بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الساحقة للمفردات، حيث أحصى الباحث ثلاثة آلاف مفردة، تشمل معظم مفردات الشعر السيّابي، معبّراً أن المجموعة اللغوية التي تتردد مفرداتها بكثرة لابد وأن يكون لموضوعها أهمية متميزة بالمقابلة مع الموضوعات الأخرى، ذلك أن اهتمام الشاعر بموضوع ما لابد وأن يدفعه إلى الدوران في حومة المفردات التي تعبّر عنه.يؤكد هذا ريشار حيث يقول:"التكرار أينما حلّ فهو دليل على الهوس ".والحقيقة أن إحصاء ثلاثة آلاف (جذر) لغوي يعني- أيضاً- الاطلاع على كافة اشتقاقات هذه المفردات/ الجذور اللغوية التابعة لها، فلدى إحصاء مفردة (الحب) مثلاً، يقوم الباحث بإحصاء صيغها الفعلية والاسمية (أحب، يحب.. المحب، الحبيبة.. إلخ) ومترادفاتها (الهوى، الغرام، الصبابة.. إلخ) وقراباتها المعنوية(اللثم، التقبيل.. إلخ) . وهذا يعني أن إحصائيات الباحث تجاوزت الثلاثين ألف كلمة.ولأنه ليس من الممكن تقديم جداول إحصائية بالصيغ المختلفة للمفردة الواحدة، لأن ذلك يتطلّب آلاف الصفحات، فقد اكتفى الباحث بعرض الإحصائيات من خلال مفردات تخبئ ضمنها تلك الصيغ المتعددة.2- الخطوة الثانية بعد العملية الإحصائية هي تحديد (الموضوع) الرئيسي الذي تتردد مفردات عائلته اللغوية بشكل يفوق مفردات العلاقات اللغوية الأخرى، يقول ريشار:"الاطرادية هي المقياس في تحديد الموضوعات ".3- الخطوة الثالثة في المنهج تعنى بتحليل المفردات التابعة بكل ظهوراتها.ويتم ذلك على أساس تحليل كل مفردة على حدة، ثم استخراج النتائج التي قد تكون مهمة في التفريق بين هذه المفردات ووظائفها.وبعد إكمال التحليل الجزئي تتم دراسة الموضوع من خلال استخراج المخطط الكلّي الذي ينظمه.والتحليل عنده، كما هو عند ريشار، بحث عن المعنى.وهو بحث وصفي بشكل خاص، ونفسي أحياناًَ، باعتبار التحليل النفسي بحثاً عن المعنى الباطني من خلال المعنى الظاهر، وباعتباره ليس هدفاً، وإنما هو وسيلة تصبح بحثاً عن "فيض المعنى".4- دراسة (الموضوع) الرئيسي تُفضي حتماً إلى دراسة الموضوعات الفرعية التي تنبثق عنه، وكمثال على ذلك فإن الموضوع الرئيسي في ديوان السيّاب (البواكير) هو (الحب)، وخصوصية هذا الحب هي الإخفاق.والحب المخفق يقود إلى الألم، خصوصاً وأن معظم مفردات الحب في هذا الديوان تشير إلى علاقة الحب بالألم.وهذا مايدفع إلى دراسة موضوع الألم أيضاً، وهو موضوع فرعي/ ثانوي.وهكذا تمثل الموضوعات الرئيسية شجرة، والموضوعات الفرعية غصونها. وقد يتولّد عن هذه الغصون فروع أصغر.والموضوع الرئيسي هو الموضوع الذي تغلب مفرداته عددياً مفردات الموضوعات الأخرى.وسيطرة موضوع معين في مرحلة شعرية تستدعي ظهور مفردات تناسبه.في الفصل الثاني درس الباحث ديوان (البواكير) الذي يمثل المرحلة الأولى من شعر السيّاب، وتوصّل فيه إلى رسم البنية التي تنظّم موضوعات هذه المرحلة، والتي تنطلق أساساً من الحب المخفق، كما درس خارج نطاق هذه البنية موضوعي (الحياة والموت) مسوّغاً ذلك بما سيكتسبه هذان الموضوعان من أهمية في المراحل التالية.وقد كان الحب المخفق، في هذه المرحلة الأولى من حياة السيّاب، بداية الخيط الحريري الذي أخذ السيّاب عن غير وعي يلفّه على عنقه بنوع من الاختناق البطيء.وقد وجد الباحث في (الحب) وظهوراته: البحث عن المرأة، و(الفراغ العاطفي) وظهوراته: الحب والرفض، و(الرفض) وظهوراته: الحب والفراق، و(الفراق)، و(الألم)، و(السهر)، و(الليل)، و(النور)، و(القلب)، و(الذكرى) و(الحلم)، و(الشعر)، و(الثورة)،و(الحياة)، و(الموت).وهو يجعل كل موضوع رئيسي من هذه الموضوعات عنواناً يتحّدث تحته عنه، وعن ظهوراته الثانوية/ الفرعية، ويؤيد مايذهب إليه بالشواهد الشعرية.وفي الفصل الثالث درس الباحث ديوان (قيثارة الريح). وفي هذه المرحلة يبقى الحب المخفق أساس الموضوعية.وقد بدأ السيّاب يطرح على نفسه في هذه المرحلة تساؤلات كثيرة عن أسباب إخفاقه، وعن طبيعة المرأة، وجوهر الحب في حدّ ذاته.وقد كان السيّاب يتألم وهو يحب ، ويحرص على الاستمرار في ألم الحب، رغم أنه يدرك أن الألم نوع من الموت البطيء.وفي الفصل الرابع درس ديواني (أعاصير) و(أزهار وأساطير)، وتوصّل إلى اكتشاف (موضوعتيهما)، وهي(الموت).وقد كان السيّاب يتهافت في بحثه عن المرأة كالفراشة التي تقترب من الضوء.وقد كانت الحبيبة، في هذه المرحلة، هي الثورة التي رغبها السيّاب فامتنعت عليه، وأمل في الحصول عليها كما أمل في الحصول على الحبيبة في مرحلته الأولى.ولكن أمله في الحالتين قد خاب.