التوالى فيما
نذره من الزيادة على الثلاثة، بل لابد ان
يعتكف ثلاثة ثلاثة فما زاد، الا ان يشترط
التتابع لفظا أو معنى. ] وقيل: لا، لانه
بخروجه عن قيد الاعتكاف يبطل اعتكاف ذلك
اليوم). القول بالصحة للشيخ - رحمه الله - في
موضع من الخلاف (1)، وهو مبني على أن
الليلتين الاخيرتين لا تدخلان في
الاعتكاف كالليلة الاولى، مع أنه قال في
موضع آخر منه: إن أقل مدة الاعتكاف ثلاثة
أيام بليلتين (2). وهو الاصح، لانه المتبادر
من قوله عليه السلام: (لا يكون اعتكاف أقل
من ثلاثة أيام) (3) ولما أشار إليه المصنف من
أن الليالي إذا لم تدخل في الاعتكاف يتحقق
الخروج منه بدخول الليل فيجوز له فعل ما
ينافي فينقطع اعتكاف ذلك اليو عن غيره
ويصير منفردا "، فلو صح ذلك لصح اعتكاف أقل
من ثلاثة وهو معلوم البطلان. وإذا ثبت
دخولهما في الاعتكاف لم يصح الاعتكاف مع
الخروج فيهما، ولو نذر ذلك لم يصح النذر
كنا هو واضح. قوله: (ولا يجب التوالي فيما
نذره من الزيادة على الثلاثة، بل لا بد أن
يعتكف ثلاثة ثلاثة فما زاد، إلا أن يشترط
التتابع لفظا " أو معنى). المراد باشتراط
التتابع اللفظي: التصريح في النذر بقيد
التتابع أو مرادفه، وبالمعنوي: أن لا يكون
مدلولا " عليه باللفظ بل بالالتزام، كما
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخلاف 1: 409. (2) الخلاف 1: 405. (3) الكافي 4: 177
/ 2، الفقيه 2: 121 / 525، التهذيب 4: 289 / 876،
الاستبصار 2: 128 / 418، الوسائل 7: 404 ابواب

كتاب الاعتكاف ب 4 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 321 ]
[ الرابع: المكان، فلا يصح الافى مسجد
جامع، وقيل: لا يصح الا في المساجد
الاربعة: مسجد مكة، ومسجد النبي عليه
السلام، ومسجد الجامع بالكوفة، ومسجد
البصرة، وقائل جعل موضعه مسجد المدائن.
وضابطه: مسجد جمع فيه نبى أو وصى جماعة،
ومنهم من قال جمعة، ] لو نذر اعتكاف شهر رجب
مثلا "، فإن الاتيان بالمنذور لا يتحقق إلا
مع التتابع، لان الشهر اسم مركب من الايام
المعدودة، فإذا أخل ببعضه لم يتحقق
الامتثال. ولا ريب في وجوب التتابع إذا
اشترطه لفظا " أو معنى، وإن انتفى الامران
أجزأ التتابع والتفريق، لتحقق الامتثال
بكل منهما، لكن ليس له أن ينقص عن ثلاثة،
لانها أقل مدة الاعتكاف. واستقرب العلامة
في التذكرة والمنتهى عدم تعين ذلك أيضا "،
وجوز له اعتكاف يوم عن النذر وضم يومين
مندوبين إليه، أو واجبين من غير النذر،
كما لو نذر أن يعتكف يوما " وسكت عن الزائد
(1). وهو حسن. قوله: (الرابع، المكان: فلا يصح
إلا في مسجد جامع، وقيل: لا يصح إلا في
المساجد الاربعة: مسجد مكة، ومسجد النبي
عليه السلام، ومسجد الجامع بالكوفة،
ومسجد البصرة، وقائل: جعل موضعه مسجد
المدائن، وضابطه: مسجد جمع فيه نبي أو وصي
جماعة، ومنهم من قال جمعة). أجمع العلماء
كافة على أن الاعتكاف لا يقع إلا في مسجد،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 289، والمنتهى 2: 630.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 322 ]
وإنما اختلفوا في تعيينه، فقال الشيخ (1)
والمرتضى (2): لا يصح إلا في المساجد
الاربعة: مسجد مكة والمدينة والجامع
بالكوفة والبصرة. وبه قال ابن بابويه في
كتاب من لا يحضره الفقيه (3)، وأبو الصلاح
(4)، وابن إدريس (5)، واختاره العلامة في
المختلف (6). وأبدل علي بن بابويه - رضي الله
عنه - مسجد البصرة بمسجد المدائن (7)، وقال
ابنه في المقنع: لا يصح الاعتكاف إلا في
خمسة مساجد. وضم مسجد المدائن إلى المساجد
الاربعة (8). والضابط عند هؤلاء أن يكون
مسجدا " قد جمع فيه نبي أو وصي. وصرح الشيخ
في المبسوط والمرتضى في الانتصار بأن
المعتبر من ذلك صلاة الجمعة، وأنه لا يكفي
مطلق الجماعة (9). وظاهر ابني بابويه
الاكتفاء بمطلق الجماعة (10). قال العلامة
في المختلف: ولا أرى لهذا الخلاف فائدة،
إلا أن تثبت زيادة مسجد صلى فيه بعض الائمة
عليهم السلام جماعة لا جمعة (11).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) النهاية: 171، والمبسوط 1: 289، والخلاف 1:
403. (2) الانتصار: 72. (3) الفقيه 2: 120. (4) الكافي
في الفقه: 186. (5) السرائر: 97. (6) المختلف: 251. (7)
حكاه عنه في المختلف: 251. (8) المقنع: 66. (9)
المبسوط 1: 289، والانتصار 72. (10) الصدوق في
الفقيه 2: 120، ونقله عن والد الصدوق في
المختلف: 251. (11) المختلف: 251.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 323 ]
وقال ولده في الشرح: إن فائدة الخلاف تظهر
في مسجد المدائن، فإن المروي أن الحسن
عليه السلام صلى فيه جماعة لا جمعة (1). ولم
يعتبر المفيد - رحمه الله - ذلك كله، بل جوز
الاعتكاف في كل مسجد أعظم (2). والظاهر أن
مراده به المسجد الجامع كما نقله عنه
المصنف (3) وغيره (4)، وإلى هذا القول ذهب ابن
أبي عقيل والمصنف وغيرهم من الاصحاب، وهو
المعتمد. لنا: أن ذلك أقرب إلى إطلاق
القرآن، وأبعد من تخصيصه، فكان المصير
إليه أولى. ولنا أيضا ": ما رواه ابن بابويه
في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (لا اعتكاف إلا بصوم في
مسجد الجامع) (6). وما رواه الكليني في
الحسن، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: سئل عن الاعتكاف فقال (لا
يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد
الرسول صلى الله عليه وآله، أو مسجد
الكوفة، أو مسجد جماعة، وتصوم ما دمت
معتكفا ") (7). وعن داود بن سرحان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (إن عليا " عليه
السلام كان يقول: لا أرى الاعتكاف إلا في
المسجد الحرام،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) ايضاح الفوائد 1: 256. (2) حكاه عنه في
المختلف: 251. (3) المعتبر 2: 731. (4) كالفاضل
المقداد في التنقيح الرائع 1: 401. (5) حكاه
عنه في المختلف: 251. (6) الفقيه 2: 119 / 516،
الوسائل 7: 400 ابواب كتاب الاعتكاف ب 3 ح 1. (7)
الكافي 4: 176 / 3، الوسائل 7: 401 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 3 ح 7.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 324 ]
أو مسجد الرسول، أو مسجد جامع) (1). وما رواه
الشيخ، عن علي بن عمران، عن أبي عبد الله
عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، قال:
(المعتكف يعتكف في المسجد الجامع) (2). وعن

يحيى بن أبي العلاء الرازي، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (لا يكون الاعتكاف
إلا في مسجد جماعة) (3). وفي الموثق عن أبي
الصباح الكناني، عن أبي عبد الله عليه
السلام: (إن عليا " عليه السلام كان يقول: لا
أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام، إو في
مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، أو في
مسجد جامع) (4). وروى المصنف في المعتبر، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر في جامعه، عن داود
بن الحصين، عن أبي عبد الله عليه السلام،
قال: (لا اعتكاف إلا بصوم وفي مسجد المصر
الذي تلبث فيه) (5). وبالجملة فالاخبار
الواردة بذلك مستفيضة جدا (6)، ومع ذلك فهي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 176 / 2، الفقيه 2: 120 / 521، التهذيب
4: 290 / 884، والاستبصار 2: 126 / 411، الوسائل 7: 402
ابواب كتاب الاعتكاف ب 3 ح 10. (2) التهذيب 4: 290
/ 880، الاستبصار 2: 127 / 413 وفيه: ابن غراب بدل
ابن عمران، الوسائل 7: 401 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 3 ح 4. (3) التهذيب 4: 290 / 881،
الاستبصار 2: 127 / 414، الوسائل 7: 401 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 3 ح 6. (4) التهذيب 4: 291 / 885،
الاستبصار 2: 127 / 412، الوسائل 7: 401 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 3 ح 5. (5) المعتبر 2: 733،
الوسائل 7: 402 ابواب كتاب الاعتكاف ب 3 ح 11. (6)
الوسائل 7: 400 ابواب كتاب الاعتكاف ب 3.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 325 ]
مطابقة لظاهر التنزيل، وسالمة عما يصلح
للمعارضة فيتعين العمل بها. احتج الشيخ (1)
والمرتضى على اختصاص الحكم بالمساجد
الاربعة بإجماع الفرقة، وبأن الاعتكاف
عبادة شرعية يقف العمل فيها على مواضع
الوفاق. واستدل العلامة في المختلف على
هذا القول أيضا (3) بما رواه ابن بابويه في
الصحيح، عن عمر بن يزيد قال، قلت لابي عبد
الله عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف
ببغداد في بعض مساجدها؟ قال: (لا يعتكف إلا
في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل جماعة،
ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة
ومسجد المدينة ومسجد مكة) (4). والجواب عن
الاجماع بالمنع منه في موضع النزاع، قال
في المعتبر: واحتجاج الشيخ بإجماع الفرقة
لا نعرفه، ويلزم ذلك من عرف إجماعهم عليه،
وكيف يكون إجماعا " والاخبار على خلافه،
والاعيان من فضلاء الاصحاب قائلون بضده (5).
