جامع السعادات جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

جامع السعادات - جلد 1

محمد مهدی النراقی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



فصل


ما ينبغي للفقير


ينبغي للفقير الا يكون كارها للفقر من حيث انه فعل الله و من حيث انه فقر، بل يكون
راضيا به طالبا له فرحانا به لعلمه بغوائل الغنى، و ان يكون متوكلا في باطنه على
الله، واثقا به في اتيان قدر ضرورته، و يكون قانعا به، كارها للزيادة عليه، منقطع
الطمع عن الخلق، غير ملتفت الى ما في ايديهم، و غير حريص على اكتساب المال كيف
كان، و ان يكون صابرا شاكرا على فقره، قال امير المؤمنين عليه السلام: «ان الله
عقوبات بالفقر، و مثوبات بالفقر، فمن علامات الفقر اذا كان مثوبة ان يحسن
عليه خلقه، و يطيع به ربه، و لا يشكو حاله، و يشكر الله تعالى على فقره و من علاماته
اذا كان عقوبة ان يسوء عليه خلقه، و يعصى ربه بترك طاعته و يكثر الشكاية، و يتسخط
بالقضاء» ، و هذا يدل على ان كل فقير ليس مثابا على فقره، بل من يرضى بفقره، و يفرح به،
و يقنع بالكفاف، و يقصر الامل، و ان لم يرض به و تشوف الى الكثرة و طول الامل، و
فاته عز القناعة، و تدنس بذل الحرص و الطمع، و جره الحرص و الطمع الى مساوى
الاخلاق، و ارتكاب المنكرات الخارقة للمروات حبط اجره و كان آثما قلبه.

و ينبغي ان يظهر التعفف و يستر الفقر و يستر، انه يستر و الا يخالط الاغنياء، و لا
يرغب في مجالستهم، و لا يتواضع لهم لاجل غناهم بل يتكبر عليهم.

قال امير المؤمنين عليه السلام: «ما احسن تواضع الغني للفقير رغبة في ثواب الله،
و احسن منه تيه الفقير على الغني ثقة بالله » ، و الا يسكت عن ذكر الحق مداهنة للاغنياء،
و طمعا بما في ايديهم، و لا يفتر بسبب فقره عن عبادة الله، و يبذل قليل ما يفضل عنه،
فان ذلك جهد المقل، و فضله اكثر من اموال كثيرة يبذلها الغني، قال رسول الله
صلى الله عليه و آله: «درهم من الصدقة افضل عند الله من مائة الف دينار» ، قيل و كيف
ذلك يا رسول الله؟ قال: «اخرج رجل من عرض ماله مائة الف دينار يتصدق بها، و اخرج
رجل درهما من درهمين لا يملك غيرهما طيبة به نفسه فصار صاحب الدرهم افضل من
صاحب مائة الف دينار»

و ينبغي الا يدخر ازيد من قدر الحاجة، فان لم يدخر اكثر من قوت يومه و ليلته فهو
من الصديقين، و ان لم يدخر اكثر من قوت اربعين يوما كان من المتقين، و ان لم
يدخر اكثر من قوت سنة-و هو الفضل المشترك بين الفقر و الغنى-كان من الصالحين، و
لو زاد عليه خرج عن زمرة الفقراء.

فصل


وظيفة الفقراء


ما يعطى الفقير بغير سؤاله: ان كان (حراما او شبهة) وجب عليه رده و الاجتناب عنه،
و ان كان (حلالا) ، فان كان (هدية) استحب قبوله تاسيا برسول الله صلى الله عليه و
آله ان لم تكن فيه منة، و لو كانت فيه منة فالاولى تركه. و كان بعضهم اذا
اعطاه صديقه شيئا يقول له اتركه عندك، و انظر ان كنت انا بعد قبوله في قلبك افضل منى
قبل القبول فاخبرني حتى آخذه و الا فلا، و علامة ذلك ان يشق على المعطى رده، و يفرح
بالقبول، و يرى المنة على نفسه في قبوله، و ان كان (صدقة او زكاة) او غير ذلك مما
يكون للثواب المحض، فينبغي ان ينظر في استحقاقه لذلك، فان كان من اهله قبله و
الا رده، و ان كان المعطى اعطاه لوصف يعلمه فيه كعلم او ورع او كونه علويا، و لو
لم يكن له هذا الاختصاص لنفر طبعه، و لما تقرب الى الله باعطائه، و لم يكن هو
باطنا كذلك فاخذه حرام، و ان لم يكن هدية و لا صدقة بل اعطاه للشهرة و الرياء و
السمعة فينبغي ان يرد عليه و لا يقبله، و الا كان معينا له على غرضه الفاسد، و الاعانة
على الاثم اثم.

فصل


موارد قبول العطاء وردها


ما يعطى الفقير ان كان محتاجا اليه و لم يكن ازيد من حاجته فالافضل له
الاخذ اذا سلم من الآفات المذكورة، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ما
المعطى من سعة باعظم اجرا من الآخذ اذا كان محتاجا» ، و قال صلى الله عليه و آله:
«من اتاه شى ء من هذا المال من غير مسالة و لا استشراف فانما هو رزق ساقه الله
اليه فلا يرده » ، و ان كان زائدا على قدر حاجته فليرد الزائد ان كان طالبا طريق
الآخرة، اذ الزيادة على قدر الحاجة انما ياتيك ابتلاء و فتنة لينظر الله اليك
ماذا تعمل فيه، و قدر الحاجة ياتيك رفقا بك، فانت فى اخذ قدر الحاجة مثاب، و
فيما زاد عليه اما عاص او متعرض للحساب، قال رسول الله -صلى الله عليه و آله-: «لا
حق لابن آدم الا في ثلاث: طعام يقيم صلبه، و ثوب يوارى عورته، و بيت يسكنه، فما
زاد فهو حساب » ، فلا ينبغي لطالب السعادة ان ياخذ الازيد من قدر الحاجة، اذ
النفس اذا رخصت في نقض العزم و العهد الفت به، و ردها بعد الالف و العادة مشكل.

و الحاصل ان اخذ قدر الحاجة راجع لكونه مما لا بد منه، و ايجابه ثواب المعطى، و
لذلك لما امر موسى بن عمران عليه السلام بان يفطر عند بنى اسرائيل قال: الهي ما
بالى فرقت رزقي على ايدي بني اسرائيل يغديني هذا يوما و يعشيني هذا ليلة، فاوحى الله
اليه: «هكذا اصنع باوليائى اجرى ارزاقهم على ايدى البطالين من عبادى ليؤجروا
فيهم » . فلا ينبغي ان يرى المعطى الا من حيث انه مسخر ماجور. و اما اخذ الزيادة
على قدر الحاجة فليس مما ينبغي، من كان حاله التكفل بامور الفقراء و الانفاق عليهم،
لما في طبعه من البذل و السخاء، و الرفق و العطاء، فيجوز له اخذ الزيادة
ليبذلها على المستحقين، و لكن يلزم ان يبادر الى الصرف اليهم و لا ينبغي ان
يدخر، اذ في امساكه و لو في يوم واحد او ليلة واحدة فتنة و اختبار، فربما مالت
النفس الى الامساك و يصير و بالا عليها، و قد نقل ان جماعة تصدوا لخدمه الفقراء و
التكفل لاحوالهم فخدعتهم النفس الامارة باعانة الشيطان فاتخذوها وسيلة الى
التوسع في المال، و التنعم في المطعم و المشرب، و انجر امرهم الى الهلاك.

فصل


لا يجوز السؤال من غير حاجة


ينبغي للمؤمن الا يسال الناس من غير حاجة اضطر اليها، بل يستعف عن السؤال ما
استطاع، لانه فقر معجل، و حساب طويل يوم القيامة و الاصل فيه التحريم لتضمنه
الشكوى من الله، و اذلال السائل نفسه عند غير الله، و ايذاء المسؤل غالبا، اذ
ربما لم تسمح نفسه بالبذل عن طيب القلب، و بعد السؤال الجاه الحياء او الرياء
اليه، و معلوم ان الاعطاء استحياء او رياء لئلا ينقص جاهه عند الناس بنسبتهم اياه
الى البخل لا يكون له حلية شرعا.

و لتضمنه هذه المفاسد ورد في الشريعة المنع منه، قال رسول الله -صلى الله عليه و آله-:
«مسالة الناس من الفواحش » ، و قال صلى الله عليه و آله: «من سال عن ظهر غنى فانما
يستكثر من جمر جهنم، و من سال و له ما يغنيه جاء يوم القيامة و وجهه عظم يتقعقع ليس
عليه لحم » و قال صلى الله عليه و آله: «من سال الناس و عنده قوت ثلاثة ايام لقى الله
يوم يلقاه و ليس على وجهه لحم » (55) و قال-صلى الله عليه و آله-:

«ما من عبد فتح على نفسه بابا من المسالة الا فتح الله عليه سبعين بابا من
الفقر» . و قال: «ان المسالة لا تحل الا لفقر مدقع او غرم مفظع »

و قال: «السؤال عن ظهر غنى صداع في الراس، و داء في البطن » .

و قال: «من سال الناس اموالهم تكثرا فانما هي جمرة فليستقل منه او ليستكثر» .

و روى: «انه جاءت فخذ من الانصار الى رسول الله-صلى الله عليه و آله و
سلم-فسلموا عليه فرد عليهم السلام، فقالوا يا رسول الله ان لنا اليك حاجة
فقال: (هاتوا حاجتكم) فقالوا انها حاجة عظيمة فقال:

(هاتوها ما هي) قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة، فنكس راسه، ثم نكت (56)

في الارض، ثم رفع راسه فقال: (افعل ذلك بكم على الا تسالوا احدا شيئا) ، فكان
الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه، فيكره ان يقول لانسان ناولنيه فرارا من
المسالة و ينزل فياخذه، و يكون على المائدة و يكون بعض الجلساء اقرب الى الماء منه
فلا يقول ناولنى حتى يقوم فيشرب » (57) و بايع صلى الله عليه و آله قوما على الاسلام
فاشترط عليهم السمع و الطاعة، ثم قال لهم خفية: «لا تسالوا الناس شيئا» ، فكان بعد
ذلك تقع المحفرة من يد احدهم فينزل لها و لا يقول لاحد ناولنيها. و كان صلى الله
عليه و آله يامر غالبا بالتعفف عن السؤال، و يقول: «من سالنا اعطيناه، و من
استغنى اغناه الله، و من لم يسالنا فهو احب الينا» و قال:

«و ما قل من السؤال فهو خير» قالوا: و منك يا رسول الله؟ قال:

«و منى » : «لو ان احدكم اخذ حبلا فياتى بحزمة حطب على ظهره فيبيعها و يكف بها
وجهه، خير من ان يسال » .

و قال سيد الساجدين عليه السلام: «ضمنت على ربى انه لا يسال احد احدا من غير حاجة
الا اضطرته المسالة يوما الى ان يسال من حاجة »

و نظر عليه السلام بوم عرفة الى رجال و نساء يسالون، فقال «هؤلاء شرار خلق الله،
الناس مقبلون على الله و هم مقبلون على الناس » . و قال الباقر عليه السلام: «اقسم
بالله و هو حق ما فتح رجل على نفسه باب مسالة الا فتح الله عليه باب فقر» ، و قال
الصادق عليه السلام: «طلب الحوائج الى الناس استلاب (58) للعز و مذهبة للحياء، و
الياس مما في ايدى الناس عز للمؤمن في دينه، و الطمع هو الفقر الحاضر» . و قال
الصادق عليه السلام: «لو يعلم السائل ما عليه من الوزر ما سال احد احدا، و لو
يعلم المسؤل ما عليه اذا منع ما منع احد احدا» . و قال: «من سال من غير حاجة فكانما
ياكل الجمر» .

