ثم سرحنا بالكتاب مع عبدالله بن سبع الهمداني وعبدالله بن وال وامرنا هما بالنجاء ، فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على حسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة ، ثم لبثنا يومين ثم سرحنا اليه قيس بن مسهر الصيداوي وعبدالرحمان بن عبدالله بن الكدن الارحبي وعمارة بن عبيد السلولي فحملوا معهم نحوا من ثلاثة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والاربعة .قال ثم لبثنا يومين آخرين ثم سرحنا اليه هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي وكتبنا معهما ( بسم الله الرحمن الرحيم ) لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين :أما بعد فحيهلا فان الناس ينتظرونك ولا رأى لهم في غيرك فالعجل العجل والسلام عليك .وكتب شبث بن ربعى وحجار بن ابجر ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي :اما بعد فقد اخضر الجناب واينعت الثمار وطمت الجمام فاذا شئت فاقدم على جندلك مجند والسلام عليك وتلاقت الرسل كلها عنده فقرأ الكتب وسأل الرسل عن امر الناس .ثم كتب مع هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي 17 وكان آخر الرسل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) من حسين بن علي إلى الملاء من المؤمنين والمسلمين :أما بعد فان هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقالة جلكم :انه ليس علينا امام فاقبل لعل الله ان يجمعنا بك على الهدى والحق .وقد بعثت اليكم أخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي ، وأمرته ان يكتب الي بحالكم وأمركم ورأيكم ، فان كتب الي أنه قد أجمع رأى ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم علي مثل ما قدمت علي به رسلكم وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكا ان شاء الله ، فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب والاخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله والسلام .قال ابومخنف :وذكر ( 1 ) ابوالمخارق الراسبي قال :اجتمع ( 1 ) ابوالمخارق عن ابن عمر ، وعنه فضيل الثمالى ، الصواب ابوعجلان .الكاشف للعلامة الذهبي " ج 3 ص 375 ط دار التأليف بمصر " وفي المغنى للعلامة المذكور " ج 2 ص 807 ط مكتبة دار الدعوة بحلب " ابوالمخارق عن ابن عمر .وفي تهذيب التهذيب " ج 12 ص 226 ط حيدرآباد " .ابوالمخارق الكوفى ، عن ابن عمر أن الكافر ليجر لسانه ، وعنه ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبدالقيس يقال لها :مارية ابنة سعد او منقذاياما وكانت تشيع وكان منزلها لهم مألفا يتحدثون فيه .وقد بلغ ابن زياد اقبال الحسين فكتب إلى عامله بالبصرة :ان يضع المناظر ويأخذ بالطريق ، قال :فاجمع يزيد بن نبيط الخروج وهو من عبدالقيس إلى الحسين ، وكان له بنون عشرة ، فقال :ايكم يخرج معي ؟ فانتدب معه ابنان له :عبدالله وعبيدالله ، فقال لاصحابه في بيت تلك المرأة :اني قد ازمعت على الخروج وانا خارج ، فقالوا له :انا نخاف عليك اصحاب ابن زياد ، فقال :اني والله لوقد استوت اخفافهما بالجدد لهان على طلب من طلبني .قال :ثم خرج فقوى في الطريق حتى انتهى إلى حسين ( ع ) فدخل في رحله بالابطح وبلغ الحسين مجيئه فجعل يطلبه ، وجاء الرجل إلى رحل الحسين فقيل له :قد خرج إلى منزلك فاقبل في اثره ، ولما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره ، وجاء البصرى فوجده في رحله جالسا فقال :بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا قال :فسلم عليه وجلس اليه فخبره بالذي جاء له ، فدعا له بخير ، ثم أقبل معه حتى اتى فقاتل معه فقتل معه هو وابناه .