جامع السعادات جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

جامع السعادات - جلد 2

محمد مهدی النراقی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



فصل


كتمان السر


ضد افشاء السر: كتمانه، و هو من الافعال المحمودة، و قد امر به في الاخبار. قال
رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «طوبى لعبد نومة، عرفه الله و لم يعرفه الناس،
اولئك مصابيح الهدى و ينابيع العلم، تتجلى عنهم كل فتنة مظلمة، ليسوا بالمذاييع
البذر، و لا الجفاة المرائين » . و قال امير المؤمنين-عليه السلام-: «طوبى لعبد
نومة، لا يؤبه له، يعرف الناس و لا يعرفه الناس، يعرفه الله منه برضوان، اولئك
مصابيح الهدى، تنجلى عنهم كل فتنة، و يفتح لهم باب كل رحمة، ليسوا بالبذر
المذاييع، و لا الجفاة المرائين » . و قال امير المؤمنين-عليه السلام- «قولوا
الخير تعرفوا به، و اعملوا الخير تكونوا من اهله، و لا تكونوا عجلا مذاييع. فان
خياركم الذين اذا نظر اليهم ذكر الله، و شراركم المشاؤن بالنميمة، المفرقون
بين الاحبة، المبتغون للبراء المعايب » (1) .

تنبيه


النميمة


النميمة تطلق في الاكثر على ان ينم قول الغير الى المقول فيه، كان يقال: فلان
تكلم فيك بكذا و كذا، او فعل فيك كذا و كذا. و على هذا تكون نوعا خاصا من افشاء
السر و هتك الستر، و هو الذي يتضمن فسادا او سعاية. و قد تطلق على ما لا يختص
بالمقول فيه، بل على كشف ما يكره كشفه، سواء كره المنقول عنه او المنقول اليه او
كرهه ثالث، و سواء كان الكشف بالقول او الكتابة او بالرمز و الايماء، و سواء كان
المنقول من الاعمال او من الاقوال، و سواء كان ذلك عيبا و نقصانا على المنقول
عنه او لم يكن. و على هذا يكون مساوية الافشاء السر و هتك الستر و حينئذ فكل ما
يرى من احوال الناس و لم يرضوا بافشائه، فاذاعته نميمة فاللازم على كل مسلم
ان يسكت عما يطلع عليه من احوال غيره، الا اذا كان في حكايته نفع لمسلم او دفع
لمعصية. كما اذا راى احدا يتناول مال غيره، فعليه ان يشهد به مراعاة لحق المشهود
له، و اما اذا رآه يخفى ما لا لنفسه، فحكايته نميمة و افشاء للسر.

ثم الباعث على النيمة يكون غالبا ارادة السوء بالمحكي عنه، فيكون داخلا تحت
الايذاء، و ربما كان باعثه اظهار المحبة للمحكى له، او التفريح بالحديث، او
الخوض في الفضول. و على اى تقدير، لا ريب في ان النميمة ارذل الافعال القبيحة و
اشنعها. و ما ورد في ذمها من الآيات و الاخبار لا يحصى كثرة، قال الله سبحانه:

«هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد اثيم. عتل بعد ذلك زنيم » (2) .

و الزنيم: هو ولد الزنا. فيستفاد من الآية: ان كل من يمشي بالنميمة فهو ولد الزنا.
و قال سبحانه:

«ويل لكل همزة لمزة » (3) . اي النمام المغتاب.

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «لا يدخل الجنة نمام »

و في خبر آخر: «لا يدخل الجنة قتات » : اى النمام. و قال-صلى الله عليه و آله-: «احبكم
الى الله احسنكم اخلاقا، الموطئون اكنافا، الذين يالفون و يؤلفون، و ان ابغضكم
الى الله المشاؤن بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الملتمسون للبراء العثرات » (4) .
و قال-صلى الله عليه و آله- «الا انبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
المشاؤن بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الباغون للبراء المعايب » (5) . و قال صلى
الله عليه و آله: «من اشار على مسلم كلمة ليشينه بها في الدنيا بغير حق، شانه الله
في النار يوم القيامة » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «ايما رجل اشاع على رجل كلمة و
هو منها بري ء ليشينه بها في الدنيا، كان حقا على الله ان يدينه بها يوم القيامة في
النار» . و قال-صلى الله عليه و آله-:

«ان الله لما خلق الجنة قال لها: تكلمى، قالت: سعد من دخلني.

قال الجبار جل جلاله: و عزتي و جلالي! لا يسكن فيك ثمانية نفر من الناس لا يسكنك
مدمن خمر، و لا مصر على الزنا، و لا قتات-و هو النمام-، و لا ديوث، و لا شرطى، و لا
مخنث، و لا قاطع رحم، و لا الذى يقول علي عهد الله ان افعل كذا و كذا ثم لم يف به » . و
قال الباقر-عليه السلام-: «الجنة محرمة على المغتابين المشائين بالنميمة » . و
قال-عليه السلام-: «يحشر العبد يوم القيامة و ما ندا دما (6) ، فيدفع اليه شبه
المحجمة او فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول:

يا رب، انك لتعلم انك قبضتني و ما سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا و
كذا فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت الى فلان الجبار فقتله عليها، و هذا سهمك
من دمه » . و قال الصادق-عليه السلام-:

«من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من اعين الناس، اخرجه
الله تعالى من ولايته الى ولايته الى ولاية الشيطان، و لا يقبله الشيطان » (7) . و
روى: «انه اصاب بني اسرائيل قحط، فاستسقى موسى مرات، فما اجيب. فاوحى الله
تعالى اليه: انى لا استجيب لك و لمن معك و فيكم نمام قد اصر على النميمة. فقال
موسى: يا رب، من هو حتى نخرجه من بيننا؟ فقال: يا موسى، انهاكم عن النميمة و
اكون نماما؟ ! فتابوا باجمعهم، فسقوا» و روى: «ان ثلث عذاب القبر من النميمة » .

و من عرف حقيقة النميمة، يعلم ان النمام شر الناس و اخبثهم، كيف و هو لا ينفك من
الكذب، و الغيبة، و الغدر، و الخيانة، و الغل، و الحسد و النفاق، و الافساد بين
الناس، و الخديعة. و قد قال الله سبحانه:

«و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون في الارض » (8) .

و النمام يسعى في قطع ما امر الله به ان يوصل و يفسد في الارض.

و قال الله:

«انما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الارض بغير الحق » (9) . و
النمام منهم.

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «لا يدخل الجنة قاطع » :

اى قاطع بين الناس، و النمام قاطع بينهم. و قال صلى الله عليه و آله:

«شر الناس من اتقاه الناس لشره » . و النمام منهم، و النمام اعظم شرا من كل احد.

نقل: ان رجلا باع عبدا، فقال للمشترى: ما فيه عيب الا النميمة قال رضيت. فاشتراه،
فمكث الغلام اياما، ثم قال لزوجة مولاه: ان زوجك لا يحبك، و هو يريد ان يتسرى
عليك، و انا اسحره لك في شعره فقالت: كيف اقدر على اخذ شعره؟ فقال: اذا نام فخذى
الموسى و احلقى من قفاه عند نومه شعرات. ثم قال للزوج: ان امراتك اتخذت خليلا و
تريد ان تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف. فتناوم فجاءته المراة بالموسى، فظن
انها تقتله، فقام و قتلها، فجاء اهلها و قتلوا الزوج، فوقع القتال بين
القبيلتين، و طال الامر بينهم.

ثم يلزم على من تحمل اليه النميمة الا يصدق النمام، لانه فاسق، و الفاسق مردود
الشهادة بقوله تعالى:

«ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا» (10) .

و ان ينهاه عن ذلك، و ينصحه و يقبح له فعله، لقوله تعالى:

«و امر بالمعروف و انه عن المنكر» (11) .

و ان يبغضه في الله، لكونه مبغوضا عنده تعالى، و الا يظن باخيه سوا بمجرد قوله،
لقوله تعالى:

«اجتنبوا كثيرا من الظن » (12) .

و الا يحمل عمله على التجسس و البحث لتحقيق ما حكى له، لقوله تعالى: «و لا
تجسسوا» . و الا يرضى لنفسه ما نهى عنه النمام، فلا يحكى نميمته، فيقول: فلان قد
حكى كذا و كذا، فيكون به نماما و مغتابا.

و روى محمد بن فضيل عن الكاظم-عليه السلام-: «انه قال له -عليه السلام-: جعلت
فداك! الرجل من اخوانى يبلغني عنه الشي ء الذى اكرهه، فاساله عنه فينكر ذلك، و قد
اخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي: يا محمد، كذب سمعك و بصرك عن اخيك، فان شهد عندك
خمسون قسامة، فقال لك قولا، فصدقه و كذبهم، و لا تذيعن عليه شيئا تشينه به و تهدم
مروته، فتكون من الذين قال الله:

«ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب شديد» (13) .

و قد روى عن امير المؤمنين-عليه السلام-: «ان رجلا اتاه يسعى اليه برجل، فقال:
يا هذا، نحن نسال عمن قلت، فان كنت صادقا مقتناك، و ان كنت كاذبا عاقبناك، و ان
شئت ان نقيلك اقلناك قال: اقلني يا امير المؤمنين » . و نقل: «ان رجلا زار بعض الحكماء و
اخبره بخبر عن غيره، فقال: قد ابطات عنى الزيارة، و بغضت الي اخى، و شغلت قلبى
الفارغ، و اتهمت نفسك الامينة » .

