((مشرك زمانه )) عبارة عن الاذعان والتصديق القلبي بالتّوحيد والنبوة الخاصة والحشر والنشر وصحة جميع ما جاء به النبي ّ (ص) من الاُمور الاعتقادية القلبية ، والتكاليف العملية الفرعية ، ومن لم يعتقد بذ لِك كلاّ ً اءم بعضا فهو كافر ، وه ذا الاعتقاد كيف صار هو الشّرك الّذي نزل فيه القراَّن ، وقاتل رسول اللّه النّاس عليه ؟ والشرك النّازل في القراَّن عَلى ما صرح به ه ذا القائل هو الشرك في العبادة ، ومشركو زمانه لا يعبدون غير اللّه نبيا كان اءو وليا ، ولا يسمّون ما يعملونه من الاستشفاع والتوسل بهم اعتقادا ، فهذه النسبة اليهم إ مّا صادرة (165) عن جهل القائل اءو إ غفال للسامعين . واءمّا اءخفّية شرك الا وّلين عن شرك المشركين في زمان القائل فكلام لا محصل له دعوى ً ودليلا. توضيح ذ لِك :اءمّا من حيث الدّعوى فلا ن ّ الشرك والكفر ليسا من قبيل السّواد والبياض ، فيكونا مشككا متفاوتا بالشدة والضّعف ، و إ لى ذ لِك يشار بقولهم :((الكفر ملة واحدة )) ولا ينافي ذ لِك قوله تعالى «أ شدّ كفرا»(166) فإ ن ّ الا شدّية (167) هناك من حيث ظهور الا ثار لا من حيث كونه مشككا ولو سلمنا كونه مشكّكا ، فكون الدّعوة في الرخاء فقط اءخف بالنسبة إ لى الدّعوة في الشدّة والرّخاء جميعا غير معلوم ، بل قولهم :((الضرورات تبيح المحذورات )) يجعل الدّعوة حال الشدة ملحقا بالعدم فيتساويان . وه ذا التسليم مماشاة منا مع الخصم في نسبة الدّعوة إ لى المشركين في زمانه ، وإ لاّ فنحن منكرون لكون عملهم دعوة لغير الحق مطلقا . وأ مّا عدم المحصل لدليله الّذي اءقامه عَلى اختصاص دعوة المشركين لغير اللّه بحال الرخاء دون الشدة بل إ نّهم في الشدّة يدعون اللّه فقط ، فلا ن ّ الا ية اءعني قوله تعالى :«وإ ذا مسّكم الضرُّ في البحر» إ لى قوله تعالى :« وكان الا نسان كفوراً»(168) فبيان لا مر جبلّي ّ للا نسان ، فإ نّه عند الرخاء يتصوّر له اءعوانا و اءنصارا من اءب واءم ّ وقريب وصديق إ لى غير ذ لِك يدعوهم لقضاء حوائجه ، وفي الضراء ووقت الاضطرار الّذي لا يجد ممن ذكر اءحدا يقدر عَلى كشف كربته ، فلابدّ له من دعوة اللّه تعالى ، وقد صح ّ عن المعصوم :اءن ّ الّذي تنكسر به السفينة في البحر ولا يرى من ينجيه يرى في نفسه وجود من هو قادر عَلى نجاته ؛ وهو اللّه تعالى (169) ، فيكون محصّل معنى الا ية اءن ّ الانسان ـ لكونه كفورا عند الاضطرار ـ يتوجّه إ لى اللّه تعالى دون غيره ، وبعد حصول النجاة له عن الضرر والاضطراب نسي تلك الحالة ، ورجع إ لى الغفلة المعبرّ عنها بالا عراض عن اللّه ؛ فإ ن ّ الغفلة عن اللّه مثل الا عراض عنه تعالى في كونه غير متوجّه إ ليه . وبما ذكرنا ظهر اءن ّ نسيان ما يدعونه المشركون المشار إ ليه بقوله تعالى :«وتنسون ما تشركون »(170) ليس اءمرا اختياريا لهم ، بل الضرورة تدعوهم إ لى دعوته تعالى فقط ، ولازم ذ لِك نسيان ما يدعونه ، فيكون التوجّه منحصرا في التوجه إ ليه تعالى دون غيره بغير التفات واختيار؛ لاقتضاء الجبلّة ، فلا يحمدون بذ لِك ، كما اءن ّ دعوة الغريق للّه تعالى فقط اءمر مجبول بغير اختياره ، فلا يمدح عليه . لا يقال :كيف يدعو بغير اختيار مع كونه عاقلا مختارا؟ لا نا نقول :إ ن ّ الا مر المجبول عليه حاكم عَلى الاختيار ، بمعنى اءنّه يحصل من غير المختار؛ فان ّ امتصاص المولود اءوّل ولادته لما يتغذّى به من حلمة الثدي ليس باختيار منه والتفات لكونه بحكم الجماد ، ومع كون المص ّ منسوبا إ ليه . والحاصل اءن ّ ترك دعوة المشركين زمن النبي ّ (ص) لدعوة غير اللّه ليس باختيارهم ، فلا يحمدون عليه ،بل لنا اءن نقول :إ نّهم في الرّخاء يدعون غير اللّه دائماً ولا يدعون اللّه في الرّخاء اءبدا حتى يصدق اءنّهم يدعون مع اللّه اءحدا. واءما قوله تعالى :«وإ ذا مس ّ الا نسان َ ضرُّ»(171) الا ية فهي نازلة في عتبة بن ربيعة اءو غيره ؛ حيث تركوا عبادة الا صنام عند الابتلاء ببليّة ، فلمّا رُفِعت َ عطاءً من اللّه رجعوا إ لى ماكانوا فيه من عبادة الاصنام واشتغلوا بالا ضلال الّذي كانوا عليه ، وإ ن فرضناها عامّة فسبيلها سبيل الا يات السّابقة في كون ذ لِك ممّا عليه الجبلّة . واءما الاستدلال بقوله تعالى «واذا غشيهم موج كالظُّلل » الخ فإ غفال عن المطلب ، بإ سقاط الا ية المقدمة عليها ، وإ سقاط الذيل منها ، وتمام الا ية بنفسها تدل على عدم اءرتباطها بمطلوبه المستدل ّ له بالا ية وهي هكذا :«أ لم تر اءن ّ الفُلْك َ تجري في البَحْرِ بنعمة ِ اللّه ِ ليُرِيَكُم ْ مِن ْ اَّياته إ ن ّ في ذ لِك لا يات لكل ّ صبّارٍ شَكُور وإ ذا غَشِيَهُم ْ مَوْج ٌ كالظّلل ِ دَعَوُا اللّه َ مُخْلِصِيْن َ لَه ُ الدِّين َ فلمّا نَجّاهُم ْ إ لى البَرِّ فَمِنْهُم مُقْتَصدٌ ومَا يَجْحَدُ باَّياتِنا إ لاّ كل ُّ خَتّارٍ كفورٍ»(172) فإ نّهما كما ترى لا ربط لهما بدعوة المشركين للّه في الشّدّة واختصاص ذ لِك بهم ، بل بيان لحال نوع البشر الراكب في الفلك عند الابتلاء بهيجان البحر وتهاجم الا مواج الموجبة لانكسار السفينة ، وحصول الغرق لمن فيها ، فبإ سقاط الا ية الاُولى وذيل الثانية اَوْهَم َ ارتباط ذ لِك بمطلوبه ، إ غفالا للناظرين . وعلى ه ذا فقوله :((فمن فهم هذه المساءلة )) إ لى قوله ((تبيّن له الفرق بين شرك اءهل زماننا وشرك الا وّلين )) كلام لا محصل له ، بل يوجب الحيرة والوله ، كما اءن ّ مقالاته في الا مر الثاني موجبة (173) لذ لك اءيضا ، بل اءنّها لا تصدر(174) من وقيح اءبْلَه ؛ فإ ن ّ قوله :((الا مر الثاني اءن الا وّلين يدعون مع اللّه اُناسا مقربين عند اللّه ؛ إ مّا نبيا اءو وليّا ،وإ مّا ملائكة اءو يدعون اءحجارا واءخشابا واءشجارا مطيعة للّه وليست بعاصية ، واءهل زماننا يدعون مع اللّه اُناسا من اءفسق النّاس ، والذين يدعونهم هم الّذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة ، وترك الصلاة وغير ذ لِك ، والّذي يعتقد في الصّالح والّذي لا يعصي مثل الخشبة والحجر اءهون ممّن يعتقد ويشاهد فسقه و فساده ويشهد به )) انتهى . اءقول :ليت شعري من المشركون ـ في زمان ه ذا القائل ـ الذين يدعون اءناسا من اءفسق النّاس ؟ والكلام من اءوّل المقال إ لى هنا متوجها إ لى المستشفعين بالا نبياء والا ولياء:المقرّبين إ لى اللّه والموجهين عنده تعالى و إ لى قبورهم :والحاصل اءنّا لم نعرف ، بل لم نعهد من يدعو مع اللّه اُناسا هم اءفسق النّاس عَلى نحو دعوة المشركين للصّلحاء ، وما لا يعصى اللّه ، وعلى من يعرفهم بيان اءشخاصهم ومقرّهم واءوطانهم ، بل حالهم ومسلكهم ؛ لنعرفهم ونقول فيهم ما يستحقون !!. وبالجملة ه ذا الكلام إ مّا افتراء وتهمة ، اءو خروج عن البحث تجاهلا اءو بغفلة ؛ لا ن ّ دعوة النّاس للفساق في حوائجهم ـ مثل سلاطين الجور واءتباعهم اءو الا عمى يستغيث بكل ّ من سمع صوت رجله ، فيقول :يا رجلا خذ بيدي ، من دون مبالاة باءوصاف المستغاث [به ] من حيث الكفر والا يمان والفسق والعدالة ـ ليست تلك الدّعوة المبحوث عنها الموجبة لكون الداعي بها مشركا باللّه تعالى ، مع اءنّه لا مناسبة بين الا مرين حتّى يلاحظ ما هو اءقّل فسادا واءهون قبحا منهما.مخادعتك المنحوسة باللّه باطله ْمخالبك المنكوسة بالحق ّ عاطله وبينَك والحق ّ الّذي مسلك ُ الهُدى جبال ُ عنادٍ واللجاجة حائله اءراك بسكرِ الموت ِ من اءلم الا سى عليك جنود الهم ِّ والغم ِّ هاطله (175) [الفرق بين كفّار زمان النبّي (ص) وزماننا] ثم قال القائل :((فإ ذا تحقّقت اءن ّ الذين قاتلهم رسول اللّه (ص) اءصح ّ عقولا من ه ؤ لاء فاعلم اءن ّ له ؤ لاء شبهة يوردونها عَلى ماذكرنا وهي من اءعظم شبههم فاءصغ ِ سمعك لجوابها ، وهي اءنّهم يقولون :إ ن ّ الذين نزل فيهم القراَّن لا يشهدون اءن لا إ له إ لاّ اللّه ، ويكذبون رسول اللّه (ص) ، وينكرون البعث ، ويكذبون القراَّن ، ويجعلونه سحرا ، ونحن نشهد اءن لا إ له إ لاّ اللّه ، واءن ّ محمّدا (ص) رسول اللّه ، ونصدق القراَّن ، ونؤ من بالبعث ، ونصلّي ونصوم ، فكيف يجعلوننا مثل اُولئك ؟ فالجواب اءن ْ لا خلاف بين العلماء كلّهم اءن ّ الرجّل إ ذا صدّق رسول اللّه (ص) في شي ء وكذّبه في شي ء اءنّه كافر لم يدخل في الا سلام ، وكذ لِك إ ذا اَّمن ببعض القراَّن وجحد بعضه كمن اءقرّ بالتّوحيد وجحد وجوب الصّلاة ، اءو اءقرّ بالتّوحيد والصلاة وجحد وجوب الزّكاة ، اءو اءقرّ به ذا كلّه وجحد وجوب الصوم ، اءو اءقرّ بهذا كلّه وجحد الحج ّ ، ولمّا لم يعتقد اُناس في زمن رسول اللّه (ص) بالحج (176) اءنزل تعالى فيهم :« وللّه ِ عَلى النّاس حج ُّ البيت ِ من استطاع َ إ ليه سَبيلاً وَمَن ْ كَفَرَ فإ ن ّ اللّه َ غني ّ عن العالمين »(177) ومن اءقرّ به ذا كلّه وجحد البعث كفر بالا جماع ، وحل ّ دمه وماله كما قال اللّه تعالى :«إ ن ّ الذين َ يكفرون َ باللّه ِ وَرُسُلِه ِ ويريدون اءن يُفَرّقُوا بَيْن َ اللّه ِ وَرُسُلِه ِ وَيَقُوْلُوْن َ نُؤ ْمِن ُ بِبَعض ٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْض ٍ ويريدون اءن يَتّخذُوا بَيْن َ ذ لِك سبيلا اُولئك هُم ُ الكافِرون حقّا»(178) فإ ذا كان اللّه قد صرح في كتابه اءن ّ من اَّمن ببعض وكفر ببعض فهو كافر حقّا؛ زالت هذه الشبهة ، وهذه هي الّتي ذكرها بعض اءهل الا حساء في كتابه الّذي اُرسل إ لينا)) انتهى . وخلاصة جوابه عن الشبهة المذكورة بعد تطويل الكلام بما ترى من كفر من اءنكر ضروريات الدين اءن ّ ه ؤ لاء منكرون للتوحيد الّذي هو اءعظم من سائر ما يتحقق به الكفر. اءقول :وه ذا الجواب يرجع إ لى ما اءثبته إ لى هنا من اءن ّ المستشفعين بالا نبياء والا ولياء يدعون مع اللّه اءحدا؛ وهو إ نكار التّوحيد وإ نكار التوحيد هو الشرك الّذي في كتاب اللّه ، فقول المعترض باءنّا نشهد اءن لا إ له إ لا اللّه ، كذب واعتراف صوري ّ بالتّوحيد ، ولا نصيب له من التّوحيد شي ء. وأ نت خبير باءن ّ ما يذكره من نسبة إ نكار التّوحيد إ لى مشركي زمانه مع قولهم وشهادتهم باءنّه لا إ له إ لاّ اللّه ليس باءولى من اءن يقال :إ ن ّ مقالة المشركين في زمن رسول اللّه (ص) باءن ّ ه ؤ لاء شفعاؤ نا عند اللّه كذب وإ ثبات الشريك للّه تعالى ذاتا في العبادة ، وقد استدللنا عَلى إ نكارهم التّوحيد بقولهم :«اءجعل الا لهة إ لها واحدا»(179) إ لى غير ذ لِك فراجع إ لى ما قدّمنا لك . ولنا اءن نقول :اءنتم الوهّابية من الذين قال اللّه تعالى فيهم :«اءَفَتُؤ ْمنون ببعض ِ الكتاب ِ وَتَكْفُرون بِبَعْض ٍ»(180) حيث إ نكم تؤ منون باءن ّ التّوحيد اءن لا يدعو مع اللّه اءحدا ، وتكفرون بشفاعة الصّالحين من الا نبياء والا ولياء ، وتقولون إ ن ّ دعوتهم دعوة غير اللّه ، وقد جعل اللّه تعالى للمجرمين شفعاء ، واءعطى للنبي ّ (ص) الشّفاعة ، ومعنى إ عطائه الشّفاعة اءن ّ المستشفعين يلزمهم التماس الشّفاعة لهم عند اللّه ، فلابد لهم من دعوة غير اللّه للشفاعة عند اللّه ، واءنتم منكرون لذ لِك فمؤ منون ببعض وكافرون ببعض ، مع اءن ّ قوله تعالى :«ومن يطع اللّه والرسول فاُولئك مع » إ لى قوله تعالى :«النّبِيِّيْن َ والصّدّيقين َ والشّهداءِ والصّالحين وحسُن اُولئك رفيقا»(181) بشارة لهم بالكون مع النّبييّن في الجنة ، ولا شك اءن ّ اءهل العرف والعقلاء معترفون باءن ّ المؤ من الغير المخالف لا حكام اللّه من الصلاة والحج ّ والزكاة وغير ذ لِك المستشفع بالنبي ّ (ص) واءوصيائه :، أ ولياء اللّه ، ومحسوبون في المطيعين للّه والرّسول (ص) ولا يصدق عليهم العاصي للّه والرسول (ص) فيلزم كونهم مع النبيّين والشهداء والصّالحين ، ولو كان الاستشفاع الصادر منه بالنسبة إ لى النبي ّ والولي شركا لما كان مع النبيّين مع كونه مطيعا للّه والرّسول (ص) بحكم العرف والعقلاء ، وه ذا تكذيب لكلام اللّه تعالى . وإ ن شئت قلت :كما اءن ّ العلماء متّفقون عَلى كفر من اءنكر شيئا من المذكورات ، وجحدها ، كذ لِك العلماء والعقلاء متفقون عَلى اءن ّ من اعتقد في قلبه وحدة اللّه تعالى ذاتا ووصفا وفعلا وعبادة لا يكفر بطلب