مات في زمن ابي جعفر ، قلت :وقال الدار قطنى :ثقة .تهذيب التهذيب ( ج 11 ص 408 ) ميزان الاعتدال ( ج 4 ص 462 ) الكاشف ( ج 3 ص 297 ) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ( ص 438 ) الجدلي قال :خرجنا مع ابن عقيل اربعة آلاف فلمابلغنا القصر الا ونحن ثلثمأة قال :واقبل مسلم يسير في الناس من مراد حتى احاط بالقصر ثم ان الناس تداعوا الينا واجتمعوا فوالله ما لبثنا الا قليلا حتى امتلاء المسجد من الناس والسوق وما زالوا يثوبون حتى المساء ، فضاق بعبيدالله ذرعه وكان كبر امره ان يتمسك بباب القصر وليس معه الا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من اشراف الناس واهل بيته ومواليه واقبل اشراف الناس يأتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي دار الرومين وجعل من بالقصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون اليهم فيتقون ان يرموهم بالحجارة وان يشتموهم وهم لا يفترون على عبيدالله وعلى ابيه ودعا عبيدالله كثير بن شهاب ابن حصين الحارثي فامره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيسير بالكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل و يخوفهم الحرب ويحذرهم عقوبة السلطان ، وامر محمد بن الاشعث ان يخرج فيمن اطاعه من كندة وحضر موت فيرفع رأيه امان لمن جاءه من الناس ، وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي وحجار بن ابحر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري وحبس سائر وجوه الناس عنده استيحاشا اليهم لقلة عدد من معه من الناس، وخرج كثير بن شهاب يخذل الناس عن ابن عقيل .قال ابومخنف - فحدثني ابن ( 1 ) جناب الكلبي أن :كثيرا ( الظاهر كونه أبي جناب الكلبي ، وسيأتي ترجمته في يحيى بن أبي حية ابوجناب الكلبي .ألقى رجلا من كلب يقال له ، عبدالاعلى بن يزيد قد لبس سلاحه يريد ابن عقيل في بني فتيان فاخذه حتى أدخله على ابن زياد فاخبره خبره ، فقال لابن زياد انما أردتك ، قال :وكنت وعدتني ذلك من نفسك ، فأمر به فحبس ، وخرج محمد بن الاشعث حتى وقف عند دور بنى عمارة وجاءه عمارة بن صلخب الازدي وهو يريد ابن عقيل عليه سلاحه ، فاخذه فبعث به إلى ابن زياد فحبسه فبعث ابن عقيل إلى محمد بن الاشعث من المسجد عبدالرحمان بن شريح الشبامى ، فلما رآى محمد بن الاشعث كثرة من اتاه أخذ يتنحى ويتأخر وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمد الاشعث قد حلت على ابن عقيل من العرار فتأخر عن موقفه .فأقبل حتى دخل على ابن ذياد من قبل دار الروميين ، فلما اجتمع عند عبيدالله كثير بن شهاب ومحمد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم فقال له كثير وكانوا مناصحين لابن زياد :اصلح الله الامير معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك واهل بيتك ومواليك .فاخرج بنا اليهم ، فأبى عبيدالله ، وعقد لشبث بن ربعى لواءا فاخرجه .وأقام الناس مع ابن عقيل يكبرون ويثوبون حتى المساء وأمرهم شديد فبعث عبيدالله إلى الاشراف فجمعهم اليه ثم قال :اشرفوا على الناس فمنوا اهل الطاعة الزيادة والكرامة ، وخوفوا اهل المعصية الحرمان والعقوبة واعملوهم فصول الجنود من الشام اليهم .