مقتل أبی مخنف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقتل أبی مخنف - نسخه متنی

لوط بن یحیى بن سعید بن مخنف بن مسلم الازدى الغامدى

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



( قال ابومخنف ) قال أبوالصلت التيمى الاعور حدثني شيخ للحى كان معه يومئذ قال قال لنا ابن وال من اراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب والسرور الذي ليس بعده حزن فليتقرب إلى ربه بجهاد هؤلاء المحلين والرواح إلى الجنة رحمكم الله وذلك عند العصر فشد عليهم وشددنا معه فأصبنا والله منهم رجالا وكشفنا طويلا ثم انهم بعد ذلك تعطفوا علينا من كل جانب فحازونا حتى بلغوا بنا المكان الذي كنا فيه وكنا بمكان لا يقدرون ان يأتونا فيه الا من وجه واحد وولى قتالنا عند المساء ادهم بن محرز الباهلى فشد علينا في خيله ورجاله فقتل عبدالله بن وال التيمى .

( قال ابومخنف ) عن فروة بن لقيط قال سمعت ادهم بن محرز الباهلى في امارة الحجاج بن يوسف وهو يحدث ناسا من اهل الشام قال دفعت إلى احد امراء العراق رجل منهم يقولون له عبدالله بن وال وهو يقول لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين الايات الثلاث قال فغاظني فقلت في نفسي هؤلاء يعدوننا بمنزلة اهل الشرك يرون ان من قتلنا منهم كان شهيدا فحملت عليه فاضرب يده اليسرى فاطننتها وتنحيت قريبا فقلت له اما اني اراك وددت انك في اهلك فقال بئسما رأيت اما والله ما احب انها يدك الان الا ان يكون لي فيها من الاجر مثل ما في يدى قال فقلت له لم .

قال لكيما يجعل الله عليك وزرها ويعظم لي اجرها قال فغاظني

فجمعت خيلى ورجالي ثم حملنا عليه وعلى اصحابه فدفعت اليه فطعنته فقتلته وانه لمقبل إلى ما يزول فزعموا بعد انه كان من فقهاء اهل العراق الذين كانوا يكثرون الصوم والصلاة ويفتون الناس .

( قال ابومخنف ) وحدثني الثقة عن حميد بن مسلم وعبدالله بن غزية قال لما هلك عبدالله بن وال نظرنا فاذا عبدالله بن خازم قتيلا إلى جنبه ونحن نرى أنه رفاعة بن شداد البجلى فقال رجل من بني كنانة
يقال له الوليد بن غضين امسك رايتك .

قال لا اريدها فقلت له اناا لله مالك فقال ارجعوا بنا لعل الله يجمعنا ليوم شرلهم فوثب عبدالله بن عوف بن الاحمر اليه فقال أهلكتنا والله لئن انصرفت ليركبن أكتافنا فلا نبلغ فرسخا حتى نهلك من عند آخرنا
فان نجا منا ناج أخذه الاعراب وأهل القرى فتقربوا اليهم به فيقتل صبرا أنشدك الله أن تفعل هذه الشمس قد طفلت للمغيب .

وهذا الليل قد غشينا فنقاتلهم على خيلنا هذه فانا الان ممتنعون فاذا غسق الليل ركبنا خيولنا اول الليل فرمينا بها فكان ذلك الشأن حتى نصبح ونسير ونحن على مهل فيحمل الرجل منا جريحه وينتظر صاحبه وتسير العشرة والعشرون معا ويعرف الناس الوجه الذي يأخذون فيتبع فيه بعضهم بعضا ولو كان الذي ذكرت لم تقف ام على ولدها ولم يعرف رجل وجهه ولا أين يسقط ولا أين يذهب ولم نصبح الا ونحن بين مقتول ومأسور
فقال له رفاعة بن شداد فانك نعم ما رأيت .

قال ثم أقبل رفاعة على الكنانى فقال له اتمسكها ام آخذها منك فقال له الكناني اني لا اريد ما تريد اني اريد لقاء ربي واللحاق باخواني

والخروج من الدنيا إلى الاخرة وأنت تريد ورق الدنيا وتهوى البقاء وتكره فراق الدنيا اما والله اني لا احب لك ان ترشد ثم دفع اليه الراية وذهب ليستقدم .

فقال له ابن أحمر قاتل معنا ساعة رحمك الله ولا تلق بيدك إلى التهلكة فما زال به يناشده حتى احتبس عليه واخذ اهل الشام يتنادون ان الله قد أهلكهم فاقدموا عليهم فافرغوا منهم قبل الليل فاخذوا يقدمون عليهم فيقدمون على شوكة شديدة ويقاتلون فرسانا شجعانا ليس فيهم سقط رجل وليسوا لهم بمضجرين فيتمكنوا منهم فقاتلوهم حتى العشاء قتالا شديدا وقتل الكناني قبل المساء .

وخرج عبدالله بن عزيز الكندى ومعه ابنه محمد غلام صغير فقال يا أهل الشام هل فيكم أحد من كندة فخرج اليهم منهم رجال فقالوا نعم نحن هؤلاء فقال لهم دونكم أخيكم فابعثوا به إلى قومكم بالكوفة فانا عبدالله بن عزيز الكندى .

فقالوا له أنت ابن عمنا فانك آمن فقال لهم والله لا ارغب عن مصارع اخواني الذين كانوا للبلاد نورا والارض أوتادا وبمثلهم كان الله يذكر قال فاخذ ابنه يبكى في اثر ابيه .

فقال يا بني لو أن شيئا كان آثر عندى من طاعة ربي اذا لكنت انت وناشده قومه الشأميون لما رأوا من جزع ابنه وبكاءه في أثره وأروا الشأميون له ولابنه رقة شديدة حتى جزعوا وبكوا ثم اعتزل الجانب الذي خرج اليه منه قومه فشد على صفهم عند المساء فقاتل حتى قتل .

(قال ابومخنف ) حدثني فضيل بن حديج قال حدثني مسلم بن زحر

الخولاني ان كريب بن زيد الحميري مشى اليهم عند المساء ومعه راية بلقاء في جماعة قلما تنقص من مائة رجل ان نقصت وقد كانوا تحدثوا بما يريد رفاعة ان يصنع اذا امسى فقال لهم الحميري وجمع اليه رچالا من حمير وهمدان فقال عباد الله روحوا إلى ربكم والله ما في شئ من الدنيا خلف من رضاء الله والتوبة اليه انه قد بلغني ان طائفة منكم يريدون ان يرجعوا إلى ما خرجوا منه إلى دنياهم وان هم ركنوا إلى دنياهم رجعوا إلى خطاياهم فاما انا فوالله لا اولى هذا العدو ظهرى حتى ارد موارد اخواني فاجابوه وقالوا رأينا مثل رأيك ومضى برايته حتى دنا من القوم .

فقال ابن ذي الكلاع والله اني لارى هذه الراية حميرية او همدانية فدنا منهم فسألهم فاخبروه فقال لهم انكم آمنون فقال له صاحبهم انا قد كنا آمنين في الدنيا وانما خرجنا نطلب امان الاخرة فقاتلوا القوم حتى قتلوا ومشى صحير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني في ثلاثين من مزينة .

فقال لهم لا تهابوا الموت في الله فانه لاقيكم ولا ترجعوا إلى الدنيا التي خرجتم منها إلى الله فانها لا تبقى لكم ولا تزهدوا فيما رغبتم فيه من ثواب الله ما عند الله خير لكم ثم مضوا فقاتلوا حتى قتلوا .

فلما امسى الناس ورجع أهل الشام إلى معسكرهم نظر رفاعة إلى كل رجل قد عقربه والى كل جريح لا يعين على نفسه فدفعه إلى قومه ثم سار بالناس ليلته كلها حتى أصبح بالتنينير فعبر الخابور وقطع المعابر ثم مضى لا يمر بمعبر الا قطعه وأصبح الحصين بن ننمير فبعث فوجدهم قد ذهبوا فلم يبعث في آثارهم أحدا وسار بالناس فأسرع وخلف رفاعة

وراءهم ابا الجويرية العبدي في سبعين فارسا يسترون الناس فاذا مروا برجل قد سقط حمله او بمتاع قد سقط قبضه حتى يعرفه فان طلب أو ابتغى بعث عليه فاعلمه .

فلم يزالوا كذلك حتى مروا بقرقيسيا من جانب البرفبعث اليهم زفر من الطعام والعلف مثل ما كان بعث اليهم في المرة الاولى وأرسل اليهم الاطباء وقال اقيموا عندنا ما احببتم فان لكم الكرامة والمواساة فأقاموا ثلاثا ثم زود كل امرئ منهم ما احب من الطعام والعلف قال وجاء سعد بن حذيفة بن اليمان حتى انتهى إلى هيت فاستقبله الاعراب فأخبروه بما لقى الناس فانصرف فتلقى المثنى بن مخربة العبدى بصندوداء فأخبره فأقاموا حتى جاءهم الخير أن رفاعة قد أظلكم فخرجوا حين دنا من القرية فاستقبلوه فسلم الناس بعضهم على بعض وبكى بعضهالى بعض وتناعوا اخوانهم فأقاموا بها يوما وليلة فانصرف اهل المدائن إلى
المدائن واهل البصرة إلى البصرة واقبل اهل الكوفة إلى الكوفة فاذا المختار محبوس .

( قال هشام ) قال ابومخنف عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن ادهم بن محرز الباهلى انه اتى عبدالملك بن مروان ببشارة الفتح قال فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

اما بعد فان الله قد أهلك من رؤس اهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة سليمان بن صرد الاوان السيوف تركت رأس المسيب بن نجبة خذاريف الا وقد قتل الله من رؤسهم رأسين عظيمين ضالين مضلين عبدالله
بن سعد أخا الازد وعبدالله بن وال أخا بكر بن وائل فلم يبق بعد هؤلاء

أحد عنده دفاع ولا امتناع .