ثم المنع و التحريم انما هو في السؤال بدون الاضطرار، و اما مع الحاجة و
الاضطرار فلا ريب في جوازه، و قد وردت به الرخصة، قال الله سبحانه:

«و اما السائل فلا تنهر» (59) .

و قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «لا تردوا السائل و لو بشق تمرة »

و قال صلى الله عليه و آله: «لو لا ان السائل يكذب ما قدس من ورده » و قال صلى الله عليه
و آله: «للسائل حق و ان جاء على الفرس » و قال صلى الله عليه و آله: «لا تردوا السائل و
لو بظلف محترق » (60) . و لو كان السؤال مطلقا حراما لما اجاز الله و رسوله اعانة
العاصي على معصيته.

ثم الحاجة المجوزة للسؤال: ما بلغت حد الاضطرار، كسؤال الجائع الخائف على نفسه
بالموت او المرض لو لم يصل اليه قوت، و سؤال العاري الذي بدنه مكشوف و يخاف من
الحر و البرد-او لم تبلغ اليه، و هى اما حاجة (مهمة) كالاحتياج الى الجبة في
الشتاء بحيث لولاها لتاذى بالبرد تاذيا لا ينتهى الى حد الضرورة، و
الاحتياج الى الكرى مع القدرة على المشي مع المشقة، او حاجة (خفيفة) كالاحتياج الى
الادام مع وجود الخبز-فالظاهر جواز السؤال في جميع ذلك (مع رجحانه في الاول،
و اباحته في الثاني، و مرجوحيته في الثالث) ، بشرط اخلائه عن المحذورات
المذكورة، اعنى الشكوى و الذل و الايذاء، و تندفع هذه المحذورات بان يظهر حاجته
تعريضا بعد تقديم الشكر لله، و اظهار الاستغناء عن الخلق عند بعض الاصدقاء او
الاسخياء، اذ السؤال من الصديق لا يوجب الاذلال و السخي لا يتاذى بالسؤال بل
يفرح به.

ثم ما ذكر انما هو في السؤال للاحتياج اليه بعد النسبة لما يحتاج اليه في
الحال، و اما السؤال لما يحتاج اليه في الاستقبال، فان كان يحتاج اليه بعد
السنة فهو حرام قطعا، و ان كان يحتاج اليه قبلها، سواء كان بعد اربعين يوما من
يومه او خمسين او اقل او اكثر، فان امكنه السؤال عند بلوغ وقت الحاجة فلا يحل له
السؤال، و ان علم بانه لا يتمكن من السؤال عنده فهو جائز مع الكراهة و المرجوحية، و
كلما كان تراخى الحاجة عن يومه اكثر كانت الكراهة اشد. ثم معرفة درجات الحاجة
و ضعفها و شدتها و الوقت الذي يحتاج فيه موكول الى العبد و منوط باجتهاده و نظره
لنفسه بينه و بين الله، فليعمل به بعد استغناء قلبه على ما يقتضيه سلوك طريق الآخرة، و
كلما كان يقينه اقوى، و ثقته بمجى ء الرزق اتم، و قناعته بقوت الوقت اظهر، فدرجته
عند الله اعلى.

فيا حبيبي، لا تهبط نفسك من اوج التوكل و الاعتماد على الله الى حضيض الخوف
و الاضطراب في مجي ء رزقك، و لا تصغ الى تخويف الشيطان، فانه يعدكم الفقر و
يامركم بالفحشاء، و كن مطمئنا بوعد ربك اذ قال:

«و الله يعدكم مغفرة منه و فضلا» (61) .

و اسمع قول نبيك-صلى الله عليه و آله-حيث قال: «لو توكلتم على الله حق توكله،
لرزقتم كما ترزق الطيور، تغدوا خماصا و تروح بطانا» .

و منها:

الحرص


و هو معنى راتب في النفس، باعث على جميع ما لا يحتاج اليه و لا يفيده من الاموال،
من دون ان ينتهي الى حد يكتفى به، و هو اقوى شعب حب الدنيا و اشهر انواعه. و لا ريب
في كونه ملكة مهلكة و صفة مضلة بل بادية مظلمة الارجاء و الاطراف، و هاوية غير متناهية
الاعماق و الاكناف من وقع فيها ضل و باد، و من سقط فيها هلك و ما عاد. و التجربة
و الاعتبار و الاخبار و الآثار متظاهرة على ان الحريص لا ينتهى الى حد يقف دونه،
بل لا يزال يخوض في غمرات الدنيا الى ان يغرق، و تطرحه ارض الى ارض حتى يهلك.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «لو كان لابن آدم و اديان من ذهب، لا بتغى
وراءهما ثالثا، و لا يملا جوف ابن آدم الا التراب، و يتوب الله على من تاب » .
و قال-صلى الله عليه و آله-:

«منهومان لا يشبعان: منهوم العلم، و منهوم المال » . و قال صلى الله عليه و آله:
«يشيب ابن آدم و تشب فيه خصلتان: الحرص، و طول الامل »

و قال ابو جعفر الباقر عليه السلام: «مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز، كلما
اذ دادت على نفسها لفا كان ابعد لها من الخروج، حتى تموت غما» . و قال الصادق
عليه السلام: «ان فيما نزل به الوحى من السماء لو ان لابن آدم و اديين
يسيلان ذهبا و فضة لا بتغى لهما ثالثا. يا ابن آدم انما بطنك بحر من
البحور و وارد من الاودية، لا يملاه شي ء الا التراب »

و قال بعض الاكابر: «من عجيب امر الانسان، انه لو نودى بدوام البقاء في
ايام الدنيا لم يكن في قوى خلقته من الحرص على الجمع اكثر مما قد استعمله مع قصر
مدة التمتع و توقع الزوال » . ثم ما ورد من الاخبار في ذمه اكثر من ان تحصى، و
لا حاجة الى ايرادها لاشتهارها. و قال الباقر-عليه السلام-: «رب حريص على امر قد
شقى به حين اتاه، و رب كاره لامر قد سعد به حين اتاه » . و اي خسران اشد من ان يسعى
الانسان في طلب به هلاكه؟ و اى تامل في ان كلما يحرص عليه الانسان من اموال
الدنيا يكون مهلكا له؟ !

وصل


القناعة


ضد الحرص (القناعة) . و هي ملكة للنفس: توجب الاكتفاء بقدر الحاجة و الضرورة من المال،
من دون سعي و تعب في طلب الزائد عنه، و هي صفة فاضلة يتوقف عليها كسب سائر الفضائل، و
عدمها يؤدي بالعبد الى مساوئ الاخلاق و الرذائل، و هي المظنة للوصول الى المقصد و
اعظم الوسائل لتحصيل سعادة الابد، اذ من قنع بقدر الضرورة من المطعم و الملبس، و
يقتصر على اقله قدرا او اخسه نوعا، و يرد امله الى يومه او الى شهره، و لا يشغل قلبه
بالزائد عن ذلك، كان فارغ البال مجتمع الهم، فيتمكن من الاشتغال بامر
الدين و سلوك طريق الآخرة، و من فاتته القناعة، و تدنس بالحرص و الطمع و طول الامل،
و خاض في غمرات الدنيا، تفرق قلبه و تشتت امره. فكيف يمكنه التشمر لتحصيل امر
الدين و الوصول الى درجات المتقين؟ و لذلك ورد في مدح القناعة ما ورد من
الاخبار، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «طوبى لمن هدى للاسلام، و كان عيشه
كفافا به! » . و قال: «ما من احد، من غني و لا فقير، الا ود يوم القيامة انه كان
اوتى قوتا في الدنيا» . و قال -صلى الله عليه و آله-: «ايها الناس، اجملوا في
الطلب، فانه ليس للعبد الا ما كتب له في الدنيا، و لن يذهب عبد من الدنيا حتى
ياتيه ما كتب له في الدنيا و هي راغمة » و قال صلى الله عليه و آله: «نفث روح القدس في
روعي: انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها. فاتقوا الله و اجملوا في الطلب » . و
قال صلى الله عليه و آله: «كن ورعا تكن اعبد الناس و كن قانعا تكن اشكر الناس، و
احب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا»

و في الخبر القدسي: «يا ابن آدم، لو كانت الدنيا كلها لك لم يكن لك منها الا
القوت، فاذا انا اعطيتك منها القوت و جعلت حسابها على غيرك فانا اليك محسن »
. و روى: «ان موسى سال ربه تعالى، و قال: اى عبادك اغنى؟ قال: اقنعهم لما اعطيته » . و
قال امير المؤمنين عليه السلام «ابن آدم، ان كنت تريد من الدنيا ما يكفيك،
فان ايسر ما فيها يكفيك و ان كنت انما تريد ما لا يكفيك، فان كل ما فيها لا
يكفيك » . و قال ابو جعفر الباقر عليه السلام: «اياك ان تطمح بصرك الى من هو فوقك
فكفى بما قال الله عز و جل لنبيه-صلى الله عليه و آله-:

«فلا تعجبك اموالهم و لا اولادهم » (62) . و قال:

«و لا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا» (63) .

فان دخلك من ذلك شي ء، فاذكر عيش رسول الله-صلى الله عليه و آله-فانما كان قوته
الشعير-و حلواه التمر، و وقوده السعف اذا وجده » (64) و قال: «من قنع بما رزقه الله فهو
من اغنى الناس. و قال الصادق عليه السلام: «من رضى من الله باليسير من المعاش
رضى الله عنه باليسير من العمل » . و قال: «مكتوب في التوراة: ابن آدم، كن كيف
شئت كما تدين تدان، من رضى من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من
العمل، و من رضى باليسير من الحلال خفت مؤنته و زكت مكسبته و خرج من حد الفجور» .
و قال: «ان الله عز و جل يقول:

يحزن عبدى المؤمن ان قترت عليه، و ذلك اقرب له مني، و يفرح عبدى المؤمن ان وسعت
عليه، و ذلك ابعد له منى » . و قال: «كلما ازداد العبد ايمانا ازداد ضيقا في معيشته » .
و الاخبار الواردة في فضيلة القناعة اكثر من ان تحصى، و ما اوردناه كاف لاهل
البصيرة.

فصل


علاج الحرص


طريق المعالجة في ازالة الحرص و تحصيل القناعة: ان يتذكر اولا ما في القناعة من
المدح و الشرافة، و عز النفس و فضيلة الحرية، و ما في الحرص من الذم و المهانة، و
تحمل الذلة و متابعة الشهوة. و يعرف ان من لا يؤثر عز النفس على شهوة البطن، فهو
قليل العقل ناقص الايمان. ثم يتذكر ما في جمع المال من الآفات الدنيوية و
العقوبات الاخروية، و يكثر التامل فيما مضى عليه عظماء الخلق و اعز اصنافهم،
اعنى الانبياء و الاوصياء و من سار بسيرتهم من السلف الاتقياء، من صبرهم على
القليل، و قناعتهم باليسير، و فيما يجرى عليه الكفار من الهندو و اليهود و
النصارى و اراذل الناس و اغنيائهم و امثالهم، من التنعم و جمع المال الكثير. و
بعد هذا التامل لا اظنه يشك في ان الاقتداء باعز الخلائق احسن من الاقتداء
باراذلهم، بل المتامل يعرف ان الحريص المتكالب على لذات الدنيا خارج عن
افق الانسانية، و داخل في جريدة البهائم، اذ الحرص على شهوات البطن و الفرج
من لوازم البهيمية، و احرص الناس على الشهوات لا يبلغ رتبة البهائم في ذلك.
فما من حريص على التنعم في البطن الا و الحمار اكثر اكلا منه، و ما من حريص على
الجماع الا و الخنزير اشد نزوا منه. فظهر ان الحريص في مرتبة الخنزير و الحمير و
اليهود و الهندو، و القانع لا يساهمه في الرتبة الا الانبياء و الاولياء. و بعد
التامل في جميع ما ذكر، يتم العلاج العلمى، و به تسهل ازالة الحرص و اكتساب
القناعة. فليبادر الى العلاج العملى، و هو العمل بالاقتصاد في امر المعيشة، ليسد
ابواب الخرج ما امكن ورد النفس الى ما لا بد منه. فان من كثر خرجه و اتسع انفاقه،
لم تمكنه القناعة، فان كان وحده، اكتفى بثوب خشن، و يقنع باى طعام كان و يقلل من
الادام ما امكنه، و هكذا الحال في سائر ما يضطر اليه و يوطن نفسه عليه. و ان
كان له عيال رد كل واحد منهم الى هذا القدر. و اذا بنى امره على الاقتصاد، لم يحتج
الى كثير جهد و ان كان معيلا. قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ما عال من اقتصد»
(65) . و قال-صلى الله عليه و آله-: «ثلاث منجيات: خشية الله في السر و العلانية، و القصد
في الغناء و الفقر، و العدل في الرضا و الغضب » . و قال: «التدبير نصف المعيشة » . و قال:
«من اقتصد اغناه الله، و من بذر افقره الله » . و قال «الاقتصاد، و حسن الصمت، و
الهدى الصالح، جزء من بضع و عشرين جزءا من النبوة » . و قال امير المؤمنين-عليه
السلام-: «القصد مثراة و السرف متواة » (66) . و قال السجاد-عليه السلام-: «لينفق
الرجل بالقصد و بلغة الكفاف، و يقدم منه الافضل لآخرته، فان ذلك ابقى للنعمة و اقرب
الى المزيد من الله تعالى، و انفع في العافية » . و قال الصادق -عليه السلام-: «ان
القصد امر يحبه الله، و ان السرف امر يبغضه الله، حتى طرحك النواة، فانها
تصلح لشي ء، و حتى صبك فضل شرابك (67)