قال ابومخنف :حدثني سليمان بن ابي راشد عن عبدالله بن حازم الكبرى من الازد من بني كبير ، قال اشرف علينا الاشراف فتكلم كثير بن اول الناس حتى كادت الشمس أن تجب فقال :ايها الناس الحقوا باهاليكم ولاتعجلوا الشر ولا تعرضوا انفسكم للقتل فان هذه جنود امير المؤمنين يزيد قد اقبلت ، وقد اعطى الله الامير عهدا لئن اتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم أن يحرم ذريتكم العطاء ويفرق مقاتلتكم في مغازي اهل الشام على غير طمع وأن يأخذ البرئ بالسقيم والشاهد بالغائب حتى لا يبقى له فيكم بقية من الله المعصية الا اذاقها وبال ماجرت ايديها وتكلم الاشراف بنحو من كلام هذا فلما سمع مقالتهم الناس اخذوا يتفرقون واخذوا ينصرفون قال ابومخنف - فحدثني المجالد بن سعيد ، أن المرأة كانت تأتي ابنها او اخاها فتقول .انصرف الناس يكفونك ، ويجئ الرجل إلى ابنه او اخيه فيقول غدا يأتيك اهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به فما زالوا يتفرقون ويتصدعون حتى امسى ابن عقيل وما معه ثلاثون نفسا في المسجد حتى صليت المغرب فما صلى مع ابن عقيل الا ثلاثون نفسا فلما راى انه قد امسى وليس معه الا اولئك النفر خرج متوجها نحو ابواب كندة ، فلما بلغ الابواب ومعه منهم عشرة ، ثم خرج من الباب واذا ليس معه انسان والتفت فاذا هو لا يحس احدا يدله على الطريق ولا يدله على منزل ولا يواسيه بنفسه ان عرض له عدو ، فمضى على وجهه يتلدد في ازقة الكوفة لا يدرى ابن يذهب حتى خرج إلى دور بنى جبلة من كندة ، فمشى حتى انتهى إلى باب امرأة يقال لها :طوعة ام ولد كانت للاشعث بن قيس فاعتقها فتزوجها اسيد الحضرمي فولدت له بلالا .وكان بلال قد خرج مع الناس وامه قائمة تنتظره ، فسلم عليها ابن عقيل ، فردت عليه ، فقال لها :يا امة الله اسقيني ماءا ، فدخلت فسقته فجلس ، وأدخلت الاناء ثم خرجت فقالت :يا عبدالله الم تشرب ؟ قال :بلى ، قالت :فاذهب إلى أهلك ، فسكت ، ثم عادت فقالت مثل ذلك فسكت ، ثم قالت له :فئ لله سبحان الله يا عبدالله فمر إلى اهلك عافاك الله فانه لا يصلح لك الجلوس على بابي ولا احله لك فقام فقال يا امة الله مالي في هذا المصر منزل ولا عشيرة ، فهل لك إلى أجر ومعروف ولعلي مكافئتك به بعد اليوم ، فقالت يا عبدالله وما ذاك ؟ قال :انا مسلم بن عقيل ، كذبني هؤلاء القوم وغروني قالت انت مسلم ؟ قال :نعم ، قالت :ادخل ، فادخلته بيتا في دارها غير البيت الذي تكون فيه ، وفرشت له وعرضت عليه العشاء ، فلم يتعش ولم يكن باسرع من ان جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه ، فقال :والله ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه ان لك لشأنا .قالت يا بني :أله عن هذا ، قال لها :والله لتخبرني ، قالت :أقبل على شأنك ولا تسألني عن شئ ، فالح عليها فقالت :يا بني لا تحدثن احدا من الناس بما اخبرك به وأخذت عليه الايمان فحلف لها فاخبرته فاضطجع وسكت وزعموا أنه قد كان شريدا من الناس .وقال بعضهم كان يشرب مع اصحاب له ، ولما طال على ابن زياد وأخذ لا يسمع لاصحاب ابن عقيل صوتا كان يسمعه قبل ذلك قال لاصحابه :اشرفوا فانظروا هل ترون منهم احدا ؟ فأشرفوا فلم يروا احدا ، قال :فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمتوا لكم ففرعوا بحابح المسجد وجعلوا يخفضون شعل النار في ايديهم ثم ينظرون هل في الظلال احد وكانت احيانا تضئ لهم واحيانا لا تضئ لهم كما يريدون فدلوا القناديل وانصاف الطنان تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران ثم تدلى حتى تنتهي إلى الارض، ففعلوا ذلك في اقصى الظلال وادناها واوسطها حتى فعلوا ذلك بالظلة التي فيها المنبر .فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد ففتح باب السدة التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر وخرج اصحابه معه فامرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة وامر عمرو بن نافع فنادى الا برئت الذمة من رجل من الشرطة والعرفاء او المناكب او المقاتلة صلى العتمة إلى في المسجد فلم يكن له الا ساعة حتى امتلاء المسجد من الناس ثم امر مناديه فاقام الصلاة .فقال الحصين بن تميم ان شئت صليت بالناس او يصلى بهم غيرك ودخلت انت فصليت في القصر فاني لا آمن ان يغتالك بعض اعدائك فقال مرحرسى فليقوموا ورائي كما كانوا يقفون ودرفيهم فاني لست بداخل اذا ، مصلى بالناس .ثم قام فحمدالله واثنى عليه ، ثم قال :اما بعد فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد اتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق ، فبرئت ذمة الله من رجل وجدناه في داره ومن جاء به فله ديته اتقوا الله عباد الله والزموا طاعتكم وبيعتكم ولا تجعلوا على انفسكم سبيلا ، يا حصين ابن تميم ثكلتك امك ان صاح باب سكة من سكك الكوفة او خرج هذا الرجل ولم تأتني به وقد سلطتك على دوراهل الكوفة فابعث مراصدة على افواه السكك واصبح غدا واستبر الدور وجس خلالها حتى تأتيني بهذا الرجل ، وكان الحصين على شرطه وهو من بني تميم .ثم نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعمرو بن حريث رأية وأمره على الناس فلما اصبح جلس مجلسه واذن للناس فدخلوا عليه واقبل محمد بن الاشعث فقال مرحبا بمن لا يستغش ولايتهم ثم اقعده إلى جنبه واصبح ابن تلك العجوز وهو بلال بن اسيد الذي اوت امه ابن عقيل فغدا إلى عبدالرحمان بن محمد بن الاشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عندامه .قال :فاقبل عبدالرحمان حتى اتى اباه وهو عند ابن زياد فساره ، فقال له ابن زياد :ما قال لك قال :أخبرني ان ابن عقيل في دار من دونا ، فنخس بالقضيب في جنبه ثم قال :قم فأتني به الساعة .قال ابومخنف :فحدثني قدامة بن ( 1 ) سعيد بن زائده بن قدامة الثقفي :ان ابن الاشعث حين قام ليأتيه بابن عقيل بعث إلى عمرو بن حريث وهو في المسجد خليفته على الناس ان ابعث مع ابن الاشعث ستين او سبعين رجلا كلهم من قيس ، وانما كره ان يبعث معه قومه لانه ( 1 ) قدامة بن سعيد بن ابي زائدة عده الشيخ من اصحاب الباقر عليه السلام جامع الرواة ( ج 2 ص 23 ) تنقيح المقال ( ج 2 ص 28 ) من حرف القاف .قد علم ان كل قوم يكرهون ان يصادف فيهم مثل ابن عقيل ، فبعث معه عمرو بن عبيدالله بن عباس السلمي في ستين او سبعين من قيس حتى اتوا الدار التي فيها ابن عقيل .فلما سمع وقع حوافر الخيل واصوات الرجال عرف انه قداتى ، فخرج اليهم بسيفه واقتحموا عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه حتى اخرجهم من الدار ، ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك .