بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
مرآته صوَرُ المكونات ، فاشتغل بها ، وصار مكبلاً ؛ أي مقيداً بالشهوات ، فإنه لا ينال الإشراق ، ولا 2 ظهور الحق أصل إنارة الكون . . ص 27 يدخل في حضرة الكريم الخلاق ؛ لأنه لم يتطهر من غفلاته الشبيهة بالجنابة ، فيُمنع منها كما يُمنع الجنب من المسجد الذي هو محل المناجاة والاستجابة والاستفهام في المواضع الأربعة إنكاري بمعنى النفي ؛ أي لا يكون إشراق القلب مع انطباع صور الأكوان التي هي كالظلمة في مرآته ؛ أي محل ناظره الذي هو البصيرة ، لما في ذلك من الجمع بين الضدين ، ولا يمكنه الرحيل إلى الله بقطع عقبات النفس مع كونه مكبلاً بشهواته للجمع المذكور ، ولا يدخل حضرة الله ؛ أي دائرة ولايته المقتضية للطهارة مع كونه لم يتطهر من جنابة غفلاته لذلك الجمع ، ولا يرجو أن يفهم دقائق الأسرار المتوقفة على التحرز من المعاصي مع كونه لم يتب من هفواته ، لذلك فالمطالب أربعة : إشراق القلب ، والرحيل إلى الحضرة ، ودخولها ، والإطلاع على أسرارها . وكلٌ وسيلة لما بعده . والموانع أربعة : انطباع صور الأكوان في عين القلب ، والتكبل بالشهوات ، وعدم التطهير من جنابة الغفلات ، وترك التوبة من الهفوات . (14) الكونُ كلُّه ظُلْمةٌ ، وإنَّما أنارَهُ ظهورُ الحقِّ فيه ، فمن رأى الكونَ ولم يشهدُهُ فيه أو عنده أو قَبْلَه أو بَعْدَه فقد أَعْوَزَهُ وجودُ الأنوارِ ، وحُجبَتْ عنه شموسُ المعارفِ بسُحُبِ الآثار . أي أن الكون بالنظر إلى ذاته كلُّه ظلمة ؛ أي دم محض ، لأنه لا وجود له بذاته وإنما أناره ؛ أي أوجده ، ظهورُ الحق تعالى فيه ؛ أي ظهور إيجاد وتعريف لا ظهور حلول وتكييف ؛ بمعنى أنه تجلى عليه بذاته وقال له كن فكان ، وهو قادر على إعدامه في الحال والاستقبال ، فليس ثمَّ إلا مبدع الأكوان . ثم أن من الناس مَنْ حجبه الكونُ ؛ أي المكونات ، عن المكون تعالى ، فلم يشهده سبحانه ؛ أي فلم يشاهد تأثيره فيه ، وهو الذي قد أعوزه ؛ أي فاته وجود الأنوار ، فصار محتاجاً لها لفقدها عنده ، وحجبت ؛ أي غابت عنه شموس المعارف ؛ أي المعارف التي هي كالشموس في إظهار الأشياء والكشف عن 2 دليل قدرة الله الناس عن رؤيته بالكائنات ، وهي عدم بالنسبة إليه تعالى . . ص 28 حقائقها ، فإضافة شموس إلى المعارف من إضافة المشبه به للمشبه ، كإضافة سحب إلى الآثار ؛ أي ، الآثار _ جمع أثر _ بمعنى المكوَّنات الشبيهة بالسُّحب ؛ بضمتين جمع سحاب ، قد منعتْ عنه المعارف الشبيهة بالشموس الكاشفة عنه الحقائق الموصلة إلى حضرة القدوس ، ومن الناس من لم يحجبه الكون عن المكوِّن سبحانه وتعالى ، بل شهده فيه بتأثيره ، وعنده بحفظه وتدبيره ، وهؤلاء الذين يشهدون الأثر والمؤثر معاً . ومنهم من شهده قبله ، وهم الذين يستدلون بالمؤثر على الأثر . ومنهم من شهده بعده ، وهم الذين يستدلون بالأثر على المؤثِّر ، وهذه الظروف المذكورة في كلام المصنف ليست زمانية ولا مكانية ؛ فإن الظروف من جملة الأكوان ، بل هي اصطلاحات ليس المراد منها ظاهرها عند ذوي العرفان ، وإنما تدرك بالذوق لا بالتعبير . فقف عند حدك ، وتمسك بقوله تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) الشورى . (15) مما يَدُلُّك على وُجُودِ قَهْرِه سبحانه أن حَجَبَك عنه بما ليس بموجودٍ معه . أي ما يدلك _ أيها المريد _ على أنه سبحانه القاهر فوق عباده ، أن حجبك ؛ بفتح همزة أن المصدرية المنسكبة مع ما بعدها بمصدر ؛ أي حجبك عنه تعالى بالكون الذي ليس بموجود معه لأنك قد علمت أنه ظلمة ؛ أي عدم محض من حيث ذاته . فالوجود الحقيقي إنما هو لله تعالى ، وما سواه لا يوصف عند العارفين بوجود ولا فقد ، إذ لا يوجد معه غيره لثبوت أحدِيَّتِهِ ، ولا يفقد إلا ما وجد . وقال سيدي أبو الحسن الشاذلي : إنا لننظر إلى الله تعالى بنظر الإيمان 2 قيام الأشياء بالله وكونه سبحانه الحفظ عليها وجودها . . ص 29 والإيقان ، فيغنينا ذلك عن الدليل والبرهان ، ونستدل به على الخلق ، فإنه ليس في الوجود إلا الواحد الحق ، فلا نراهم ، وإن كان ولا بد فنراهم كالهباء في الهواء ، أن فتشتهم لم تجدهم شيئاً ، وقال سيدي محي الدين بن العربي : من شهد الخَلْق لا فِعْل لهم فقد فاز ، ومن شهدهم لا حياة لهم فقد حاز ، ومن شهدهم عين العدم فقد وصل ، ومما فيل في هذا المعنى :