بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
وقد يكون توعر الكلمة من تعدد اللغات في الكلمة الواحدة، كالبُوْع المقابلة للباع؛ الواردة في الحديث الشريف: [إذا تقرب العبد مني بوعاً أتيته هرولة]. (50) والبوع والباع سواء؛ وهو قدْر مد اليدين وما بينهما من البدن. أما تطور المدلول أو الدلالة المجازية فقد يكون مدعاة للغرابة، كتطور دلالة الزكاة والصلاة والصيام والسلام . في الإسلام عما كانت عليه في الجاهلية؛ حتى غدا المعنى الجاهلي غريباً. 4-ألا تكون الكلمة عامية مبتذلة؛ وينقل ابن سنان الخفاجي عن الآمدي (ت 370هـ) وغيره جملة من الألفاظ العامية كقول أبي تمام: جَلَّيْتَ والموتُ مُبْدٍ حُرَّ صفحته وقد تَفَرْعَنَ في أوصاله الأجَلُ فالفعل: تفرعن، مشتق من فرعون، وهو من ألفاظ العامة، وعادتهم أن يقولوا: تَفَرْعَنَ فلان، أي تجبَّر وظلم وبغى . فلما كانوا يسمون الجبابرة بالفراعنة تشبيهاً بفرعون موسى حُملت الكلمة على ذلك . ومن ذلك قول المتنبي في استعماله لكلمة طويلة جداً؛ أدى إلى استكراهها: إني على شغفي بما في خُمْرها لأعفُّ عما في سراويلاتها فلا شيء أقبح من ذكر السراويلات لديه، ووصفُ عِفَّة سلوك الرِّيَب والتهم أحسنُ من التلفظ بها؛ وكذلك قوله الآخر في استعمال الجورب وما يتركه من رائحة كريهة:(51) تستغرق الكف فَوْدَيه ومِنْكبَه وتكتسي منه ريحَ الجورب الخَلِق فالجورب من الألفاظ العامية التي يكره إيرادها . ومما كره قوله من استعمالات النساء من الألفاظ العامية ما جاء في قول أبي تمام: قد قلت لما لجَّ في صدِّه: اعطف على عبدك يا قابِرِي وبعد أن يسخِّف ابن سنان لفظ (القابري) لأنه من ألفاظ عوام النساء وأشباههن يعرض لشواهد أخرى مطروحة في الأشعار ولا سيما أشعار عصره، كما أنها وقعت في أشعار الفحول من قبلُ كزهير بن أبي سلمى في قوله: وأقسمت جهداً بالمنازل من منىً وما سحقت فيه المقادم والقَمْلُ فإن القمل يجري هذا المجرى من الألفاظ العامية. وفي ضوء ذلك كله توارثت كتب البلاغة والنقد جملة من الأحكام دون تمحيص لكثير منها . فإذا كنا نرى كثرة الثرثرة بجملة من الألفاظ لدى العامة فلا يعني أن بعض هذه الألفاظ قد خرجت بها عن الاستعمال الدقيق كما في لفظ (تفرعن) . فهي على عاميتها ذات إيحاء دقيق، واشتقاقها اللغوي فصيح ليس فيه خروج عن القياس . وما الفرق بين الشعراء الفحول وغيرهم إذا لم يجددوا في اللغة؟!! 5-جريان الكلمة على المذهب اللغوي الصحيح، وألا تكون شاذة عما تواضع عليه العرب من أبنية. وقد دخل في هذا القسم كل ما أنكره أهل اللغة، وعابوه على الشعراء من ألفاظ جديدة، أو أنها غير جارية على القياس، أو أنها غير عربية، ومن ذلك قول البحتري: يشق عليه الريح كل عشية جيوب الغمام بين بِكْرٍ وأيِّم فوضع الأيم مكان الثَّيِّب، وليس الأمر كذلك، إنما الأيم التي لا زوج لها؛ بكراً كانت أو ثيباً . أو كقول أبي الشيص (محمد بن رزين- ت 196هـ): وجناحٍ مقصوص تحيَّف ريشَهُ رَيْبُ الزمانِ تحيُّفَ المِقراضِ وقالوا: ليس المقراض من كلام العرب، فهو من التصرف الفاسد في اللغة، فلم يسمع عن العرب إلا المثنى كما في (لسان العرب): المقراضان: الجَلَمان، لا يفرد لهما واحد. هذا قول أهل اللغة وحكى سيبويه مِقْراض فأفرد.(52) وقد يكون مفهوم المخالفة لما تواضع عليه العرب في حذف بعض حروف الكلمة أو زيادة حروف فيها، فمن الحذف قول خفاف بن نُدْبة: كنواحِ ريشِ حمامةٍ نجديَّةٍ ومسحتِ باللِّثَّتين عصفَ الإثمدِ يريد: كنواحي، وكذلك (ولكن) التي وقد حذفت النون منها في قول النجاشي: فلست بآتيهِ ولا أستطيعهُ ولاكِ اسقني إن كان ماؤك ذا فَضْلِ أراد: ولكن اسقني. ومن الزيادة ما يكون بإشباع الحركة في الكلمة حتى تصبح حرفاً، كقول ابن هرمة في رثاء ولده؛ حين قال (منتزاح: أي بعيد عنه) بدل (منتزح): وأنت على الغواية حين تُرْمى وعن عيب الرجالِ بُمْنتَزاحِ وأوضح الفرّاء أن لفظ (أنظر) أُشبع فصار (أنظور) في قول الشاعر: وأنني حيثما يسري الهوى بصري من حيثما نظروا أدنوا فأنظور وقد تكون الكلمة شاذة قليلة الاستعمال