بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
(88) يونس إلى آخر ما قص الله في كتابه المكنون ، وبعد أربعين سنة حصل المدعوُّ به وقال : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) يونس . وفي الحديث : " أن الله يحب الملحين في الدعاء " . وورد : أن العبد الصالح إذا دعا الله تعالى قال جبريل : يا رب عبدك فلان اقض حاجته ، فيقول : " دعوا عبدي فإني أحب أن أسمع صوته " . فقم _ أيها المريد _ بما أمرك الله به من الدعاء ، وسلم له مراده . فربما أجابك ، وادخر لك بدل مطلوبك ما تنال به الحسنى وزيادة . ( 7 ) لا يشككنك في الوعد عدم وقوعِ الموعود . وإن تَعَيَّن زمنُه ؛ لئلا يكونَ ذلك قَدْحاً في بصيرتِكَ ، وإخماداً لنور سريرتك . هذه الحكمة أعم مما قبلها ، فإن الموعود به في تلك خصوص الإجابة ، وفي هذه أعم ؛ لأنه يشمل ما إذا كان الوعد من الله بإلهام رحماني ، بأن ألهمك أنه يحصل لك في الوقت الفلاني فتح ، أو يحصل في هذا العام كذا ، كما يقع 2 كيف أن الأمراض والبلايا والفاقات تكون سبباً من أسباب معرفة الله تعالى . . ص 21 لبعض الأولياء ، فيخبر بذلك ثم لا يحصل . فإذا حصل لك _ أيها المريد _ مثل ذلك ، ثم تأخر الموعود به ، فلا تشك فيما وعدك الله به ، وإن تعين زمنه ، وبالأولى إذا لم يتعين، لئلا يكون ذلك الشك قدحاً ؛ أي نقصاً في بصيرتك وإخماداً ؛ أي إطفاءً لنور سريرتك التي هي عين القلب ؛ فهي مرادفة للبصيرة ، وذلك لجواز أن يكون وقوع ذلك الموعود معلقاً على أسباب وشروط لم تحصل . فالعارف من تأدب مع ربه ، ولم يتزلزل عند تأخر ما وعده به . ( 8 ) إذا فتحَ لكَ وِجْهةً من التَّعرُّفِ فلا تبالِ معها أن قلَّ عملُكَ ؛ فإنه ما فَتَحَها لك إلا وهو يريد أن يتعرَّفَ إليكَ . ألم تعلم أن التَّعَرُّفَ هو مُورِدُهُ عليك ، والأعمال أنت مهديها إليه ، وأين ما تُهديه إليه مما هو مُورِدُهُ عليكَ . يعني إذا فتح لك الفتاح _ أيها المريد _ وجهة ؛ أي جهة من جهات التعرف ، وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات ، فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته ؛ كاللطف والقهر وغيرهما . والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها. فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك ؛ أي بقلة عملك _ فهمزة أن مفتوحة منسكبة مع ما بعدها بمصدر مجرور بالباء المقدرة المتعلقة بتبال _ أي لا تغتمَّ مع تلك الجهة ، ولا تهتم بقلة الأعمال . فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وليستأنف العمل " . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة . وورد : أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده 2 تنوع الواردات بتنوع الأعمال . . ص 22 المؤمن : " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحاً مقيماً " فصح أنه ما فتحها ؛ أي لك الجهة لك إلا وهو يرد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك . ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها . كما أشار إلى ذلك بالاستفهام التقريري بقوله : ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك . . . الخ . (9) تَنوَّعتْ أجناسُ الأعمالِ ، لتنوُّعِ وارداتِ الأحوالِ . أي اختلفت أجناس الأعمال الظاهرة ، لاختلاف الواردات التي هي الأحوال القائمة بالقلب ، فإن الواردات ما يرد على القلب من المعارف والأسرار ، والأعمال الظاهرة تابعة لأحوال القلب . لما في الحديث : " ألا وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صَلَحت صَلَحَ الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " . فإذا ورد على القلب العلم بفضائل قيام الليل ، توجه إليه ، وآثره على غيره ، فتقوم به الجوارح . وكذلك الصدقة والصيام وباقي الأعمال . 2 الإخلاص روح الأعمال وسر قبولها . . ص 23 (10) الأعمالُ صُوَرٌ قائمةٌ ، وأرواحُها وجودُ سِرِّ الإخلاص فِيهَا . يعني أن أعمال البر كصور قائمة ؛ أي أشباح ، وأرواحها التي بها حياتها ، وجود سر الإخلاص ؛ أي سرٌّ هو الإخلاص فيها . فمن عمل عملاً بلا إخلاص ، كان كمن أهدى جارية ميتة للأمير يبتغي بها الثواب ، وهو لا