بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
التي ما طحنت قطّ إلاّ الهواء والهُراء..فأجهض الفكرُ، واصطيد الأحرارُ والشرفاءُ كما تُصطاد العصافير، ولو حقوا، وما زالوا يلاحقون ويصطادون كما تُصطاد الجرذان في كلّ مكان، وتلصقُ بهم شتى التهم؛ إرهابيون، يرعون الإرهاب، أعداءُ السلام..فحيثما شاهدت مفكراً حراً يطارد، أو جماعة رفضت أن تستسلم، تستطيع أن تلمس خيوط المؤامرة.المؤامرة التي تسعى لاجتثاث قيم الخير في مجتمعنا..هذا هو دليلكم الساطع على منطقة تنفيذ المؤامرة التي تُدبَّر ضدَّ أمتنا الضائعة في بحر المتناقضات.والمؤامرات التي تُحاك ضدّ شعبنا المكافح، بملاحقة أحراره، ومطاردة مفكّريه، فحيثما شاهدتم أو سمعتُم بأنّ مفكراً يضطهد وحراً يلاحق، ومجتمعاً يُتّهم بالإرهاب أومساندة الإرهاب، بطريقة أو بأخرى، بأسلوب أو بآخر؛ فاعرفوا أنّ المؤامرة تنفّذ كما رسمتْها الدوائر المعادية لأمتنا ودفاعها المشروع عن حقِّها في الحياة.وبسبب ذلك.بسبب سلخ المفكرين والأحرار عن الشعب، وكمّ أفواهِهم تدهورتْ الأمورُ، واندفعت إلى التسيّب والتحلّل والتجرّد من كلّ قيم الفكر الخيّرة، كيف لا وقد غُرِّب روادها..فتدحرجت حالنا إلى مستنقعات الأوحال والظلام، فشاهت الوجوه، وفقدت الأشياء أشكالها، وفرّت الأصبغة عن ألوانها، والمفردات عن معانيها، وتعهّر كلّ شيء، وخاب كلّ رجاء، وطفتْ على سطح المجتمع طبقةٌ من الدهماء والانتهازيّة، دفعت عجلة التقهقر بغباء، فضاعوا، وكدْنا أنْ نضيعَ معهم، لولا بقيّةٌ قليلة من إيمان لا يتزعزع، واختلاجة حية من فكر يتوقد ضياءاً يُنير الدرب الطويل المقفر من الرواد -لعل الله يهدي المالكين لزمام القرار في أمتنا إلى التبصّر والحكمة.فيبعدون الدهماء والأمّيين وأنصاف المتعلّمين والقرّادين عن معاهد العلم.ومنابر الثقافة، ليظلّ هناك أملٌ في خلق جيلٍ مثقّفٍ يؤمن بشيء اسمه الوطن.قادر على استيعاب مبادئ الحرية وتطبيقاتها، وتحمل مسؤولياتها -لذهب كلّ شيء وضاع كل رجاء.فبغير الحرية الحقيقية لا أمل يرجى، ولا خير يُنتظر في هذه الأمّة.لا أمل بغير تلاقح الأفكار، واخضاعِها لمصلحة الجميع، لالفئةٍ تستأثر بالسلطة دون غيرها..بالديمقراطية وحدها، وبالحرية نفسها تحيا الشعوب وتنهض الأمم، وتتحادى هادرة على دروب الحياة، تملؤها فرحاً، وتزرعها ابتسامات تزينُ وجوه الملايين..علينا أنْ ننظر بالعين الساهرة والبصيرة الثاقبة إلى رياح التغيير الذي يعصفُ بالعالم من حولنا، إذ ليس من قدرنا أن نتخلف عن بقية الشعوب أكثر من ذلك.افتحوا عقولكم أيّها المتخلّفون، وشرعوا أبوابها للحقّ والخير والمحبة والحريّة، يا أمةً تقادُ إلى المذبح كالقطعان، وإلى دهاليز سياسات التنازل والتفاوض مع الأعداء.وارفضوا الاستماع إلى دعوات محترفي الجلوس إلى موائد المفاوضات..انضمّوا إلينا، إلى صفنّا، فما زلنا صامدين، تعالوا إلينا قبل فوات الأوان.نحو إنشاء علمٍ عربي للسياسة إنّ أوّل ألفباء العلوم السياسية في العالم هو الحوارُ الديمقراطي..وبغير هذا الحوار تتلاشى معلوماتية العلوم السياسية في ضباب الممارسة المغلوطة، إذْ يقول الدكتور جورج جبور في مقدمة كتابه الذي نحن بصدد إلقاء بعض الضوء عليه نحو علمٍ عربي للسياسة: إنّ فقدان الحوار الديمقراطي ظاهرة خطيرة جداً في حياتنا بشكل عام، ومنها حياتنا الفكرية، وبهذا المعنى أدعو، بل أرجو كلّ من بدت صورته من خلال الكتاب مخالفة لتصوره عن نفسه، إلى تقديم وجهة نظره وبالنحو الذي يراه مناسباً، على أن يكون عَلَنياً، فليس بغير الحوار وما يتضمنه من أخذ وردّ، تُجلى الحقيقة التي هي ضالةُ المفكر الجاد وسبيل الأمّة أو المجتمع إلى التوازن والتقدّم والإرتقاء والتحضّر.وهل يملكُ المفكّر منّا غير الدعوة والرجاء؟ وسط هذا الجوّ العربي العابق بروائح الجالدين والمجلودين، أو المفروض عليهم الرشد والغواية، وفقاً لرشد السلاطين وغوايتهم يقول الدكتور جبّور في كتابه: صعبٌ استقرار تقاليد لعلوم سياسيّة عربيّة، تنبثق عنها رسالة، ويحمل عبء الرسالة مبدعون، في جو اجتماعي سديمي، لم تتضَّحْ بعد إجابته على أوّل ما يسأل الكائن الحيّ نفسه عنه إذْ ينضج؛ من أنا؟ من أنا في عمقي، في إنْيَتي، وفي مواجهة الغير؟ على الرغم من هذه السديميّة الكثيفة على امتداد الساحة الفكريّة في هذا الوطن الكبير الممزق، لا بد للمفكّر العربي من أنْ يقامر برأسه في سبيل كلمة صدقٍ يقولها خدمة لأمته في مواجهة مسرورٍ وسيفه