بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
فكن حيث أقامك الله ذو الفضل العظيم . وعلامة الإقامة حصول الاستقامة ، وتيسير الأسباب من الكريم الوهاب . ( 3 ) سَوابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدَارِ . هذه الحكمة كالتعليل لما قبلها ، وتوطئة لما بعدها . يعني أن ما قدره الله في الأزل لا تَخْرِقُ أسوارَه المحيطة به _ فضلاَ عن أن تصل إليه _ سوابقُ الهمم ؛ أي لهمم السوابق ، وهي قوى النفس التي تنفعل عنها الأشياء بإرادة الله تعالى ، وتكون للولي كرامة ، ولغيره كالساحر والعائن إهانة . وفيه تشبيه الأقدار بمدينة لها أسوار في الصيانة والحفظ على سبيل المكنية . ؛ أي جب عليك _ أيها المريد _ أن تعتقد أن الهمم أسباب عادية لا تأثير لها، وما ينشأ عنها إنما هو بقضاء الله تعالى وقدره ، فيكون عندها لا بها . فإرادتك خلاف ما أراده مولاك لا تجدي نفعاً ، ولا تأثيراً لها في الحقيقة ، حتى تظن أنها توجب لك رفعاً . ( 4 ) أرِحْ نَفْسَكَ مِنَ التَّدْبِيرِ ، فما قامَ بهِ غيرُكَ عنْكَ لا تَقُم بهِ لنفسِكَ . يعني : أرح نفسك من تعب التدبير المنافي للعبودية ، بأن تقول : لولا 2 انطماس بصيرة الإنسان بتقصيره فيما طلب منه . . ص 18 فعلت كذا ما كان كذا ، فإن الله تعالى دبر الأشياء في سابق علمه ، وما قام به غيرك عنك لا تقوم به لنفسك ، فإنك عاجز عن القيام به . وأما التدبير المصحوب بالتفويض للعليم الخبير فلا بأس به ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " التدبير نصف المعيشة " وللمصنف كتاب سماه ( التنوير في إسقاط التدبير ) راجعه أن شئت . فإن هذه المسألة أساس طريق القوم . ( 5 ) اجتهادُكَ فيما ضَمِنَ لكَ ، وتقصيرُكَ فيما طَلَبَ منكَ ، دليلٌ على انْطماسِ البصيرةِ منْكَ . يعني : أن اجتهادك _ أيها المريد _ في طلب ما ضَمِنَ ؛ أي كفل الله لك به من الرزق بنحو قوله تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا هود (6) . وتقصيرك ؛ أي تفريطك فيما طلب منك من العبادة بنحو قوله تعالى : يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ البقرة (21) . دليل وبرهان على انطماس ؛ أي عمى البصيرة منك ، وهي عين في القلب تُدْرَكُ بها الأمور المعنوية ، كما أن العين الباصرة تُدْرَكُ بها الأمور الحسية . وفُهِمَ من المصنف أن دليل انطماس 2 عدم اليأس من تأخير عطاء الله . . ص 19 البصيرة هو اجتماع الأمرين ، أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل ، وأخبر عن الأمرين بقوله : ( دليل ) ؛ لأن فعيلاً يستوي فيه المفرد وغيره . وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالاً من طلب الحلال بات مغفوراً له " ( 6 ) لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك ؛ فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ ، لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفي الوقْتِ الذي يريدُ ، لا في الوقْت الذي تُريدُ . أي لا يكن تأخر وقت العطاء المطلوب مع الإلحاح ؛ أي المدوامة في الدعاء موجباً ليأسك من إجابة الدعاء ، فهو سبحانه ضمن لك الإجابة بقوله : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) غافر فيما يختاره لك ، لا فيما تختاره لنفسك ، فإنه أعلم بما يصلح لك منك . فربما طلبت شيئاً كان الأولى منعه عنك ، فيكون المنع عين العطاء . كما قال المصنف فيما يأتي : ربما منعك فأعطاك وربما أعطاك فمنعك . يشهد ذلك مَنْ تَحَقَّقَ بمقام وَعَسى أن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة ولذا قال بعض العارفين : ومَنْعُكَ في التحقيق ذا عين إعطائي . وكذلك ضمن لك الإجابة في الوقت الذي يريد ، لا في الوقت الذي تريد . فكن موسويَّ الصبر ، فإن الصبر وعدم الاستعجال أولى بالعبيد . ألا ترى أن موسى كان يدعو على فرعون وقومه 2 عدم الشك في وعد الله . . ص 20 وهارون يؤمن على قوله : رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