وعن الثاني بأن الاقتصار على المتفق عليه
إنما يلزم إذا لم توجد الدلالة على ما زاد
عليه، والدلالة موجودة وهي ما قدمناه. وعن
الرواية بأنها غير دالة على المطلوب، بل
ربما دلت على نقيضه، فإن الامام العدل لا
يختص بالمعصوم كالشاهد العدل، ولو كان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الخلاف: 403. (2) الانتصار: 72. (3) المختلف: 251.
(4) الفقيه 2: 120 / 519، ورواها في: الكافي 4: 176 /
1، والتهذيب 4: 290 / 882، والاستبصار 2: 126 / 409،
والوسائل 7: 401 ابواب كتاب الاعتكاف ب 3 ح 8.
(5) كالمفيد وبان ابي عقيل كما نقله عنهما
في المختلف: 251.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 326 ]
[ ويستوى في ذلك الرجل والمرأة. الخامس:
اذن من له ولاية، كالمولى لعبده والزوج
لزوجته. ] المراد بها ذلك لامكن حمل النهي
الواقع فيها على ضرب من الكراهة، توفيقا
بين الادلة. قوله: (ويستوي في ذلك الرجل
والمرأة). هذا قول علمائنا أجمع، ووافقنا
عليه أكثر العامة، ويدل عليه قوله عليه
السلام في صحيحة الحلبي بعد أن ذكر أن
المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة:
(واعتكاف المرأة مثل ذلك) (1). وقال بعض
العامة، يجوز أن تعتكف المرأة في مسجد
بيتها، وهو الموضع الذي جعلته لصلاتها من
بيتها (2). ولا ريب في بطلانه. قوله: (الخامس،
إذن من له الولاية، كالمولى لعبده والزوج
لزوجته). لا إشكال في اعتبار الاذن في
هذين، لمنافاة الاعتكاف للخدمة المستحقة
على العبد، والاستمتاع المستحق على
الزوجة. وإنما الكلام فيما عداهما، كالولد
بالنسبة إلى الوالد، والضيف بالنسبة إلى
المضيف، والاصح عدم اعتبار إذنهما في ذلك،
للاصل، وبطلان القياس. نعم لو وقع في صوم
مندوب جاء في اعتبار إذنهما فيه ما سبق من
الخلاف.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 178 / 3، الفقيه 2: 122 / 529، التهذيب
4: 288 / 871، الوسائل 7: 408 ابواب كتاب الاعتكاف
ب 7 ح 2. (2) منهم القرطبي في بداية المجتهد 1:
325، وذكره الكاساني في بدائع الصنائع 2: 113.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 327 ]
[ وإذا اذن من له ولاية كان له المنع قبل
الشروع وبعده ما لم يمض يومان، أو يكون
واجبا بنذر وشبهه. فرعان: الاول: المملوك
إذا هاياه مولاه جاز له الاعتكاف في ايامه
وان لم ياذن له مولاه. الثاني: إذا اعتق في
اثناء الاعتكاف لم يلزمه المضى فيه، الا
ان يكون شرع باذن المولى. ] قوله: (وإذا أذن
من له الولاية كان له المنع قبل الشروع
وبعده ما لم يمض يومان، وكذا لو كان واجبا "

بنذر وشبهه). لا ريب في جواز المنع قبل تلبس
المأذون له بالاعتكاف الواجب، والوجوب
إنما يتحقق عند المصنف بالنذر وشبهه، أو
بمضي اليومين، وعلى قول الشيخ يتجه عدم
جواز المنع بعد الشروع مطلقا (1). قوله:
(الاول، المملوك إذا هاياه مولاه جاز له
الاعتكاف في أيامه وإن لم يأذن له مولاه).
إنما يجوز ذلك إذا كانت المهاياة تفي بأقل
مدة الاعتكاف ولم يضعفه عن الخدمة في نوبة
المولى، ولم يكن الاعتكاف في صوم مندوب إن
منعنا المبعض من الصوم بغير إذن المولى،
وإلا لم يجز إلا بالاذن كما هو واضح. قوله:
(الثاني، إذا اعتق في أثناء الاعتكاف لم
يلزمه المضي فيه إلا أن يكون شرع فيه بإذن
المولى). مقتضى العبارة أنه لو شرع فيه
بإذن المولى يلزمه المضي فيه،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 290.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 328 ]
[ السادس: استدامة اللبث في المسجد، فلو
خرج لغير الاسباب المبيحة بطل اعتكافه،
طوعا خرج أو كرها. فان لم تمض ثلاثة بطل
الاعتكاف، وان مضت فهى صحيحة إلى حين
خروجه. ] وهو إنما يتم عند المصنف مع وجوب
الاعتكاف بنذر أو شبهه، أو مضي يومين.
قوله: (السادس، استدامة اللبث في المسجد،
فلو خرج لغير الاسباب المبيحة بطل
اعتكافه، طوعا " خرج أو كرها "). أجمع
العلماء كافة على أنه لا يجوز للمعتكف
الخروج من المسجد الذي وقع فيه الاعتكاف
لغير الاسباب المبيحة، حكاه في التذكرة (1).
وقال المصنف في المعتبر: لا يجوز للمعتكف
الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه إلا لما
لا بد منه، وعليه اتفاق الفقهاء (2). ويدل
عليه روايات، منهاما رواه الكليني في
الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (ليس على المعتكف
أن يخرج من المسجد إلا إلى الجمعة، أو
جنازة، أو غائط) (3). وما رواه الكليني في
الحسن، وابن بابويه في الصحيح، عن الحلبي،
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا
ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا
لحاجة لا بد منهات، ثم لا يجلس حتى يرجع،
ولا يخرج في شئ إلا لجنازة، أو يعود مريضا
"، ولا يجلس حتى يرجع) قال: (واعتكاف المرأة
مثل ذلك) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 290. (2) المعتبر 2: 733. (3) الكافي 4:
178 / 1 الوسائل 7: 409 ابواب كتاب الاعتكاف ب 7 ح
6. (4) الكافي 4: 178 / 3، الفقيه 2: 122 / 529،
الوسائل 7: 408 ابواب كتاب الاعتكاف ب 7 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 329 ]
وعن داود بن سرحان، قال: كنت بالمدينة في
شهر رمضان فقلت لابي عبد الله عليه السلام:
إني أريد أن اعتكف، فما ذا تقول؟ وماذا
أفرض على نفسي؟ فقال: (لا تخرج من المسجد
إلا لحاجة لابد منها، ولا تقعد تحت ظلال
حتى تعود إلى مجلسك) (1). وقد قطع المصنف
ببطلان الاعتكاف بالخروج المحرم، سواء
كان طوعا " أو كرها "، واستدل عليه في
المعتبر بأن الاعتكاف لبث في المسجد،
فيكون الخروج منافيا " له (2). وفصل العلامة
في التذكرة فقال: إن الاعتكاف إنما يبطل
بمطلق الخروج المحرم إذا وقع اختيارا "،
أما إذا أخرج كرها " فإنه لا يبطل إلا مع
طول الزمان، بحيث يخرج عن كونه معتكفا (3).
