بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
وبسماعي هذا النبأَ العظيمَ، حملتُ في نفسي هَيْبةً للإمام السيّد البُروجِرديّ لا نظيرَ لها، وكنتُ اُحدّثُ نفسي:كيف تَمَكَنَ هذا السيّد من حلّ تلك المعضلة? وبتلك السرعة? هلْ كان حافظاً لكلّ الأحاديث، ومستحضراً للأسانيد والمتون? ولم أعرف حقيقةَ الحال، حتّى وقفتُ علىالموسوعة الرجاليّة- العظيمة التي ألّفها السيّد البُروجِرديّ ، فعلمتُ أنّ تلك القدرةَ التي ملكها السيّد على ردّ الأحاديث المقلوبة إلى وجوهها، إنّما كانت ثمرةً يانعة لهذا الجهد الجَبّار الذي بذله في علم الحديث، وفائدةً واحدة من فوائده الكثيرة الوفيرة.ولمّا قدّر اللهُ بفضله العميم علينا الهجرةَ إلى قُم ( في شهر جمادى الاَخرة من عام 1400هج) فاتّخذناها موئلاً ومقاماً، لكونها حاضرةَ العلم والجهاد، في ظلّ الجمهورية الإسلاميّة الخالدة، واشتغلنا بالبحث العلميّ، اطّلعنا على عظمة الإمام البُروجِرديّ وجهوده العلميّة، عن كَثَبٍ، فوجدناهُ الرجلَ، متنوّعَ المعارف عاليَ الهمّة، المجدّدَ في الفنون التي اشتغلَ فيها، كالفقه، واُصوله، والحديث، والرجال، هذه العلوم التي هي العمود الفِقْريّ للاجتهاد، وبها يتبوّا العالمُ دفّةَ المرجعيّة، وأريكة الزعامة الروحيّة عند الشيعة الإماميّة.مضافاً إلى تقوىً فريدة المثال، وورعٍ مضيىء باهرِ الأنوار، وإخلاصٍ فائق، وصفاتٍ جميلة حسان، مَلَكَ أزِِمّةَ كلّ ذلك، السيّد الإمامُ البُروجِرديّ ، وأبرزها في تصرّفاته الخاصّة والعامّة.كلّ ذلك مقروناً بذكاءٍ خارق، وتوجّهٍ إلى التُراث الإسلاميّ بشكلٍ كبير، حتّى كان له السعيُ الأكيد في جمعه، وضبطه وتحقيقه، وطبعه وتخليده.وقد وقفتُ -وأنا في النَجَف- على مجموعةٍ من الكتب المهمّة التي أمر السيّدُ البُروجِرديّ بطبعها وإخراجها، وكان له عمل مباشر في بعضها، واَخر لتلامذته الكبار ومن المقرّبين إليه من العلماء، منها:كتاب -الخلاف- للشيخ الطوسيّ، الذي قابله، وعلّق عليه، وقدّم له، وطبع في مجلّد كبير في طهران سنة 1370هج وتتمّة كتاب -مفتاح الكرامة- للسيّد العامليّ.و-جامع الرواة- للأردبيليّ، بتقديمه.و-الجعفريات- برواية ابن الأشعث المصريّ.و-قرب الإسناد- للحِمْيَريّ.وغير ذلك.هذه العناية بالتُراث، اختصّ بها السيّد من بين مَنْ وصلَ إلى المرجعيّة العظمى، فإذا عرفنا انّه لم يُقدمْ على طبع شيءٍ من مؤلّفاته العظيمة، ظهرَ بوضوح المدى الذي بلغهُ هذا الإمامُ العظيم في الإخلاص، وسعة الاُفق، وبُعد النظر.وسنقف على انّ السيّد منذ وردَ النَجَف الأشرف للتحصيل، في عام 1320ه.بُعَيْدَ وفاة خاتمة المحدّثين الشيخ النُوريّ، طلبَ من زميله الشيخ اَقا بُزُرْك الطهرانيّ(3) ان يُجيزَه روايةَ الحديث لكونه اقربَ الناس عَهداً بالشيخ النُوريّ، رغبةً في الاتّصال بالنوريّ الذي يُعتبر الحلقةَ الأخيرة الجامعة لطُرق التحديث والرواية في اوّل القرن الرابع عشر، واَخرَ من خَلّد جامعاً كبيراً في الحديث الشريف، حتّى عُدَ خاتمةَ المحدّثين على الإطلاق، فاستجازَ الشيخَ الطهرانيّ ليتّصلَ طريقه إليه، وهذا الإقدام من السيّد، ينُمُّ عن اهتمام بليغٍ بأمر الحديث والعناية الفائقة بتحمّله بطريق -الإجازة- التي أصبحتْ في العصور المتأخّرة مغمورةً، ويكشفُ عن تطّلُع السيّد إلى إحياء الحديث، وتجديد علومه وتخليد تُراثه(4)،الذي انعكسَ بوضوحٍ على اَثاره الخالدة. 3) شَيْخنا العلاّمة الحُجّة الإمام الشيخ محمّد محسن المعروف باَقا بزرك الطهراني (1293- 1389 شَيْخ مشايخ الحديث في القرن الرابع عشر، ولد في طهران وهاجر إلى النَجَف وسامراء، وبعد الانتهاء من مراحل الدراسات العليا، انقطع إلى التاليف، وخلّف موسوعتين عظيمتين 1-الذريعة إلى تصانيف الشيعة- في 29 مجلّداً، 2-و-طبقات أعلام الشيعة- من القرن الرابع الى الرابع عشر في أكثر من عشرين جزءً، طبع أكثره، اتّصلت به عام ورودي إلى النَجَف في سنة 1384ه.فأجازني برواية الحديث بطرقه، وهو أوّل مشايخي العظام -رحمهم الله- توفّي في النجف، ودفن في مكتبته-رضوان الله عليه.(4) لاحظ نقباء البشر من طبقات أعلام الشيعة للشيخ آقابزرك (ج2، ص607) وترتيب أسانيد الكافي، الموسوعة الرجاليّة (ج1،ص27) وسيأتي حديث عن الإجازة عندالسيّد البُروجِرديّ (ص111-113).