من اعماق الصلاة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من اعماق الصلاة - نسخه متنی

السید علی حسینی الخامنه ای

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



في هذه الجملة بالاستناد على عبودية محمد (ص) واستخدام كلمة (عبده) كثيراً، عوضاً عن (رسوله) كأنّما أريد التعريف بأهم فضيلة في الاسلام، وحقا إن الامر لكذلك، فانّ جميع الفضائل الانسانية تتلخص في عبادة الله الحقيقية والاخلاص لله، وكل من حاز في هذا المضمار على سهم أوفر من الجميع، فستكون كفته الانسانية أثقل ميزاناً من الجميع.

لا حاجة للاستدلال على هذا المعنى بالنسبة إلى الشخص العارف لمفهوم (عبادة الله)، فان كان معنى عبادة الله هو الخضوع أمام الحكمة والبصيرة والرحمة والاحسان والجمال اللامتناهي، الملازم للتحرر من عبادة النفس وعبودية الغير، فأيّ قيمة أسمى من هذه يمكن العثور عليها؟ أفليست جميع المساوئ والانحطاط والشقاوة والامور المذلّة وانعدام المروءة، وبشكل مختصر، جميع ما هو مظلم، وليد عبودية الانسان لجموح النفس أو جموح وطغيان المدّعين من البشر؟ أفليست عبادة الله تحرق جذور كلّ عبودية أخرى وتحطمها؟

إنّ النقطة الدقيقة الموجودة في هاتين الجملتين من التشهد هي التذكير بالتوحيد والنبوة ضمن شهادة من قبل المصلي بوحدانية الله وبرسالة محمد (ص) وعبوديته.

هذه الشهادة في الحقيقة عبارة عن قبوله بجميع الالتزامات المترتبة على هاتين العقيدتين، وكأنما المصلي بهاتين الشهادتين يريد أن يقول:

إنّي أعتنق جميع التكاليف التي تنشأ من قبل هاتين العقيدتين (التوحيد والنبوة)، ولا قيمة في الاسلام للعلم التافه الفارغ الذي لا يستتبع تعهداً، ولا للاعتقاد الذي لا يكون منتجاً، إنّ الشهادة على حقيقة بمنزلة الوقوف عليها وقبول جميع التعهدات والاعمال الناتجة

عن العلم بها، القبول الناتج من اعتقاد خالص وإيمان فعّال وموجب، فاذن تشهّد الصلاة في الحقيقة تجديد بيعة من المصلي مع الله ورسوله.

الجملة الثانية من التشهد هي طلب ودعاء، اللّهم صلّ على محمد وآل محمد -إنّ محمداً وآله الاطهرين (ص) هم العلامات البارزة لهذه العقيدة، وإنّ المصلّي يذكر هؤلاء العظام بلسان الدعاء، وبالصلاة عليهم ليعزز ارتباطه الروحي بهم.

إنّ أتباع كل رسالة إن لم يجعلوا نصب أعينهم قادة ذلك المذهب الحقيقين، فمن المحتمل جدّاً أن يضلّو الطريق، وإنّ إراءة العلامات الحقيقة هي التي عززت ثبات عقيدة الأنبياء على مرّ الزمان.

يذكر التاريخ كثيراً من المفكرين الذين ابتكروا خططاً ومناهج لتأمين حياة أفضل، توفر للانسان سعادته، ورسموا المدن الفاضلة وخلّفوا كتباً ومآثر لهم، ولكنّ الأنبياء بدل أن يدخلوا في بحوث فلسفية جسّدوا أطروحاتهم عملياً، وصنعوا من أنفسهم وأوائل المعتقدين بهم نماذج تحتذى، وبنوا على عواتقهم النظام المطلوب.

ولهذا بقي مذهب الأنبياء حيّا ولم يبق لمخططات

الفلاسفة والمفكرين سوى حبر على ورق.

إنّ المصلي يدعو من أعماق قلبه لمحمد وآله (ص)، وهم خلاصة تبلورات هذه العقيدة، يدعو للذين أفنوا عمرهم وعاشوا مجسدين لهذه العقيدة، وأظهروا للتاريخ إنسانا من الطراز الاسلامي، ويطلب من الله أن يصلي عليهم ويرحمهم، ويعمق ويوثق الاتصال الروحي بينه وبينهم، إذ بإمكانهم كجاذبة قوية جذبة نحو طريقهم والهدف الذي كانوا ينشدونه.

إنّ الصلاة على محمد وآل محمد (ص) هي المجسّدة للاشخاص المخلصين، والنخبة المسلمة. وبتجسيدها هذه الوجوه، وجعلها نصب الاعين، يتمكن المسلم دوماً من معرفة الطريق الذي يجب عليه قطعه ويتهيّأ لسلوكه.

سلام الصلاة

إنّ هذا السلام يشتمل على ثلاث تحيات( يمكن أن يقتصر على الثالثة فقط إذ أنّ الأوليين مستحبان) ، مع ذكر الله وذكر اسمه، فاذن تبدأ باسم الله وتختتم باسمه، وبين هذه البداية وهذه النهاية طريق حافل بذكر الله، إنّ ذكر النبي أو آله في جملة سيكون أيضاً مصحوباً بذكر الله، بصورة استمداد من لطفه ورحمته.