( قال هشام ) عن ابي مخنف وحدثت ان المختار مكث نحوا من خمس عشرة ليلة ثم قال لاصحابه عدوا لغازيكم هذااكثر من عشر ودون الشهر ثم يجيئكم نبأهتر من طعن نتر وضرب هبر وقتل جم وامر رجم فمن
لها انا لها لا تكذبن انا لها .

( قال ابومخنف ) حدثنا الحصين ابن يزيد عن ابان بن الوليد قال كتب المختار وهو في السحن إلى رفاعة بن شداد حين قدم من عين الوردة اما بعد فمرحبا بالعصب الذين عظم الله لهم الاجر حين انصرفوا و
رضى انصرافهم حين قفلوا اما ورب البنية التي بناما خطا خاط منكم خطوة ولارتارتوة الا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا ان سليمان قد قضى ما عليه
وتوفاه الله فجعل روحه مع ارواح الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون انى انا الامير المأمور والامين المأمون وامير الجيش وقاتل الجبارين والمنتقم من أعداء الدين والمقيد من الاوتار فأعدوا واستعدوا وابشروا واستبشروا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والى الطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء و جهاد المحلين والسلام .

( قال ابومخنف ) وحدثني ابوزهير العبسى ان الناس تحدثوا بهذا من امر المختار فبلغ ذلك عبدالله ابن يزيد وابراهيم بن محمد فخرجا في الناس حتى اتيا المختار فأخذاه ( قال ابومخنف ) فحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال لما تهيأنا للانصراف قال عبدالله بن غزية ووقف على القتلى فقال يرحمكم الله

فقد صدقتم وصبرتم وكذبنا وفررنا قال فلما سرنا واصبحنا اذا عبدالله بن غزية في نحو من عشرين قد ارادوا الرجوع إلى العدو والاستقتال فجاء رفاعة وعبدالله بن عوف بن الاحمر وجماعة الناس فقالوا لهم ننشدكم الله ان تزيدونا فلولا ونقصانا لانزال بخير ما كان فينا مثلكم من ذوي النيات فلم يزالوا بهم كذلك يناشدونهم حتى ردوهم غير رجل من مزينة يقال له عبيدة بن سفيان رحل مع الناس حتى اذا غفل عنه انصرف حتى لقى اهل الشام فشد بسيفه يضاربهم حتى قتل .

( قال ابومخنف ) فحدثني الحصين بن يزيد الازدى عن حميد بن مسلم الازدى قال كان ذلك المزنى صديقا لي فلما ذهب لينصرف ناشدته الله فقال اما انك لم تكن لتسألني شيئا من الدنيا الا رأيت لك من الحق على ايتاء كه وهذا الذي تسألني اريد الله به قال ففارقني حتى لفى القوم فقتل قال فوالله ما كان شئ باحب إلى من ان القى انسانا يحدثني عنه كيف صنع حين لقى القوم قال فلقيت عبدالملك ابن جزء بن الحدر جان الازدى بمكة فجرى حديث بيننا جرى ذكر ذلك اليوم فقال اعجب ما رأيت يوم عين الوردة بعد هلاك القوم ان رجلا اقبل حتى شد علي بسيفه فخرجنا نحوه قال فانتهى اليه وقد عقربه وهو يقول :

انى من الله إلى الله افر * رضوانك اللهم ابدى واسر

قال فقلنا له من انت قال من بني آدم قال فقلنا ممن قال لا احب ان اعرفكم ولا ان تعرفوني يا مخربى البيت الحرام قال فنزل اليه سليمان بن عمرو بن محصن الازدى من بني الخيار قال وهو يومئذ من اشد الناس قال فكلاهما اثخن صاحبه قال وشد الناس عليه من كل جانب فقتلوه قال فوالله

ما رايت واحدا قط هو اشد منه قال فلما ذكرلي وكنت احب ان اعلم علمه دمعت عيناى فقال أبينك وبينه قرابة فقلت له لا ذلك رجل من مضر كان لي ودا واخا فقال لي لا ارقأ الله دمعك اتبكى على رجل من مضر قتل على ضلالة .

قال قلت لا والله ما قتل على ضلالة ولكنه قتل على بينة من ربه وهدى فقال لي ادخلك الله مدخله قلت آمين وادخلك الله مدخل حصين بن نمير ثم لاارقأ الله لك عليه دمعا ثم قمت وقام وكان مما قيل من الشعر في - ذلك قول اعشى همدان وهي احدى المكتمات كن يكتمن في ذلك الزمان .

الم خيال منك يا ام غالب * فحبيت عنا من حبيب مجانب

وما زلت لي شجواوما زلت مقصدا * لهم عرانى من فراقك ناصب

فما انس لا انس انفتالك في الضحى * الينا مع البيض الوسام الخراعب

تراءت لنا هيفاء مهضومة الحشا * لطيفة طى الكشح ريا الحقائب

مبتلة غراء رود شبابها * كشمس الضحى تنكل بين السحائب

فلما تغشاها السحاب وحوله * بدا حاجب منها وضنت بحاجب

فتلك الهوى وهي الجوى لي والمنى * فاحبب بها من خلة لم تصاقب

ولا يبعد الله الشباب وذكره * وحب تصافى المعصرات الكواعب

ويزداد ما احببته من عتابنا * لعابا وسقيا للخدين المقارب

فانى وان لم انسهن لذاكر * رزيئة مخبات كريم المناصب

توسل بالتقوى إلى الله صادقا * وتقوى الاله خير تكساب كاسب

وخلى عن الدنيا فلم يلتبس بها * وتاب إلى الله الرفيع المراتب

تخلى عن الدنيا وقال أطرحتها * فلست اليها ما حييت بآيب

وما أنا فيما يكبر الناس فقده * ويسعى له الساعون فيها براغب

فوجهه نحو الثوية سائرا * إلى ابن زياد في الجموء الكباكب

بقوم هم أهل التقية والنهى * مصاليت انجاد سراة مناجب

مضوا تاركى رأى ابن طلحة حسبه * ولم يستجيبوا للامير المخاطب

فساروا وهم من بين ملتمس التقى * وآخر مما جر بالامس تائب

فلاقوا بعين الوردة الجيش فاصلا * اليهم فحسوهم ببيض قواضب

يمانية تذر الاكف وتارة * بخيل عتاق مقربات سلاهب

فجاءهم جمع من الشام بعده * جموع كموج البحر من كل جانب

فما برحوا حتى أبيدت سراتهم * فلم ينج منهم ثم غير عصائب

وغودر أهل الصبر صرعى فاصبحوا * تعاورهم ريح الصبا والجنائب

وأضحى الخزاعى الرئيس مجدلا * كان لم يقاتل مرة ويحارب

ورأس بني شمخ وفارس قومه * شنواة والتيمى هادى الكتائب

وعمرو بن بشر والوليد وخالد * وزيد بن بكر والحليس بن غالب

وضارب من همدان كل مشيع * اذا شد لم ينكل كريم المكاسب

ومن كل قوم قد أصيب زعيمهم * وذو حسب في ذروة المجد ثاقب

أبوا غير ضرب تفلق الهام وقعه * وطعن بأطراف الا سنة صائب

وان سعيدا يوم يدمر عامرا * لاشجع من ليث بدرنا مواثب

فيا خير جيش للعراق وأهله * سقيتم روايا كل اسهم ساكب

فلا يبعدن فرساننا وحماتنا * اذالبيض أبدت عن خدام الكواعب

فان يقتلوا فالقتل اكرم ميتة * وكل فتى يوما لاحدى الشواعب

وما قتلوا حتى أثاروا عصابة * محلين ثورا كالليوث الضوارب

وقتل سليمان بن صرد ومن قتل معه بعين الوردة من التوابين في شهر ربيع الاخر ( ذكر هشام بن محمد ) عن أبي مخنف أن فضيل بن خديج حدثه عن عبيدة ابن عمرو واسماعيل بن كثير من بني هند أن اصحاب سليمان بن صرد لما قدموا كتب اليهم المختار أما بعد فان الله اعظم لكم الاجر وحط عنكم الوزر بمفارقة القاسطين وجهاد المحلين انكم لم تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة ولم تخطوا خطوة الا رفع الله لكم بها درجة وكتب لكم بها حسنة إلى ما لا يحصيه الا الله من التضعيف فأبشروا فاني لو قد خرجت اليكم قد جردت فيما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف باذن الله فجعلتهم باذن الله ركاما وقتلتهم فذا وتؤا ما
فرحب الله بمن قارب منكم واهتدى ولا يبعد الله الا من عصى وأبى السلام يا اهل الهدى .

فجاءهم بهذا الكتاب سيحان بن عمرو من بني ليس من عبدالقيس قد ادخله في قلنسوته فيما بين الظهارة والبطانة فأتى بالكتاب رفاعة ابن شداد والمثنى بن مخربية العدى وسعد بن حذيفة بن اليمان ويزيد ابن انس واحمر بن شميط الاحمسى وعبدالله بن شداد البجلى وعبدالله بن كامل فقرأ عليهم الكتاب فبعثوا اليه ابن كامل فقالوا قل له قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرك .

فان شئت ان نأتيك نخرجك فعلنا فأتاه فدخل عليه السجن فأخبر بما ارسل اليه به فسر باجتماع الشيعة له وقال لهم لا تزيد واهذافاني

اخرج في ايامي هذه قال وكان المختار قد بعث غلاما يدعى زربيا إلى عبدالله بن عمر بن الخطاب وكتب اليه أما بعد فاني قد حبست مظلوما وظن بي الولاة ظنونا كاذبة فاكتب في يرحمك الله إلى هذين الظالمين كتابا لطيفا عسى الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك وبركتك وبمنك والسلام عليك فكتب اليهما عبدالله بن عمر اما بعد فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيد من الصهر والذي بيني وبينكما من الود فأقسمت عليكما بحق ما بيني وبينكما لماخليتما سبيله حين تنظر ان في كتابي هذا والسلام عليكما ورحمة الله فلما أتى عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة كتاب عبدالله بن عمر دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه بنفسه فأتاه أناس من اصحابه كثير فقال يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم لعبد الله ابن يزيد ما تصنع بضمان هؤلاء كلهم ضمنه عشرة منهم أشرافا معروفين ودع سائرهم
ففعل ذلك فلما ضمنوه ودعا به عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة
فحلفاه بالله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان فان هو فعل فعليه ألف بدنه ينحرها لدى رتاج الكعبة ومماليكة كلهم ذكرهم وأنثاهم احرار فحلف لهما بذلك ثم خرج فجاء داره فنزلها ( قال أبومخنف ) فحدثني يحيى بن أبي عيسى عن حميد بن
مسلم قال سمعت المختار بعد ذلك يقول قاتلهم الله ما احمقهم حين يرون أني أفى لهم بايمانهم هذه اما حلفى لهم بالله فانه ينبغي لي اذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها ان ادع ماحلفت عليه وآتى الذي هو

خير واكفر يميني وخروجي عليهم خبر من كفى عنهم واكفر يميني واما هدى ألف بدنة فهو أهون على من بصقة وما ثمن الف بدنة فيهولني واما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه قد استتب لي امرى ثم لم املك مملوكا أبدا .

