في كتابه المعروف ب (المشكل ) (المولى في اللغة((31)) وقال ابو بكر محمد بن القاسم الانباري يـنـقـسـم عـلـى ثمانية اقسام , اولهن المولى المنعم المعتق , ثم المنعم عليه المعتق , والمولى الولي ,
والـمـولى الاولى بالشى ء) وذكر شاهدا عليه الاية التي قدمنا ذكرها (والمولى الجار, والمولى ابن
العم , والمولى الصهر, والمولى الحليف ).
وقد ذكر ابو عمر وغلام ثعلب في تفسير بيت الحارث بن حلزة((32)) .
زعموا ان كل من ضر ب
العير موال لنا وانا الولاء((33))
العير موال لنا وانا الولاء((33))
العير موال لنا وانا الولاء((33))
وامـا الـذي يدل على ان المراد بلفظ (مولى ) في خبرالغدير(الاولى ) فهو: ان عادة اهل اللسان في
خطابهم اذا راوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم التصريح به ولغيره لم يجز ان
يريدوا بالمحتمل الا المعنى الاول , يبين صحة ما ذكرناه ان احدهم اذا قال مقبلا على جماعة ومفهما
لـهـم ولـه عـدة عـبـيد: الستم عارفين بعبدي فلان ؟ ثم قال عاطفا على كلامه : فاشهدوا ان عبدي
حـرلـوجه اللّه تعالى , لم يجز ان يريد بقوله : عبدي بعد ان قدم ما قدمه الاالعبد الذي سماه في اول
كلامه دون غيره من سائر عبيده , ومتى ارادسواه كان عندهم ملغزا خارجا عن طريقة البيان .
فـامـا الـدليل على ان لفظة (اولى ) تفيد معنى الامامة فهو انا نجد اهل اللغة لا يضعون هذا اللفظ الا
فـيمن كان يملك تدبيره ووصف بانه اولى بتدبيره وتصريفه ينفذ فيه امره ونهيه , الا تراهم يقولون
السلطان اولى باقامة الحدود من الرعية , وولد الميت اولى بميراثه من كثير من اقاربه , والزوج اولى
بـامـراتـه , والمولى اولى بعبده ومرادهم من جميع ذلك ما ذكرناه , ولا خلاف بين المفسرين في ان
قـولـه تـعـالـى (النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم ) الاحزاب /6 المراد به انه اولى بتدبيرهم والقيام
بـامورهم من حيث وجبت طاعته عليهم , ونحن نعلم انه لا يكون اولى بتدبير الخلق وامرهم ونهيهم
من كل احد منهم الا من كان اماما لهم مفترض الطاعة عليهم ((34))
ويتضح بذلك ايضا ان حديث الغدير لم يبق على خفائه ولا اجماله في دلالته على امامة امير المؤمنين
(ع ) مع هذا الاستدلال ((35)) .
قال السيد المرتضى :
قـد دللنا على ثبوت النص على امير المؤمنينن (ع ) باخبار مجمع على صحتها متفق عليها و ان كان
الاختلاف واقعا في تاويلها وبينا انهاتفيد النص عليه بغير احتمال ولا اشكال كقوله (ص ) (انت مني
بمنزلة هارون من موسى ) و(من كنت مولاه فعلي مولاه ) الى غير ذلك مما دللناعلى ان القرآن يشهد
بـه كقوله تعالى (انما وليكم اللّه ورسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم
راكـعـون ) الـمـائدة /55 فـلابـد ان نـطرح كل خبر ناف ما دلت عليه هذه الادلة القاطعة ان كان
غيرمحتمل للتاويل نحمله بالتاويل على ما يوافقها ويطابقها اذا ساغ ذلك فيه ((36)) .
اما مراد السيد المرتضى من قوله انا لا ندعي علم الضرورة من النص لا لانفسنا ولا على مخالفينا
ومـا نـعـرف احـد مـن اصحابنا صرح بادعاء ذلك . فهو ان نص الغدير لا يدل على تعيين علي (ع )
امامابالبداهة , والضرورة ومن غير استدلال .
نـعم يقول المرتضى ويقول الشيعة القدماء ان النبي (ص ) لو لم يردالامامة لعلي في حديث الغدير مع
ايجاب خطابه لها لكان ملغزا عادلاعن طريق البيان بل عن طريق الحكمة ) ((37)) .
وفي ضوء ذلك يتضح خطا ما ذهب اليه (الاستاذ الكاتب ) من سوءاستفادة من كلام الشريف المرتضى
(ره ) وتحميل كلامه ما لم يرده ولايعنيه .
ونرى من المفيد في آخر هذه التعليقة ان نضع بين يدي القارى ءالكريم كلام الشريف المرتضى في
النص الخفي والنص الجلي فيمايلى :
قـال الشريف المرتضى رح : الذي نذهب اليه ان النبي صلى اللّه عليه وآله نص على امير المؤمنين
عـلـيـه الـسـلام بـالامامة بعده , ودل على وجوب فرض طاعته ولزومها لكل مكلف , وينقسم النص
عندنافي الاصل الى قسمين احدهما يرجع الى الفعل ويدخل فيه القول ,والاخر الى القول دون الفعل .
فـاما النص بالفعل والقول , فهو ما دلت عليه افعاله صلى اللّه عليه آله واقواله المبينة لامير المؤمنين
عـلـيه السلام من جميع الامة , الدالة على استحقاقه من التعظيم والاجلال والاختصاص بما لم يكن
حـاصلا لغيره كمؤاخاته صلى اللّه عليه وآله بنفسه وانكاحه سيدة نساء العالمين ابنته عليها السلام ,
وانـه لم يول عليه احدا من الصحابة , ولا ندبه لامر او بعثه في جيش الا كان هو الوالي عليه المقدم
فـيه , وانه لم ينقم عليه من طول الصحبة وتراخي المدة شيئا, ولا انكر منه فعلا, ولا استبطاه في
صـغـيـرمـن الامور ولا كبير مع كثرة ماتوجه منه صلى اللّه عليه وآله الى جماعة من اصحابه من
العتب , اما تصريحا او تلويحا.