ولا بأس به تمسكا " بمقتضى الاصل، وحديث
رفع، والتفاتا " إلى عدم توجه النهي إلى
هذا الفعل. وإنما يتحقق الخروج من المسجد
بخروجه بجميع بدنه، فلو أخرج رأسه أو يده
أو رجله لم يبطل اعتكافه، وبه قطع المصنف
في المعتبر من غير نقل خلاف، قال: لان
المنافي للاعتكاف خروجه لا خروج بعضه (4)
وقد روى الجمهور عن عائشة أنها قالت: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يدني إلي
رأسه لا رجله (5). وجزم الشارح - قدس سره -
بتحقق الخروج من المسجد بخروج
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 178 / 2، الفقيه 2: 122 / 528، التهذيب
4: 287 / 870، الوسائل 7: 408 ابواب كتاب الاعتكاف
ب 7 ح 3. (2) المعتبر 2: 733. (3) التذكرة 1: 292 290. (4)
المعتبر 2: 734. (5) صحيح البخاري 3: 63.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 330 ]
[ ولو نذر اعتكاف ايام معينة ثم خرج قبل
اكمالها بطل الجميع ان شرط التتابع،
ويستأنف. ] جزء من بدن المعتكف عنه (1). وهو
ضعيف جدا ". وهل يتحقق بالصعود إلى سطح
المسجد من داخله، قيل: نعم، وبه قطع في
الدروس لعدم دخوله في مسماه (2)، وقيل: لا،
وبه قطع في المنتهى من غير نقل خلاف، ونقله
عن الفقهاء الاربعة، قال: لانه من جملة
المسجد ويجوز له أن يبيت فيه (3). وهو حسن.
قوله: (ولو نذر اعتكاف أيام معينة ثم خرج
قبل إكمالها بطل الجميع إن شرط التتابع،
ويستأنف). المراد بتعيين الايام حصرها في
زمان معين، كالعشر الاواخر من شهر رمضان،
وقد عرفت أن مثل ذلك يقتضي التتابع معنى،

فقوله إن شرط التتابع يريد به اشتراطه
لفظا " مع كونه متتابعا " معنى. وهذا الحكم
أعني بطلان الجميع والحال هذه ووجوب
الاستئناف ذكره الشيخ في المبسوط (4).
واستدل له في المختلف بفوات المتابعة
المشترطة، ثم قال: ولقائل أن يقول: لا يجب
الاستئناف وإن وجب عليه الاتمام متتابعا "
وكفارة خلف النذر، لان الايام التي
اعتكفها متتابعة وقعت على الوجه المأمور
به، فيخرج بها عن العهدة، ولا يجب عليه
استئنافها، لان غيرها لم يتناوله النذر،
بخلاف ما إذا أطلق النذر وشرط التتابع
فإنه هنا يجب الاستئناف، لانه أخل بصفة
النذر فوجب عليه استئنافه من رأس، بخلاف
صورة النزاع، والفرق بينهما تعين الزمان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المسالك 1: 84. (2) الدروس: 80. (3) المنتهى 2:
635. (4) المبسوط 1: 291.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 331 ]
[ ويجوز الخروج للامور الضرورية. كقضاء
الحاجة، ] هناك وإطلاقه هنا، فكل صوم
متتابع في أي زمان كان مع الاطلاق يصح أن
يجعله المنذور، أما مع التعيين فلا يمكنه
البدلية (1). انتهى كلامه رحمه الله، وهو
جيد، ولا يخفى أن عدم الاستئناف إنما يتجه
إذا كان ما إتى به ثلاثة فصاعدا " كما هو
واضح. قوله: (ويجوز الخروج للامور
الضرورية). هذا قول العلماء كافة، وقد تقدم
من الاخبار ما يدل عليه، (2) ويندرج في
الامور الضرورية تحصيل المأكول والمشروب
إذا لم يكن له من يأتيه بهما، وجوز العلامة
في التذكرة (3) والشارح (4) الخروج للاكل أيضا
" إذا كان في فعله في المسجد غضاضة عليه،
بخلاف الشرب، إذ لا غضاضة فيه، ولا يعد
تركه من المروة. وهو غير بعيد، لكن لو
اندفعت الغضاضة بالسترة في المسجد امتنع
الخروج قطعا ". قوله: (كقضاء الحاجة). الظاهر
أن المراد بالحاجة هنا التخلي كما يشعر به
عطف الاغتسال عليه وجعله مثالا " للامور
الضرورية. ولا ريب في جواز الخروج إلى ذلك،
لكن يجب تحري أقرب الطرق إلى المواضع التي
تصلح لقضاء الحاجة بحسب حاله. وقال في
المنتهى: لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج
إليها، إلا أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل
الاحتشام فيجد المشقة بدخولها لاجل
الناس، فعندي ها هنا يجوز أن يعدل عنها إلى
منزله وإن كان
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 253. (2) الوسائل 7: 408 ابوبا كتاب
الاعتكاف ب 7. (3) التذكرة 1: 290. (4) المسالك 1:
84.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 332 ]
أبعد. ثم قال: ولو بذل له صديق منزله وهو
قريب من المسجد لقضاء حاجته لم تلزمه
الاجابة، لما فيه من المشقة بالاحتشام، بل
يمضي إلى منزله (1). وما ذكره رحمه الله غير
بعيد مع المشقة اللازمة من ذلك، وإن كان
الاقتصار في الخروج على ما تندفع به
الضرورة طريق الاحتياط. واحتمل الشارح -
قدس سره - أن يكون المراد بالحاجة في كلام
المصنف مطلق الحاجة، ويكون ذكر الاغتسال
من باب عطف الخاص على العام، ثم قال: ولا
فرق في الحاجة بالمعنى الثاني بين أن تكون
له أو لغيره من المؤمنين (2). وبالجواز قطع
العلامة في المنتهى من غير نقل خلاف (3)،
واستدل عليه بأنه طاعة فلا يمنع منها
الاعتكاف، قال: ويؤيده ما رواه ابن بابويه
عن ميمون بن مهران، قال: كنت جالسا " عند
الحسن بن علي عليهما السلام، فأتاه رجل
فقال: يابن رسول الله إن فلانا " له علي مال
ويريد أن يحبسني، فقال: (والله ما عندي مال
فأقضي عنك) قال: فكلمه فلبس عليه السلام
نعله فقلت له: يابن رسول الله أنسيت
اعتكافك؟ فقال: (لم أنس، ولكني سمعت أبي
عليه السلام يحدث عن رسول الله صلى الله
عليه وآله أنه قال من سعى في حاجة أخيه
المسلم فكأنما عبد الله عزوجل تسعة آلاف
سنة صائما " نهاره قائما " ليله) (4) وهذه
الرواية صريحة في المطلوب، لكنها قاصرة من
حيث السند (5)، فلا تصلح لتخصيص الاخبار
المتضمنة لاطلاق
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 634. (2) المسالك 1: 84. (3) المنتهى
2: 635. (4) الفقيه 2: 123 / 538، الوسائل 7: 409 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 7 ح 4. (5) بالارسال وجهالة
الراوي وضعف الطريق راجع معجم رجال الحديث
19: 114 / 12944.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 333 ]
[ والاغتسال، وشهادة الجنازة، وعود
المرضى، وتشييع المؤمن، ] المنع من الخروج.