تتمة


السعاية


السعاية هي النميمة، بشرط كون المحكي له من يخاف جانبه، كالسلاطين و الامراء و
الحكماء و الرؤساء و امثالهم، فهي اشد انواع النميمة اثما و معصية و هي ايضا تكون
من العداوة و من حب المال و طمعه، فتكون من رداءة القوتين و خباثتهما. قال
رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «الساعى بالناس الى الناس لغير رشده » . يعني ليس ولد
حلال. و ذكرت السعاة عند بعض الاكابر، فقال: ما ظنك بقوم يحمد الصدق من كل طبقة
الا منهم!

و منها:

الافساد بين الناس


و هو في الاكثر يحصل بالنميمة، و ان لم يوجب كل نميمة افسادا.

و لا ريب في كونه من المهلكات المؤدية الى النار، قال الله سبحانه:

«الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر الله به ان يوصل و يفسدون في
الارض اولئك هم الخاسرون » (14) .

و قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ان فساد ذات البين هي الحالقة » .

وصل


الاصلاح


و ضده: الاصلاح بين الناس، و هو اعظم افراد النصيحة، و لا غاية لمثوبته عند الله. قال
رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «افضل الصدقة اصلاح ذات البين » . و قال-صلى الله
عليه و آله-: اتقوا الله و اصلحوا ذات بينكم، فان الله تعالى يصلح بين المؤمنين
يوم القيامة » .

و قال-صلى الله عليه و آله-: «ليس بكذاب من اصلح بين اثنين فقال خيرا» . و قال-صلى
الله عليه و آله-: «كل الكذب مكتوب، الا ان يكذب الرجل في الحرب، فان الحرب خدعة،
او يكذب بين اثنين ليصلح بينهما» . . . و قال الصادق-عليه السلام-: «صدقة يحبها الله
تعالى: اصلاح بين الناس اذا تفاسدوا، و تقارب بينهم اذا تباعدوا» .

و قال-عليه السلام-للمفضل: «اذا رايت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من
مالى » . و قال-عليه السلام-لابن عمار: «ابلغ عنى كذا و كذا في اشياء امر بها.
فقال له ابن عمار: فابلغهم عنك، و اقول عنى ما قلت لي و غير الذي قلت؟ قال: نعم! ان
المصلح ليس بكذاب » .

و قال-عليه السلام-: «المصلح ليس بكاذب » (15) : يعني اذا تكلم بما لا يطابق الواقع
فيما يتوقف عليه الاصلاح لم يعد كلامه كذبا. و هذا يدل على وجوب الاصلاح بين الناس،
لان ترك الكذب واجب، و لا يسقط الواجب الا بواجب آكد منه.

و منها:

الشماتة


و هو اظهار ان ما حدث بغيره من البلية و المصيبة انما هو من سوء فعله و اساءته،
و الغالب صدوره عن العداوة او الحسد. و علامته ان يكون مع فرح و مسرة، و ربما صدر
عن رداءة القوة الشهوية، بان يهتز به و يميل اليه، مع جهله بمواقع القضاء و القدر، و
ان لم يكن معه حقد و حسد. و التجربة و الاخبار شاهدان على ان كل من شمت بمسلم في
مصيبة لم يخرج من الدنيا حتى يبتلى بمثلها و يشمت به غيره فيها. قال الصادق
-عليه السلام-: «لا تبدى الشماتة لاخيك، فيرحمه الله و يحلها بك » .

و قال-عليه السلام-: «من شمت بمصيبة نزلت باخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن » (16)
على ان كل بلية و مصيبة ترد على مسلم يمكن ان تكون كفارة لذنوبه باعثار لرفع
درجاته و اعلاء مرتبته في دار الآخرة.

و الدليل على ذلك: ان اعظم البلايا و المصائب موكلة بالانبياء، ثم بالاولياء،
ثم بالامثل فالامثل في درجات الاعتلاء. و لا ريب في ان ورود المصائب و المحن
عليهم ليس من سوء فعلهم و اساءتهم. فينبغي لكل عاقل ان يتامل (اولا) ان الشماتة
بمسلم بمصيبة لا ينفك في الدنيا من ابتلائه بمثلها، (و ثانيا) انها ايذاء لاخيه
المسلم، فلا ينفك عن العذاب في الآخرة (و ثالثا) ان نزول هذه المصيبة به لا يدل على
سوء حاله عند الله، بل الارجح دلالته على حسن حاله و تقربه عند الله سبحانه.
فليحافظ على نفسه عن ابداء الشمانة لاحد من المسلمين، و يخوف من يراه من
الشامتين عن عقوبة العاجل و عذاب الآجل.

و منها:

المراء و الجدال و الخصومة


اعلم ان المراء طعن في كلام الغير لاظهار خلل فيه، من غير غرض سوى تحقيره و
اهانته، و اظهار تفوقه و كياسته. و الجدال: مراء يتعلق باظهار المسائل
الاعتقادية و تقريرها. و الخصومة: لجاج في الكلام لاستيفاء مال او حق و مقصود، و
هذه تكون تارة ابتداء و تارة اعتراضا، و المراء لا يكون الا اعتراضا على كلام
سبق، فالمراء داخل تحت الايذاء، و يكون ناشئا من العداوة او الحسد. و اما الجدال
و الخصومة، فربما صدرا من من احدهما ايضا، و ربما لم يصدرا منه.

و حينئذ، فالجدال ان كان بالحق-اى تعلق باثبات احدى العقائد الحقة-و كان الغرض
منه الارشاد و الهداية، و لم يكن الخصم لدودا عنودا فهو الجدال بالاحسن، و ليس
مذموما، بل ممدوح معدود من الثبات في الايمان الذي هو من نتائج قوة المعرفة و
كبر النفس، قال الله سبحانه:

«و لا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن » (17) .

و ان لم يكن بالحق، فهو مذموم اقتضته العصبية او حب الغلبة او الطمع، فيكون
من رذائل القوة الغضبية او الشهوية، و ربما اورث شكوكا و شبهات تضعف العقيدة
الحقة، و لذا نهى الله سبحانه عنه و ذم عليه، فقال:

«و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير» (18) . و قال: «و اذا
رايت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره » (19) .

و الخصومة ايضا ان كانت بحق، اى كانت مما يتوقف عليه استيفاء مال او حق ثابت،
فهي ممدوحة معدودة من فضائل القوة الشهوية، و ان كانت بباطل، اى تعلقت بما يدعيه
كذبا او بلا علم و يقين، فهي مذمومة معدودة من رذائلها. فالخصومة المذمومة تتناول
المخاصمة فيما يعلم قطعا عدم استحقاقه، و فيما لا علم له بالاستحقاق، كخصومة وكيل
القاضي، فانه قبل ان يعرف ان الحق في اى جانب، يتوكل في الخصومة من اى جانب كان،
و يخاصم من غير علم و ايقان، فمثله خباط العثرات و ركاب الشبهات، يضر
بالمسلمين بلا غرض، و يتحمل اوزار الغير بلا عوض، فهو اخسر الناس اعمالا و
اعظمهم في الآخرة اوزارا و نكالا. و تتناول ايضا مخاصمة من يطلب حقه و لكنه لا
يقتصر على قدر الحاجة، بل يظهر اللدد و العناد في الخصومة قصدا للتسلط و الايذاء، و من
يمزج بخصومته كلمة مؤذية لا يحتاج اليها في اظهار الحق و بيان الحجة، و من
يحمله على الخصومة محض العناد بقهر الخصم و كسره مع استحقاره لذلك القدر من المال،
و ربما صرح بان قصدى العناد و الغلبة عليه و كسر عرضه، و اذا اخذت منه هذا المال
رميته، و لا ابالى، فمثله غرضه اللدد و اللجاج.

فتنحصر الخصومة الجائزة بمخاصمة المظلوم الذي يطلب حقه و ينصر حجته بطريق الشرع
من غير قصد عناد و ايذاء، مع الاقتصار على قدر الحاجة في الخصومة من دون ان يتكلم
بالزائد و لا بكلمات مؤذية، ففعله ليس بحرام و ان كان الاولى تركه ما وجد اليه
سبيلا، اذ ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال متعذر او متعسر، لانها توغر
الصدر، و تهيج الغضب، و اذا هاج الغضب ذهب المتنازع فيه من البين، و اشتد
الحقد بين المتخاصمين حتى يحزن كل واحد بمسرة صاحبه و يفرح بمساءته.

فالخصومة مبدا كل شر، فينبغي الا يفتح بابها الا عند الضرورة على قدر الضرورة، و لا
يتعدى عن الواجب، اذ اقل درجاتها تشوش الخاطر، حتى انه في الصلاة ليشتغل
بمخاصمة الخصم، و يتضمن الطعن و الاعتراض اى التجهل و التكذيب، اذ من يخاصم
غيره اما يجهله او يكذبه، فيكون آتيا بسوء الكلام، و يفوت به ضده، اعني طيب
الكلام، مع ما ورد فيه من الثواب. و كذا الحال في المراء و الجدال.