وقـولـه صـلى اللّه عليه وآله فيه (علي مني وانا منه ) ((38)) و(علي مع الحق والحق مع علي )
و(الـلـهم ائتني باحب خلقك اليك ياكل معي من هذا الطائر) ((39)) الى غير ما ذكرناه من الافعال
والاقوال الظاهرة التي لا يخالف فيها ولي ولا عدو, وذك ر جميعها يطول , وانما شهدت هذه الافعال
والاقوال باستحقاقه عليه السلام الامامة ونبهت على انه اولى بمقام الرسول من قبل انها اذا دلت على
الـتـعظيم والاختصاص الشديد , فقد كشفت عن قوة الاسباب الى اشرف الولايات , لان من كان ابهر
فضلا, واعلى في الدين مكانا فهو اولى بالتقديم واقرب وسيلة الى التعظيم , ولان العادة فيمن يرشح
لشريف الولايات , ويؤهل لعظيمها ان يصنع به وينبه عليه ببعض ما قصصناه .
وقـد قال قوم من اصحابنا ان دلالة الفعل ربما كانت آكد من دلالة القول : وابعد من الشبهة , لان القول
يدخله المجاز, ويحتمل (ضروبا من التاويلات لا يحتملها الفعل .
فاما النص بالقول دون الفعل فينقسم الى قسمين :
احـدهـما: ما علم سامعوه من الرسول (ص ) مراده منه باضطرار, وان كنا الان نعلم ثبوته والمراد
منه استدلالا وهو النص الذي في ظاهره ولفظه الصريح بالامامة والخلافة , ويسميه اصحابنا النص
الجلي كقوله عليه السلام (سلموا على علي بامرة المؤمنين ) ((40)) و(هذا خليفتي فيكم من بعدي
فاسمعوا له واطيعوا) ((41)) .
والـقسم الاخر: لا نقطع على ان سامعيه من الرسول (ص ) علمواالنص بالامامة منه اضطرارا ولا
يـمـتنع عندنا ان يكونواعلموه استدلالامن حيث اعتبار دلالة اللفظة , وما يحسن ان يكون المراد او
لايحسن .
فـامـا نحن فلا نعلم ثبوته والمراد به الا استدلالا كقوله (ص ) (انت مني بمنزلة هارون من موسى
الا انه لا نبي بعدي ) و(من كنت مولاه فعلي مولاه ) وهذا الضرب من النص هو الذي يسميه اصحابنا
النص الخفي .
ثم النص بالقول ينقسم قسمة اخرى الى ضربين :
فـضرب منه تفرد بنقله الشيعة الامامية خاصة , وان كان بعض من لم يفطن بما عليه فيه من اصحاب
الحديث قد روى شيئا منه , وهو النص الموسوم بالجلي .
والـضـرب الاخر رواه الشيعي والناصبي وتلقاه جميع الامة بالقبول على اختلافها, ولم يدفعه منهم
احد يحفل بدفعه يعد مثله خلافا وان كانوا قد اختلفوا في تاويله وتباينوا في اعتقاد المراد به وهو
النص الموسوم بالخفي الذي ذكرناه ثانيا.
ونحن الان نشرع في الدلالة على النص الجلي لانه الذي تفرداصحابنا به , وكلام صاحب الكتاب في
هذا الفصل : انه مقصور عليه .
فـاما النصوص الباقية فسيجى ء الكلام في تاويلها وابطال ما جرح المخالفون فيها فيما بعد بعون اللّه
تعالى ((42)) .
المورد الخامس : احتجاج علي (ع ) بحديث الغدير
قـولـه : لـو كـان حديث الغدير يحمل معنى التعيين لاشار الامام علي (ع ) الى ذلك ولحاجج اصحاب الشورى بما هو اقوى من الفضائل
اقول : لقد احتج علي (ع ) بحديث الغدير وقدفصلنا ذلك في الحلقة الثانية /الفصل الثالث
نص الشبهة
قـولـه : ولـو كان حديث الغدير يحمل هذا المعنى (معنى التعيين )لاشار الامام الى ذلك وحاججهم
(اصحاب الشورى السداسية ) بما هواقوى من ذكر الفضائل ص 14.
الرد على الشبهة
1. اقول ان الهدف من جعل عمر الشورى في ستة احدهم علي (ع )هو نفس الهدف من الاجتماع في
السقيفة من دون حضور علي (ع ) , لقداستهدف المخططون لكلا الحدثين مسالة الحكم مع استهداف
امراضافي آخر في الشورى اريد تحقيقه وهو ان يخرج علي من الشورى وقد بايع لعثمان ولو جبرا
وكرها ليؤمن قيامه عليهم وقد فصلناالحديث عن ذلك في الحلقة الثانية من هذا الكتاب ((43)) .
ولـما كان الامر كذلك فان الاجواء غير صالحة في كلا الموردين للاحتجاج لان القوم مصرين على
تحقيق هدفهم بكل وسيلة ممكنة ,حتى لو كان ذلك باحراق باب بيت فاطمة (س ) او تهديد علي بالقتل
اذالم يبايع ابا بكر او لم يبايع عثمان قبل ان يخرج من بيت اجتماع اهل الشورى الستة .