قال ولما نزل المختار داره عند خروجه من السجن اختلف اليه الشيعة واجتمعت عليه واتفق رأيها على الرضى به وكان يبايع له الناس وهو في السجن خمسة نفر السائب بن مالك الاشعرى ويزيد بن أنس واحمر بن شميط ورفاعة بن شداد الفتياني وعبدالله بن شداد الجشمى قال فلم تزل اصحابه يكثرون وامره يقوى ويشتد حتى عزل ابن الزبير عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة وبعث عبدالله بن مطيع على عملهما إلى الكوفة .

( قال أبومخنف ) فحدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال دعا ابن الزبير عبدالله بن مطيع أخا بني عدي بن كعب والحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي فبعث عبدالله بن
مطيع على الكوفة وبعث الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة على البصرة قال فبلغ ذلك بحير بن ريسان الحميري فلقيهما فقال لهما يا هذان ان القمر الليلة بالناطح فلا تسيرا فأما ابن ابي ربيعة فاطاعه فأقام يسيرا ثم شخص إلى عمله فسلم وأما عبدالله بن مطيع فقال له وهل نطلب الا النطح قال فلقى والله نطحا وبطحا قال يقول عمرو البلاء موكل بالقول .

قال عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بلغ عبدالملك بن مروان أن ابن الزبير بعث عمالا على البلايا فقال من بعث على البصرة

فقيل بعث عليها الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة قال لا حر بوادى عوف بعث عوفا وجلس ثم قال من بعث على الكوفة قالوا عبدالله بن مطيع قال حازم وكثيرا ما يسقط وشجاع وما يكره أن يفرقال من بعث على المدينة قالوا بعث أخاه مصعب بن الزبير قال ذاك الليث النهد وهو رجل أهل بيته .

( قال هشام ) قال أبومخنف وقدم عبدالله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة 65 يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان فقال لعبدالله بن يزيد ان أحببت أن تقم معى أحسنت صحبتك وأكرمت مثواك وان لحقت بأمير المؤمنين عبدالله بن الزبير فبك عليه كرامة وعلى من قبله من المسلمين وقال لابراهيم بن محمد بن طلحة الحق بأمير المؤمنين فخرج ابراهيم حتى قدم المدينة وكسر على ابن الزبير الخراج وقال انما
كانت فتنة فكف عنه ابن الزبير قال وأقام ابن مطيع على الكوفة على الصلاة والخراج وبعث على شرطته اياس بن مضارب العجلى وأمره ان يحسن السيرة والشدة على المريب .

( قال ابومخنف ) فحدثني حصيرة ابن عبدالله بن الحارث بن دريد الازدى وكان قد ادرك ذلك الزمان وشهد قتل مصعب بن الزبير قال اني لشاهد المسجد حيث قدم عبدالله بن مطيع فصعد المنبر فحمدالله وأثنى عليه .

وقال اما بعد فان امير المؤمنين عبدالله بن الزبير بعثني على مصركم وثغوركم وامرني بجباية فيئكم وان لا احمل فضل فيئكم عنكم الا برضى منكم ووصية عمر بن الخطاب التي اوصى بها عند وفاته وبسيرة عثمان ابن

عفان التي سار بها في المسلمين فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا وخذوا على ايدى سفهائكم والا تفعلوا فلوموا انفسكم ولا تلوموني فوالله لاوقعن بالسقيم العاصى ولاقيمن درأ الاصعر المرتاب فقام اليه السائب بن مالك الاشعرى .

فقال اما امر ابن الزبير اياك ان لا تحمل فضل فيئنا عنا الا برضانا فانا نشهدك انا لا نرضى ان تحمل فضل فيئنا عنا وان لا يقسم الا فينا وان لا يسار فينا الا بسيرة علي بن ابي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتى هلك رحمة الله عليه ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في انفسنا فانها انما كانت اثرة وهوى ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا وان كانت اهون السيرتين علينا ضرا وقد كان لا يألوا الناس خيرا .

فقال يزيد بن انس صدق السائب بن مالك وبررأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله فقال ابن مطيع نسير فيكم بكل سيرة احببتموها وهويتموها ثم نزل فقال يزيد بن انس الاسدى ذهبت بفضلها يا سائب لا يعدمك المسلمون اما والله لقد قمت واني لاريد ان اقوم فاقول له نحوا مقالتك وما احب ان الله ولى الرد عليه رجلا من اهل المصر ليس من شيعتنا وجاء اياس بن مضارب إلى ابن مطيع .

فقال له السائب بن مالك من رؤس اصحاب المختار ولست آمن المختار فابعث اليه فليأتك فاذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم امر الناس فان عيوني قد اتتنى فخبرتني ان امره قد استجمع له وكانه قدوثب بالمصر قال فبعث اليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبدالله البرسمى من همدان فدخلا عليه فقالا اجب الامير فدعا بثيابه وامر

باسراج دابته وتخشخش للذهاب معهما فلما رأى زائدة بن قدامة ذلك قرأ قول الله تبارك وتعالى .

( واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبوتك او يقتلوك او يخرجوك و
يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .

ففهمها المختار فجلس ثم القى ثيابه عنه ثم قال القوا على القطيفة ما أراني الا قد وعكت اني لاجد قفقفة شديدة ثم تمثل قول عبدالعزى بن صهل الازدى .

اذا ما معشر تركوا نداهم * ولم يأتوا الكريهة لم يهابوا

ارجعا إلى ابن مطيع فأعلماه حالى التي أنا عليها فقال له زائدة بن قدامة أما أنا ففاعل وأنت يا اخا همدان فاعذرني عنده فانه خير لك .

( قال أبومخنف ) فحدثني اسماعيل بن نعيم الهمداني عن حسين بن عبدالله قال قلت في نفسي والله ان أنا لم ابلغ عن هذا ما يرضيه ما أنا بآمن من أن يظهر غدا فيهلكني قال فقلت له نعم انا أصنع عند ابن مطيع عذرك وأبلغه كل ما تحب فخرجنا من عنده فاذا أصحابه على بابه وفي داره منهم جماعة كثيرة قال فأقبلنا نحو ابن مطيع فقلت لزائدة بن قدامة أما اني قد فهمت قولك حين قرأت تلك الآية وعلمت ما اردت بها وقد علمت أنها هي ثبطة عن الخروج معنا بعد ما كان قد لبس ثيابه وأسرج دابته وعلمت حين تمثل البيت الذي تمثل انما أراد يخبرك انه قد فهم عنك ما اردت أن تفهمه وانه لن يأتيه .

قال فجاحدني أن يكون أراد شيئا من ذلك فقلت له لا تحلف فوالله ما كنت لابلغ عنك ولا عنه شيئا تكرهانه ولقد علمت انك مشفق عليه تجد له

ما يجد المرء لابن عمه فأقبلنا إلى ابن مطيع فأخبرناه بعلته وشكواه فصدقنا ولهى عنه قال وبعث المختار إلى أصحابه فأخذ يجمعهم في الدور حوله وأراد ان يثب بالكوفة في المحرم فجاء رجل من اصحابه من شبام وكان عظيم الشرف يقال له عبدالرحمن ابن شريح فلقى سعيد بن منقذ الثورى وسعر بن أبي سعر الحنفى والا سود بن جراد الكندى وقدامة بن مالك الجشمى فأجتمعوا في منزل سعر الحنفى فحمدالله وأثنى عليه ثم قال .

اما بعد فان المختار يريد أن يخرج بنا وقد بايعناه ولا تدرى أرسله الينا ابن الحنفية ام لا فانهضوا بنا إلى ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به وبما دعانا اليه فان رخص لنا في اتباعه اتبعناه وان نهانا عنه اجتنبناه فوالله ما ينبغي أن يكون شئ من امر الدنيا اثر عندنا من سلامة ديننا فقالوا له ارشدك الله فقد اصبت ووفقت اخرج بنا اذا شئت فاجمع رأيهم على ان
يخرجوا من ايامهم فخرجوا فلحقوا بابن الحنفية وكان امامهم عبدالرحمن بن شريح فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس فخبروه عن حالهم وما هم عليه .

( قال أبومخنف ) فحدثني خليفة بن ورقاء عن الاسود بن جراد الكندي قال قلنا لابن الحنفية ان لنا اليك حاجة قال فسر هي ام علانية قال قلنا لابل سرقال فرويدا اذا قال فمكث قليلا ثم تنحى جانبا فدعانا فقمنا اليه فبدأ عبدالرحمن بن شريح فتكلم فحمدالله واثنى عليه ثم قال اما بعد فانكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة وشرفكم بالنبوة وعظم حقكم على هذه الامة فلا يجهل حقكم الا مغبون الرأى مخسوس النصيب قد

أصبتم بحسين رحمة الله عليه عظمت مصيبة ما قد خصكم بها فقد عم بها المسلمون وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم وقد فعانا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء فبايعناه على ذلك ثم انا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا اليه وندبنا له فان امرتنا باتباعه اتبعناه وان نهيتنا عنه اجتنبناه ثم تكلمنا واحدا واحدا بنحو مما تكلم به صاحبنا وهو يسمع حتى اذا فرغنا حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال .

اما بعد فاما ما ذكرتم مما خصصنا الله به من فضل فان الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم فلله الحمد وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين فان ذلك كان في الذكر الحكيم وهي ملحمة كتبت عليه وكرامة
أهداها الله له رفع بما كان منها درجات قوم عنده ووضع بها آخرين وكان امر الله مفعولا وكان أمر الله قدرا مقدورا واما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه اقول قولى هذا وأستغفر الله لي ولكم قال فخرجنا من عنده ونحن نقول قد اذن لنا قد قال لوددت
أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه ولو كره لقال لا تفعلوا قال فجئنا وأناس من الشيعة ينتظرون لقدومنا ممن كنا قد أعلمناه بمخرجنا واطلعناه على ذات أنفسنا ممن كان على رأينا من اخواننا وقد كان بلغ المختار مخرجنا فشق ذلك عليه وخشى ان ناتيه بأمر يخذل الشيعة عنه فكان قد ارادهم على ان ينهض بهم قبل قدومنا فلم يتهيأ ذلك

له فكان المختار يقول ان نفيرا منكم ارتابوا وتخيروا وخابوا فان هم اصابوا اقبلوا وانابوا وان هم كبوا وهابوا واعترضوا وانجابوا فقد ثبروا وخابوا فلم يكن الا شهرا وزيادة شئ حتى اقبل القوم على رواحلهم حتى دخلوا على المختار قبل دخولهم إلى رحالهم فقال لهم ما وراءكم فقد فتنتم وارتبتم فقالوا له قد امرنا بنصرتك .

فقال الله اكبر انا ابواسحق اجمعوا إلى الشيعة فجمع له منهم من كان منه قريبا فقال يا معشر الشبعة ان نفرا منكم احبوا ان يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا إلى امام الهدى والنجيب المرتضى ابن خير من طشى ومشى حاشا النبي المجتبى فسالوه عما قدمت به عليكم فنباهم اني وزيره وظهيره ورسوله وخليله وامركم باتباعى وطاعتي فيما دعوتكم اليه من قتال المحلين والطلب بدماء اهل بيت نبيكم المصطفين فقام عبدالرحمن بن شريح فحمد الله واثنى عليه ثم قال .

اما بعد يا معشر الشيعة فانا قد كنا اجبنا ان نستثبت لانفسنا خاصة ولجميع اخواننا عامة فقد منا على المهدى بن علي فسالناه عن حربنا هذه وعن ما دعانا اليه المختار منها فأمرنا بمظاهرته وموازرته واجابته إلى ما دعانا اليه فأقبلنا طيبة انفسنا منشرحة صدورنا قد أذهب الله منها الشك والغل والريب واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدونا فليبلغ ذلك شاهدكم غائبكم واستعدوا وتاهبوا ثم جلس وقمنا رجلا فرجلا فتكلمنا بنحو من كلامه فاستجمعت له الشيعة وحدبت عليه .

( قال أبومخنف ) فحدثني نمير بن وعلة والمشرقى عن عامر الشعبي قال كنت انا وابي اول من اجاب المختار قال فلما تهيأ امره

ودنا خروجه قال له احمر بن شميط ويزيد بن انس وعبدالله بن كامل وعبدالله بن شداد ان اشراف اهل الكوفة مجتمعون على قتالك مع ابن مطيع فان جامعنا على امرنا ابراهيم بن الاشتر رجونا باذن الله القوة على عدونا وان لا يضرنا خلاف من خالفنا فانه فتى بئيس وابن رجل شريف بعيد الصيت وله عشيرة ذات عزوعدد قال لهم المختار فالقوه فادعوه واعلموه الذي امرنا به من الطلب بدم الحسين واهل بيته قال الشعبي فخرجوا اليه وانا فيهم وابي فتكلم يزيد بن انس فقال له انا قد آنيناك في امر نعرضه عليك وندعوك اليه فان قبلته كان خيرا لك وان تركته فقد ادينا اليك فيه النصيحة ونحن نحب ان يكون عندك مستورا فقال لهم ابراهيم بن الاشتر وان مثلى لا تخاف غائلته ولا سعايته ولا التقرب إلى سلطانه باغتياب الناس انما اولئك الصغار الاخطار الدقاق همما فقال له انما ندعوك إلى امر قد اجمع عليه رأى الملا من الشيعة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه والطلب بدماء اهل البيت وقتال المحلين والدفع عن الضعفاء قال تكلم احمر بن شميط فقال له اني لك ناصح و لحظك محب وان اباك قد هلك وهو سيد وفيك منه ان رعيت حق الله خلف قد دعوناك إلى امران اجبتنا اليه عادت لك منزلة ابيك في الناس
واحييت من ذلك امرا قد مات .

انما يكفى مثلك اليسير حتى تبلغ الغاية التي لا مذهب وراءها انه قد بنى لك او لك فتحرى واقبل القوم كلهم عليه يدعونه إلى امرهم ويرغبونه فيه فقال لهم ابراهيم بن الاشتر فاني قد اجبتكم إلى ما دعوتموني
اليه من الطلب بدم الحسين واهل بيته على ان تولوني الامر فقالوا انت

لذلك اهل ولكن ليس إلى ذلك سبيل هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدى وهو الرسول والمأمور بالقتال وقد امرنا بطاعته فسكت عنهم ابن الاشتر ولم يجبهم فانصرفنا من عنده إلى المختار فأخبرناه بما رد علينا قال فغبر ثلاثا .

ثم ان المختار دعا بضعة عشر رجلا من وجوه اصحابه قال الشعبى انا وابي فيهم قال فسار بنا ومضى امامنا يقد بنا بيوت الكوفة قد ألا ندري اين يريد حتى وقف على باب ابراهيم بن الاشتر فاستاذنا عليه فاذن لنا والقيت لنا وسائد فجلسنا عليها وجلس المختار معه على فراشه فقال المختار الحمد لله واشهد ان لا اله إلا الله وصلى الله على محمد والسلام عليه اما بعد فان هذا كتاب اليك من المهدى محمد بن امير المؤمنين الوصى وهو خير اهل الارض اليوم وابن خير اهل الارض كلها قبل اليوم بعد انبياء الله ورسله وهو يسالك ان تنصرنا وتوازرنا فان فعلت اغتبطت وان لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك وسيغنى الله المهدى محمدا واولياءه عنك .

قال الشعبي وكان المختار قد دفع الكتاب إلى حين خرج من منزله فلما قضى كلامه قال لي ادفع الكتاب اليه فدفعته اليه فدعا بالمصباح وفض خاتمه وقرأه فاذا هو بسم الله الرحمن الرحيم من محمد المهدى إلى ابراهيم بن مالك الاشتر سلام عليك فاني احمد اليك الله الذي لا إله الا هو .

اما بعد فاني قد بعثت اليكم بوزيرى واميني ونجيبي الذي ارتضيته لنفسي وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء اهل بيتي فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن اطاعك فانك ان نصرتني واجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة ولك بذلك اعنة الخيل وكل جيش

غاز وكل مصر ومثير وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد أهل الشام على الوفاء بذلك على عهد الله فان فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة وان أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا والسلام عليك فلما قضى ابراهيم قراءة الكتاب قال قد كتب إلى ابن الحنفية وقد كتبت اليه قبل اليوم فما كان يكتب الي الا باسمه واسم أبيه قال له المختار ان ذلك زمان وهذا زمان قال ابراهيم فمن يعلم أن هذا كتاب ابن الحنفية إلى فقال له يزيد بن أنس وأحمر بن شميط وعبدالله بن كامل وجماعتهم قال الشعبي الا انا وأبي فقالوا نشهد أن هذا كتاب محمد بن علي اليك
فتأخر ابراهيم عند ذلك عن صدر الفراش فأجلس المختار عليه فقال ابسط يدك أبايعك فبسط المختار يده فبايعه ابراهيم ودعالنا بفاكهة فأصبنا منها ودعالنا بشراب من عسل فشربنا ثم نهضناوخرج معنا ابن الاشتر فركب مع المختار حتى دخل رحله فلما رجع ابراهيم منصرفا أخذ بيدي فقال انصرف بنا يا شعبى قال فانصرفت معه ومضى بي حتى دخل بي رحله فقال يا شعبى اني قد حفظت انك لم تشهد أنت ولا ابوك افترى هؤلاء شهدوا على حق .

قال قلت له قد شهدوا على ما رأيت وهم سادة القراء ومشيخة المصر وفرسان العرب ولا ارى مثل هؤلاء يقولون الا حقا قال فقلت له هذه المقالة وانا والله لهم على شهادتهم متهم غير أني يعجبني الخروج و انا ارى رأى القوم وأحب تمام ذلك الامر فلم اطلعه على ما في نفسى من ذلك فقال لي ابن الاشتر اكتب لي اسماءهم فاني ليس كلهم أعرف ودعا بصحيفة ودواة وكتب فيها .

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما شهد عليه السائب ابن مالك الاشعرى ويزيد بن أنس الاسدى وأحمر بن شميط الاحمسى ومالك ابن عمرو النهدى حتى أتى على أسماء القوم ثم كتب شهدوا أن محمد بن علي كتب إلى ابراهيم بن الاشتر يأمره بموازرة المختار ومظاهرته على قتال المحلين والطلب بدماء أهل البيت وشهد على هؤلاء النفر الذين شهدوا على هذه الشهادة شراحيل ابن عبد وهو أبوعامر الشعبى الفقيه وعبدالرحمن بن عبدالله النخعى وعامر بن شراحيل الشعبى فقلت له ما تصنع بهذا رحمك الله فقال دعه يكون قال ودعا ابراهيم عشيرته واخوانه ومن أطاعه وأقبل يختلف إلى المختار .