قوله: (والاغتسال). قيده في التذكرة بكونه
للاحتلام، فلا يجوز الخروج للغسل المندوب
(1)، وهو حسن. وفي معنى غسل الجنابة غسل
المرأة للاستحاضة، ولو أمكن الغسل في
المسجد على وجه لا تتعدى إليه النجاسة فقد
أطلق جماعة المنع من ذلك، لما فيه من
الاستهانة المنافية (2) لاحترام المسجد،

ويحتمل الجواز كما في الوضوء والغسل
المندوب. قوله: (وشهادة الجنائز). لورود
الاذن في ذلك في صحيحتي الحلبي وابن سنان
المتقدمتين (3)، ولا فرق في ذلك بين من
يتعين عليه حضور الجنازة وغيره، لاطلاق
النص. قوله: (وعود المرضى وتشييع المؤمن).
أما جواز الخروج لعيادة المرضى فقال في
التذكرة: إنه قول علمائنا أجمع (4). وهو مروي
في صحيحة الحلبي المتقدمة عن الصادق عليه
السلام (5). وأما جواز الخروج لتشييع المؤمن
فذكره المصنف (6) والعلامة (7)، ولم أقف على
رواية تدل عليه، فالاولى تركه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 290. (2) في الاصل وباقي النسخ
والحجري: الاستهان المنافي، ولم نجد هذا
المصدر في معاجم اللغة التي بين ايدينا. (3)
في ص 329. (4) التذكرة 1: 291. (5) راجع ص 329. (6)
الشرائع 1: 217. (7) القواعد 1: 71. المنتهى 2: 634.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 334 ]
[ واقامة الشهادة. وإذا خرج لشئ من ذلك لم
يجزله الجلوس ولا المشي تحت الظلال، ]
قوله: (وإقامة الشهادة). إنما يجوز الخروج
لاقامة الشهادة إذا تعينت عليه ولم يمكن
أداؤها بدون الخروج. وفي معنى الاقامة
التحمل الواجب قوله: (وإذا خرج لشئ من ذلك
لم يجز له الجلوس، ولا المشي تحت الظلال).
أما تحريم الجلوس فلا ريب فيه، لقوله عليه
السلام في صحيحة الحلبي: (لا ينبغي للمعتكف
أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها، ثم
لا يجلس حتى يرجع) (1) وفي رواية داود بن
سرحان: (ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى
مجلسك) (2). وأما تحريم المشي تحت الظلال
فذكره الشيخ في الجمل (3)، واعترف المصنف (4)
ومن تأخر عنه (5) بعدم الوقوف على مستنده،
وقال الشيخ في المبسوط: ليس المحرم إلا
القعود تحت الظل وغيره (6). واختاره المصنف
في المعتبر وأكثر المتأخرين، وهو
المعتمد،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المتقدمة في ص 329. (2) الكافي 4: 178 / 2،
الفقيه 2: 122 / 528، التهذيب 4: 287 / 870، الوسائل
7: 408 ابواب كتاب الاعتكاف ب 7 ح 3. (3) الجمل
والعقود (الرسائل العشر): 222. (4) المعتبر 2:
735. (5) كالعلامة في المختلف: 255، والشهيد
الثاني في المسالك 1: 84. (6) المبسوط 1: 293. (7)
المعتبر 2: 735.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 335 ]
[ ولا الصلاة خارج المسجد الا بمكة، فانه
يصلى بها اين شاء. ] تمسكا " بمقتضى الاصل
فيما لم يقم دليل على تحريمه. قوله: (ولا
الصلاة خارج المسجد إلا بمكة، فإنه يصلي
بها أين شاء). المراد أن المعتكف إذا خرج
مكة من المسجد الذي اعتكف فيه لضرورة ثم
حضر وقت الصلاة وهو في بيت من بيوتها جاز
له الصلاة فيه، بخلاف ما عدا مكة، فإن
المعتكف إذا خرج لضرورة فحضر وقت الصلاة
لم تجز له الصلاة حتى يرجع إلى المسجد الذي
اعتكف فيه، إلا مع ضيق الوقت فيصلي حيث شاء.
أما أنه لا يجوز له الصلاة خارج المسجد
الذي اعتكف فيه في غير مكة مع عدم تضيق
الوقت فظاهر، لان الخروج من المسجد إنما
يجوز للضرورة فيتقدر بقدرها. وأما جواز
الصلاة في مكة في أي بيوتها شاء فيدل عليه
روايات، منها ما رواه الكليني وابن بابويه
في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (المعتكف بمكة يصلي
في أي بيوتها شاء، سواء عليه صلى في المسجد
أو في بيوتها) (1). وما رواه الشيخ والكليني
في الصحيح، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد
الله عليه السلام، قال: (المعتكف بمكة يصلي
في أي بيوتها شاء، والمعتكف في غيرها لا
يصلي إلا في المسجد الذي سماه) (2).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 177 / 4، الفقيه 2: 121 / 522، الوسائل
7: 410 ابواب كتاب الاعتكاف ب 8 ح 1. (2) الكافي 4:
177 / 5، التهذيب 4: 293 / 892، الاستبصار 2: 128 / 417،
الوسائل 7: 410 ابواب كتاب الاعتكاف ب 8 ح 2.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 336 ]
[ ولو خرج من المسجد ساهيا لم يبطل
اعتكافه. فروع: { الاول }: إذا نذر اعتكاف
شهر معين ولم يشرط التتابع فاعتكف بعضه
واخل بالباقي صح ما فعل وقضى ما اهمل، ولو
تلفظ فيه بالتتابع استانف. ] ويستثنى من
المنع من الصلاة خارج المسجد في غير مكة
صلاة الجمعة، فإنه يخرج لادائها إذا أقيمت
في غير المسجد الذي اعتكف فيه، لانه خروج
لابد منه شرعا "، ولقوله عليه السلام في
صحيحة ابن سنان: (ليس على المعتكف أن يخرج
من المسجد إلا إلى صلاة الجمعة أو جنازة أو
غائط) (1). وألحق الشيخ في المبسوط بصلاة
الجمعة صلاة العيد (2)، وهو مبني على جواز
صومه للقاتل في الاشهر الحرم. قوله: (ولو
خرج من المسجد ساهيا " لم يبطل اعتكافه).
هكذا أطلق الاكثر، واستدلوا عليه بالاصل،
وحديث رفع، وعدم توجه النهي إلى الساهي.
وقيده الشارح بما إذا لم يطل زمان الخروج
بحيث يخرج عن كونه معتكفا "، وإلا بطل وإن

انتفى الاثم (3)، ولا بأس به، وحيث لا يبطل
فيجب عليه العود حين الذكر، فلو أخر
اختيارا " بطل. قوله: (فروع، الاول: إذا نذر
اعتكاف شهر معين ولم يشترط التتابع فاعتكف
بعضه وأخل بالباقي صح ما فعل ووقضى ما
اهمل، ولو تلفط فيه بالتتابع استانف. ]
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 178 / 1، الوسائل 7: 409 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 7 ح 6. (2) المبسوط 1: 292. (3) المسالك
1: 84.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 337 ]
[ الثاني: إذا نذر اعتكاف شهر معين ولم
يعلم به حتى خرج كالمحبوس أو الناسي - قضاه.
الثالث: إذا نذر اعتكاف اربعة ايام فاخل
بيوم قضاه، لكن يفتقر ان يضم إليه آخرين،
ليصح الاتيان به. ] بل الاصح عدم بطلان ما
فعل إذا كان ثلاثة فصاعدا مع التلفظ
بالتتابع وبدونه إذ المفروض تعيين
الزمان، وقد عرفت أن التلفظ بالتتابع لا
يفيد مع تعيين الزمان إلا مجرد التأكيد،
لافادة التعيين التتابع المعنوي، وقد
بينا ذلك فيما سبق. قوله: (الثاني، إذا نذر
اعتكاف شهر معين ولم يعلم به حتى خرج -
كالمحبوس والناسي - قضاه). هذا الحكم مقطوع
به في كلام الاصحاب، واستدل عليه في
المنتهى بأنه نذر في طاعة أخل به فوجب عليه
قضاؤه (1). وهو إعادة للمدعى، وينبغي التوقف
في ذلك إلى أن يقوم على وجوب القضاء دليل
يعتد به، أما الكفارة فلا ريب في سقوطها
للعذر. قال في الدروس: ولو اشتبه الشهر
فالظاهر التخيير، وكذا لو غمت الشهور عليه
(2). ويمكن المناقشة في هذا الحكم أيضا " بأن
الاصل عدم وجوب المنذور المعين إلا إذا
علم دخول وقته، وإلحاقه بصوم رمضان يحتاج
إلى دليل، وإن كان ما ذكره أحوط. قوله:
(الثالث، إذا نذر اعتكاف أربعة أيام فأخل
بيوم قضاه، لكن يفتقر أن يضم إليه آخرين،
ليصح الاتيان به). المراد بقضاء ذلك اليوم:
الاتيان به ليتناول المنذور المطلق
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 631. (2) الدروس: 81.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 338 ]
[ الرابع: إذا نذر اعتكاف يوم لا ازيد لم
ينعقد، ولو نذر اعتكاف ثانى قدوم زيذ صح،
ويضيف إليه آخرين. واما اقسامه: فانه ينقسم
إلى واجب وندب. فالواجب ما وجب بنذر وشبهه،
والمندوب ما تبرع به. فالاول: يجب بالشروع.