فاختلف هو وبكير بن حمران الاحمري ضربتين فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا واشرع السيف في السفلى ونصلت لها ثنيتاه ، فضربه مسلم ضربة في رأسه منكرة وثنى باخرى على حبل العاتق كادت تطلع على جوفه ، فلما رأوا ذلك اشرفوا عليه من فوق ظهر البيت فاخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في اطنان القصب ثم يقبلونها عليه من فوق البيت ، فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة فقاتلهم ، فاقبل عليه محمد بن الاشعث فقال :يافتى لك الامان لا تقتل نفسك ، فاقبل يقاتلهم وهو يقول :اقسمت لا اقتل الا حرا * وان رأيت الموت شيئا نكرا كل امرئ يوما ملاق شرا * ويخلط البارد سخنا مرا رد شعاع الشمس فاستقرا * اخاف ان اكذب اواغرا فقال له محمد بن الاشعث :انك لا تكذب ولا تخدع ولا تغر ، ان القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك ، وقد اثخن بالحجارة وعجز عن القتال وانبهر فاسند ظهره إلى جنب تلك الدار ، فدنا محمد بن الاشعث ، فقال :لك الامان ، فقال :آمن انا ؟ قال :نعم ، وقال القوم :انت آمن غير عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمى فانه قال :لا ناقة لي في هذا ولا جمل وتنحى .وقال ابن عقيل :اما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في ايديكم ، واتى ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه ، فكانه عند ذلك آيس من نفسه ، فدمعت عيناه ، ثم قال هذا اول الغدر ، قال محمد بن الاشعث :ارجوالا ( لا ) يكون عليك بأس ، قال :ما هو الا الرجاء اين امانكم ؟ انا لله وانا اليه راجعون وبكى .فقال له عمرو بن عبيدالله بن عباس :ان من يطلب مثل الذي تطلب اذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك قال :اني والله ما لنفسي ابكى ولا لها من القتل ارثى وان كنت لم احب لها طرفة عين تلفا ولكن ابكى لاهلى المقبلين إلى ، ابكى لحسين وآل حسين ، ثم اقبل على محمد بن الاشعث فقال :يا عبدالله اني اراك والله ستعجز عن اماني فهل عندك خير تستطيع ان تبعث من عندك رجلا على لساني يبلغ حسينا فاني لا اراه الا قد خرج اليكم اليوم مقبلا او هو خرج غدا هو واهل بيته وان ما ترى من جزعى لذلك .فيقول :ان ابن عقيل بعثني اليك وهو في ايدي القوم اسير لا يرى ان تمشى حتى تقتل ، وهويقول :ارجع باهل بيتك ولا يغرك اهل الكوفة فانهم اصحاب ابيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت او القتل ، ان اهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لمكذوب رأى ، فقال ابن الاشعث :والله لافعلن ولاعلمن ابن زياد اني قد امنتك .قال ابومخنف :فحدثني جعفر بن ( 1 ) حذيفة الطائي وقد عرف سعيد بن شيبان الحديث قال :دعا محمد بن الاشعث اياس بن العثل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة ، وكان شاعرا وكان لمحمد زوارا ، فقال له :الق حسينا فابلغه هذا الكتاب ، وكتب فيه الذي امره ابن عقيل وقال له :هذا زادك وجهازك ومتعة لعيالك ، فقال :من أين لي براحلة فان راحلتي قد انضيتها ، قال :هذه راحلة فاركبها برحلها .ثم خرج فاستقبله بزبالة لاربع ليال فاخبره الخبر وبلغه الرسالة ، فقال له حسين :كل ما حم نازل ، وعندالله نحتسب انفسنا وفساد امتنا ، وقد كان مسلم بن عقيل حيث تحول إلى دار هاني بن عروة وبايعه ثمانية عشر الفا قدم كتابا إلى حسين مع عابس بن ابي شبيب الشاكري .