بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
علاء قرعان (راسب) عبد القادر نعمات (ناجح) -من هو عبد القادر هذا؟ وكيف نجح في المسابقة؟ -لا أدري كيف نجح ولكنني تذكرته، إنه ذلك الرجل الذي كان يرتدي بنطالاً وقميصاً رماديين. 22كانون الأول 1999 سكرتير البندورة قالت زوجتي:هل فتحت الباب؟ قال رئيس التحرير:نرحب باسمكم بسكرتيرنا الجديد. قال البائع وهو يجر عربته القديمة:ريانة يا بندورة! في ظل النظام الجديد الذي تسرّب إلى مجلتنا أيضاً، لم يكن حدثاً مفاجئاً أن يقوم رئيس التحرير بتغيير سكرتيره تمشياً مع البيروسترايكا التي دبت فوضاها في كل مكان. الحمد لله أن الشربة طقت برأس سكرتير التحرير، ولم تطق برأسي، فقد انتابني خوف شديد، لم يبدده إلا ابتسام رئيس التحرير في وجهي، وتأكيده أنني أنتمي إلى فصيلة المثقفين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. سكريرنا الجديد رجل بهلواني، متعدد المواهب، يستطيع أن يكون أفعى أو حذاء أو عصفوراً يغني لرئيس التحرير أعذب الألحان حين يكون منزعجاً من تصريحات بعض الفئات المارقة. إنه ابن التنظيم منذ عشرين عاما، يعشق الالتصاق بالجماهير، مما يزعج زوجته التي لا يجد وقتاً للالتصاق بها. ولم يكن هذا الالتصاق مصادفة أو شائعة، لكنه كان حقيقة يشهد بها كل أفراد التنظيم، حتى إن بعضهم كان يسميه "الرجل الأوهو" تيمناً بتلك المادة اللاصقة التي تفيد في لصق الأوراق ببعضها، وفي التصاق القائد بجماهيره العريضة، كما قيل- والله أعلم- أن مصلحي الأحذية يستخدمونها في بعض الأحيان. حين اجتمعنا به للمرة الأولى، كان مبتسماً، وقليل الكلام، مؤدباً، تنتشر حبات العرق على صلعته ووجهه الضارب إلى الحمرة باستحياء. ومنذ ذلك الحين انطبعت صورة وجهه على شكل رأس البندورة في مخيلتي، وأوحيت لرئيس التحرير بذلك، فحوّل هذا الأمر إلى مفخرة من مفاخر سكرتيرنا الجديد، حيث استبدلنا بمقولتنا القديمة "باسم الثورة نبدأ الاجتماع" مقولة جديدة لا تقل عنها دلالة، إذ يقول رئيس التحرير:"ريانة يا بندورة". فيرد الجميع:"ريانة يا حمرة". حتى رأس البندورة نفسه اعتاد على هذا الأمر، وعدّ لقبه الجديد مكسباً يضاف إلى مكاسبه الكثيرة، وأقنع الجميع أن هذا الاحمرار كان نتيجة لجريان دماء الشهداء في عروقه المباركة. لقد اعتدت منذ قدومه أن أغافل وزجتي، وأفتح البراد، وأجهز على جميع رؤوس البندورة، لعلّ وجهي يزداد احمراراً، وتزداد حظوتي عند رئيس التحرير. رابني أمر رأس البندورة كثيراً فبحثت عن أصله وفصله، ولا سيما أنني لم أقرأ له أية كلمة في أية مجلة، باستثناء مجلتنا طبعاً، وعرفت أن صاحبنا حائز على الشهادة الابتدائية بامتياز، غير أن ظروفه لم تسمح له بتقديم امتحان الشهادة الإعدادية. حبيبته التي بقيت مخلصة له بعد زواجه من مسؤولة الشبيبة قالت:إنه كان ملتصقاً بالجماهير حين جاء وقت الامتحان، وقد حاول عشرون رجلاً أن يخرجوه من هذا الالتصاق الحميم دون جدوى.. والمهم في الأمر أن رأسه ظل مرفوعاً. لم أكن قد أخذت استعداداتي الكافية حين فاجأني في غرفتي وضبط على طاولتي ذات الزجاج الكسور، كتاباً يتضمن أشعار لوركا:-هل تحفظ النظام الداخلي؟ وقبل أن أجيب على سؤاله، أسرعت إلى إخراج منديل من جيبي لأمسح العرق عن صلعته، فأنا لا أحب رؤية رأس البندورة إلا شهياً لامعاً، نظر إلي بازدراء، ثم انصرف يغني منزعجاً:"طالعك يا عدوي طالع.. من كل بيت وحارة وشارع". حقدت عليه كثيراً، لكنه كان حقداً كسيراً، اندفعت إلى البيت كالثور الهائج ومزقت جميع الكتب والشهادات التافهة، وأكلت عشر كيلو غرامات من البندورة استعداداً لمعركتي معه. محاكمتي كانت سريعة جداً:-ريانة يا بندورة. -ريانة يا حمرة. "الرفيق.. تحية نضالية إننا إذ نعبر عن تقديرنا لإسهاماتكم القيمة في مجلتكم، نأسف إبلاغكم أنه نتيجة