و بالجملة: المراء و الجدال و الخصومة، سوى ما استثنى، من ذمائم الافعال و
مبادى ء اكثر الشرور و الفتن، و لذا ورد بها الذم الشديد في الاخبار قال رسول
الله-صلى الله عليه و آله-: «من جادل في خصومة بغير علم، لم يزل في سخط حتى ينزع » . و
قال-صلى الله عليه و آله- «ان ابغض الرجال الى الله الابد الخصم » . و قال-صلى الله
عليه و آله- «ما اتاني جبرئيل قط الا وعظني، فآخر قوله لي: اياك و مشادة الناس فانها
تكشف العورة و تذهب بالعز» . و قال امير المؤمنين عليه السلام:

«اياكم و المراء و الخصومة، فانهما يمرضان القلوب على الاخوان، و ينبت عليهما
النفاق » . و قال علي بن الحسين-عليهما السلام-: «ويل امة فاسقا من لا يزال مماريا!
ويل امة فاجرا من لا يزال مخاصما! ويل امة آثما من كثر كلامه في غير ذات الله! »
. و قال الصادق-عليه السلام- «لا تمارين حليما و لا سفيها، فان الحليم يغلبك و
السفيه يؤذيك » . و قال «اياك و المشادة، فانها تورث المعرة و تظهر العورة » . و قال
عليه السلام «اياكم و الخصومة، فانها تشغل القلب، و تورث النفاق، و تكسب
الضغائن » (20) فمن تامل في ما يدل على ذمها و سوء عاقبتها عقلا و نقلا -فمع عدم
ترتب فائدة عليها، و تذكر ما ورد في مدح تركها و فوائد ضدها، اعني طيب
الكلام-يسهل عليه ان يتركها و لا يحوم حولها.

تذنيب


علاج المراء


طريق المعالجة في ازالة المراء و الجدال و الخصومة: ان يعلم انها توجب
التباغض و المباينة، و تزيل الالفة و المحبة، و تقطع الالتيام و الوحدة و لا ريب
في ان قوام النظام الاصلح بالالتيام و الوحدة، كما اقتضته العناية الالهية
و الحكمة الازلية، و المباينة الراجعة الى الكثرة ينافيهما، و لا ينبغي للعاقل ان
يرتكب ما يضاد فعل الله و حكمته. و هذا هو العلاج العلمي، و اما العملي، فليواظب
على ضده هذه الثلاثة، اعنى طيب الكلام، و يكلف نفسه عليه، حتى يصير ملكة له و ترتفع
اضدادها عنه بالمرة.

وصل


طيب الكلام


قد اشير الى ان ضد الرذائل الثلاث: طيب الكلام، و ما ورد في مدحه و في ثواب
تركها اكثر من ان يحصى. قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ثلاث من لقى الله
تعالى بهن دخل الجنة من اى باب شاء:

من حسن خلقه، و خشى الله في المغيب و المحضر، و ترك المراء و ان كان محقا» . و قال
صلى الله عليه و آله: «يمكنكم من الجنة طيب الكلام و اطعام الطعام » . و قال صلى
الله عليه و آله: «ان في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها،
اعدها الله لمن اطعم الطعام و اطاب الكلام » . و قال صلى الله عليه و آله: «الكلمة
الطيبة صدقة » . و روى «ان عيسى-عليه السلام-مر به خنزير. فقال: مر بسلامة. فقيل له:
يا روح الله، تقول هذا للخنزير! فقال: اكره ان اعود لساني الشر»

و قال بعض الحكماء: «الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة في الجوارح »

و منها:

السخرية و الاستهزاء


و هو محاكاة اقوال الناس او افعالهم او صفاتهم و خلقهم، قولا و فعلا، او ايماء و
اشارة، على وجه يضحك منه. و هو لا ينفك عن الايذاء و التحقير و التنبيه على العيوب
و النقائص. و ان لم يكن ذلك بحضرة المستهزا به، فيتضمن الغيبة ايضا. و باعثه
اما العداوة او التكبر و استصغار المستهزا به، فيكون من رذائل القوة
الغضبية، او قصد ضحك الاغنياء و تنشيط قلوبهم، طمعا فى بعض اوساخهم الملوثة، و اخذ
النبذ من حطامهم المحرمة، و لا ريب في انه صفة من لا حظ له في الدين، و شيمة اراذل
احزاب الشياطين، لانهم يظهرون اكاذيب الاقوال و يرتكبون اعاجيب الافعال،
يخلعون قلائد الحرية عن الرقاب، و يهتكون استار الحياء بمراى من اولى الالباب،
يبتغون عيوب المؤمنين و عوراتهم، و يظهرون نقائص المسلمين و عثراتهم، يقلدون
افعال الاخيار على وجه يضحك الاشرار، و يحاكون صفات الابرار على افضح
الوجوه في الانظار. و لا ريب في ان المرتكب لهذه الافعال بعيد عن الانسانية
بمراحل، و مستوجب لعقوبة العاجل و عذاب الآجل، و لا يخلو ساعة عن الصغار و الهوان،
و لا وقع له في قلوب اهل الايمان، و كفاه ذما انه جعل تلك المعاصي الخبيثة وسيلة
لتحصيل المال او الواقع فى قلوب ابناء الدنيا، و يلزمه عدم اعتقاده بان الله
سبحانه هو المتكفل لارزاق العباد.

و الطريق في دفعه-بعد التامل في سوء عاقبته، و وخامة خاتمته، و فيما يلزمه من
الذلة و الهوان في الدنيا-ان يبادر الى ازالة العداوة و التكبر ان كان باعثه
ذلك، و ان كان باعثه تنشيط قلوب اهل الدنيا طمعا في مالهم، فليعلم ان لكل نفس ما قدر
لها من الاموال و الارزاق، و يصل اليها من الله سبحانه البتة، فان من يتق
الله و يتوكل عليه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب، و يكون في الآخرة سعيدا،
و ان اغواه الشيطان و حثه على تحصيلها من المداخل الخبيثة، لم يصل اليه اكثر
مما قدر له، و كان في الآخرة شقيا.

و ليعلم ايضا ان المتوكل على الله و المتصف بالحرية، لا يبدل التوكل و الحرية
بهذه الافعال لاجل الوصول الى بعض خبائث الاموال، فليعاتب نفسه و يزجرها
بالمواعظ و النصائح، و يتذكر ما ورد في الشريعة من ذم المستهزئين و تعذيبهم
يوم القيامة بصورة الاستهزاء، قال الله جل شانه:

«لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرامنهم » (21) .

و قال-صلى الله عليه و آله-: «ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة،
فيقال: هلم هلم! فيجى ء بكربه و غمه، فاذا اتى اغلق دونه ثم يفتح له باب آخر،
فيقال: هلم هلم! فيجى ء بكربه و غمه، فاذا اتى اغلق دونه. فما يزال كذلك، حتى يفتح
له الباب، فيقال له: هلم هلم فما ياتيه » . و قال ابن عباس في قوله تعالى:

«يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة الا احصاها» (22) .

«الصغيرة: التبسم بالاستهزاء بالمؤمن، و الكبيرة: القهقهة بذلك »

و فيه اشارة الى ان الضحك على الناس من الجرائم العظيمة.

ثم جميع ما ذكر انما هو في حق من يؤذي الناس و يهينهم باستهزائه و سخريته، و اما
من جعل نفسه سسخرة و يسر بان يهزل و يسخر به، و ان كان هو ظالما لنفسه خارجا عن
شعار المؤمنين، حيث اهان نفسه و اذلها، الا ان سخرية الغير به من جملة المزاح، و
ياتي ما يذم منه و ما يحمد، و انما المحرم منه ما يؤدي الى ايذائه و تحقيره: بان
يضحك على كلامه اذا يخبط و لم ينتظم، او على افعاله اذا كانت مشوشة، او على
صورته و خلقته اذا كان قصيرا او طويلا او ناقصا بعيب من العيوب. فالضحك على
جملة ذلك داخل في السخرية المنهى عنها.

و طريق علاجه-بعد تذكر ما تقدم-ان استهزاءه يوجب خزي نفسه يوم القيامة عند الله و
عند الملائكة و النبيين و عند الناس اجمعين، فلو تفكر في حسرته و حيائه و خجله و خزيه
يوم يحمل سيئات من استهزا به و يساق الى النار، لادهشه ذلك عن اخزاء غيره، و لو
عرف حقيقة حاله يوم القيامة، لكان الاولى له ان يضحك على نفسه تارة و يبكي عليها
اخرى، لاله باستهزائه به عند بعض اراذل الناس عرض نفسه لان ياخذ بيده ذلك
الغير يوم القيامة على ملا من الناس و يسوقه تحت السياط، كما يساق الحمار،
الى النار مستهزئا به، مسرورا بخزيه و تمكين الله تعالى اياه على الانتقام منه.
فمن تامل في ذلك، و لم يكن عدوا لنفسه، اجتنب عن السخرية و الاستهزاء كل الاجتناب.

