بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
النفع من المخلوقين هو السبب في الطمع في الناس ، وهو في الحقيقة مبني على غير أساس ؛ لأن الطمع تصديق الظن الكاذب ، والطمع فيهم طمع في غير مطمع ؛ ولذلك كانت أرباب الحقائق بمعزل عنه ، فلا تتعلق همتهم إلا بالله ، ولا يتوكلون إلا على الله ، قد ترقت عن ملاحظة الأغيار قلوبهم ، فلم يحل فيها الطمع ، واتصفوا بصفات الكمال التي من أجلها الزهادة والورع ، فأحياهم الله حياة طيبة بالقناعة ، ولم يكشف أحد منها لمخلوق قناعه ، تخلصاً من رق الأغيار، وتطلباً لأن يكون من الأحرار .كما قال المصنف : (63) أنت حر مما أنت عنه آيس ، وعبد لما له طامع . أي أنت حر من كل شيء أنت عنه ؛ أي منه آيس ، لأن اليأس من الشيء دليل على فراغ القلب منه ، وذلك عين الحرية منه ، كما أن الطمع في الشيء دليل على الحب له وفرط الاحتياج إليه ، وذلك عين العبودية له . وقوله لما أنت له ؛ أي فيه طامع . فالطامع عبد ، واليائس حر . كما قيل : العبد حر أن قَنِعْ والحر عبد أن قَنَعْ 2 الإقبال على الله بملاطفات الإحسان . . الشكر يديم النعم . . ص 64 فاقنَع ولا تطمع فما شيء يشين سوى الطمع وقوله : ( إن قنع ) في آخر المصراع الأول بكسر النون بمعنى رضي ، والثاني بفتحها بمعنى سأل ، وقوله : ( فاقنَع ) بفتح النون أمر من القناعة . وما ألطف قول بعضهم : اضرع إلى الله لا تضرع إلى الناس واقنع بعز فإن العز في اليأس واستغن عن كل ذي قربى وذي رحم إن الغني من استغنى عن الناس (63) من لم يقبل على الله بملاطفات الإحسان ، قيد إليه بسلاسل الامتحان . أي من لم يقبل على الله تعالى بسبب ملاطفاته هي الإحسان ، قيد بالبناء للمفعول ؛ أي قاده الله إليه بالامتحانات الشبيهة بالسلاسل . فالنفوس الكريمة تقبل على الله لإحسانه ، والنفوس اللئيمة لا ترجع إليه إلا ببلائه وامتحانه . ومراد الرب من العبد رجوعه إليه طوعاً أو كرهاً . (64) من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ، ومن شكرها فقد قيد بعقالها . فيه تشبيه النعم بالإبل التي شأنها النفار أن لم تقيد بالعقال على سبيل المكنية ، وإثبات العقال تخييل ، والتقييد ترشيح . ومن كلامهم : الشكر قيد للموجود ، وصيد للمفقود . وناهيك قوله تعالى : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم ، وهو لغة : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعماً على الشاكر أو غيره ، سواء كان ذكراً باللسان ، أو عملاً بالأركان ، أو اعتقاداً بالجنان . كما قال الشاعر : وما كان شكري وافياً بنوالكم ولكنني حاولت في الجهد مذهبا 2 الخوف من مداومة إحسان الله مع إساءة الإنسان في الأعمال . . ص 65 أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا وفي الاصطلاح : صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله . وقد قيل للجنيد _ وهو ابن سبع سنين _ يا غلام ما الشكر ؟ فقال : أن لا يعصى الله بنعمه . (65) خف من وجود إحسانه إليك ،ودوام إساءتك معه ، أن يكون ذلك استدراجاً لك ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) الأعراف . أي خف _ أيها المؤمن _ من وجود إحسانه سبحانه عليك ، مع دوام إساءتك معه بترك أوامره ، أن يكون ذلك استدراجاً أي تدريجاً لك شيئاً فشيئاً ، ص 66 حتى يأخذك بغتة . فإن الخوف من الاستدراج بالنعم من صفات المؤمنين ، كما أن عدم الخوف منه مع الدوام على الإساءة من صفات الكافرين . قال تعالى : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) الأعراف ؛ أي لا يشعرون بذلك ؛ وهو أن يلقي في أوهامهم أنهم على شيء ، وليسوا كذلك ، يستدرجهم بذلك حتى يأخذهم بغتة . كما قال تعالى : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