تابعا، حيث لا بُدَ له من استنباط الاحكام من متون الاحاديث التي ثبتَ له جوازُ الاعتماد عليها سنديّا، فلا بُدَ ان يجتازَ التقليدَ في تحديد الصالح منها للاستناد، ويتّخذ منهجا رجاليّا معتمدا عليه، ليحصل له العلمُ بالنتائج الرجاليّة المحرِزة للمتون، ولو على اساس الظنّ، بعد اثبات حجيّة خصوص الظنّ الرجاليّ، او مطلق الظنّ، الامر الذي بدونه لا يمكنُ تحقق صفة الاجتهاد عنده.وفي هذا الذي ذكره السيّد تصحيح للمسار الخاطىء الذي يتّخذه عامّةُ
المتعلّمين، من استخدام كُتُب الرجال، سائرين وراءَ اراءِ مؤلّفيها متابعةً تقليديّةً صرفة، من دون معرفة مناهجهم في المعالجات الرجاليّة، فضلا عن اتّخاذ مَنْهَج رجإلى معيّن مع ادّعائهم العريض للاجتهادات المزيّفة.فكيفَ يكون مجتهدا في اثبات المدلول، مَنْ هو مقلّد في حُجّيّة الدليل?
رابعا تقدير وتواضع
وممّا يجب التنبيهُ عليه:انّ السيّد البُروجِرديّ قد قامَ بهذا العمل الجبّار، مبتكرا له بنفسه ، وبالاستقلال في الفكر والابداع، على اساسٍ من نبوغه، وبجهده الخاصّ المنفرد.الا انّه بعد ما انجزَ عمله وقفَ على جهدٍ مثيل، بداه واحد من علماء الرجالهو العالم المحدّث الرجاليّ المتتبّع الشيخ محمّد بن علي الاردبيليّ الحائرىّ (ت1101)(13) في كتابه العظيم -جامع الرواة وازاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد-.فقد رسم فيه بعضَ الاهداف التي رسمها السيّد، فإنَّه اوردَ فيه:-جَميع رُواة الكُتُب الاربعة، وذكر مَنْ رووا عنه، ومَنْ روى عنهم، وتعيين (مقدار رواياتهم [ومواضعها في تلك الكتب] ورفعَ بذلك بعض النقص في كُتُب الرجال-(14).قال السيّد عن الاتّفاق بين الفكرتين في المقدّمة الثمينة التي كتبها لكتاب -جامع الرواة- ما نصّه:-وإنَّي حينما كنتُ ببُروجِرد، وكنتُ اراجع اثناء ابحاثي لمعرفة اسانيد
الروايات ما صنّفهُ علماؤنا في الفهارس، و [كتب ] الرجال، والمشتركات
تفطّنتُ لما تفطّنَ له هذا الشيخُ الجليل، ولغير ذلك من النقص في تلك
الكتب.
( 13) كان من تلاميذ العلامة المجلسي ، طما صرح به في ترجمة المجلسي من كتابه جامع الرواة ، واجازه سنة (1098) وسكن مدينة كربلاء مدة ، وتوفي بها سنة (1101) وقد الف كتابه هذا سنة (1100) بعد ان عمل فيه (25 ) سنة ، كما نقله الا قا رضي القزويني الذي كتب قسما من هذا الكتاب سنة (1125) وقرظ المتاب جمع من اعلام عصره ، ولاحظ ترجمة المؤ لف في مفدمة جامع الرواة ، بقلم السيد البروجردي ( ج1 ص الف-جيم ).(14) جامع الرواة (ج1 ص ز) .