الحمدانيون والتشيع: - شیعة فی المیزان نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی المیزان - نسخه متنی

محمد جواد مغنیة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


لقد أقسم مؤرخ زار حلب في عصر سيف الدولة أن قصور الخلفاء في بغداد، وقصور ملوك الروم في القسطنطينية كانت أقل بهاء من قصور سيف الدولة، وأن الفنون على تباين أنواعها كانمت مضطهدة في عاصمة المسيحية، ولكنها كانت تنعم بتسامح كبير في عاصمة الحمدانيين، وكان المصورون والمثالون من الروم يهربون من قيصر إلى سيف الدولة، فيستقبلهم، ويكرمهم ويشجعهم، ويستفيد من عبقرياتهم».وقال بروكلمن في «تاريخ الشعوب الاسلامية» ص 91 ج 2 : «ولئن كان سيف الدولة مديناً بما تم له من شهرة عريضة لنضاله الموفق ضد الروم في المحل الأول فليس من شك في أنه مدين بذلك في المحل الثاني لعطفه على الفنون والعلوم، ورعايته لها».وبالتالي، فإن مدينة حلب في عهد سيف الدولة جمعت أكابر رجال ذلك العصر على اختلاف بلدانهم وتباين ثقافتهم، كالفارابي والشريف أبي إبراهيم جد بني زهرة، وابن نباتة والمتنبي والصنوبري وابن خالويه وابن جني والبكتمري والنامي وكشاجم وابن أبي الفياض وأبي الفرج العجلي، وكثيرين غيرهم من القضاة والنحويين والأدباء والشعراء والفنانين العرب وغير العرب.

الحمدانيون والتشيع:

انتشر التشيع، وارتفع شأنه في الموصل وحلب، وما إليهما في عهد الحمدانيين، واشتد بهم أزر الشيعة في العراق، قال آدم متز في «الحضارة الإسلامية»: «وكان الحمدانيون أول أسرة تدخل في أمور بغداد».وقال الشيخ المظفر في «تاريخ الشيعة»:

«ارتفع شأن التشيع في سورية أيام سيف الدولة، وانتشق أهله الهواء الطلق بعد أن حبسه عنهم أرباب السلطات المتعاقبة. فكانت سورية أيام الحمدانيين مكتظة بالشيعة. وإذا دخلت المسجد الأموي الرفيع بناية، والمشيد عمارة، وتوسطته واقفاً تحت قبته، فارفع رأسك لتنظر اسم علي والحسن والحسين في باطن القبة، فأين اسم معاوية ويزيد وملوك آل مروان الذين رفعوا بناء ذلك المسجد؟!».وقال كرد علي في المجلد السادس من خطط الشام ص 258:

«كان أهل حلب سنة حنفية، حتى قدم الشريف أبو إبراهيم الممدوح - في عهد سيف الدولة - فصار فيها شيعة وشافعية، وأتى صلاح الدين، وخلفاؤه فيها على التشيع، كما أتى عليه في مصر، وكان المؤذن في جوامع الشهباء يؤذن بحي على خير العمل، وحاول السلجوقيون مرات القضاء على التشيع، فلم يوفقوا إلى ذلك، وكان حكم بني حمدان، وهم شيعة من جملة الأسباب الداعية إلى تأصل التشيع في الشمال، ولا يزال على حائط صحن المدفن الذي في سفح جبل جوشن بظاهر حلب ذكر الأئمة الاثني عشر، وقد خرب الآن.ووصف ابن جبير المذاهب المتغلبة على الشام في القرن السادس، فقال: «للشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنييّن بها، وقد عموا البلاد بمذاهبهم».وحين أراد صلاح الدين الأيوبي الاستيلاء على حلب، استنجد الوالي بأهلها، وطلب منهم العون، وأن يعبئوا أنفسهم تعبئة عامة، فاشترط عليه الشيعة إن أجابوه أن يعيد في الأذان حيّ على خير العمل في جميع المساجد، وينادي باسم الأئمة الاثني عشر أمام الجنائز، ويكبر على الميت خمس تكبيرات، ويفوض أمر

العقود والأنكحة لشيخ الشيعة أبي المكارم حمزة بن زهرة، فقبل الوالي ذلك كله.

إن الحمدانيين لم يكرهوا أحداً على التشيع، ولم يغروه بالمال والمناصب، ولم يؤلفوا الهيئات والمنظمات للدعاية، بل تركوا الناس يختارون لأنفسهم ما يشاؤون، ويعتقدون ما يريدون، فانبرى الدعاة المخلصون، وأعلنوا الحق، فآمن به من آمن، حيث لا ضغط ولا إكره، على عكس العباسيين والأمويين، وصلاح الدين.

لقد حمل الأيوبي معه إلى مصر وسورية تياراً هائلاً من التعصب الأعمى - وكل تعصب هو أعمى - كان له أسوأ الأثر في حياة المسلمين، وما زالوا يعانون منه، حتى اليوم أما الحمدانيون فقد كانوا أصحاء في عقولهم، كما كانوا على حق في دينهم، لذا تسامحوا، وتركوا للناس حرية القول والتفكير مما جعلهم ملجأ وملاذاً للعلماء والفلاسفة والأدباء ورجال الفكر من جميع الأديان والمذاهب، حتى أن رجال الفن من الروم كانوا يهربون من مليكهم قيصر إلى سيف الدولة، حيث يجدون عنده ما لم يجدوه في بلادهم وعند أبناء دينهم ولغتهم. من هنا ترك لنا عصر الحمدانيين هذه الآثار والكنوز.ولو افترض أن صلاح الدين الأيوبي كان على حق في تسننه، وأن الشيعة كانوا على ضلال في تشيعهم فأي مبرر له في قتلهم واستئصالهم؟ إن قوانين الدول المتحضرة تنص على أن لكل إنسان الحق في إعلان آرائه ومعتقداته، بل والترويج لها ما دام لا يتعدى على حق غيره. وهؤلاء المسلمون في كل مكان يعتقدون أن العين بالعين والسن بالسن، وقوانين دولتهم تنص على خلاف ذلك، ولكنها لا تعاقب أحداً منهم، ما دام لم يسمل عين أحد، أو يكسر سن أحد.

لقد أراد صلاح الدين الأيوبي، ومن على شاكلته أن يقضي على الشيعة والتشيع، ويأبى اللّه إلا أن يتم نور آل الرسول المنبثق عن نور اللّه بالذات.

/ 218