و قال-عليه السلام-: «ضمنت لمن اقتصد الا يفتقر» و قال-عليه السلام-: «ان السرف
يورث الفقر، و ان القصد يورث الغناء» .

و الاخبار في مدح الاقتصاد اكثر من ان تحصى.

ثم اذا تيسرت له المعيشة في الحال، فلا ينبغي ان يكون مضطربا لاجل الاستقبال،
و يعتمد على فضل الله و وعده بان الرزق الذي قدر له ياتيه و ان لم يكن حريصا و لا
مضطربا لاجله و لا يعلم لنفسه مدخلا ياتي رزقه منه. و قال الله تعالى:

«و ما من دابة في الارض الا على الله رزقها» (68) .

و قال: «و من يتق الله يجعل له مخرجا. و يرزقه من حيث لا يحتسب » (69) .

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «ابى الله ان يرزق عبده المؤمن الا من حيث
لا يحتسب » .

ثم ينبغي الا ينظر الى من هو فوقه، بل ينظر الى من هو دونه في التنعم و في مال
الدنيا، فان الشيطان يصرف نظره في امر الدنيا الى من هو فوقه، و يقول: لم تفتر
عن طلب الدنيا و ارباب الاموال يتنعمون في المطاعم و الملابس؟ و يصرف نظره في
امر الدين الى من هو دونه، و يقول:

لم تضيق على نفسك و تخاف الله و فلان اعلم منك و لا يخاف الله؟ قال ابوذر (ره) :
«اوصاني خليلي رسول الله ان انظر الى من هو دونى، لا الى من هو فوقي في الدنيا» . و
قال صلى الله عليه و آله: «اذا نظر احدكم الى من فضله الله عليه في المال و الخلق،
فلينظر الى من هو اسفل منه » .

و منها:

الطمع


و هو التوقع من الناس في اموالهم، و هو ايضا من شعب حب الدنيا و من انواعه، و
من الرذائل المهلكة. و قال رسول الله صلى الله عليه و آله «اياك و الطمع، فانه
الفقر الحاضر» . و قال امير المؤمنين عليه السلام:

«استغن عمن شئت تكن نظيره، و ارغب الى من شئت تكن اسيره، و احسن الى من شئت تكن
اميره » . و قال الباقر عليه السلام: «بئس العبد عبد له طمع يقوده، و بئس العبد عبد له
رغبة تذله » و قيل للصادق عليه السلام: ما الذى يثبت الايمان في العبد؟ قال:
«الورع و الذي يخرجه منه الطمع » (70) و الاخبار في ذم الطمع كثيرة، و كفى به ذما
ان كل طامع يكون ذليلا مهينا عند الناس، و ان وثوقه بالناس و اعتماده عليهم اكثر
من وثوقه بالله، اذ لو كان اعتماده على الله اكثر من اعتماده على الناس لم
يكن نظره اليهم، بل لم يطمع من احد شيئا الا من الله سبحانه.

وصل


الاستغناء عن الناس


ضد الطمع هو (الاستغناء عن الناس) و هو من الفضائل الموجبة لتقرب العبد الى الله
سبحانه، اذ من استغنى بالله عن غير الله احبه الله.

و الاخبار الآمرة بالاتصاف به و المادحة له كثيرة. قال رسول الله صلى الله عليه
و آله: «ليس الغنى عن كثرة العروض، انما الغنى غنى النفس »

و قال لاعرابي طلب منه موعظة: «اذا صليت فصل صلاة مودع، و لا تحدثن بحديث تعتذر منه
غدا، و اجمع الياس عما في ايدى الناس » . و قال صلى الله عليه و آله: «عليك بالياس
عما في ايدي الناس، فانه الغنى الحاضر» . و قال امير المؤمنين-عليه السلام-:
«ليجتمع في قلبك الافتقار الى الناس و الاستغناء عنهم، فيكون افتقارك اليهم في
لين كلامك و حسن بشرك، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزك »

و قال سيد الساجدين-عليه السلام-: «رايت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في
ايدى الناس، و من لم يرج الناس في شي ء، و رد امره الى الله تعالى في جميع اموره،
استجاب الله تعالى له فى كل شي ء» . و قال الباقر-عليه السلام-: «سخاء المرء عما في
ايدى الناس اكثر من سخاء النفس و البذل، و مروة الصبر في حال الفاقة و الحاجة و
التعفف و الغنى اكثر من مروة الاعطاء، و خير المال الثقة بالله و الياس مما في
ايدى الناس »

و قال-عليه السلام-: «الياس مما في ايدى الناس عز المؤمن في دينه »

و قال الصادق عليه السلام: «شرف المؤمن قيام الليل، و عزه استغناؤه عن الناس » .
و قال-عليه السلام-: «شيعتنا من لا يسال الناس، و لو مات جوعا» . و قال-عليه
السلام-: «ثلاث هن فخر المؤمن وزينته في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و
ياسه مما في ايدي الناس، و ولايته للامام من آل محمد-عليهم السلام-» . و قال عليه
السلام:

«اذا اراد احدكم الا يسال ربه شيئا الا اعطاه، فليباس من الناس كلهم و لا يكون
له رجاء الا عند الله، فاذا علم الله ذلك من قلبه، لم يسال الله شيئا الا اعطاه (71)
ثم طريق العلاج في قطع الطمع و كسب الاستغناء قريب مما ذكر في علاج ازالة الحرص و
تحصيل القناعة، فتذكر.

و منها:

البخل


و هو الامساك حيث ينبغي البذل، كما ان الاسراف هو البذل حيث ينبغي الامساك، و
كلاهما مذمومان، و المحمود هو الوسط، و هو الجود و السخاء. اذ لم يؤمر رسول
الله صلى الله عليه و آله الا بالسخاء، و قيل له:

«و لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك و لا تبسطها كل البسط » (72) . و قال تعالى: «و الذين
اذا انفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما» (73) .

فالجود وسط بين الاقتار و الاسراف، و بين البسط و القبض، و هو تقدير البذل و
الامساك بقدر الواجب اللائق. و لا يكفي في تحقق الجود و السخاء ان يفعل ذلك
بالجوارح ما لم يكن قلبه طيبا غير منازع له فيه.

فان بذل في محل وجوب البذل و نفسه تنازعه و هو يضايرها فهو متسخ و ليس بسخي، بل
ينبغي الا يكون لقبله علاقة مع المال الا من حيث يراد المال له، و هو صرفه الى ما
يجب او ينبغي صرفه اليه.

فصل


ذم البخل


البخل من ثمرات حب الدنيا و نتائجه، و هو من خبائث الصفات و رذائل الاخلاق. و
لذا ورد في ذمه ما ورد من الآيات و الاخبار. قال الله سبحانه:

«الذين يبخلون و يامرون الناس بالبخل و يكتمون ما آتاهم الله من فضله. . . » (74) . و
قال تعالى: «و لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل
هوشر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » (75) .

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «اياكم و الشح، فانه اهلك من كان قبلكم،
حملهم على ان سفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم »

و قال صلى الله عليه و آله: «لا يدخل الجنة بخيل و لا خب و لا خائن و لا شى ء الملكة » . و
قال-صلى الله عليه و آله-: «البخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب
من النار. و جاهل.

سخي احب الى الله من عابد بخيل، و ادوى الداء البخل » (76) و قال -صلى الله عليه و آله-:
«الموبقات ثلاث: شح مطاع، و هوى متبع و اعجاب المرء بنفسه » . و قال-صلى الله عليه و
آله-: «ان الله يبغض الشيخ الزانى، و البخيل المنان، و المعيل المختال » . و قال-صلى
الله عليه و آله-: «اياكم و الشح، فانما هلك من كان قبلكم بالشح، امرهم بالكذب
فكذبوا، و امرهم بالظلم فظلموا، و امرهم بالقطعية فقطعوا» (77) و قال -صلى الله عليه
و آله-: «البخل شجرة تنبت في النار، فلا يلج النار الا بخيل » . و قال: «خلق البخل من
مقته، و جعل راسه راسخا فى اصل شجرة الزقوم، و دلى بعض اغصانها الى الدنيا، فمن
تعلق بغصن منها ادخله النار. الا ان البخل من الكفر، و الكفر في النار» . و قتل في
الجهاد رجل من اصحاب رسول الله-صلى الله عليه و آله-فبكته باكية و قالت: وا
شهيداه! فقال النبي-صلى الله عليه و آله-: «ما يدريك انه شهيد؟ فلعله كان يتكلم بما
لا يعنيه، او يبخل بما لا ينقصه » . و قال -صلى الله عليه و آله-: «ان الله يبغض البخيل
في حياته، و السخى عند موته » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «السخي الجهول احب الى
الله عز و جل من العابد البخيل » . و قال: «الشح و الايمان لا يجتمعان في قلب واحد» . و
قال ايضا: «خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل و سوء الخلق » . و قال صلى الله عليه و
آله: «لا ينبغي للمؤمن ان يكون بخيلا و لا جبانا» . و قال-صلى الله عليه و آله-: «يقول
قائلكم: الشحيح اعذر من الظالم. و اي ظلم اظلم عند الله من الشح؟ حلف الله بعزته و
عظمته و جلاله لا يدخل الجنة شحيح و لا بخيل » . و قال: «اللهم اني اعوذ بك من البخل! » . و
روى: «انه-صلى الله عليه و آله-كان يطوف بالبيت، فاذا رجل متعلق باستار الكعبة
و هو يقول: بحرمة هذا البيت الا غفرت لي ذنبي! قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-:

و ما ذنبك؟ صفه لي. قال: هو اعظم من ان اصفه لك. قال ويحك!