( قال هشام بن محمد ) قال أبومخنف حدثني يحيى بن أبي عيسى الازدى قال كان حميد بن مسلم الاسدى صديقا لابراهيم بن الاشتر وكان يختلف اليه ويذهب به معه وكان ابراهيم يروح في كل عشية عند المساء
فيأتي المختار فيمكث عنده حتى تصوب النجوم ثم ينصرف فمكثوا بذلك يدبرون امورهم حتى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لاربع عشرة من ربيع الاول سنة 66 ووطن على ذلك شيعتهم ومن أجابهم .

فلما كان عند غروب الشمس قام ابراهيم بن الاشتر فأذن ثم انه استقدم فصلى بنا المغرب ثم خرج بنا بعد المغرب حين قلت أخوك أو الذئب وهو يريد المختار فأقبلنا علينا السلاح وقد أتى أياس بن مضارب عبدالله بن مطيع فقال ان المختار خارج عليك احدى الليلتين قال فخرج اياس في الشرط فبعث ابنه راشدا إلى الكناسة وأقبل يسير حول السوق
في الشط .

ثم ان اياس بن مضارب دخل على ابن مطيع فقال له اني قد بعثت

ابنى إلى الكناسة فلو بعثت في كل جبانة بالكوفة عظيمة رجلا من اصحابك في جماعة من أهل الطاعة هاب المريب الخروج عليك قال فبعث ابن مطيع عبدالرحمن بن سعيد بن قيس إلى جبانة السبيع وقال اكفني قومك لا أوتين من قبلك واحكم أمر الجبانة التي وجهتك اليها لا يحدثن بها حدث فأولئك العجز والوهن وبعث كعب بن أبي كعب الخثعمى إلى جبانة بشر وبعث زحر بن قيس إلى جبانة كندة وبعث شمر بن ذي الجوشن إلى جبانة سالم وبعث عبدالرحمن بن مخنف بن سليم إلى جبانة الصائديين .

وبعث يزيد بن الحراث بن رؤيم أبا حوشب إلى جبانة مراد وأوصى كل رجل أن يكفيه قومه وأن لا يؤتى من قبله وأن يحكم الوجه الذي وجهه فيه وبعث شبث ابن ربعى إلى السبخة وقال اذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم فكان هؤلاء قد خرجوا يوم الاثنين فنزلوا هذه الجبابين وخرج ابراهيم بن الاشتر من رحله بعد المغرب يريد اتيان المختار وقد بلغه ان الجبابين قد حشيت رجالا وأن الشرط قد أحاطت بالسوق والقصر .

( قال ابومخنف ) فحدثني يحيى بن أبي عيسى عن حميد بن مسلم قال خرجت مع ابراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتى مررنا بدار عمرو بن حريث ونحن مع ابن الاشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالاقبية ونحن متقلدوا السيوف ليس معنا سلاح الا السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا .

فلما مررنا بدار سعيد بن قيس فجزناها إلى دار أسامة قلنا مر

بنا على دار خالد بن عرفطة ثم امض بنا إلى بحيلة فلنمر في دورهم حتى نخرج إلى دار المختار وكان ابراهيم فتى حدثا شجاعا فكان لا يكره أن يلقاهم فقال والله لامرن على دار عمرو بن حريث إلى جانب القصر وسط السوق ولارعبن به عدونا ولارينهم هو انهم علينا قال فأخذنا على باب الفيل على دارهبار ثم أخذ ذات اليمين على دار عمرو بن حريث حتى اذا جاوزها ألفينا اياس بن مضارب في الشرط مطهرين السلاح فقال لنا من أنتم ما أنتم فقال له ابراهيم أنا ابراهيم بن الاشتر فقال له ابن مضارب ما هذا الجمع معك وما تريد والله أن أمرك لمريب وقد بلغني أنك تمر كل عيشة ههنا وما انا بتارك حتى آتى بك الامير فيرى فيك رأيه فقال ابراهيم لا أبا لغيرك خل سبيلنا فقال كلا والله لا أفعل ومع اياس بن مضارب رجل من همدان يقال له أبوقطن كان يكون مع امرة الشرطة فهم يكرمونه ويؤثرونه وكان لابن الاشتر صديقا .

فقال له ابن الاشتر يا ابا قطن ادن مني ومع أبي قطن رمح له طويل فدنا منه أبوقطن ومعه الرمح وهو يرى أن ابن الاشتر يطلب اليه أن يشفع له إلى ابن مضارب ليخلى سبيله فقال ابراهيم وتناول
الرمح من يده ان رمحك هذا لطويل فحمل به ابراهيم على ابن مضارب فطعنه في ثغرة نحره فصرعه .

وقال الرجل من قومه انزل فاحتز رأسه فنزل اليه فاحتز رأسه وتفرق أصحابه ورجعوا إلى ابن مطيع فبعث ابن مطيع ابنه راشد بن اياس مكان أبيه على الشرطة وبعث مكان راشد بن اياس إلى الكناسة تلك الليلة سويد ابن عبدالرحمن المنقرى أبا القعقاع بن سويد وأقيل

ابراهيم بن الاشتر إلى المختار ليلة الاربعاء .

فدخل عليه فقال له ابراهيم انا اتعدنا للخروج للقابلة ليلة الخميس وقد حدث أمر لا بد من الخروج الليلة قال المختار وما هو قال عرض لي أياس بن مضارب في الطريق ليحبسني بزعمه فقتلته وهذا رأسه مع أصحابى على الباب فقال المختار فبشرك الله بخير فهذا طير صالح و هذا أول الفتح ان شاء الله فقال المختار قم يا سعيد بن منقذ فاشعل في الهرادى النيران ثم ارفعها للمسلمين وقم انت يا عبدالله بن شداد فناد يا منصور
أمت وقم أنت يا سفيان بن ليل وانت يا قدامة بن مالك فناد يا لثأرات الحسين ثم قال المختار علي بدرعي وسلاحي فأتى به فأخذ يلبس سلاح ويقول :

قد علمت بيضاء حسناء الطلل * واضحة الخدين عجزاء الكفل

أني غداة الروع مقدام بطل ثم ان ابراهيم قال للمختار ان هؤلاء الرؤوس الذين وضعهم ابن مطيع في الجبابين يمنعون اخواننا ان يأتونا ويضيقون عليهم فلو أنى خرجت بمن معى من اصحابي حتى آتى قومي فيأتيني كل من قد بايعني من قومي ثم سرت بهم في نواحي الكوفة ودعوت بشعارنا فخرج إلى من اراد الخروج الينا ومن قدر على اتيانك من الناس فمن اتاك حبسته عندك إلى من معك ولم تفرقهم .

فان عوجلت فأتيت كان معك من تمتنع به وانا لو قد فرغت من هذا الامر عجلت اليك في الخيل والرجال قال له امالا فاعجل واياك ان تسير إلى اميرهم تقاتله ولا تقاتل احدا وانت تستطيع ان لا تقاتل واحفظ

ما أوصيتك به الا ان يبدأك احد بقتال فخرج ابراهيم بن الاشتر من عنده في الكتيبة التي أقبل فيها حتى أتى قومه واجتمع اليه جل من كان بايعه وأجابه .

ثم انه سار بهم في سكك الكوفة طويلا من الليل وهو في ذلك يتجنب السكك التي فيها الامراء فجاء إلى الذين معهم اجماعات الذين وضع ابن مطيع في الجبابين وافواه الطرق العظام حتى انتهى إلى مسجد السكون وعجلت اليه خيل من خيل زحر بن قيس الجعفى ليس لهم قائد ولا عليهم امير فشد عليهم ابراهيم ابن الاشتر واصحابه فكشفوهم حتى دخلوا جبانة كندة فقال ابراهيم من صاحب الخيل في جبانة كندة فشدا ابراهيم واصحابه عليهم وهو يقول اللهم انك تعلم انا غضبنا لاهل بيت نبيك وثرنا لهم فانصرنا عليهم وتمم لنا دعوتنا حتى انتهى اليهم هو واصحابه فخالطوهم وكشفوهم فقيل له زحر بن قيس فقال انصرفوا بنا عنهم فركب بعضهم بعضا كلما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة فانصرفوا يسيرون .

ثم خرج ابراهيم يسير حتى انتهى إلى جبانة اثير فوقف فيها طويلا ونادى اصحابه بشعارهم فبلغ سويد بن عبدالرحمن المنقرى مكانهم في جبانة اثير فرجا ان يصيبهم فيحظى بذلك عند ابن مطيع فلم يشعر ابن الاشتر الا وهم معه في الجبانة فلما رأى ذلك ابن الاشتر قال
لاصحابه يا شرطة الله انزلوا فانكم اولى بالنصر من الله من هؤلاء الفساق الذين خاضوا دماء اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا ثم شد عليهم ابراهيم فضربهم حتى اخرجهم من الصحراء وولوا منهزمين

يركب بعضهم بعضا وهم يتلاومون فقال قائل منهم ان هذا الامر يراد ما يلقون لنا جماعة الا هزموهم فلم يزل يهزمهم حتى ادخلهم الكناسة .

وقال اصحاب ابراهيم لابراهيم اتبعهم واغتنم ما قد دخلهم من الرعب فقد علم الله الاى من ندعو وما نطلب والى من يدعون وما يطلبون قال لا ولكن سيروا بنا إلى صاحبنا حتى يؤمن الله بنا وحشته ونكون من امره على علم ويعلم هو ايضا ما كان من عنائنا فيزداد هو واصحابه قوة وبصيرة إلى قواهم وبصيرتهم مع اني لا آمن ان يكون قد اتى فأقبل ابراهيم في اصحابه حتى مر بمسجد الاشعث فوقف به ساعة ثم مضى حتى اتى دار المختار فوجد الاصوات عالية والقوم يقتتلون وقد جاشبث بن ربعى من قبل السبخة فعبى له المختار يزيد بن انس وجاء حجاز بن ابجر العجلى فجعل المختار في وجهه احمر بن شميط فالناس يقتتلون وجاء ابراهيم من قبل القصر فبلغ حجارا واصحابه ان ابراهيم قد جاءهم من ورائهم فتفرقوا قبل أن يأتيهم ابراهيم وذهبوا في الازقة والسكك وجاء قيس بن طهفة في قريب من مائة رجل
من بني نهد من اصحاب المختار فحمل على شبث بن ربعى وهو يقاتل يزيد بن انس فخلى لهم الطريق حتى اجتمعوا جميعا .

