بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
5-السجين رقم 95(1974): تبدأ المسرحية بمونولوج شعري طويل يناجي فيه (عودة) نفسه، فهو فتى الريف الذي أفنى العمر في حب الأرض، فلاح قدّم دمه لتراب الأرض، ومن تعبه صار العشب أحمالاً من التبر، ومن جهده شاد الناس قصور العزّ بالمرمر.أبوه غذّي بني عثمان بالأموال والسكر، ومات مذبوحاً دفاعاً عن (جنق قلعة).ومن دمه تغذّى الأشقر الغربي في وطنه، ومن تعبه بنى بيوت الحكام والتجار والساسة، فصار الكل تجاراً ونخاسة.وحده كان السلعة. وغيره التجار. وزوجته إلى جانبه تسأله، وقد مضى العمر ياعودة، ولم نحصل على غرفة.عملنا أربعين عاماً بعزّ القيظ والبرد، متى نرتاح ياعودة. ؟ ويجعلون من (عودة) سجّاناً.ورغم عدم إيمانه بهذا العمل فإنه ضروري لإطعام الصغار.وتتدفق دفعات المساجين، ويغصّ السجن حتى لايبقى فيه مكان لوافد .وتوقف الدفعة الأخيرة من المعتقلين في ساحة السجن، ويصرخ الطبّال: باسم العدالة والحق المنتهك باسم المظلومين والجياع باسم الشعب يصدر صاحب القوة والسلطان والجاه العريض والنفوذ الأعظم أوامره.فيتقدم مأمور السجن (ثابت) و يوزع الموقوفين على ثلاث فئات، ويشير بيده الكريمة حاكماً بها على كل فئة: إعدام ، مؤبد ، عشرسنوات.هكذا دون محاكمة أو قانون أو حيثيات.أما المرأة الموقوفة فيسند أمرها إلى (زلمته) الطبال الذي يفاوضها كي تستسلم لنزوات ثابت الجنسية، مخوّفاً إياها بالأحكام الجزافية التي ستلقى ضدها إذا مارفضت.ويعود(عودة) إلى مناجاة نفسه: إننا هنا لانتفاهم.إننا نتعارك فقط، نتعارك والأقوى ينتصر، ويفترس، ويتشامخ. والضعيف يتوارى في ظل الأقوى.ويعمل عنده طبالاً، وسجّاناً، وماسح أحذية، ومراقب أحياء، وكلباً يهاجم المارة. لقد بدأت أضيق بكل هذا.وأشعر بتقزز من حاجات الجسد التي تذل الروح وتقيدها وتخضعها للصَغار.حاجات الجسد تدفعني لأن أقف في ظل الأقوى نحن ضعفاء.قف بجانبي لنتماسك حتى لاتسحقنا الأحذية، وكي نقف في وجه قبضة الظلم إن لم نقدر على دفعها عنا. (ص41).ولكن لا أحد يقف معه.فالكل مشغول بنفسه، وبالتناحر، والعراك، حتى (ثابت) آمر السجن ينافس رئيسه (مثبوت) على السلطة، ويريد كل منهما أن يكون الأقوى، وأن تكون له الصولة والجولة.وعندما يصدر (مثبوت) أمراً بإطلاق سراح السجين 95 يرفض ثابت تنفيذ الأمر، وعندما تستطيع مجموعة (مثبوت) تهريب السجين 95 يراها (ثابت) مؤامرة ضده، فيزج بمثبوت في الزنزانة نفسها.وهكذا يتبادل رجال السلطة المعارك: مثبوت: أنا متآمر ياخائن، يامتمرد.أنا الذي علّمك أبسط مبادئ الإخلاص أصبح في نظرك خائناً. إن الناس يعرفون مَنْ أنا.لقد عملت من أجل الفقراء. ثابت: مازال يتاجر باسم الفقراء. لقد عرفوا جيداً هذه الكذبة وأدركوها.ماالذي قدّمته لهم أنت غير الكلام والوعود الكاذبة.القرى مازالت عطشى، والمواسم رديئة، وسعر الغلاّت في هبوط مستمر، والجهل والمرض يفترس الريف، وليس حال العمال بأفضل من حال الفلاحين.(ص75). ويستمر الصراع بينهما على السلطة بينما السجناء (الشعب) ينظرون دونما كبير اهتمام، لأنهم يعلمون أن الرابح منهما سيبقيهم على حالهم: مسجونين، مقهورين، جائعين.ولكن واحداً فقط من السجناء يخرج عن حياده، فيصرح في وجه السلطة: "أنا مواطن مثلك، من هذه الأرض.جذري في ترابها، ويدي في حلقك أنت وهو. نحن أيضاً لنا الحق في أن نتكلم.. لقد نسيتمونا طويلاً.ولكن هل نسمح لكم بأن تنسونا إلى الأبد، بأن تمسحونا من القائمة.واحدكما يبيعنا للآخر وكأننا أغنام أو بضاعة. لقد صبرنا على ذلك طويلاً.وكلما ازددنا صبراً ازداد تماديكم في إهانتنا. لابد أن يكون لنا دور في مايجري، ولن أبقى مع المتفرجين.لقد سجنت بعد ثلاثين سنة من الحياد، وحُكمت مؤبد دون أن أعرف شيئاً مقنعاً لذلك.فلو أنني كنت هنا في الساحة، ولم أكن على الحياد لأصبحت وزيراً أو أكثر.وفي أسوأ الحالات في مرتبة كبيرة في الدولة.وما دام الأمن قوة ذراع ويدك وما تعطيك وليس لأي شيء آخر قيمة أو اعتبار فذراعي أنا قوية أيضاً".(ص83) وهذه "المشاركة" والرغبة في السلطة، جعلته منافساً للسلطويين، الأمر الذي جعلهما يلتفتان إليه، ويوجهان ضرباتهما إليه حتى يسقط مغشياً عليه.فيتعالى استحسان السجناء (الشعب) وتصفيقهم.ورغم هذه النتيجة المتوقعة لمن يرغب في التحرر أو التسلط، فإن أصوات المتمردين لم تصمت.وقد تعالى صوت السجين رقم 2 وهو يطالب