ذنبك اعظم ام الارضون؟ قال: بل ذنبي يا رسول الله. قال صلى الله عليه و آله
ويحك! ذنبك اعظم ام الجبال؟ قال: بل ذنبي يا رسول الله. قال -صلى الله عليه و
آله-: فذنبك اعظم ام البحار؟ قال: بل ذنبي يا رسول الله قال-صلى الله عليه و
آله-: فذنبك اعظم ام السماوات؟ قال: بل ذنبي يا رسول الله. قال: ذنبك اعظم
ام الله؟ قال: بل الله اعظم و اعلى و اجل. قال: ويحك اتصف لي ذنبك. قال: يا رسول
الله، اني رجل ذو ثروة من المال، و ان السائل لياتيني ليسالني فكانما يستقبلني
بشعلة من النار. فقال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: اليك عنى! لا تحرقنى بنارك! فو
الذى بعثني بالهداية و الكرامة، لو قمت بين الركن و المقام، ثم صليت الفى الف
عام، و بكيت حتى تجرى من دموعك الانهار و تسقى بها الاشجار، ثم مت و انت لئيم،
لاكبك الله في النار! ويحك! اما علمت ان الله يقول:

«و من يبخل فانما يبخل عن نفسه » (78) .

«و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون » ؟ ! (79) .

و قال امير المؤمنين-عليه السلام-: «سياتي على الناس زمان عضوض، يعض المؤمن على
ما في يديه، و لم يؤمر بذلك. قال الله تعالى:

«و لا تنسوا الفضل بينكم » (80) .

و روى: «انه ما من صباح الا و قد وكل الله تعالى ملكين يناديان:

اللهم اجعل لكل ممسك تلفا، و لكل منفق خلفا! » . و الاخبار في ذم البخل اكثر من ان
تحصى، مع ان تضمنه للمفاسد الدنيوية و الاخروية مما يحكم به الوجدان و لا يحتاج
الى دليل و برهان، حتى ان النظر الى البخيل يقسى القلب، و من كان له صفاء سريرة،
يكرب قلبه و يظلم من ملاقاته و قد قيل: «ابخل الناس بماله اجودهم بعرضه) .

وصل


السخاء


ضد البخل (السخاء) . و قد عرفت معناه، و هو من ثمرة الزهد كما ان البخل من ثمرة حب
الدنيا. فينبغى لكل سالك لطريق الآخرة ان يكون حاله القناعة ان لم يكن له مال، و
السخاء و اصطناع المعروف ان كان له مال. و لا ريب في كون الجود و السخاء من
شرائف الصفات و معالى الاخلاق، و هو اصل من اصول النجاة، و اشهر اوصاف
النبيين و اعرف اخلاق المرسلين. و ما ورد في مدحه خارج عن حد الاحصاء، قال رسول
الله-صلى الله عليه و آله-: «السخاء شجرة من شجر الجنة اغصانها متدلية الى الارض،
فمن اخذ منها غصنا قاده ذلك الغصن الى الجنة » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «ان
السخاء من الايمان في الجنة » و قال صلى الله عليه و آله: «السخاء شجرة تنبت في
الجنة، فلا يلج الجنة الا سخى » . و قال صلى الله عليه و آله: «قال الله سبحانه ان هذا
دين ارتضيته لنفسي، و لن يصلحه الا السخاء و حسن الخلق، فاكرموه بهما ما
استطعتم » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «ما جعل الله اولياءه الا على السخاء و حسن
الخلق » . و قال-صلى الله عليه و آله-:

«ان من موجبات المغفرة: بذل الطعام. و افشاء السلام، و حسن الكلام » .

و قال-صلى الله عليه و آله-: «ان السخى قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة،
بعيد من النار» . و قال-صلى الله عليه و آله-:

«تجافوا عن ذنب السخي، فان الله آخذ بيده كلما عثر» و قال-صلى الله عليه و آله-:
«طعام الجواد دواء، و طعام البخيل داء» (81) و قال-صلى الله عليه و آله-: «افضل
الاعمال: الصبر و السماحة » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «خلقان يحبهما الله، و
هما: حسن الخلق، و السخاء»

و قال-صلى الله عليه و آله-: «ان الله جواد يحب الجود، و يحب معالى الاخلاق، و
يكره سفاسفها» . و قال-صلى الله عليه و آله-: «الرزق الى مطعم الطعام اسرع من
السكين الى ذروة البعير، و ان الله تعالى ليباهي بمطعم الطعام الملائكة-عليهم
السلام-: » . و قال-صلى الله عليه و آله- «ان لله عبادا يخصهم بالنعم لمنافع العباد،
فمن بخل بتلك المنافع عن العباد، نقلها الله عنه و حولها الى غيره » . و قال-صلى
الله عليه و آله-:

«الجنة دار الاسخياء» . و قال-صلى الله عليه و آله-: «لشاب سخي مرهق في الذنوب، احب
الى الله من شيخ عابد بخيل (82) و قال صلى الله عليه و آله: «اصنع المعروف الى من هو
اهله و الى من ليس باهله، فان اصبت اهله فقد اصبت اهله، و ان لم تصب اهله فانت
من اهله » .

و قال-صلى الله عليه و آله-: «ان بدلاء امتى لم يدخلوا الجنة بصلاة و لا صيام، و لكن
دخلوها بسخاء الانفس، و سلامة الصدور، و النصح للمسلمين » . و قال صلى الله عليه و آله:
«ان الله عز و جل جعل للمعروف وجوها من خلقه، حبب اليهم المعروف و حبب اليهم
فعاله، و وجه طلاب المعروف اليهم و يسر عليهم اعطاءه، كما ييسر الغيث الى
البلدة الجدبة فيحييها و يحيى بها اهلها» . و قال-صلى الله عليه و آله-: «السخى
محبب في السماوات و محبب في الارضين، خلق من طينة عذبة، و خلق ماء عينيه من ماء
الكوثر، و البخيل مبغض في السماوات مبغض في الارضين، خلق من طينة سبخة، و خلق
ماء عينيه من ماء العوسج » . -و قال -صلى الله عليه و آله-: «ان افصل الناس ايمانا
ابسطهم كفا» .

و قال-صلى الله عليه و آله-: «يؤتى يوم القيامة برجل، فيقال: احتج فيقول: يا رب،
خلقتني و هديتني، و اوسعت علي فلم ازل اوسع على خلقك، و انشر عليهم لكي تنشر علي هذا
اليوم رحمتك و تيسره. فيقول الرب-تعالى ذكره-: صدق عبدى، ادخلوه الجنة » . و روى:
«انه اتى النبي-صلى الله عليه و آله-و فد من اليمن، و فيهم رجل كان اعظمهم كلاما
و اشدهم استقصاء في محاجة النبي صلى الله عليه و آله فغضب النبي حتى التوى عرق
الغضب بين عينيه، و تربد وجهه و اطرق الى الارض فاتاه جبرئيل عليه السلام
فقال: ربك يقول لك: هذا رجل سخي يطعم الطعام. فسكن عن النبي-صلى الله عليه و
آله-الغضب، و رفع راسه و قال: لو لا ان جبرئيل اخبرني عن الله عز و جل انك سخى
تطعم الطعام لشردت بك، و جعلتك حديثا لمن خلفك! فقال له الرجل: ان ربك يحب
السخاء؟ فقال: نعم! فقال: انى اشهد الا اله الا الله، و انك رسول الله، و الذي بعثك
بالحق، لا رددت عن مالي احدا! » (83) ، و قال صلى الله عليه و آله: «كل معروف صدقة، و كل ما
انفق الرجل على نفسه و اهله كتب له صدقة، و ما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة و ما وقى
المرء به عرضه فهو له صدقة، و ما انفق الرجل من نفقة فعلى الله خلفها» . و قال-صلى الله
عليه و آله-: «كل معروف صدقة، و الدال على الخير كفاعله، و الله تعالى يحب اغاثة
اللهفان » . و روى:

«انه اوحى الله الى موسى-عليه السلام-: لا تقتل السامرى، فانه سخى » (84) و قال
عيسى عليه السلام: «استكثروا من شي ء لا تاكله النار»

قيل: و ما هو؟ قال: «المعروف » . و قال امير المؤمنين عليه السلام «و من يبسط يده
بالمعروف اذا وجده، يخلف الله له ما انفق في دنياه، و يضاعف له في آخرته » (85) . و
قال الباقر-عليه السلام-: «ان الشمس لتطلع و معها اربعة املاك: ملك ينادي: يا صاحب
الخير اتم و ابشر و ملك ينادى يا صاحب الشر انزع و اقصر، و ملك ينادى: اعط منفقا
خلفا و آت ممسكا تلفا، و ملك ينضج الارض بالماء، و لو لا ذلك اشتعلت الارض » . و قال
الصادق عليه السلام لبعض جلسائه: «الا اخبرك بشي ء تقرب به من الله و تقرب من
الجنة و تباعد من النار؟ » ، فقال: بلى. فقال: «عليك بالسخاء» . و قال: «خياركم
سمحاؤكم، و شراركم بخلاؤكم. و من خالص الايمان: البر بالاخوان و السعى في
حوائجهم، و ان البار بالاخوان ليحبه الرحمن، و في ذلك مرغمة للشيطان، و تزحزح
عن النيران و دخول الجنان » . و قال الكاظم عليه السلام: «السخى الحسن الخلق في
كنف الله، لا يستخلى الله منه حتى يدخله الجنة. و ما بعث الله نبيا و لا وصيا الا
سخيا، و لا كان احد من الصالحين الا سخيا، و ما زال ابى يوصيني بالسخاء حتى مضى » .

فصل


معرفة ما يجب ان يبذل


لعلك تقول: انك قلت: السخاء هو الوسط بين الاقتار و الاسراف و هو صرف المال الى
ما يجب او ينبغي صرفه اليه، و هذا غير كاف لمعرفة حد السخاء، لتوقفه على معرفة ما
يجب او ينبغي، و هو عندنا مبهم.

قلنا: ما يجب او ينبغي يتناول الواجب و اللائق بحسب الشرع و المروة و العادة.
فالسخي هو الذي يؤدى واجب الشرع و واجب المروة و العادة جميعا، فان منع واحدا
منها فهو بخيل، و ان كان الذى يمنع واجب الشرع ابخل. ثم ما يجب بذله شرعا مضبوط
معين، من الزكاة و الخمس و غيرهما من اطيب ماله او وسطه دون الخبيث منه، و
الانفاق على اهله و عياله على قدر احتياجهم. فمن ادى جميع ذلك فقد ادى الواجب
الشرعى و يستحق اسم السخي شرعا، اذا كان الاداء بطيبة من قلبه، من دون ان يشق
عليه، اذ لو شق عليه ذلك كان بخيلا بالطبع و متسخيا بالتكلف و اما ما يجب
مروة و عادة، فهو ترك المضايقة في بذل ما يستقبح المضايقة فيه عرفا و عادة، و
هو يختلف في الاحوال و الاشخاص، فتستقبح من الغني المضايقة ما لا يستقبح من
الفقير، و مع الاهل و الاقارب ما لا يستقبح مع الاجانب، و مع الجار ما لا يستقبح
من البعيد، و في الضيافة ما لا يستقبح اقل منه في المبايعة و المعاملة، و يستقبح
من المضايقة في الاطعمة ما لا يستقبح في غيرها. و بالجملة: يختلف ذلك بما فيه
المضايقة من ضيافة او معاملة و بما فيه المضايقة من طعام او ثوب او فرش او
غير ذلك. و بمن معه المضايقة من صديق او قريب او جار او اجنبي او بعيد، و بمن منه
المضايقة من غنى او فقير او امير او رعية او عالم او جاهل او صبي او كامل.

فالسخى هو الذي لا يمنع حيث ينبغى الا يمنع شرعا او مروة او عادة، و البخيل من يمنع
شيئا مما ينبغي الا يمنع شرعا او مروة او عادة. و لا يمكن التنصيص على مقدار ذلك،
فلعل حد البخل هو امساك المال لغرض و ذلك الغرض اهم من حفظ المال، و في مقابله
الجود و السخاء.