ثم ان شبث ابن ربعى ترك لهم السكة واقبل حتى لقى ابن مطيع فقال ابعث إلى امراء الجبابين فمرهم فليأتوك فاجمع اليك جميع الناس ثم انهد إلى هؤلاء القوم فقاتلهم وابعث اليهم من تثق به فليكفك قتالهم

فان امر القوم قد قوى وقد خرج المختار وظهر واجتمع له امره .

فلما بلغ ذلك المختار من مشورة شبث بن ربعى على ابن مطيع خرج المختار في جماعة من أصحابه حتى نزل في ظهر ديرهند مما يلي بستان زائدة في السسبخة قال وخرج ابوعثمان النهدى فنادى في شاكروهم مجتمعون في دورهم يخافون ان يظهروا في الميدان لقرب كعب بن أبي كعب الخثعمى منهم وكان كعب في جبانة بشر فلما بلغه ان شاكر يخرج جاء يسير حتى نزل بالميدان وأخذ عليهم بافواه سككهم وطرقهم قال فلما أتاهم ابوعثمان النهدى في عصابة من اصحابه نادى يا لثأرات الحسين يا منصور امت يا ايها الحى المهتدون الا ان امير آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل ديرهند وبعثنى اليكم داعيا ومبشرا فاخرجوا اليه رحمكم الله قال فخرجوا من الدور يتداعون يالثارات الحسين ثم ضاربوا كعب بن أبي كعب حتى خلى لهم الطريق فأقبلوا إلى المختار حتى نزلوا معه في عسكره وخرج عبدالله بن قراد الخثعمى في جماعة من خثعم نحو المائتين حتى لحق بالمختار فنزلوا معه في عسكره وقد كان عرض له كعب بن ابي كعب فصافه فلما عرفهم ورأى انهم قومه خلى عنهم ولم يقاتلهم .

وخرجت شبام من آخر ليلتهم فاجتمعوا إلى جبانة مراد فلما بلغ ذلك عبدالرحمن ابن سعيد بن قيس بعث اليهم ان كنتم تريدون اللحاق بالمختار فلا تمروا على جبانة السبيع فالحقوا بالمختار فتوافى إلى المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثنى عشر الفا كانوا بايعوه فاستجمعوا له قبل انفجار الفجر فاصبح قد فرغ من تعبيته .

( قال ابومخنف ) فحدثني الوالبى قال خرجت انا وحميد بن بن مسلم والنعمان بن ابي الجعد إلى المختار ليلة خرج فأتيناه في داره وخرجنا معه إلى معسكره قال فوالله ماانفجر الفجر حتى فرغ من تعبيته فلما اصبح استقدم فصلى بنا الغداة بغلس ثم قرأ والنازعات وعبس وتولى قال فما سمعنا اماما ام قوما افصح لهجة منه (قال أبومخنف ) حدثني حصيرة بن عبدالله أن ابن مطيع بعث إلى اهل الجبابين فأمرهم ان ينضموا إلى المسجد وقال لراشد بن اياس بن مضارب ناد في الناس فليأتوا المسجد فنادى المنادى الا برئت الذمة من رجل لم يحضر المسجد الليلة فتوافى الناس في المسجد فلما اجتمعوا بعث ابن مطيع شبث بن ربعى في نحو من ثلاثة آلاف إلى المختار وبعث راشد بن اياس في أربعة آلاف من الشرط .

( قال أبومخنف ) فحدثني ابوالصلت التيمى عن ابي سعيد الصيقل قال لما صلى المختار الغداة ثم انصرف سمعنا اصواتا مرتفعة فيما بين بني سليم وسكة البريد فقال المختار من يعلم لنا علم هؤلاء ما هم فقلت له انا اصلحك الله فقال المختار امالا فألق سلاحك وانطلق حتى تدخل فيهم كانك نظار .

ثم تأتيني بخبرهم قال ففعلت فلما دنوت منهم اذا مؤذنهم يقيم فجئت حتى دنوت منهم فاذا شبث بن ربعى معه خيل عظيمة وعلى خيله شيبان بن حريث الضبى وهو في الرجالة معه منهم كثرة فلما اقام مؤذنهم تقدم فصلى باصحابه فقرأ اذا زلزلت الارض زلزالها فقلت في
نفسى اما والله اني لارجو ان يزلزل الله بكم وقرأ والعاديات ضبحا فقال

أناس من اصحابه لو كنت قرأت سورتين هما اطول من هاتين شيئا فقال شبث ترون الديلم .

قد نزلت بساحتكم وانتم تقولون لو قرأت سورة البقرة وآل عمران قال وكانوا ثلاثة آلاف قال فأقبلت سريعا حتى أتيت المختار فأخبرته بخبر شبث واصحابه واتاه معى ساعة اتيته سعر بن ابي سعر الحنفى يركض من قبل مراد وكان ممن بايع المختار فلم يقدر على الخروج معه ليلة خرج مخافة الحرس فلما اصبح أقبل على فرسه فمر بجبانة مراد وفيها راشد بن اياس فقالوا كما أنت ومن أنت فراكضهم حتى جاء المختار فأخبره خبر راشد واخبرته انا خبر شبث قال فسرح ابراهيم بن الاشتر قبل راشد بن اياس في تسعمائة ويقال فارس وستمأة راجل وبعث نعيم بن هبيرة اخا مصقلة بن هبيرة في ثلثمائة فارس وستمأة راجل وقال لهما امضيا حتى تلقيا عدوكما فاذا لقيتماهم فانزلا في الرجال وعجلا الفراغ
وابداهم بالاقدام ولا تستهدفا لهم فانهم أكثر منكم ولا ترجعا إلى حتى تظهرا او تقتلا فتوجه ابراهيم إلى راشد وقدم المختار يزيد بن انس في موضع مسجد شبث في تسعمائة امامه وتوجه نعيم بن هبيرة قبل شبث .

( قال أبومخنف ) قال أبوسعيد الصيقل كنت أنا فيمن توجه مع نعيم بن هبيرة إلى شبث ومعى سعر بن أبي سعر الحنفى فلما انتهينا اليه قاتلناه قتالا شديدا فجعل نعيم بن هبيرة سعر بن أبي سعر الحنفى على الخيل و مشى هو في الرجال فقاتلهم حتى أشرقت الشمس وانبسطت فضربناهم حتى أدخلناهم البيوت ثم ان شبث بن ربعى ناداهم يا حماة السوء بئس فرسان الحقائق أنتم أمن عبيدكم تهربون قال فثابت اليه منهم جماعة فشد علينا

وقد تفرقنا فهزمنا وصبر نعيم بن هبيرة فقتل ونزل معه سعر فاسر وأسرت انا وخليد مولى حسان بن يخدج فقال شبث لخليد وكان وسيما جسيما من أنت فقال خليد مولى حسان بن يخدج الذهلى فقال له شبث يا ابن المتكاء تركت بيع الصحناة بالكناسة وكان جزاء من أعتقك أن تعدو عليه بسيفك تضرب رقابه اضربوا عنقه فقتل ورأى سعرا الحنفى فعرفه فقال أخو بني حنيفة فقال له نعم .

فقال ويحك ما أردت إلى اتباع هذه السباية قبح الله رأيك دعوا اذا فقلت في نفسي قتل المولى وترك العربي ان علم والله اني مولى قتلني فما عرضت عليه قال من أنت فقلت من بني تيم الله قال اعرابي انت أو مولى فقلت لابل عربى انا من آل زياد بن خصفة فقال بخ بخ ذكرت الشريف المعروف الحق بأهلك .

قال فأقبلت حتى انتهيت إلى الحمراء وكانت لي في قتال القوم بصيرة فجئت حتى انتهيت إلى المختار وقلت في نفسي والله لاتين اصحابى فلا واسينهم بنفسي فقبح الله العيش بعدهم قال فأتيتهم وقد سبقني اليهم سعر الحنفى وأقبلت اليه خيل شبث وجاءه قتل نعيم بن هبيرة .

فدخل من ذلك أصحاب المختار أمر كبير قال فدنوت من المختار
فاخبرته بالذي كان من أمرى فقال لي اسكت فليس هذا بمكان الحديث وجاء شبث حتى أحاط بالمختار وبيزيد بن انس وبعث ابن مطيع يزيد بن الحارث بن رؤيم في الفين من قبل سكة لحام جرير فوقفوا في أفواه تلك السكك وولى المختار يزيد بن انس خيله وخرج هو في الرجالة .

( قال ابومخنف ) فحدثني الحارث بن كعب الوالبى والبة الازد قال حملت علينا خيل شبث بن ربعى حملتين فما يزول منا رجل من مكانه فقال يزيد بن انس لنا يا معشر الشيعة قد كنتم تقتلون وتقطع أيديكم وارجلكم وتسمل أعينكم وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم .

وانتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم فما ظنكم بهؤلاء القوم ان ظهروا عليكم اليوم اذا والله لا يدعون منكم عينا تطرف وليقتلنكم صبرا ولترون منهم في اولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه والله لا ينجيكم منه الا الصدق والصبر والطعن الصائب في أعينهم والضرب الدراك على هامهم فتيسروا للشدة وتهياوا للحملة فاذا حركت رأيتي مرتين فاحملوا قال الحارث فتهيانا وتيسرنا وجثونا على الركب و انتظرنا امره .

( قال أبومخنف ) وحدثني فضيل بن خديج الكندى ان ابراهيم بن الاشتركان حين توجه إلى راشد بن اياس مضى حتى لقيه في مراد فاذا معه أربعة آلاف فقال ابراهيم لاصحابه لا يهولنكم كثرة هؤلاء فوالله لرب رجل خير من عشرة ولرب فئة قليلة قد غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين ثم قال يا خزيمة بن نصر سر اليهم في الخيل ونزل هو يمشي في الرجال ورايته مع مزاحم بن طفيل فأخذ ابراهيم يقول له ازدلف برايتك امض بها قدما قدما واقتتل الناس فاشتد قتالهم وبصر خزيمة بن نصر العبسى براشد بن اياس فحمل عليه فطعنه فقتله ثم نادى قتلت راشدا ورب الكعبة وانهزم أصحاب راشد .

