بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ولما انساق ملك إفريقية إلى المعز بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي كان له رغبة في مذهب أهل السنة خالف فيه أسلافه الذين كانوا على مذهب الشيعة الرافضة وكان الخليفة من العبديين بمصر يومئذ المستنصر بالله معد بن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز لدين الله والمعز هذا هو الذي انتقل إلى مصر وبنى مدينة القاهرة وكان المعز بن باديس الصنهاجي لا تزال المراسلات والهدايا تختلف بينه وبين المستنصر العبيدي صاحب مصر كما كانت أسلافهما ثم إن المعز بن باديس ركب ذات يوم لبعض مذاهبه وذلك في أول ولايته فكبا به فرسه فنادى مستغيثاً بالشيهين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فسمعته العامة وكان جمهورهم سنياً فثاروا بالرافضة وقتلوهم أبرح قتل وأعلنوا بالمعتقد الحق ونادوا بشعار الإيمان وقطعوا من الأذان حي على خير العمل وكانت هذه الواقعة في أيام الظاهر العبيدي والد المستنصر فكاتب المعز بن باديس في ذلك فاعتذر إليه بالعامة فأغضى عنه واستمر ابن باديس على إقامة الدعوة لهم والمهاداة معهم وهو في أثناء ذلك يكاتب وزيرهم القائم بأمور دولتهم أبا القاسم علي بن أحمد الجرجرائي ويستمليه ويعرض بيني عبيد وشيعتهم ويغض منهم ثم هلك الوزير أبو القاسم سنة ست وثلاثين وأربعمائة وولي الوزارة -------------------- 165 بعده أبو محمد الحسن بن علي اليازوري أصله من قرى فلسطين وكان أبوه فلاحا بها فلما ولي الوزارة خاطبه المعز بن باديس دون ما كان يخاطب به من قبله من الوزراء كان يقول في كتابه إليهم عبدكم وصار يقول في كتاب اليازوري صنيعتكم فحقد ذلك عليه وصارت القوارص تسري من بعضهم إلى بعض إلى أن أظلم الجو بين المعز بن باديس وبين المستنصر العبيدي ووزيره اليازوري فقطع ابن باديس الخطبة بهم على منابره سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وأحرق بنود المستنصر ومحا اسمه من السبكة والطرز ودعا للقائم العباسي خليفة بغداد وجاءه خطابه وكتاب عهده فقرئ بجامع القيروان ونشرت الرايات السود وهدمت دور الإسماعيلية وبلغ الخبر بذلك إلى المستنصر بالقاهرة فقامت قيامه ففاوض وزيره أبا محمد الحسن بن علي اليازوري في أمر ابن باديس فأشار عليه بأن يسرح له العرب من بني هلال وبني جشم الذين بالصعيد وأن يتقدم إليهم بالاصطناع ويستميل مشايخهم بالعطاء وتولية أعمال إفريقية وتقليدهم أمرها بدلا من صنهاجة الذين بها لينصروا الشيعة ويدافعوا عنهم فإن صدقت المخيلة في ظفرهم بابن باديس وقومه صنهاجة كانوا أولياء للدولة وعمالا بتلك القاصية وراتفع عدوانهم من ساحة الخلافة وإن كانت الأخرى فلها ما بعدها وأمر العرب على كل حال أهون على الدولة من أمر صنهاجة الملوك فبعث المستنصر وزيره إلى هؤلاء الأحياء وأرضخ لأمرائهم في العطاء ووصل عامتهم ببعير ودينار لكل واحد منهم وأباح لهم إجازة النيل وقال لهم قد أعطيناكم المغرب وملك ابن باديس العبد الآباق فلا تفتقرون بعدها وكتب اليازوري إلى المعز أما بعد فقد أنقذنا إليكم خيولا فحولا وأرسلنا عليها رجالا كهولا ليقضي الله أمرا كان مفعولا فشرهت العرب إذ ذاك وعبروا النيل إلى برقة فنزلوا بها واستباحوها -------------------- 166 وافتتحوا أمصارها وأعجبتهم البلاد فكتبوا لإخوانهم الذين بقوا شرقي النيل يرغبونهم في البلاد فأجازوا إليهم بعد أن أعطوا للمستنصر لكل رأس دينارين فأخذ منهم أضعاف ما أخذوه وتقارعوا على البلاد فحصل لبني سليم شرقها ولبني هلال غربها ثم انتشروا في أقطار أفريقية مثل الجراد لا يؤمرون بشيء إلا أتوا عليه وبالجملة فلم تمر إلا مدة يسيرة حتى استولوا على ضواحي إفريقية ونازلوا أمصارها واقتضوا من أهلها