ثم من يؤدى الواجب و يحفظ العادة و المروة، و لكن له مال كثير قد جمعه، لا يصرفه
الى المحتاجين و لا ينفقه في الصدقات المستحبة ليكون له عدة على نوائب الزمان، و
ان لم يكن بخيلا عند عوام الخلق، و لكنه بخيل عند اهل الفطانة و الكياسة، اذ التبرى
عن البخل و الاتصاف بصفه الجود و السخاء لا يتحقق عندهم ما لم يبذل زيادة على قدر
واجب الشرع و واجب المروة و العادة اللائقة به، لطلب الفضيلة و الثواب، و نيل
الدرجات في الآخرة. و تختلف هذه الزيادة باختلاف مقدار ماله، و باختلاف حاجة
المحتاجين و صلاحهم و ورعهم. فاتصافه بالجود، بقدر ما تتسع له نفسه من قليل
او كثير، و تختلف درجات ذلك. فاصطناع المعروف امر وراء ما توجبه العادة و
المروة، و هو الجود بشرط ان يكون عن طيبة من النفس و لا يكون لاجل غرض، من خدمة او
مدح و ثناء. اذ من يبذل المال بعوض المدح و الثناء او غيره فليس بجواد، بل هو
بياع يشترى المدح بماله، لكون المدح الذ عنده من المال.

فالجود هو بذل الشي ء عن طيبة من القلب من غير غرض، و هذا و ان كان حقيقته، الا
انه لا يتصور في غير حق الله، اذ ما من انسان يبذل الشي ء الا لغرض، لكن اذا لم
يكن غرضه الا الثواب في الآخرة و رفع الدرجات، و اكتساب فضيلة الجود، و تطهير
النفس عن رذيلة البخل، سمى جوادا، و ان كان غرضه شيئا من الامور الدنيوية لم يسم
جوادا.

تنبيه


الايثار


ارفع درجات الجود و السخاء (الايثار) ، و هو ان يجود بالمال مع الحاجة اليه.
قال الله سبحانه في معرض الثناء على اهل الايثار:

«و يؤثرون على انفسهم و لو كان بهم خصاصة » (86) .

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: ايما امرؤ اشتهى شهوة، فرد شهوته و آثر
على نفسه، غفر له » .

و كان الايثار من شعار رسول الله-صلى الله عليه و آله-، و لقد قالت بعض زوجاته:
«انه-صلى الله عليه و آله-ما شبع ثلاثة ايام متوالية حتى فارق الدنيا، و لو شئنا
لشبعنا، و لكنا كنا نؤثر على انفسنا»

و روى: «ان موسى بن عمران قال: يا رب، ارني بعض درجات محمد و امته. قال: يا موسى،
انك لن تطيق ذلك، لكني اريك منزلة من منازله، جليلة عظيمة، فضلته بها عليك و على
جميع خلقي. قال (87) :

فكشف له عن ملكوت السماوات، فنظر الى منزلة كادت ان تتلف نفسه من انوارها و
قربها من الله، فقال: يا رب، بماذا بلغ الى هذه الكرامة؟ قال تعالى: بخلق
اختصصته به من بينهم، و هو الايثار يا موسى لا ياتيني احد منهم قد عمل به وقتا من
عمره الا استحييت من محاسبته، و بواته من جنتي حيث يشاء» و سئل الصادق-عليه
السلام-: «اى الصدقة افضل؟ قال عليه السلام: جهد المقل. اما سمعت قول الله عز و جل:
و يؤثرون على انفسهم و لو كان بهم خصاصة؟ » و ايثار علي -عليه السلام-غيره في جميع
اوقات عمره مشهور، و في الكتب مسطور و لقد آثر حياة رسول الله-صلى الله عليه و
آله-على حياته ليلة المبيت فباهى الله به الملائكة، و انزل فيه:

«و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله » (88) .

و لقد كان الخواص من شيعته و المقتدون به في سنته و سيرته، يجتهدون في المحافظة
على هذه الفضيلة مهما امكن.

فصل


علاج مرض البخل


علاج مرض البخل يتم بعلم و عمل. و العلم يرجع الى معرفة آفة البخل و فائدة الجود، و
العمل يرجع الى البذل على سبيل التكلف الى ان يصير طبعا له. فكل طالب لازالة
البخل و كسب الجود ينبغي ان يكثر التامل في اخبار ذم البخل و مدح السخاء، و ما
توعد الله به على البخل من العذاب العظيم، و يكثر التامل في احوال البخلاء و في
نفرة الطبع عنهم، حتى يعرف بنور المعرفة ان البذل خير له من الامساك في الدنيا
و الآخرة. ثم يكلف نفسه على البذل و مفارقة المال، و لا يزال يفعل ذلك الى ان يهيج
رغبته في البذل، و كلما تحركت الرغبة ينبغي ان يجتنب الخاطر الاول و لا يتوقف
لان الشيطان يعده الفقر و يخوفه و يوسوسه بانواع الوساوس الصادة عن البذل.

و لو كان مرض البخل مزمنا غير مندفع بما مر، فمن معالجاته ان يخدع نفسه بحسن
الاسم و الاشتهار بالجود، فيبذل على قصد الرياء، حتى تسمح نفسه بالبذل طمعا في
الاشتهار بصفة الجود، فيكون قد زال عن نفسه رذيلة البخل و اكتسب خبث الرياء، و
لكن يتعطف بعد ذلك على الرياء و يزيله بعلاجه، و يكون طلب الشهرة و الاسم كالتسلية
للنفس عند فطامها عن المال، كما يسلى الصبي عند فطامه عن الثدى باللعب
بالعصافير و غيرها لا لكون اللعب مطلوبا بذاته، بل لينتقل من الثدى اليه ثم ينتقل
عنه الى غيره. فكذلك هذه الصفات الخبيثة ينبغي ان يسلط بعضها على بعض حتى يندفع
الجميع، فتسلط الشهوة على الغضب حتى تكسر سورته بها، و يسلط الغضب على
الشهوة حتى تكسر رعونتها به. و قد جرت سنة الله بدفع المؤذيات و المهلكات بعضها
ببعض، الى ان يندفع الجميع، سواء كانت من الصفات المؤذية او من الاشخاص
المؤذية من الظلمة و الاشرار، الا ترى انه يسلط الظالمين و الاشرار بعضهم على
بعض الى ان يهلك الجميع؟

و مثال ذلك-كما قيل-: ان الميت تستحيل جميع اجزائه دودا، ثم ياكل بعض الديدان
بعضا، الى ان يرجع الى اثنين قويين، ثم لا يزالان يتقابلان و يتعارضان، الى ان
يغلب احدهما الآخر فياكله و يسمن به، ثم لا يزال يبقى وحده جائعا الى ان يموت.
فكذلك هذه الصفات الخبيثة يمكن ان يسلط بعض على بعضها حتى يقمعها، فيجعل الاضعف
قوتا للاقوى، الى ان لا تبقى الا واحدة. ثم تقع العناية بمحوها و اذابتها
بالمجاهدة، و هو منع القوت منها، اى عدم العمل بمقتضاها، فانها تقتضي لا محالة
آثارا، فاذا خولفت خمدت و ماتت. مثلا البخل يقتضى امساك المال، فاذا منع
مقتضاه و بذل المال مع الجهد و المشقة مرة بعد اخرى، ماتت صفة البخل و صارت صفة
البذل طبعا، و سقط التعب و المشقة فيه.

ثم العمدة في علاجه ان يقطع سببه، و سببه حب المال، و سبب حب المال اما حب
الشهوات التي يتوقف الوصول اليها على المال مع طول الامل، اذ لو لم يكن له
طول امل و علم انه يموت بعد ايام قلائل ربما لم يبخل بماله، او ادخاره و ابقاؤه
لاولاده، فانه يقدر بقاءهم كبقاء نفسه، فيمسك المال لاجلهم، او حبه عين المال
من حيث انه مال فيحب فان بعض الناس من المشايخ و المعمرين يكون له من المال
ما يكفيه لغاية ما يتصور من بقية عمره، و تزيد معه اموال كثيرة، و لا ولد له ليحتاط
لاجله، مع ذلك لا نسمح نفسه باخراج مثل الزكاة و مداواة نفسه عند المرض، بل هو
محب للدنانير، عاشق لها، يتلذذ بوجودها في يده، مع علمه بانه عن قريب يموت،
فتضيع او تاخذها اعداؤه، و مع ذلك لا تسمح نفسه بان ياكل منها او يتصدق ببعضها.
و هذا مرض عسر العلاج، لا سيما في كبر السن، اذ حينئذ يكون المرض مزمنا و الطبيعة
المدافعة له قاصرة و البدن ضعيفا. و مثله مثل من عشق شخصا فاحب رسوله، ثم نسى
محبوبه و اشتغل برسوله. فان الدنانير رسول مبلغ الى الحاجات، و هي محبوبة من
هذه الحيثية، لا من حيث انها دنانير، فمن نسى الحاجات و صارت الدنانير
محبوبة عنده في نفسها، فهو في غاية الضلالة و الخسران بل من راى بين الفاضل منها
عن قدر الحاجة و بين الحجر فرقا، فهو في غاية الجهل.

ثم لما كان الطريق في قطع سبب كل علة ان يواظب على ضد هذا السبب، فيعالج حب
الشهوات بالقناعة باليسير و بالصبر، و يعالج طول الامل بكثرة ذكر الموت و
النظر في موت الاقران و طول تعبهم في جمع المال و ضياعه بعدهم، و يعالج التفات
القلب الى الاولاد بان الذى خلقهم خلق ارزاقهم، و كم من ولد لم يرث مالا من ابيه
و حاله احسن ممن ورث، و بان يعلم ان ولده ان كان تقيا صالحا فيكفيه الله، و ان
كان فاسقا فيستعين بماله على المعصية و ترجع مظلمته عليه، و يعالج حب المال من
حيث انه مال، بان يتفكر في مقاصد المال و انه لماذا خلق، فلا يحفظ منه الا بقدر
حاجته، و يبذل الباقي على المستحقين ليبقى له ثوابه في الآخرة.

تذنيب


اعلم ان بذل الاموال و انفاقها المترتب على صفة الجود و السخاء يتناول امورا:
بعضها واجب، و بعضها مندوب. و قد ورد في فضيلة كل منها بخصوصه اخبار، فلا بد لنا ان
نشير الى ذلك تاكيدا لبيان فضل السخاء، و الى بعض مالها من الآداب و الدقائق
الباطنة، و نحيل مالها من الاحكام و الشروط الظاهرة الى كتب الفقه، فنقول:

اما الامور الواجبة، فاولها:

الزكاة


و الآيات و الاخبار الواردة في ذم تاركها و مدح فاعلها كثيرة.

قال الله سبحانه:

«فاقيموا الصلاة و آتوا الزكاة » (89) . و قال تعالى:

«و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم » (90) .

و معنى الانفاق في سبيل الله اخراج الزكاة، كما ورد عن اهل البيت -عليهم
السلام-، و اجمع عليه المفسرون. و قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «اذا منعت
الزكاة منعت الارض بركاتها» . و قال الباقر -عليه السلام-: «ان الله عز و جل قرن
الزكاة بالصلاة، قال:

«فاقيموا الصلاة و آتوا الزكاة » (91) .

فمن اقام الصلاة و لم يؤت الزكاة، فلم يقم الصلاة » . و قال الصادق -عليه السلام-:
«ما من ذى مال ذهب او فضة يمنع زكاة ماله، الا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر،
و سلط عليه شجاعا اقرع يريده و هو يحيد عنه، فاذا راى انه لا يتخلص منه، امكنه من يده،
فقضمها كما يقضم الفحل، ثم يصير طوقا في عنقه، و ذلك قول الله تعالى:

«سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » (92) .

و ما من ذى مال ابل او غنم او بقر يمنع زكاة ماله، الا حبسه الله يوم القيامة
بقاع قرقر، تطاه كل ذات ظلف بظلفها، و تنهشه كل ذات ناب بنابها، و ما من ذى مال
نخل او كرم او زرع يمنع زكاتها، الا طوقه الله تعالى ريعة ارضه الى سبع ارضين الى
يوم القيامة » (93) .