الفضل بن يزيد الثمالي صوابه ابوالعجلان المحاربي وقد تقدم التنبيه عليه ، وقال الحاكم ابواحمد :ابومخارق مغراء العبدي ، حديثه في الكوفيين ، روى عن ابن عمر ، وعنه ابواسحاق السبيعي والحسن بن عبيدالله النخعي .ثم دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبيد السلولى وعبدالرحمان بن عبدالله بن الكدن الارحبي فامره بتقوى الله وكتمان امره واللطف ، فان رأى الناس مجتمعين مستوثقين عجل اليه بذلك ، فاقبل مسلم حتى أتى المدينة فصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وودع من أحب منأهله .ثم استأجر دليلين من قيس فاقبلا به فضلا الطريق وجاراو أصابهم عطش شديد ، وقال الدليلان :هذا الطريق حتى ينتهي إلى الماء وقد كادوا ان يموتوا عطشا .فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى حسين وذلك بالمضيق من بطن الخبيت .اما بعد فاني اقبلت من المدينة معي دليلان لي فجارا عن الطريق وضلا واشتد علينا العطش فلم يلبثنا ان ماتا واقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج الا بخشاشة انفسنا وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبيت وقد تطيرت من وجهي هذا فان رأيت اعفيتنى منه وبعثت غيري والسلام .فكتب اليه حسين :اما بعد فقد خشيت الا يكون حملك على الكتاب إلى في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له الا الجبن ، فامض لوجهك الذي وجهتك له والسلام عليك .فقال مسلم لمن قرأ الكتاب :هذا ما لست اتخوفه على نفسي ، فاقبل كما هو حتى مربماء لطيئ فنزل بهم ثم ارتحل منه فاذا رجل يرمى الصيد فنظر اليه قد رمى ظبيا حين اشرف له فصرعه ، فقال مسلم :يقتل عدونا ان شاء الله .ثم اقبل مسلم حتى دخل الكوفة فنزل دار المختار بن ابي عبيد وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيب ، واقبلت الشيعة تختلف اليه ، فلما اجتمعت اليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب حسين فأخذوا يبكون ، فقام عابس بن ابي شبيب الشاكري فحمدالله واثنى عليه ثم قال :اما بعد فاني لا اخبرك عن الناس ، ولا اعلم ما في انفسهم ، وما اغرك منهم ، والله احدثك عما انا موطن نفسي عليه ، والله لاجيبنكم اذا دعوتم ، ولا قاتلن معكم عدوكم ولا ضربن بسيفي دونكم حتى القى الله ، لا اريد بذلك الا ما عند الله .فقام حبيب بن مظاهر الفقعسى فقال :رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ، ثم قال :وانا والله الذي لا إله إلا هو على مثل ما هذا عليه .ثم قال الحنفي مثل ذلك ، فقال الحجاج بن علي :فقلت لمحمد بن بشر فهل كان منك انت قول ؟ فقال :ان كنت لاحب ان يعزالله اصحابي بالظفر وما كنت لاحب ان اقتل وكرهت ان اكذب ، واختلفت الشيعة اليه حتى علم مكانه فبلغ ذالك النعمان بن بشير .قال ابومخنف حدثني نمر بن ( 1 ) وعلة عن ابي ( 2 ) الوداك قال ( 1 ) في لسان الميزان " ج 6 ص 171 ط حيدر آباد " .نمر بن وعلة عن الشعبي ، وعنه ابومخنف لوط ، وفي المغنى للعلامة الذهبي " ج 2 ص 701 ط دار الدعوة بحلب " .نمير بن وعلة عن الشعبى ، قلت ما روى عنه سوى ابومخنف .