بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
المستقيم وأضلوا من رام سلوكها والطائفة الأخرى هي غلت في إثبات القدرة غلوا بلغ إلى حد أنه لا تأثير لغيرها ولا اعتبار بما سواها وأفضى ذلك إلى الجبر المحض والقصر الخالص فلم يبق لبعث الرسل وإنزال الكتب كثير فائدة ولا يعود ذلك على عباده بعائدة وجاءوا بتأويلات للآيات البينات ومحاولات لحجج الله الواضحات فكانوا كالطائفة الأولى في الضلال والإضلال مع أن كلا المقصدين صحيح ووجه كل منهما صبيح لولا ما شانه من الغلو القبيح وطائفة توسطت ورامت الجمع بين الضب والنون وظنت أنها وقفت بمكان بين الإفراط والتفريط ثم أخذت كل طائفة من هذه الطوائف الثلاث تجادل وتناضل وتحقق وتدقق في زعمها وتجول على الأخرى وتصول بما ظفرت مما يوافق ما ذهبت إليه وكل حزب بما لديهم فرحون وعند الله تلتقي الخصوم ومع هذا فهم متفقون فيما بينهم على أن طريق السلف أسلم ولكن زعموا أن طريق الخلف أعلم فكان غاية ما ظفروا به من هذه الأعلمية لطريق الخلف أن تمنى محققوهم وأذكياؤهم في آخر أمرهم دين العجائز وقالوا هنيئا للعامة فتدبر هذه الأعلمية التي حاصلها أن يهنى من ظفر بها للجاهل الجهل البسيط ويتمنى أنه في عدادهم وممن يدين بدينهم ويمشي على طريقهم فإن هذا ينادي بأعلى صوت ويدل بأوضح دلالة على أن هذه الأعلمية التي طلبوها الجهل خير منها بكثير فما ظنك بعلم يقر صاحبه على نفسه أن الجهل خير منه وينتهي عند البلوغ إلى غايته والوصول إلى نهايته أن يكون جاهلا به عاطلا عنه ففي هذا عبرة للمعتبرين وآية بينة للناظرين فهلا عملوا على جهل هذه المعارف التي دخلوا فيها بادئ بدء وسلموا من تبعاتها وأراحوا أنفسهم من تعبها وقالوا كما قال القائل أرى الأمر يفضي إلى آخر يصير آخره أولا وربحوا الخلوص من هذا التمني والسلامة من هذه التهئنة للعامة فإن العاقل لا يتمنى رتبة مثل رتبته أو دونها ولا يهنى لمن هو دونه أو مثله ولا يكون ذلك إلا لمن رتبته أرفع من رتبته ومكانه أعلى من مكانه فيا لله العجب من علم يكون الجهل البسيط أعلى رتبة منه وأفضل مقدار بالنسبة إليه وهل سمع السامعون مثل هذه الغريبة أو نقل الناقلون ما يماثلها أو يشابهها وإذا كان حال هذه الطائفة التي قد عرفناك أخف هذه الطوائف تكلفا وأقلها تبعة فما ظنك بما عداها التي قد ظهر فساد مقاصدها وتبين بطلان مواردها ومصادرها كالطوائف التي أرادت بالمظاهر التي تظاهرت بها كبار الإسلام وأهله والسعي في التشكيك فيه بإراد الشبه وتقرير الأمور المفضية إلى القدح في الدين وتنفير أهله عنه وعند هذا تعلم أن خير الأمور السالفات على الهدى وشر الأمور المحدثات البدائع وأن الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة هو ما كان عليه خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وقد كانوا رحمهم الله وأرشدنا إلى الاقتداء بهم والاهتداء بهديهم يمرون أدلة الصفات على ظاهرها ولا يتكلفون علم ما لا يعلمون ولا يتأولون وهذا المعلوم من أقوالهم وأفعالهم والمتقرر من مذاهبهم لا يشك فيه شاك ولا ينكره منكر ولا يجادل فيه مجادل وإن نزغ بينهم نازغ أو نجم في عصرهم ناجم أوضحوا للناس أمره وبينوا لهم أنه على ضلالة وصرحوا بذلك في المجامع والمحافل وحذروا الناس من بدعته كما كان منهم لما ظهر معبد الجهني وأصحابه وقالوا إن الأمر أنف وبينوا ضلالته وبطلان مقالته للناس فحذروه إلا من ختم الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة وهكذا كان من بعدهم يوضح للناس بطلان أقوال أهل الضلال ويحذرهم منها كما فعله التابعون رحمهم الله بالجعد بن درهم ومن قال بقوله وانتحل نحلته الباطلة