الشّفاعة من الا نبياء والا ولياء ، مع كونهم وجهاء(182) عند اللّه وماءذونين في الشّفاعة للمسيئين والمجرمين ، ولا يحسبه العقلاء والعلماء ممّن يدعو مع اللّه اءحدا ، ونسبة ذ لِك إ لى ه ذا الشخص افتراء وإ نكار لبعض الكتاب الجاعل لمن اءطاع اللّه ورسوله مع النبيّين والصديقين ، ولو كان الشخص من المشركين لم يكن مع النبيّين والصّدّيقين الخ ، وذ لِك واضح لمن تبصّر واستخبر. وممّا ذكرنا في فساد ه ذا الجواب يظهر لك ما في قول ه ذا القائل ما ه ذا لفظه :((ويقال اءيضا إ ذا كنت تقرّ اءن من صدّق الرسول (ص) في كل ّ شي ء وجحد وجوب الصلاة فهو كافر حلال الدم والمال بالا جماع ، وكذ لِك إ ذا اءقرّ بكل ّ شي ء إ لاّ البعث ، وكذ لِك لو جحد وجوب صوم رمضان وكذب بذ لِك لا يجحد ه ذا ، ولا تختلف المذاهب فيه وقد نطق به القراَّن كما قدمنا ، فمعلوم اءن ّ التّوحيد هو اءعظم فريضة جاء بهاالنبي ّ (ص) وهو اءعظم من الصلاة والصّوم والحج فكيف إ ذا جحد الا نسان شيئا من هذه الاُمور كفر ولو عمل بكل ّ ما جاء به الرسول (ص) ، وإ ذا جحد التّوحيد الّذي هو دين الرسّل كلهم لا يكفر ، سبحان اللّه ما اءعظم ه ذا الجهل !)) انتهى . وحاصل مقاله ـ بعد انحلاله ـ اءن ّ إ نكار التّوحيد اءعظم من إ نكار غيره ممّا يوجب الكفر ودعوة غير اللّه معه إ نكار للتوحيد ، وه ذا هو عمل مشركي زماننا. اءقول :سبحان اللّه ما اءعظم ه ذا الجهل اءو التجاهل الّذي يتعمده ه ذا القائل في جعل الاستشفاع بالا نبياء والا ولياء دعوة لغير الحق ّ ، ووضوح كون ذ لِك دليلا على كمال التّوحيد كالنّار عَلى المنار ، بل كالشمس في رابعة النهار ، وقد سبق منّا بيانه فلا نعيد ما بان إ علانه . يا اءيّها المجادل ُ ما قلتَه ُ افتراءْدَع ْ هذه الخديعة َ فإ نّها هباء لا خير في مرام ٍ تطلبه بجدٍكبيت عنكبوت يفسده الهواء.[في قتال أ صحاب النبي (ص) لبني حنيفة ] ثم قال القائل :((ويقال اءيضا ه ؤ لاء اءصحاب رسول اللّه (ص) قاتلوا بني حنيفة وقد شهدوا مع النبي ّ (ص) اءن لا إ له إ لاّ اللّه واءن ّ محمّدا رسول اللّه (ص) ويصلون ويؤ ذنون ؛ فإ ن قال :إ نّهم يقولون إ ن ّ مسيلمة نبي ّ قلنا :ه ذا هو المطلوب إ ذا كان من رفع مرتبة رجل في مرتبة النبي ّ (ص) كفر وحل ّ دمه وماله ولم تنفعه الشهادتان ، فكيف بمن رفع شمسان اءو يوسف اءو صحابيّا اءو نبيا في مرتبة جبّار السماوات والا رض سبحان اللّه ما اءعظم شاءنه :«كَذ لِك يَطْبَع ُ اللّه ُ عَلى قُلُوب ِ الّذيْن َ لا يعلمون »(183) انتهى . وخلاصة كلامه اءن إ علاء مرتبة غير المستحق لمرتبة ٍ كفرٌ ، فكما اءن ّ جعل مسيلمة نبيا في مقابل النبي ّ (ص) كفر ، فكذ لِك جعل الا لهة مع اللّه ، ودعوة غير اللّه تعالى كفر بطريق اءولى وه ذا عمل المشركين في زماننا و فعالهم . اءقول :ه ذا الكلام من المتكلّم به دليل عَلى كمال حمقه وسفهه ، وكونه مكابرا مفسدا ، وأ مّا دلالته عَلى الحمق والسّفه فلا ن من قال بنبوة مسيلمة الكذاب فقد