خرج الينا النعمان بن بشير فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال :اما بعد فاتقوا الله عباد الله ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة فان فيهما يهلك الرجال وتسفك الدماء وتغصب الاموال وكان حليما ناسكا يحب العافية .قال :اني لم اقاتل من لم يقاتلني ولا أثب على من لا يثب على ولا اشاتمكم ولا اتحرش بكم ولا آخذ بالقرف ولا الظنة ولا التهمة وفي ميزان الاعتدال " ج 4 ص 373 " نمير بن وعلة عن الشعبي ، وعنه ابومخنف لوط فقط ( 2 ) في ميزان الاعتدال " ج 4 ص 584 " .هو جبر بن نوف الكوفي صاحب ابي سعيد الخدري صدوق مشهور .وفي تنقيح المقال " ج 3 ص 37 من باب الكنى " ابووداك هو شقيق ابن سلمة من اصحاب امير المؤمنين ( ع ) وعن التقريب :ابووداك بفتح الواو وتشديد الدال وآخره كاف كوفى صدوق متهم من الرابعة .في تهذيب التهذيب " ج 2 ص 60" .جبر بن نوف الهمدانى البكالى ابوالوداك الكوفى ، روى عن ابي سعيد الخدري وشريح القاضي ، وعنه مجالد وقيس بن وهب وابواسحاق وعلي بن ابي طلحة واسماعيل بن ابي خالد وابوالتياح ، قال ابن معين :ثقة ، وقال النسائي :صالح قلت :اخرج النسائي حديثه في السنن الكبرى في الحدود وغيرها ، وقال ابن ابي خثيمة :قيل لابن معين :عطية مثل ابي الوداك ؟ قال :لا ، قيل فمثل ابي هارون قال :ابوالوداك ثقة ماله ولابي هارون ، وذكره ابن حبان في الثقات .ولكنكم ان ابديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم وخالفتم امامكم فوالله الذي لا اله غيره لاضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولولم يكن لي منكم ناصر ، اما اني ارجو أن يكون من يعرف الحق منكم اكثر ممن يرديه الباطل ، قال فقام اليه عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني امية فقال :انه لا يصلح ما ترى إلى الغشم ان هذا الذي انت عليه فيما بينك وبين عدوك رأى المستضعفين .فقال :أن أكون من المستضعفين في طاعة الله احب إلى من أن اكون من الاعزين في معصية الله ، ثم نزل وخرج عبدالله بن مسلم وكتب إلى يزيد بن معاوية اما بعد :فان مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن علي ، فان كان لك بالكوفة حاجة فابعث اليها رجلا قويا ينفذ امرك ويعمل مثل عملك في عدوك ، فان النعمان بن بشير رجل ضعيف وهو يتضعف فكان اول من كتب اليه .ثم كتب اليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه ثم كتب اليه عمر بن سعد بن ابي وقاص بمثل ذلك .قال هشام :قال عوانة :فلما اجتمعت الكتب عند يزيد ليس بين كتبهم الا يومان دعا يزيد بن معاوية سرجون مولى معاوية فقال :ما رأيك ؟ فان حسينا قد توجه نحو الكوفة ، ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحسين ، وقد بلغنى عن النعمان ضعف وقول سيئ ، واقرأه كتبهم فما ترى من استعمل على الكوفة ؟ وكان يزيد عاتبا على عبيدالله بن زياد ، فقال سرجون :أرايت معاوية لو نشر لك أكنت آخذا برأيه ؟ قال :نعم فأخرج عهد عبيدالله على الكوفة فقال :هذا رأى معاوية ومات وقد أمر بهذا الكتاب ، فأخذ برأيه وضم المصرين إلى عبيدالله وبعث اليه بعهده على الكوفة ، ثم دعا مسلم بن عمر والباهلى وكان عنده فبعثه إلى عبيدالله بعهده إلى البصرة وكتب اليه معه :اما بعد فانه كتب إلى شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشق عصا المسلمين ، فسرحين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي أهل الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتى تثقفه فتوثقه او تقتله او تنفيه والسلام .