ومـع ذلك فقد سجلت بعض المصادر احتجاجا لعلي (ع ) بحديث الغدير على اهل الشورى السداسية
كـمـا فـي مـناقب الخوارزمي ص 217وفرائد السمطين للحمويني الباب الثامن والخمسين والدر
النظيم لابن حاتم الشامي من طريق الحافظ ابن مردويه ((44)) .
2. ان دخـول علي (ع ) للشورى السداسية لم يكن بمحض اختياره بل اجبر على ذلك ويدل عليه ان
عـمـر امر بقتل المخالف من الستة , اماسبب اكراههم عليا (ع ) على الدخول في الشورى فهو انهم
كـانـوايخشون منه (ع ) انه اذا لم يدخل سوف يمتنع عن بيعة عثمان كما امتنع عن بيعة ابي بكر من
قـبـل وسـوف يـلتحق هذه المرة به اناس كانوا قدقصروا في قصة السقيفة او وقعوا في الشبهة ,
ومعنى ذلك احتمال تكامل العدد الذي يرجوه علي (ع ) من الانصار فيقوم في وجه عثمان .
3. لـو لـم يـكـن حديث الغدير يحمل هذا المعنى (معنى التعيين والنصب لعلي (ع ) من موقع خلافة
الـرسـول الـخـاصـة التي تفرض ان يكون حق الحكم خاصا به كما كان زمن الرسول (ص ) خاصا
بالرسول )لما احتج علي (ع ) به ايام خلافته بعد قتل عثمان وقد مر تفصيل ذلك في الحلقة الثانية ص
55-65.
المورد السادس : الصحابة وحديث الغدير
قوله : ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير اوغيره من الاحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة اقول : بل الصحابة فهموا ذلك وبسببه منعوا تداول تلك الاحاديث بين الناس خمسا وعشرين سنة
نص الشبهة
قوله : ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير او غيره من الاحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة
ولـذلـك اخـتاروا طريق الشورى وبايعوا ابا بكر كخليفة من بعد الرسول مما يدل على عدم وضوح
معنى الخلافة من النصوص الواردة بحق الامام علي او عدم وجودها في ذلك الزمان ص 14.
الرد على الشبهة
اقول : بل الصحابة فهموا من الحديث معنى النص والتعيين ولم يكن لديهم شك في ذلك وادل دليل على
فـهـمـهـم هو منعهم تداول هذه الاحاديث شفاها وتدوينا لما استقرت السلطة بايديهم بل عمدوا الى
مـاكتبه هذا وذاك من الصحابة من احاديث النبي فجمعوه واحرقوه ,وجرهم ذلك اخيرا الى احراق
المصاحف المنتشرة زمن النبي (ص )بسبب ما يوجد بهامشها من احاديث النبي (ص ) المفسرة للايات
النازلة في اهل البيت وقد ذكرنا طرفا من اخبار هذه المسالة في الحلقة الثانية من شبهات وردود ط
2ص 159- 163.
ويـعـضـد ذلك ما رواه ابو الطفيل عامر بن واثلة من حديث المناشدة قال : جمع علي (ع ) الناس في
الرحبة ثم قال لهم انشد اللّه كل امرى ءسمع من رسول اللّه (ص ) يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام
فقام ثلاثون من الناس فشهدوا.
قـال ابـو الطفيل فخرجت وكان في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له اني سمعت عليا يقول كذا
وكذا قال فما تنكر قد سمعت رسول اللّه (ص ) يقول ذلك له ((45)) .
وقد كان ابو الطفيل من صغار الصحابة وكان مقيما في مكة وتوفي النبي (ص ) وعمره ثمان سنوات
وفـي ضـوء ذلك يكون عمره لما بويع علي (ع ) على الحكم ثلاثا وثلاثين سنة وكان مقيما في مكة
ولـم يسمع طوال هذه المدة بحديث الغدير بسبب منع السلطة روايته ورواية غيره من احاديث النبي
في اهل البيت (ع ), والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هوما الذي استنكره ابو واثلة من حديث الغدير
حين سمعه لاول مرة وماالذي وقع في نفسه منه ؟ ليس من شك ان الذي وقع في نفسه واستعظمه هو
ان لـعـلـي بحديث الغدير ولاية كولاية الرسول (ص ) على الامة وهي اعظم من ولاية الحكومة اذ
ولايـة الحكومة من اثارها وفروعها وبالتالي فان كل من تقدم عليه في الحكم او في غيره كان كانه
قد تقدم على رسول اللّه (ص ) في ذلك .
اما قوله ولذلك اختاروا اي الصحابة طريق الشورى وبايعوا ابابكر فقد المحنا في الحلقة الثانية
مـن كـتابنا هذا ان الذي جرى بعد وفاة النبي (ص ) كان انقلابا قد خطط له من قبل , وقد اشار اليه
قـولـه تعالى (ومامحمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ...)
وقد اوضحت احاديث الرسول (ص ) الصحيحة المروية في كتب السنة والشيعة تلك الحقيقة المرة .
والى القارى ء الكريم طرفا منها:
روى الـبـخاري بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه (ص ):تحشرون حفاة عراة ... فاول من
يـكـسى ابراهيم ثم يؤخذ برجال من اصحابي ذات اليمين وذات الشمال فاقول اصحابي فيقال انهم لم
يـزالـوامرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم فاقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم : و كنت عليهم
شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم ... ((46)) .
قال البخاري : قال محمد بن يوسف ذكر عن ابي عبد اللّه عن قبيصة قال : هم المرتدون الذي ارتدوا
على عهد ابي بكر فقاتلهم ابوبكر.
