تنقيح المقال ( ج - 2 - ص - 109 ) (1 ) عامر بن شراحيل بن عبد وقيل :عامر بن عبدالله بن شراحيل الشعبى الحميري أبوعمر والكوفي من شعب همدان .روى عن علي ( عليه السلام ) وسعد وابن ابي وقاص وسعيد بن زيد وزيد بن ثابت وقيس بن سعيد بن عبادة وقرظة بن كعب وعبادة بن الصامت وأبي موسى الاشعرى وأبي مسعود الانصارى والبراء أن الحسين بن علي رضي الله عنه قال :لمن هذا الفسطاط ؟ فقيل :لعبيدالله بن الحر الجعفى ، قال :ادعوه لي ، وبعث اليه فلما أتاه الرسول قال :هذا الحسين بن علي يدعوك ، فقال عبيدالله بن الحر :انا لله وانا اليه راجعون ، والله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن يدخلها بن عازب وجابر بن عبدالله وجابر بن سمرة وحبشى بن جنادة والحسين وزيد بن ارقم وعدة كثيرة من الصحابة والتابعين .وعنه أبواسحاق السبيعي وسعيد بن عمرو بن اشوع واسماعيل بن ابي خالد ومجالد بن سعيد وعدة كثيرة وجماعات .قال منصور الغداني عن الشعبي :ادركت خمسمأة من الصحابة وقال أشعث بن سوار :لقى الحسن الشعبي فقال :والله كثير العلم ، عظيم الحلم ، قديم السلم من الاسلام بمكان .وقال عبدالملك بن عمير :مر ابن عمر على الشعبى وهو يحدث بالمغازى فقال :لقد شهدت القوم فلهو أحفظ لها واعلم بها .وقال ابن عيينة :كانت ، الناس تقول بعد الصحابة :ابن عباس في زمانه والشعبى في زمانه ،وقال العجلى :سمع من ثمانية واربعين من الصحابة .وقال ابن معين :قضى الشعبى لعمر بن عبدالعزيز ، قيل مات سنة ( 3 ) وقيل ( 4 ) وقيل ( 5 ) وقيل ( 6) وقيل ( 7 ) وقيل عشرة ومأة انتهى بتلخيص منا .تهذيب التهذيب ( ج5ص65) الحسين وأنا بها ، والله ما أريد أراه ولا يراني ، فأتاه الرسول فأخبره ، فأخذ الحسين نعليه فانتعل ثم قام فجاءه حتى دخل عليه فسلم وجلس ، ثم دعاه إلى الخروج معه ، فأعاد اليه ابن الحر تلك المقالة ، فقال :فالاتنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا ، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا هلك .قال :أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله ثم قام الحسين ( ع ) من عنده حتى دخل رحله .قال أبومخنف - حدثني عبدالرحمن بن حندب عن عقبة بن سمعان قال :لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء ، ثم أمرنا بالرحى ففعلنا ، قال :فلما ارتحلنا من قصر بنى مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول :انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين .قال :ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا .قال :فأقبل اليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال :انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين ، يا أبت جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت ؟ قال :يأبنى اني خفقت برأسى خفقة ، فعن لي فارس على فرس ، فقال :القوم يسيرون والمنايا تسرى اليهم ، فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا ، قال له :يا أبت لا أراك الله سوءا ألسنا على الحق ؟ قال :بلى والذي اليه مرجع العباد، قال :يا أبت اذا لا نبالى نموت محقين ، فقال له :جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده .قال :فلما أصبح نزل فصلى الغداة ثم عجل الركوب ، فأخذ يتياسر باصحابه يريد أن يفرقهم ، فيأتيه الحربن يزيد فيردهم فيرده فجعل اذا ردهم إلى الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا فلم يزالوا يتسايرون حتى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين ، قال :فاذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة ، فوقفوا جميعا ينتظرونه ، فلما انتهى اليهم سلم على الحربن يزيد وأصحابه ولم يسلم على الحسين ( ع ) وأصحابه ، فدفع إلى الحر كتابا من عبيدالله بن زياد فاذا فيه :أما بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابى ويقدم عليك رسولى ، فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولى أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتينى بانفاذك أمرى والسلام .