و منها:

المزاح


و اصله مذموم منهي عنه، و سببه اما خفة في النفس، فيكون من رذائل القوة الغضبية،
او ميل النفس و شهوتها اليه، او تطييب خاطر بعض اهل الدنيا طمعا في مالهم،
فيكون من رذائل القوة الشهوية. و سبب الذم فيه. انه يسقط المهابة و الوقار، و
ربما ادى الى التباغض و الوحشة و الضغينة، و ربما انجر الى الهزل و الاستهزاء،
و ادخل صاحبه في جملة المستهزا بهم، و ربما صار باعثا لظهور العداوة-كما قيل-و
ربما جر الى اللعب، قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «لا تمار اخاك و لا تمازحه » ،
و قال بعض الاكابر لابنه: «يا بني، لا تمازح الشريف فيحقد عليك، و لا الدني ء
فيجترى ء عليك » ، و قال آخر: «اياكم و الممازحة، فانها تورث الضغينة و تجر الى
القطيعة » . و قال آخر: «المزاح مسلبة للبهاء، و مقطعة للاصدقاء»

و قيل: «لكل شي ء بذر، و بذر العداوة المزاح » . و من مفاسد المزاح:

انه سبب للضحك، و هو منهى عنه. قال الله تعالى:

«فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا» (23) .

و قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «ان الرجل ليتكلم بالكلمة فيضحك بها جلساءه،
يهوي بها ابعد من الثريا» ، و قال: «لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا و لضحكتم
قليلا» ، و هو يدل على ان الضحك علامة الغفلة عن الآخرة، و قال بعض: «من كثر ضحكه قلت
هيبته، و من مزح استخف به، و من اكثر من شي ء عرف به، و من كثر كلامه كثر سقطه، و
من كثر سقطه قل حياؤه، و من قل حياؤه قل ورعه، و من قل ورعه مات قلبه » . و خاطب عارف
نفسه و قال: «اتضحك و لعل اكفانك قد خرجت من عند القصار؟ ! » و قال رجل لاخيه: يا اخي،
هل اتاك انك وارد النار؟ قال: نعم! قال: و هل اتاك انك خارج منها؟ فقال: لا، قال:
ففيم الضحك؟ فما رئي بعد ذلك ضاحكا حتى مات » . و نظر بعضهم الى قوم يضحكون في
يوم الفطر، فقال: «ان كان هؤلاء قد غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين، و ان كان لم يغفر
لهم فما هذا فعل الخائفين » .

ثم المذموم من الضحك هو القهقهة، و التبسم الذي ينكشف فيه السن و لا يسمع
الصوت ليس مذموما، بل محمود لفعل النبي صلى الله عليه و آله (24) .

تذنيب


المذموم من المزاح


الحق ان المذموم من المزاح هو الافراط فيه و المداومة عليه، او ما يؤدي الى
الكذب و الغيبة و امثالهما، و يخرج صاحبه عن الحق. و اما القليل الذي يوجب
انبساط خاطر و طيبة قلب، و لا يتضمن ايذاء و لا كذبا و لا باطلا، فليس مذموما،
لقول رسول الله صلى الله عليه و آله: «اني لامزح و لا اقول الا حقا» . و لما روي: «انهم
قالوا له صلى الله عليه و آله: يا رسول الله، انك تداعبنا! فقال: اني و ان
داعبتكم، فلا اقول الا حقا» . و لما روت العامة: «انه صلى الله عليه و آله كان كثير
التبسم، و كان افكه الناس » و ورد: «ان رسول الله صلى الله عليه و آله كسا ذات
يوم واحدة من نسائه ثوبا واسعا، و قال لها: البسيه و احمدي، و جرى منه ذيلا كذيل
العروس » . و قال صلى الله عليه و آله: «لا تدخل الجنة عجوز. فبكت العجوز. فقال: انك
لست يومئذ بعجوز» و جاءت امراة اليه، و قالت: «ان زوجي يدعوك. فقال صلى الله عليه و
آله: زوجك هو الذي بعينه بياض؟ قالت: و الله ما بعينه بياض؟ فقال: بلى، ان بعينه
بياضا. فقالت: لا و الله؟ فقال: ما من احد الا بعينه بياض » .

و اراد به البياض المحيط بالحدقة. و جاءته امراة اخرى، و قالت: «احملني يا رسول
الله على بعير، فقال: بل نحملك على ابن البعير. فقالت:

ما اصنع به، انه لا يحملني، فقال صلى الله عليه و آله: هل من بعير الا و هو ابن بعير؟
» . و كان صلى الله عليه و آله يدلع لسانه للحسين عليه السلام فيرى لسانه فيهش
له، و قال لصهيب-و به رمد و هو ياكل التمر-:

«اتاكل التمر و انت ارمد؟ فقال: انما آكل بالشق الآخر. فتبسم رسول الله حتى
بدت نواجذه » . و روي: «ان خوات ابن جبير كان جالسا الى نسوة من بنى كعب بطريق
مكة، و كان ذلك قبل اسلامه. فطلع عليه رسول الله صلى الله عليه و آله-فقال له: مالك
مع النسوة؟ قال: يفتلن ضفيرا لجمل لي شرود. فمضى رسول الله لحاجته ثم عاد، فقال:
يا ابا عبد الله اما ترك ذلك الجمل الشراد بعد؟ قال: فسكت و استحييت، و كنت بعد
ذلك استخفى منه حياء، حتى اسلمت و قدمت المدينة، فاطلع علي يوما و انا اصلي في
المسجد، فجلس الي، فطولت الصلاة، فقال: لا تطول فاني انتظرك، فلما فرغت قال: يا
ابا عبد الله، اما ترك ذلك الجمل الشراد بعد؟ قلت: و الذي بعثك بالحق نبيا؟ ما
شرد منذ اسلمت! فقال: الله اكبر الله اكبر، اللهم اهد ابا عبد الله. فحسن
اسلامه » . و كان نعيمان الانصاري، رجلا مزاحا، فاذا دخل المدينة شي ء نفيس من
اللباس او المطاعم اشترى منه، و جاء به الى رسول الله صلى الله عليه و آله و يقول:

هذا اهديته لك. فاذا جاء صاحبه يطالبه بثمنه، جاء به الى رسول الله صلى الله
عليه و آله، و قال: يا رسول الله، اعطه ثمن متاعه، فيقول له النبي-صلى الله عليه و
آله-: «ا و لم تهده لنا؟ » فيقول: لم يكن عندي و الله ثمنه، و احببت ان تاكل منه،
فيتبسم رسول الله و يامر لصاحبه بثمنه و امثال هذه المطايبات مروية عن
رسول الله-صلى الله عليه و آله-و عن الائمة-عليهم السلام-و اكثرها منقولة مع
النسوان و الصبيان، و كان ذلك معالجة لضغف قلوبهم، من غير ميل الى هزل و لا كذب
و لا باطل، و كان صدور ذلك عنهم احيانا و على الندرة، و مثلهم كانوا يقدرون على
المزاح مع عدم خروجهم عن الحق و الاعتدال، و اما غيرهم فاذا فتح باب المزاح
فربما وقع في الافراط و الباطل. فالاولى لامثالنا تركه مطلقا.

و منها:

الغيبة


و هي ان يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه. سواء كان ذلك ينقص في بدنه او في اخلاقه او
في اقواله، او في افعاله المتعلقه بدينه او دنياه، بل و ان كان بنقص في ثوبه او
داره او دابته.

و الدليل على هذا التعميم-بعد اجماع الامة على ان من ذكر غيره بما يكره اذا سمعه
فهو مغتاب-ما روى عن رسول الله-صلى الله عليه و آله- انه قال: «هل تدري ما الغيبة؟
» قالوا: الله و رسوله اعلم. قال:

«ذكرك اخاك بما يكره » ، قيل له: ارايت ان كان في اخي ما اقول؟ قال: «ان كان فيه ما
تقول فقد اغتبته، و ان لم يكن فيه فقد بهته » .

و ما روى: «انه ذكر رجل عنده، فقالوا: ما اعجزه! فقال-صلى الله عليه و آله-:
اغتبتم اخاكم، قالوا: يا رسول الله، قلنا ما فيه. قال: ان قلتم ما ليس فيه فقد
بهتموه » . و ما روى عن عائشة قالت: «دخلت علينا امراة، فلما ولت، او مات بيدي انها
قصيرة، فقال صلى الله عليه و آله:

اغتبتيها» . و ما روى انها قالت: «اني قلت لامراة مرة و انا عند النبي -صلى الله
عليه و آله-: ان هذه لطويلة الذيل. فقال لي: الفظي الفظي! فلفظت مضغة لحم » . و قد روي: «ان
احد الشيخين قال للاخر: ان فلانا لنؤم، ثم طلبا ادما من رسول الله لياكلا به
الخبز. فقال: صلى الله عليه و آله-: قد ائتدمتما. فقالا: ما نعلمه، فقال: بلى! انكما
اكلتما من لحم صاحبكما» .

و اما ما روى عن الصادق عليه السلام انه قال: «صفة الغيبة ان تذكر احدا بما
ليس هو عند الله بعيب و يذم ما يحمده اهل العلم فيه. و اما الخوض في ذكر الغائب
بما هو عند الله مذموم و صاحبه فيه ملوم، فليس بغيبة، و ان كره صاحبه اذا سمع
به و كنت انت معافى عنه و خاليا منه.

و تكون في ذلك مبينا للحق من الباطل ببيان الله و رسوله، و لكن على شرط الا يكون
للقائل بذلك مراد غير بيان الحق و الباطل في دين الله عز و جل، و اما اذا اراد
به نقص المذكور بغير ذلك المعنى، فهو ماخوذ بفساد مراده و ان كان صوابا» (25)
فهو مخصوص بما اذا لم يكن صاحبه عالما بقبحه، او كان ساترا على نفسه كارها
لظهوره. و يدل على ذلك ما روي عنه عليه السلام ايضا، انه سئل عن الغيبة، فقال: «هو
ان تقول لاخيك في دينه ما لم يفعل، و ثبت عليه امرا قد ستره الله عليه لم يقم فيه حد»
.

