بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
يستحق على ذلك إلا أنواع العقاب ، والمراد مطلق الإخلاص الشامل لأنواعه ، فإنه يختلف باختلاف الأشخاص . فإخلاص العُبَّاد سلامةُ أعمالهم من الرياء الجلي والخفي وكل ما فيه حظ للنفس ، فلا يعملون العمل إلا لله تعالى طلباً للثواب وهرباً من العقاب . وإخلاص المحبين هو العمل لله إجلالاً وتعظيماً ؛ لأنه تعالى أهل لذلك لا لقصد شيء مما ذكر . كما قالت رابعة العدوية : كلُّهم يعبدوك من خوف نار ويرون النجاة حظاً جزيلا أو بأن يسكنوا الجِنانَ فيحظُوا بقصور ويشربوا سلسبيلا ليس لي بالجِنانِ و النار حظ أنا لا أبتغي بحبي بديلا وأما إخلاص المقربين ؛ فهو شهودهم انفراد الحق بتحريكهم وتسكينهم مع التبرؤ من الحول والقوة ، فلا يعملون إلا بالله ، ولا يرون لأنفسهم عملاً . 2 عدم صدق السالك إذا ما أحب الشهرة وبعد الصيت . . ص 24 (11) ادْفِنْ وجودَك في أرضِ الخمولِ ، فما نَبَتَ مما لم يُدْفَنْ لا يَتِمُّ نَتَاجُه . أي ادفن _ أيها المريد _ نفسك ؛ أي شهرتها ، في الخمول الذي هو كالأرض للميت في التغطية التامة ؛ بأن لا تتعاطى أسباب الشهرة . فإن الخمول مما يعين على الإخلاص ، بخلاف حب الظهور ، فإنه من جملة القواطع القاصمة للظهور . فما نبت من الحَب مما لم يدفن في الأرض لا يتم نتاجه ، بل يخرج مصفراً . وكذلك أنت _ أيها المريد _ إذا تعاطيت أسباب الشهرة في بدايتك ، قل أن تفلح في نهايتك . ومن ثَمَّ قال رجل لبشر بن الحارث : أوصني فقال : أخمل ذكرك وأطب مطعمك . وقال بعضهم: لا تصلح طريقتنا هذه إلا لأقوام كُنست بأرواحهم المزابل . وقال إبراهيم بن أدهم : ما صدق الله من أحب الشهرة . ولله در القائل : 2 العزلة تنفع القلب ، فكرة وعدّة . . ص 25 عِشْ خامل الذكر بين الناسِ وارضَ به فذاك أسلمُ في الدنيا وفي الدين مَنْ عاشرَ النَّاسَ لم تسلمْ ديانَتُهُ ولم يزَلْ بين تحريكِ وتسكينِ (12) ما نَفَعَ القلبَ مثلُ عُزْلَةٍ يدخلُ بها مَيْدَانَ فكرة . أي ا نفع قلبَ المريد شيءٌ من الأشياء المطهرِّة له من الغفلات مثل عزلة عن الخلق ، يدخل بها ميدان فكرة ؛ أي تفكر في مصنوعات بارئ الأرض والسماوات . وإضافة ميدان لفكرة من إضافة المشبه به للمشبه ؛ أي فكرة شبيهة بالميدان ، لتردد القلب فيها كتردد الخيل في الميدان . وفي الحديث : " تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة " وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء ، وتزداد به معرفة الله ، ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا . والعزلة التي ينشأ عنها هذا الفكر أحد أركان الطريق الأربعة ، المجموعة في قول بعضهم : بيتُ الولاية قُسِّمَتْ أركانَهُ سادتُنا فيه من الأبدالِ ما بين صمتٍ واعتزالٍ دائمٍ والجوعِ والسّهرِ النزيهِ الغالي 2 امتناع حصول لذة المعرفة بالله لمن لم يفق من غفلاته . . ص 26 يوضحها قول الإمام أحمد بن سهل : أعداؤك أربعة : الدنيا ؛ وسلاحها الخَلقْ ، وسجنها العزلة . والشيطان ؛ وسلاحه الشبع ، وسجنه الجوع . والنفس ؛ وسلاحها النوم ، وسجنها السهر . والهوى ؛ وسلاحه الكلام ، وسجنه الصمت . واعلم أن الشأن في العزلة أن تكون بالقلب والقالب ؛ بأن يتباعد صاحبها عن الخلق . وقد تكون بالقلب فقط ؛ بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية في مقام المشاهدة القلبية : ولقد جعلتُك في الفؤاد محدَّثي وأبحتُ جسمي مَنْ أراد جلوسي فالجسمُ مني للجليسِ مؤانسٌ وحبيبُ قلبي في الفؤاد أنيسي (13) كيف يُشرقُ قَلْبٌ صُوَرُ الأكوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مرآته ؟ أمْ كيف يرحلُ إلى الله وهو مكَبَّلٌ بشَهواته ؟ أم كيف يطمع أن يدخل حضرةَ الله وهو لم يتطهَّر من جَنَابَةِ غَفَلاتِهِ ؟ أم كيف يرجو أن يفهم دقائقَ الأسرارِ وهو لم يَتُبْ من هَفَواتِهِ ؟ هذه الحكمة كالتوجيه للحكمة التي قبلها ، وذلك لأن العزلة المصحوبة بالفكرة ، يتخلى القلب بها عن الأغيار ، وبها يرحل إلى الله ، ويدخل حضرته ، ويتحلى بفهم دقائق الأسرار. وأما القلب الذي طُبعت في