والثانى. لا يجب المضى فيه حتى يمضى يومان
فيجب الثالث. وقيل لا يجب، والاول اظهر. ]
والمعين. ولو كان المنذور خمسة وجب أن يضم
إليها سادسا "، سواء أفرد اليومين أم ضمهما
إلى الثلاثة، لما بيناه فيما سبق من أن
الاظهر وجوب ثالث (1). قوله: (الرابع، إذا
نذر اعتكاف يوم لا أزيد لم ينعقد، ولو نذر
اعتكاف ثاني قدوم زيد صح، ويضيف إليه
آخرين). المراد بنفي الزائد في الصورة
الاولى جعليه مقيدا " في اعتكاف اليوم، أي
نذر اعتكاف يوم مع نفي الزائد، ووجه عدم
الانعقاد على هذا التقدير ظاهر، لعدم ثبوت
التعبد باعتكاف اليوم الواحد خاصة، أما لو
نذر يوما " وسكت عن الزائد فإنه ينعقد نذره
ويضم إليه آخرين، وقد نبه عليه بقوله: ولو
نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد صح ويضيف إليه
آخرين. قوله: (وأما أقسامه، فإنه ينقسم إلى
واجب وندب، فالواجب ما وجب بنذر وشبهه،
والمندوب ما تبرع به، والاول يجب بالشروع،
والثاني لا يجب المضي فيه حتى يمضي يومان
فيجب الثالث، وقيل: لا يجب، والاول أظهر).
البحث في هذه الجملة معلوم مما سبق، لكن
الظاهر من قول المصنف: إن الاول وهو ما وجب
بنذر وشبهه يجب بالشروع، إنه يجب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) راجع ص 314.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 339 ]
[ ولو شرط في حال نذره الرجوع إذا شاء كان
له ذلك اي وقت شاء، ولا قضاء. ولو لم يشترط
وجب استئناف ما نذره إذا قطعه. ] المضي فيه
بمجرد الشروع، وهو جيد مع تعين الزمان،
أما مع إطلاقه فمشكل، ولو قيل بمساواته
للمندوب في عدم وجوب المضي فيه قبل مضي
اليومين لم يكن بعيدا ". قوله: (ولو شرط في
حال نذره الرجوع إذا شاء كان له ذلك أي وقت
شاء، ولا قضاء، ولو لم يشترط وجب استئناف
ما نذره إذا قطعه). البحث في هذه المسألة
يقع في مواضع: الاول: في مشروعية هذا
الشرط، وهو مقطوع به في كلام الاصحاب
وغيرهم، قال في المنتهى: ويستحب للمعتكف
أن يشترط على ربه في الاعتكاف أنه إن عرض
له عارض أن يخرج من الاعتكاف، ولا نعرف فيه
مخالفا " إلا ما حكي عن مالك أنه قال: لا يصح
الاشتراط (1). والاصل في ذلك من طريق
الاصحاب ما رواه الشيخ، عن عمر بن يزيد، عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا اعتكف
العبد فليصم) وقال: (لا يكون اعتكاف أقل من
ثلاثة أيام، واشترط على ربك في اعتكاف كما
تشترط عند إحرامك، أن ذلك في اعتكافك عند
عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله)

(2). وما رواه الكليني في الصحيح، عن أبي
أيوب، عن أبي بصير،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 638. (2) التهذيب 4: 289 / 878،
الاستبصار 2: 129 / 419، الوسائل 7: 399 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 2 ح 9.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 340 ]
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا
يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام، ومن
اعتكف صام، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن
يشترط كما يشترط الذي يحرم) (1). وفي الصحيح
عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام،
قال: (إذا اعتكف يوما " ولم يكن اشترط فله أن
يخرج ويفسخ الاعتكاف، وإن أقان يومين ولم
يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى
يمضي ثلاثة أيام) (2). والاخبار الواردة
بذلك كثيرة. الثاني: في محله، وهو في
المتبرع به عند نيته والدخول فيه، وأما
المنذور فقد صرح المصنف (3) وغيره (4) بأن محل
اشتراط ذلك في عقد النذر. قال في المعتبر:
أما إذا أطلقه من الاشتراط على ربه فلا يصح
له الاشتراط عند أيقاع الاعتكاف، وإنما
يصح فيما يبتدئ به من الاعتكاف لا غير (5).
ولم أقف على رواية تدل على ما ذكروه من
شرعية اشتراط ذلك في عقد النذر، وإنما
المستفاد من النصوص أن محل ذلك نية
الاعتكاف مطلقا "، ولو قيل بجواز اشتراطه
في نية الاعتكاف المنذور إذا كان مطلقا "
لم يكن بعيدا "، خصوصا " على ما أشرنا إليه
سابقا " من مساواته للمندوب في عدم وجوب
المضي فيه إلا بمضي اليومين.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 177 / 2، الوسائل 7: 404 ابواب كتاب
الاعتكاف ب 4 ح 2. (2) الكافي 4: 177 / 3، الفقيه 2:
121 / 526، التهذيب 4: 289 / 879، الاستبصار 2: 129 /
421، الوسائل 7: 404 ابواب كتاب الاعتكاف ب 4 ح
1. (3) المعتبر 2: 739. (4) كالعلامة في المنتهى 2:
638. (5) المعتبر 2: 740.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 341 ]
ولو قلنا إن اشتراط الخروج إنما يسوغ عند
العارض وفسرناه بالامر الضروري جاز
اشتراطه في المنذور المعين أيضا ". الثالث:
في كيفيته وقد اختلفت عبارات الاصحاب في
ذلك، فأطلق المصنف أنه يجوز للمعتكف
اشتراط الرجوع إذا شاء (1)، وبه قطع في
الدروس وصرح بأنه يجوز للمعتكف والحال هذه
الرجوع متى شاء ولا يتقيد بالعارض (2). وقال
العلامة في التذكرة: يستحب للمعتكف أن
يشترط على ربه في الاعتكاف أنه إن عرض له
عارض أن يخرج من الاعتكاف بإجماع العلماء
(3). ونحوه قال في المنتهى (4). وقال المصنف في
المعتبر: يستحب أن يشترط في اعتكافه كما
يشترط في إحرامه (5). ومقتضى ذلك تقيده
بالعارض كما في حال الاحرام، ونحوه قال في
النافع (6)، وبه قطع الشارح قدس سره (7)، وهو
جيد، لانه المستفاد من تشبيه هذا الشرط
بشرط المحرم في روايتي عمر بن يزيد وأبي
بصير المتقدمتين (8)، لكن ينبغي أن يراد
بالعارض ما هو أعم من العذر كما تدل عليه
صحيحة أبي ولاد عن الصادق عليه السلام: وقد
سأله عن امرأة معتكفة بإذن زوجها وهو غائب،
فلما
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المعتبر 2: 739، والمختصر النافع: 74. (2)
الدروس: 81. (3) التذكرة 1: 293. (4) المنتهى 2: 638.
