احکام القرآن جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احکام القرآن - جلد 3

احمد بن علی جصاص

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

يكون في وصف العبيد بالقيام بطاعة الله كلام أبلغ ولا أفخم من قوله تعالى والحافظون لحدود الله قوله تعالى تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة والعسرة هي شدة الأمر وضيقه وصعوبته وكان ذلك في غزة تبوك لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في شدة الحر وقلة من الماء والزاد والظهر فخص الذين اتبعوه في ساعة العسرة بذكر التوبة لعظم منزلة الاتباع في مثلها وجزيل الثواب الذي يستحق بها لما لحقهم من المشقة مع الصبر عليها وحسن البصيرة واليقين منهم في تلك الحال إذ لم تغيرهم عنها صعوبة الأمر وشدة الزمان وأخبر تعالى عن فريق منهم بمقاربة ميل القلب عن الحق بقوله من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم والزيغ هو ميل القلب عن الحق فقارب ذلك فريق منهم ولما فعلوا ولم يؤاخذهم الله به وقبل توبتهم وبمثل الحال التي فضل بها متبعية عمر في حال العسرة على غيرهم فضل بها المهاجرين على الأنصار وبمثلها فضل السابقين على الناس لما لحقهم من المشقة ولما ظهر منهم من شدة البصيرة وصحة اليقين بالاتباع في حال قلة عدد من المؤمنين واستعلاء أمر الكفار وما كان يلحقهم من قبلهم من الأذى والتعذيب قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا ابن عباس وجابر ومجاهد وقتادة هم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع قال مجاهد خلفوا عن التوبة وقال قتادة خلفوا عن غزوة تبوك وقد كانوا هؤلاء الثلاثة تخلفوا عن غزوة تبوك فيمن تخلف وكانوا صحيحي الإسلام فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك جاء المنافقون فاعتذروا وحلفوا بالباطل وهم الذين أخبر الله عنهم سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم وقالي يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين فأمر تعالى بالإعراض عنهم ونهى عن الرضا عنهم إذ كانوا كاذبين في اعتذارهم مظهرين لغير ما يبطنون وأما الثلاثة فإنهم كانوا مسلمين صدقوا عن أنفسهم وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنا تخلفنا من غير عذر وأظهروا التوبة والندم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم صدقتم عن أنفسكم فامضوا حتى أنظر ما ينزل الله تعالى فيكم فأنزل الله في أمرهم التشديد عليهم وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يكلمهم وأن يأمر المسلمين أن لا يكلموهم فأقاموا على ذلك نحو خمسين ليلة ولم يكن ذلك على معنى رد توبتهم لأنهم قد كانوا مأمورين بالتوبة وغير جائز في الحكمة أن لا تقبل توبة من يتوب في وقت التوبة إذا فعلها على الوجه المأمور به ولكنه تعالى أراد تشديد المحنة عليهم في تأخير إنزال توبتهم ونهى الناس عن كلامهم وأراد به استصلاحهم واستصلاح


غيرهم من المسلمين لئلا يعودوا ولا غيرهم من المسلمين إلى مثله لعلم الله فيهم بموضع الاستصلاح وأما المنافقون الذين اعتذروا فلم يكن فيهم موضع استصلاح بذلك فلذلك أمر بالإعراض عنهم فثبت بذلك أن أمر الناس بترك كلامهم وتأخير إنزال توبتهم لم يكن عقوبة وإنما كان محنة وتشديدا في أمر التكليف والتعبد وهو مثل ما نقوله في إيجاب الحد الواجب على التائب مما قارب أنه ليس بعقوبة وإنما هو محنة وتعبد وإن كان الحد الواجب بالفعل بديا كان يكون عقوبة لو أقيم عليه قبل التوبة قوله تعالى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت مع سعتها النبي وضاقت عليهم أنفسهم ضاقت صدورهم بالهم الذي حصل فيها من تأخير نزول توبتهم ومن ترك النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين كلامهم ومعاملتهم وأمر أزواجهم باعتزالهم قوله تعالى وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه أنهم أيقنوا أن لا مخلص لهم ولا معتصم في طلب الفرج مما هم فيه إلا إلى الله وأنه لا يملك ذلك غيره ولا يجوز لهم أن يطلبوا ذلك إلا من قبله العبادة له والرغبة إليه فحينئذ انزل الله تعالى على نبيه قبول توبتهم وكذلك عادة الله تعالى فيمن انقطع إليه وعلم أنه لا كاشف لهمه غيره أنه سنيجيه وإن ويكشف عنه غمه وكذلك حكى جل وعلا عن لوط عليه السلام في قوله ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب إلى أن قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فتبرأ من الحول والقوة من قبل نفسه ومن قبل المخلوقين وعلم أنه لا يقدر على كشف ما هو فيه إلا الله تعالى حينئذ جاءه الفرج فقالوا إنا رسل ربك لن يصلوا إليك وقال تعالى يتق الله يجعل له مخرجا كما ومن ينو الانقطاع إليه وقطع العلائق دونه فمتى صار العبد بهذه المنزلة فقد جعل الله له مخرجا لعلمه بأنه لا ينفك من إحدى منزلتين إما أن يخلصه مما هو فيه وينجيه كما حكي عن الأنبياء عند بلواهم مثل قول أيوب مسني الشيطان بنصب وعذاب هو فالتجأ إلى الله في الخلاص مما كان يوسوس إليه الشيطان بأنه لو كان له عند الله منزلة لما ابتلاه بما ابتلاه به ولم يكن صلوات الله عليه قابلا لوساوسه وسلم إلا أنه كان يشغل خاطره وفكره عن التفكر فيما هو أولى به فقال الله له عند ذلك برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فكذلك كل من اتقى الله بأن التجأ إليه وعلى أنه القادر على كشف ضره دون المخلوقين كان على إحدى الحسنيين من فرج عاجل أو سكون قلب إلى وعد الله وثوابه الذي هو خير له من الدنيا وما فيها قوله تعالى تاب عليهم ليتوبوا والله أعلم تاب على هؤلاء الثلاثة وأنزل










/ 577