اقول : لقد حاول البخاري ومن قبله ان يوجهوا احاديث الحوض ويصرفوها عن الصحابة الى غيرهم
ولـكن حديث البراء بن عازب يؤكدخلاف ذلك فقد روى البخاري بسنده عن العلاء بن المسيب عن
ابيه قال : لقيت البراء بن عازب فقلت طوبى لك صحبت النبي (ص )وبايعته تحت الشجرة , فقال : يا ابن
اخي انك لا تدري ما احدثنابعده ((47)) .
وروى الـبخاري بسنده عن ابن المسيب انه كان يحدث عن اصحاب النبي (ص ) ان النبي (ص ) قال :
يـرد عـلـى الـحـوض رجال من اصحابي فيحلؤون عنه فاقول يارب اصحابي فيقول انك لاعلم لك
بمااحدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى ((48)) .
وروى البخاري بسنده عن سهل بن سعد قال قال النبي (ص ): اني فرطكم على الحوض من مر علي
شـرب ومـن شـرب لـم يـضـمـا ابـدا ليردن علي اقوام اعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم
((49)) .
قال ابو حازم : فسمعني النعمان بن ابي عياش فقال , هكذا سمعت من سعد فقلت نعم . فقال اشهد على ابي
سـعـيـد الـخـدري لـسمعته وهويزيد فيها: فاقول (اي النبي (ص )) انهم مني فيقال انك لا تدري
مااحدثوا بعدك فاقول سحقا سحقا لمن غير بعدي ((50)) .
وروى الـبـخاري بسنده عن ابي هريرة قال النبي (ص ): بينما انا قائم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم
خـرج رجـل مـن بـيني وبينهم فقال هلم : فقلت اين ؟ قال الى النار, قلت وما شانهم ؟ قال انهم ارتدوا
على ادبارهم فلا اراه يخلص منهم الا مثل همل النعم((51)) .
وروى احمد في مسنده بسنده عن ام سلمة انه (ص ) قال : ايهاالناس بينما انا على الحوض جى ء بكم
زمرا فتفرقت بكم الطرق فناديتكم الا هلموا الى الطريق فناداني مناد: انهم قد بدلوا بعدك فقلت :الا
سحقا سحقا ((52)) .
وروى احـمـد ايضا بسنده عن ابي سعيد الخدري عن النبي (ص ) انه قال : تزعمون ان قرابتي لا
تـنفع قومي ؟ واللّه ان رحمي موصولة في الدنيا والاخرة اذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم
ذات اليسارفيقول الرجل يا محمد انا فلان بن فلان , ويقول الاخر انا فلان بن فلان ,فاقول اما النسب
قد عرفت ولكنكم احدثتم بعدي وارتددتم على اعقابكم القهقرى ((53)) .
امـا قـولـه او عـدم وجـودهـا في ذلك الزمان فان كان يريد بذلك احتمال ان يكون حديث الغدير
مـوضـوعـا فلنقرا على كل الاحاديث النبوية السلام وذلك لانه لم يتوفر لاي حديث نبوي ما توفر
لحديث الغدير من رواة فاذا احتملنا ان حديث الغدير موضوع كان كل حديث بعده اولى بهذا الاحتمال
وحينئذ لا يثبت لدينا شئ من السنة النبوية المطهرة .
المورد السابع : رواية مكذوبة على علي (ع )
قوله : ان عليا (ع ) قال انا دخلنا على رسول اللّه (ص ) فقلنا استخلف فقال لا, اخاف ان تفرقوا عنه ..
وان وصية علي (ع ) للحسن وصية اخلاقية روحية
اقـول : الـرواية التي اوردها لم تكن من تراث الشيعة وقد رد عليها الشريف المرتضى وقال ان عليا
(ع ) وصى الى ابنه الحسن واشار اليه واستخلفه
نص الشبهة
قـولـه : ويتجلى ايمان الامام علي بالشورى دستورا للمسلمين بصورة واضحة , في عملية خلافة
الامـام الـحـسـن , حـيـث دخل عليه المسلمون , بعدما ضربه عبدالرحمن بن ملجم , وطلبوا منه ان
يـسـتخلف ابنه الحسن , فقال : لا, انا دخلنا على رسول اللّه فقلنا: استخلف , فقال : لا:اخاف ان تفرقوا
عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن هارون , ولكن ان يعلم اللّه في قلوبكم خيرا يختر لكم . ص 15.
الرد على الشبهة
اقـول : ان الـروايـة التي اوردها ونسبها الى السيد المرتضى في كتابه الشافي رواية عامية رواها
الـقاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني ), وقد اورد القاضي المعتزلي رواية اخرى رواها
عن ابي وائل شقيق بن سلمة والحكم عن علي بن ابي طالب (ع ) انه قيل له الا توصي .قال : ما اوصى
رسول اللّه (ص ) فاوصي , ولكن ان اراد اللّه بالناس خيرافسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد
نبيهم على خيرهم ) الشافي ج3 /91 نقلا عن المغني وقد اجاب عنهما السيد المرتضى بقوله :
ان الـخـبر الذي رواه عن امير المؤمنين , لما قيل له الا توصي فقال :(ما اوصى رسول اللّه (ص )
فـاوصـي , ولكن ان اراد اللّه تعالى بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على
خيرهم ),فمتضمن لما يكاد يعلم بطلانه ضرورة .
والظاهر من احوال امير المؤمنين , والمشهور من اقواله وافعاله جملة وتفصيلا يقتضي انه كان يقدم
نفسه على ابي بكر وغيره من الصحابة , وانه كان لا يعترف لاحدهم بالتقدم عليه .
ومن تصفح الاخبار والسير, ولم تمل به العصبية والهوى , يعلم هذامن حاله على وجه لا يدخل فيه
شك .
ولا اعتبار بمن دفع هذا ممن يفضل عليه لانه بين امرين .
