بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
لأنها لا تستند إلى أي نسب فكري للنص المقروء وهي في أغلب الأحيان ناجمة عن رؤوس حامية متسرعة لا يهمها سوى الضجيج لتلفت الانتباه إلى موجوديتها، بحثاً عن مكانة وإرضاء لغرور.وفي كلا الحالتين يجب عدم الركون والاستناد إلى أي حكم منهما جميعاً.لأن كليهما مضيعة للهدف المرتجى، تحوّلان الباحث إلى تائه ضال في متاهة (أريان) الأسطورية حيث لا نجاة ولا منجى ولا مخرج بمجرد ولوجها.فالعجيلي في حالة المرور العاجل، لا يُمكّن الباحث أي إنابة عنه أو توكيل دون الرجوع إلى جميع إبداعاته والتواصل معها.أما التاريخ: فهو من باب أولى أحجب بالإنابة والتوكيل، لأي متنطع لـهذه المهمة، لأنه العلم الذي لا يمكن الكتابة عنه دون الاستعانة بالعلوم الأخرى، فلكل فترة منه دارسوها ومختصموها، وطرائق بحث خاصة بها، لا يجوز استخدامها وتعميمها على غيرها من الفترات التاريخية الأخرى، وإزاء حالة كهذه ـ لابد من الاهتداء للطريقة التي تقينا مواطن العُثر ومطبات الزَّلل.بمعنى آخر تقينا ـ عَثرة إطلاق الأحكام في غير منازلها وموازينها.لأن أي موقف أو حدث بالتاريخ لا يمكن الحكم عليه بصورة موضوعية إلا إذا نحّى الباحث أو الدارس منطق العاطفة والتحيز والتحزب.لأن الواقعة التاريخية فعل نفذه الماضي وأودعه في ذمة الحاضر وغيب المستقبل.كما أن لكل جيل، وزمن قراءته الخاصة به لأحداث التاريخ على ضوء الاكتشافات التاريخية وتطور أساليب البحث (الأركيولوجي) ولأن العجيلي لا يرتضي السير خلف أحد، حتى في تناوله للتاريخ الذي يتطلب شروطاً لابد من التقيد بها والسير على سنن واضعيها.الأمر الذي يولد للبحث ـ التاريخ والعجيلي ـ إشكالية لا يمكن تجاوزها، إلا إذا اعتبرنا ـ ولو مؤقتاً ـ أن التاريخ هو ما (حدث) وما سوف (يحدث) فسيكون في جعبة الذي (حدث) والعجيلي وفي براعة لافتة لا يريد لـهذه التراتبية التاريخية أن تسير وتصيَّر كيفما شاء.إنه تناول يراد لـه أن يكون غائباً فاعلاً.فما (حدث) لا ينظره العجيلي فعلاً ماضوياً فحسب.إنما يورده يحييه عن إرادة وسبق تصور، ليرسم لنا ويدلنا على فعل الأفضل في المستقبل الذي (سيحدث) وهذه الغاية الأساس في نظرة العجيلي للتاريخ وفعله.وهو ما ينسجم وغاية التاريخ نفسه، لأنه لا يحفل إلا بالأفعال التي لـها شأن عظيم في تغيير مجريات الأحداث عبر مستويات السيرورة الزمنية، والصيرورات الاجتماعية وفعلهما وتأثيرهما البالغين في المكان والزمان حيث تتحدد المكانة التاريخية حسبهما.ومن هنا جاء تشدده على إنجاز الأفضل، لأن انشدادنا يلزمنا على تحقيقه، ويمكّننا إعادة صيرورته من خلال نقل الفعل الأفضل الذي (حدث) إلى خانة ما (سيحدث) ولن يتحقق ذلك إلا إذا تسلحنا بالعزم والإرادة الفاعلة، لا إرادة التمني، لأن الأمنيات لا تجترح المعجزات.إن مراد العجيلي في مبتغاه من العلاقة الجدلية بين الذي (حدث وما سيحدث) هو ديمومة الأفضل من خلال تاريخ أمة لـها باع طويل في تجاوز المحن والإحن.التي أعضبت صيرورة الفعل التاريخي ـ لأمتَّه ـ عبر فترات تاريخية، متقطعة أحياناً، ومتتابعة أحياناً أخرى.لذلك جاءت جل إيراداته التاريخية المنتقاة بعناية فائقة.فالاستجابة للتحديات التي رماها القدر على هذه الأمة وأبنائها.عبر معظم العهود من تاريخها المديد هي التي ألجأته للبرهنة ـ من خلال التاريخ ـ أنه كلما كانت الاستجابة (للتحديات) بمستوى التحدي كان النصر، وكلما كانت الاستجابة أدنى من مستوى التحدي تكون الهزيمة والانحدار.لأن الفعل في هذه الحالة يتحول من الفاعلية ـ فاعلية المواجهة إلى اللافاعلية انفعالية ـ الخنوع والركنية.بعد تلاشي إرادة المواجهة وتحولها في أحسن الأحوال لمجرد حلم جميل يعشش على وسادة ماضٍ تليد لن يعود بالأمنية دون إنجاز فعل المواجهة الذي يتساوى ومستوى التحدي، بل يجب أن يتفوق عليه ليزيل الآثار المترتبة عنه.وإن لم تكن المواجهة بهذا المستوى تتحول حالة انعدام فاعلية الفعل إلى محاكمة الماضي ومقاضاته باعتباره سبب حالة الوهن وعدمية فعل المواجهة.عندها تسود فلسفة التسويغ، والتسويف، والتبرير لإخفاء الواقع المتردي وإسباغ مشروعيّة حالة اللا (فعل) باعتبارها قدراً لابد من الإقرار به وقبوله، والتسليم لـه، عندها يصبح لفلسفة عجزية الفعل سوق رائجة لـها أنصارها ومروّجوها ـ بحيث لا تقف دائرتها ضمن منطقة محددة أو قطر.بل يتمدد محيطها أفقياً ليشمل أكبر مساحة، ورأسياً لينفذ إلى النفوس ويتأصل في الضمائر التي بدورها تتولى عملية تدجين الأجيال الناشئة، التي تتغذى وتشب على مقولة (القناعة كنز لا يفنى) محولة حالة العجز من واقع راهن عارض،