الجملة الأولى تحية من المصلّي للرسول (ص) وطلب الرحمة من الله لذلك العبد المجتبى:

السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته.

الرسول، مؤسس الاسلام، أي رأس الحركة والجهود التي يستعد المصلي الآن للعمل بها بنفسه، هو الذي صرخ بهتاف التوحيد، والذي قلب الدنيّا رنينه وأسس الحياة الافضل للانسان إلى الابد، هو الذي رسم الخطوط العريضة لوجه النموذج الاسلامي للانسان، والأمة التي يمكنها أن تكون معهداً لهذا الانسان، إنّ المصلي يعكس هذا الشعار في صلاته وتعاليمها الضمنية في حياته وفضاء زمانه، ويخطو خطوة خطوة نحو ذلك المجتمع الأفضل وتكوين ذلك الانسان النموذجي، فاذن ليس اعتباطاً ذكر رسوله وهاديه الذي جعله مرشده في هذا الطريق في نهاية الصلاة بتحية، فبهذا اللسان يعلن عن حضوره إلى جانبه وفي طريقه.

في الجملة الثانية يسلم المصلي على نفسه وعلى جميع سالكي مسلكه والعباد الصالحين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وبذلك يحيي ذكر عباد الله الصالحين في ذهنه ويجعل وجودهم وحضورهم مادة تبعث الإطمئنان في نفسه.

في الدنيا التي انتشرت فيها مظاهر العصيان، والقبائح

والدناءات والعداوة والظلم، وتقبل التلوث وعدم التطهر، وطوت كل شخص في المحيط الذي يتراءى فيه للانسان العاقل أن كل شيء ينذر بافلاس الانسانية وانهيارها، وان زبارجها في نظره ليست سوى ألوان ليس لها واقع وراء مظاهر الابتذال والترهات. أجل في العالم الذي لا يتمكن فيه مدّعو الحق والعدالة أن يتستروا على فضائح الانانيات وطلب الجاه، وحيث لا يمكن التعتيم على مكانة الحسين وعليّ والصادق (ع) بالصخب الخادع الذي يطلقه أمثال معاوية ويزيد والمنصور.

وبشكل مختصر، في العصر الذي يستولي فيه أعوان الشيطان على مناصب رجال الله الصالحين، هل يمكن ترجي إحسانهم وصلاحهم والنظر إليهم بعين الواقعية، وينتظر منهم ما ينتظر من رجال الله؟ أفهل يمكننا أن ننظر شيئاً سوى المعاصي والآثام والضلال وإماتة الحقّ بين البشر؟ علينا أن نعترف بأنّه لو أمكن ذلك فأنّه لا يمكن بسهولة.

إنّ السلام على عباد الله الصالحين يأتي في هذا الخضم ليبعث الدفء والطمأنينة في القلوب الحزينة المضطربة، وكأنّه ملاك يخبر في قلب الظلم بحضور النور والضياء، ويبشر المصلي بوجود الانصار والاصحاب، يقول له:

لست وحيداً، فانّ في قلب هذه الصحراء القاحلة توجد

براعم مثمرة ومتأصلة يمكن العثور عليها، كما أنّه في طول التاريخ كانت المجامع المنحرفة رحماً لميلاد الارادات القوية للرجال البارزين الذين كانوا في النهاية هم المخططين لعالم جديد وواضعي حجر الأساس لحياة جديدة. والآن أيضاً وطبقاً لسنة الله في التاريخ، فأنّ قوى النور تلك هي التي تخلق الاحسان في صورة جدّ وسعي في باطن هذه الدنيا المظلمة. أجل إنّ الصلحاء يعبدون الله بالشكل الذي يناسب عظمته ويمتثلون أوامر، ويقفون في صف واحد منتظم بوجه الطغاة.

من هم هؤلاء الصالحون؟ وأين هم؟ ألا يجب التعلم منهم والسير إلى جانبهم؟ فعندما يجعل المصلي نفسه في عدادهم، ويسلم عليهم وعلى نفسه في جملة واحدة (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) يسطع على قلبه نور من العزّة والافتخار والاطمئنان، ويسعى لان يكون حقّا في عدادهم، ويشعر بالخجل، إذا لم يستطع أن يسير إلى جانبهم، وهذا يملي عليه تعهداً وتكليفاً جديداً.

كيف هم العباد الصالحون؟ والصلاح في ماذا؟ فليس الصلاح فقط في الصلاة، الصلاح أن يتمكن الانسان من تحمل التكاليف الإلهية الثقيلة، ويعمل بالشكل الذي يكون فيه إطلاق (عبد الله) عليه مناسباً أو منسجماً، تماماً مثل

الطالب الممتاز في صفَّه.

وفي الختام يقول المصلّي في الجملة الثالثة مخاطباً هؤلاء العباد الصالحين، أو مخاطبا -الملائكة(وكأنّه بعنوان درس لتحصيل صفات الملائكة)-، أو مخاطباً المصلين:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبذلك يستذكر مرّة أخرى الصلاح والإستحقاق للصفات الملائكية أو الاتصال بباقي المصلين، يذكر المخاطبين الاعزاء بدعاء الخير وينهي صلاته.

والحمد لله ربّ العالمين

/ 7