(5) المعتبر 2: 738. (6) المختصر النافع: 74. (7)
المسالك 1: 85. (8) في ص 340.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 342 ]
بلغها قدومه خرجت من المسجد وتهيأت له حتى
واقعها فقال: (إن كانت خرجت من المسجد قبل
ان تمضى ثلاثة ايام ولم تكن اشترطت، فان
عليها ما على المظاهر " (1) دلت الرواية
بظاهرها على سقوط الكفارة عن المرأة
والحال هذه مع الاشتراط، مع ان الزوج ليس
من الاعذار المسوغة للخروج من الاعتكاف،
نعم هومن جملة العوارض. ويدل عليه ايضا
قوله عليه السلام في صحيحة ابن مسلم: " إذا
اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج
ويفسخ الاعتكاف، وان اقام يومين ولم يكن
اشترط فليس له ان يفسخ اعتكافه حتى يمضى
ثلاثة ايام " (2) فانه يدل بظاهره على ان
للمعتكف فسخ الاعتكاف بعد اليومين مع
الاشتراط لا بدونه، والفرق انما يظهر إذا
لم يكن المقتضى للخروج امرا ضروريا مسوغا
للخروج بنفسه، والا جاز مع الشرط وبدونه
كما هو واضح. الرابع: في فائدة هذا الشرط،
وفائدته جواز الرجوع عند العارض، أو متى
شاء - على ما هو ظاهر اختيار المصنف - وإن
مضى اليومان، أو كان واجبا " بالنذر وشبهه.
ولو خصصنا اشتراط الرجوع بالعارض وفسرناه
بالعذر الطارئ بغير اختياره كالمرض
والخوف انتفت هذه الفائدة، لجواز الرجوع
والحال هذه مع الشرط وبدونه.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الكافي 4: 177 / 1، الفقيه 2: 121 / 524، التهذيب
4: 289 / 877، الاستبصار 2: 130 / 422، الوسائل 7: 407
ابواب كتاب الاعتكاف ب 6 ح 6. (2) الكافي 4: 177 /

3، الفقيه 2: 121 / 526، التهذيب 4: 289 / 879،
الاستبصار 2: 129 / 421، الوسائل 7: 404 ابواب
كتاب الاعتكاف ب 4 ح 1.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 343 ]
[ واما احكامه، فقسمان: الاول: انما يحرم
على المعتكف: النساء لمسا وتقبيلا وجماعا،
] وذكر المصنف (1) وغيره (2) أن فائدة الشرط
سقوط القضاء مع الرجوع في الواجب المعين.
وهو جيد، لمطابقته لمقتضى الاصل، وإن أمكن
المناقشة فيه لو قلنا بوجوب القضاء بدون
الشرط. أما الواجب المطلق - أعني الذي لم
يتعين زمانه - فالاظهر وجوب الاتيان به بعد
ذلك كما اختاره المصنف في المعتبر والشهيد
في الدروس (3) والشارح قدس سره (4). وربما ظهر
من قول المصنف: ولا قضاء، سقوط القضاء هنا
أيضا "، فإنهم يطلقون القضاء على ما يتناول
ذلك وإن كان حقيقته الاتيان بالواجب بعد
خروج وقته. وقول المصنف: ولو لم يشترط وجب
استئناف ما نذره إذا قطعه، إنما يتم في
المطلق المشروط فيه التتابع، أما المعين
والمطلق الذي لم يشترط فيه التتابع فقد
تقدم ما فيه من التفصيل. قوله: (وأما أحكامه
فقسمان: الاول: إنما يحرم على المعتكف
النساء لمسا " وتقبيلا " وجماعا "). المراد
من اللمس والتقبيل ما كان بشهوة، أما ما لم
يكن كذلك فليس بمحرم. وقد قطع الاصحاب
بتحريم كل من الثلاثة، لاطلاق قوله تعالى:
(ولا تباشروهن) (5) فإنه يتناول الجميع. نعم
استقرب
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختصر النافع: 74. (2) كالشهيد الثاني في
المسالك 1: 85. (3) المعتبر 2: 740، والدروس: 81. (4)
المسالك 1: 85. (5) البقرة: 187.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 344 ]
[ وشم الطيب على الاظهر، واستدعاء المنى،
والبيع والشراء، ] العلامة في الختلف عدم
فساد الاعتكاف بالتقبيل واللمس وإن كانا
محرمين (1). ولا بأس به. قوله: (وشم الطيب على
الاظهر). خالف في ذلك الشيخ في المبسوط،
فحكم بعد تحريمه (2). والاصح ما اختاره
الاكثر من تحريم شم الطيب والرياحين، لما
رواه الكليني في الصحيح، عن أبي عبيدة، عن
أبي جعفر عليه السلام، قال: (المعتكف لا
يشم الطيب، ولا يتلذذ بالريحان، ولا
يماري، ولا يشتري، ولا يبيع) (3). قوله:
(واستدعاء المني). لم أقف في ذلك على نص
بالخصوص، وربما كان وجهه أنه أشد منافاة
للاعتكاف من التقبيل واللمس المحرمين،
فيكون تحريمه أولى. قوله: (والبيع والشراء).
هذا قول علمائنا وأكثر العامة، لورود
النهي عنه في صحيحة أبي عبيدة المتقدمة.
وقال في المنتهى: كلما يقتضي الاشتغال
بالامور الدنيوية من أصناف المعايش ينبغي
القول بالمنع منه، عملا " بمفهوم النهي عن
البيع والشراء (4). وهو غير جيد، لان النهي
عن البيع والشراء لا يقتضي
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المختلف: 253. (2) المبسوط 1: 293. (3) الكافي 4:
177 / 4، الوسائل 7: 411 ابواب كتاب الاعتكاف ب 10
ح 1. (4) المنتهى 2: 639.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 345 ]
[ والمماراة. ] النهي عما ذكره بمنطوق ولا
مفهوم. نعم ربما دلت عليه بالعلة
المستنبطة وهي غير معتبرة عندنا. ثم قال:
الوجه تحريم الصنائع المشغلة عن العبادة،
كالخياطة وشبهها، إلا ما لا بد منه.
والكلام فيه كالذي قبله. ويستثنى من تحريم
البيع والشراء ما تدعو الحاجة إليه كشراء
ما يضطر إليه من المأكول والملبوس، وبيع
ما يشتري به ذلك. وشرط الشهيد في الدروس
تعذر المعاطاة (1). وهو مبني على أنها ليست
بيعا "، وهو غير واضح، نعم لو اعتبر في ذلك
عدم تمكنه من التوكيل كان وجها " قويا ".
قوله: (والمماراة). لورود النهي عنها في
صحيحة أبي عبيدة المتقدمة (2). والمماراة
لغة المجادلة (3)، قال الشارح قدس سره:
والمراد به هنا المجادلة على أمر دنيوي أو
ديني لمجرد اثبات الغلبة أو الفضيلة، كما
يتفق لكثير من المتسمين بالعلم، وهذا
النوع محرم في غير الاعتكاف أيضا ". ثم قال:
ولو كان الغرض من الجدال في المسألة
العلمية مجرد إظهار الحق ورد الخصم عن
الخطأ كان من أفضل الطاعات، والمائز بين
ما يحرم منه وما يجب أو يستحب النية،
فليحترز المكلف من تحويل الشئ من كونه
واجبا " إلى جعله من كبار القبائح (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الدروس: 80. (2) في ص 345. (3) راجع القاموس
المحيط 4: 392. (4) المسالك 1: 85.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 346 ]
[ وقيل: يحرم عليه ما يحرم على المحرم، ولم
يثبت. فلا يحرم عليه لبس المخيط، ولا ازالة
الشعر، ولا اكل الصيد، ولا عقد النكاح.
ويجوز له النظر في معاشه، والخوض في
المباح. ] قوله: (وقيل، يحرم عليه ما يحرم
على المحرم ولم يثبت، فلا يحرم عليه لبس

المخيط، ولا إزالة الشعر، ولا أكل الصيد
ولا عقد النكاح). هذا القول منقول عن الشيخ
في الجمل وهذه عبارته: ويجب عليه تجنب كلما
يجب على المحرم تجنبه من النساء والتطيب
والمماراة والجدال، ويزيد عليه تسعة
أشياء: البيع، والشراء (1). وهذه العبارة
كما ترى غير صريحة في تحريم الجميع وإن
كانت لا تخلو من قصور في تأدية المراد.