اما بعد :فان الرائد لا يكذب اهله ، وقد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عشر الفا ، فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأى ولا هوى والسلام واقبل محمد بن الاشعث بابن عقيل إلى باب القصر فاستأذن ، فاذن له ، فأخبر عبيدالله خبر ابن عقيل وضرب بكير اياه ، فقال :بعدا ( 1 ) جعفر بن حذيفة .عن علي ، وعنه أبومخنف وفي كتاب ابن أبي حاتم جعفر بن حذيفة من آل عامر بن جوين بن عامر بن قبس الجرمي كان مع علي يوم صفين ، وروى عنه أبومخنف ، وذكره ابن حبان في الثقات ميزان الاعتدال ( ج 1 ص 405 ) المغنى ( ج 1 ص 132 ) لسان الميزان ( ج 2 ص 113 ) .له ، فأخبره محمد بن الاشعث بما كان منه وما كان من أمانه اياه ، فقال عبيدالله :ما انت والامان ، كانا ارسلناك تومنه ؟ انما ارسلناك تأتينا به فسكت ، وانتهى ابن عقيل إلى باب القصر وهو عطشان وعلى باب القصر ناس جلوس ينتظرون الاذن منهم عمارة بن عقبة بن ابي معيط ، وعمرو بن حريث ، ومسلم بن عمرو ، وكثير بن شهاب .قال ابومخنف - فحدثني قدامة بن سعد :ان مسلم بن عقيل حين انتهى إلى باب القصر فاذا قلة باردة موضوعة على الباب ، فقال ابن عقيل:اسقوني من هذا الماء ، فقال له مسلم بن عمرو اتراها ما ابردها ، لا والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم ، قال له ابن عقيل :ويحك من أنت ؟ قال :انا بن من عرف الحق اذا انكرته ، ونصح لامامه اذ غششته ، وسمع واطاع اذ عصيته وخالفت ، انا مسلم بن عمرو الباهلي ، فقال ابن عقيل :لامك الثكل ما اجفاك وما افظك واقسى قلبك واغلظك ؟ انت يابن باهلة اولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني ، ثم جلس متساندا إلى حائط .قال ابومخنف - وحدثني سعيد بن مدرك بن عمارة :ان عمارة بن عقبة بعث غلاما له يدعى قيسا فجاءه بقلة عليها منديل ومعه قدح فصب فيه ماءا ثم سقاه ، فاخذ كلما شرب امتلاء القدح دما ، فلما ملاء القدح المرة الثالثة ذهب ليشرب فسقطت ثنيتاه فيه ، فقال :الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم شربته .وادخل مسلم علي ابن زياد فلم يسلم عليه بالامرة ، فقال له الحرسى :الا تسلم على الامير ؟ فقال له :ان كان يريد قتلى فما سلامى عليه وان كان لا يريد قتلى فلعمرى ليكثرن سلامى عليه .فقال له ابن زياد :لعمرى لتقتلن ، قال كذالك ، قال :نعم ، قال :فدعنى اوصى إلى بعض قومي ، فنظر إلى جلساء عبيدالله وفيهم عمر بن سعد ، فقال يا عمر :ان بيني وبينك قرابة ولي اليك حاجة وقد يجب لى عليك نجح حاجتي وهو سر فأبى ان يمكنه من ذكرها ، فقال له عبيدالله :لا تمتنع ان تنظر في حاجة ابن عمك ، فقام معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد ، فقال له :ان على بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمأة درهم فاقضها عني ، وانظر جثتي فاستوهبها من ابن زياد فوارها ، وابعث إلى حسين من يرده ، فاني قد كتبت اليه اعلمه ان الناس معه ولا اراه الا مقبلا .فقال عمر لابن زياد :اتدري ما قال لي ؟ انه ذكر كذا وكذا ، قال له ابن زياد :انه لا يخونك الامين ولكن قد يؤتمن الخائن ، اما ما لك فهو لك ولسنا نمنعك ان تصنع فيه ما احببت ، واما حسين فانه ان لم يردنا لم نرده ، وان ارادنا لم نكف عنه ، واما جثته فانا لن نشفعك فيها انه ليس باهل منا لذلك ، قد جاهدنا وخالفنا وجهد على هلاكنا ، وزعموا انه قال :اما جئته فانا لا نبالى اذا قتلناه ما صنع بها .