الفصل العاشر: في متفرقات من احكام المياه
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
الماء النجس لا يرفع الحدث مطلقا، و لا الخبث ان كان نجسا ابتداء (1) . و لا يجوز استعماله في الشرب، و ادخاله في الماكول و المشروب اختيارا. و لو انحصر، تيمم في الطهارة، و شربه في الشرب، لعدم المندوحة عنه.
المسالة الثانية:
الماء المغصوب يرفع الخبث، لصدق الماء المطلق، و ان حرم استعماله.دون الحدث، للنهي المفسد للعبادة، الا مع الجهل او النسيان،
كما ياتي في محله.
المسالة الثالثة:
لا كراهة في استعمال ماء العيون الحمئة، للاصل.خلافا للاسكافي (2) ، و لا حجة له. نعم يكره التداوي به، للنهي المعلل بانه من فوح جهنم (3) .
المسالة الرابعة:
يكره الطهارة بالماء المشمس بالاجماع المحقق، و المحكي في الخلاف (4) ، و اللوامع، و المعتمد، و هو الحجة، مع الروايات. كرواية السكوني: «الماء الذي يسخنه الشمس لا توضؤوا به و لا تغتسلوا به و لا تعجنوا به، فانه يورث البرص » (5) . و المروي في العلل: «خمس تورث البرص » و عد منها: «التوضؤ و الاغتسال بالماء الذي يسخنه الشمس » (6) . و موثقة ابراهيم بن عبد الحميد: «دخل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على عائشة و قد وضعت قمقمتها في الشمس، قال: «يا
حميراء ما هذا؟ قالت: اغسل راسي و جسدي، قال: لا تعودي فانه يورث البرص » (7) . و ضعف الاخبار - لو سلم - لا يضر، للتسامح، و الانجبار. و الاجماع على عدم الحرمة - كما عن الخلاف (8) ايضا - مع مرسلة ابن سنان المنجبر ضعفها لو كان: «لا باس بان يتوضا في الماء
الذي يوضع في الشمس » (9) . و النهي عن العود في الموثقة، دون التطهير في الحال، اوجب حمل النهي على الكراهة. و يلحق بالطهارة التعجين، لرواية السكوني. و في الاختصاص بهما، كجماعة منهم: الصدوق (10) ، و الدروس (11) ، وقوفا على ظاهر النص، او التعدي الى مطلق الاستعمال، كالنهاية،
و المهذب (12) ، و الجامع (13) ، و المعتمد، و اللوامع، استنادا الى التعليل المذكور في الاخبار لظهور عدم مدخلية الاستعمال الخاص
فيه، قولان: اظهرهما: الثاني ان ارادوا استعماله في البدن، كما هو ظاهر استنادهم الى التعليل، لا لاجله - لمنع اقتضائه للتعميم، لجواز
اختصاصه بما نهي عنه - بل لترك الاستفصال في الموثقة، بل ظهور قولها: «راسي و جسدي » في غير الاغتسال. و الاول مع انضمام غسل البدن، ان ارادوا الاعم. و لا فرق في الكراهة على الاشهر الاظهر بين التسخين و التسخن، لاطلاق الروايتين.خلافا للمحكي عن الخلاف، و السرائر، و
الجامع (14) ، و هو الظاهر من المختصر النافع (15) ، فخصوا بالاول.و لا وجه له. و لا بين الاواني المنطبعة، و الخزفية، و البلاد الحارة، و الباردة، و الماء الكثير، و القليل، و ما يسخن بالاشراق، او القرب، لما مر. و ربما يخص ببعض ما ذكر، لاعتبارات غير مسموعة في مقابلة الاطلاق. بل ظاهره عدم الفرق بين الآنية، و الحوض، و النهر، و الساقية، كما يظهر الميل اليه من بعض المتاخرين (16) ، الا ان الفاضل في نهاية
الاحكام و التذكرة (17) ، ادعى الاجماع على الاختصاص بالاول، و كذا في الغرر. و لا تزول الكراهة بزوال السخونة، على الاظهر المصرح به في كلام جماعة من المتاخرين (18) ، و استظهره في المنتهى، و احتمله في
التذكرة، و قطع به في الذكرى (19) ، للاستصحاب، و اطلاق الروايتين.و البناء على اشتراط بقاء المبدا في صدق المشتق و عدمه فاسد،
لان هذا النزاع في المشتقات الخالية عن الزمان. و لا بانحصار الماء فيه، لما ذكر. و الاكثر على الزوال حينئذ، لوجوب استعماله فلا يجتمع مع الكراهة. و يضعف: بان الكراهة في امثال ذلك بمعنى المرجوحية الاضافية، دون المعنى المصطلح.و لو اريد ذلك، امتنع مع عدم الانحصار
ايضا، لامتناع اجتماعه مع الوجوب التخييري ايضا.