فأقبل مسلم بن عمر وحتى قدم على عبيدالله بالبصرة فأمر عبيدالله بالجهاز والتهيئ والمسير إلى الكوفة من الغد وقد كان حسين كتب إلى اهل البصرة كتابا .قال هشام قال ابومخنف حدثني الصقعب ( 1 ) بن زهير عن ابي ( 1 ) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال " ص 176 ط حلب " .الصقعب باسكان القاف وفتح العين ابن زهير بن عبدالله الازدي الكوفي عن عطاء بن يسار وعمرو بن شعيب ، وعنه ابن أخيه لوط وابو اسماعيل الازدي .وفي هامش ذلك الكتاب :وثقة ابوزرعة .وفي تهذيب التهذيب " ج 4 ص 432 " الصقعب بن زهير بن عبدالله بن زهير بن سليم الازدي الكوفي ، روى عن زيد بن اسلم وعطاء بن ابي رباح وعمرو بن شعيب وغيرهم ، وعنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وابن اخته لوط بن يحيى ابومخنف وابواسماعيل الازدي وعباد بن عباد وغيرهم ، قال عثمان ( 2 ) النهدى قال :كتب حسين مع مولى لهم يقال له :سليمان ، ( ابوزرعة :ثقة ، وقال ابوحاتم :شيخ ليس بالمشهور ، وذكره ابن حبان في الثقات .الكاشف " ج 2 ص 187 " ( 2 ) عبدالرحمان بن مل ابوعثمان النهدى وكان في حيات النبي صلى الله عليه وآله سمع عمرو ابيا ، عنه ايوب والحذاء قال سليمان التيمى :ان لاحسبه كان لا يصيب ذنبا ، ليله قائم ونهاره صائم ان كان ليصلى حتى يغشى عليه ، مات سنة مأة او بعدها بيسير تهذيب التهذيب " ج 6 ص 277 " عبدالرحمن بن مل بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن رفاعة ابن مالك بن نهد ابوعثمان النهدى ، سكن الكوفة ثم البصرة ، ادرك الجاهلية واسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وصدق اليه ولم يلقه .وروى عن عمر وعلي وسعد وسعيد وطلحة وابن مسعود وحذيفة وأبي ذر وابي بن كعب واسامة بن زيد وبلال وحنظلة الكاتب وزهير بن عمرو وزيد بن ارقم وعمر وبن العاص وابي بكرة وابن عباس وابن عمروابن عمرو بن العاص وعبدالرحمن بن ابي بكر وابي برزة الاسلمى وابي هريرة وابي سعيد وابي موسى الاشعري وعايشة وام سلمة وغيرهم وعنه ثابت البناني وقتادة وعاصم الاحول وسليمان التيمى وابوالتياح وعوف الاعرابي وخالد الحذاء وايوب السختياني وحميد الطويل وابوتميمة الهجيمي وعباس الجريرى وابونعامة عبد ربه السعدى وعثمان بن غياث وكتب بنسخة إلى رؤس الاخماس بالبصرة والى الاشراف ، فكتب إلى مالك بن مسمع البكرى ، والاى الاحنف بن قيس ، والى المنذر بن الجارود ، والى مسعود بن عمرو ، والى قيس بن الهيثم ، والى عمرو بن عبيدالله بن معمر فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع اشرافها .اما بعد فان الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله على خلقه واكرمه بنبوته واختاره لرسالته ثم قبضه الله اليه ، وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به صلى الله عليه وآله وكنا اهله واوليائه واوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه في الناس ، فاستأثر علينا قومنا بذلك ، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية ، ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه ، وقد احسنوا وأصلحوا وتحروا الحق ، فرحمهم الله وغفر لنا ولهم ، وقد بعثت رسولى اليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فان السنة قد اميتت ، وعلي بن زيد بن جدعان وجماعة .