بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ولما كمل أمره وبايعه الناس على إعلاء كلمة الله ورد الظلم عن ضعفاء الأمة ضاق الأمر على عرب المغرب لاعتيادهم الفساد وعدم الوازع ومحبتهم الخلاف والفتنة فنكث بيعته جماعة منهم وكان من نكث الناصر بن الزبير في لمة من شراقة فقاتلهم أبو عبد الله حتى ظفر بهم ثم عفا عنهم ونكث أيضا الطاغي بالتاء بدل الطاء في لسانهم مع جموعه أولاد سجير فغلبهم وعفا عنهم وكذلك عرب الحياينة طغوا على أهل فاس وعاثوا خلال تلك البلاد بإغراء ولد السلطان زيدان فقاتلهم أبو عبد الله فكانت الدبرة عليهم وتاب على يده جماعة من رؤساء شراقة الذين كانوا مع الحياينة وكانت عاقبة كل من بغى عليه خسرا وكان أهل سلا قد لقوا من نصارى المعمورة مضرة وشدة فلما اجتمعت الكلمة على أبي عبد الله العياشي ورد الله كيد من نكث في نحره كان أول ما بدأ به أنه تهيأ للخروج إلى حلق المعمورة واستعد لقتاله ومنازلة من فيه من النصارى طمعا في فتحه فيتقوى المسلمون بذخائره وكان المسلمون قد حاصروه قبل ذلك فلم يقدروا منه على شيء وصعب عليهم أمره وكان أبو عبد الله إذا أراد الله أن يظفره بغنيمة رأى في منامه أنه يسوق خنازير أو نحوها ولما سار بجموعه إلى الحلق ونزل عليه رأى قطعتين من -------------------- 75 الخنازير معها عنوز فكان من قضاء الله وصنعه أنه في صبيحة تلك الليلة قدمت أغربة من سفن النصارى بقصد الدخول إلى الحلق فضيق عليهم رماة المسلمين الذين بالخندق فأرادوا أن ينحرفوا إلى البحر فردهم البحر إلى ساحل الرمل هنالك فتمكن المسلمون منهم وقتلوا وسبوا ووجدوا في الأغربة زهاء ثلاثمائة أسير من المسلمين فأعتقهم الله وأسر يومئذ من النصارى أكثر من ثلاثمائة وقتل منهم أكثر من مائتين وظفر المسلمون بقبطان من عظمائهم ففدى به الرئيس طابق رئيس أهل الجزائر وكان عندهم محبوسا في قفص من حديد واستقامت الأمور لأبي عبد الله العياشي بسلا وبنى داره داخل باب المعلقة منها وبنى برجين على ساحل مرسي العدوتين من ناحية سلا وهما المعروفان اليوم بالبساتين ثم كانت غزوة الحلق الكبرى وكان من خبرها أن جيش أهل فاس خرجوا بقصد الجهاد فنزلوا بموضع يعرف بعين السبع وكمنوا فيه ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع خرج النصارى إلى تلك الجهات على غرة فظفر بهم المسلمون وكان النصارى لما خرج جيش أهل فاس أعلمهم بذلك مسلم عندهم مرتد فأعطوه سلعا وجاء بها إلى سلا بقصد بيعها والتجسس لهم على الخبر فأخذ وقتل وعميت عليهم الأنباء إذ كانوا ينتظرون من يرد عليهم فيخبرهم ولما أبطأ عليهم خرجوا فلم يشعروا إلا بالخيل قد أحاطت بهم وقتل منهم نحو الستمائة ولم ينج إلا القليل حتى لم يبت في الحلق تلك الليلة إلا نحو أربعين رجلا منهم وغنم المسلمون منهم أربعمائة من العدة ولم يحضر أبو عبد الله العياشي في هذه الوقعة لأنه كان قد ذهب إلى طنجة حنقا على يوم المسامير لأن النصارى خذلهم الله كانوا قد صنعوا نوعا من المسمار بثلاثة رؤوس تنزل على الأرض والرابع يبقى مرفوعا وثبوا ذلك في مجالات القتال مكيدة عظيمة تتضرر منها الفرسان والرجالة فلما رجع وأعلم بضعف من بقي بالحلق بعث إلى أهل الأندلس بسلا يصنعون له السلالم كي يصعد بها إلى من بقي في الحلق فيستأصلهم فتثاقلوا عن صنعها غشا -------------------- 76 للإسلام ومناواة لأبي عبد الله حتى جاء المدد لأهل الحلق وكانت تلك الرابطة بين أهل الأندلس والنصارى متوارثة من لدن كانوا بأرضهم فكانوا آنس بهم من أهل المغرب فلما أتى أبو عبد الله بالسلالم لم تغن بعد شيئا ومن هنالك استحكمت البغضاء بينه وبين أهل الأندلس وكان أهل الأندلس قد أعلموا النصارى بأن محلة أبي عبد الله النازلة لمحاصرة الحلق ليست لها إقامة فبلغ ذلك أبا عبد الله فأقام عليهم الحجة وشاور العلماء في قتالهم فأفتى أبو عبد الله العربي الفاسي وغيره بجواز مقاتلتهم لأنهم حادوا الله ورسوله ووالوا الكفار ونصحوهم ولأنهم تصرفوا في مال المسلمين ومنعوهم من الراتب وقطعوا البيع والشراء عن الناس وخصوا به أنفسهم وصادقوا النصارى وأمدوهم بالطعام والسلاح وكان سيدي عبد