و قال عليه السلام: «الغيبة ان تقول في اخيك ما ستره الله عليه، و اما الامر
الظاهر فيه، مثل الحدة و العجلة، فلا» . و قال الكاظم عليه السلام «من ذكر رجلا من
خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس، لم يغتبه، و من ذكره من خلفه بما هو فيه مما
لا يعرفه الناس، اغتابه، و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته » (26) . و ياتى ان
المجاهر بمعصيته غير ساتر لها، لا غيبة له فيها.

و الحاصل: ان الاجماع و الاخبار متطابقان على ان حقيقة الغيبة هو ان يذكر
الغير بما يكرهه اذا سمعه، سواء كان ذلك بنقص في نفسه او بدنه.

او في دينه او دنياه، او فيما يتعلق به من الاشياء، و ربما قيل انه لا غيبة فيما
يتعلق بالدين، لانه ذم من ذمه الله و رسوله، فذكره بالمعاصي و ذمه جائز. و ايد
ذلك بما روى: «انه ذكر عند رسول الله امراة و كثرة صومها و صلاتها و لكنها تؤذي
جيرانها. فقال: هي في النار» . و ذكرت امراة اخرى بانها بخيلة، فقال: «فما خيرها
اذن؟ » . و لا ريب في بطلان هذا القول: لما عرفت من عموم الادلة. و ما ورد من
ذم الاشخاص المعينة في كلام الله و كلام حججه انما هو لتعريف الاحكام و
تبيينها، و سؤال الاصحاب عنهم و ذكرهم بالمعاصي، انما كان لحاجتهم الى معرفة
الاحكام لا للذم و اظهار العيب، و لذا لم يكن ذلك الا في مجلس الرسول-صلى الله
عليه و آله. او الائمة-عليهم السلام-.

فصل


لا تنحصر الغيبة باللسان


اعلم ان الغيبة لا تنحصر باللسان، بل كل ما يفهم نقصان الغير، و يعرف ما يكرهه
فهو غيبة، سواء كان بالقول او الفعل، او التصريح او التعريض او بالاشارة و
الايماء، او بالغمز و الرمز، او بالكتابة و الحركة، و لا ريب في ان الذكر
باللسان غيبة محرمة. لتفهيمه الغير نقصان اخيك و تعريفه بما يكرهه، لا لكون
المفهم و المعرف لسانا، فكل ما كان مفهما و معرفا فهو مثله. فالغيبة تتحقق
باظهار النقص بالفعل و المحاكاة، كمشية الاعرج، بل هو اشد من الغيبة باللسان،
لانه اعظم في التصوير و التفهيم منه، و بالايماء و الاشارة، و قد روي: «انه دخلت
امراة على عائشة، فلما ولت، اومات بيدها انها قصيرة. فقال رسول الله-صلى الله
عليه و آله-قد اغتبتها» .

و بالكتابة، اذ القلم احد اللسانين، و بالتعريض، كان يقول: الحمد لله الذي لم
يبتلنا بالدخول على الظلمة، و التبذل في طلب الجاه و المال، او يقول: «نعوذ
بالله من قلة الحياء، و نساله ان يعصمنا منه، معرضا في كل ذلك بمن ارتكب ذلك،
فيذكره بصيغة الدعاء، و ربما قدم مدح من يريد غيبته، ثم اتبعه باظهار عيبه، كان
يقول: لقد كان فلان حسن الحال، و لكنه ابتلى بما ابتلى به كلنا من سوء الحال، و هو
جمع بين الرياء و الغيبة، و مدح نفسه بالتشبه بالصلحاء في ذم انفسهم.

و من المغتابين المنافقين من يظهر في مقام غيبة مسلم الاغتمام و الحزن من
سوء حاله، كان يقول: لقد ساءني ماجرى على صديقنا فلان من الاهانة و الاستخفاف، او
ارتكابه معصية كذا، فنسال الله ان يجعله مكرما او يصلح حاله، او يقول: قد ابتلى
ذلك المسكين بآفة عظيمة، تاب الله علينا و عليه. و هو كاذب في ادعائه الحزن و
الكآبة، و في اظهار الدعاء، اذ لو اغتم لاغتم باظهار ما يكرهه ايضا، و لو قصد
الدعاء لاخفاه في خلواته، فاظهار الحزن و الدعاء ناش عن خبث سريرته، و هو يظن
انه ناش عن صفاء طويته، هكذا يلعب الشيطان بمن ليس له قوة البصيرة بمكائد اللعين
و تلبيساته، فيسخر بهم و يضحك عليهم، و يحبط اعمالهم بمكائده، و هم يحسبون انهم
يحسنون صنعا. و ربما ذكر بعض المغتابين عيب مسلم و لم يتنبه له بعض الحاضرين،
فيقول اسماعا له و اعلاما لما يقوله: «سبحان الله ما اعجب هذه! » حتى يتوجه
اليه و يعلم ما يريد، فيستعمل اسم الله آلة لتحقيق خبثه. ثم المستمع للغيبة احد
المغتابين، كما ورد به الخبر (27) . و قد دل ذلك ايضا ما تقدم من حديث الشيخين، و
ما روى: «انه صلى الله عليه و آله لما رجم ما عزا في الزنا، قال رجل لآخر: هذا اقعص
كما يقعص الكلب.

فمر النبي صلى الله عليه و آله معهما بجيفة، فقال: انهشا من هذه الجيفة، فقالا:
يا رسول الله ننهش جيفة! فقال: ما اصبتما من اخيكما انتن من هذه » . فجمع
بينهما، مع ان احدهما كان قائلا و الآخر مستمعا.

و هو اما لا يسر باستماعها، الا انه لا ينكرها باللسان و لا يكرهها بالقلب، او
يسر و يفرح باستماعها، الا ان النفاق و التزهد حملاه على عدم التصديق، و ربما منع
منها رياء و تزهدا، مع كونه مشتهيا لها بقلبه، و ربما توصل بالحيل المرغبة
للمغتاب في زيادة الغيبة. مع التباس الامر عليه بانه يشتهيها، مثل ان يظهر
التعجب و يقول: عجبت منه ما علمت انه كذلك و ما عرفته الى الآن الا بالخير، و
كنت احسب فيه غير هذا عافانا الله من بلائه. فان ذلك تصديق للمغتاب، و باعث
لزيادة نشاطه في الغيبة، فكانه يستخرج منه الغيبة بهذا الطريق.

و الحاصل ان المستمع لا يخرج عن اثم الغيبة الا بان ينكر بلسانه، او يقطع
الكلام بكلام آخر، او يقوم من المجلس، و ان لم يقدر على شي ء من ذلك، فلينكر بقلبه، و
ان قال بلسانه: اسكت، و هو يشتهيه بقلبه فذلك نفاق، و لا يخرجه من الاثم ما لم
يكرهه بقلبه. و مع عدم الخوف لا يكفي ان يشير باليد او حاجبه او جبينه، اي اسكت، اذ
ذلك استحقار للمذكور، مع انه ينبغي ان يعظمه فيذب عنه صريحا. قال النبي صلى الله
عليه و آله: «من اذل عنده مؤمن و هو يقدر على ان ينتصر له فلم ينصره، اذله الله يوم
القيامة على رؤس الخلائق » . و قال «من رد عن عرض اخيه بالغيب، كان حقا على الله ان
يرد عن عرضه يوم القيامة » . و قال صلى الله عليه و آله: «من ذب عن عرض اخيه
بالغيب، كان حقا على الله ان يعتقه من النار» . و قال صلى الله عليه و آله-: «من رد
عن عرض اخيه، كان له حجابا من النار» . و قال -صلى الله عليه و آله-: «ما من رجل
ذكر عنده اخوه المسلم، و هو يستطيع نصره و لم بكلمة و لم ينصره، الا اذله الله عز و جل
في الدنيا و الآخرة. و من ذكر عنده اخوه المسلم فنصره، نصره الله في الدنيا و
الآخرة » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «من حمى عرض اخيه المسلم في الدنيا، بعث الله
له ملكا يحميه يوم القيامة من النار» . و قال -صلى الله عليه و آله-: «من تطول على
اخيه فى غيبته، سمعها عنه في مجلس فردها، رد الله عنه الف الف باب من الشر في
الدنيا و الآخرة و ان لم يردها و هو قادر على ردها، كان عليه كوزر من اغتابه
سبعين مرة »

و قال الباقر عليه السلام «من اغتيب عنده اخوه المؤمن فنصره و اعانه، نصره الله
في الدنيا و الآخرة، و من لم ينصره و لم يدفع عنه و هو يقدر على نصرته و عونه، الا خفضه
الله في الدنيا و الآخرة » . و بهذه المضامين اخبار كثيرة اخر.

فصل


بواعث الغيبة


اعلم ان باعث الغيبة-غالبا-اما الغضب او الحقد او الحسد، فيكون من نتائجها،
و من رذائل قوة الغضب، و له بواعث اخر:

الاول-السخرية و الاستهزاء: فان ذلك كما يجرى في الحضور يجرى في الغيبة
ايضا، و قد عرفت ان منشاهما ماذا؟ .