وقال العلامة في التذكرة: إن الشيخ لا يريد
بذلك العموم، لانه لا يحرم على المعتكف لبس
المخيط إجماعا "، ولا إزالة الشعر، ولا أكل
الصيد، ولا عقد النكاح (2). وهو جيد. وكيف
كان فلا ريب في ضعف هذا القول، لانتفاء
الدليل عليه رأسا "، ولانه لم ينقل من فعل
النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم
السلام والصحابة والتابعين، ولو كان
ثابتا " لنقل كما نقل غيره من الاحكام
المتعلقة بذلك. قوله: (ويجوز النظر في
معاشه والخوض في المباح). لا ريب في جواز
النظر في أمور معاشه والتكلم بالمباح، لكن
الاولى الاقتصار من ذلك على ما يضطر إليه،
والاشتغال بما هو وظيفة
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الجمل والعقود (الرسائل العشر): 222. (2)
التذكرة 1: 286.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 347 ]
[ وكل ما ذكرناه من المحرمات عليه نهارا
يحرم عليه ليلا عدا الافطار. ومن مات قبل
انقضاء اعتكافه الواجب، قيل: يجب على
الولى القيام به، وقيل: يستاجر من يقوم به،
والاول اشبه. ] المعتكف من العبادات،
كالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن. قال في
المنتهى: ويستحب له دراسة العلم والمناظرة
فيه وتعليمه وتعلمه في الاعتكاف بل هو أفضل
من الصلاة المندوبة (1). وهو كذلك. قوله: (وكل
ما ذكرناه من المحرما ت عليه نهارا " يحرم
عليه ليلا " عدا الافطار). المراد أن كل ما
يحرم على المعتكف من حيث إنه معتكف فإن
تحريمه يتناول الليل والنهار، لدخول
الليالي في الاعتكاف كالايام، أما ما وجب
الامساك عنه باعتبار الصوم فإنه يمسك عنه
نهارا "، لانه زمان الصوم. وهل تختص هذه
المحرمات بالاعتكاف الواجب أو تتناول
المندوب أيضا "؟ إطلاق النص وكلام الاصحاب
يقتضي الثاني، وقد تقدم نظيره في التكفير
في صلاة النافلة، والارتماس في الصوم
المندوب. قوله: (ومن مات قبل انقضاء الواجب
قيل: يجب على الولي القيام به، وقيل:
يستأجر من يقوم به، والاول أشبه). هذان
القولان حكاهما الشيخ في المبسوط (2)،
واستدل لهما بما روي أن من مات وعليه صوم
واجب وجب على وليه أن يقضي عنه أو
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المنتهى 2: 639. (2) المبسوط 1: 293.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 348 ]
[ القسم الثاني: فيما يفسده، وفيه مسائل:
الاولى: كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف،
كالجماع والاكل والشرب والاستمناء، فمتى
افطر في اليوم الاول والثانى لم يجب به
كفارة الا ان يكون واجبا. وان افطر في
الثالث وجبت الكفارة. ومنهم من خص الكفارة
بالجماع حسب، واقتصر في غيره من المفطرات
على القضاء وهو الاشبه. ] يتصدق عنه (1). قال
في المعتبر: وما ذكره - رحمه الله - إنما يدل
على وجوب قضاء الصوم، أما الاعتكاف فلا (2).
وهو وقد بينا فيما سبق أن الصوم لا يجب
لاجل الاعتكاف، لجواز إيقاعه في صوم مستحق
كرمضان فلا يكون وجوب الاعتكاف مقتضيا "
لوجوب الصوم ليجب على الولي القيام به كما
هو واضح. قوله: (الاولى، كل ما يفسد الصوم
يفسد الاعتكاف، كالجماع والاكل والشرب
والاستمناء، فمن أفطر في اليوم الاول أو
الثاني لم يجب به كفارة إلا أن يكون واجبا
"، وإن أفطر في الثالث وجبت الكفارة، ومنهم
من خص الكفارة بالجماع حسب واقتصر في غيره
من المفطرات على القضاء، وهو الاشبه). أما
فساد الاعتكاف بكل ما يفسد الصوم فلا ريب
فيه، لانه لا يصح إلا بصوم، فيفسد بفساد
شرطه. وأما وجوب الكفارة بفعل المفطر في
الاعتكاف الواجب فهو اختيار المفيد (3)
والمرتضى (4)، قال في المعتبر: ولا أعرف
مستندهما (5).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الوسائل 7: 240 ابواب احكام شهر رمضان ب 23.
(2) المعتبر 2: 744. (3) المقنعة: 58. (4) نقله عنه
في المعتبر 2: 742. (5) المعتبر 2: 742.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 349 ]
والاصح ما اختاره الشيخ (1) والمصنف وأكثر
المتأخرين من اختصاص الكفارة بالجماع دون
ما عداه من المفطرات وإن كان يفسد به
الصوم، ويجب به القضاء فيما قطع به
الاصحاب. أما وجوب الكفارة بالجماع فتدل
عليه روايات، منها ما رواه ابن بابويه في
الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن
رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه
السلام عن المعتكف يجامع فقال: (إذا فعل
ذلك فعليه ما على المظاهر) (2). وأما انتفاء

الكفارة في غيره فللاصل السليم من
المعارض. واعلم أن إطلاق الروايات
المتضمنة لوجوب الكفارة بالجماع يقتضي
بظاهره عدم الفرق في الاعتكاف بين الواجب
والمندوب، ولا في الواجب بين المطلق
والمعين، وبمضمونها أفتى الشيخان (3). قال
في المعتبر: ولو خصا ذلك باليوم الثالث أو
بالاعتكاف اللازم كان أليق بمذهبهما،
لانا بينا أنا الشيخ ذكر في النهاية
والخلاف أن للمعتكف الرجوع في اليومين
الاولين من اعتكافه، وأنه إذا اعتكفهما
وجب الثالث، وإذا كان له الرجوع لم يكن
لايجاب الكفارة مع جواز الرجوع وجه، لكن
يصح هذا على قول الشيخ في المبسوط، فإنه
يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه (4). وما
ذكره غير بعيد، لان المطلق لا
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) المبسوط 1: 294، والنهاية: 172. (2) الفقيه 2:
122 / 532، الوسائل 7: 406 ابواب كتاب الاعتكاف ب
6 ح 1. (3) المفيد في المقنعة: 58، والشيخ في
النهاية: 172، والخلاف 1: 408، والمبسوط 1: 294. (4)
المعتبر 2: 743.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 350 ]
[ وتجب كفارة واحدة ان جامع ليلا. وكذا ان
جامع نهارا في غير رمضان. ولو كان فيه لزمه
كفارتان. ] عموم له، فيكفي في العمل به
إجراؤه في الواجب. والاصح أن كفارة
الاعتكاف كفارة ظهار، لصحيحة زرارة
المتقدمة (1)، وذهب الاكثر إلى أنها مخيرة،
لموثقة سماعة بن مهران، قال: (سألت أبا عبد
الله علييه السلام عن معتكف واقع أهله
فقال: (هو بمنزلة من أفطر يوما " من شهر
رمضان) (2). قال في المختلف: والرواية الاولى
أصح طريقا "، والثانية أوضح عند الاصحاب (3).
قوله: (وتجب كفارة واحدة إن جامع ليلا "،
وكذا إن جامع نهارا " في غير رمضان، ولو كان
فيه لزمه كفارتان). أما وجوب الكفارتين إذا
جامع نهارا " في شهر رمضان، إحداهما
للاعتكاف، والاخرى لصوم رمضان، فهو مذهب
الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا "، ويدل عليه
مضافا " إلى ما تكرر في كلام الاصحاب من أن
اختلاف الاسباب يقتضي اختلاف المسببات،
ما رواه ابن بابويه، عن محمد بن سنان، عن
عبد الاعلى بن أعين، قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن رجل وطئ امرأته وهو
معتكف ليلا " في شهر رمضان، قال: (عليه
الكفارة) قال، قلت: وإن وطئها نهارا "، قال:
(عليه كفارتان) (4).