كذب رسول اللّه (ص) ومن كذبه كذب اللّه تعالى ، والصلاة والشهادتين والا ذان لا اءثر لها لغير المصدّق للّه ورسوله . توضيح ذ لِك :اءن ّ القول بنبوة مسيلمة إ نكار لكون رسول اللّه (ص) خاتم النّبيين ، وتكذيب لقول اللّه تعالى :« محمّد رَسُول ُ اللّه ِ»(184) و :« وخاتم النّبييّن »(185) ولقوله (ص) :((لا نبي ّ بعدي )) و ((حلال محمّد (ص) حلال إ لى يوم القيامة وحرامه حرام إ لى يوم القيامة )) فمقالة اءصحاب رسول اللّه (ص) لهم ليس لرفعهم مرتبة مسيلمة مرتبة النبي ّ (ص) ، بل لتكذيبهم اللّه ورسوله ، وليس في فعل المستشفعين بالا نبياء والا ولياء تكذيب للّه ورسوله اءو رفع مرتبة اءحدٍ إ لى مرتبة جبّار السماوات والا رض . واءما دلالته عَلى المكر والفساد فلا ن ّ الاستشهاد بمقالة اءصحاب رسول اللّه (ص) لبني حنيفة اءتباع مسيلمة يقصد به تهييج اءتباع عبد الوهاب عَلى سفك الدّماء ونهب اءموال المسلمين بعنوان الكفر المحلّل للدّم ، وه ذا مكر يوجب الفساد في الا رض ، وقد عيّن اللّه جزاءه في كتابه الكريم بقوله تعالى :«إ نما جزاء الّذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الا رض فسادا ان يقتّلوااءو يصلّبوا اءو تقطّع اءيديهم واءرجلهم من خلاف اءو يُنفوا من الا رض ذ لِك لهم خزي ٌ في الدنيا ولهم في الا خرة عذاب ٌ عظيم »(186) الا ية نعوذ باللّه من شرّ النّاس التّابعين للخناس الّذي يوسوس في صدور النّاس ، وهو الوسواس الّذي اءمر اللّه تعالى نبيّه الا كرم (ص) بالاستعاذة من شرّه في اَّخر سورة من كتابه تعالى ، وقد علّمنا بالعقل والنقل الصحيح اءن ّ للباطل جولة وللحق صولة ودولة :«واللّه ُ يَهدي مَن ْ يَشاءُ إ لى صِراط مُستقيم ٍ» وهو تعالى يعلم من طبع قلبه ويعلم المهتدي العليم من الضال ّ الرّجيم . ثم قال القائل :((ويقال اءيضا الّذين حرّقهم علي بن اءبي طالب بالنار كلّهم يدّعون الاسلام ، وهم من اءصحاب علي عليه السلام ، وتعلموا العلم من الصّحابة ، ولكن لمّا اعتقدوا في علي عليه السلام الاعتقاد بيوسف وشمسان وأ مثالهما ، فكيف اءجمع الصحابة عَلى قتلهم وكفرهم ؟ اءتظنون الصّحابة يكفّرون المسلمين اءم تظنون اءن ّ الاعتقاد في تاج واءمثاله لا يضرّ والاعتقاد في علي بن اءبي طالب عليه السلام يكفّر؟)) انتهى . وخلاصة مقال ه ذا السفيه التمويه بما لا يغتر به العاقل النبيه ؛ فان ّ كلمة الغلاة واءفعالهم شرك صريح وهي تسمية علي عليه السلام إ ل ها ودعوتهم اءحدا مع اللّه وحرقهم وقتلم وظيفة للصحابة وجميع المسلمين ، ودعواهم الفاسدة (187) مع تكذيبهم لولي اللّه الّذي هو تكذيب للّه ورسوله غير مفيد جزما؛ فإ ن ّ عليا عليه السلام نهاهم عن هذه المقالة فما نفعهم كلامه عليه السلام ، فقياس المستشفعين بالا نبياء والا ولياء عَلى الغلاة قياس مع الفارق وتمويه غير لائق .فعل الصحابة لَتكفيرٌ بموقِعِه ِوَضع ٌ لا هل الحق للحق ّ بموضعه (188) ليس القياس لا عمى بالبصيرِ سوى إ بطال حق ّ يبين جهل موقعه