وأقبل ابراهيم بن الاشتر وخزيمة بن نصر ومن كان معهم بعد قتل راشد نحو المختار وبعث النعمان بن أبي الجعد يبشر المختار بالفتح عليه وبقتل راشد فلما أن جاءهم البشير بذلك كبروا واشتدت أنفسهم ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل وسرح ابن مطيع حسان بن فائد بن بكير العبسى في جيش كثيف نحو من ألفين فاعترض ابراهيم بن الاشتر فويق الحمراء ليرده عن من في السبخة من اصحاب ابن مطيع
فقدم ابراهيم خزيمة بن نصر إلى حسان بن فائد في الخيل ومشى ابراهيم نحوه في الرجال فقال والله ما اطعنا برمح ولا اضطربنا بسيف حتى انهزموا وتخلف حسان بن فائد في اخريات الناس يحميهم وحمل عليه خزيمة بن نصر فلما رآه عرفه فقال له يا حسان بن فائد اما والله لولا القرابة لعرفت اني سالتمس قتلك بجهدى ولكن النجاء فعثر بحسان فرسه فوقع فقال تعسا لك ابا عبدالله وابتدره الناس فاحاطوا به فضار بهم ساعة بسيفه فناداه خزيمة ابن نصر قال انك آمن يا ابا عبدالله لا تقتل نفسك وجاء حتى وقف عليه ونهنه الناس عند ومربه ابراهيم فقال له خزيمة هذا ابن عمي وقد آمنته فقال له ابراهيم احسنت فأمر خزيمة بطلب فرسه حتى اتى به فحمله عليه وقال الحق باهلك قال وأقبل ابراهيم نحو المختار وشبث محيط بالمختار ويزيد بن انس فلما رآه يزيد بن الحارث وهو على افواه سكك الكوفة التي تلى السبخة وابراهيم مقبل نحو شبث اقبل نحوه ليصده عن شبث
واصحابه فبعث ابراهيم طائفة من اصحابه مع خزيمة بن نصر فقال اغن

عنا يزيد بن الحارث وصمد هو في بقية اصحابه نحو شبث بن ربعى ( قال أبومخنف ) فحدثني الحارث بن كعب ان ابراهيم لما اقبل نحونا راينا شبثا واصحابه ينكصون ورائهم رويدا رويدا فلما دنا ابراهيم من شبث واصحابه حمل عليهم وامرنا يزيد بن انس بالحملة عليهم فحملنا عليهم فانكشفوا حتى انتهوا إلى ابيات الكوفة وحمل خزيمة بن نصر على يزيد بن الحارث بن رؤيم فهزمه وازدحموا عليه افواه السكك وقد كان يزيد بن الحارث وضع رامية على افواه السكك فوق البيوت واقبل المختار في جماعة الناس إلى يزيد بن الحارث فلما انتهى اصحاب المختار إلى افواه السكك رمته تلك الرامية بالنبل فصدوهم عن دخول الكوفة من ذلك الوجه ورجع الناس من السبخة منهزمين إلى ابن مطيع وجاءه قتل راشد بن اياس فأسقط في يده ( قال أبومخنف ) فحدثني يحيى بن هانى قال قال عمرو بن الحجاج الزبيدى لابن مطيع ايها الرجل لا يسقط في خلدك ولا تاق بيدك اخرج إلى الناس فاندبهم إلى عدوك فاغزهم فان الناس كثير عددهم
وركلهم معك الا هذه الطاغية التي خرجت على الناس والله مخزيها ومهلكها وانا اول منتدب معي طائفة ومع غيري طائفة قال فخرج ابن مطيع فقام في الناس فحمدالله واثنى عليه ثم قال ايها الناس ان من اعجب العجب عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها خبيث دينها ضالة مضلة اخرجوا اليهم فامنعوا منهم حريمكم وقاتلوهم عن مصركم وامنعوا منهم فيئكم والا والله ليشاركنكم في فيئكم من لاحق له فيه والله لقد بلغنى ان فيهم خمسمائة رجل من محرريكم

عليهم امير منهم وانما ذهاب عزكم وسلطانكم وتغير دينكم حين يكثرون ثم نزل قال ومنعهم يزيد بن الحارث ان يدخلوا الكوفة قال ومضى المختار من السبخة حتى ظهر على الجبانة ثم ارتفع إلى البيوت بيوت مزينة واحمس وبارق فنزل عند مسجدهم وبيوتهم وبيوتهم شاذة منفردة من بيوت اهل الكوفة فاستقبلوه بالماء فسقى اصحابه وابي المختار ان يشرب قال فظن اصحابه انه صائم وقال احمر بن هديج من همدان لابن كامل اترى الامير صائما فقال له نعم هو صائم فقال له فل انه كان في هذا اليوم مفطر اكان اقوى له فقال له انه معصوم وهو اعلم بما يصنع فقال له صدقت استغفر الله وقال المختار نعم مكان المقاتل هذا فقال له ابراهيم بن الاشتر قد هز مهم الله وفلهم وادخل الرعب قلوبهم وتنزل ههنا سربنا فوالله ما دون القصر احد يمنع ولا يمتنع كبير امتناع فقال المختار ليقم ههنا كل شيخ ضعيف وذى علة وضعوا ما كان لكم من ثقل ومتاع بهذا الموضع حتى تسيروا إلى عدونا ففعلوا فاستخلف المختار عليهم ابا عثمان النهدى وقدم ابراهيم بن الاشتر امامه وعبى اصحابه على الحال التي كانوا عليها في السبخة قال وبعث عبدالله بن
مطيع عمرو بن الحجاج في الفى رجل فخرج عليهم من سكة الثوربين فبعث المختار إلى ابراهيم ان اطوه ولا تقم عليه فطواه ابراهيم ودعا المختار يزيد بن انس فامره ان يصمد لعمرو بن الحجاج فمضى نحوه وذهب المختار في اثر ابراهيم فمضوا جميعا حتى اذا انتهى المختار إلى موضع مصلى خالد بن عبدالله وقف وامر ابراهيم ان يمضى على وجهه حتى يدخل الكوفة من قبل الكناسة فمضى فخرج

اليه من سكة ابن محرز واقبل شمر بن ذي الجوشن في الفين فسرح المختار اليه سعيد بن منقذ الهمداني فواقعه وبعث إلى ابراهيم ان اطوه وامض على وجهك فمضى حتى انتهى إلى سكة شبث واذا نوفل بن مساحق ابن عبدالله بن مخرمة في نحو من الفين او قال خمسة آلاف وهو الصحيح وقد امر ابن مطيع سويد بن عبدالرحمن فنادى في الناس ان ان الحقوا بابن مساحق قال و استخلف شبث بن ربعى على القصر وخرج ابن مطيع حتى وقف بالكناسة .

( قال ابومخنف حدثني حصيرة بن عبدالله قال اني لانظر إلى ابن الاشتر حين أقبل في اصحابه حتى اذا دنا منهم قال لهم انزلوا فنزلوا فقال قربوا خيولكم بعضها إلى بعض ثم امشوا اليهم مصلتين بالسيوف ولا يهولنكم أن يقال جاءكم شبث بن ربعى وآل عتيبة بن النهاس وآل الاشعث وآل فلان وآل يزيد بن الحارث قال فسمى بيوتات من بيوتات أهل الكوفة ثم قال ان هؤلاء لو قد وجدوا لهم حر السيوف قد انصفقوا عن ابن مطيع انصفاق المعزى عن الذئب .

قال حسصيرة فاني لانظر اليه والى اصحابه حين قربوا خيولهم وحين أخذ ابن الاشتر أسفل فبائه فرفعه فأدخله في منطقة له حمراء من حواشى البرود وقد شد بها على القباء وقد كفر بالقباء على الدرع ثم قال لاصحابه شدوا عليهم فدى لكم عمى وخالى قال فوالله ما لبثهم أن هزمهم فركب بعضهم بعضا على فم السكة وازدحموا وانتهى ابن الاشتر إلى ابن مساحق فأخذ بلجام دابته ورفع السيف عليه فقال له ابن مساحق

يا ابن الاشتر أنشدك الله أتطلبني بثأر هل بيني وبينك من احنة فخلى ابن الاشتر سبيله وقال له اذكرها فكان بعد ذلك ابن مساحق يذكرها لابن الاشتر وأقبلوا يسيرون حتى دخلوا الكناسة ثم أثار القوم حتى دخلوا السوق والمسجد وحصروا ابن مطيع ثلاثا .

( قال ابومخنف ) وحدثني النضر بن صالح أن ابن مطيع مكث ثلاثا يرزق اصحابه في القصر حيث حصر الدقيق ومعه أشراف الناس الا ما كان من عمرو بن حريث فانه أتى داره ولم يلزم نفسه الحصار ثم خرج حتى نزل الروجاء المختار حتى نزل جانب السوق وولى حصار القصر ابراهيم بن الاشتر ويزيد بن أنس وأحمر بن شميط فكان ابن الاشتر مما يلى المسجد وباب القصر ويزيد بن أنس مما يلى بني حذيفة وسكة دار الروميين وأحمر بن شميط مما يلى دار عمارة ودار ابى موسى فلما اشتد الحصار على ابن مطيع وأصحابه كلمه الاشراف فقام اليه شبث فقال اصلح الله الامير انظر لنفسك ولمن معك فوالله ما عندهم غناء عنك ولا عن انفسهم قال أبن مطيع هاتوا أشيروا علي برأيكم قال
شبث الرأى أن تأخذ لنفسك من هذا الرجل امانا ولنا وتخرج ولا تهلك نفسك ومن معك قال ابن مطيع والله اني لاكره ان آخذ منه امانا والامور مستقيمة لامير المؤمنين بالحجاز كله وبأرض البصرة قال فتخرج لا يشعر بك احد حتى تنزل منزلا بالكوفة عند من تستنصحه وتثق به ولا يعلم بمكانك حتى تخرج فتلحق بصاحبك .

