بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
من أبصرَ الخلْق كالسراب فقد ترَقَّى عن الحجابِ إلى وجود يراه رَتْقَاً بلا ابتعادٍ و لا اقترابِ ولم يشاهدْ به سِوَاه هناك يُهدى إلى الصَّوابِ فارفع _ أيها المريد _ عنك هذا الحجاب ، واجعل تعلقك برب الأرباب . فإن كل شيء هالك إلا وجهه . ولا يضمن لك الوصول إلى الله إلا هذه الوجهة . (16) كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي أظهر كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي ظهر بكل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي ظهر في كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي ظهر لكل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الظاهرُ قبل وجود كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو أظْهَرُ من كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الواحد الذي ليس معه شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو أقرب إليك من كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ ولولاه ما كان وجودُ كل شيء ؟ يا عجباً كيف يَظْهَرُ الوجودُ في العَدَم ؟ أم كيف يثبت الحادثُ مع مَنْ له وصْفُ القِدَم ؟ بين المصنف في هذه الحكمة الأدلة التي تدل على أنه سبحانه لا يحتجب ص 30 بالأكوان ، وأتى بها على وجه استبعاد أن يتصور ذلك في الأذهان ، فقال : كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي أظهر كل شيء حيث إنه هو الذي أوجده بعد العدم ، وما كان وجوده متوقفاً عليه لا يصح أن يحجبه ، وقوله : ظهر بكل شيء ؛ أي من حيث أن كل شيء يدل عليه ، فإن الأثر يدل على المؤثر ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (53) فصلت . وقولُه : ظهر في كل شيء ؛ أي من حيث أن الأشياء كلها مجالي ومظاهر لمعاني أسمائه ، فيظهر في أهل العزة معنى كونه معزاً ، وفي أهل الذّلة معنى كونه مذلاً ، وهكذا . . . وقولُه : ظهر لكل شيء ؛ أي تجلى لكل شيء حتى عرفه وسبحه . كما قال تعالى : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ (44) الإسراء . وقولُه : وهو الظاهر قبل وجود كل شيء ؛ أي فهو الذي وجوده أزلي وأبدي ، فوجوده ذاتي ، والذاتي أقوى من العَرَضي ، فلا يصح أن يكون حاجباً له . وقولُه : وهو أظهر من كل شيء ؛ أي لأن الظهور المطلق أقوى من المقيد ، وإنما لم يُدْرك للعقول مع شدة ظهوره لأن شدة الظهور لا يطيقها الضعفاء ، كالخفاش يبصر بالليل دون النهار لضعف بصره لا لخفاء النهار ، على حد ما قيل : ما ضرَّ شمسَ الضحى في الأُفْقِ طالعةً أنْ لا يرى ضوءَها مَنْ ليس ذا بصر 2 جهل من أراد أن يحدث غير ما أظهره الله . . ص 31 وقولُه : وهو الواحد الذي ليس معه شيء ؛ أي لأن كل ما سواه في الحقيقة عدم محض كما تقدم . وقد قام البرهان على وحدانيته تعالى بقوله سبحانه : لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا (22) الأنبياء . وقولُه : أقرب إليك من كل شيء ؛ أي بعلمه وإحاطته وتدبيره . كما قال تعالى في كتابه المجيد : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) سورة القرآن . وقولُه : ولولاه ما كان وجود كل شيء ، هو بمعنى قوله أولاً وهو الذي أظهر كل شيء . ولكون المقصود المبالغة في نفي الحجاب لم يضر هذا التكرار ؛ لأن المحل محل إطناب . ثم قال : يا عجبا كيف يَظْهَرُ الوجودُ في العَدَم ؛ أي يجتمع معه وهما ضدان . أم كيف يثبت الحادثُ مع مَنْ له وصْفُ القِدَم ؟ حتى يكون حجاباً للعظيم المنان . قال ابن عباد : وهذا الفصل من قولِه : الكون كله ظلمة إلى هنا ، أبدع فيه المؤلف غاية الإبداع ، وأتى فيه بما تقر به الأعين ، وتلذ به الأسماع . فإنه _ رضي الله عنه _ ذكر جميع متعلقات الظهور ، وأبطل حجابية كل ظلام ونور ، وأراك فيه الحق رؤية عيان وبرهان ،