امـا ان يـكون عاميا او مقلدا لم يتصفح الاخبار والسير وما روي من اقواله وافعاله ولم يختلط باهل
النقل , فلا يعلم ذلك .
او يـكون متاملا متصفحا الا ان العصبية قد استولت عليه , والهوى قدملكه واسترقه , فهو يدفع ذلك
عنادا, والا فالشبهة مع الانصاف زائلة في هذا الموضع .
على انه لا يجوز ان يقول هذا من قال رسول اللّه (ص ) فيه باتفاق (اللهم ائتني باحب خلقك اليك ياكل
معي من هذا الطائر) ((54)) فجاءعليه السلام من بين الجماعة فاكل معه .
ولا مـن يـقـول النبي (ص ) لابنته فاطمة (س ) (ان اللّه عز وجل اطلع على اهل الارض اطلاعة
فاختار منها رجلين جعل احدهما اباك والاخربعلك ) ((55)) .
وقال صلى اللّه عليه وآله فيه (علي سيد العرب ) ((56)) .
و(خير امتي ) ((57)) .
و(خير من اخلف بعدي ) ((58)) .
ولا يـجوز ان يقول هذا من تظاهر الخبر عنه بقوله صلوات اللّه عليه وقد جرى بينه وبين عثمان
كـلام فـقـال لـه : ابـو بكر وعمر خير منك , فقال (انا خير منك ومنهما عبدت اللّه قبلهما وعبدته
بعدهما) ((59)) .
ومن قال : (نحن اهل بيت لا يقاس بنا احد) ((60)) .
وروى عـن عـائشة في قصة الخوارج لما سالها مسروق فقال لها باللّه يا امه لا يمنعك ما بينك وبين
عـلـي ان تقولي ما سمعت من رسول اللّه (ص ) فيه وفيهم قالت سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : (هم
شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ).
الـى غـير ذلك من اقواله (ص ) فيه التي لو ذكرناها اجمع لاحتجنا الى مثل جميع كتابنا ان لم يزد
على ذلك .
وكـل هـذه الاخبار التي ذكرناها فهي مشهورة معروفة , قد رواهاالخاصة والعامة بخلاف ما ادعاه
مما يتفرد به بعض الامة ويدفعه باقيها.
وبعد, فبازاء هذين الخبرين الشاذين اللذين رواهما في ان اميرالمؤمنين (ع ) لم يوص كما لم يوص
رسـول اللّه (ص ) الاخـبـار الـتي ترويها الشيعة من جهات عدة , طرق مختلفة المتضمنة انه عليه
الـسلام وصى الى الحسن ابنه , واشار اليه واستخلفه , وارشد الى طاعته من بعده ,وهي اكثر من ان
نعدها ونوردها.
فمنها ما رواه ابو الجارود عن ابي جعفر (ع ) ان امير المؤمنين لما ان حضره الذي حضره قال لابنه
الـحـسـن (ع ): (ادن مـني حتى اسر اليك مااسر الي رسول اللّه (ص ), وائتمنك على ما ائتمنني
عليه ).
وروى حـماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابي جعفرعليه السلام قال : اوصى امير
الـمؤمنين عليه السلام الى الحسن عليه السلام واشهد على وصيته الحسين ومحمدا عليهما السلام
وجميع ولده ورؤساء شيعته واهل بيته , ثم دفع اليه الكتب والسلاح .
فـي خبر طويل يتضمن الامر بالوصية في واحد بعد واحد الى ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين
بن علي عليهم السلام .
واخـبـار وصـيـة امـير المؤمنين عليه السلام الى ابنه الحسن عليه السلام واستخلافه له ظاهرة
مـشـهـورة بـيـن الشيعة واقل احوالها واخفض مراتبها ان يعارض ما رواه ويخلص ما استدللنا به
((61)) .
المورد الثامن : الحسن (ع ) لم يتنازل عن حقه
قوله : لو كانت الخلافة بالنص من اللّه والرسول لم يكن يجوز للامام الحسن ان يتنازل عنها تحت اي ظرف .
اقـول : الـنـص عـلى اهل البيت ومنهم الحسن (ع )يفيد ان لهم مقامين : الاول : انهم شهداء على الناس
بـالـقول والفعل والتقرير كالنبي (ص ) الاانهم ليسوا بانبياء وهذا المقام لا ينفك عن شخصهم وغير
قابل للتعطيل من قبلهم وهوثابت لهم سواء حكموا او لم يحكموا.
الثاني : انهم احق بالحكم احقية اختصاص وعلى الناس ان يبايعوهم .
وصـلـح الـحسن (ع ) مع معاوية انما جرى حول الحكم ولم يتنازل عن حقه فيه وانما جمدالقيام به
مـؤقتا لقاء شروط منها خضوع اهل الشام للحسن (ع ) بعد موت معاوية , ومع ذلك فان الصلح لم يجعل
من معاوية حاكما شرعيا.
نص الشبهة
قـوله : ولو كانت الخلافة بالنص من اللّه والتعيين من الرسول , كماتقول النظرية الامامية , لم يكن
يجوز للامام الحسن ان يتنازل عنها لاي احد تحت اي ظرف من الظروف . ولم يكن يجوز له بعد ذلك
ان يبايع معاوية او ان يدعو اصحابه وشيعته لبيعته . ولم يكن يجوز له ان يهمل الامام الحسين ولاشار
الى ضرورة تعيينه من بعده .. ولكن الامام الحسن لم يفعل اي شى ء من ذلك وسلك مسلكا يوحي بالتزامه
بحق المسلمين في انتخاب خليفتهم عبر نظام الشورى . ص 17-18.
