مدینة البامیاء (مجموعة قصصیة) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدینة البامیاء (مجموعة قصصیة) - نسخه متنی

یوسف حطینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
p/>

أكثر من خمس دقائق. تدخلت السكرتيرة:

-إذا سمحت نريد أن نغلق العيادة. تجاهلت كلام السكرتيرة، وقسوة قلبها، متوجهاً بحديثي إلى الدكتور متوسلاً:

-ولكنه مريض جداً كما ترى.

-هل تريدين أن أبقى بعد التاسعة لأجله؟ تدخلت زوجتي بدموعها، بأدعيتها المنهمرة على الدكتور فخري بأن يوفقه الله ويخلي له أولاده ويرحم موتاه.. ولكنه لم يستجب. بوجهه المتبلد الذي لا يعبر عن شيء، خرج متجهاً إلى سيارته البيضاء بعد أن طلب من السكرتيرة أن تطفئ النور. حين طردنا إلى الطريق كانت أضواء السيارات، والبيوت المتلاصقة والسماء الواطئة ووجوه الناس القليلين تبدو لعيني خضراء.. خضراء.. وبينما كنا نتبادل الحديث، أنا بلساني وزوجتي بدموعها، في شأن البحث عن دكتور آخر ينقذ وحيدنا الغالي، تجاوزتنا سيارة بيضاء، أطل من نافذتها وجه قبيح، لم يقل سوى:

أعطوه برونكوزال!! 6/4/1994 ليلة رأس القرن كان يغمره منذ الصباح إحساس طاغ بأنه سيواجه ليلة مختلفة، أفاق

- على غير عادته

- نشيطاً لكز زوجته القابعة إلى جواره طالباً منها أن تعد له فنجان قهوة سكر وسط، ريثما يحلق ذقنه، فالنهار مليء بالأشغال التي سيقبل عليها دون ملل.. "ليت المدير وافق على إعطائي إجازة، حتى أتمكن من التحضير لليلة القادمة". قال لها، بينما كانت تطرد النعاس عن جفونها المتعبة "ولماذا لم يوافق؟" ردت عليه متثائبة "أنت لم تأخذ إجازة منذ سنوات". على غير عادته أيضاً يفتح الخزانة، ثم يخرج ربطة عنقه الزرقاء، ينظر إلى نفسه في المرآة، يصفر لحنا ما، بينما يشدها إلى عنقه:

"أتعرفين؟ يبدو لي أن المدير على حق، فالجميع كانوا يريدون إجازة، ولأنه رجل عادل، فهو لم يمنح أحداً ولو ساعة واحدة". يطمئن نفسه بقبلة يلصقها على جبين زوجته، كيفما اتفق، ثم يغمز بعينيه:

"لا تخافي، سوف أتدبر أمري مع أبي وهيب، فهو يغض البصر ويحفظ اللسان". يلمع حذاءه الرخيص، يعود إلى لحنه، ثم يصفع الباب، تاركاً خلفه امرأة تمني نفسها بفراش دافئ وليلة حافلة بالأشياء الخارقة للنظام الرسمي. حين خرج أبو رسمي من باب بيته تحاشى أن ينظر نحو بقالية جاره أبي مرزوق، الذي رزقه الله بغير حساب، ولكن الأخير كان صياداً ماهراً:

-صباح الخير أبو رسمي.. 794 ليرة بالتمام والكمال.. برئ ذمتك يا رجل.

-طول بالك حتى نقبض الراتب.

-بس اليوم آخر يوم في السنة، وقد سمعت أن جميع الموظفين قبضوا رواتبهم منذ أيام.

-خلص.. سأمر عليك عندما أعود. لم يصدق صاحبنا أنه نجا من قبضة أبي مرزوق، حتى جاوز الشارع وراح يفكر بنزق في الأشياء التي من المحتمل أن تنغص يومه المميز:

عليه، مثل كل الفقراء، أن يستدين ثمن الخبز، وأن ينسى مشكلتي الماء والكهرباء، وأن يهرب من أبي تحسين الذي يلاحقه على إيجار البيت من ثلاثة أشهر، إنه يعيش مشاكل الفقراء، ويتفق معهم في كل شيء تقريباً، ولكنه اليوم يختلف عنهم، إذ ما زال يحتفظ بخمسمائة ليرة على الرغم من مرور ستة أيام كاملة على استلام راتبه، يضع يده في جيبه، يشد على الورقة الغالية التي ستجعل منه هذه الليلة إنساناً آخر:

ستكفي ثمناً للبزر والكاتو والتبولة وبعض الفواكه، "يجب أن تكون ليلة مميزة" فكر أبو رسمي، "إنه من غير اللائق أن أستقبل عام 2000 استقبالاً عادياً، لأول مرة سأخصص هذا المبلغ للاحتفال، إنه مبلغ يحل نصف مشكلة أبي مرزوق"، يطرد الفكرة سريعاً،" ولكنه عام 2000 وليس من المناسب أن أخسر لذة الانتقال إلى الألفية الجديدة من أجل 500 ليرة، ومن أجل أشخاص ساذجين، لا يعرفون معنى العام 2000، وتطور الاتصالات وتغلغل الأنترنيت، والنظام العالمي الجديد. جلس إلى مكتبه، طلب القهوة بالهاتف، ذكره المستخدم أن "الدنيا رمضان"، فأصر قائلاً:

"لن أنتظر ألف سنة أخرى لأشرب فنجان قهوة في مناسبة كهذه"، ولكنه عدل عن رأيه حين قذفه المستخدم بإلحاحه على دفع ثمنها، وثمن عشرات الفناجين التي يشربها، وإذا كان أبو رسمي ينسى فإن الدفتر لا ينسى، وقد جاوز الحساب ثلاثمائة ليرة. يغلق الهاتف، ماداً يده إلى جيبه مطمئناً إلى وجود نقوده فيها. شرح لزملائه بتفصيل استغرق ساعتين رؤيته للعام الجديد، والألفية الجديدة التي ستبدأ بعد منتصف الليلة التالية، وستحمل الخير والبركة والتغيير الذي ملوا انتظاره منذ ألف عام. طمأن زميله

/ 21