فقال لاسماء بن خارجة وعبدالرحمن بن مخنف وعبدالرحمن بن سعيد
بن قيس وأشراف أهل الكوفة ما ترون في هذا الرأى الذي أشار به على

شبث فقالوا مانرى الرأى الا ما اشار به عليك قال فرويدا حتى امسى .

( قال ابومخنف ) فحدثني ابوالمغلس الليثى ان عبدالله بن عبدالله الليثى اشرف على اصحاب المختار من القصر من العشى يشتمهم وينتحى له مالك بن عمرو ابونمر النهدى بسهم فيمر بحلقه فقطع جلدة من حلقه فمال فوقع قال ثم انه قام وبرأ بعدوقال النهدى حين اصابه خذها من مالك من فاعل كذا .

( قال ابومخنف ) وحدثني النضر بن صالح عن حسان بن فائد بن بكير قال لما امسينا في القصر في اليوم الثالث دعانا ابن مطيع فذكر الله بما هو اهله وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وقال اما بعد فقد علمت الذين صنعوا هذا منكم من هو وقد علمت انما هم اراذلكم وسفهاؤكم وطغامكم واخساؤكم ما عد الرجل او الرجلين وان اشرافكم
واهل الفضل منكم لم يزالوا سامعين مطيعين مناصحين وانا مبلغ ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم عدوه حتى كان الله الغالب على امره وقد كان من رايكم وما أشرتم به على ما قد علمتم وقد رأيت ان اخرج الساعة فقال له شبث جزاك الله من امير خيرا فقد والله عففت عن اموالنا واكرمت اشرافنا ونصحت لصاحبك وقضيت الذي عليك والله ما كنا لنفارقك ابدا الا ونحن منك في اذن فقال جزاكم الله خيرا اخذ امرؤ حيث احب ثم خرخ من نحو دروب الروميين حتى اتى دارابى موسى وخلى القصر وفتح اصحابه الباب فقالوا يا ابن الاشتر آمنون نحن قال انتم
آمنون فخرجوا فبايعوا المختار .

( قال ابومخنف ) فحدثني موسى ابن عامر العدوى من عدى

جهينة وهو ابوالاشعر ان المختار جاء حتى دخل القصر فبات به و اصبح اشراف الناس في المسجد وعلى باب القصر وخرج المختار فصعد المنبر فحمدالله واثنى عليه فقال الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر وجعله فيه إلى آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا .

وقد خاب من افترى أيها الناس انه رفعت لنا راية ومدت لنا غاية فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها وفي الغاية أن أجروا اليها ولا تعدوها فسمعنا دعوة الداعى ومقالة الواعى فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية وبعد المن طغى وأدبرو عصى وكذب وتولى الا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدى فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا والارض فجاجا سبلا
ما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي طالب وآل علي اهدى منها .

ثم نزل فدخل ودخلنا عليه واشراف الناس فبسط يده وابتدره الناس فبايعوه وجعل يقول تبايعوني على كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا والوفاء بيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم فاذا قال الرجل نعم بايعه .

قال فكأني والله أنظر إلى المنذر بن حسان بن ضرار الضبى اذ أتاه حتى سلم عليه بالامرة ثم بايعه وانصرف عنه فلما خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثورى في عصابة من الشيعة واقفا عند المصطبة فلما رأوه ومعه ابنه حيان بن المنذر قال رجل من سفهائهم هذا والله من رؤوس الجبارين فشدوا عليه وعلى ابنه فقتلوهما فصاح بهم سعيد بن منقذ لا تعجلو الا تعجلوا حتى ننظر ما رأى أميركم فيه قال وبلغ المختار ذلك فكرهه

حتى رؤى ذلك في وجهه وأقبل المختار يمن الناس ويستجر مودتهم ومودة الاشراف ويحسن السيرة جهده .

قال وجاءه ابن كامل فقال للمختار أعلمت أن ابن مطيع في دار أبي موسى فلم يجبه بشئ فأعادها عليه ثلاث مرات فلم يجبه ثم اعادها فلم يجبه فظن ابن كامل أن ذلك لا يوافقه وكان ابن مطيع قبل للمختار صديقا فلما أمسى بعث إلى ابن مطيع بمائة الف درهم .

فقال له تجهز بهذه واخرج فاني قد شعرت بمكانك وقد ظننت أنه لم يمنعك من الخروج الا انه ليس في يديك ما يقويك على الخروج وأصاب المختار تسعة آلاف ألف في بيت مال الكوفة فأعطى أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة آلاف وثمانمأة رجل كل رجل خمسمائة درهم خمسمائة درهم وأعطى ستة آلاف من اصحابه أتوه بعد ما أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الايام حتى دخل القصر مائتين مائتين واستقبل الناس بخير ومناهم العدل وحسن السيرة وأدنى الاشراف فكانوا جلساءه وحداثه واستعمل على شرطته عبدالله بن كامل الشاكرى وعلى حرسه كيسان أبا عمرة مولى عرينة فقام ذات يوم على رأسه فرأى الاشراف يحدثونه ورآه قد أقبل بوجهه وحديثه عليهم .

فقال لابي عمرة بعض اصحابه من الموالى أما ترى أبا اسحاق قد أقبل على العرب ما ينظر الينا فدعاه المختار فقال له ما يقول لك أولئك الذين رأيتهم يكلمونك فقال له وأسر اليه شق عليهم أصلحك الله صرفك وجهك عنهم إلى العرب فقال له قل لهم لا يشقن ذلك عليكم فأنتم مني وأنامنكم

ثم سكت طويلا ثم قرأ ( انا من المجرمين منتقمون ) قال فحدثني أبوالاشعر موسى بن عامر قال ما هو الا أن سمعها الموالى منه فقال بعضهم لبعض أبشروا كانكم والله به قد قتلهم .

( قال أبومخنف ) حفثني حصيرة بن عبدالله الازدى وفضل بن خديج الكندى والنضر بن صالح العبسى قالوا أول رجل عقد له المختار
راية عبدالله ابن الحارث أخو الاشتر عقد له على أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد على آذريجان وبعث عبدالرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل وبعث اسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جوخى وبعث قدامة بن أبي عيسى بن ربيعة النصرى وهو حليف لثقيف على بهقباذ الاعلى وبعث محمد بن كعب بن قرظة على بهقباذ الاوسط وبعث حبيب بن منقذ الثورى على بهقباذ الاسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان وكان مع سعد بن حذيفة ألفا فارس بحلوان .

قال ورزقه ألف درهم في كل شهر وأمره بقتال الاكراد وباقامة الطرق وكتب إلى عماله على الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال كورهم إلى سعد بن ابي حذيفة بحلوان وكان عبدالله بن الزبير قد بعث محمد بن الاشعث بن قيس على الموصل وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة غير أن ابن مطيع لا يقدر على عزله الا بأمر ابن الزبير وكان قبل ذلك في امارة عبدالله بن يزيد وابراهيم ابن محمد منقطعا بامارة الموصل لا يكاتب أحدادون ابن الزبير .

فلما قدم عليه عبدالرحمن بن سعيد بن قيس من قبل المختار أميرا تنحى له عن الموصل وأقبل حتى نزل تكريت وأقام بها مع أناس

من أشراف قومه وغيرهم وهو معتزل ينظر ما يصنع الناس والى ما يصير أمرهم ثم شخص إلى المختار فبايع له ودخل فيما دخل فيه أهل بلده .

( قال أبومخنف) وحدثني صلة بن زهير النهدى عن مسلم بن عبدالله الضبابى قال لما ظهر المختار واستمكن ونفى ابن مطيع وبعث عماله اقبل يجلس للناس غدوة وعشية فيقضى بين الخصمين ثم قال والله ان لي فيما از اول واحاول لشغلا عن القضاء بين الناس قال فاجلس للناس شريحا وقضى بين الناس ثم انه خافهم فتمارض وكانوا يقولون انه عثمانى وانه ممن شهد على حجر بن عدى وانه لم يبلغ عن هانى بن عروة ما ارسله به وقد كان علي بن ابي طالب عزله عن القضاء فلما ان سمع بذلك ورآهم يذمونه ويسندون اليه مثل هذا القول تمارض وجعل المختار مكانه عبدالله بن عتبة بن مسعود ثم ان عبدالله مرض فجعل مكانه عبدالله ابن مالك الطائي قاضيا قال مسلم بن عبدالله وكان عبدالله بن همام سمع ابا عمرة يذكر الشيعة وينال من عثمان بن عفان فقنعه بالسوط فلما ظهر المختار كان معتزلا حتى استامن له عبدالله بن شداد فجاء إلى المختار ذات يوم فقال الا انتسات بالودعنك وادبرت * معالنة بالهجر ام سريع
وحملها واش سعى غير مؤتل * فأبت بهم في الفواد جميع

فخفض عليك الشأن لا يردك الهوى * فليس انتقال خلة ببديع

وفي ليلة المختار ما يذهل الفتى * ويلهيه عن رؤد الشباب شموع

دعايا لثأرات الحسين فأقبلت * كتائب من همدان بعد هزيع

ومن مذ حج جاء الرئيس بن مالك * يقود جموعا عبيت بجموع

ومن أسد وافى يزيد لنصره * بكل فتى حامى الذمار منيع

وجاء نعيم خير شيبان كلها * بأمر لدى الهيجا احد جميع

وما ابن شميط اذ يحرض قومه * هناك بمخذول ولا بمضيع

ولا قيس نهد لا ولا ابن هوازن * وكل اخو اخباته وخشوع

وسار ابوالنعمان لله سعيه * إلى ابن اياس مصحرا لوقوع

بخيل عليها يوم هيجا دروعها * واخرى حسورا غير ذات دروع

فكر الخيول كرة ثقفتهم * وشد باولاها على ابن مطيع

فولى بضرب يشدخ الهام وقعه * وطعن غداة السكتين وجيع

فحوصر في دار الامارة بائيا * بذل وارغا له وخصوع

/ 26