و قال عليه السلام: «ما فرض الله على هذه الامة شيئا اشد عليهم من الزكاة، و
فيها تهلك عامتهم » . و قال: «من منع قيراطا من الزكاة، فليس بمؤمن و لا مسلم، و هو
قوله تعالى:

«قال رب ارجعون، لعلي اعمل صالحا فيما تركت » (94)

و قال عليه السلام: «انما وضعت الزكاة اختبارا للاغنياء، و معونة للفقراء. و لو ان
الناس ادوا زكاة اموالهم، ما بقى مسلم فقيرا محتاجا، و لاستغنى بما فرض الله
له. و ان الناس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا الا بذنوب
الاغنياء، و حقيق على الله ان يمنع رحمته ممن منع حق الله في ماله. و اقسم بالذي خلق
الخلق و بسط الرزق: انه ما ضاع مال في بر و لا بحر الا بترك الزكاة، و ما صيد صيد في
بر و لا بحر الا بتركه التسبيح في ذلك اليوم، و ان احب الناس الى لله تعالى
اسخاهم كفا و اسخى الناس من ادى زكاة ماله، و لم يبخل على المؤمنين بما افترض
الله لهم في ماله » . و قال عليه السلام «ان الزكاة ليس يحمد بها صاحبها و انما
هو شي ء ظاهر حقن بها دمه و سمى بها مسلما، و لو لم يؤدها لم تقبل له صلاة » (95) . و
الاخبار في فضل الزكاة و ذم تاركها اكثر من ان تحصى، و ما ذكرناه كاف لا
يقاظ الطالبين.

فصل


سر وجوب الزكاة، و فضيلة سائر الانفاقات


السر في ايجاب الزكاة، بل فضيلة مطلق انفاق المال، ثلاثة امور:

الاول-ان التوحيد العام الا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد، اذ المحبة
لا تقبل الشركة، و التوحيد باللسان قليل الجدوى، و انما تمتحن درجة الحب بمفارقة
سائر المحاب، و الاموال محبوبة عند الناس، لانها آلة تمتعهم بالدنيا، و لاجلها
يانسون بهذا العالم، و يخافون من الموت و يتوحشون منه، مع ان فيه لقاء
المحبوب، فامتحنوا في صدق دعواهم الحب التام لله تعالى بمفارقتهم عن بعض
محابهم، اعنى المال، و لذلك قال الله سبحانه:

«ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم و اموالهم بان لهم الجنة » (96) .

و لفهم هذا السر في بذل الاموال، انقسم الناس بحسب درجاتهم في التوحيد و
المحبة ثلاثة اقسام: (قسم) صدقوا التوحيد و وفوا بعهده، و لم يجعلوا قلوبهم الا
محلا لحب واحد. فنزلوا عن جميع اموالهم، و لم يدخروا شيئا من الدرهم و الدينار و
غيرهما من انواع المال، و لم يتعرضوا لوجوب الزكاة عليهم، حتى قيل لبعضهم: كم
يجب من الزكاة في مائتي درهم؟ فقال: اما على العوام-بحكم الشرع-فخمسة دراهم، و
اما نحن، فيجب علينا بذل الجميع. و سئل الصادق-عليه السلام- «في كم تجب
الزكاة من المال؟ فقال: اما الزكاة الظاهرة، ففي كل الف خمسة و عشرون، و اما
الباطنة، فلا تستاثر على اخيك بما هو احوج اليه منك » . و (قسم) درجتهم دون هذا،
و هم الذين امسكوا اموالهم، و لكنهم راقبوا مواقيت الحاجات و مراسم الخيرات،
و يكون قصدهم من الامساك الانفاق على قدر الحاجة، دون التنعم، و صرف الفاضل عن قدر
الحاجة الى وجوه البر. و هؤلاء لا يقتصرون على اعطاء مجرد ما يجب عليهم من
الزكاة و الخمس، بل يؤدون جميع انواع البر و المعروف او اكثرها و (قسم) اقتصروا
على اداء الواجب، فلا يزيدون عليه و لا ينقصون منه. و هو ادون الدرجات و اقل
المراتب، و هو درجة العوام الراغبين الى المال، لجهلهم بحقيقته و فائدته، و
ضعف حبهم للاخرة.

الثاني-تطهير النفس عن رذيلة البخل، فانه من المهلكات-كما تقدم-، و انما تزول
هذه الرذيلة ببذل المال مرة بعد اخرى حتى يتعود اذ حب الشي ء لا ينقطع الا بقهر النفس
على مفارقته، حتى يصير ذلك اعتيادا. و على هذا، فالانفاق يطهر صاحبه من خبث
البخل المهلك، و انما طهارته بقدر بذله، و بقدر فرحه باخراجه و استبشاره بصرفه
الى الله تعالى الثالث-شكر النعمة، فان لله سبحانه على عبده نعمة في نفسه و نعمة في
ماله. فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن، و المالية شكر لنعمة المال. و ما اقبح
بالغني المسلم ان ينظر الى فقير مسلم، و قد ضيق الرزق عليه و احوج اليه، ثم لا تسمح
نفسه بان يؤدى شكر الله تعالى على اغنائه عن السؤال، و احواج غيره اليه، باعطاء
عشر او ربع عشر من ماله.

فصل


الحث على التعجيل في الاعطاء


ينبغي للمعطى المنفق، عند ظهور داعية الخير من باطنه، ان يغتنم الفرصة، و يسارع الى
الامتثال، تعجيلا لادخال السرور في قلوب الفقراء و حذرا عن عوائق الزمان
المانعة عن الخيرات، و علما بان في التاخير آفات و تنبها بان انبعاث داعية
الخير لمة الملك، و قلب المؤمن بين اصبعين من اصابع الرحمن، فما اسرع تقلبه، و
الشيطان يعد الفقر و يامر بالفحشاء و المنكر، و له لمة عقيب لمة الملك، و صونا للفقراء
عن الاضطرار الى السؤال، اذ ورد: ان الاعطاء معه مكافاة لوجهه المبذول و ثمن
لما اخذ منه، و ليس بمعروف. و روى: «ان امير المؤمنين عليه السلام بعث الى رجل
بخمسة اوساق من تمر البغيبغة، و كان الرجل ممن ترجى نوافله، و يؤمل نائله و رفده،
و كان لا يسال عليا و لا غيره شيئا، فقال رجل لامير المؤمنين عليه السلام و الله
ما سالك فلان شيئا! و لقد كان يجزيه من الخمسة او ساق و سق واحد. فقال له امير
المؤمنين عليه السلام: لا كثر الله في المؤمنين ضربك! اعطى انا، و تبخل انت! لله
انت! اذا انا لم اعط الذي يرجوني الا من بعد المسالة، ثم اعطيه بعد المسالة،
فلم اعطه الا ثمن ما اخذت منه، و ذلك لانى عرضته ان يبذل لي وجهه الذي يعفره في
التراب لربى و ربه عز و جل عند تعبده له و طلب حوائجه اليه. فمن فعل هذا باخيه
المسلم، و قد عرف انه موضع لصلته و معروفه، فلم يصدق الله في دعائه، حيث يتمنى له
الجنة بلسانه، و يبخل عليه بالحطام من ماله » (97) . ثم ينبغي ان يعين لاداء صدقته
وقتا فاضلا، كيوم الغدير و شهر ذى الحجة، (لا) سيما العشرة الاولى، او شهر رمضان،
(لا)

سيما العشرة الاخيرة، و قد ورد ان رسول الله-صلى الله عليه و آله- كان اجود الخلق، و
كان في رمضان كالريح المرسلة، لا يمسك فيه شيئا.

فصل


فضيلة اعلان الصدقة الواجبة


الصدقة الواجبة، اعني الزكاة، اعلانها افضل من اسرارها-ان كان في اظهارها
ترغيب للناس في الاقتداء، و امن من تطرق الرياء، و لم يكن الفقير بحيث يستحيي من
اخذها علانية. قال الصادق عليه السلام: «كلما فرض الله عليك فاعلانه افضل من
اسراره، و كلما كان تطوعا فاسراره افضل من اعلانه، و لو ان رجلا حمل زكاة
ماله على عاتقه علانية كان ذلك حسنا جميلا» . و قال في قوله تعالى:

«و ان تخفوها و تؤتوها الفقراء فهو خير لكم » (98) :

«هي ما سوى الزكاة علانية غير سر» . فلو دخل في نفسه الرياء مع الاظهار، او كان
الفقير يستحيى من اخذها علانية، كان الاسرار بها افضل: اما الاول: فظاهر، و
اما الثاني: فلما روى: «انه قيل لابي جعفر الباقر عليه السلام: الرجل من
اصحابنا يستحي من ان ياخذ من الزكاة، فاعطيه من الزكاة و لا اسمى له انها
من الزكاة. فقال:

اعطه و لا تسم له، و لا تذل المؤمن » .

و بالجملة: الاعلان كما يتصور فيه فائدة الترغيب، يتطرق اليه محذور الرياء و
المن و الاذى، و ذلك يختلف بالاحوال و الاشخاص. فبالنظر الى بعض الاحوال و
الاشخاص، يكون الاعلان افضل، و بالنظر الى بعض آخر، يكون الاسرار افضل. فلا بد لكل
منفق ان يلاحظ حاله و وقته و يقابل الفائدة بالمحذور، و يختار ما هو الافضل. و من
عرف الفوائد و الغوائل و لم ينظر بعين الشهوة، اتضح له ما هو الاولى و الاليق،

فصل


ذم المن و الاذى فى الصدقة


ينبغي للمتصدق ان يجتنب عن المن و الاذى. قال الله سبحانه:

«لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الاذى » (99) . و قال: «قول معروف و مغفرة خير من صدقة
يتبعها اذى » (100) .

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «ان الله تبارك و تعالى كره لي ست خصال، و
كرهتهن للاوصياء من ولدى و اتباعهم من بعدى:

العبث في الصلاة، و الرفث في الصوم، و المن بعد الصدقة، و اتيان المساجد جنبا،
و التطلع في الوفد، و الضحك بين القبور» .

و (المن) : ان يرى نفسه محسنا. و من ثمراتها الظاهرة: الاظهار بالانفاق، و
التحدث به، و طلب المكافاة منه، بالشكر و الخدمة و التعظيم و المتابعة في الامور.
و (الاذى) : التعبير، و التوبيخ، و الاستخفاف و الاستخدام، و القول السي ء، و
تقطيب الوجه، و هتك الستر. ثم معرفة الاذى ظاهرة، و كذا معرفة الثمرات
الظاهرة للمن. و اما المن الباطني، اى رؤية نفسه محسنا، فيعرف بان يكون
استبعاده من خيانة القابض بعد العطاء اكثر من استبعاده منه قبله.

و علاج المن: ان يعرف ان المحسن هو الفقير القابض لا يصاله الثواب و الانجاء
من العذاب، و كونه نائبا عن الله تعالى، و كون ما يعطيه حقا من الله سبحانه،
احال عليه الفقير انجازا لما وعده من الرزق. و علاج الاذى: ان يعرف ان سببه
استكثار العطاء و كراهية انفاق المال و التكبر على الفقير القابض برؤية نفسه
خيرا منه، لغنائه و احتياجه، و جميع ذلك جهل و حماقة. اما استكثاره العطاء، فلان
ما اعطاه بالنظر الى ما يطلبه لاجله من رضا الله و ثواب الآخرة في غاية القلة و
الخسة، و كيف يستعظم العاقل بذل خسيس فان اذا اخذ في مقابله خطيرا باقيا. و اما
استحقاره الفقير، فلما تقدم من فضل الفقير على الغنى، فكيف يرى نفسه خيرا منه؟ و
كفى للفقير فضلا: ان الله سبحانه جعل الغنى مسخرا له، بان يكتسب المال بالجهد و
التعب، و يسعى في حفظه، و يسلمه الى الفقير بقدر حاجته، و يكف عنه الفاضل الذي يضره
لو سلمه اليه. فالغني يخدم الفقير في طلب المال، مع كون ما يحمد منه للفقير، و كون
ما يذم منه من تحمل المشاق و تقلد المظالم و حراسة الفضلات الى ان يموت فتاكله
الاعداء، على الغني.