الثاني-اللعب و الهزل و المطايبة: فيذكر غيره بما يضحك الناس عليه على سبيل
التعجب و المحاكاة. و ياتى ان باعث الهزل و المزاح ماذا، و انه متعلق بالقوة
الشهوية.

الثالث-ارادة الافتخار و المباهاة: بان يرفع نفسه بتنقيص غيره، فيقول: فلان لا
يعلم شيئا. و غرضه ان يثبت في ضمن ذلك فضل نفسه و انه افضل منه. و ظاهر ان منشا
ذلك التكبر او الحسد، فيكون ايضا من رذائل القوة الغضبية.

الرابع-ان ينسب الى شي ء من القبائح، فيريد ان يتبرا منه بذكر الذي فعله، و كان
اللازم عليه ان يبرئ نفسه منه، و لا يتعرض للغير الذي فعله، و قد يذكر غيره بانه كان
مشاركا له في الفعل، ليتمهد بذلك عذر نفسه في فعله، و ربما كان منشا ذلك صغر النفس
و خبثها.

الخامس-مرافقة الاقران و مساعدتهم على الكلام، حذرا عن تنفرهم و استثقالهم
اياه لولاه، فيساعدهم على اظهار عيوب المسلمين و ذكر مساويهم، ظنا منه انه
مجاملة في الصحبة، فيهلك معهم. و باعث ذلك ايضا صغر النفس و ضعفها.

السادس-ان يستشعر من رجل انه سيذكر مساويه، او يقبح حاله عند محتشم، او يشهد
عليه بشهادة، فيبادره قبل ذلك باظهار عداوته، او تقبيح حاله، ليسقط اثر كلامه و
شهادته. و ربما ذكره بما هو فيه قطعا، بحيث ثبت ذلك عند السامعين ليكذب عليه
بعده، فيروج كذبه بالصدق الاول و يستشهد به و يقول: ليس الكذب من عادتي، فاني
اخبرتكم قبل ذلك من احواله كذا و كذا، فكان كما قلت، فهذا ايضا صدق كسابقه.

و هذا ايضا منشاه الجبن و ضعف النفس.

السابع-الرحمة، و هو ان يحزن و يغتم بسبب ما ابتلى به غيره، فيقول: المسكين
فلان قد غمنى ما ارتكبه من القبح، او ما حدث به من الاهانة و الاستخفاف! فيكون
صادقا في اغتمامه، الا انه لما ذكر اسمه و اظهر عيبه صار مغتابا، و قد كان له
الاغتمام بدون ذكر اسمه و عيبه ممكنا فاوقعه الشيطان فيه ليبطل ثواب حزنه و
رحمته.

الثامن-التعجب من صدور المنكر و الغضب لله عليه، بان يرى منكرا من انسان او
سمعه، فيقول عند جماعة: ما اعجب من فلان ان يتعارف مثل هذا المنكر! او يغضب منه،
فيظهر غضبه و اسمه و منكره، فانه وان كان صادقا في تعجبه من المنكر و غضبه عليه،
لكن كان اللازم ان يتعجب منه و يغضب عليه، و لكنه لا يظهر اسمه عند من لم يطلع على
ما صدر منه المنكر، بل يظهر غضبه عليه بالنهي عن المنكر و الامر بالمعروف من غير ان
يظهره لغيره، فلما اوقعه الشيطان في ذكره بالسوء صار مغتابا و بطل ثواب
تعجبه و غضبه، و صار آثما من حيث لا يدرى.

و هذه الثلاثة الاخيرة مما يغمض دركها، لان اكثر الناس يظنون ان الرحمة و
التعجب و الغضب اذا كان لله كان عذرا في ذكر الاسم، و هو خطا محض، اذ المرخص
في الغيبة حاجات مخصوصة لا مندوحة فيها عن ذكر الاسم دون غيرها، و قد روى: «ان رجلا
مر على قوم في عصر النبي-صلى الله عليه و آله-، فلما جاوزهم، قال رجل منهم: اني
ابغض هذا الرجل لله، فقال القوم: و الله لبئس ما قلت! و انا نخبره بذلك، فاخبروه
به، فاتى الرجل رسول الله-صلى الله عليه و آله- و حكى له ما قال، و ساله ان يدعوه.
فدعاه، و ساله عما قال في حقه فقال: نعم! قد قلت ذلك. فقال رسول الله-صلى الله عليه و
آله-: و لم تبغضه؟ فقال: انا جاره و انا به خبير، و الله ما رايته يصلي صلاة قط
الا هذه المكتوبة! فقال: يا رسول الله، فاساله هل رآنى اخرتها عن وقتها او
اسات الوضوء لها و الركوع و السجود؟ فساله، فقال: لا فقال: و الله ما رايته
يصوم شهرا قط الا هذا الشهر الذي يصومه كل بر و فاجر! قال: فاساله يا رسول الله
هل رآني افطرت فيه او نقصت من حقه شيئا؟ فساله، فقال: لا! فقال: و الله ما رايته
يعطى سائلا قط و لا مسكينا، و لا رايته ينفق من ماله شيئا في سبيل الخير الا هذه
الزكاة التي يؤديها البر و الفاجر! قال: فاساله هل رآني نقصت منها شيئا او ما
كست فيها طالبها الذي يسالها؟ فساله فقال: لا! فقال رسول الله -صلى الله عليه
و آله-للرجل: قم، فلعله خير منك » . و لا ريب في ان انكار القوم عليه بعد قوله ابغضه لله
يفيد عدم جواز اظهار المنكر الصادر من شخص لغيره، و ان كان في مقام الغضب و
البغض لله.

فصل


ذم الغيبة


لما علمت حقيقة الغيبة و بواعثها، فاعلم انها اعظم المهلكات و اشد المعاصي، و قد نص
الله سبحانه على ذمها في كتابه، و شبه صاحبها بآكل لحم الميتة، فقال:

«و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا، ايحب احدكم ان ياكل اخيه ميتا فكرهتموه » (28) .
و قال: «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم و كان الله سميعاعليما» (29) .
و قال: «ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد» (30) .

و قال رسول الله-صلى الله عليه و آله-: «المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و
عرضه » . و الغيبة تتناول العرض. و قال-صلى الله عليه و آله-: «اياكم و الغيبة، فان
الغيبة اشد من الزنا، فان الرجل قد يزنى و يتوب فيتوب الله عليه، و ان صاحب
الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه » . و قال-صلى الله عليه و آله-: «مررت ليلة اسري
بي على قوم يخمشون وجوهم باظافيرهم، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال الذين
يغتابون الناس، و يقعون في اعراضهم » . و خطب-صلى الله عليه و آله يوما حتى اسمع
العواتق في بيوتها، فقال: «يا معشر من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه! لا تغتابوا
المسلمين، و لا تتبعوا عوراتهم، فان من تتبع عورة اخيه يتتتع الله عورته
حتى يفضحه في جوف بيته » . و خطب صلى الله عليه و آله يوما فذكر الربا و عظم
شانه، فقال: «ان الدرهم يصيبه الرجل من الربا اعظم عند الله في الخطيئة من ست و
ثلاثين زنية يزنيها الرجل، و ان اربى الربا عرض الرجل المسلم » . و مر-صلى الله
عليه و آله-على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: «انهما ليعذبان في كبيرة، اما
احدهما فكان يغتاب الناس، و اما الآخر فكان لا يستبرى من بوله » و دعا بجريدة
رطبة او جريدتين فكسرهما، ثم امر بكل كسرة فغرست على قبره، و قال: «اما انه
يهون من عذابهما ما كانتا رطبتين » و روى «انه-صلى الله عليه و آله-امر الناس
بصوم يوم، و قال: لا يفطرن احد حتى آذن له. فصام الناس، حتى اذا امسوا، جعل
الرجل يجي ء فيقول: يا رسول الله، ظلت صائما فاذن لي لافطر، فياذن له، و الرجل و
الرجل، حتى جاء رجل، فقال: يا رسول الله، فتاتان من اهلى ظلتا صائمتين، و
انهما تستحيان ان تاتياك، فاذن لهما لتفطرا. فاعرض عنه ثم عاوده فاعرض عنه.
ثم عاوده، فقال: انهما لم تصوما، و كيف صام من ظل هذا اليوم ياكل لحوم
الناس، اذهب فمرهما ان كانتا صائمتين ان تستقيئا. فرجع اليهما، فاخبرهما،
فاستقاءتا، فقاءت كل واحدة منهما حلقة من دم. فرجع الى النبي صلى الله عليه و آله
فاخبره، فقال: و الذي نفس محمد بيده! لو بقيتا في بطنيهما لاكلتهما النار» . و
اوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام: «من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من
يدخل الجنة، و من مات مصرا عليها فهو اول من يدخل النار» . و قال صلى الله عليه و
آله: «من مشى في غيبة اخيه و كشف عورته كانت اول خطوة خطاها و ضعها في جهنم، فكشف
الله عورته على رؤس الخلائق.