الرد على الشبهة
1. قد بينا في الحلقة الثانية ان استخلاف النبي (ص ) لاهل بيته الاثني عشر (ع ) يفيد امرين وليس
امرا واحدا:
الاول : كـونـهـم حـجـجا الهيين شهداء على الناس بقولهم وفعلهم في الدنيا شفعاء لمن اخذ عنهم في
الاخرة وهذا الموقع لا يتنازلون عنه ولوكلفهم ذلك حياتهم الشريفة .
الـثـانـي : كـونـهـم الاحـق بحكم الناس احقية اختصاص بمعنى ان حق الحكم خاص بهم في زمان
حضورهم , وتصديهم لممارسة هذا الحق في الامة مرهون بشروط بينتها سيرة امير المؤمنين (ع )
كما ان قعودهم عنه لفترة مؤقتة وبشروط معينة بينتها سيرة الحسن (ع ) اذ كان من شروطالحسن
(ع ) ان يـخـضع اهل الشام للحسن بعد موت معاوية وان حدث به حدث فليس لمعاوية ان يعهد لاحد
وانما الامر للحسين (ع ) وان لايسميه امير المؤمنين وان لا يقيم عنده شهادة وعلى امان شيعة علي
(ع )وغير ذلك من الشروط.
ومـن الـجدير ذكره هنا هو ان عدم تصدي الائمة (ع ) للحكم لعدم توفرالشروط او تنازلهم عنه
لـمـصـلـحة ليس معناه شرعية حكومة المتصدي في قبالهم بل يبقى ذلك المتصدي في قبالهم غاصبا
لحقهم وتبقى الامة المقصرة عن نصرتهم والتي بايعت غيرهم بغير اذنهم آثمة .
2. ان قوله ولم يكن يجوز للحسن ان يهمل الامام الحسين ولااشار الى ضرورة تعينه من بعده ولكن
الـحـسـن لـم يـفـعـل اي شـى ء مـن ذلك تخالفه عقيدة الشيعة والنصوص النبوية التي اشارت الى
عـلي والحسن والحسين , هذا مضافا الى ان ابن المهنا في كتابه عمدة الطالب قد ذكر ان الحسن (ع )
نص على الحسين في المعاهدة ((62)) .
المورد التاسع : الوصية في رسالة الحسين (ع )
قـولـه : لا توجد اية اثار لنظرية النص في قصة كربلاء سواء في رسائل الشيعة او رسائل الحسين (ع )
اقـول : بـل رسـالـة الامـام الـحـسـين (ع ) الى اهل البصرة برواية الطبري عن ابي مخنف تذكر
الوصية (علما ان الطبري وابا مخنف كلاهما يذهب الى ان الامامة بالاختيار)
نص الشبهة
قوله : ولا توجد اية آثار لنظرية النص في قصة كربلاء سواء في رسائل شيعة الكوفة الى الامام
الحسين ودعوته للقدوم عليهم او في رسائل الامام الحسين لهم ص 18.
الرد على الشبهة
1. اقـول اذا كان الاستاذ الكاتب يريد اخبار قصة كربلاء كما رواهاالطبري عن ابي مخنف صاحب
كـتـاب مـقتل الحسين (ع ) فان ابا مخنف كان من رجال العامة ويرى الامامة بالشورى وينكر النص
فكيف يترقب منه ان يروي كلمات الحسين (ع ) او اصحابه التي تشير الى قول النبي (ص ) فيه وفي
اخيه وابيه من قبل ؟
ومـع ذلـك كله فقد روى الطبري عن ابي مخنف عن رجاله كتاب الحسين (ع ) الى اهل البصرة اما
بعد, فان اللّه اصطفى محمدا (ص )على خلقه , واكرمه بنبوته , واختاره لرسالته , ثم قبضه اللّه اليه
وقـد نصح لعباده , وبلغ ما ارسل به (ص ), وكنا اهله واولياءه واوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه
فـي الناس , فاستاثر علينا قومنا بذلك , فرضيناوكرهنا الفرقة , واحببنا العافية , ونحن نعلم انا احق
بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه , وقد احسنوا واصلحوا, وتحروا الحق ,فرحمهم اللّه , وغفر
لـنـا ولـهم . وقد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب , واناادعوكم الى كتاب اللّه وسنة نبيه (ص ), فان
الـسـنـة قـد امـيـتـت , وان الـبـدعـة قد احييت , وان تسمعوا قولي وتطيعوا امري اهدكم سبيل
الـرشـاد,والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته . ((63)) وليس من شك ان قوله (ع ) وكنا اهله
واولـيـاءه واوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه وقوله ونحن نعلم انا احق بذلك الحق المستحق
عـلـيـنـا مـمـن تـولاه يشير الى النص والوصية واولوية الاختصاص بحق الحكم , ولكن الرواة
اضـافـواالـى ذلك عبارة (ع ) في الثناء على الخلفاء الثلاثة قوله فاستاثر عليناقومنا بذلك فرضينا
وكرهنا الفرقة ... وقد احسنوا واصلحوا وتحرواالحق فرحمهم اللّه وهذا الكلام واضح التزوير
فان عليا (ع ) لم يبايع من سبقه الا كرها.
لـقد اضاف الرواة هذا القول ليجعلوا الاولوية التي اشار اليهاالحسين (ع ) بقوله وكنا.. احق الناس
بمقامه (ص ) اولوية تفضيل وقدمر الكلام على ان اولوية اهل البيت (ع ) هي اولوية اختصاص في
الموردالاول من الفصل الثاني .
المورد العاشر: علي بن الحسين (ع ) والوصية
قوله : لم يوص الحسين الى ابنه الوحيد علي زين العابدين وانما اوصى الى اخته زينب .
اقـول : روايـات اهل البيت (ع ) تؤكد ان علي بن الحسين وارث ابيه ومقامه بوصية منه وبوصية من
النبي (ص ).