ثم ان ابن زياد قال :ايه يابن عقيل اتيت الناس وامرهم جميع وكلمتهم واحدة لتشتتهم وتفرق كلمتهم وتحمل بعضهم على بعض ، قال :كلا لست اتيت ، ولكن اهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم وسفك دمائهم ، وعمل فيهم اعمال كسرى وقيصر ، فاتيناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى حكم الكتاب .قال :وما أنت وذاك يا فاسق اولم نكن نعمل بذاك فيهم اذ انت بالمدينة تشرب الخمر ؟ قال :أنا اشرب الخمر ، والله ان الله ليعلم انك غير صادق ، وانك قلت بغير علم ، واني لست كما ذكرت ، وان احق بشرب الخمر مني واولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا ، فيقتل النفس التي حرم الله قتلها ، ويقتل النفس ، بغير النفس ويسفك الدم الحرام ، ويقتل على الغضب والعداوة وسوء الظن وهو يلهو ويلعب كان لم يصنع شيئا .فقال له ابن زياد :يا فاسق ان نفسك تمنيك ما حال الله دونه ولم يرك اهله ، قال فمن اهله يابن زياد ؟ قال :امير المؤمنين يزيد ، فقال :الحمد لله على كل حال رضينا بالله حكما بيننا وبينكم ، قال :كأنك تظن ان لكم في الامر شيئا ، قال :والله ما هو بالظن ولكنه اليقين ، قال :قتلني ان لم اقتلك قتلة لم يقتلها احد في الاسلام .قال :اما انك احق من احدث في الاسلام ما لم يكن فيه ، اما انك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة ، ولا احد من الناس احق بها منك .واقبل ابن سمية يشتمه ويشتم حسينا وعليا وعقيلا واخذ مسلم لا يكلمه .وزعم اهل العلم ان عبيدالله امرله بماء فسقى بخزفة .ثم قال له :انه لم يمنعنا نسقيك فيها الا كراهة ان تحرم بالشرب فيها ثم نقتلك ولذلك سقيناك في هذا .ثم قال :اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ، ثم اتبعوا جسده رأسه ، فقال :يا ابن الاشعث اما والله لولا انك آمنتنى ما استسلمت ، قم بسيفك دوني فقد اخفرت ذمتك .ثم قال :يابن زياد اما والله لو كانت بيني وبينك قرابة ما قتلتني .ثم قال ابن زياد :اين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف وعاتقه ؟ فدعى فقال :اصعد فكن انت الذي تضرب عنقه، فصعد به وهو يكبر ويستغفر ويصلى على ملائكة الله ورسله وهو يقول :اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا واذ لونا واشرف به على موضع الجرارين اليوم ، فضربت عنقه واتبع جسده رأسه .قال ابومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن ( 1 ) عوف ( 1 ) الظاهر كونه عوف بن أبي جميلة لا أبي حجيفة ، فان ابن أبي حجيفة اسمه عون ، وستأتي ترجمته وعلى فرض كونه أبي جميلة هو عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري ابوسهل البصري المعروف بالاعرابي ، واسم ابيه جميلة بندويه ، ويقال :بل بندويه اسم امه واسم أبيه رزينة .روى عن ابي رجاء العطاردي ، وأبي عثمان النهدي ، وأبي العالية ، وأبي المنهال سيار بن سلامة ، وخلاس الهجري والحسن بن أبي الحسن البصري ، وأخيه سعيد بن أبي الحسن ، وأنس ومحمد ابني سيرين ، وزرارة بن أوفى ، وعلقمة بن وائل ، وقسامة بن زهير ، ويزيد الفارسي ، وأبي نضرة العبدي ، وخالد الاشجع ، وزياد بن مخراق وعبدالله بن عمرو بن هند وجماعة .وعنه شعبة ، والثوري ، وابن المبارك والقطان ، وهشيم وعيسى بن يونس وغندر ومروان بن معاوية ومعتمر بن سليمان وروح بن عبادة وعدة كثيرة .بن ابي حجيفة قال :نزل الاحمري بكير بن حمران الذي قتل مسلما فقال له ابن زياد :