بني على عدم اعتصام ماء البئر أيضا ، أو نحملها على الاستحباب ؟ .أما الكلام في المقام الاول فحاصله أن في المسألة أقوالا .أحدها : انفعال ماء البئر مطلقا و هو الذي التزم به مشهور المتقدمين .ثانيها : عدم انفعاله مطلقا و هو كالمتسالم عليه بين المتأخرين .ثالثها : التفصيل بين بلوغ ماء البئر حد الكر فيعتصم و بين عدم بلوغه كرا فلا يعتصم ، و قد نسب هذا التفصيل إلى الشيخ حسن البصروي ، و هو من أحد علمائنا الاقدمين ، و كأنه ( قده ) لم ير خصوصية لماء البئر ، و حاله عنده حال سائر المياه ، و قد قدمنا في محله انها لا تنفعل بملاقاة النجاسة إذا كانت بمقدار كر ، و من هنا أورد بعض المتأخرين على المتقدمين القائلين بانفعال ماء البئر مطلقا بأن الكر على تقدير كونه خارج البئر محكوم عندكم بالطهارة و الاعتصام ، فلماذا بنيتم على نجاسته و انفعاله فيما إذا كان في البئر فهل لبعض الامكنة خصوصية تقتضي الحكم بعدم اعتصام الماء الكثير ؟ ! و هذا عجيب غايتة .ثم إن هناك تفصيلا آخر نقل عن الجعفي ( ره ) و هو أيضا من أحد أصحابنا الامامية ، و قد فصل بين ما إذا كان ماء البئر بمقدار ذراعين في ذراعين و حكم فيه بعدم الانفعال ، و ما إذا كان أقل من ذلك و حكم فيه بالانفعال و عدم الاعتصام .و الظاهر بل الواقع انه عين التفصيل المنسوب إلى البصروي ، و غاية الامر أنه يرى الكر أربعة أشبار في أربعة ، و ليس هذا تفصيلا مغايرا للتفصيل المتقدم بوجه .و هذه هي أقوال المسألة عند أصحابنا الامامية .و أما العامة فقد اتفق أرباب المذاهب الاربعة منهم على نجاسة ماء البئر بالملاقاة ، و انما اختلفوا في بعض خصوصياته ، فالمالكية و الحنفية التزما بنجاسته مطلقا ، و اختلفا في مقدار الواجب من النزح باختلاف النجاسات كميتة الانسان و غيرها .و الشافعية و الحنابلة ذهبا إلى نجاسته فيما إذا كان أقل