نص الشبهة
قـولـه : ولم يكن (الامام الحسين ) يقدم اية نظرية حول (الامام المعصوم المعين من قبل اللّه ) ولم
يـكـن يـطالب بالخلافة كحق شخصي له لانه ابن الامام علي او انه معين من قبل اللّه . ولذلك فانه لم
يفكر بنقل (الامامة ) الى احد من ولده , ولم يوص الى ابنه الوحيد الذي ظل على قيدالحياة :(علي زين
الـعـابـديـن ), وانما اوصى الى اخته زينب او ابنته فاطمة ,وكانت وصيته عادية جدا تتعلق باموره
الخاصة , ولا تتحدث ابدا عن موضوع الامامة والخلافة ص 19 وايضا ص 60.
الرد على الشبهة
اقول :
1. اقـول مر في التعليق على المورد التاسع قول الحسين في كتابه الى رؤساء الاخماس بالبصرة اما
بـعـد فان اللّه اصطفى محمداعلى خلقه ... وكنا اهله واولياءه واوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه
فـي الـناس وهذا النص منسجم كل الانسجام مع قول ابيه علي (ع ) في اهل البيت (ع ) هم موضع
سره ولجا امره ... وفيهم الوصية والوراثة ((64)) .
2. لـم يـخـرج الـحـسين (ع ) مطالبا بالخلافة , وانما خرج من المدينة ممتنعا عن بيعة يزيد آمرا
بـالـمعروف ناهيا عن المنكر ثم استقر في مكة ولما عرض اهل الكوفة نصرته على جهاد الظالمين
ووجد فيهم الشروط متوفرة هاجر اليهم لينطلق بهم في حركة الجهاد ضد الامويين وشاء اللّه تعالى
ان يحال بينه وبين انصاره وان يسجن قسم منهم وان يقتل القسم الاخر بين يديه وان يكرمه الشهادة
وان يـجـعـل حـبـس الـنصرعنه لما هو ارضى وكان الامر كذلك فقد صارت شهادة الحسين باذن
اللّه الـبـاب الاوسع لحفظ الاسلام وحفظ حيوية الامة وسر قدرتهاعلى النهوض في وجه الظالمين
الى آخر الدنيا.
3. لـقد كان التفاف اهل الكوفة حول الحسين (ع ) امتدادا لالتفافهم حول اخيه الحسن (ع ) ومن قبل
ابـيهما علي (ع ) وقد بني هذا الالتفاف في عهد حكومة علي (ع ) على اساس الاحاديث النبوية التي
كـانت قدكتمت في عهد الثلاثة ثم انتشرت في عهد علي (ع ) كقوله (ص ) لمانزلت آية التطهير:
الـلـهـم هـؤلاء /اي عـلي وفاطمة والحسن والحسين وقد ادار الكساء عليهم / اهل بيتي وحامتي
وخاصتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, انا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو
لمن عاداهم ((65)) .
وقـولـه (ص ) حـسـيـن مني وانا من حسين احب اللّه من احب حسينا, حسين سبط من الاسباط
((66)) .
والاسـبـاط الـذيـن عـنـاهم النبي (ص ) اما هم المشار اليهم في قوله تعالى (ام تقولون ان ابراهيم
واسـمـاعـيـل واسحاق ويعقوب والاسباطكانوا هودا او نصارى ) البقرة /140 وهؤلاء هم يوسف
والائمـة من ذريته او هم المشار اليهم في قوله تعالى (ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون
وقـطـعـناهم اثنتى عشرة اسباطا امما)الاعراف /159-160وهم النقباء بعد موسى وهم يوشع بن
نـون , وولـدا هـارون والائمة من ذريتهما وكلا الاحتمالين يؤدي الغرض لان الاسباط في كليهما
هـم الاحفاد الذين امتدت بهم الرسالة الالهية بامر الهي , ولكن الاحتمال الثاني هو الاقرب حيث شبه
النبي (ص ) الائمة بعده و عددهم بنقباء بني اسرائيل بعد موسى وعددهم كما في رواية ابن مسعود
اثنا عشر عدة نقباء بني اسرائيل ((67)) .
4. اما قوله ولم يوص الحسين الى ابنه الوحيد على زين العابدين وانما اوصى الى اخته زينب وابنته
فاطمة وكانت وصية عادية جدا هذاالنفي منه محض ادعاء, لان الروايات عن اهل البيت (ع ) تؤكد
ان امـرالامـامة عهد معهود من رسول اللّه (ص ) الى علي (ع ) ثم الى رجل فرجل الى ان ينتهي الى
الـقائم (ع ) ((68)) وان كتب علي (ع ) التي املاهاعليه النبي (ص ) وكتبها علي بيده صارت من
بـعـد الـحـسـيـن (ع ) الى ولده علي بوصية منه ,نعم لم يصطحبها الحسين (ع ) معه لما خرج الى
مـكـة وانـمـا استودعها عند ام سلمة كما روى ابو بكر الحضرمي عن ابي عبداللّه (ع ) قال : ان
الحسين صلوات اللّه عليه لما صار الى العراق استودع ام سلمة رضى اللّه عنها الكتب والوصية فلما
رجع علي بن الحسين (ع )دفعتها اليه ((69)) .
وفي بصائر الدرجات : عن معلى بن خنيس عن ابي عبد اللّه الامام الصادق (ع ) - قال : ان الكتب كانت
عـنـد عـلـي (ع ) فـلما سار الى العراق استودع الكتب ام سلمة فلما مضى علي كانت عند الحسن ,
فلمامضى الحسن كانت عند الحسين , فلما مضى الحسين كانت عند علي بن الحسين , ثم كانت عند ابي
-الامام الباقر- ((70)) .