المسالة الخامسة:
لا يكره استعمال الماء المسخن في النار، في غير غسل الميت، بالاجماع، كما في اللوامع، و المعتمد، للاصل. و يكره فيه كذلك، كما عن الخلاف، و المنتهى (20) ، لصحيحة زرارة: «لا يسخن الماء للميت » (21) . و مراسيل ابن المغيرة، و يعقوب بن يزيد، و الفقيه: و الاولى: «لا يقرب الميت ماء حميما» (22) . و الاخرى: «لا يسخن للميت الماء، لا تعجل له بالنار» (23) . و الثالثة: «لا يسخن الماء للميت الا ان يكون شتاء باردا» (24) . و الرضوي: «و لا يسخن له ماء الا ان يكون باردا جدا، فتوقي الميت مما توقي منه نفسك، و لا يكون الماء حارا شديدا، و ليكن فاترا» (25) .
و تزول الكراهة - كما هو مقتضى الاخيرين - مع البرد الشديد المتعذر او المتعسر معه التغسيل او الاسباغ.و ينبغي الاقتصار في
السخونة على ما يندفع به الضرورة، كما ذكره المفيد، و بعض القدماء (26) ، اتباعا للاخير. و ربما يلحق بالبرد: تليين اعضائه و اصابعه، بل قيل بتجويزه لذلك من دون ضرورة، لخروجه عن الغسل (27) . و هو مردود: باطلاق النصوص من دون تعليق على التغسيل.
1. في «ق » : زيادة: (و اما النجس برفع الخبث فيرفعه كما ياتي) . 2. نقله عنه في الذكرى: 8. 3. الكافي 6: 389 الاشربة ب 10 ح 1، الوسائل 1: 221 ابواب الماء المضاف ب 12 ح 3.الفيح: سطوع الحر و فورانه، و يقال بالواو.لسان العرب 2: 550. 4. الخلاف 1: 54. 5. الكافي 3: 15 الطهارة ب 10 ح 5، التهذيب 1: 379 - 1177، العلل: 281، الوسائل 1: 207 ابواب الماء المضاف ب 6 ح 2. 6. لم نعثر عليها في العلل، و هي مروية في الخصال: 270 - 9، الوسائل 7: 367 ابواب صلاة الجمعة و آدابها ب 38 ح 6. 7. التهذيب 1: 336 - 1113، الاستبصار 1: 30 - 79، الوسائل 1: 207 ابواب الماء المضاف ب 6 ح 1. 8. الخلاف 1: 54. 9. التهذيب 1: 366 - 114، الوسائل 1: 208 ابواب الماء المضاف ب 6 ح 3. 10. الفقيه 1: 6. 11. لم نعثر عليه فيه، بل وجدناه في الذكرى: 8. 12. نسبه الى النهاية و المهذب...في كشف اللثام 1: 32.و الموجود فيهما خلافه كما نبه عليه في مفتاح الكرامة 1: 96. 13. الجامع للشرائع: 20. 14. الخلاف 1: 54، السرائر 1: 95، الجامع للشرائع: 20. 15. المختصر النافع: 4. 16. مجمع الفائدة 1: 292. 17. نهاية الاحكام 1: 226، التذكرة 1: 3. 18. منهم صاحب الروض: 161، و الرياض 1: 12. 19. المنتهى 1: 5، التذكرة 1: 3، الذكرى: 8. 20. الخلاف 1: 692، المنتهى 1: 430. 21. التهذيب 1: 322 - 938، الوسائل 1: 208 ابواب الماء المضاف ب 7 ح 1. 22. التهذيب 1: 322 - 939، الوسائل 2: 499 ابواب غسل الميت ب 10 ح 2. 23. الكافي 3: 147 الجنائز ب 21 ح 2، التهذيب 1: 322 - 937، الوسائل 2: 499 ابواب غسل الميت ب 10 ح 3. 24. الفقيه 1: 86 - 397 و 398، الوسائل 2: 499 ابواب غسل الميت ب 10 ح 4 و 5. 25. فقه الرضا (ع) : 167، المستدرك 2: 174 ابواب غسل الميت ب 10 ح 1. 26. قال في المقنعة: 82 فان كان الشتاء شديد البرد فليسخن له قليلا.و قال علي بن بابويه في الرسالة على ما في كشف اللثام 1: 32
و ليكن فاترا و استفاد منهما كاشف اللثام القول المذكور. 27. كما في المهذب 1: 57.