إذا اشترى الذمّي الأرض من المسلم وشرط عليه عدم الخمس
المسألة 42: إذا اشترى الذمّي الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصحّ، وكذا لو اشترط كون الخمس على البايع، نعم لو شرط على البائع المسلم أن يعطي مقداره عنه فالظاهر جوازه.(*)ـكلا القولين، ولا يثبت إذا استقال المشتري عندنا لعدم البقاء، ويثبت عنده، وينعكس إذا كان جائزاً ولم يفسخ حتى قضى الأجل فيثبت عندنا لبقاء العقد، ولا يثبت عنده.بل ثبوت الخمس فيما إذا انتقل إلى المسلم الشيعي بأحد الأنحاء الخمسة، محلّ تأمّل فإنّ التحليل للشيعة يتصوّر على وجهين:1. جواز تصرفه في الرقبة و انتقال الخمس إلى ذمة الذمي.2. إبراؤه من تعلّق الخمس بماله لمصلحة من المصالح وعلى هذا لا موضوع له بعد الإبراء.(*) إنّ اشتراط عدم تعلّق الخمس بالأرض أو تعلّقه بالبائع شرط على خلاف السنة الصحيحة، وأمّا اشتراط دفع مقدار الخمس على البائع بمعنى قضاء دينه الشرعي فهو من قبيل شرط الفعل فيجوز كسائر الشرائط، فلو دفع يسقط عن ذمّة الذمي وإلاّ يبقى في ذمته غاية الأمر للذمّي خيار تخلّف الشرط.فإن لم يفسخ يستقرّ على ذمّته لا على ذمّة المشروط عليه، إذ لم يكن في ذمّته سوى الفعل أي الأداء، لا كونه مديوناً لأصحاب الخمس، وبالجملة كان الشرط، هو شرط الفعل لا النتيجة، ومع ذلك يظهر من تعليقة السيد الحكيم على العروة عدم سقوط الخمس بالدفع أيضاً، ولعلّه إمّا بقياسه بتولّي الغير له تبرعاً، مع وجود الفرق بين تولي المتبرّع وتولي البائع فإنّ السقوط في الأوّل خلاف مقصود الشارع من تقسيم الثروة بخلاف الثاني إذ المشتري عند اشتراط الخمس على البائع يشتريه
إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو من مسلم آخر
المسألة 43: إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو من مسلم آخر ثمّ اشتراها ثانياً وجب عليه خمسان: خمس الأصل للشراء أوّلاً، و خمس أربعة أخماس للشراء ثانياً.(*)بثمن غال، وإمّا لعدم كونه قابلاً للنيابة، لكونه من الأُمور العبادية المشروطة بالنيّة وقصد القربة، وهو لا يتمشى إلاّ عمّن وجب عليه الخمس ابتداء، لا عمّن يؤدي عنه المال نيابةً.ولكنّه غير تام أيضاً، إذ ليس أداء الخمس من الأُمور التي يشترط فيها المباشرة، بل يكفي كون الأداء مستنداً إليه، كما في المقام، حيث إنّ أداء البائع مستند إلى اشتراطه لا إلى تلقاء نفسه.(*) أمّا تعدّد الخمس فلتعدّد السبب، أعني: شراء الأرض من مسلم، إنّما الكلام في متعلّق الخمس، فلا شكّ في أنّ متعلّقه في الشراء الأوّل هو تمام الأرض، وإنّما الكلام في الشراء الثاني، فقد أفتى الماتن بتعلّقه فيه بأربعة أخماس نظراً إلى أنّ الذمي لم يكن مالكاً إلاّ لأربعة أخماس، والعقد على الزائد عليها كان فضولياً غير نافذ إلاّ بإجازة الحاكم الشرعي، والمفروض عدم تنفيذه، والمفروض اشتراؤه ثانياً ما باعه قبلاً وهو بعد لم يبع إلاّ أربعة أخماس.نعم هنا نكتة تفطّن بها بعض المحقّقين، وهو أنّ ما ذكر في المتن، إنّما يصحّ إذا كان المشتري مسلماً غير شيعي وأمّا إذا كان مسلماً شيعيّاً فيصحّ البيع الثاني في تمام الأخماس لإحلالهم حقوقهم لشيعتهم غاية الأمر أنّ الخمس ينتقل إلى الثمن إذا كان هناك معاوضة أو إلى الذمة إذا كانت هبة مجردة.وعلى ذلك يكون المبيع في بيع الذمي من المسلم أوّلاً هو العين كلّها كما يكون المبيع في بيع المسلم من الذمي ثانياً هو العين كلّها فيتعلّق الخمس بتمامها، لا بأربعة أخماس كما لا يخفى.إذا توقف الملك على القبض فوهبها المسلم للذمّي...
إذا أسلم الذمّي بعد الشراء فلا يسقط الخمس
المسألة 44: إذا اشترى الأرض من المسلم ثمّ أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس. نعم لو كانت المعاملة ممّا يتوقّف الملك فيه على القبض(كالهبة) فأسلم بعد العقد و قبل القبض سقط عنه لعدم تماميّة ملكه في حال الكفر.(*)ـ(*) حاصل الكلام ، إنّهنا فرعين:الأوّل: إذا أسلم الذمي بعد الشراء فلا يسقط الخمس، لشمول الدليل له عند ما كان ذمياً، فلا وجه لسقوطه بالإسلام، إلاّ قوله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : «الإسلام يجبُّ ما قبله»(1) وهو غير مروي عن طرقنا، وعلى فرض ثبوته فهو ناظر إلى التكليفية من الأحكام من العصيان والخلاف وعبادة غير اللّه تعالى وارتكاب المعاصي، وأمّا الحقوق والغرامات والديون والضمانات فهي باقية على ذمّته.فإن قلت: ما الفرق بين الزكوات والأخماس التي تسقط عن ذمّته بإسلام الكافر؟قلت: وجود الفرق بين الواجبين ، فالأوّل يطلب منه بنحو العموم كالصلاة والزكاة، والخمس في غير هذا المورد فلا يطلب منه ظاهراً، إمّا لعدم وجوبه عليه كما عليه بعض الفقهاء، أو كون السقوط مقتضى كونه ذمّياً، فيسقط عنه كلّ شيء إلاّ الجزية، أو لأجل الإجماع على السقوط وإن لم يعلم وجهه، وأمّا المطلوب منه بالخصوص بقيد أنّه ذمّي فلا يسقط كما في المقام، وهذا نظير الجزية التي تطلب منه بقيد كونه كافراً.الثاني: لو كانت المعاملة ممّا يتوقّف الملك فيها على القبض كما في الهبة، فوهبها المسلم للذمي وأسلم قبل القبض، فهل يجب عليه الخمس أم لا الظاهر،
1 . كنز العمال:1/66، رقم الحديث 243.