وفـي الـكافي عن سليم بن قيس قال : شهدت وصية امير المؤمنين حين اوصى الى ابنه الحسن (ع )
واشـهـد عـلى وصيته الحسين ومحمداوجميع ولده ورؤساء شيعته واهل بيته ثم دفع اليه الكتاب
والـسـلاح وقـال لابـنه الحسن : يا بني امرني رسول اللّه (ص ) ان اوصي اليك وان ادفع اليك كتبي
وسلاحي كما اوصى الى رسول اللّه (ص ) ودفع الى كتبه وسلاحه , وامرني ان آمرك اذا حضرك
الـمـوت ان تـدفعها الى اخيك الحسين ثم اقبل على ابنه الحسين , فقال له : وامرك رسول اللّه (ص )
ان تدفعها الى ابنك هذا ثم اخذ بيد علي بن الحسين ثم قال لعلي بن الحسين : وامرك رسول اللّه (ص )
ان تدفعها الى ابنك محمد بن علي واقراه من رسول اللّه (ص ) ومني السلام ((71)) .
قال العلامة العسكري : ما سلمه الامام هنا الى ابنه الحسن كتاب واحد وهو غير الكتب التي اودعها
ام الـمـؤمـنـيـن ام سـلـمـة بالمدينة عندهجرته من المدينة , والتي تسلمها الامام الحسن منها عند
عودته الى المدينة ((72)) .
وفي غيبة الشيخ الطوسي , ومناقب ابن شهر آشوب , والبحار: عن الفضيل قال :
قال لي ابو جعفر الامام الباقر (ع ): لما توجه الحسين (ع )الى العراق , دفع الى ام سلمة زوج النبي
(ص ) الـوصـيـة والكتب وغيرذلك , وقال لها: اذا اتاك اكبر ولدي فادفعي اليه ما دفعت اليك , فلما
قتل الحسين (ع ) اتى علي بن الحسين ام سلمة فدفعت اليه كل شى ء اعطاهاالحسين (ع ) ((73)) .
وفـي الكافي واعلام الورى ومناقب ابن شهر آشوب والبحارواللفظ للاول , عن ابي بكر الحضرمي
عـن الامـام الـصـادق (ع )قـال : ان الـحـسـيـن (ع ) لما سار الى العراق استودع ام سلمة (ره )
الكتب والوصية , فلما رجع علي بن الحسين (ع ) دفعتها اليه ((74)) .
قال العلامة العسكري : وكان ذلك غير الوصية التي كتبها في كربلاءودفعها مع بقية مواريث الامامة
الـى ابـنـتـه فـاطـمـة فـدفعتها الى علي بن الحسين وكان يوم ذاك مريضا لا يرون انه يبقى بعده
((75)) .
وفي الكافي واعلام الورى وبصائر الدرجات والبحار واللفظللاول عن عيسى بن عبد اللّه عن ابيه
عن جده قال : التفت علي بن الحسين الى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده , ثم التفت الى محمد
بن علي بانه , فقال : يا محمد ليس فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوء علما ((76)) .
وفي بصائر الدرجات والبحار: عن عيسى بن عبد اللّه بن عمر, عن جعفر بن محمد - الامام الصادق
(ع ) - قـال : لـمـا حضر علي بن الحسين الموت قبل ذلك اخرج السفط او الصندوق عنده فقال : يا
مـحمد احمل هذا الصندوق , قال : فحمل بين اربعة رجال فلما توفي جاء اخوته يدعون في الصندوق ,
فـقـالوا: اعطنا نصيبنا من الصندوق , فقال : واللّه مالكم فيه شى ء, ولو كان لكم فيه شى ء ما دفعه الي ,
وكان في الصندوق سلاح رسول اللّه وكتبه ((77)) .
وفـي بصائر الدرجات عن زرارة عن ابي عبد اللّه قال : ما مضى ابوجعفر حتى صارت الكتب الي
((78)) .
وفـيـه - ايضا- عن ابي بصير قال : سمعت ابا عبد اللّه يقول : ما مات ابو جعفر حتى قبض -اي ابو
عبد اللّه - مصحف فاطمة ((79)) .
وفـي الكافي وبصائر الدرجات : عن حمران عن ابي جعفر (ع ) قال :سالته عما يتحدث الناس انه
دفـعـت الـى ام سـلـمة صحيفة مختومة فقال :ان رسول اللّه (ص ) لما قبض ورث علي (ع ) علمه
وسـلاحـه ومـا هـنـاك ,ثـم صـار الـى الـحـسـن (ع ), ثم صار الى الحسين (ع ) فلما خشينا ان
نغشى استودعها ام سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين (ع ). قال : فقلت :نعم ثم صار الى ابيك , ثم
انتهى اليك وصار بعد ذلك اليك ؟ قال نعم .
وعـن عـمـر بن ابان : قال : سالت ابا عبد اللّه (ع ) عما يتحدث الناس انه دفع الى ام سلمة صحيفة
مختومة , فقال : ان رسول اللّه (ص ) لما قبض ورث علي (ع ) علمه وسلاحه وما هناك ثم صار الى
الـحـسـن (ع ), قـال :قـلـت ثـم صار الى علي بن الحسين ثم صار الى ابنه ثم انتهى اليك فقال :نعم
((80)) .
اقـول : ويؤكد مسالة وجود تراث علمي خاص ورثه الصادق (ع )عن ابيه الباقر عن ابيه علي زين
الـعـابـدين عن ابيه الحسين عن اخيه الحسن عن ابي علي (ع ) ما ذكره ابن عدي قال : ولجعفر بن
محمدحديث كبير عن ابيه عن جابر وعن ابيه عن آبائه ونسخا لاهل البيت يرويه جعفر بن محمد
((81)) .