و من اغتاب مسلما، بطل صومه و نقض وضوءه، فان مات و هو كذلك مات و هو مستحل
لما حرم الله » . و قال صلى الله عليه و آله: «الغيبة اسرع في دين الرجل المسلم من
الاكلة في جوفه » (31) . و قال-صلى الله عليه و آله-: «الجلوس في المسجد انتظارا
للصلاة عبادة، ما لم يحدث » ، فقيل: يا رسول الله، و ما الحدث؟ قال: «الاغتياب » . و
قال-صلى الله عليه و آله-: «من اغتاب مسلما او مسلمة لم يقبل الله صلاته و لا صيامه
اربعين يوما و ليلة، الا ان يغفر له صاحبه » . و قال-صلى الله عليه و آله: «من اغتاب
مسلما في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه » و قال -صلى الله عليه و آله-: «من اغتاب
مؤمنا بما فيه، لم يجمع الله بينهما في الجنة ابدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس
فيه، انقطعت العصمة بينهما، و كان المغتاب في النار خالدا فيها و بئس المصير» .
و قال-صلى الله عليه و آله-: «كذب من زعم انه ولد من حلال و هو ياكل لحوم الناس
بالغيبة. فاجتنب الغيبة فانها ادام كلاب النار» . و قال-صلى الله عليه و آله-:
«ما عمر مجلس بالغيبة الا خرب بالدين، فنزهوا اسماعكم من من استماع الغيبة،
فان القائل و المستمع لها شريكان في الاثم » . و قال -صلى الله عليه و آله-: «ما
النار في التبن باسرع من الغيبة في حسنة العبد» (32) و قال الصادق عليه السلام:
«من قال في مؤمن ما راته عيناه و سمعته اذناه، فهو من الذين قال الله عز و جل:
«ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم » » . و قال عليه
السلام:

«من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من اعين الناس، اخرجه
الله من ولايته الى ولاية الشيطان، فلا يقبله الشيطان » .

و قال عليه السلام: «من اغتاب اخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان » (33) .
و قال عليه السلام: «الغيبة حرام على كل مسلم، و انها لتاكل الحسنات كما تاكل
النار الحطب » .

و الاخبار الواردة في ذم الغيبة مما لا يكاد يمكن حصرها، و ما ذكرناه كاف
لايقاظ الطالبين. و العقل ايضا حاكم بانها اخبث الرذائل، و قد كان السلف لا
يرون العبادة في الصوم و الصلاة، بل في الكف عن اعراض الناس، لانه كان عندهم
افضل الاعمال، و يرون خلافه صفة المنافقين، و يعتقدون ان الوصول الى المراتب
العالية في الجنة يتوقف على ترك الغيبة، لما ورد عن رسول الله-صلى الله عليه و
آله-انه قال: «من حسنت صلاته و كثرت عياله، و قل ماله، و لم يغتب المسلمين، كان
معي في الجنة كهاتين »

و ما اقبح بالرجل المسلم ان يغفل عن عيوب نفسه، و يتجسس على عيوب اخوانه، و
يظهرها بين الناس، فما باله يبصر القذى في عين اخيه، و لا يبصر الجذع في عين
نفسه.

فيا حبيبي، اذا اردت ان تذكر عيوب غيرك، فاذكر عيوبك، و تيقن بانك لن
تصيب حقيقة الايمان، حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك، و حتى تبدا باصلاح ذلك
العيب. و اذا كان شغلك اصلاح عيوب نفسك، كان شغلك في خاصة نفسك، و لم تكن لك فرصة
للاشتغال بغيرك، و حينئذ كنت من احب العباد الى الله، لقول النبي-صلى الله عليه و
آله-: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس! » . و اعلم ان عجز غيرك في الاجتناب عن
ذلك العيب و صعوبة ازالته عليه كعجزك عن الاجتناب عنه ان كان ذلك العيب فعلا
اختياريا، و ان كان امرا خلقيا، فالذم له ذم للخالق تعالى.

فان من ذم صنعة فقد ذم صانعها. قيل لبعض الحكماء: يا قبيح الوجه!

فقال: «ما كان خلق وجهي الي فاحسنه » . و لو فرض براءتك عن جميع العيوب، فلتشكر
الله، و لا تلوث نفسك باعظم العيوب. اذا اكل لحوم الميتات اشد العيوب و
اقبحها، مع انك لو ظننت خلوك عن جميع العيوب لكنت اجهل الناس، و لا عيب اعظم من مثل
هذا الجهل.

ثم ينبغي ان يعلم المغتاب ان الغيبة تحبط حسناته و تزيد في سيئاته. لما ثبت
من الاخبار الكثيرة: ان الغيبة تنقل حسنات المغتاب يوم القيامة الى من
اغتابه، و ان لم تكن له حسنة نقل اليه من سيئاته. قال رسول الله-صلى الله عليه و
آله-: «يؤتى احدكم يوم القيامة، فيوقف بين يدي الله تعالى و يدفع اليه كتابه،
فلا يرى حسناته، فيقول: الهي ليس هذا كتابي، فاني لا ارى فيه طاعتي، فيقول له:
ان ربك لا يضل و لا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس. ثم يؤتى بآخر و يدفع اليه
كتابه، فيرى فيه طاعات كثيرة، فيقول: الهي ما هذا كتابي، فاني ما عملت هذه
الطاعات، فيقول له: ان فلانا اغتابك فدفعت حسناته اليك » . و في معناه اخبار
اخر.

و لا ريب في ان العبد يدخل النار بان تترجح كفة سيئاته، و ربما تنقل اليه سيئة واحدة
مما اغتاب به مسلما، فيحصل به الرجحان و يدخل لاجله النار.

و اقل ما في الباب ان ينقص من ثواب صالحات اعماله، و ذلك بعد المخاصمة و
المطالبة و السؤال و الجواب و المناقشة في الحساب. و روى عن بعضهم:

«ان رجلا قيل له: ان فلانا قد اغتابك، فبعث اليه طبقا من الرطب، و قال: بلغني انك
قد اهديت الي من حسناتك، فاردت ان اكافيك عليها فاعذرني، فاني لا اقدر ان
اكافيك على التمام » .

و الحاصل: ان العاقل ينبغي ان يتامل في ان من يغتابه ان كان صديقا و محبا له،
فاظهار عيوبه و عثراته بعيد عن المروة و الانصاف، و ان كان عدوا له، فتحمل
خطاياه و معاصيه و نقل حسناته الى ديوانه غاية الحماقة و الجهل.

فصل


علاج الغيبة


الطريق في علاج الغيبة و تركها، ان يتذكر اولا ما تقدم من مفاسدها الاخروية،
ثم يتذكر مفاسدها في الدنيا، فانه قد تصل الغيبة الى من اغتيب، فتصير منشا
لعداوته او لزيادة عداوته، فيتعرض لايذاء المغتاب و اهانته، و ربما انجر
الامر بينهما الى ما لا يمكن تداركه من الضرب و القتل و امثال ذلك. ثم يتذكر
فوائد اضدادها-كما نشير اليها-، و بعد ذلك فليراقب لسانه، و يقدم التروي في كل
كلام يريد ان يتكلم به، فان تضمن غيبة سكت عنه، و كلف نفسه ذلك على الاستمرار،
حتى يرتفع عن نفسه الميل الجلي و الخفي الى الغيبة.

و العمدة في العلاج ان يقطع اسبابها المذكورة، و قد تقدم علاج الغضب و الحقد و
الحسد و الاستهزاء و السخرية، و ياتي طريق العلاج في الهزل و المطايبة و الافتخار
و المباهاة. و اما تنزيه النفس بنسبة ما نسب اليه من الجناية الى الغير،
فمعالجته ان يعلم ان التعرض لمقت الخالق اشد من التعرض لمقت المخلوق، و من
اغتاب تعرض لمقت الله و سخطه قطعا، و لا يدري انه يتخلص من سخط الناس ام لا، فيحصل
بعمله ذم الله و سخطه تقديرا، و ينتظر دفع ذم الناس نسيئة، و هذا غاية الجهل و
الخذلان.

و اما تعرضه لمشاركة الغير في الفعل تمهيدا لعذر نفسه، كان يقول انى اكلت
الحرام، لان فلانا ايضا اكل، و قبلت مال السلطان، لان فلانا ايضا قبل، مع انه
اعلم مني، فلا ريب في انه جهل و سفه، لانه اعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به.
فان من خالف الله لا يقتدى به كائنا من كان، فلو دخل غيره النار و هو يقدر على عدم
الدخول فهل يقتدى به في الدخول، و لو دخل عد سفيا احمق، ففعله معصية، و عذره غيبة و
غباوة، فجمع بين المعصيتين و الحماقة، و مثله كمثل الشاة، اذا نظرت الى العنز
تردى نفسها من الجبل فهي ايضا تردي نفسها، و لو كان لها لسان ناطق و اعتذرت
عن فعلها بان العنز اكيس مني و قد اهلكت نفسها فكذلك فعلت انا، لكان هذا المغتاب
المعتذر يضحك عليها، مع ان حاله مثل حالها و لا يضحك على نفسه.

و العجب ان بعض الاشقياء من العوام، لما صارت قلوبهم عش الشيطان و صرفوا
اعمارهم في المعاصي، و اشتغلت ذممهم بمظالم الناس بحيث لا يرجى لهم الخلاص،
مالت نفوسهم الخبيثة الى الا يكون معاد و حساب و حشر و عقاب، و لما وجد ذلك الميل
منهم اللعين، خرج من الكمين، و وسوس في صدورهم بانواع الشكوك و الشبهات، حتى ضعف
بها عقائدهم او افسدها، و دعاهم في مقام الاعتذار عن اعمالهم الخبيثة الا
يصرحوا بما ارتكز في قلوبهم و يشتهونه، خوفا من القتل و اجراء احكام الكفار
عليهم و لم يدعهم ايضا تلبيسهم و تزويرهم و غلبة الشيطنة عليهم ان يعترفوا بالنقص
و سوء الحال فحملهم الشيطان باغوائه على ان يعتذروا من سوء فعالهم بان بعض
العلماء يفعلون ما نفعل و لا يجتنبون عن مثل اعمالنا، من طلب الرئاسة و اخذ
الاموال المحرمة، و لم يدروا ان هذا القول ناش من جهلهم و خباثتهم.