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في ص 350. (2) الكافي 4: 179 / 2، الفقيه 2: 123 /
534، التهذيب 4: 291 / 886، الاستبصار 2: 130 / 423،
الوسائل 7: 406 ابواب كتاب الاعتكاف ب 6 ح 2. (3)
المختلف: 254. (4) الفقيه 2: 122 / 533، الوسائل 7: 407
ابواب كتاب الاعتكاف ب 6 ح 4.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 351 ]
[ الثانية: الارتداد موجب للخروج من
المسجد، ويبطل الاعتكاف وقيل: لا يبطل،
وان عاد بني، والاول اشبه. ] وينبغي تقييده
بما إذا كان الاعتكاف واجبا " كالمنذور
والثوالث، بناءا " على أن الكفارة إنما
تثبت في الاعتكاف الواجب. وفي صوم رمضان
الصوم المنذور إذا تعلق بزمان معين، وقضاء
رمضان، فيجب فيهما كفارتان، إحداهما
للاعتكاف، والاخرى للقضاء أو النذر. وأما
وجوب الكفارة الواحدة للاعتكاف إذا جامع
ليلا " في شهر رمضان، أو نهارا " في غير
رمضان وما في معناه فظاهر، لان إفساد
الاعتكاف إنما يوجب كفارة واحدة ولا مقتضي
للزائد. ونقل عن السيد المرتضى - رضي الله
عنه - أنه أطلق وجوب الكفارتين على المعتكف
إذا جامع نهارا "، والواحدة إذا جامع ليلا
(1)، قال في التذكرة: والظاهر أن مراده
رمضان (2). واستقرب الشهيد في الدروس هذا
الاطلاق، قال: لان في النهار صوما "
واعتكافا (3) وهو ضعيف، لان مطلق الصوم لا
يترتب على إفساده الكفارة كما هو واضح.
قوله: (الثانية، الارتداد موجب للخروج من
المسجد، ويبطل الاعتكاف، وقيل لا يبطل،
وهو الاشبه). القولان للشيخ رحمه الله،
أولهما في الخلاف، وثانيهما في المبسوط
(4)، والاصح الاول، لان المرتد يقتل إن كان
عن فطرة،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) الانتصار: 73. (2) التذكرة 1: 294. (3) الدروس:
81. (4) الخلاف 1: 407، والمبسوط 1: 294.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 352 ]
[ الثالثة: قيل، إذا اكره امرأته على
الجماع وهما معتكفان نهارا في شهر رمضان
لزمه اربع كفارات. وقيل: يلزمه كفارتان،
وهو الاشبه. الرابعة: إذا طلقت المعتكفة
رجعية خرجت إلى منزلها، ثم قضت ] ويجب
خروجه من المسجد إن لم يكن عن فطرة، وعلى
التقديرين فجلوسه في المسجد منهي عنه، فلا
يكون منعقدا (1) به، ويلزم من ذلك فساد
الاعتكاف، لعدم حصول التوالي المعتبر فيه.
قوله: (الثالثة، قيل: إذا أكره امرأته على
الجماع وهما معتكفان نهارا " في شهر رمضان

لزمه أربع كفارات، وقيل: يلزمه كفارتان،
وهو الاشبه). القول بلزوم الاربع للشيخ (2)
والمرتضى (3) وجماعة (4)، قال في المعتبر:
وهذا ليس بصواب، إذ لا مستند له، وجعله
كالاكراه في صوم رمضان قياس (5). والاصح ما
اختاره المصنف من وجوب الكفارتين خاصة،
إحداهما للاعتكاف، والاخرى لصوم شهر
رمضان، لكن اختيار المصنف لذلك مناف لما
جزم به في الصوم من تعدد الكفارة عليه في
صوم شهر رمضان، إذ مقتضاه أنه يجب على
المعتكف هنا ثلاث كفارات، اثنتان عنه،
وواحدة عن المرأة، ولعله رجوع عن الفتوى
لضعف مستند التعدد كما بيناه فيما سبق.
قوله: (الرابعة، إذا طلقت المعتكفة رجعية
خرجت إلى منزلها،
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) في (ض) و (م): متعبدا. (2) المبسوط 1: 294. (3))
الانتصار: 73. (4) منهم ابن حمزة في الوسيلة
(الجوامع الفقهية): 686، وابن زهرة في الغنية
(الجوامع الفقهية): 573، والقاضي ابن البراج
في المهذب 1: 204. (5) المعتبر 2: 742.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 353 ]
[ واجبا ان كان واجبا أو مضى يومان، والا
ندبا. الخامسة: إذا باع أو اشترى، قيل: يبطل
اعتكافه، وقيل: ياثم ولا يبطل، وهو الاشبه.
] قضت واجبا " إن كان واجبا " أو مضى يومان،
وإلا ندبا "). أما وجوب خروجها إلى منزلها
للاعتداد فقال في التذكرة: إنه مذهب
علمائنا أجمع (1)، واستدل عليه بقوله تعالى:
(لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) (2) وبأن
الاعتداد في بيتها واجب، فيلزمها الخروج
إليه كالجمعة في حق الرجل. وإطلاق العبارة
وغيرها يقتضي عدم الفرق في الاعتكاف بين
الواجب المعين وغيره، ولا بين أن يشترط
المعتكف الخروج عند العارض وعدمه. وقال
الشارح قدس سره: إن ذلك إنما يتم مع كون
الاعتكاف مندوبا "، أو واجبا " غير معين، أو
مع اشتراطها الحل عند العارض، ولو كان
معينا " من غير شرط فالاقوى اعتدادها في
المسجد زمن الاعتكاف، فإن دين الله أحق أن
يقضى (3). وهو حسن. وأما وجوب القضاء فإنما
يتم مع عدم الاشتراط أيضا "، لما تقدم من
سقوطه بالشرط، إلا أن يكون واجبا " مطلقا ".
قوله: (الخامسة، إذا باع أو اشترى قيل: بطل
اعتكافه، وقيل: يأثم ولا يبطل، وهو
الاشبه). الاصح عدم البطلان تمسكا " بمقتضى
الاصل السالم من
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) التذكرة 1: 292. (2) الطلاق: 1. (3) المسالك 1: 86.
[IMAGE: 0x01 graphic]
[ 354 ]
[ السادسة: إذا اعتكف ثلاثة متفرقة، قيل:
يصح، لان التتابع لا يجب الا بالاشتراط،
وقيل: لا، وهو الاصح. ] المعارض. والقول
ببطلان الاعتكاف بذلك لابن إدريس بل مقتضى
كلامه أنه يبطل بفعل جميع المباحات التي لا
حاجة له إليها، واستدل بأن الاعتكاف هو
اللبث للعبادة، فإذا فعل قبائح ومباحات لا
حاجة إليها خرج عن حقيقة المعتكف (1). وهو
ضعيف، فإن كون العبادة غاية للبث لا يقتضي
اعتبار حصولها في جميع أحواله. قال في
المختلف: ونحن نطالبه بوجه ما قاله،
واحتجاجه أضعف من أن يكون شبهة، فضلا " عن
كونه حجة، فإن الاعتكاف لو اشترط فيه
إدامة العبادة بطل حالة النوم والسكون
وإهمال العبادة، وليس كذلك بالاجماع (2).
قوله: (السادسة، إذا اعتكف ثلاثة متفرقة
قيل: يصح، لان التتابع لا يجب إلا
بالاشتراط، وقيل: لا، وهو الاصح). المراد
بتفريق الايام الثلاثة: اعتكاف النهار دون
الليل، وقد تقدم أن الشيخ يجيزه مع
الاطلاق، وأن الاصح خلافه (3). أما تفريق
الايام الثلاثة بمعنى عدم تتابع النهار
فقيل إنه غير جائز إجماعا ". واحتمل الشارح
- قدس سره - بأن يكون المراد بالتفريق
اعتكاف يوم عن النذر ويوم عن العهد ثم
الثالث عن النذر وهكذا (4). وفي حمل العبارة
عليه بعد، وإن كان الاظهر جوازه، لانتفاء
المانع منه والله بالاجماع (2). قوله:
(السادسة، إذا اعتكف ثلاثة متفرقة قيل:
يصح، لان التتابع لا يجب إلا بالاشتراط،
وقيل: لا، وهو الاصح). المراد بتفريق
الايام الثلاثة: اعتكاف النهار دون الليل،
وقد تقدم أن الشيخ يجيزه مع الاطلاق، وأن
الاصح خلافه (3). أما تفريق الايام الثلاثة
بمعنى عدم تتابع النهار فقيل إنه غير جائز
إجماعا ". واحتمل الشارح - قدس سره - بأن
يكون المراد بالتفريق اعتكاف يوم عن النذر
ويوم عن العهد ثم الثالث عن النذر وهكذا (4).
وفي حمل العبارة عليه بعد، وإن كان الاظهر
جوازه، لانتفاء المانع منه والله الموفق.
[IMAGE: 0x01 graphic]
(1) السرائر: 98. (2) المختلف: 255. (3) تقدم في ص
321. (4) المسالك 1: 86.

/ 117