وقال عبدالقاهر بن السرى عن أبيه عن جده :كان ابوعثمان من قضاعة وادرك النبي صلى الله عليه وآله ولم يره وسكن الكوفة ، فلما قتل الحسين تحول إلى البصرة وحج ستين ما بين حجة وعمرة ، وكان يقول :أتت على مأة وثلاثون سنة ومامنى شئ الا وقد انكرته خلا املى ، وقال معتمر بن سليمان التيمى عن ابيه :اني لاحسب ان أبا عثمان كان لا يصيب ذنبا كان ليله قائما ونهاره صائما ، وقال ابن ابي حاتم عن ابيه :كان ثقة ، وكان عريف قومه ، وقال ابوزرعة والنسائي وابن خراش :ثقة، مات سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاثين ومأة .وان البدعة قد احييت ، وأن تسمعوا قولى وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد ، والسلام عليكم ورحمة الله .فكل من قرء ذلك الكتاب من أشراف الناس كتمه غير المنذر بن الجارود فانه خشى بزعمه ان يكون دسيسا من قبل عبيدالله ، فجاءه بالرسول من العشية التي يريد صبيحتها أن يسبق إلى الكوفة وأقرأه كتابه ، فقدم الرسول فضرب عنقه وصعد عبيدالله منبر البصرة فحمدالله وأثنى عليه ثم قال :أما بعد فوالله ما تقرن بي الصعبة ، ولا يقعقع لي بالشنان ، واني لنكل لمن عاداني ، وسم لمن حاربني ، أنصف القارة من راماها ، يا أهل البصرة ان أمير المؤمنين ولاني الكوفة وأنا غاد اليها الغداة ، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان ، واياكم والخلاف والارجاف ، فوالذي لا اله غيره لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لاقتلنه وعريفه ووليه ، ولاخذن الادنى بالاقصى حتى تستمعوا لي ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق ، أنابن زياد أشبهته من بين من وطئ الحصى ولم ينتزعني شبه خال ولا ابن عم .ثم خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان بن زياد وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلى ، وشريك بن الاعور الحارثي ، وحشمه وأهل بيته حتى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء وهو ملتثم والناس قد بلغهم اقبال حسين اليهم فهم ينتظرون قدومه ، فظنوا حين قدم عبيدالله أنه الحسين ، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس الا سلموا عليه وقالوا :مرحبا بك يابن رسول الله ، قدمت خير مقدم ، فرأى من 27 تباشيرهم بالحسين عليه السلام ما ساءه .فقال مسلم :بن عمرو لما أكثروا :تأخروا :هذا الامير عبيدالله بن زياد ، فأخذ حين أقبل على الظهر وانما معه بضعة عشر رجلا ، فلما دخل القصر وعلم الناس أنه عبيدالله بن زياد دخلهم من ذلك كابة وحزن شديد ، وغاظ عبيدالله ما سمع منهم وقال :الا أرى هؤلاء كما أرى قال هشام :قال ابومخنف :فحدثني المعلى بن كليب عن ابي وداك ، قال :لما نزلالقصر نودى :الصلاة جامعة ، قال :فاجتمع الناس فخرج الينا فحمد الله واثنى عليه ثم قال :أما بعد فان امير المؤمنين أصلحه الله ولاني مصركم وثغركم وأمرني بانصاف مظلومكم ، وأعطاء محرومكم ، وبالاحسان إلى سامعكم ومطيعكم ، وبالشدة على مريبكم وعاصيكم ، وأنا متبع فيكم أمره ، ومنفذ فيكم عهده ، فانا لمحسنكم ومطيعكم كالوالد البر ، وسوطى وسيفي على من ترك أمري ، وخالف عهدي ، فليبق امرء على نفسه الصدق ينبى عنك لا الوعيد ، ثم نزل فاخذ العرفاء والناس أخذا شديدا فقال :اكتبوا إلى الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب الذين رأيهم الخلاف والشقاق ، فمن كتبهم لنا فبرئ ، ومن لم يكتب