قال :فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر :هذا كتاب الامير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله ، وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره ، فنظر إلى رسول عبيدالله يزيد بن زياد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندى ثم النهدى فعن له ، فقال :أمالك بن النسير البدى ؟ قال :نعم وكان أحد كندة ، فقال له يزيد بن زياد :ثكلتك امك ماذا جئت فيه ؟ قال :وما جئت فيه أطعت امامى ووفيت ببيعتى فقال له أبوالشعثاء :عصيت ربك وأطعت امامك في هلاك نفسك ، كسبت العار والنار ،قال الله عزوجل :وجعلنا منهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون فهو امامك ..قال :وأخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولافى قرية فقالوا :دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوى او هذه القرية يعنون الغاضرية او هذه الاخرى يعنون شفية ، فقال :لا والله ما استطيع ذلك،هذا رجل قد بعث إلى عينا فقال له زهير بن القين :يابن رسول الله ان قتال هؤلاء اهون من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمرى ليأتينا من بعد من ترى ما لا قبل لنا به ؟ فقال له الحسين :ما كنت لا بد أهم بالقتال ، فقال له زهير بن القين :سربنا إلى هذه القرية حتى ننزلها فانها حصينة وهي على شاطئ الفرات ، فان منعونا قاتلناهم فقتالهم أهون علينا من قتال من يجئ من بعدهم ، فقال له الحسين :وأية قرية هي ؟ قال :هي العقر ، فقال الحسين :أللهم اني أعوذ بك من العقر ، ثم نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة 61 .فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في اربعة آلاف قال :وكان سبب خروج ابن سعد إلى الحسين ( ع ) ان عبيدالله بن زياد بعثه على اربعة آلاف من اهل الكوفة يسير بهم إلى دستبى وكانت الديلم قد خرجوا اليها وغلبوا عليها ، فكتب اليه ابن زياد عهده على الرى وامره بالخروج ، فخرج معسكرا بالناس بحمام اعين ، فلما كان من امر الحسين ما كان واقبل إلى الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال :سرالى الحسين فاذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلى عملك ، فقال له عمر بن سعد :ان رأيت رحمك الله ان تعفينى فافعل ، فقال له عبيدالله :نعم على ان ترد لنا عهدنا ، قال :فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد :امهلنى اليوم حتى أنظر ، قال :فانصرف عمر يستشير نصحاءه فلم يكن يستشير احدا الا نهاه قال :وجاء حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن اخته فقال انشدك الله يا خال ان تسير إلى الحسين فتأثم بربك وتقطع رحمك ، فوالله لان تخرج من دنياك ومالك وسلطان الارض كلها لو كان لك خير لك من ان تلقى الله بدم الحسين ، فقال له عمر بن سعد :فانى افعل ان شاء الله .قال هشام :حدثنى عوانة بن الحكم عن عمار بن عبدالله بن يسار الجهنى عن ابيه قال :دخلت على عمر بن سعد وقد امر بالمسير إلى الحسين فقال :ان الامير امرنى بالمسير إلى الحسين فأبيت ذلك عليه ، فقلت له :اصاب الله بك ، ارشدك الله احل فلا تفعل ولا تسراليه ، قال :فخرجت من عنده فاتانى آت وقال :هذا عمر بن سعد يندب الناس إلى الحسين قال :فأتيته فاذا هو جالس ، فلما رآنى اعرض بوجهه فعرفت انه قد عزم على المسير اليه ، فخرجت من عنده .قال :فأقبل عمر بن سعد إلى ابن زياد فقال :اصلحك الله انك وليتني هذا العمل ، وكتبت لى العهد وسمع به الناس ، فان رأيت ان تنفذلى ذلك فافعل وابعث إلى الحسين في هذا الجيش من اشراف الكوفة من لست بأغنى ولا اجزأ عنك في الحرب منه فسمى له اناسا ، فقال له ابن زياد :لا تعلمنى باشراف اهل الكوفة ولست استأمرك فيمن اريد ان ابعث ، ان سرت بجندنا والا فابعث الينا بعهدنا فلما رآه قد لج قال :فاني سائر ، قال :فأقبل في اربعة آلاف حتى نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوى .قال فبعث عمر بن سعد إلى الحسين عليه السلام عزرة بن قيس الاحمسى فقال :ائته فسله ما الذي جاء به وماذا يريد ؟ وكان عزرة ممن كتب إلى الحسين فاستحيا منه ان يأتيه ، قال :فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه وكلهم ابى وكرهه ، قال :وقام اليه كثير بن عبدالله الشعبى وكان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شيئ ، فقال :انا اذهب اليه والله لئن شئت لافتكن به ، فقال له عمر بن سعد :ما اريد ان يفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به ؟ قال :فاقبل اليه ، فلما رآه ابوثمامة الصائدى قال للحسين :اصلحك الله ابا عبدالله قد جاءك شر اهل الارض واجرأه على دم وافتكه ، فقام اليه فقال :ضع سيفك ، قال :لا والله ولا كرامة انما انا رسول ، فان سمعتم مني ابلغتكم ما ارسلت به اليكم ، وان ابيتم انصرفت عنكم - فقال له :فاني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك ، قال :لا والله لا تمسه ، فقال له :اخبرني ما جئت به وانا ابلغه عنك ولا ادعك تدنو منه فانك فاجر ، قال :فاستبا ثم انصرف إلى عمر بن سعد فاخبره الخبر .قال :فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلى فقال له :ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد ؟ قال :فاتاه قرة بن قيس ، فلما رآه الحسين مقبلا قال :اتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر :نعم هذا رجل من حنظلة تميمى وهو ابن اختنا ولقد كنت اعرفه بحسن الرأى وما كنت اراه يشهد هذا المشهد قال :فجاء حتى سلم على الحسين وابلغه رسالة عمر بن سعد اليه له ، فقال الحسين :كتب إلى اهل مصركم هذا ان اقدم ، فاما اذكر هونى فانا انصرف عنهم .قال :ثم قال له حبيب بن مظاهر :ويحك يا قرة بن قيس انى ترجع إلى القوم الظالمين ، انصر هذا الرجل الذي بآباءه ايدك الله بالكرامة ، وايانا معك ، فقال له قرة :ارجع إلى صاحبى بجواب رسالته وارى رأيى ، قال :فانصرف إلى عمر بن سعد فاخبره الخبر ، فقال له عمر بن سعد :انى لارجو أن يعافينى الله من حربه وقتاله قال هشام عن ابي مخنف قال :حدثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسى عن حسان ( 1 ) بن فائد ابن ابي بكر العبسى ، قال :أشهد ان كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيدالله بن زياد وانا عنده فاذا فيه :بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فانى حيث نزلت بالحسين بعثت اليه رسولى فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل ؟ فقال :كتب إلى اهل هذه البلاد وأتتنى رسلهم فسألونى القدوم ففعلت ، فاما اذكر هونى فبدا لهم غير ما أتتنى به رسلهم فانا منصرف عنهم .فلما قرئ الكتاب على ابن زياد قال :الان اذ علقت مخالبنا به * يرجو النجاة ولات حين مناص قال :وكتب إلى عمر بن سعد :بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغنى كتابك وفهمت ما ذكرت ، فأعرض على الحسين ان يبايع ليزيد بن معاوية هووجميع اصحابه ، فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام .قال :فلما أتى عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت الا يقبل ابن زياد العافية .( 1 ) حسان بن فائد العبسى الكوفى .عن عمر بن الخطاب روى عنه ابواسحاق السبيعى .قال ابوحاتم :شيخ .وقال البخاري :يعد في الكوفيين .واخرج في تفسير النساء قال عمر :الجبت السحر وهذا جاء موصولا من طريق شعبة عن ابي اسحاق عنه .اخرجه مسدد في مسنده الكبير عن يحيى القطان عن شعبة .وذكره ابن حبان في ثقات التابعين .تهذيب التهذيب ( ج - 2 ص - 251 ) .قال ابومخنف - حدثنى سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الازدى قال :جاء من عبيدالله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد :اما بعد فحل بين الحسين واصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقى الزكى المظلوم امير المؤمنين عثمان بن عثمان بن عفان ، قال :فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمس مأة فارس ، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين واصحابه وبين الماء ان يسقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث .قال :ونازله عبدالله بن أبي حصين الازدى وعداده في بجيلة فقال :يا حسين الا تنظر إلى الماء كانه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا .فقال الحسين :اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا .قال حميد بن مسلم :