مكانة المرأة في الإسلام
السيد علي الخامنئيبسم الله الرحمن الرحيم مقدمة
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل بيته الطيبينالطاهرين.
للمرأة في الإسلام مكانة عظيمة، حيث لم
تولها إياها أية شريعة من الشرائع الوضعية
من قبل؛ فقد حفظ الإسلام للمرأة إنسانيتها
الكاملة وكرامتها كأنثى، وساوى بينها
وبين الرجل من حيث البناء الروحي والعبادي
والسلوكي تشاركه في منظومة القيم
والمعنويات مشاركة تامة ولا تختلف عنه في
الكمالات الإنسانية إلا كما يختلف الرجل
نفسه عن غيره من الرجال. بل نجد أن المرأة
أخذت حيزاً مهماً في مسيرة النور
والهداية، وشاركت الأنبياء والأئمة في
التضحية والصبر جنباً إلى جنب، وتفوقت على
الرجال في مواضع عديدة حتى جعلها القرآن
مثلاً للذين آمنوا من الرجال والنساء على
السواء {وضرب الله مثلاً امرأة فرعون....}ن
{ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها
فنفخنا فيه من روحنا........}.
وجعل من هاتين المرأتين مثلاً نقتدي
بإيمانهما، حيث كانتا ترجوان ما عند الله
دون سواه. والقرآن لا يميز بين الرجل
والمرأة من الناحية الإنسانية، فيقول
تعالى {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك}.
فالإنسان بمفهومه العام رجل وامرأة
وبمفهومه الخاص إما رجل وإما امرأة،
والأصل في الرجل والمرأة هو واحد انطلاقهم
من النفس الإنسانية {وخلقكم من نفس واحدة}
أي هي صورة الله الكامل والهدف من
الإنسانية هو واحد للرجل والمرأة على
السواء وهو الوصول إلى الله الكمال
المطلق. وقد نظر الإسلام نظرة شمولية إلى
المرأة، حيث نظر إلى جسدها وروحها وعقلها
وعاطفتها وإلى جميع مراحل طفولتها
وشبابها وشيخوختها وإلى أمومتها وإلى
بنوتها وإلى حياتها مع زوجها وإلى محيطها
الأسري وإلى كونها فرد من أفراد المجتمع
وإلى حياتها في الدنيا وما بعدها في جميع
العوالم التي ستمر بها.
فالارتواء العاطفي هو أمر فطرى في
الطبيعة البشرية؛ فلا فرق بين الذكر
والأنثى في هذا الأمر إذ يحتاج كل منهما
إلى الآخر بنفس الدرجة إن لم تكن حاجة
الرجال أقوى وأشد. ومن هنا فالعلاقة
بينهما هي علاقة تكامل بنظر الإسلام. لذلك
نجد عملية التكامل المنسجمة بين الرجل
والمرأة؛ فالرجل بحاجة إلى المرأة ليرتوي
منها عاطفياً، والمرأة كذلك الأمر.
هذه الحاجة المتبادلة نابعة من الطبيعة
التكوينية للمرأة، حيث يتدفق منها العطف
والحنان والرقة... غالباً ومن الطبيعة
التكوينية للرجل حيث تتبدى فيه الرجولة
والقسوة والخشونة غالباً. ومن هنا تطلب
المرأة في الرجل الحماية والطمأنينة
والأمان كما يجد الرجل في المرأة حاجته
إلى الاستقرار والسكون والمودة والألفة.
إلا أن الرجل تجده بحاجة إلى حنان المرأة
وعطفها بشكل غريب حتى ولو كان قاسياًن
وكذلك المرأة تطلب ما حماية الرجل ووقاره
وقوته وعقله ضمن علاقة حنونة ينصهر فيها
الجلال مع الجمال والجمال مع الجلال.
والمرأة تمثل قوة مختزنة لا تقف أمامها
جيوش. فقلب المرأة قوة كبيرة، وفي الرواية
التاريخية عندما توعد معاوية الإمام علي
(عليه السلام) بأنه سيقاتله برجال قلوبهم
شديدة... فرد عليه الإمام (عليه السلام)
بأنه سيقاتله برجال قلوبهم كقلوب النساء.
فالمرأة أشد وفاء وإخلاصاً إذا أحبت،
والقلب هو الذي يأمر عندها البدن في
التضحية.
إن نظرة الإسلام للمرأة هي نظرة تتميز
بالشمولية، لذلك نجد أن القرآن تعاطى مع
المرأة كإنسان وكأنثى، فضمن لها جانب
الحماية والرعاية عن طريق الأب أو الجد ثم
الزوج. فللمرأة شأن وسر عند الله، لذلك
جعلها معززة ومكفولة مادياً ومعنوياً
فالمرأة ليست مطالبة بالنفقة وبأعباء
الحياة ولا بصعوباتها المادية والعملية.
والآية القرآنية التي تذكر حادثة آدم
والشيطان، {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}،
فعبارة لتشقى جاعت بصيغة المفرد بينما جاء
التعبير يخرجنكما بصيغة المثنى إشارة إلى
أعباء الحياة وما تستتبعه من الأعباء
والصعوبات الملقاة على عاتق الرجل،
فالمرأة هي المصانة وهذا ليس انتقاصاً من
مكانة الرجل بل هو يأتي مع تكامله، فالرجل
عندما يعتني بالمرأة هو يتصرف من خلال
فطرته الغيورة على المرأة بل هو يندرج في
إطار التوزيع الوظائفي الذي تقتضيه
المصلحة في نطاق تكامل العلاقة ببن الرجل
والمرأة، كما يندرج في إطار الحفظ
والرعاية والصون الذي يبذله الرجل للمرأة
في نطاق العلاقة الفريدة التي تجمع
بينهما.
ويبدو أن الذريعة التي يتمسك بها الغرب
تجاه الإسلام جهلاً منهم بحقيقته أو عن