لنا أحدا فيضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف ، ولا يبغى علينا منهم باغ ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة ، وحلال لنا ماله وسفك دمه ، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية امير المؤمنين احد لم يعرفه الينا صلب على باب داره والغيت تلك العرافة من العطاء وسير إلى موضع بعمان الزارة وأما عيسى بن يزيد الكناني فانه قال فيما ذكر عمر بن شبة عن هارون بن مسلم عن علي بن صالح عنه ، قال :لما جاء كتاب يزيد إلى عبيدالله بن زياد انتخب من اهل البصرة خمسمأة فيهم عبدالله بن الحارث بن نوفل ، وشريك بن الاعور ، وكان شيعة لعلي ، فكان اول من سقط بالناس شريك ، فيقال :انه تساقط غمرة ومعه ناس ، ثم سقط عبدالله بن الحارث ، وسقط معه ناس ورجوا أن يلوى عليهم عبيدالله ويسبقه الحسين إلى الكوفة ، فجعل لا يلتفت إلى من سقط ويمضي حتى ورد القادسية وسقط مهران مولاه فقال أيا مهران على هذه الحال ان أمسكت عنك حتى تنظر إلى القصر فلك مأة الف قال لا والله ما استطيع فنزل عبيدالله فأخرج ثيابا مقطعة من مقطعات اليمن ، ثم اعتجر بمعجرة يمانية ، فركب بغلته ثم انحدر راجلا وحده ، فجعل يمر بالمحارس ، فكلما نظروا اليه لم يشكوا انه الحسين فيقولون :مرحبا بك يابن رسول الله ، وجعل لا يكلمهم وخرج اليه الناس من دورهم و بيوتهم ، وسمع بهم النعمان بن بشير فغلق عليه وعلى خاصته .وانتهى اليه عبيدالله وهو لا يشك انه الحسين ومعه الخلق يضجون .فكلمه النعمان فقال :انشدك الله الا تنحيت عني ، ما أنا بمسلم اليك امانتى ومالي في قتلك من أرب ، فجعل لا يكلمه ، ثم انه دنا وتدلى الاخر بين شرفتين فجعل يكلمه فقال :افتح لافتحت ، فقد طال ليلك ، فسمعها انسان خلقه فتكفى إلى القوم فقال :أي قوم ابن مرجانة والذي لا إله غيره ، فقالوا :ويحك انما هو الحسين ففتح له النعمان فدخل وضربوا الباب في وجوه الناس فانفضوا واصبح فجلس على المنبر فقال :ايها الناس اني لاعلم انه قد سار معي وأظهر الطاعة لي من هو عدو للحسين حين ظن ان الحسين قد دخل البلد وغلب عليه ، والله ما عرفت منكم أحدا ثم نزل وأخبر أن مسلم بن عقيل قدم قبله بليلة وأنه بناحية الكوفة ، فدعا مولى لبني تميم فاعطاه مالا وقال :انتحل هذا الامر وأعنهم بالمال واقصد لهاني ومسلم وانزل عليه ، فجاء هانئا فاخبره انه شيعة وأن معه مالا .وقدم شريك بن الاعور شاكيا فقال لهاني :مر مسلما يكون عندي فان عبيدالله يعودني ، وقال شريك لمسلم :أرأيتك ان امكنتك من عبيدالله اضاربه انت بالسيف ؟ قال :نعم والله ، وجاء عبيدالله شريكا يعوده في منزل هاني وقد قال شريك لمسلم اذا سمعتني اقول :اسقوني ماءا فاخرج عليه فاضربه ، وجلس عبيدالله على فراش شريك وقام على رأسه مهران فقال :اسقوني مائا ، فخرجت جارية بقدح فرأت مسلما فزالت ، فقال شريك :اسقوني ماءا ثم قال الثالثة :ويلكم تحموني الماء اسقونيه ولوكانت فيه نفس ، ففطن مهران فغمز عبيدالله فوثبب ، فقال شريك :أيها الامير اني اريد ان اوصى اليك ، قال اعود اليك ، فجعل مهران يطرد به وقال ارادوالله قتلك ، قال :وكيف مع اكرامي شريكا وفي بيت هاني ويد ابي عنده يد ، فرجع فأرسل إلى اسماء بن خارجة ومحمد بن الاشعث فقال :ائتياني بهاني ، فقالا له :انه لا يأتي الا بالامان ، قال :وماله وللامان ، وهل أحدث حدثا ؟ انطلقا فان لم يأت الا بأمان فآمناه تأتياه ، فدعواه فقال :