اذ تقول لهم: ان فعل هذا البعض ان صار منشا لزوال ايمانكم بالمعاد و الحساب،
فانتم كافرون، و باعث اعمالكم الخبيثة هو الكفر و عدم الاذعان باحوال النشاة
الآخرة. و ان لم يصر منشا له، بل ايمانكم ثابت، فاللازم عليكم العمل بمقتضاه، من
غير تزلزل بعمل الغير كائنا من كان.

فما الحجة في عمل هذا البعض، مع اعتقادكم بانه على باطل؟ ! .

و ايضا لو كان باعث اعمالكم الخبيثة فعل العلماء، فلم اقتديتم بهذا البعض مع
عدم كونه من علماء الآخرة و عدم اطلاعه على حقيقة العلم؟

و لو كنتم صادقين فيما تنسبون اليه، فهو المتاكل بعلمه، و انما حصل نبذا من
علوم الدنيا ليتوسل بها الى حطامها، و لا يعد مثله عند اولي الالباب عالما، بل
هو متشبه بالعلماء. و لم ما اقتديتم بعلماء الآخرة المتخلفين بشراشرهم عن الدنيا
و حطامها؟ و انكار وجود مثلهم، و القدح في الكل مع كثرتهم في اقطار الارض غاية
اللجاج و العناد. و لو سلمنا منكم ذلك، فلم ما اقتديتم بطوائف الانبياء و
الاوصياء، مع انهم اعلم الناس باتفاق الكل، و حقيقة العلم ليس الا عندهم؟ فان انكروا
اعلميتهم و عصمتهم من المعاصي، و احتملوا كونهم امثالا لهم، ظهر ما في
بواطنهم من الكفر الخفي.

و اما موافقة الاقران، فعلاجه ان يتذكر ان الله يسخط عليه و يبغضه اذا اختار
رضا المخلوقين على رضاه، و كيف يرضى المؤمن ان يترك رضا ربه لرضا بعض اراذل
الناس؟ و هل هذا الا كونه تعالى اهون عنده منهم؟

و هو ينافي الايمان.

و اما استشعاره من رجل انه يقبح عند محتشم حاله او يشهد عليه بشهادة فيبادره
بالغيبة اسقاطا لاثر كلامه، فعلاجه ان يعلم: (اولا) ان مجرد الاستشعار لا يستلزم
الوقوع، فلعله لا يقبح حاله و لا يشهد عليه، فالمواخذة بمحض التوهم تنافي الديانة و
الايمان. و (ثانيا) ان اقتضاء قوله سقوط اثر كلام من اغتابه في حقه مجرد توهم،
و التعرض لمقت الله يقينا بمجرد توهم ترتب فائدة دنيويه عليه محض الجهل و
الحماقة، و (ثالثا) ان تادي فعل الغير-اعني تقبيح حاله عند محتشم مع فرض وقوعه-الى
اضراره في حيز الشك، اذ ربما لم يقبله المحتشم، و ربما لم تقبل شهادته شرعا،
فتقبيح حاله و تحمل معاصيه بدون الجزم بصيرورته سببا لايذائه محض الجهل و
الخذلان.

و اما الرحمة له على اثمه و التعجب منه و الغضب لله عليه، و ان كان كل منها حسنا،
الا انه اذا لم تكن معه غيبة، و اما اذا كانت معه غيبة احبط اجره و بقى اثمها،
فالعلاج ان يتامل باعث الرحمة و التعجب و الغضب هو الايمان و حماية الدين، و
اذا كان معها غيبة اضرت بالدين و الايمان، و ليس شي ء من الامور الثلاث ملزوما
للغيبة لامكان تحققه بدونها، فمقتضى الايمان و حماية الدين ان يترحم و يتعجب و
يغضب لله، مع ترك الغيبة و اظهار الاثم و العيب، ليكون ماجورا غير آثم.

1) صححنا الاحاديث كلها على (البحار) : ج 4 مج 15: باب فضل كتمان السر و على
(اصول الكافي) : باب كتمان السر، و باب الرواية على المؤمن.

2) القلم، الآية: 11-13.

3) الهمزة، الآية: 1.

4) صححنا الحديث على (المستدرك) : 111 كتاب الحج.

5) صححنا الحديث على الوسائل: كتاب الحج، ابواب احكام العشرة، الباب 164. و
على (المستدرك) : 110 كتاب الحج. و على (اصول الكافي) :

باب النميمة.

6) قال في مجمع البحرين-مادة (ندا) -: «فلان ماندا دما و لا قتل قتلا: اى ما سفك
دما» . و قد كتبت كلمة (ندا) في جميع ما وجدناه من الكتب بالالف، و عسى ان تكون
بالياء هكذا (ندى) كرضى. و احتمل في الوافى ان تكون (ندى) بتشديد الدال، و ذكر
احتمالات كثيرة، فراجعه و قد روي في (الوسائل) -كتاب الحج، ابواب احكام العشرة،
الباب 163-مثل هذا الحديث عن (الشيخ الطوسي) ، و قد جاء فيه: «و ما ادمى دما» . اما
الحديث المذكور هنا، فقد صححناه على (اصول الكافي) باب الاذاعة.

7) صححنا الحديث على (الوسائل) : كتاب الحج، ابواب احكام العشرة الباب 157. و
على (اصول الكافي) : باب الرواية على المؤمن.

8) البقرة، الآية: 27.

9) الشورى، الآية: 40.

10) الحجرات، الآية: 6.

11) لقمان، الآية: 17.

12) الحجرات، الآية: 12.

13) صححنا الحديث على (الوسائل) : كتاب الحج، ابواب احكام العشرة الباب 157. و
الآية من سورة النور: 19.

14) البقرة، الآية: 27.

15) صححنا الاحاديث عن الصادق-عليه السلام-على (اصول الكافي): باب الاصلاح بين
الناس و صححنا النبويات على (كنز العمال) : 2 14، 128.

16) صححنا الحديثين على (اصول الكافي) : باب الشماتة.

17) العنكبوت، الآية: 46.

18) الحج، الآية: 8.

19) الانعام، الآية: 68.

20) صححنا الاحاديث على (الكافي) : باب المراء و الخصومة. و على (الوسائل) : كتاب
الحج، ابواب احكام العشرة، الباب 135 و 136. و على (احياء العلوم) : 2 102.

21) الحجرات، الآية: 11.

22) الكهف، الآية: 50.

23) التوبة، الآية: 83.

24) راجع اخبار المزاح و الضحك و التبسم: كتاب (الوسائل) : الباب 80-84 من
ابواب احكام العشرة، و الظاهر ان المؤلف لم يرجع الى اخبارنا التي فيها غنى
عن النقل عن اناس مجهولين.

25) صححنا الحديث على (مصباح الشريعة) : الباب 49. و قد تقدم الشك في صحة (مصباح
الشريعة) في الجزء الاول.

26) صححنا الاحاديث الثلاثة على (الوسائل) : كتاب الحج، ابواب احكام العشرة،
الباب 154، و على (اصول الكافي) : باب الغيبة و البهت. و على (البحار) 4 مج 15
184 باب الغيبة، و قال في الموضع المذكور عن الحديث الاول: «الغيبة هو ان تقول » :
الضمير للغيبة، و تذكيره بتاويل الاغتياب او باعتبار الخبر.

27) اشارة الى ما رواه الشيخ ابو الفتوح الرازي في تفسيره، عن رسول الله -صلى
الله عليه و آله-انه قال: «المستمع احد المغتابين » . و الى قول امير المؤمنين
-عليه السلام- «السامع للغيبة احد المغتابين » . (بحار الانوار) : 4 مج 15 179.

28) الحجرات، الآية: 12.

29) النساء، الآية: 147.

30) ق، الآية: 18.

31) الرواية مذكورة في (البحار) : 4 مج 15 177. قال في الموضع المذكور: «بيان:
الاكلة-كقرحة-داء في العضو ياتكل منه، و قد يقرا بمد الهمزة على وزن فاعلة، اى العلة
التي تاكل اللحم. و الاول اوفق باللغة. و قيل الاكلة-بالضم-اللقمة، و كلاهما
محتملان الى ان ذكر الجوف يؤيد الاول و ارادة الاضافة و الاذهاب يؤيد الثاني
و الاول اقرب و اصوب، و تشبيه الغيبة باكل اللقمة انسب، لان الله سبحانه شبهها
باكل اللحم » .

32) صححنا الاحاديث هنا على (الوسائل) : كتاب الحج، ابواب احكام العشرة،
الباب 152. و على (البحار) : 4 مج 15 177. و على (المستدرك): 2 106 و على (احياء
العلوم) : 3 123.

33) صححنا الاحاديث الثلاثة على (الوسائل) في الموضع المتقدم. و على (اصول
الكافي) باب الغيبة و البهت. و على (المستدرك) .


/ 20