و بالجملة: العاقل، بعد التامل، يعلم ان ما يعطيه قليل في مقابلة ما ياخذه، و ان
الفقير محسن اليه. قال امير المؤمنين (ع) : «و من علم ان ما صنع انما صنع الى نفسه،
لم يستبطئ الناس في شكرهم، و لم يستزدهم فى مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما
اتيت الى نفسك و وقيت به عرضك، و اعلم ان الطالب اليك لحاجة لم يكرم وجهه عن
وجهك، فاكرم وجهك عن رده » (101) . و ينبغي للمحترز عن المن و الاذى ان يتواضع و
يتخضع للفقير عند اعطائه، بان يضع الصدقة لديه و يمثل قائما بين يديه، او يبسط كفه
لياخذ الفقير، و تكون يد الفقير هي العليا.

فصل


ما ينبغي للمعطى


و مما ينبغى للمعطى ان يستصغر العطية ليعظم عند الله، و ان استعظمها صغرت عند الله،
قال الصادق-عليه السلام-: «رايت المعروف لا يصلح الا بثلاث خصال: تصغيره، و
تستيره، و تعجيله. فانت اذا صغرته عظمته عند من تصنعه اليه، و اذا سترته
تممته، و اذا عجلته هناته و ان كان غير ذلك محقته و نكدته » (102) . و استعظام
العطاء غير المن و الاذى، اذ الصرف الى عمارة المسجد و مثله يتاتى فيه
الاستعطاء، و لا يتاتى فيه المن و الاذى، و ان يعطى الاجود و الاحب و الابعد
عن الشبهة لان الله طيب لا يقبل الا طيبا، و اخراج غير الجيد سوء ادب بالنسبة
الى الله، اذ امساك الجيد لنفسه و اهله، و انفاق الردي ء في سبيل الله يوجب ايثار
غير الله و ترجيحه عليه، و لو فعل هذا لضيف و قدم اليه اردا طعام في البيت
لانكسر قلبه و وغر به صدره.

هذا اذا كان نظره الى الله بان يتصدق لوجه الله، من غير ملاحظة عوض لنفسه في دار
الآخرة، و ان كان نظره الى نفسه و ثوابه في الآخرة فلا ريب في ان العاقل لا يؤثر
غيره على نفسه، و ليس له من ماله الا ما تصدق فابقى، و اكل فافنى. و لعظم فائدة
انفاق الاجود الاحب، و قبح انفاق الردى ء الاخس، قال الله تعالى:

«انفقوا من طيبات ما كسبتم و مما اخرجنا لكم من الارض و لا تيمموا الخبيث
منه تنفقون و لستم بآخذيه الاان تغمضوا فيه » (103) :

اي لا تاخذونه الا مع كراهية و حياء، و هو معنى الاغماض، و ما هذا شانه عندكم فلا
تؤثروا به ربكم. و قال سبحانه:

«لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون! » (104) . و قال:

«و يجعلون لله ما يكرهون » (105) .

و في الخبر: «سبق درهم مائة الف درهم » . و ذلك بان يخرجه الانسان و هو من احل
ماله و اجوده، فيصدر ذلك عن الرضا و الفرح بالبذل، و قد يخرج مائة الف درهم مما
يكره من ماله، فيدل على انه ليس يؤثر الله بشي ء مما يحبه.

و مما ينبغي له ان يغنى الفقير اذا قدر، ففي الخبر اذا اعطيته فاغنه و ان يقبل يده
بعد الاعطاء، لانه يقع في يد الله تعالى اولا. قال امير المؤمنين-عليه السلام-:
«اذا ناولتم السائل فليرد الذي ناوله يده الى فيه فيقبلها، فان الله عز و جل
ياخذ الصدقات » . و قال النبي (ص)

«ما تقع صدقة المؤمن في يد السائل حتى تقع في يد الله، ثم تلا هذه الآية.

«الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده و ياخذ الصدقات؟ » (106) .

و قال الصادق-عليه السلام-: «ان الله تعالى يقول: ما من شي ء الا و قد وكلت به من
يقبضه غيري، الا الصدقة، فاني اتلقفها بيدي تلقفا، حتى ان الرجل ليتصدق بالتمر او
بشق تمرة، فاربيها له كما يربى الرجل فلوه و فصيله، فتاتى يوم القيامة و هي
مثل احد و اعظم من احد» (107) . و ان يلتمس الدعاء من الفقير، لان دعاءه يستجاب فيه
كما روى: «ان علي بن الحسين-عليه السلام-كان يقول للخادم:

امسك قليلا حتى يدعو، فان دعوة السائل الفقير لا ترد» . و انه (ع)

كان يامر الخادم اذا اعطى السائل، ان يامره ان يدعو بالخير. و عن احدهما
-عليهما السلام-: «اذا اعطيتموهم فلقنوهم الدعاء، فانه يستجاب لهم فيكم، و لا
يستجاب لهم في انفسهم » . و ما قيل من ان ارباب القلوب لا يتوقعون الدعاء من
القابض، لانه شبيه المكافاة، و كانوا يقابلون الدعاء بمثله، و لو ارسلوا معروفا
الى فقير، قالوا للرسول احفظ ما يدعو به ليردوا عليه مثل قوله، خلاف طريقة ائمتنا
الراشدين عليهم السلام فلا اعتبار به عندنا.

و مما ينبغي له ايضا ان يصرف الصدقات الى من يكثر باعطائه الاجر كاهل الورع و
العلم، و ارباب التقوى و الصدق، و الكاملين في الايمان و التشيع. قال رسول
الله-صلى الله عليه و آله-: لا ياكل طعامك الا تقى » ، و قال-صلى الله عليه و آله-:
«اطعموا طعامكم الاتقياء»

و قال صلى الله عليه و آله: «اضف بطعامك من تحبه في الله » . و لكن يرفعهم من
الزكاة الواجبة و الصدقات، لانها اوساخ الاموال، و يوسع عليهم بالهدايا و
الصلاة، ففي الخبر: «مستحقوا الزكاة المستضعفون من شيعة محمد و آله: الذين لم تقو
بصائرهم، و اما من قويت بصيرته و حسنت بالولاية لاوليائهم و البراءة من اعدائهم
معرفته، فذاك اخوكم في الدين، امس بكم رحما من الآباء و الامهات المخالفين، فلا
تعطوه زكاة و لا صدقة فان موالينا و شيعتنا منا كالجسد الواحد، تحرم على
جماعتنا الزكاة و الصدقة و ليكن ما تعطونه اخوانكم المستبصرين البر، و
ارفعوهم عن الزكاة و الصدقات و نزهوهم عن ان تصبوا عليهم اوساخكم. ايحب احدكم
ان يغسل وسخ بدنه ثم يصبه على اخيه المؤمن؟ ان وسخ الذنوب اعظم من وسخ البدن فلا
توسخوا اخوانكم. . . » الحديث.

و لا ينبغي ان يصرف الى من نظره الى الوسائط، بل ينبغي الصرف الى من بلغ مقام
التوحيد، و يرى النعمة من الله، و لا ينظر الى الوسائط اذ من لم يصف باطنه عن رؤية
الوسائط الا من حيث انهم وسائط، فغير خال من نوع من الشرك الخفي. قال الصادق-عليه
السلام- في قول الله تعالى:

«و ما يؤمن اكثرهم بالله الا و هم مشركون » (108) .

«هو قول الرجل: لو لا فلان لهلكت او لولا فلان لما اصبت كذا و لو لا فلان لضاع
عيالي! الا ترى انه قد جعل الله شريكا في ملكه، يرزقه او يدفع عنه؟ » . فقال الراوي
يجوز ان يقال: لو لا ان الله من علي بفلان لهلكت؟ قال «نعم! لا باس بهذا» . و من اهل
المزية و الاختصاص بالبذل اليه، من كان مستترا ساترا للحاجة، كائنا من اهل
المروة، متغشيا في جلباب التجمل، محصورا في سبيل الله، محبوسا في طريق الآخرة
بعيلة او مرض او ضيق معيشة او اصلاح قلب او سبب آخر من الاسباب، و الاولى من الكل
الاقارب و اولو الارحام من اهل الاحتياج، فان الانفاق عليهم صدقة وصلة. و في صلة
الرحم من الثواب ما لا يخفى، قال امير المؤمنين-عليه السلام-: «لان اصل اخا من
اخواني بدرهم، احب الي من اتصدق بعشرين درهما، و لان اصله بعشرين درهما احب الي
من ان اتصدق بمائة درهم، و لان اصله بمائة درهم احب الي من اعتق رقبة » . و في خبر
آخر: «لا صدقة و ذو رحم محتاج، الصدقة بعشرة و القرض بثمانية عشر، وصلة الاخوان بعشرين،
و صلة الرحم باربعة و عشرين » . و في الخبر: «ان افضل الصدقات و الصلاة الانفاق على
ذى الرحم الكاشح » : يعني المبغض، و كانه لمخالفة الهوى و صدوره عن الخلوص و التقوى.

فصل


ما ينبغي للفقراء في اخذ الصدقة


ينبغي للفقير الآخذ ان يعلم ان الله تعالى اوجب صرف المال اليه ليكفي مهمته،
فيتجرد للعبادة و الاستعداد للموت، فينبغي ان يتاهب لذلك و لا يصرفه عنه فضول
الدنيا، و يشكر الله على ذلك، و يشكر المعطى، فيدعو له و يثنى عليه مع رؤية النعمة من
الله سبحانه، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله » . و
قال الصادق -عليه السلام-: «لعن الله قاطعى سبيل المعروف قيل: و ما قاطعوا سبل
المعروف؟ قال: الرجل يصنع اليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من ان يصنع ذلك الى
غيره » (109) و قال امير المؤمنين-عليه السلام-: «من صنع بمثل ما صنع اليه فانما
كافاه، و من ضعفه كان شكورا، و من شكر كان كريما» .

و ينبغي له ايضا ان يستر عيوب صاحب العطاء، و لا يذمه و لا يحقره و لا يغيره
بالمنع اذا منع، و يفخم عند نفسه و عند الناس اعطاءه، بحيث لا يخرجه عن كونه واسطة، لئلا
يكون مشركا، و ان يتوقى مواقع الحرمة و الريهة و الشبهة في اصله و مقداره، فلا ياخذ
ممن لا يحل ماله او يشتبه، كعمال السلاطين و الجنود و من اكثر كسبه من
الحرام، و لا الزيادة على قدر الحاجة، و لا يسال على رؤس الملا ممن يستحى الرد، و
ان يتورع العالم و المتقى من اخذ الزكاة و الصدقات ما لم يضطر اليها، تنزيها
لنفسه عن الاوساخ، و ان يستر الاخذ بنية انه ابقى لستر المروة و التعفف، و
اصون لنفسه عن الاهانة و الاذلال، و اعون للمعطى على الاخفاء و الاسرار، و اسلم
لقلوب الناس من الحسد و سوء الظن، او يظهره بنية الاخلاص و الصدق و اظهار المسكنة و
العبودية، و التبرى عن الكبر، و تلبيس الحال و اقامة سيئة الشكر او غير ذلك.
فانه يختلف باختلاف النيات و الاشخاص و الاحوال، و لكل امرى ء ما نوى، و كل
مراقب للاحوال عارف بالفوائد و المفاسد، يمكنه الاخذ بالانفع الارجح.

تتميم


زكاة الابدان


اعلم انه كما في المال زكاة فكذلك للبدن زكاة، و هو نقصه ليزيد الخير و البركة
لصاحبه. و هذا النقص اما ان يكون اختيارا، بان يصرف في الطاعة و يمنع عن المعصية،
او اضطرارا، بان يصاب بمرض و آفة.

قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-يوما لاصحابه: «ملعون كل مال لا يزكى، ملعون كل
جسد لا يزكى، و لو في كل اربعين يوما مرة. قيل له: يا رسول الله، اما زكاة المال
فقد عرفناها، فما زكاة الاجساد؟ قال -صلى الله عليه و آله-: ان يصاب بآفة » .
فتغيرت وجوه الذين سمعوا منه ذلك، فلما رآهم قد تغيرت الوانهم، قال: «هل تدرون
ما عنيت بقولى؟ فقالوا: لا يا رسول الله! قال: ان الرجل يخدش الخدشة، و ينكب النكبة، و
يعثر العثرة، و يمرض المرضة، و يشاك الشوكة، و ما اشبه هذا. . . » ، حتى ذكر في حديثه
اختلاج العين. و قال-صلى الله عليه و آله- «لكل شي ء زكاة، و زكاة الابدان الصيام » .
و قال الصادق -عليه السلام-: «على كل جزء من اجزائك زكاة واجبة لله عز و جل بل على كل
منبت شعر من شعرك، بل على كل لحظة من لحاظك زكاة.

فزكاة العين: النظرة بالعبرة (110) و الغض عن الشهوات و ما يضاهيها.

و زكاة الاذن: استماع العلم و الحكمة و القرآن، و فوائد الدين من الموعظة و
النصيحة، و ما فيه نجاتك، و بالاعراض عما هو ضده من الكذب و الغيبة و اشباههما،
و زكاة اللسان: النصح للمسلمين، و التيقظ للغافلين، و كثرة التسبيح و الذكر و
غيرها. و زكاة اليد: البذل و العطاء و السخاء بما انعم الله عليك به، و تحريكها
بكتابة العلم و منافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى، و القبض عن الشر. و
زكاة الرجل: السعى في حقوق الله، من زيارة الصالحين، و مجالس الذكر، و اصلاح
الناس، و صلة الارحام، و الجهاد و ما فيه صلاح قلبك و سلامة دينك » (111) .

و ثانيها:

الخمس


و قد فرضه الله تعالى على عباده صونا لذرية نبيه-صلى الله عليه و آله- عن
الافتقار، و تنزيها لهم عن الصدقات التي هي اوساخ الناس، فقال سبحانه:

«و اعلموا انما غنمتم من شي ء فان لله خمسه و للرسول و لذي القربى و اليتامى و
المساكين و ابن السبيل، ان كنتم آمنتم بالله و ما انزلنا على عبدنا يوم
الفرقان يوم التقى الجمعان، و الله على كل شي ء قدير» (112) .

و المستفاد من الآية: ان مانع الخمس لا ايمان له. و قال امير المؤمنين -عليه
السلام-: «هلك الناس فى بطونهم و فروجهم، لانهم لا يؤدون الينا حقنا» . و لا ريب في
عظم الثواب و الاجر في ادائه و ايصاله الى اهله، و كيف لا و هو اعانة ذرية
الرسول-صلى الله عليه و آله-و قضاء حوائجهم، و قد قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-:
«حقت شفاعتي لمن اعان ذريتي بيده و لسانه و ماله » (113) . و قال-صلى الله عليه و آله-
«اربعة انا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي، و القاضي لهم حوائجهم و الساعي
لهم في امورهم عند ما اضطروا اليه، و المحب لهم بقلبه و لسانه »

و قال صلى الله عليه و آله: «من اصطنع الى احد من اهل بيتي يدا، كافيته يوم
القيامة » . و عن الصادق-عليه السلام-قال: «اذا كان يوم القيامة، نادى مناد:
ايها الخلائق، انصتوا، فان محمدا يكلمكم.

فتنصت الخلائق، فيقوم النبي صلى الله عليه و آله فيقول: يا معشر الخلائق من كانت
له عندى يد او منة او معروف فليقم حتى اكافيه. فيقولون:

بآبائنا و امهاننا! و اي منة و اي معروف لنا؟ ! بل اليد و المنة و المعروف لله و
لرسوله على جميع الخلائق. فيقول لهم: بلى! من آوى احدا من اهل بيتي، او برهم، او
كساهم من عرى، او اشبع جائعهم، فليقم حتى اكافيه. فيقوم اناس قد فعلوا ذلك،
فياتي النداء من عند الله:

يا محمد، يا حبيبي، قد جعلت مكافاتهم اليك، فاسكنهم من الجنة حيث شئت. قال: فيسكنهم
في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد و اهل بيته -صلوات الله عليهم » (114) . و قد ظهر مما
تقدم بعض ما تعلق به من الاسرار و الآداب و الشرائط الباطنة.

و ينبغي ان يكون معطيه في غاية الحذر عن استعظامه و عن المن و الاذى و ان يكون
في غاية التخضع و التواضع للذريه العلوية عند اعطائه اياهم، و يعلم انه عبد من
عباد الله، اعطاه مولاه نبذا من امواله، ثم امره بان يوصل قليلا منها الى ذرية
نبيه-صلى الله عليه و آله-، و جعل له ايضا في مقابلة هذا الايصال زيادة المال في
الدنيا و عظيم الاجر و الثواب في العقبى فما اقبح بالعاقل-مع ذلك-ان يستعظم ما
يعطيه، و يمن على اولاد نبيه -صلى الله عليه و آله-.

و ثالثها:

تعليقات:

55) روى هذا الحديث عينه عن الصادق-عليه السلام- (الوسائل كتاب الزكاة ابواب
الصدقة الباب 32 الحديث 5) .

56) نكت الارض بقضيب او باصبعه: ضربها به حال التفكر فاكثر فيها.

57) صححنا الحديث على الوسائل (كتاب الزكاة ابواب الصدقة الباب 33 الحديث 4) و
هو يرويه عن الكافي.

58) الاستلاب بمعنى السلب، و هو من باب الافتعال.

59) الضحى، الآية: 10.

60) صححنا اكثر الاحاديث هنا على ما في سفينة البحار الجزء الاول ص 585 و كتاب
الزكاة من الوسائل ابواب الصدقة باب 33-37 و احياء الاحياء في كتاب الفقر.

61) البقرة، الآية: 268.

62) التوبة، الآية. 56.

63) طه، الآية: 131.

64) صححنا الحديث و ما قبله على ما في (الكافي) : باب القناعة، و كذا الحديثين
المذكورين بعده. الا ان هذا الحديث مروي في (الكافي) عن ابي جعفر -عليه السلام-و
روى في (الوسائل) عن كتاب الزهد، في ابواب جهاد النفس من كتاب الجهاد: الباب
61 الحديث 11، ما يقرب من عبارة هذا الحديث عن ابي عبد الله-عليه السلام-.

65) روى في (سفينة البحار) : 2: 431، عن امير المؤمنين-عليه السلام- مثل هذا
الحديث هكذا: «ما عال امرؤ اقتصد» ، و كذا في (بحار الانوار) : 2 مج 15 199.

66) صححنا الحديث على ما في (الوافي) : 5 295، و قال فيه: «كلاهما بكسر الميم: اسم
آلة من الثروة. و التوى-بالمثناة-بمعنى الهلاك و التلف »

67) صححنا الحديث على ما في (الوافي) : 5 245.

68) هود، الآية: 6.

69) الطلاق، الآية: 2-3.

70) صححنا الحديث على (الكافي) في باب الطمع كما اثبتناه، لكن في (سفينة البحار) :
2 93، رواه عن الصادق-عليه السلام-هكذا: «قال: قلت: ما الذي يثبت الايمان في قلب
العبد؟ قال: الذي يثبته فيه الورع، و الذي يخرجه منه الطمع » .

71) صححنا الاحاديث هنا-ابتداء من الحديث المروي عن علي-عليه السلام- على
(الكافي) : باب الاستغناء عن الناس. و (الوسائل) : كتاب الزكاة، ابواب الصدقة،
الباب 37.

72) الاسراء، الآية: 29.

73) الفرقان، الآية: 67.

74) النساء، الآية: 36.

75) آل عمران، الآية: 180.

76) الاحاديث كلها عامية، صححناها على (احياء العلوم) و (احياء الاحياء) .

77) صححنا الحديث (على البحار) : ج 3 من المجلد الخامس عشر ص 143 و كذا الحديث
المتقدم.

78) محمد، الآية: 38.

79) الحشر، الآية: 9. التغابن، الآية: 16.

80) البقرة، الآية: 237.

81) (البحار) : 2 مج 15 221، باب السخاء و السماحة.

82) صححنا الحديث على (البحار) فى الموضع المتقدم: (الشحيح) بدل (البخيل) .

83) صححنا الحديث على (سفينة البحار) : 1 607، و على (الوافي) : 5 293، في باب الجود
و البخل. لكن بينهما اختلاف يسير، فرجحنا تصحيح الحديث على ما في (السفينة) .

84) الروايات كلها عامية، صححناها على احياء العلوم: 3 210.

85) صححنا الحديث على (الوافي) : 5 294، باب الجود و البخل.

86) الحشر، الآية: 9.

87) اى الراوى.

88) البقرة، الآية: 207.

89) الحج، الاية: 78. المجادلة، الاية: 13.

90) التوبة، الاية: 35.

91) الحج، الاية: 78. المجادلة، الاية: 13.

92) آل عمران، الآية: 180.

93) قال في (الوافي) : 6 241، باب الزكاة: «بيان (القاع) : الارض السهلة المطمئنة. و
(القرقر) : الارض المستوية اللينة. و (الشجاع) -بالضم و الكسر-: الحية، او الذكر
منها، او ضرب منها. و (الفحل) -بالمهملة-: الذكر من كل حيوان، و من الابل خاصة، و هو
المراد هنا. (الريع) -بكسر الراء و فتحها-المرتفع من الارض » .

94) المؤمنون، الآية: 99-100.

95) صححنا الاحاديث كلها على (الوافي) : 6 241-242، باب الزكاة

96) التوبة. الآية: 111.

97) صححنا الحديث على (الوافي) : 6 286، باب آداب الاعطاء. قال (البغيبغة) ضيعة
بالمدينة، و (النوافل) : العطايا، و (لله انت! ) : اى كن لله و انصفني في القول.

98) البقرة، الآية: 271.

99) البقرة، الآية: 264.

100) البقرة، الآية: 263.

101) صححنا الحديث على (الوافي) : 6/290، كتاب الزكاة باب 57 المعروف و فضله.

102) صححنا الحديث على (الوافي) : 6/291، كتاب الزكاة باب 57 المعروف و فضله.

103) البقرة، الآية: 267.

104) آل عمران، الآية: 92.

105) النحل، الآية: 62.

106) التوبة، الآية: 105.

107) صححنا الحديث على (الوافي) : 6/262، باب فضل الصدقة.

108) يوسف، الآية: 106.

109) صححنا الحديث على (الكافي) : 4 33، كتاب الزكاة، باب من كفر المعروف. ط
طهران 1377 ه.

110) فى نسخ (جامع السعادات) : «النظر بالعبر» ، و لعله الاولى.

111) صححنا الحديث على (مصباح الشريعة) : الباب 22، و فيه اختلاف كثير عن نسخ
(جامع السعادات) بما لم يخرج عن المعنى.

112) الانفال، الآية: 41.

113) صححنا هذا الحديث على (جامع الاخبار) : الباب 2، الفصل 6.

114) صححنا الاحاديث الثلاثة الاخيرة على (الوسائل) : كتاب الامر بالمعروف
ابواب الامر بالمعروف، الباب 17.

115) صححنا الحديث على (الوسائل) : كتاب التجارة، ابواب مقدماتها، الباب 22.
و روى الحديث في (المستدرك) عن (غوالى اللئالى) .

116) صححنا الحديث على (الوسائل) : كتاب النكاح، ابواب النفقات، الباب 21. و كذا
الحديث الآتي: «ملعون ملعون. . . » .


/ 15